شُبهات وهميَّة حول الكتاب المقدس - الدكتور القس منيس عبد النور

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفر أخبار الأيام الأول


اعتراض على 1أخبار 2:17 - جنسية يثرا

انظر تعليقنا على 2صموئيل 17:25

اعتراض على 1أخبار 2:18 و50 - اسم والد كالب

انظر تعليقنا على يشوع 14:6

اعتراض على 1أخبار 2:22 - يائير، ابن من؟

انظر تعليقنا على العدد 32:41

اعتراض على 1أخبار 3:5 - اسم بثشبع وأبيها

انظر تعليقنا على 2صموئيل 11:3

اعتراض على 1أخبار 3:15 و16 - يوشيا أب يكنيا أم جدّه

انظر تعليقنا على متى 1:11

قال المعترض: »جاء في 1أخبار 3:19 أن زربابل هو ابن فدايا، بينما يقول عزرا 3:2 إنه ابن شألتئيل«.

وللرد نقول: يتضح من 1أخبار 3:16-19 أن فدايا ولد زربابل وأخاه شَمعي، وأن شألتئيل هو عم زربابل الأكبر. ومن المحتمل أن يكون فدايا قد مات بعد ولادة ابنه الثاني شِمعي، فتبنَّى شألتئيل شقيق فدايا الأكبر ابن أخيه. فيكون زربابل ابناً لشألتئيل بالتبني.

انظر تعليقنا على إرميا 22:30 ومتى 1:12 و13

اعتراض على 1أخبار 6:16-27 - ألقانة، أفرايمي أم لاوي؟

انظر تعليقنا على 1صموئيل 1:1

اعتراض على 1أخبار 6:28 - اسم ابن صموئيل

انظر تعليقنا على 1صموئيل 8:2

قال المعترض: «ورد في 1أخبار 7:6 «لبنيامين بالع وباكر ويديعئيل. ثلاثة». وفي 1أخبار 8:1 و2 «وبنيامين وَلَد بالع بكره، وأشبيل الثاني، وأَخْرَخ الثالث، ونوحَة الرابع، ورافا الخامس». وفي تكوين 46:21 «وبنو بنيامين بالع وباكر وأشبيل وجيرا ونَعْمان وإيحي وروش ومُفّيم وحُفّيم وأَرْد». فما هو عدد أولاد بنيامين الحقيقي؟».

وللرد نقول: (1) يذكر 1أخبار 7:6 أسماء ثلاثة من ذرية بنيامين، ويذكر تكوين 46:21 أنهم عشرة، لأن سفر التكوين ذكر أولاد بنيامين وأولاد أولاده، وهو أمر معهود بين كل الأمم والقبائل والعشائر، فإن الجد هو الأب الأكبر. والدليل على ذلك أنه ورد في العدد 26:40 و1أخبار 8:3 و4 أن نَعْمان، وأَرْد، وجيرا هم أولاد بالع بن بنيامين، ونُسِبوا إلى بنيامين لأنه جدهم.

(2) وقد ذُكر باكر في التكوين 46:21 وأخبار أول 7:6، ولم يُذكر في العدد 26:38-41 ولا في 1أخبار 8:1، لأنه ذُكر في العدد 26:35 من سبط أفرايم، بسبب زواجه بسيدة من سبط أفرايم، فنُسب إلى أفرايم ليكون له الحق في الميراث، وإن كان أصله من سبط بنيامين.

(3) يديعئيل المذكور في 1أخبار 7:6، 10 هو نفسه أشبيل المذكور في التكوين والعدد وفي 1أخبار 8، وسُمّي كذلك بعد أن صارت عشيرته ذات شأن في عهد داود، فسُمّي بهذا الاسم.

(4) لم يُدرَج ابنان من أولاد بالع، هما أصبون وعيري في بعض الأسفار ضمن سبط بنيامين، ولكنهما أُدرجا في تكوين 46:16 وعدد 26:16 ضمن سبط جاد، بسبب الزواج والميراث (انظر رقم 2 أعلاه).

(5) ذُكر في 1أخبار 7:12 أن شُفّيم وحُفّيم هما ابنا عير، وهما نفسهما شَفوفام وحوفام المذكوران في عدد 26:39، وهما نفسهما شفوفان وحورام المذكوران في 1أخبار 8:5. وذُكر في تكوين 46:21 أنهما مُفّيم وحُفّيم. وتعدد الأسماء للشخص الواحد أمر معهود في كل قبيلة وعشيرة، ولا سيما أنه توجد مشابهة بين هذه الأسماء، وهي مثل تشابه لفظة إبراهيم وإبرام وإبراهام (راجع تعليقنا على 2صموئيل 8).

قال المعترض: «يوجد اختلاف في الأسماء بين ما ورد في 1أخبار 8:29-38 وما ورد في 9:35-44 وقال علماء بني إسرائيل إن عزرا النبي وجد كتابين باختلاف الأسماء، ولم يميّز أيهما أحسن».

وللرد نقول: (1) ذُكر في أصحاح 8 أن أبا جِبعون سكن في جبعون واسم امرأته مَعْكة، وفي أصحاح 9 ذُكر أن أبا جِبعون هو يعوئيل. ففي الأول عبّر عنه باللقب والاسم، وهو معهود في كل لغة.

(2) ورد «تاريع« وفي الآخر »تَحْريع«، و»يَهوعَدَّة« وفي المكان الآخر »يعرة«، وورد »بِنْعَة« وفي المكان الأخر »يِنْعا«. ويوجد خلاف في هذه الأسماء، سببه إطلاق أكثر من اسم على الشخص الواحد. كما أن الفرق بين هذه الأسماء طفيف فكلمة »تاريع« قريبة من »تحريع«، و»بنعة« قريبة من »ينعا« و»يَهوعَدَّة ويَعْرَة« متقاربتان، والخلاف بينها كالخلاف بين إبراهيم وإبراهام (راجع تعليقنا على 2صموئيل 8).

اعتراض على 1أخبار 8:33 - اسم والد شاول

انظر تعليقنا على 1صموئيل 9:1

اعتراض على 1أخبار 9:1- ضياع سفر ملوك إسرائيل

انظر مقدمة هذا الكتاب رقم 3 »هل ضاعت أسفار من العهد القديم؟«

اعتراض على 1أخبار 9:25 - عدد مذاود سليمان

انظر تعليقنا على 1ملوك 4:26

اعتراض على 1أخبار 9:39 - اسم والد شاول

انظر تعليقنا على 1صموئيل 9:1

اعتراض على 1أخبار 10:6 - موت كل عائلة شاول

انظر تعليقنا على 2صموئيل 2:8

اعتراض على 1أخبار 10:14 - هل سأل شاول الرب؟

انظر تعليقنا على 1صموئيل 28:6

اعتراض على 1أخبار 11:11 - يشبعام قتل 300؟

انظر تعليقنا على 2صموئيل 23:8

اعتراض على 1أخبار ص 13 و14 - متى جاء داود بالتابوت؟

انظر تعليقنا على 2صموئيل ص 5 و6

قال المعترض: «جاء في 1أخبار 17:4-6 أن الله رفض أن يبني داود بيتاً له لأنه لم يسبق لله أن سكن في بيت، بل في خيمة. ولكن 1أخبار 28:3 تقدِّم سبباً آخر وهو أن داود رجل حرب وسفك دماء».

وللرد نقول: لا تعارض بين الآيات. فالسببان جعلا الله يرفض أن يبني داود له بيتاً.

اعتراض على 1أخبار 18 - اختلاف أسماء

انظر تعليقنا على 2صموئيل 8

اعتراض على 1أخبار 18:3 - ثلاثة أم سبعة؟

انظر تعليقنا على 2صموئيل 10:16 ، 19

اعتراض على 1أخبار 19:6 و7 - عدد المركبات والجنود

انظر تعليقنا على 2صموئيل 10:6

اعتراض على 1أخبار 19:18 - عدد قتلى أرام

انظر تعليقنا على 2صموئيل 10:18

اعتراض على 1أخبار 20: 3 - إذلال بني عمون

انظر تعليقنا على 2صموئيل 12:31

اعتراض على 1أخبار 21:1 - من أغوى داود؟

انظر تعليقنا على 2صموئيل 24:1

اعتراض على 1أخبار 21:5 - عدد الشعب

انظر تعليقنا على 2صموئيل 24:9

اعتراض على 1أخبار 21:12 - سبع سنوات أم ثلاث سنوات؟

انظر تعليقنا على 2صموئيل 24:13

اعتراض على 1أخبار 21:25 - ثمن أرض أرونة

انظر تعليقنا على 2صموئيل 24:24

اعتراض على 2أخبار 22:8 - إخوة أخزيا أم أبناء أخيه

انظر تعليقنا على 2ملوك 10:13 و14

اعتراض على 1أخبار 22:9 و10 - هل زال مُلك داود؟

انظر تعليقنا على 2صموئيل 7:12-16

قال المعترض: »جاء في 1أخبار 22:14 أن داود جهَّز مئة ألف وزنة من الذهب لبناء بيت الرب. ولكن 1أخبار 29:4 يقول إنه جهز ثلاثة آلاف وزنة«.

وللرد نقول: الخبران صحيحان، فقد جهز داود الذهب في مرتين مختلفتين. لقد أعطى مئة ألف وزنة للبدء والتهيئة، ثم أعطى من ممتلكاته الخاصة ثلاثة آلاف وزنة »لأجل تغشية حيطان البيوت«. وقال: »وأيضاً لأني قد سُررت ببيت إلهي، لي خاصة من ذهب وفضة قد دفعتُها لبيت إلهي فوق جميع ما هيَّأته لبيت القدس« (1أخبار 29:3).
 
التعديل الأخير:

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفر أخبار الأيام الثاني
اعتراض على 2أخبار 2:2 - عدد المتسلطين
انظر تعليقنا على 1ملوك 5:16
اعتراض على 2أخبار 2:14 - سبط والدة حيرام
انظر تعليقنا على 1ملوك 7:14
اعتراض على 2أخبار 4:3 - عُقَد أم ثيران؟
انظر تعليقنا 1ملوك 7:24
اعتراض على 2أخبار 4:5 - سعة الحوض
انظر تعليقنا على 1ملوك 7:26
قال المعترض: «جاء في 2أخبار 7:12 و16 «وتراءى الله لسليمان ليلاً وقال له: قد سمعتُ صلاتك، واخترت هذا المكان لي بيت ذبيحة». ولكن هذا منقوض بقوله في أعمال 7:49 «السماء كرسيٌّ لي، والأرض موطئٌ لقدميَّ. أيَّ بيتٍ تبنون لي يقول الرب؟ وأيٌّ هو مكان راحتي؟».
وللرد نقول: من يقرأ هذين الفصلين بدون تروٍ يتخيل وجود تناقض بينهما، ولكن القارئ المدقق يرى التناقض سطحياً فقط، لأن المعنى فيهما واضح للغاية. وكلاهما صحيح. فنصْدُق إذا قلنا إن ذلك الهيكل لا يمكن أن يحدّ الله، فكان يسكن فيه بمعنى أنه اتَّخذه مكاناً خاصاً لإعلان مجده وإظهاره، ولم يسكن فيه بمعنى التحديد والحصر. الأمر الذي يبدو بغاية الجلاء في صلاة سليمان: «هل يسكن الله حقاً مع الإنسان على الأرض؟ هوذا السماوات وسماء السماوات لا تسعك، فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت!« (2أخبار 6:18).
وعندما كان بنو إسرائيل يتكلمون عن الهيكل كمسكن الله لم يكونوا غافلين عن حقيقة حضور الله فيه بمعنى مجازي أو استعاري، فالله الذي يملأ السماء والأرض يتنازل بالسكنى في قلوب قديسيه. فالقول الأول المقتبس أعلاه يشير إلى أفضال الله التي أنعم بها على بني إسرائيل، والثاني يشير إلى أن الله لا يحدّه مكان.
اعتراض على 2أخبار 9:21 - أوفير أم ترشيش؟
انظر تعليقنا على 1ملوك 9:26-28
اعتراض على 2أخبار 9:25 - عدد المذاود
انظر تعليقنا على 1ملوك 4:26
قال المعترض: «ورد في 2أخبار 13:1 و2 «في السنة 18 للملك يربعام، ملك أبيا على يهوذا. ملك ثلاث سنين في أورشليم. واسم أمه ميخايا بنت أوريئيل من جبعة». وورد في 2أخبار 11:20 «ثم بعدها أخذ معكة بنت أبشالوم فولدت له أبيا».
وللرد نقول: ميخايا هي نفسها معكة، فقد جرت العادة أن يتغيَّر اسم الذي يتولى المُلك، رجلاً كان أم امرأة. وميخايا أو معكة هي ابنة أبشالوم، أو بنت أوريئيل. فإن ثامار بنت أبشالوم تزوَّجت بأوريئيل ورُزِقَت منه بمعكة، فهي حفيدة أبشالوم (1ملوك 15:2) وهي أم أبيا وأم آسا (1ملوك 15:10). والدليل على ذلك أن أبشالوم لم يخلِّف سوى ثامار (2صموئيل 14:27). وقال المؤرخ يوسيفوس إن ثامار بنت أبشالوم تزوجت أوريئيل وولدت معكة أو ميخايا (8:10 و11 من كتاب يوسيفوس). فقوله معكة بنت أبشالوم صحيح لأنه جدها، ونُسِبَت إليه لأنه الأب الأصلي، ولأنه كان مشهوراً أكثر من غيره.
قال المعترض: «ورد في 2أخبار 13:3 «وابتدأ أبيا في الحرب بجيش من جبابرة القتال 400 ألف رجل مختار، ويربعام اصطف لمحاربته بثمان مئة ألف رجل مختار جبابرة بأس». وفي (آية 17) «وضربهم أبيا وقومه ضربة عظيمة، فسقط قتلى من إسرائيل 500 ألف رجل مختار». وهذه الأعداد كبيرة جداً، وكان يجب أن يكون الرقم 40 ألفاً وليس أربعمائة ألف، و80 ألفاً وليس ثمنمائة ألف، و50 ألفاً وليس خمسمائة ألف».
وللرد نقول: استكثر المعترض هذه الأرقام التوراتية فقال إنها خطأ. ولكن الدليل على صحتها أنه لمَّا صدر الأمر بإحصاء الشعب كان عدده كبيراً، فورد في 1أخبار 21:5 «فكان كل إسرائيل مليون ومئة ألف رجل مستلّي السيف، ويهوذا نحو 470 ألف رجل مستلّي السيف، هذا خلاف سبطي لاوي وبنيامين». وورد في 2أخبار 14:8 «وكان لآسا جيش يحملون أتراساً ورماحاً من يهوذا 300 ألف، ومن بنيامين من الذين يحملون الأتراس ويشدّون القسيّ 280 ألفاً». وفي 2أخبار 17:14-19 أن رجال يهوذا كانوا كثيري العدد جداً، وليس بكثير أن يحشدوا مثل هذا العدد. وقال المؤرخ يوسيفوس: »لمَّا حاصر فاسباسيان أورشليم قتل من بني إسرائيل مليون ومائة ألفاً، وفي سنة 170 ق م ذبح أنطيوخوس منهم 40 ألفاً، وفي سيرين ذبح الرومان واليونان من بني إسرائيل 220 ألفاً، وذبح في مصر وقبرص في عهد طراجان 240 ألفاً، وقُتل في حكم أدريان نحو 580 ألفاً من بني إسرائيل». فليس غريباً أن أبيا حشد 400 ألف جندي، وأنه قتل في الحرب نحو نصف مليون.
اعتراض على 2أخبار 13:4-22 - هل كان أبيّا صالحاً أم شريراً؟
انظر تعليقنا على 1ملوك 15:3
اعتراض على 2أخبار 15:19 - لم تكن حربٌ
انظر تعليقنا على 1ملوك 15:33
اعتراض على 2أخبار 16:1 - متى صعد بعشا؟
انظر تعليقنا على 1ملوك 15:33
اعتراض على 2أخبار 20:35 و36 - معاهدة يهوشافاط وأخزيا
انظر تعليقنا على 1ملوك 22:49
قال المعترض: «ورد في 2أخبار 21:2 أن يهوشافاط ملك إسرائيل، وهو في الحقيقة ملك مملكة يهوذا».
وللرد نقول: يُطلق اسم إسرائيل على كل يهودي لأنه من نسل يعقوب الذي لقّبه الله بإسرائيل. ولمَّا انقسمت مملكة إسرائيل إلى قسمين أُطلق على مملكة العشرة أسباط اسم مملكة إسرائيل، وأُطلق على سبطي يهوذا وبنيامين اسم مملكة يهوذا، دلالة على انقسام المملكة. ولكن الحقيقة تبقى وهي أن كل فرد من أفراد هاتين المملكتين إسرائيلي، لتناسله من إسرائيل. وعلى هذا قيل عن يهوشافاط إنه ملك إسرائيل.
قال المعترض: «ورد في 2أخبار 21:16 و17 أن أبناء الملك يهورام أُخذوا أسرى، لكن 2أخبار 22:1 يقول إنهم قُتلوا».
وللرد نقول: لا تناقض. أخذوهم أولاً أسرى، ثم قتلوهم.
قال المعترض: «ورد في 2أخبار 21:17 اسم يهوآحاز، والصحيح أن اسمه أخزيا كما جاء في 2أخبار 22:1».
وللرد نقول: قد يتغيَّر اسم الشخص عندما يتولى المُلك، فقد كان اسمه يهوآحاز بالميلاد، وسُمّي أخزيا لمَّا تولّى عرش مملكة يهوذا. وقد يحمل الشخص الواحد أكثر من اسم، فهناك اسم الشهرة بالإضافة إلى الاسم بالميلاد .
اعتراض على 2أخبار 22:2 - عُمر أخزيا
انظر تعليقنا على 2ملوك 8:26
اعتراض على 2أخبار 28:1 - عُمر آحاز وسنوات مُلكه
انظر تعليقنا على 2ملوك 8:26، 16:2، 24:8
اعتراض على 2أخبار 28:19 - آحاز ملك إسرائيل
انظر تعليقنا على 2أخبار 21:2
قال المعترض: «جاء في 2أخبار 30:26 أن الفصح الذي أقامه الملك حزقيا لم يكن له مثيل من أيام سليمان. ولكن فصح الملك يوشيا المذكور في 2أخبار 35:18 فاقه في أنه عُقد في موعد الفصح القانوني، وأن كل يهوذا وإسرائيل شاركوا فيه، وكانوا في حالة نقاوة طقسية».
وللرد نقول: القولان صحيحان، فقد فاق الفصح الذي أقامه الملك حزقيا كل فصح سبقه منذ أيام سليمان. كما أن فصح الملك يوشيا فاق فصح الملك حزقيا.
اعتراض على 2أخبار 35:24 - أين مات يوشيا؟
انظر تعليقنا على 2ملوك 23:30
قال المعترض: «ورد في 2أخبار 36:6 عن الملك يهوياقيم «عليه صعد نبوخذنصر ملك بابل وقيّده بسلاسل نحاس ليذهب به إلى بابل» ولكن 2 ملوك 24:6 يقول »اضطجع يهوياقيم مع آبائه« ويقول إرميا 22:19 »يُدفَن دفن حمار مسحوباً ومطروحاً بعيداً عن أبواب أورشليم« و»تكون جثته مطروحةً للحر نهاراً وللبرد ليلاً« (إرميا 36:30). فلم يأخذه نبوخذنصر إلى بابل كما يقول سفر الأخبار، بل نقله من أورشليم، وأمر بأن تُلقى جثته خارج السور بغير دفن».
وللرد نقول: لم يقل سفر الأخبار إن نبوخذنصر ذهب بيهوياقيم إلى بابل، بل قصد أن توجَّه به إليها. ولا بد أن طارئاً منعه عن تنفيذ قصده، فقُتل وطرحوا جثته خارج أسوار أورشليم. أما قول سفر الملوك إنه اضطجع مع آبائه فتفيد الموت وليس طريقة الدفن. وهو الملك الوحيد بين ملوك مملكة يهوذا الذي يغفل الوحي ذكر مكان موته.
اعتراض على 2أخبار 36:9 - عُمر يهوياكين؟
انظر تعليقنا على 2ملوك 24:8
قال المعترض: «ورد في 2أخبار 36:10 «وملّك صدقيا أخاه على يهوذا وأورشليم». ولفظ أخاه خطأ، والصحيح عمه».
وللرد نقول: ليس المقصود بالأخ هنا انتماءه إلى أبيه وأمه، بل المعنى الأعمّ، وهو أنه من قومه ومن مذهبه وعلى لغته وديانته. وقد اعتبرهما نبوخذنصر أخوين أي على حد سواء، لأنهما من بني إسرائيل.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفري عزرا ونحميا
قال المعترض: «هناك سفر ثالث لعزرا قال عنه علماء المسيحية إنه ليس من الأسفار الموحى بها».
وللرد نقول: اعتبر علماء بني إسرائيل سفري عزرا ونحميا سفراً واحداً، وقالوا إن عزرا كتب الجزء الأول منه، وأكمله نحميا. ثم قسموا هذا السفر الواحد في التوراة العبرية إلى قسمين كما نجدهما في كتبنا المقدسة اليوم، سمُّوا الجزء الأول منهما »عزرا الأول« والجزء الثاني »عزرا الثاني«. وهناك كتاب أبوكريفي مكتوب باليونانية مقتبَس من سفري عزرا ونحميا يحمل اسم »عزرا الثالث«. ولم يدخل سفر عزرا الثالث ضمن الأسفار القانونية، كما أن محتوياته واردة في سفري عزرا ونحميا.
قال المعترض: «جاء في عزرا 1:1 أن كورش أصدر أمره بعودة بني إسرائيل لبلادهم سنة 536 ق م. ولكن إرميا 25:12 يقول إن بني إسرائيل يُسبون 70 سنة، في عهد يهوياكين سنة 599 ق م (2ملوك 24:13-17) وفي هذا تناقض».
وللرد نقول: حدث سبيٌ في عهد يهوياقيم، جاء بعده سبيٌ آخر في عهد يهوياكين ابنه (2ملوك 24:1) سنة 606 ق م. وبين عامي 606 ق م و536 ق م سبعون سنة.
قال المعترض: «يسجِّل أصحاح 2 من سفر عزرا أسماء الذين رجعوا من سبي بابل بقيادة زربابل، فيذكر 32 عائلة بأعدادها وأسمائها. ويسجِّل أصحاح 7 من سفر نحميا نفس الحدَث، فيتفق مع عزرا في عدد أفراد 18 عائلة، ويختلف معه في عدد 14 عائلة, ويتراوح الاختلاف بين عدد واحد و1100 شخصاً. وهذا تناقض«.
وللرد نقول: (1) من المحتمل أن يكون عزرا ونحميا أوردا أسماء العائلات في زمنين مختلفين، فأحصى عزرا عدد الذين غادروا بابل مع زربابل، بينما أحصى نحميا عدد الذين وصلوا فعلاً إلى أورشليم. وقد يكون أن بعض الذين غادروا بابل ليُعيدوا بناء أورشليم عادوا من حيث أتوا، ولا بد أن البعض مات في الطريق. وقد يكون أن عائلة ضمَّت بعض أفرادها إليها أثناء السفر، كانوا ساكنين في بلاد على الطريق. وربما سافر أشخاص غير الذين كتبوا أسماءهم في بابل، فزاد كشف نحميا. فمثلاً لم يرد في سفر نحميا ذِكر مَغْبيش، مع أنه ذُكر في عزرا 2:30، وربما لأنه نوى السفر إلى أورشليم، ثم عدل عن ذلك بعد أن كتب عزرا اسمه.
(2) ولا ننسى أن الشخص كان يحمل أكثر من اسم، كما يكون له اسم ولقب وكنية، مثلاً بنو حاريف المذكور في نحميا 7:24 تُسمّوا في عزرا 2:18 بني يورة، وفي نحميا 7:47 بنو سِيعا وقد تسمّوا في عزرا 2:44 بنو سِيعَها، وغيره.
اعتراض على عزرا 3:2 - والد زربابل
انظر تعليقنا على 1أخبار 3:19
قال المعترض: »يقول عزرا 3:8-13 إن بدء بناء الهيكل بعد العودة من السبي كان في عهد كورش الكبير الذي حكم فارس من 559 إلى 530 ق م تقريباً. ولكن عزرا 4:24 يقول إن إعادة بناء الهيكل كانت في أيام داريوس الفارسي، وهذا نحو 520 ق م. ويظهر من سفر حجي 1:15 أن بناء الهيكل لم يبدأ حتى عام 520 ق م. وهذا تناقض«.
وللرد نقول: يتحدث سفر عزرا عن البدء في البناء، ثم التوقُّف عنه، ثم البدء فيه من جديد بعد نحو 15 سنة. فالحديث في عزرا 3:10 و5:16 يشير إلى البدء في بناء الهيكل، ويقول عزرا 4:4 إن الأعداء حالما رأوا الشعب يبدأ في البناء ضايقوهم وعطلوهم. واستمر هذا التعطيل طيلة حكم الملك كورش. ويتحدث عزرا 4:24 وحجي 1:15 عن العودة إلى البناء بعد أن توقَّفوا عنه نحو 15 سنة، عندما أرسل الله النبي حجي ليشجع الشعب على هذا (عزرا 4:24). فأطاع الشعب دعوة النبي حجي وبدأوا يكملون البناء عام 520 ق م أثناء حكم داريوس، حتى انتهوا منه سنة 516 ق م.
قال المعترض: »جاء في عزرا 4:23 أن القادة من غير اليهود هم الذين أوقفوا العمل في بناء الهيكل، لكن جاء في حجي 1:2 »هذا الشعب قال: إن الوقت لم يبلغ وقت بناء بيت الرب«. وهذا تناقض«.
وللرد نقول: الأمران صحيحان ويكمل أحدهما الآخر، فقد استخدم الأعداء الأجانب القوة العسكرية ليوقفوا البناء، فتقاعس الشعب الخائف عن إكماله.
قال المعترض: »في عزرا 10:10-44 أمر عزرا رجال اليهود أن يهجروا زوجاتهم الوثنيات حتى لا يزيدوا إثم بني إسرائيل. وهذا يخالف ما جاء في 1كورنثوس 7:12 »إن كان أخٌ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضي أن يسكن معها فلا تتركه«.
وللرد نقول: أُعطيت الوصيتان في زمنين مختلفين، لشعبين مختلفين، ولأسباب مختلفة. فقد أوصى عزرا رجال بني إسرائيل في العهد القديم بالانفصال عن زوجاتهم الوثنيات خوفاً من تأثيرهن الشرير على أزواجهن وأولادهن. وأوصى الرسول بولس المسيحيين في العهد الجديد أن يبقى الشريك المؤمن مع غير المؤمن، إن ارتضى غير المؤمن أن يُبقي شريكه معه، من أجل الأولاد (1كورنثوس 7:14)، وليكون للطرف المؤمن فرصة ربح شريكه للمسيح عندما يرى حُسن سلوكه (1كورنثوس 7:16).. ثم أن المسيحيين ليسوا ملتزَمين بتشريعات العهد القديم، لأن المسيح جاء ليكملها.
اعتراض على نحميا 7:38 - إعمار عاي
انظر تعليقنا على يشوع 8:28
قال المعترض: »جاء في نحميا 8:17 »وعمل كل الجماعة الراجعين من السبي مظال، وسكنوا في المظال، لأنه لم يعمل بنو إسرائيل هكذا من أيام يشوع بن نون إلى ذلك اليوم. وكان فرحٌ عظيم جداً«. وهذا معناه أن بني إسرائيل لم يحتفلوا بعيد المظال منذ أيام يشوع. ولكن عزرا 3:4 يقول إنه في أيام زربابل حفظوا عيد المظال كما هو مكتوب«.
وللرد نقول: معنى عبارة سفر نحميا أنه لم يكن احتفال مفرح منذ أيام يشوع مثل هذا الاحتفال الذي أُقيم أيام نحميا، ولا تعني أنه لم تُقَم احتفالات بعيد المظال منذ أيام يشوع. وقد كان احتفال نحميا متفرِّداً بثلاثة أمور على الأقل: أولها أن كل الجماعة عملته، وثانيها أن الفرح كان عظيماً جداً، وثالثها أنه كان يُقرأ أثناء هذا الاحتفال كل يوم من التوراة من اليوم الأول إلى اليوم الأخير (نحميا 8:18).
قال المعترض: «ذكر بعض رجال الدين المسيحيين أن نحميا 12:1-26 ليس وحياً إلهياً».
وللرد نقول: سفر نحميا وحي لنحميا كما قال علماء بني إسرائيل، وكما يتضح من استخدام ضمير المتكلم عند الحديث عن نحميا، وهو يسجل إرسالية نحميا إلى أورشليم والإصلاحات التي قام بها. ويرجع سبب اعتراض المعترض إلى ذكر اسم يدّوع في آيتي 11 و22 من أصحاح 12، بينما كان يدوع رئيساً للكهنة عندما هاجم الإسكندر الأكبر أورشليم (351-331 ق م). والأرجح أن نحميا عاش عمراً طويلاً حتى رأى يدّوع حفيد ألياشيب كاهناً، لأن سفر نحميا يذكر يدوع ضمن الكهنة، وليس كرئيس كهنة.. ويرجع اعتراض المعترض إلى سبب آخر هو ذكر داريوس الفارسي في آية 22 من أصحاح 12. والأرجح أنه داريوس نوثوس (424-395 ق م) المعاصر ليدّوع وليس داريوس كودومانّوس (336-332 ق م).. ويرجع اعتراض المعترض إلى سبب ثالث هو عبارة »كان هؤلاء في أيام نحميا الوالي« التي جاءت في آيتي 26 و47 من أصحاح 12. ولكن نلاحظ أن اسم نحميا في الآيتين جاء مصحوباً باسم شخص آخر، ففي آية 26 قُرن باسم يوياقيم، وفي آية 47 قُرن باسم زربابل، فالأرجح أن نحميا أورد اسمه بهذا الأسلوب وهو يذكر اسمي يوياقيم وزربابل.
قال المعترض: «قال المفسر المسيحي آدم كلارك إنه في الترجمة اليونانية لنحميا 12:3 سقط اسمان وبقي الاسم الثالث فقط وهو شَكَنْيا، كما سقطت من نحميا 12 الآيات 4-6 و9 و37-41 وأسقط المترجم في العربية من آية 1-26 و29».
وللرد نقول: هذه الآيات موجودة في الأصل العبري الذي يجب أن يعوَّل عليه ويُرجع إليه، ويمكن دائماً إصلاح الترجمة، فالترجمة ليست وحياً، لكنها نقل الوحي إلى لغة أخرى. ومن يراجع الترجمة العربية التي بين أيدينا يكتشف أن كل الآيات موجودة.. ولو حدث أن أحد المترجمين أسقط هذه الآيات فإن محتوياتها موجودة في أماكن أخرى من كتاب الله، فهي تحوي أسماء الذين أتوا من السبي، وقد ذُكرت في سفري عزرا وأخبار الأيام وغيرهما. فإذا أخطأ مترجمٌ وأسقطهما من مكان فإنهما باقيتان في مكان آخر.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفر أستير
قال المعترض: «اختلفوا في النبي الذي كتب سفر أستير».
وللرد نقول: أوحى الله إلى أحد أنبيائه أن يكتب هذا السفر، لا نفرِّق بين أنبيائه. قال يوسيفوس المؤرخ اليهودي إن الكاتب هو مُردَخاي الذي ربَّى أستير ابنة عمه، وأنه كتبه ليُحفَظ في سجلات مملكة فارس، ولم يذكر فيه اسم الله لأنه كان يعلم أن الفارسيين سيستبدلون اسم الله باسم أصنامهم. واستند بعض مفسري اليهود إلى ما جاء في أستير 9:20 »وكتب مُردخاي هذه الأمور« وقالوا إن الكاتب هو مردخاي، الذي صار الرجل الثاني في مملكة الملك أحشويروش. والحقيقة هي أنه لا يمكن أن يجزم أحدُ باسم النبي الذي استخدمه الله ليكتب سفر أستير.
قال المعترض: »كيف يكون سفر أستير من وحي الله وهو يخلو من ذكر اسم الله؟«.
وللرد نقول: خشي الكاتب أن يذكر اسم الله لئلا يستبدل رجال سجلات مملكة فارس اسم الله باسم آلهتهم وهم يحفظون السفر في السجلات الملكية. وإن خلا السفر من ذكر اسم الله فهو لا يخلو من عمل يد الله، كما قال مردخاي لابنة عمه أستير بعد أن جلست على عرش المملكة: »ومن يعلم، إن كنتِ لوقتٍ مثل هذا وصلتِ إلى المُلك؟« (أستير 4:14). ويكشف السفر كيف أن الله يدير الكون ليحقِّق مقاصده السامية، وكيف ينفِّذ البشر إرادته الصالحة إن طوعاً وإن كرهاً.
قال المعترض: «عشر آيات في الأصحاح العاشر وستة أصحاحات من (الأصحاح 11 إلى 16) من سفر أستير ليست من وحي إلهي».
وللرد نقول: حافظ بنو إسرائيل على هذا السفر بغاية الحرص، ولا يوجد عندهم عشر آيات من الأصحاح 10، ولا ستة أصحاحات من 11 إلى 16. ولا شك أنهم هم الذين يُرجَع إليهم ويُعوّل عليهم في حفظ كتبهم المقدسة وتواريخ حوادثهم العجيبة.. إنما لسفر أستير صيغتان، صيغة قصيرة هي الأصل العبري الذي يُركن إليه، وصيغة طويلة هي الترجمة اليونانية، وهي التي يشير إليها المعترض. كما أن الترجمة اليونانية تشتمل على ملحق يشرح أصل الترجمة اليونانية. وقد ترجم القديس إيرونيموس هذه الإضافات.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفر أيوب
قال المعترض: «قال العالِم اليهودي مايمونيدس إن أيوب شخص رمزي، ووافقه على ذلك بعض علماء المسيحيين».
وللرد نقول: قال بعض علماء اليهود إن سفر أيوب قصة رمزية، ورَدَت في قالب مثَل، الغاية منها التعليم، وكان أولهم «مايمونيدس« ووافقه على ذلك بعض علماء المسيحيين. ولكن أغلب علماء الدين قالوا إن أيوب شخصية حقيقية. يكفي أن تقرأ الآية الأولى من السفر لتدرك تاريخية شخصية أيوب، وهي تقول: »كان رجلٌ في أرض عوص اسمه أيوب، وكان هذا الرجل كاملاً ومستقيماً، يتَّقي الله ويحيد عن الشر«. قال هورن: «سفر أيوب قصيدة بليغة تتكلم عن شخص له وجود حقيقي«. ونحن في غِنى عن روايات وهميَّة تعلّمنا أن الأتقياء يتعرَّضون للمصائب والبلايا، فإن الله سمح بعنايته بحدوث مثل هذه الحوادث في كل زمان ومكان. وهناك أدلة خارجية على أن أيوب كان شخصاً حقيقياً وليس وهمياً، منها قول حزقيال النبي: «إن أخطأَتْ إليَّ أرضٌ.. وكان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة: نوح ودانيال وأيوب، فإنهم.. إنما يخلِّصون أنفسهم ببرِّهم« (حزقيال 14:13 و14) وقول الرسول يعقوب: «ها نحن نطوّب الصابرين. قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب، لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف« (يعقوب 5:11). ولا يُعقَل أن النبي حزقيال والرسول يعقوب اللذين يكتبان بوحي إلهي يستشهدان بقصة وهميَّة يجعلانها درساً في الصبر، وبرهاناً على رحمة الله.
وهناك أدلة داخلية على أن أيوب كان شخصاً حقيقياً، منها ذِكر أسماء الأشخاص والأماكن والوقائع التي حدثت فيها هذه القصة التاريخية، مثل أسماء أولاده وأعمالهم وزوجته وأصحابه.
عصر وجوده: وقال هورن عن عصر أيوب: «قال البعض إنه كان في عصر موسى، لأن أسلوبه يشبه أساليب موسى. وقال البعض الآخر إنه كان في عصر قضاة بني إسرائيل، وقال البعض إنه كان معاصراً لسليمان ولملكة سبا، وقال غيرهم إنه كان معاصراً لنبوخذنصَّر، أو لأحشويروش أو أرتحششتا. إنما الأمر الأكيد المُجْمَع عليه هو أن عصر أيوب كان قديماً جداً، فالعادات المذكورة في هذا السفر مختصة بذرية إبراهيم أب الإسرائيليين والإسماعيليين والأدوميين«.
وبعد أن أورد هورن هذه الآراء قال: «غير أنه يمكن الاستدلال على عصر أيوب من الحوادث المهمة الآتية، وهي:
(1) تبرهن التوراة أن بلوى أيوب حدثت قبل خروج بني إسرائيل من مصر، أي قبل عام 1445 ق م، فإنه لم يذكر عجائب ومعجزات الخروج من مصر، مثل انشقاق البحر الأحمر، ونزول المَن والسلوى، مع أن هذه المعجزات حصلت في البلاد المجاورة لبلاد أيوب.
(2) جرت أحداث سفر أيوب قبل ارتحال إبراهيم إلى أرض كنعان، لأنه لم يذكر سدوم وعمورة ومدن السهل، مع أنها كانت قريبة من أدوم بلاد أيوب.
(3) يدل طول مدة عمر أيوب على أنه كان في عصر الآباء، فإنه عاش بعد بلواه 140 سنة.
(4) استُدِل من بعض عباراته أنه كان قريباً لسام بن نوح.
(5) مما يدل على قِدَم هذا السفر العادات التي ذُكِرت فيه، فأشار إلى الكتابة بالنقر في الصخر (19:24) وهي عادة قديمة. وحُسبت ثروته بمواشيه (42:12) وكان أيوب رئيس كهنة لعائلته كالعادة الجارية في عصر الآباء الأقدمين (تكوين 8:20).
(6) لم تكن عادات التذلل للأمراء والشرفاء التي كانت جارية في مصر وبلاد الفُرس والشرق معروفة في بلاد العرب في ذلك العصر. ومع أن أيوب كان من أشراف الشرق وعظمائه إلا أنه لم يملقه أحد.
(7) مما يدل على قِدَم هذا السفر أيضاً لغة أيوب وأصحابه. ومع أنهم أدوميون إلا أنهم كانوا يتكلمون بالعبرية، مما يدل على أنهم كانوا في العصر الذي كان يتكلم فيه الإسرائيليون والأدوميون والعرب باللغة العبرية، ولم تكن تفرَّعت إلى لغات أخرى.
بلد أيوب: يقول سفر أيوب إنه عاش في أرض عوص (1:1) واختلف الجغرافيون في موقعها، فبرهن العلاّمة «بوخارت« على أنها في برية بلاد العرب. وقال «ياهن« إن عوص هي «وادي دمشق«. غير أن الأسقف لورث وغيره برهنوا أن عوص هي في «أدوم« (مراثي 4:21). وعوص كان حفيد سعير الحوري (تكوين 36:20 و21 و28 و1أخبار 1:38 و42) الذي سكن البلاد الجبلية التي سُمّيت باسمه قبل عصر إبراهيم، غير أن الأدوميين طردوا ذريته وأخذوا بلادهم (تثنية 2:12). فأدوم هي جزء من برية بلاد العرب في أقصى جنوب أرض سبط يهوذا (عدد 34:3 ويشوع 15:1 و21) فكانت أرض عوص بين مصر وفلسطين (إرميا 25:20) فإن النبي إرميا ذكر الأماكن والأمم بالترتيب من مصر إلى بابل (إرميا 46:1).
كاتب السفر: لا ندري من هو النبي الذي كتب هذا السفر. قال البعض إنه أليهو، أو أيوب، أو موسى، أو سليمان، أو إشعياء، أو نبي من عصر الملك منسى، أو حزقيال أو عزرا. وظنَّ لايتفوت أن الآيتين 32:16 و17 تدلان على أنه أليهو. وقال لوثر إنه سليمان. وقال كثيرون إنه موسى. ولكن بما أنه لا توجد أدنى إشارة إلى حادثة من تاريخ بني إسرائيل فلا يكون موسى. وذهب الأسقف «لورث« و«شولتنس« و«بترس« وغيرهم إلى أنه أيوب، وهو القول الصحيح.. على أن تحديد اسم الكاتب ليس مسألة جوهرية في تقرير قانونية السفر، ولا في أنه وحي من عند الله.
قال المعترض: «جاء في أيوب 1:7 «فقال الرب للشيطان: من أين جئت؟ فأجاب الشيطان: من الجولان في الأرض ومن التمشّي فيها». وهذا منقوضٌ بقوله في رسالة يهوذا 6 «والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام«، وبقوله في 2 بطرس 2:4 «في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلَّمهم محروسين للقضاء».
وللرد نقول: يصف الرسول يهوذا الشياطين بأنهم «ملائكة« خلقهم الله من أسمى الرُّتب لخدمته، ولكنهم أخطأوا ولم يحفظوا «رئاستهم« أي طهارتهم الأصلية ومقامهم الذي كان لهم في السماء، و«تركوا مسكنهم« الذي هو السماء باختيارهم، لأنهم لم يرضوا بحالهم في السماء، فلم يشفق الله عليهم وعاقبهم بأن طرحهم في جهنم في سلاسل الظلام (2 بطرس 2:4) وذلك إلى يوم الدينونة العظيم.
وقوله «حفظهم« و«طرحهم« هو تعبير بالماضي عن المستقبل، لحتمية حدوث الأمر. فأنت تتحدث عن شيء قادم بصيغة الماضي، لأنك متأكد من وقوعه.. وقوله «طرحهم« و«في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم« قد تعني أن في «طول« سلاسل الظلام ما يمنعهم من الرجوع إلى المسكن النوراني الأول، ولكنها لا تمنعهم من الجولان بين الناس لخداعهم وتضليلهم. وقد اعتبر الرسول يهوذا الظلام المحيط بالشياطين كالقيود الأبدية التي تبقى بلا تغيير. والشياطين كأنها مسجونة في سجن لا يدخله شيء من النور، فلا فرصة عندها للتوبة. وبعد الدينونة يطرحهم الله في النار الأبدية المعدَّة لهم (متى 25:41).
قال المعترض: «جاء في أيوب 1:19 و8:4 أن كل أولاد أيوب ماتوا. لكن يبدو من أيوب 19:17 أن بعضهم كان حياً لأن أيوب يقول: «خَمَمْتُ عند أبناء أحشائي».
وللرد نقول: التعبير «أبناء أحشائي« يعني الأبناء والأحفاد، والأشقَّاء، كما يعني كل أقرباء الدم.
قال المعترض: «جاء في أيوب 2:3 «فقال الرب للشيطان: هل جعلت قلبك على عبدي أيوب لأنه ليس مثله في الأرض، رجل كامل ومستقيم يتّقي الله ويحيد عن الشر، وإلى الآن متمسك بكماله، وقد هيَّجتَني عليه لأبتلعه بلا سبب؟». ولكن يناقضه ما جاء في أمثال 12:21 «لا يصيب الصدِّيق شر. أما الأشرار فيمتلئون سوءاً».
وللرد نقول: يقول الكتاب إن الصدِّيق لا يصيبه شر، وإن أيوب البار كابد آلاماً هائلة.. والحل موجود في مدلول كلمة «شر« التي معناها في سفر الأمثال «ضرر أو أذى». فهل أصاب أيوب شرٌّ بهذا المعنى؟ كلا البتة! لأن آلام أيوب كانت وقتية، وزادته معرفةً بالله وطرقه، وطهَّرته، وكانت الوسيلة التي جاءته بقوة وأفراح لم يسبق له أن اختبرها. وتحقَّق فيه قول الرسول بولس «كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله» (رومية 8:28). والقول «كل الأشياء« هنا يشمل الآلام التي يسمح بها الله. فيمكننا إذاً أن نقول إن المؤمن الحقيقي لا يمكن أن يصيبه ما يُقال إنه «شر». حقاً إن نصيب أيوب كان ظاهره آلاماً مرة ولكن إلى حين. وفي الواقع أن نصيبه كان أسعد وأسمى نصيب، الأمر الذي يتَّضح من نهاية سفره.
أيوب إذا هو الصِّدِّيق الذي سمح الله للشيطان أن يمتحنه، ولكن لن يصيبه الشر في النهاية. لقد أثبت الله أنه يرعى أتقياءه، فحفظ أيوب من أن يجدّف على الله ويكفر بالرغم من شدة بلواه.
صحيح أن أيوب لعن يوم مولده، ولكنه لم ينسب لله لوماً. لقد تمنى الموت لنفسه لكنه اعترف بضعفه أمام قوة الله، وبحقارته أمام عظمة الله. ويخرج أيوب من تجربته وهو يطلب رضا الله وغفرانه. وردَّ الربُّ إلى أيوب ما ضاع منه بعد أن صلى لأجل أصحابه، وزاده من كل شيء ضعفاً، إلا الزوجة. وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من بدايته. ولم يتمكن الشر من أيوب في النهاية، فالشر لن يسود الصدِّيق، لأنه تحت النعمة.
قال المعترض: «ورد في أيوب 7:9 «السحاب يضمحل ويزول، هكذا الذي ينزل إلى الهاوية لا يصعد». وفي 14:12 «الإنسان يضطجع ولا يقوم. لا يستيقظون حتى لا تبقى السموات، ولا ينتبهون من نومهم». وفي آية 14 «إن مات رجل أفيحيا؟ كل أيام جهادي أصبر إلى أن يأتي بدلي«. وهذا إنكار للبعث من الأموات».
وللرد نقول: تدل هذه الآيات على أنه إذا تُوفي الإنسان لا يعود ثانية إلى الأرض، ولا يعاشر أصحابه السابقين. وهذا مثل القول: «كل شيء هالك إلا وجهه. كل من عليها فان». فالآيات التي أوردها المعترض من سفر أيوب تدل على فناء الدنيا وزوالها، ولا علاقة بينها وبين البعث من الأموات.
قال المعترض: «قال أيوب »السحاب يضمحل ويزول. هكذا الذي ينزل إلى الهاوية لا يصعد« (أيوب 7:9) ويقول أيضاً: »الإنسان يضجع ولا يقوم. لا يستيقظون حتى لا تبقى السماوات، ولا ينتبهون من نومهم« (أيوب 14:12). وهذا يعني أنه لم يكن يؤمن بالبعث والقيامة، وعليه فإن المسيح لم يُقِم موتى، وأن قيامة المسيح من الأموات باطلة».
وللرد نقول: نصوص كتب الله المنزَلة ناطقة بأن المسيح أحيا الموتى، ولا يُنكِر إحياء المسيح للموتى إلا الملحدون الذين لا يعتقدون بالأنبياء ولا بالمعجزات.. ولا يمكن أن ينكر نبي الله أيوب البعث والنشور، وهو الذي يقول: «لأني وإن تبرَّرت لا أجاوب، بل أسترحم ديَّاني« (أيوب 9:15). ويقول: «أما أنا فقد علمتُ أن وليّي حي، والآخِرُ على الأرض يقوم. وبعد أن يُفنى جلدي هذا، وبدون جسدي أرى الله. الذي أراه أنا لنفسي، وعيناي تنظران وليس آخَر« (أيوب 19:25-27). أما صلب المسيح وموته وقيامته فقامت عليها الأدلة والبراهين، وبلغ مبلغ التواتر بحيث لا ينكره إلا مُنكر الحقائق.
أما قول أيوب في أصحاح 7:9 إن الذي ينزل إلى الهاوية لا يصعد، فيوضحه في آية 10 بقوله إنه لا يعود إلى بيته الأرضي، ولا يعرفه أصدقاؤه بعد. أما قوله »لا يستيقظون حتى لا تبقى السماوات« فمعناه أنهم يستيقظون يوم القيامة عندما يخلق الله سماوات جديدة وأرضاً جديدة يسكن فيها البر.
قال المعترض: «جاء في أيوب 26:7 أن الله يعلّق الأرض على لا شيء، ولكن مزمور 24:2 يقول إن الله أسس الأرض على البحار».
وللرد نقول: القولان صحيحان، فالأرض أعلى من البحر، والبحر لا يغطيها. كما أن الأرض معلَّقة تدور في الفضاء بلا أعمدة تسندها.
قال المعترض: «ورد في أيوب 42:17 «ثم مات أيوب شيخاً وشبعان الأيام« وهو ختام النسخة العبرية، ولكن زِيد في الترجمة اليونانية بعد هذه الخاتمة قوله «وسيُبعث ثانية مع الذين يبعثهم الرب».
وللرد نقول: العبارة الزائدة في الترجمة اليونانية غير موجودة في الأصل العبري، وإنما أتى بها المترجم من ذات سفر أيوب، حيث يقول أيوب: «أما أنا فقد علمتُ أن وليّي حي، والآخِرُ على الأرض يقوم. وبعد أن يُفنَى جلدي هذا، وبدون جسدي أرى الله. الذي أراه أنا لنفسي، وعيناي تنظران وليس آخَر« (أيوب 19:25-27). وفي هذا تكلم أيوب على أنه سيُبعث ثانية. والمعوَّل عليه دائماً هو الأصل العبري، لا الترجمات.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفر المزامير
قال المعترض: »يطلقون على سفر المزامير اسم مزامير داود، لكن هناك مزامير للنبي موسى والملك سليمان، وبني قورح وغيرهم. وهذا تخبُّط«.
وللرد نقول: أوحى الله بالروح القدس إلى مجموعة من أنبيائه بكتابة المزامير، لا نفرِّق بين أحدٍ منهم. ومن الأدلة على وحي هذا السفر أن أنبياء العهد القديم أشاروا إليه، وشهد له المسيح مصدر كل حكمة، كما شهد له رسله الكرام. وأقدم الترنيمات التي أُوحي بها كانت لكليم الله موسى (خروج 15) ثم ترنيمتي النبيتين دبورة (قضاة 5) وحنة (1صموئيل 2). سفر المزامير إذاً وحيٌ لداود ولبعض الأنبياء الذين كانوا قبله، ولبعض الأنبياء الذين أرسلهم الله بعده. وقد أُطلق عليه اسم »مزامير النبي داود« من باب التغليب، لأننا من دراسة عناوين المزامير نكتشف أن داود كتب 73 مزموراً، ولأنه اشتهر بهذه المزامير وبعزف الموسيقى، حتى سُمّي «مرنّم إسرائيل الحلو« (2صموئيل 23:1). وعلاوة على ما جاء في عناوين المزامير يتَّضح لنا من دراسة العهد القديم أن داود كتب مزموري 96 و105 (راجع 1أخبار 16:23-26 و1أخبار 16:7-22)، ويعزو العهد الجديد إليه أيضاً أنه كتب مزمور 2 (أعمال 4:25) ومزمور 95 (عبرانيين 4:7). وكتب آساف 12 مزموراً، وأولاد قورح 10 مزامير، وسليمان مزموري 72 و127، وهيمان مزمور 88، وإيثان مزمور 89، وموسى مزمور 90. وهناك 49 مزموراً لا نعرف من كتبها. وقد جمع النبي عزرا هذه المزامير بإرشاد الروح القدس في كتاب واحد.
ويُعزى سفر المزامير لداود لأسباب أخرى، منها أنه هو الذي نظّم ترتيل المزامير، فكلف بعض الأتقياء البارعين في الموسيقى بترتيلها في العبادة (1أخبار 6:31 و16:4-8). ونسج سليمان على هذا المنوال الحسن في الهيكل الأول (2أخبار 5:12 و13) ولمَّا بُني الهيكل ثانية جدد النبي عزرا هذه الفريضة المقدسة (عزرا 3:10 و11). وكان بنو إسرائيل يترنمون بالمزامير ويرتلونها (مزمور 137:3). وأيّد المسيح العبادة بالترتيل (متى 26:30 ومرقس 14:26) وحض عليه بولس الرسول (أفسس 5:19 وكولوسي 3:16). واستمرت هذه العادة إلى يومنا هذا، فإن الأقوال التي كان يتعبّد بها موسى وداود وسليمان وهيمان وآساف ويدوثون هي التي لازال يتعبد بها المسيحيون اليوم، لأنها تُصْدق على أحوال كل إنسان وتناسبه، ولا سيما أن المسيحيين يعبدون إله موسى وداود وسليمان بواسطة الفادي الكريم، وهو لا يزال يغدق عليهم المراحم التي أغدقها على أولئك الأنبياء، ويقاسون شدائد كالتي حلَّت بأولئك الأفاضل، فيرون العُسْر فيستغيثون، ويرون اليُسْر فيشكرون.
قال المعترض: »في سفر المزامير طلب انتقام، وهذا يناقض وصية المسيح في متى 5:44 بمحبة الأعداء«.
وللرد نقول: نجد في الكثير من المزامير صلوات طلب انتقام، ولعل أهمها مزامير 35 و69 و109 و137. وهي تتفق مع روح شريعة موسى التي نادت أن العين بالعين والسن بالسن (لاويين 24:19)، ولكنها تتعارض مع روح تعاليم المسيـح التي تنادي بالغفـران للأعداء والصلاة من أجل المسيئين (متى 5:43-48). وسبب ذلك أن أصحاب المزامير عاشوا في عهد الشريعة الموسوية، فرفعوا صلواتهم لله بضمائر صالحة بغير انفعال ولا تهوُّرٍ عاطفي، لأنهم كرهوا الخطية، وبالتالي كرهوا الخاطئ الذي يرتكبها. وقد طالب المرنم تسليم الخطاة للرب لينفِّذ فيهم عدالتـه (مزمور 37:8 و9) فيرى الصدّيقون ويخافون (مزمور 52:6). وكان اليهود يقولون إن السماء تفرح بخاطئ واحد يهلك لتستريح الأرض من شرِّه، بينما علَّمنا المسيح أن السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب (لوقا 15:7 و10) فتستريح الأرض من شره بتوبته، وليس بهلاكه.
ولكن بعض المفسرين يرون أن المرنم كان يتحدث عن السبب والنتيجة، فالخاطئ لا بد أن ينال أجرة خطيته. وعلى هذا فاللعنات نبوّات عمّا سيحلُّ بالخاطئ. فيكون طلب الانتقام صلواتٍ مرفوعةً للإله العادل الذي لا بد ينصف المظلوم ويعاقب الظالم.
قال المعترض: »اختلف أهل الكتاب في عدد المزامير«.
وللرد نقول: عدد المزامير 150 مزموراً كما جاء في التوراة العبرية. وفي منتصف القرن الثاني قبل المسيح تُرجمت المزامير إلى اللغة اليونانية لخدمة اليهود الذين تشتَّتوا في أرجاء العالم المعروف وقتها، وهي الترجمة المعروفة باسم »السبعينية«»الفولجاتا«. وقد أدمجت »السبعينية« والتي عنها أخذ القديس إيرونيموس (جيروم) ترجمته إلى اللاتينية، والمعروفة بـ مزموري 9 و10 في مزمور واحد، كما أدمجت 114 و115 في مزمور واحد. وقسمت كلاًّ من مزموري 116 و147 إلى مزمورين، فبقي عدد المزامير 150 مزموراً.
واحتوت الترجمة السبعينية على مزمور إضافي هو مزمور 151، وله أصل عبري في المخطوطات التي اكتُشفت في الكهف الثاني من كهوف وادي قمران (ونُشرت في 1965-1967). إلا أن النص اليوناني يذكر أن مزمور 151 هو »خارج العدد«. وواضحٌ أن الاختلافات في الترجمة السبعينية عنها في الأصل العبري لا يؤثر على مضمون المزامير، ولكنه يؤثر على »الترقيم« الذي أخذت عنه الفولجاتا وباقي الترجمات التي نُقلت عن الفولجاتا.
قال المعترض: «جاء في مزمور 2:7 «أنت ابني. أنا اليوم ولدتك«. وقال علماء بني إسرائيل، كما قال علماء المسيحيين إن هذه الآية نبوَّة عن المسيح، لأن العبرانيين 1:5 يقول »لأنه لمن من الملائكة قال قطّ: أنت ابني، أنا اليوم ولدتُك؟ وأيضاً: أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً؟«. وهذا يدل على أن المسيح مخلوق، وليس الله».
وللرد نقول: الذي يتأمل في قول الله للمسيح: «أنت ابني. أنا اليوم ولدتك« يرى أن بنوّة المسيح لله غير متوقِّفة على الولادة، لكنها سابقة لها. فبنوّة المسيح لله هي قبل ولادته من العذراء القديسة مريم، للأسباب الآتية:
(1) لم يقل الله للمسيح: «أنا اليوم ولدتك. أنت ابني« بل قال له: «أنت ابني. أنا اليوم ولدتك». وهذا دليل على أن البنوّة سابقة للولادة، كما أنها بدون ولادة. والبنوّة التي بدون الولادة الخاصة بـ«الابن« هي البنوّة الأزلية التي يتميّز بها أزلاً، والتي تعني أن الابن أعلن اللاهوت.
(2) قول الوحي: «أنت ابني، أنا اليوم ولدتك« يعني أن المسيح هو «ابن الله« أولاً أو أصلاً، ثم بعد ذلك وُلد منه في يوم من الأيام. وكل نصف من هذه الآية قائم بذاته، ومستقل في معناه عن غيره، ولذلك يجب أن تُفهم كل منهما على حدة. والكلمة المترجمة «اليوم« في هذه الآية لا تدل على زمن من الأزمنة الأزلية، بل تدل على يوم من الأيام العادية، فلا يُفهم منها أن المسيح مولود من الله في وقت ما في الأزل، كما يقول بعض الهراطقة، بل يُفهم منها أنه موجود معه منذ الأزل، ولكن ظهر أو تجلى في يوم من الأيام، بميلاده في بيت لحم. ولنفهم معنى هذه »الولادة« علينا أن نتأمل كل الآيات التي وردت فيها مع ما قبلها وما بعدها من آيات، لأن هذه هي الوسيلة الصحيحة لفهم كل آية في الكتاب.
(أ) سجَّل داود النبي بالوحي خطاباً من الله إلى المسيح باعتباره ابن الإنسان، جاء فيه: «أنت ابني أنا اليوم ولدتك. اسألني فأعطيك الأمم ميراثاً لك وأقاصي الأرض ملكاً لك« (مزمور 2:1-9).
(ب) قال الرسول بولس لليهود: «إن الله أقام يسوع كما هو مكتوب أيضاً في المزمور الثاني: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك« (أعمال 13:33).
ويتضح لكل من درس أعمال 13 الذي اقتبس هذه الآية، أن كلمة «أقام« هنا لا يُراد بها إقامة المسيح من بين الأموات، بل تنصيبه مخلِّصاً للعالم بعد إقامته من بين الأموات، مثلها في ذلك مثل كلمة «أقام« في الآية «أقام الله لهم مخلِّصاً« (أعمال 13:23) و«أقام« في الآية «وأقام لهم داود ملكاً« (أعمال 13:22). ولكن مما يسترعي الانتباه أن الفعل الخاص بإقامة المسيح مخلِّصاً، يرد في اللغة اليونانية بصيغة المضارع التام، ولذلك يكون المعنى الحرفي للآية أن الله أقام المسيح مخلِّصاً إلى الآن. أما الفعل الخاص بإقامة داود ملكاً فيرد في صيغة الماضي، للدلالة على أن خدمته قد مضت وانتهت. أما خدمة المسيح فباقية إلى انقضاء الدهر.
(ج) وقال لهم: «لمن مِن الملائكة قال قط، أنت ابني أنا اليوم ولدتك؟».. وأيضاً »متى أَدخَل البكرَ إلى العالم يقول: ولتسجد له كل ملائكة الله« (عبرانيين 1:5 و6).
(د) ثم قال لهم: «كذلك المسيح أيضاً لم يمجِّد نفسه ليصير رئيس كهنة، بل الذي قال له أنت ابني أنا اليوم ولدتُك« (عبرانيين 5:5).
فيتضح لنا أن العبارة «أنت ابني، أنا اليوم ولدتك قد استُعملت بمناسبة إعلان سلطان المسيح ومُلكه. ومن قول بولس في أعمال 13:33 يتضح لنا أنها استُعملت بمناسبة إعلان إقامة المسيح مخلِّصاً لجميع الناس. ومن عبرانيين 1:5 و6 يتضح لنا أنها استُعملت بمناسبة الإعلان عن سمو المسيح فوق الملائكة، ومن عبرانيين 5:5 يتضح لنا أنها استُعملت بمناسبة الإعلان عن كهنوت المسيح الذي يفوق كل كهنوت.
مما تقدم يتضح لنا أن الولادة في هذه الآية يُراد بها الإعلان والإظهار. وهذا المعنى ليس غريباً عن مسامعنا، فنحن نعلم أن الولادة يُراد بها معنوياً إظهار غير الظاهر، وإعلان غير المعلَن. والمسيح بسبب وجوده في الجسد كإنسان لم يكن ظاهراً ومعلَناً للناس، كما هو في ذاته، ولذلك كان من البديهي أن يُظهره الله ويعلنه للناس كما هو في حقيقة ذاته وأمجاده، أو بحسب التعبير المجازي أنه «يلده« لهم. والمسيح مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر.
قال المعترض: «جاء في مزمور 2:9 «تحطّمهم بقضيبٍ من حديد. مثل إناء خزاف تكسّرهم«. وهذه نبوَّة عن المسيح الآتي. ولكن هناك نبوَّة أخرى في إشعياء 42:3 تناقضها، تقول: «قصبةً مرضوضة لا يقصف، وفتيلةً خامدة لا يطفئ».
وللرد نقول: لا يوجد تناقض، لكن الآيتين تقدِّمان المسيح في عقابه للخاطئ الذي يرفض التوبة، وفي رحمته على المتواضع التائب الراجع إلى الله. إن المسيح الذي نطق بالويل على الخطاة في لوقا 13:5 بقوله: »إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون« هو نفسه الذي دعا المتعَبين للراحة في متى 11:28، قائلاً: »تعالوا إليَّ يا جميع المتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم«.
قال المعترض: «جاء في مزمور 7:8 «الرب يدين الشعوب. اقضِ لي يا رب كحقي ومثل كمالي الذي فيَّ« ولكنه يناقض نفسه بقوله في مزمور 143:2 «ولا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لن يتبرَّر قدامك حي».
وللرد نقول: في الكتاب المقدس آيات كثيرة تشبه مزمور 7:8 منها قول الملك حزقيا في إشعياء 38:3 »اذكُر كيف سرتُ أمامك بالأمانة وبقلب سليم، وفعلتُ الحسَن في عينيك«. يظن البعض أنها ترفع شأن البر الذاتي أو تفيد الاعتماد على الأعمال الصالحة. بينما نجد في الكتاب فصولاً لا عدد لها تفيد أنه لا يمكن أن يخلُص الإنسان إلا بالنعمة، وأن الأعمال الصالحة لا دخل لها مطلقاً بالخلاص، مثل أفسس 2:8 و9 »لأنكم بالنعمة مخلَّصون بالإيمان، وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحدٌ«.. والتناقض بين هذه النصوص ظاهري فقط. في مزمور 7:8 لا يقول إنه بلا خطية، ولا يقول إن أعماله الصالحة تفتح له باب النعيم، ولا إنه معتمد على برّه الذاتي للخلاص الأبدي، ولكنه فقط يشير إلى براءته من اتهامات معينة. ولماذا لا يحق له هذا؟ إنه لم يرتكب الشرور التي نسبها إليه أعداؤه الوارد ذكرهم في الآيات المتقدمة. فطِلْبته هنا أن يحكم عليه الله وحده، ليبرره من الباطل المنسوب إليه، وليدافع عنه من سوء معاملة أعدائه له ظلماً وعدواناً. فيمكننا إذاً أن نتصور داود هنا كأنه يقول: «يا رب، أنت تعلم أني بريء مما يتهمني به أعدائي، فأظِهْر بِرِّي وصلاحي». ويجب أن لا ننسى أن المؤمن الحقيقي قد يصادف ظرفاً يضطره إلى إعلان براءته مما يُتَّهم به زوراً. وفي هذه الحال لا يكون عمله تباهياً أو تبجُّحاً. ومع أن طاعة المؤمن لله ليست كاملة، غير أن الله يقدّرها إن كانت صادرة عن صدق وإخلاص لله. وصلاة حزقيا في إشعياء 38:3 توضح هذه الحقيقة المهمة، فهو قد خدم الله بإخلاص، وكان يحقّ له أن يشير إلى سلوكه ليُثبت صدق إيمانه بالله. وعلينا أن نذكر قول الكتاب «إن الذين يعيشون بالتقوى يُضطهدون (2تيموثاوس 3:12) فلا يوجد إذاً في كل هذه الآيات ما ينفي أن جميع الناس خطاة، وأنه لا خلاص إلا بالنعمة على أساس الفداء بيسوع المسيح.
قال المعترض: »جاء في مزمور 10:1 »لماذا تقف بعيداً؟« بينما مزمور 46:1 يقول: »الله لنا ملجأ وقوة. عوناً في الضيقات وُجد شديداً«. فهل الله قريب وملجأ، أم هل يقف بعيداً؟«.
وللرد نقول: يتحدث المرنم هنا بأسلوب الكناية، كما يقول الرسول يعقوب: »اقتربوا إلى الله فيقتربَ إليكم« (يعقوب 4:8). فالاقتراب والابتعاد أمر روحي في مشاعر المؤمن وأحاسيسه، وليس مادياً. يُخيَّل للمؤمن في وقت ضيقه أن الله نسيه وابتعد عنه ولم يعُد يسمع صلاته، وذلك لنقص حكمة المؤمن، فإن لكل شيء زماناً، ولكل أمر تحت السماوات وقت (جامعة 3:1). والحقيقة أن الله هو الأمان والملجأ للمؤمن في كل وقت.
اعتراض على مزمور 16:8-11 - اقتباس بطرس الرسول من المزامير
انظر تعليقنا على أعمال 2:25-28
قال المعترض: «جاء في مزمور 18:41 «يصرخون ولا مخلّص. إلى الرب فلا يستجيب لهم«. ولكنه يقول في متى 7:8 «كل من يسأل يأخذ، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يُفتَح له».
وللرد نقول: القارئ السطحي لهاتين الآيتين يجد بينهما تناقضاً ظاهرياً. فالمسيح يقول إن الصلاة لا تذهب عبثاً. بينما المزمور يفيد عدم استجابة كل صلاة. غير أن هذه الصعوبة يسهل حلها، بأن الله يسمع ويستجيب كل صلاة حقيقية (قارن 1يوحنا 5:14 ومتى 21:21 ولوقا 11:5-13)، وهي الصلاة المقترنة بالإيمان، ومن قلب نقي، وبحسب مشيئة الله.
وفي الوقت نفسه توجد صرخات تُرفع إلى الله ولكنها لا تُستجاب، وهي الصرخات الكاذبة، أو مجرد الطلبات الباطلة التي تصدر من الذين يخافون من قوة الرب مجرد خوف ولكنهم لا يهابونه ولا يطيعونه. هؤلاء هم في الواقع أعداء الله المشار إليهم في مزمور 18:41. والكتاب يؤكد لنا أن صلاة الأشرار مرذولة أمامه «إن راعيْتُ إثماً في قلبي لا يستمع لي الرب« (مزمور 66:18). وفي 1صموئيل 28:6 يُقال عن شاول «لم يُجِبه الرب لا بالأحلام ولا بالأوريم ولا بالأنبياء«. فصلاة هؤلاء الناس هي في الواقع ليست صلاة بالمرة لأنهم يهزأون بالصلاة في أوقات السعة، ولكن عندما تفاجئهم الكروب يلجأون إلى الصلاة التماساً للنجاة. فالله في حالة كهذه لا يقبل أن يُمكَر عليه.. وعليه يتلاشى التناقض الظاهري بين هاتين الآيتين. ولكن على القارئ أن يذكر أن الكتاب بقوله كل صلاة تُستجاب يقصد الطلبات الصادقة التي يرفعها إليه أولاده المخلصون.
قال المعترض: «جاء في مزمور 19:7 «ناموس الرب كامل يرد النفس». ويناقض هذا ما جاء في رسالة غلاطية 2:16 «بأعمال الناموس لا يتبرر جسدٌ ما».
وللرد نقول: هدف شريعة موسى أن تشير للإنسان إلى الصلاح، لكنها لا تساعده للوصول إليه. وعندما يحاول الإنسان عمل الصلاح يكتشف عجزه عن بلوغه. وهنا تصبح الشريعة له كالمسطرة التي تبرهن نقصه وعَوَجه، فتقنعه باحتياجه للتغيير والتجديد، فيلجأ إلى المسيح المخلّص ليجد هذا التغيير الذي يمكِّنه من عمل الصلاح الذي يريده الله.. أما«أعمال الناموس« فهي الذبائح التي تشير إلى المسيح الفادي، والتي ترمز إلى عمله الكفاري على الصليب. ومتى جاء المرموز إليه بطل الرمز. فأعمال الناموس هي ظل الشمس الكاملة التي هي فداء المسيح. ولما جاء الفداء بالمسيح بطُل الظل.
قال المعترض: «ورد في مزمور 22:16 «وكلتا يديّ مثل الأسد». وترجمها المسيحيون «ثقبوا يديّ ورجليَّ« ليبرهنوا أن المسيح قد صُلب».
وللرد نقول: الترجمة الصحيحة هي «ثقبوا يديَّ ورجليَّ« فهكذا ترجمتها السبعينية قبل صَلْب المسيح بمئتي سنة، وهكذا ترجمتها الإثيوبية والعربية والفولجاتا والسريانية. والفعل العبري المترجم «ثقبوا« هو «كآرو». أما ترجمة «كأسد« فيجب أن تكون «كآري». ولو أن ترجمة المعترض كانت صحيحة لكان ينقصها الفعل في جملة »لكلتا يديَّ.. مثل الأسد« فكان يجب أن يذكر ما جرى لكلتا يديه.
قال المعترض: »جاء في عنوان مزمور 34 »لداود عندما غيَّر عقله قدام أبيمالك، فطرده، فانطلق«. ولكننا في 1صموئيل 21:12 نرى أن الملك الذي تظاهر أمامه داود بالجنون هو الملك أخيش«.
وللرد نقول: معنى »أبيمالك« أب الملك، وهو لقب وليس اسماً. فيكون أن أخيش هو الملك أبيمالك. وربما كان لأخيش اسمان: أبيمالك وأخيش، كما كان للقاضي جدعون اسمان: جدعون ويربعل (قضاة 6:32 و7:1)، وكما كان للملك سليمان اسمان: سليمان ويديديا، بمعنى حبيب الرب (2صموئيل 15:25).
قال المعترض: «ورد في مزمور 40:6 «أذنيَّ فتحت». فنقل بولس الرسول هذه الجملة في عبرانيين 10:5 «هيَّأت لي جسداً«. وهذا خطأ من الرسول بولس«.
وللرد نقول: لم ينقل بولس الرسول عبارة المزمور بالحرف بل بالمعنى، لأن القول «أذنيّ فتحت« يعني »جعلتني مطيعاً باختياري«. فالأُذُن هو عضو السمع وبالتالي يدل على الطاعة والانقياد، ويقال للعصيان »لم يُمِل أذنه« كما جاء في إرميا 7:22-24 »اسمعوا صوتي.. فلم يسمعوا ولم يميلوا أذنهم«. وعبارة »أذنيًّ فتحت« مأخوذة من وصية في شريعة موسى جاءت في خروج 21:2 و5 تقول: «إذا اشتريتَ عبداً عبرانياً، فستّ سنين يخدم، وفي السابعة يخرج حراً مجاناً.. ولكن إن قال العبد: أحب سيّدي.. لا أخرج حراً.. يقرّبه إلى الباب أو إلى القائمة ويثقب سيده أذنه بالمثقب، فيخدمه إلى الأبد». فالمسيح، كلمة الله الأزلي، اتَّخذ جسداً باختياره (كما أن العبد يقدم أذنه للثَّقب باختياره) وقدّم نفسه ذبيحة وكفّارة عن خطايانا من تلقاء ذاته، فإن جميع الذبائح التي كانت تشير إليه لم تكن كافية للتكفير عن الخطايا. »فبهذه المشيئة (اختيار قبول الجسد للتكفير عن الخطايا) نحن مقدَّسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرَّة واحدة«10:10). (عبرانيين
فعبارة النبي داود وعبارة بولس الرسول تتفقان على أن المسيح تجسّد للتكفير عن الخطايا باختياره. إذاً عبارة النبي داود صحيحة، وبولس الرسول أعرب عن المعنى الذي قصده الروح القدس، وفسّر المعنى العبري.
قال المعترض: «من هو النبي المُشار إليه في مزمور 45:3-5 أنه «متقلدٌ سيفاً على فخذه«؟ لقد تحدَّث المزمور عن علاقة النبي المخاطَب بالعذارى والحظيات وابنة الملك التي في خدرها، وتحدَّث عن أعدائه الذين تخترق قلوبهم نَبْلُه«.
وللرد نقول: الذي يتقلَّد السيف على فخذه ليس نبياً ولا إنساناً، بل هو الرب صاحب العرش الأبدي، وذلك للأسباب التالية:
(1) يخاطب المرنم الله الذي يتقلَّد السيف بقوله في الآية 6 «كرسيُّك يا الله إلى دهر الدهور«. وسيف الله هو كلمته التي هي أمضى من كل سيف ذي حدَّين (عبرانيين 4:12).
(2) ما ورد في مزمور 45 عن العذارى والحظيات وابنة الملك التي في خدرها هو إشارة إلى عروس المسيح الروحية التي هي الكنيسة (رؤيا 21:2). أما أعداؤه في القول «نَبْلك المسنونة في قلب أعداء الملك« فهم إبليس وجنوده، والبشر الذين أثار إبليس غضبهم ليقاوموا المسيح وإنجيله (رؤيا 19:11-21).
(3) جاءت في المزامير نبوات أخرى عن المسيح تشبه هذه (مزمور 2 و72 و110).
قال المعترض: «جاء في مزمور 51:11 «روحك القدوس لا تنزعه منِّي». وهذا يناقض قول يوحنا 7:39 «الروح القدس لم يكن قد أُعطي بعد، لأن يسوع لم يكن قد مُجِّد بعد».
وللرد نقول: كان الروح القدس حاضراً على الدوام في أزمنة العهد القديم، وكان يعلّم الآباء الأتقياء وغيرهم من الصالحين والأنبياء، وقال الرسول بطرس: »لم تأتِ نبوَّةٌ قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس«»ولكنهم تمرَّدوا وأحزنوا روح قُدسه«. والذي يطالع الأصحاحات الأولى من سفر أعمال الرسل يفهم معنى القول في إنجيل يوحنا «لأن الروح القدس لم يكن قد أُعطي بعد« (2بطرس 1:21). ولما لم يسمع بنو إسرائيل صوت الله قيل عنهم في إشعياء 63:10 فهو يشير إلى حلول الروح القدس بذلك المعنى الخصوصي، لأن رجال العهد القديم لم يشعروا بحضور الروح القدس بينهم وتأثيره كما شعر الرسل والكنيسة التي أسسوها (أعمال 2 و10:44 و45). والفرق بين بني إسرائيل والكنيسة المسيحية هو أن بني إسرائيل كانوا كبئر مختوم مقصور نفع مائه عليه. وأما الكنيسة فكانت مياهاً جارية لنفع العالم بأسره.
وهناك فرق آخر، هو أن الروح القدس كان لا يُعطى في العهد القديم إلا لفئة خاصة، كالأنبياء وخدام الله. أما في العهد الجديد فقد أُعطي للجميع على السواء: للعبيد والإماء، للرجال والنساء «لكل بشر« كما تنبأ يوئيل النبي (يوئيل 2:28) وتحقق في أعمال 2:17 و18.
قال المعترض: «سقطت آيةُ مزمور 72:20 التي تقول: «تمَّت صلوات داود بن يسّى». فإن الذين قالوا إن المزامير وحي لداود أسقطوها، والذين قالوا إنها وحي لداود وغيره ألحقوها بالمزمور».
وللرد نقول: قسم علماء الدين اليهود المزامير إلى خمسة أقسام، وتختم هذه الآية القسم الثاني منها، فالقسم الأول هو مزمور 1-41، والثاني 42-72. وقد تعني الآية أن هنا نهاية القسم الثاني من المزامير، أو أن القسمين اللذين يحويان أغلبية مزامير داود قد انتهيا. وواضح من عناوين المزامير أن داود كتب 73 مزموراً، منها مزامير ضمن القسمين الأوَّلين، وأخرى ضمن الأقسام الثلاثة الأخرى. وكتب معه آساف وبنو قورح وسليمان وموسى. وتوضح عناوين المزامير أن داود لم يكتب المزامير كلها. وهذا يوضح بطلان اعتراض المعترض. والآية التي يشير إليها المعترض لا تعطي شريعة ولا تؤيد عقيدة، ولا تناصر طائفة دينية على طائفة دينية أخرى، فليس هناك غرض لمن يضيفها، ولا غرض لمن يحذفها. وهي موجودة في ترجمتنا العربية، لأنها موجودة في أقدم النسخ العبرية. وقول المعترض إن المترجمين أسقطوها يدل على وجودها في الأصل، والأصل الذي يُرجَع إليه موجود. فإذا ذُكِر في بعض النُسخ أن مزمور 72 هو مزمور 71 فهذا لا يدلُّ على إسقاط شيء، بل إنه ضمَّ مزمورين معاً، وعوضاً عن أن يجعلوهما مزمورين جعلوهما واحداً بدون فاصل، اختفت من بينهما »تمت صلوات داود بن يسى«.
قال المعترض: «جاء في مزمور 76:10 «لأن غضب الإنسان يحمدك». وهذا يناقض ما جاء في يعقوب 1:20 «غضب الإنسان لا يصنع برَّ الله».
وللرد نقول: قصد المرنم أن الله صاحب السلطان في السماء والأرض، وأنه يحوّل غضب الإنسان وشرَّه إلى ما يمجّده، ويجلب الحمد لاسمه. وقد ذكر المرنم عبارته في المزامير ليعزّي شعب الله ويشجعهم إن ثار أعداؤهم عليهم، لأن الله سيحوّل غضب أعدائهم لخيرهم ولمجده. ومثال ذلك ما حدث مع فرعون عندما غضب على بني إسرائيل (خروج 9:16 و17).
أما الرسول يعقوب فيتكلم عن تأثير غضب الإنسان على نفس الإنسان الغضوب. إنه لا يصنع برّ الله لأنه يخالف أوامر الله ووصاياه.
قال المعترض: «ورد في مزمور 78:65 و66 «فاستيقظ الرب كنائم، كجبّار معيّط من الخمر، فضرب أعداءه إلى الوراء جعلهم عاراً أبدياً». وهذه صفات يجب ألاَّ تُنسب لله».
وللرد نقول: إن كل صفة تستحيل نسبتها إلى الله تُفسَّر بلازمها، والإمام فخر الدين الرازي قال: «إن جميع الأغراض النفسانية، أعني الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء، لها أوائل، ولها غايات. مثاله: الغضب، فإن أوله غليان دم القلب، وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب عليه. فلفظ الغضب في حق الله لا يُحمَل على أوَّله الذي هو غليان دم القلب، بل على غرضه: الذي هو إرادة الإضرار. وكذلك الحياء له أول وهو انكسارٌ يحصل في النفس، وله غرض هو ترك الفِعل. فلفظ الحياء في حق الله يُحمَل على ترك الفعل لا على انكسار النفس. وكذلك إسناد اليقظة إلى الله، فإن اليقظة لها أول ولها آخر، فأوَّلها إبعاد الغشية الثقيلة التي تهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة بالأشياء، وغايتها إجراء المقاصد والأعمال والنظر في الأمور ومعرفتها. ولا تُحمَل اليقظة في حق الله على أولها، بل على غرضها وغايتها«. وعلى نفس القياس نقول إن المرنم في مزمور 78 شبَّه إمهال الله ولطفه للطاغين والمقاوِمين له وعدم إيصال الضرر إليهم بنائم، فإن النائم لا يضر ولا يغضب.
قال المعترض: «جاء في مزمور 82:6 «أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم». وهذا منقوض بقوله في إشعياء 45:5 «أنا الرب وليس آخر. لا إله سواي».
وللرد نقول: في آية المزامير تحدَّث الله إلى القضاة ودعاهم «آلهة« لأنهم يحكمون على الشعب، فيطلقون سراح واحد ويحكمون على الثاني بالموت. و«آلهة« في صيغة النكرة. أما الله فهو المعرَّف بأل، الذي لا إله سواه. ويحكم القضاة بحسب شريعة الرب، وبتكليف منه، كما قال الملك يهوشافاط للقضاة: «انظروا ما أنتم فاعلون لأنكم لا تقضون للإنسان بل للرب، وهو معكم في أمر القضاء (2أخبار 19:6). وقال موسى: «لا تنظروا إلى الوجوه في القضاء».. لا تهابوا وجه إنسان، لأن القضاء لله« (تثنية 1:17). وسُمّي الرئيس النائب عن الله إلهاً (خروج 4:16 و7:1). والله يقول للقضاة هنا: «أنا أحكم في القضاء في يوم الدين، وأنتم تحكمون في القضاء على الأرض الآن. وكما أني عادل كونوا أنتم أيضا عادلين. وضعتُ في يدكم ميزان العدل فلا تجعلوا كفةً تميل عن الأخرى، كما أن الميزان في يدي أنا لا يختل».
انظر تعليقنا على خروج 7:1 وخروج 23:20 و21 تحت رقم (2).
قال المعترض: «جاء في مزمور 89:39 «نقضْتَ عهد عبدك. نجّسْتَ تاجه في التراب». فهل يُخلِف الله وعده؟!«.
وللرد نقول: ورد في آية 34 أن الله لا ينقض عهده مع شعبه إذا وفّوا بعهودهم وأطاعوا أوامره. فوعد الله مشروط. فإذا حادوا عن الطريق القويم باقتراف الشرور، واستمروا على العناد تخلّى عنهم، ولا يكون إلهاً لهم. فالله لا يُخلف وعده، وإنما إخلاف الوعد هو منّا نحن الخطاة، لأننا نقترف الإثم كل يوم، وننسى ما تعهّدنا به لله من حفظ وصاياه. فإذا عاد الخاطئ إلى رُشده وتاب يجد أن الرب لا يزال يحفظ عهده.
قال المعترض: «هناك تناقض بين مزمور 102:24 «أقول: يا إلهي، لا تقبِضني في نصف أيامي« وهذا يُظهر أن عمر الإنسان محدَّد من الله. ولكن جاء في أفسس 6:2 و3 «أكرم أباك وأمك، التي هي أول وصية بوعد، لكي يكون لكم خير وتكونوا طوال الأعمار على الأرض« مما يُظهر أن العمر غير محدود».
وللرد نقول: معروفة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله، وقد «حَتَمَ بالأوقات المعيَّنة وبحدودٍ مسكنهم« (أعمال 17:26)، ولا يخفى عن علمه السابق وعن قضائه شيء. وهناك عوامل لتنفيذ قضائه منها الطاعة التي تعطي طول العمر، كما قال: « لا تَنْسَ شريعتي، بل ليحفظ قلبك وصاياي، فإنها تزيدك طول أيام وسني حياة وسلامة« (أمثال 3:1 و2). لا تناقض هناك، بل معروف عند الله منذ الأزل أن الذي سيكرم والديه، هو الذي منحه الله منذ الأزل طول العمر.
غير أن طول الأيام لا يعني حقاً كثرة سني العمر، فقد يعيش إنسان خمسين عاماً تكون كلها مثمرة وراضية، يشعر الإنسان فيها أنه عاش ليس فقط خمسين سنة بل مائة وخمسين. وعندما يحين أجله يحمد الله ويشعر بالرضا، إذ أنه يموت شبعان الأيام، وكأنما أطال الله عمره. بينما هناك من طال عمره حتى بلغ المائة، وحين يحين أجله يشعر أنه مات ناقصاً عمراً، أو أن العمر فرّ من بين يديه. ومن يكرم أباه وأمه يعطيه الله حياة هانئة يطول معها شعوره بالسعادة.
قال المعترض: «في مزمور 112:1-3 «هللويا. طوبى للرجل المتقي الرب، المسرور جداً بوصاياه. نسله يكون قوياً في الأرض. جيل المستقيمين يُبَارك. رغَدٌ وغِنى في بيته، وبرُّه قائم إلى الأبد« ولكن هذا منقوض بقول المسيح في يوحنا 16:33 «قد كلمتُكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق. لكن ثقوا. أنا قد غلبت العالم».
وللرد نقول: (1) يُسَرُّ الله أن يبارك شعبه، لأنه إن كانت رحمته تشمل الأثمة والظالمين، فلا يمكن أن يغفل المتكلين عليه. ومزمور 112 يتضمن العطايا والبركات التي يسبغها الله على أولاده.
(2) الضيقات التي قصدها المسيح متنوعة، منها محاربة إبليس للمؤمن، فيجد المؤمن نفسه في حرب داخلية، إذ يشتهي جسده ما تبغضه روحه. وقد يكون الضيق عوزاً مادياً. وقد يكون اضطهاداً من البشر. وفي هذه جميعها ينتصر المؤمن بقوة الروح القدس، فيشكر في كل حين على كل شيء.
(3) مواعيد الله للكنيسة تختلف عن مواعيده لبني إسرائيل، فقد اعتبر اليهود بركات الله مادية وروحية، أما الكنيسة فقد يقتضي صالحها عدم تمتُّعها بالغِنى المادي وسائر الامتيازات الأرضية. وهل كان يمكن أن تمتد الكنيسة وتتسع بهذا المقدار لو كان المسيحيون الأولون ذوي ثروة طائلة ونفوذ سياسي؟ كلا! بل في بدء تاريخها لم يكن فيها كثيرون حكماء بحسب الجسد ولا كثيرون أقوياء ولا كثيرون شرفاء. وقد وضع المسيح أساس كنيسته في الضيقات والشدائد التي كان لا بد منها لبنائها وامتدادها. ولا يفوتنا أن دم الشهداء كان بذار الكنيسة. ولولا إراقة ذلك الدم لبقيت الكنيسة قاصرة على جماعة قليلة في أرض فلسطين. فكثيراً ما يستلزم امتداد ملكوت الله اجتياز أولاده في ضيقات شتى.
(4) كثيراً ما يقتضي صالح المؤمن كفرد حرمانه من الغنى المادي، لأنه يؤدي إلى الكبرياء. وقد دلَّ الاختبار على أن بعض المؤمنين إذا أُتيح لهم نجاح وقتي، ينسون حاجتهم إلى الاتكال على الله. وكثيراً ما يجعل الله المؤمنين فقراء بسطاء ليحفظهم من الانحطاط الروحي. وعلى المؤمن أن يذكر ما جاء في 1تيموثاوس 6:10 »لأن محبة المال أصلٌ لكل الشرور، الذي إذ ابتغاه قومٌ ضلّوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاعٍ كثيرة«. فبفضل تأملات كهذه يسهل جداً التوفيق بين هذه الآيات. ويستطيع المؤمن أن يقول من كل قلبه «فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع» (فيلبي 4:19). وإن كان بحسب حكمته الفائقة لا يعطيني إلا احتياجاتي الضرورية فأنا لا أشك في محبته.
(5) يكون نسل التقي قوياً في الأرض، يباركه الرب بالرضا والسعادة. وهذه أمور يدركها كل من يتَّقي الله ويحيا مستقيماً. ولكن هذا لا يعني أنهم سيعيشون في سلام، فما أكثر الحاقدين. غير أن المتقين لن ينالهم شر الأشرار، لأن الله يجعل سهام الأشرار تطيش، ويرتدّ شرّهم عليهم.
قال المعترض: »من المقصود بالقول الوارد في مزمور 118:22 »الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية؟«.
وللرد نقول: فسَّر المسيح المقصود بالحجر المرفوض أنه يشير إلى شخصه الكريم، وذلك في المثل الذي ضربه في متى 21:33-46 عن الكرامين الأردياء. فقد أرسل الملك عبيده ليأخذوا ثمر الكرم، فجلدهم الكرامون ورجموهم وقتلوهم، فأرسل إليهم ابنه، لعلهم يهابونه. لكنهم قتلوا الابن ليأخذوا ميراثه.. وواضح أن الكرامين الأردياء في هذا المثل هم اليهود، والعبيد هم الأنبياء، وأخيراً الابن الذي هو المسيح. وقد فهم المستمعون أنه يقصدهم (متى 21:45) فحاولوا إلقاء القبض عليه، ولكنهم خافوا من الشعب.
قال المعترض: «جاء في مزمور 145:13 «مُلْكك مُلك كل الدهور، وسلطانك في كل دورٍ فدور». وهذا عن ملكوت المسيح، كما يستدل من عبرانيين 1:8 و2بطرس 1:11. ولكن هذا منقوض بما جاء في 1كورنثوس 15:24 أن المسيح سيسلِّم المُلك لله الآب، وفي آية 28 و»يخضع المسيح نفسه للذي أخضع له الكل، كي يكون الله الكل في الكل».
وللرد نقول: جاء ذكر مُلك المسيح في الكتاب المقدس بثلاثة معانٍ:
(1) ما يخصُّه بكونه إلهاً. فهذا مُلكٌ عام على كل المخلوقات، وهو باقٍ له أبداً، فلا يسلمه.
(2) ما له باعتبار كونه ابن الله المتجسد رأس شعبه المُفتدَى وربّه. وهذا أيضاً باقٍ إلى الأبد، فهو في وسط العرش يرعاهم (رؤيا 7:17).
(3) المُلك الذي أخذه بعد قيامته، جزاء اتضاعه الاختياري، وقيامه بعمل الفداء الكامل، والذي قال المسيح عنه: »دُفع إليَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض« (متى 28:18)، والذي قال الرسول بولس عنه »فوق كل رياسة وسلطان وكل اسم يُسمَّى ليس في هذا الدهر فقط، بل في المستقبل أيضاً« (أفسس 1:21). وهذا هو المُلك الذي سيسلّمه المسيح، لأنه في حال تجسُّده أخذ قوة من الله تمكّنه من القيام بعمل الفداء الكامل. فلما كمل هذا العمل الخاص لم تعُد هناك حاجة للسلطان الخاص اللازم للقيام به. فيليق إذاً أن يسلّمه لله الآب. وهذا يعني أنه بعد إتمام عمل الفداء لا يبقى عمل خاص لكل أقنوم من أقانيم الثالوث الأقدس، فيكون السلطان كله كما كان قبل الشروع في عمل الفداء لله الواحد الأزلي مثلث الأقانيم أب الجميع.
أما قوله: «فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل« فمعناه تسليم الابن السلطان الذي وُكِّل إليه وقتياً. وقوله: «كي يكون الله الكل في الكل« أي أن الواحد الأحد الأزلي الأبدي المثلث الأقانيم سيملك على الكل خلافاً لما كان منذ قيامة المسيح إلى الآن وما سيكون إلى يوم الدين، لأن الله في تلك المدة يسوس العالمين بواسطة المسيح.
قال المعترض: «مَن المقصود في مزمور 149، و ما هي الترنيمة الجديدة تسبيحته في جماعة الأتقياء المذكورة في أول المزمور، ومن هو الملك المكتوب عنه في الآية الثانية »ليبتهج بنو صهيون بملكهم«، وما هو السيف ذو الحدين المذكور في الآية السادسة؟».
وللرد نقول: المقصود بالرب الملك هو الله الخالق، فقد قالت الآية الثانية »ليفرح إسرائيل بخالقه. ليبتهج بنو صهيون بملكهم«. أما الترنيمة الجديدة فهي ترتيلة تعبِّر عن فرحة الأتقياء بالرب، لأن الترنيم مستعمل في العبادتين اليهودية والمسيحية، وهي ترنيمة جديدة قديمة الأصل. أما السيف ذو الحدين فهو كلمة الله حسب نص الآية السادسة »تنويهات الله (أي مدح الله) في أفواههم، وسيف ذو حدَّين في يدهم«. »لأن كلمة الله حيَّةٌ وفعَّالة وأمضى من كل سيف ذي حدَّين« (عبرانيين 4:12).
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفر الأمثال
قال المعترض: «يقولون إن سليمان الحكيم هو كاتب سفر الأمثال، ولكن إلى جوار اسمه المذكور في أمثال 1:1 و10:1 و25:1، هناك أسماء أخرى مذكورة في السفر تبيِّن أن آخرين اشتركوا في كتابته، بعضهم موصوف بالحكماء، مثل »اسمع كلام الحكماء« (أمثال 22:17)، و»هذه أيضاً للحكماء« (أمثال 24:23)، وهناك »كلام أجور ابن مُتَّقية مسّا. وحي هذا الرجل إلى إيثيئيل، إيثيئيل وأُكّال« (أمثال 30:1)، وهناك »كلام لموئيل ملك مسّا« (أمثال 31:1)».
وللرد نقول: لا يقول سفر الأمثال إن سليمان كتب السفر كله، ولكن الواضح أن أغلبية السفر هي من كتابته، فعُزي السفر إليه من باب التغليب، كما قيل إن سفر المزامير هو لداود، من باب التغليب أيضاً. ونقرأ في 1ملوك 4:30 و32 »وفاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق، وكلَّ حكمة مِصر.. وتكلم بثلاثة آلاف مثل، وكانت نشائده ألفاً وخمساً«. وواضح أن هذه كلها لم تكن وحياً مقدساً، لأنها لو كانت وحياً لسجَّلها لنا الروح القدس. ويتكوَّن سفر الأمثال من ستة أقسام: أولها الأصحاحات التسعة الأولى، وهي حكمة موجَّهة من أب إلى أبنائه، وتتكرر فيها كلمات »اسمع يا ابني« (1:8). والقسم الثاني وهو الأطول، ويشغل من أصحاح 10:1 إلى 22:16 وتبدأ بالقول »أمثال سليمان« . ومن أصحاح 22:17 إلى 24:33 نجد القسم الثالث وهو »كلام الحكماء«. أما القسم الرابع فمن أصحاح 25 إلى 29 وعنوانه »هذه أيضاً أمثال سليمان التي نقلها رجال حزقيا ملك يهوذا«. ثم القسم الخامس وهو »كلام أجور ابن متَّقية مسّا« الذي كتبه لرجلين هما إيثيئيل وأُكّال« ويشغل أصحاح 30. والقسم السادس والأخير هو أصحاح 31 وهو من كلام لموئيل ملك مسا، والأغلب أنه شقيق أجور الحكيم كاتب الأصحاح الثلاثين.
قال المعترض: «جاء في الأمثال 8:22-24 «الربُّ قَناني أوَّلَ طريقه، من قَبْل أعماله منذ القِدَم. منذ الأزل مُسِحْتُ، منذ البدء، منذ أوائل الأرض. إذ لم يكن غمرٌ أُبدئتُ، إذ لم تكن ينابيعُ كثيرةُ المياه». وقال علماء بني إسرائيل إن هذه الآيات نبوَّة عن المسيح، وهي تبرهن أن المسيح مخلوق».
وللرد نقول: لا تدل هذه الآيات على أن أقنوم «الابن« قد وُلد، بل على أنه كان موجوداً منذ الأزل، لأن قوله «قناني« منذ الأزل، يدل على وجوده منذ الأزل، إذ أن الشيء لا يُقتنى إلا إذا كان أولاً موجوداً. أما اقتناء الله (أو اللاهوت) له أول طريقه، من قَبْل أعماله، منذ الأزل، فذلك لأن أقنوم الابن هو الذي يُظهر الله ويُعلن مقاصده ويتممها. ولا يُراد بالاقتناء هنا المعنى الحرفي الذي هو الحيازة أو التملُّك، بل المعنى الروحي الذي يتوافق مع وحدانية الله وثباته، واستغنائه بذاته عن كل شيء في الوجود، وهذا المعنى ينحصر في ظهور اللاهوت في أقنوم الابن، وإتمام مقاصده فيه منذ الأزل.. والقول: «منذ الأزل مُسحت .. إذ لم يكن غمر أُبدئت» يعني أن المسيح ممسوح بالدهن، وهو اصطلاح ديني ُُيُقصد به تعيين شخص في وظيفته، وفق مشيئة الله. وهذه الآية أيضاً لا تدل على أن الابن خُلق في الأزل، بل على أنه كان موجوداً في الأزل، لأن عبارة «منذ الأزل مُسحت« أو «عُيِّنت« تبرهن أنه كان موجوداً في الأزل، لأن الذي «يُمسح« أو «يُعيَّن« يجب أن يكون أولاً موجوداً. كما أن كلمة «أُبدئْتُ« لا تعني «خُلِقْتُ« على الإطلاق، فهي تعني «أُظهرت« أو «أُعلنت« أو «وُلدت«. ومن البديهي ألا يكون الأمر سوى ذلك، لأن أمثال 8 يتحدث عن «الابن« بوصفه حكمة الله. وليس من المعقول أن يكون الله بلا حكمة أصلاً أو أزلاً، ثم يصنع لنفسه، أو يخلق لها الحكمة في وقت من الأوقات! فمن المؤكد أنه متميّز بالحكمة أصلاً أو أزلاً، لأن هذا هو ما يتوافق مع كماله وعدم تعرُّضه للتغير أو التطور.
راجع تعليقنا على مزمور 2:7
اعتراض على أمثال 12:21 - لا يصيب الصدِّيق شر
انظر تعليقنا على أيوب 2:3
قال المعترض: «جاء في الأمثال 16:4 «الربُّ صنع الكل لغَرَضه، والشرير أيضاً ليوم الشر». وهذا يناقض ما جاء في 1كورنثوس 10:13 «لم تصبكم تجربة إلا بشرية».
وللرد نقول: يقارن المعترض بين آيتين تعالجان موضوعين مختلفين، فالأمثال 16:4 تتحدث عن الشرير بينما تتكلم آية 1كورنثوس 10:13 عن المؤمن الذي يحب الله. والله يتعامل مع المؤمنين بطريقة تختلف عن طرق معاملته مع الأشرار. يقول الحكيم سليمان إن الله أبقى الشرير في الأرض لليوم الذي يحصد فيه ما زرعه من شرور، فيحل به العقاب الذي يستحقه، فيصنع الرب به ما صنعه هو لنفسه. وهذا يشبه قول أيوب 21:30 «ليوم البوار يُمْسَك الشرير. ليوم السَّخط يُقادون». أما قول الرسول بولس فيعني أن التجربة التي تصيب المؤمنين ليخطئوا هي «بشرية« مما يتعرض له البشر. ولكن الله لا يسمح للمؤمنين بتجارب لا تحتملها طبيعتهم البشرية.
قال المعترض: »الأصحاحات 22-24 من سفر الأمثال مقتبسة من كتاب »حكمة أمينيموب« المصري، الذي اكتُشف عام 1888، ولا يمكن أن تكون من كتابة سليمان«.
وللرد نقول: هناك تشابه في الأفكار بين حكمة أمينيموب وهذه الأصحاحات. ومع أن حكمة أمينيموب قيلت في مصر في القرن العاشر قبل الميلاد إلا أن الدراسات أوضحت أنها سُجِّلت كتابةً بعد كتابة سفر الأمثال. فيكون أن سفر الأمثال سابق لها. ولا يوجد دليل على أن سليمان اقتبس من أمينيموب. وكان أمينيموب يؤمن بتعدد الآلهة، وكاتب الأمثال من أهل التوحيد، فلا نتوقَّع منه أن يقتبس من كاتب يعبد أوثاناً. كل ما في الأمر أن سفر الأمثال وسفر حكمة أمينيموب يعالجان موضوعاً واحداً هو التصرف الحكيم، فحدث توارد خواطر. والله هو مصدر كل حكمة وكل حق في كل مكان.
قال المعترض: «هناك تناقض بين ما جاء في أمثال 26:4 «لا تجاوب الجاهل حسب حماقته، لئلا تَعْدِلَهُ أنت« وبين ما جاء في الآية التالية لها: «جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيماً في عين نفسه».
وللرد نقول: تنصح الآية الأولى بعدم مناقشة الجاهل بأسلوبه الأحمق، وإلا صار الناصح معادلاً ومساوياً ومشابهاً للجاهل الأحمق الذي يقدم له النصيحة. وتنصح الآية الثانية بضرورة مجاوبة الجاهل، لئلا يظن أن قضيته ومركزه قويان، فيتمادى في غيّه وحمقه وضلاله.. فعلى الحكيم أن يجاوب الجاهل بحسب ما تقتضيه حماقته، لئلا يظن نفسه حكيماً، على ألاّ تكون الإجابة بمثل أسلوب الجاهل الأحمق.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفر الجامعة
قال المعترض: «اختلفوا في الشخص الذي كتب سفر الجامعة، وقالوا إنه ليس سليمان، لأنه يقول في جامعة 1:12 «أنا الجامعة، كنت ملكاً على إسرائيل في أورشليم« وفي (1:16) «أنا ناجيت قلبي قائلاً: ها أنا قد عظُمْتُ وازددتُ حكمةً أكثر من كل من كان قبلي على أورشليم» وقيل إن الكاتب مواطن عادي لأنه يقول في 4:13 »ولدٌ فقير وحكيم خيرٌ من ملك شيخ جاهل«.
وللرد نقول: يتضح من الآية الأولى في السفر أن كاتبه هو سليمان، إذ تقول: »كلام الجامعة ابن داود الملك في أورشليم«. و»الجامعة« معناه الواعظ أو الكارز. والقصد أن سليمان لا يكتب هذا السفر كملك، بل كحكيم، كما كتب الإمبراطور ماركوس أوريليوس »التأملات« لا كإمبراطور، بل كفيلسوف رواقي. وما جاء في جامعة 1:12 «أنا الجامعة، كنت ملكاً على إسرائيل في أورشليم« يعني به »كنت ملكاً على إسرائيل في أورشليم«»فاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق وكل حكمة مصر« (1ملوك 4:30). وفي جامعة 2:4-9 يصف عظمة مملكته، وفي 12:9 و10 يقول إنه علَّم الشعب عِلماُ ووزن وبحث وأتقن أمثالاً كثيرة. ومع ذلك فقد وجد أن الكل باطل وقبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس! فالكاتب هو سليمان. ويكون سليمان قد كتب بعد أن تقدَّم في الأيام. وهو يسترجع ذكريات أيامه الأولى عندما تولى العرش. أما ما جاء في 1:16«أنا ناجيت قلبي قائلاً: ها أنا قد عظُمْتُ وازددتُ حكمةً أكثر من كل من كان قبلي على أورشليم» فلا يقصد به الملوك الذين سبقوه، بل الحكماء السابقين له، فقد
قال المعترض: »لو كان سفر الجامعة وحياً إلهياً لكان العهد الجديد اقتبس منه«.
وللرد نقول: اقتبس كُتّاب الإنجيل من العديد من كتب العهد القديم، ولكنهم لم يقتبسوا من بعض الأسفار مثل راعوث وسفري الأخبار وأستير ونشيد الأنشاد والجامعة. ولكن اليهود والمسيحيين يعتبرون هذه أسفار موحى بها من الله. ولم يكن اقتباس العهد الجديد من العهد القديم معياراً لقانونية السفر، بل كان المعيار أن روح الله أوحى لكاتبه. ومع أن العهد الجديد لا يحوي اقتباساً مباشراً من سفر الجامعة، إلا أن الحقائق الواردة به واردة أيضاً في العهد الجديد. فحقيقة أن ما يزرعه الإنسان يحصده موجودة في جامعة 11:1 وغلاطية 6:7، وحقيقة التحذير من الشهوات الشبابية موجودة في جامعة 11:10 و2تيموثاوس 2:22، وحقيقة حتمية الموت موجودة في الجامعة 3:2 وعبرانيين 9:2، وحقيقة أن محبة المال شر موجودة في الجامعة 5:10 و1تيموثاوس 6:10.
قال المعترض: »كيف يكون سفر الجامعة وحياً إلهياً وهو يثير أسئلة يائسة، مثل القول في 1:2 »باطل الأباطيل، قال الجامعة، باطل الأباطيل، الكل باطل«؟«
وللرد نقول: سفر الجامعة حوار، يشرح فيه الواعظ المدعو بالجامعة حقائق الحياة، ويوضح طريق السعادة الحقيقية. فلا يمكن أن نأخذ منه آيةً في غير قرينتها، ودون أن نُتبِعها بما بعدها من آيات. فمثلاً عندما يقول الجامعة إن الكل باطل يعقِّب على هذا بالقول: »ولا منفعة تحت الشمس« (جامعة 2:11). فالفائدة هي في الأبديات فوق الشمس، في الإلهيات وليس في الدنيويات. ويختم الجامعة سفره بالنصيحة الخالدة »فلنسمع ختام الأمر كله: اتَّقِ الله واحفظ وصاياه، لأن هذا هو الإنسان كله« (جامعة 12:13).
قال المعترض: »كيف يقول الجامعة »ليس تحت الشمس جديد« (جامعة 1:9)؟«.
وللرد نقول: كل الأشياء موجودة بحكمة الله وعلمه، وكل اكتشاف جديد للبشر هو إنارة من الله للإنسان يعرف به جديداً لم يكن الإنسان يعرفه من قبل. لكن كل شيء قديم عند الله، فليس تحت الشمس جديد. وبالطبع هناك أشياء جديدة في عالمنا من اختراعات وأعمال إلهية، ولكن ليس »تحت الشمس« جديد من محاولة الحصول على السعادة، فالبعض يرى سعادته في المعرفة أو السلطة أو المال أو الخمر أو الجنس. وهذه كلها لا تشبع أحداً، ولكن البشر سيظلون يسعون وراءها.
قال المعترض: »جاء في جامعة 1:18 »في كثرة الحكمة كثرة الغم، والذي يزيد عِلماً يزيد حزناً«. ولكن أمثال 3:13 يقول »طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة، وللرجل الذي ينال الفهم«.
وللرد نقول: يتوقَّف الأمر على هدف الحصول على الحكمة والفهم والمعرفة، فالذي يطلبها »تحت الشمس« لإشباع شهواته الأنانية يزيد غماً. أما الحكمة التي تهدف إلى »مخافة الرب«»الخاطئ وإن عمل شراً مئة مرة وطالت أيامه، إلا أني أعلم أنه يكون خيرٌ للمتَّقين الله الذين يخافون قدامه«. (أمثال 1:7) فهي الحكمة التي تمنح السعادة، وقد أورد سفر الجامعة هذه الحقيقة في 8:12
قال المعترض: »جاء في جامعة 2:2 »للضحك قلتُ مجنون، وللفرح ماذا يفعل؟« وقال في 7:3 »الحزن خيرٌ من الضحك، لأنه بكآبة القلب يُصلَح القلب«. وهذا يناقض ما جاء في الجامعة 8:15 »فمدحتُ الفرح، لأنه ليس للإنسان خيرٌ تحت الشمس إلا أن يأكل ويشرب ويفرح«، وقول سفر الأمثال 17:22 »القلب الفرحان يطيِّب الجسم، والروح المنسحقة تجفِّف العظم«.
وللرد نقول: الضحك المجنون هو الذي يصدر في وقت غير مناسب، وشر البلية ما يضحك. فقد يضحك شخص وهو يرى غيره يقع في حفرة. ويفرح الشرير وهو يرى الصالح يتألم.. وهناك فرح مؤذٍ وفرح نافع، ويظهر الفرق بينهما من القول: »لكل شيء زمان، ولكل أمر تحت السماوات وقت.. للبكاء وقت وللضحك وقت. للنوح وقت وللرقص وقت« (جامعة 3: 1 و4). فالضحك والفرح أحد أساليب التمتع بالحياة، ولكنهما يكونان ضارَّين إن كانا هدفاً في ذاتيهما. والضحك والفرح طريقان للتعبير عن السعادة، ولكنهما يؤذياننا لو اعتبرناهما طريق تحقيق السعادة، ولو كان هذا على حساب مشاعر الآخرين. والضحك الناتج عن السخرية بالآخرين مؤذٍ للضاحك والمضحوك منه، لكنه يكون نافعاً لو كان فرحاً مع الفرحين.
قال المعترض: «جاء في جامعة 3:19 و20 «لأن ما يحدث لبني البشر يحدث للبهيمة، وحادثة واحدة لهم. موت هذا كموت ذاك، ونسمة واحدة للكل. فليس للإنسان مزية على البهيمة لأن كليهما باطل. يذهب كلاهما إلى مكان واحد. كان كلاهما من التراب وإلى التراب يعود كلاهما». ولكن هذا منقوض بما جاء في يوحنا 5:28 و29 «لا تتعجبوا من هذا، فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة».
وللرد نقول: سفر الجامعة حوار بين سائل يريد أن يعرف، وفيلسوف حكيم يشرح الحقائق. وصاحب السؤال يقارن بين البشر والبهائم، والحكيم يرد عليه ويوضح خلود الإنسان. وقد وُجد في كل عصر أُناسٌ يعلِّمون بفناء النفس، وعليه يكون رجاء القيامة باطلاً. لكن القارئ المدقق للجامعة 3:19 و20 يرى أنه لا يقول بفناء النفس، ولكنه يبين أنه كما تموت البهيمة هكذا يموت الإنسان. وكلاهما يمضي إلى مكان واحد، بمعنى أن كليهما من التراب وإلى التراب يرجعان. ولا يخفى أن المقصود بهذه الإشارة انحلال الجسم الذي يتبع الموت. أما النفس فحالها مختلف، فهو يقول في 12:7 «فيرجع التراب إلى الأرض كما كان، وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها« وهذا يعلّم عن خلود النفس ورجوعها إلى الله.
أمامنا إذاً حقيقتان ثابتتان: (1) وقوع الموت الجسدي على الناس والبهائم، مع مشابهة كبيرة بحسب الظاهر من جهة مصيرهما. (2) رجوع نفس الإنسان إلى الله على أثر الموت. فالنفس إذاً خالدة. وعليه نرى أن اتهام الجامعة بإنكار خلود النفس مجرد تخيُّل لا أساس له.
قال المعترض: »جاء في جامعة 7:16 »لا تكن باراً كثيراً، ولا تكن حكيماً بزيادة. لماذا تخرب نفسك؟«. وهذا يناقض قول المسيح: »كونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل««. (متى 5:48)
وللرد نقول: المقصود بالبار كثيراً الشخص الذي يغالي في بره ويتطرف فيه، وطائفة الفريسيين من اليهود خير مثال لذلك، فقد كانوا أبراراً بزيادة حتى اعتمدوا على بر أنفسهم، فحقَّ عليهم الوصف »لأنهم إذ كانوا يجهلون بر الله، ويطلبون أن يثبتوا برَّ أنفسهم، لم يخضعوا لبر الله« (رومية 10:3). وكان الفريسي الذي يتطرف في بره يرفض أن يرى امرأة في الطريق لئلا تفتنه، فكان يغلق عينيه حين لا يراها، ولو أدى به الأمر أن يتعثَّر أو يصطدم بعامود في الطريق!
قال المعترض: «جاء في الجامعة 12:14 «لأن الله يُحضر كل عمل إلى الدينونة، على كل خفي إن كان خيراً أو شراً». ولكن هذا منقوض بقوله في إرميا 31:34 «ولا يعلّمون بعْدُ كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين اعرفوا الرب، لأنهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب. لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد».
وللرد نقول: الآية الأولى تتكلم عن قضاء الله العادل، والثانية تتكلم عن نعمته الفائقة في مغفرة الخطايا. والكتاب المقدس حافل بآيات كهذه، إذ نجد فيه مئات العبارات المؤيِّدة للعدالة الإلهية، ونجد الكثير منها أيضاً يؤيِّد الرحمة الإلهية. يمكننا تقسيم الكتاب إلى فصلين عظيمين: أحدهما يتكلم عن غضب الله وقضائه، والثاني عن نعمته الغافرة. وعندما نتناول آيات كهذه ندرس قضية الناموس والنعمة. يقول الجامعة: «إن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة، على كل خفي إن كان خيراً أو شراً». ومعنى هذا أن الله ديَّان عادل منزَّه عن المحاباة. فالخطأ لا بد أن يقع تحت قضائه العادل، والصواب لا بدّ له من الجزاء الحسن. والخلاصة المقصودة هنا تشبه ما جاء في مزمور 5:4، 5 »لأنك لستَ إلهاً يُسرُّ بالشر. لا يساكنك الشرير.. أبغضتَ كل فاعلي الإثم. تُهلك المتكلّمين بالكذب« وفصول أخرى من الكتاب تدل على عدل الله الكامل وإنصافه الفائق. ولا جدال في أن هذه الفصول تصف الله بالعدل، باعتبار أنه المتسلّط القدير على الكون أجمع، الذي يدين الأشرار، ويجازي برّ الأبرار. وواضح أيضاً في الآية المقتبسة من إرميا أن الله في أزمنة ردّ كل شيء «يكون صفوحاً عن آثام شعبه ولا يذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد»، لأن «الرب إله رحيم ورؤوف، بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء. حافظ الإحسان إلى الألوف. غافر الإثم والمعصية والخطية« (خروج 34:6 و7). ويقول المسيح: «كونوا رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم، فإنه منعم على غير الشاكرين والأشرار« (لوقا 6:35 و36).
والسؤال: كيف يمكن أن يكون الله عادلاً وفي الوقت نفسه يغفر آثام البشر؟ سؤال يقودنا إلى جوهر الإنجيل، أي إلى بشارة الفداء المؤسَّس على عمل مخلصنا النيابي. ويتناول الرسول بولس قضية عدل الله وغفرانه للخطايا في رومية 3:21-26 ويشرحها، فيعلّمنا أن الله الرحيم شاء أن يخلّص الجنس البشري الأثيم الذي يدينه عدلهُ. وكان بحسب الظاهر لا يمكن التوفيق بين عدل الله ورحمته. غير أن محبة الآب السماوي قد أعدَّت منذ الأزل طريقاً للنجاة، بحيث تُدان الخطية ولا تُمنع الرحمة. فالمسيح صار نائب الإنسان الخاطئ واحتمل القصاص الذي كان يقتضيه عدل الله. فلا يمكن إذاً أن ننكر على الله عدله بالقول إنه لا يدين الخطية، لأن المسيح قد جُعل خطيةً لأجلنا، وحمل خطايانا في جسمه على الصليب (2كورنثوس 5:21 و1بطرس 2:24)، فوُفِّيت عقوبة الخطية، ووجدت رحمة الله مجالاً للعفو عن الجنس البشري وتدبير الخلاص الأبدي له، على شرط قبول نعمته، فصارت بشارة الإنجيل تنادي: «لنا في المسيح الفداء، بدمه غفران الخطايا« لأن عمل المسيح قد نفَّذ عدل الله، بحيث دينت فيه كل الخطايا، وأعطى مجالاً لنعمة الله الغافرة. فما يظهر عند أول نظرة مربكاً ومحيّراً يسهل توفيقه عند النظر إلى المسيح. فمجد إنجيل المسيح قائم في ثبوت التعليم عن عدل الله ونعمته.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول سفر نشيد الأنشاد
قال المعترض: »كيف يكون سفر نشيد الأنشاد بين أسفار التوراة وهو يحوي كل هذه الأمور الجنسية والحسيَّة، مع أن الرسول يوحنا يقول: »كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظُّم المعيشة. ليس من الآب بل من العالم« (1يوحنا 2:16)«.
وللرد نقول: (1) منذ القديم كان سفر نشيد الأنشاد ضمن الأسفار القانونية في التوراة. وبعد قرون من قبوله كسفر قانوني، وفي القرن الأول الميلادي، شكَّكت مدرسة الرباي شمّاي في قانونيته، فقال الرباي عقيبة بن يوسف (50-132م): »لم يجادل أحدٌ في قانونية سفر النشيد.. إن كل العصور لا تستحق اليوم الذي فيه أُعطي سفر النشيد لبني إسرائيل، فكل الوحي مقدس، ونشيد الأنشاد هو قدس الأقداس«. ويعتمد المسيحيون أسفار التوراة التي قبلها بنو إسرائيل كأسفار قانونية.
(2) يصف السفر مباهج الحياة الزوجية، ولا خطأ في الجنس الذي هو داخل إطار الزواج، فقد خلق الله حواء لآدم بعد أن قال: »ليس جيداً أن يكون آدم وحده« (تكوين 2:18). ويقول الحكيم: »افرح بامرأة شبابك.. ليُروِك ثدياها في كل وقت، وبمحبتها اسكر دائماً« (أمثال 5:18 و19). وقد حذَّر الرسول بولس المؤمنين من التعاليم الخاطئة للذين يرفضون الزواج، ثم قال: »لأن كل خليقة الله جيدة، ولا يُرفَض شيء إذا أُخِذ مع الشكر« (1تيموثاوس 4:3 و4). »الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتُّع«»ليكن الزواج مكرَّماً عند كل واحد، والمضجع غير نجس. وأما العاهرون والزناة فسيدينهم الله« (عبرانيين 13:4). لقد وضع الله الغريزة الجنسية في الناس، وقال الوحي: »لسبب الزنا، ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها. ليوفِ الرجل المرأة حقَّها الواجب، وكذلك المرأة أيضاً الرجل« (1كورنثوس 7:2 و3). (1تيموثاوس 6:17). وقال كاتب رسالة العبرانيين:
(3) قال كثيرون من رجال الدين اليهود الأقدمين إن هذا السفر يشرح العلاقة الحبية بين الله وشعبه. وفي ضوء هذا التفسير قاموا بوضعه ضمن أسفار الوحي القانونية المعترف بها. وقد قبلت الكنيسة المسيحية السفر ضمن ما قبلته من الوحي المقدس. وقد رأى اليهود في هذا السفر تاريخ بني إسرائيل من الخروج إلى زمان المسيح، وقالوا إن بني إسرائيل هم العروس (اسمها شولميث) وإن الرب هو العريس، وإن اتحاد الشعب مع الرب سيكمل في المسيح. أما المسيحيون الأولون فقالوا إن العروس هي الكنيسة وإن العريس هو المسيح.
وقد بلغ من اعتزاز الكنيسة بهذا السفر أن قام القديس أوريجانوس في القرن الثالث الميلادي بتفسيره في عشرة مجلدات، ووجد في كل جملة من السفر معنى روحياً. وفي القرن الثالث عشر كتب »برنارد أوف كليرفو« 86 موعظة على آيات الأصحاحين الأول والثاني من هذا السفر.
أما عن أسلوب السفر وتسمية صاحب السؤال له أنه أدب مكشوف، فهو ظلم للكاتب، الذي عاش في عصر غير عصرنا، اعتاد أهل عصره على مثل هذه التعبيرات. وللسائل أن يراجع الشواهد التالية (إشعياء 49:14-21 و62:1-5 وإرميا 2:2 وحزقيال 16 وهوشع 2:14-23 و11:8) وفي العهد الجديد نجد علاقة المسيح بالمؤمنين هي علاقة الزيجة المقدسة (يوحنا 3:39 و2كورنثوس 11:2 وأفسس 5:22-32 ورؤيا 21:2).
ولو ادّعى أحد الغربيين هذه الدعوى لعذرناه لجهله باصطلاحات أصحاب السلوك، بخلاف الشرقي الذي تواترت عنده قصائد محيي الدين بن العربي، وقصائد ابن الفارض وغيرهما، فإن قصائدهم في العشق الإلهي أشهر من أن تُذكر. وقالوا في ابن الفارض:
جُزْ بالقرافة تحت ذيل العارض وقلِ السلامُ عليك يا ابنَ الفارض
أبرزتَ في نظم السلوك عجائباً وكشفتَ عن سرٍّ مصونٍ غامــض
وشربتَ من بحر المحبة والولا فرُويتَ مــن بحــرٍ محيطٍ فائــض
قال المعترض: »لا ندري كيف يفسر رجال الدين المسيحي سفر نشيد الأنشاد، ولا ماذا يقولون فيه«.
وللرد نقول: هناك ثلاث طرق لتفسير سفر نشيد الأنشاد: (1) التفسير الحرفي: ويقول إن نشيد الأنشاد قصيدة حب بين الملك سليمان وزوجته، ولو أن المفسرين لا يعرفون أية زوجة قصد من بين زوجاته السبعمئة وسراريه الثلاثمئة (1ملوك 11:3)، ويقول بعضهم إنه قصد زوجته ابنة فرعون (1ملوك 11:1)، ويقول غيرهم إنها فتاة بسيطة اسمها شولميث (نشيد 6:13). فالسفر في رأيهم قصيدة محبة لزوجة، تعلِّمنا قداسة الزواج ونقاوته وجماله.
(2) التفسير الرمزي: ويهدف للتخلُّص من الأوصاف البدنية للمرأة التي أحبها الملك، ولرؤية معنى أعمق في السفر وهو محبة الرب لشعبه بني إسرائيل، وبمعنى أوسع محبة الرب لكل من يحبه من كل الشعوب، كمحبة الزوج لزوجته (راجع تعليقنا على هوشع 1:2). وهذا التفسير يعتنقه التلمود اليهودي والمشنا والترجوم. ويقولون إن نشيد 1:13 هو حلول السحابة بين الكروبين في قدس الأقداس.
(3) التفسير النبوي: وقد أدخله إلى الفكر الكنسي كلٌّ من أوريجانوس وهيبوبوليتس، ويقول إن السفر نبوَّة عن مجيء المسيح وإعلان محبته للكنيسة التي تتكوَّن من كل من يقبلونه من كل قبيلة وأمة وشعب ولسان، وقد شبَّه الرسول بولس علاقة الزوجين السعيدين بعلاقة المسيح بالكنيسة، فقال: »يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسداً واحداً. هذا السرُّ عظيم، ولكنني أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة« (أفسس 5:31 و32). ويفسر هذا الرأي الأصحاحات الثلاثة الأولى بأنها وصفٌ للمحبة المتبادلة بين المسيح والكنيسة، وأن الأصحاح الرابع وصف لجمال الكنيسة، والأصحاح الخامس يصف محبة المسيح للكنيسة الجميلة، فتعلن الكنيسة في الأصحاحات 6-8 إيمانها بالمسيح ورغبتها فيه ومحبتها له.. ويقول هذا التفسير إن الكنيسة سوداء بسبب الخطية، ولكنها جميلة بالفداء (نشيد 1:5)، وأن نشيد 1:13 يتحدث عن المسيح بين أسفار العهدين القديم والجديد (وهذا تفسير كيرلس الإسكندري)، وأن نشيد 2:12 »صوت اليمامة سُمع في أرضنا« يشير إلى وعظ الرسل بالإنجيل، وأن 5:1 الذي يتحدث عن الوليمة يرمز إلى العشاء الرباني (وهذا رأي كيرلس الإسكندري)، وأن الثمانين سُرِّية المذكورين في 6:8 يشيرون إلى ثمانين هرطقة (وهذا رأي أبيفانيوس).
اعتراض على نشيد 5:16 - المشتهيات
انظر تعليقنا على حجي 2:7
قال المعترض: »جاء في النشيد 6:8 »هنًّ ستون ملكة وثمانون سُرِّية، وعذارى بلا عدد« فيكون عدد نسائه مئة وأربعين. وهذا يناقض ما جاء في 1ملوك 11:3 »وكانت له (لسليمان) سبع مئة من النساء السيدات، وثلاث مئة من السراري، فأمالت نساؤه قلبه«.
وللرد نقول: لا بد أن الفقرتين تشيران إلى زمنين مختلفين، فعندما كتب سليمان سفر النشيد كانت لديه مئة وأربعون سيدة، وزاد العدد في زمن لاحق إلى ألف. ثم أن عبارة سفر النشيد تضيف عبارة »عذارى بلا عدد« مما يمكن أن يجعل العدد الكلي ألفاً.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة إشعياء
قال المعترض: «الأصحاحات 40-66 من سفر إشعياء ليست من كتابة النبي إشعياء، بل من إضافة كاتب آخر عاش في بابل وليس في فلسطين، لأنه يتحدث عن السبي البابلي، وهذا سابق لعصر النبي إشعياء الذي كتب الأصحاحات 1-39».
وللرد نقول: منذ كتابة سفر النبي إشعياء اعتقد علماء الكتاب المقدس من يهود ومسيحيين أن سفر إشعياء كله وحي من الله لنبي واحد هو إشعياء. ولكن بعض دارسي الكتاب المقدس، ابتداءً من عام 1780 ممَّن لا يؤمنون بالوحي ولا بالنبوات، شككوا في وحدة السفر، بحجَّة أن الأصحاحات 1-39 موجَّهة إلى ساكني فلسطين برسالة تناسب أحوالهم، بينما أصحاحات 40-66 موجَّهة إلى جيل تالٍ جاء بعد قرن ونصف من الزمان، كانوا مسبيين في بابل، تحدِّثهم عن خراب أورشليم والسبي البابلي كأمر واقع، وتذكر اسم كورش الفارسي الذي جاء بعد النبي إشعياء بسنين طويلة. وقالوا إنه لا بد أن يكون كاتبها غير كاتب الجزء الأول من السفر.. ولكن المؤمنين بالوحي الإلهي يؤمنون أن الله استخدم نبيَّه إشعياء وهو ساكن في فلسطين، ليخاطب جيلاً قادماً بعد أكثر من مئة وخمسين سنة يكون مقيماً في بلاد السبي، في بابل، وذلك بروح النبوة، فالرب يقول: »لأني أنا الله وليس آخر.. مخبرٌ منذ البدء بالأخير، ومنذ القديم بما لم يُفعَل، قائلاً: رأيي يقوم، وأفعل مسرَّتي« (إشعياء 46:9 و10). وهناك براهين قوية على أن كاتب السفر كله شخص واحد هو إشعياء بن آموص لأن السفر يبدأ بالقول: »رؤيا إشعياء بن آموص التي رآها على يهوذا وأورشليم« (إشعياء 1:1) وهو عنوان للسفر كله. وإليك براهين على صحة هذا الرأي:
(1) الأصحاحات 1-39 تجهز القارئ ليطالع النبوات المستقبلية الواردة في أصحاحات 40-66، ففي أصحاحات 1-35 يحذِّر النبي الشعب من الخطر الأشوري الذي يهدد سلامتهم، ويتحدث أصحاحا 36 و37 عن غزو سنحاريب والتردِّي الروحي الذي أدَّى إلى سقوط أورشليم (أصحاحا 38 و39). وفي هذه الأصحاحات الأربعة يجهِّز النبي شعبه لما سيجيء بعد ذلك عن السبي البابلي والرجوع منه. فالسفر وحدة واحدة.
(2) اقتبس العهد الجديد من كل أصحاحات نبوَّة إشعياء الستة والستين باعتبارها من وحي الله لإشعياء، فعلى سبيل المثال يقتبس إنجيل متى 3:3 إشعياء 40:3 عن الصوت الصارخ في البرية، ومتى 8:17 من إشعياء 53:4 أن المسيح حمل أمراضنا، ومتى 12:17 من إشعياء 42:1 أن المسيح لا يصيح ولا يرفع في الشارع صوته، ومتى 13:14 من إشعياء 6:9 و10 عن الذين يسمعون ولا يفهمون، ومرقس 7:6 من إشعياء 29:13 عن الذين يقتربون من الرب بشفاههم أما قلوبهم فبعيدة عنه، ولوقا 4:17 من إشعياء 61:1 و2 عن قراءة المسيح من نبوَّة إشعياء عن سنة الرب المقبولة، ويوحنا 12:41 من إشعياء 53:1 و6:9 و10 عن رؤية إشعياء لمجد المسيح وكلامه عنه، وأعمال 8:28 و30 من إشعياء 53:7 و8 عن قراءة وزير مالية الحبشة من نبوَّة إشعياء، ورومية 9:27 و29 من إشعياء 10:22 و23 و11:5 و1:9 عن البقية الأمينة التي ستخلص.
(3) في كتاب ابن سيراخ 48:27 و28 يروي خبر أيام الملك حزقيا ويقول إن النبي إشعياء: »بروح عظيم رأى العواقب، وعزَّى النائحين في صهيون، وكشف عمّا سيكون على مدى الدهور، وعن الخفايا قبل حدوثها«. وفي هذا إشارة لنبوَّة إشعياء 49:17-25.
(4) لا بد أن كاتب أصحاحات 40-66 كتب في فلسطين، فهو لا يعرف أرض بابل وديانتها بدرجة كافية حتى نظن أنه كان يعيش وسط المسبيين في بابل، بينما هو يعرف فلسطين جيداً، فهو يتكلم عن أورشليم وجبال فلسطين، ويذكر الأشجار التي تنمو فيها مثل الأرز والسنديان والبلوط والسنط والآس والزيتون (إشعياء 41:19 و44:14)، وفي 43:14 يقول الرب: »لأجلكم أَرسلتُ إلى بابل«. وفي 62:6 يقول إنه سيُقيم حُرّاساً على أسوار أورشليم، كما أن إشعياء 40:9 يوضح أن مدن يهوذا لا تزال قائمة.
(5) وُصف الله بأنه »قدوس إسرائيل« في كل الأصحاحات الستة والستين لنبوَّة إشعياء، وهو وصف لا نجده في كل أسفار الكتاب المقدس. إنه خاص بالنبي إشعياء، الكاتب الواحد للسفر كله.
(6) وُجدت نبوَّة إشعياء بين مخطوطات البحر الميت، بدون فاصل بين أصحاحي 39 و40، بل إن أصحاح 40 بدأ في آخر سطر من الصفحة، مما يدل على وحدة السفر كله، ما يدل على أن أهل خربة قمران اعتقدوا بوحدة سفر إشعياء، وذلك في القرن الثاني قبل الميلاد.
اعتراض على إشعياء 1:11 - رفض الذبائح
انظر تعليقنا على لاويين 1:9
قال المعترض: «ورد في إشعياء 7:8 «وفي مدَّة خمس وستين سنة ينكسر أفرايم حتى لا يكون شعباً». وهذا خطأ، لأنّ ملك أشور تسلّط على أفرايم في السنة السادسة من جلوس حزقيا كما في 2ملوك 17 و18 ففنيت أرام في واحد وعشرين سنة».
وللرد نقول: بعد أن نطق إشعياء النبي بهذه النبوَّة بسنة أو سنتين جاء «تغلث فلاسر ملك أشور وحارب ملك إسرائيل وقتل وسبى كثيرين« (2ملوك 15:29). وهذا هو السبي الأول. وحدث سبيٌ ثانٍ في حكم هوشع ملك إسرائيل، عندما جاء شلمنأصر ملك أشور بعد عشرين سنة من نُطق إشعياء بهذه النبوَّة وسبَى ملك إسرائيل ورجالَه (2ملوك 17:1-6 و18:9-12). ولكن السبي الثالث الذي أزال مملكة إسرائيل من الوجود كان في أيام أسرحدون ملك أشور، الذي أتى بأجانب إلى السامرة، وأنشأ مستعمرة فيها، وسبى أيضاً منسى ملك يهوذا في السنة الحادية والعشرين من ملكه. فزوال مملكة السامرة من الوجود كان بعد 65 سنة من وقت النطق بهذه النبوَّة (عزرا 4:2 و3 و10 و 2ملوك 33:11).
اعتراض على إشعياء 7:14 - معنى »عذراء«
انظر تعليقنا على متى 1:22 و23
قال المعترض: «جاء في إشعياء 9:6 أن المسيح رئيس السلام، ولكنه قلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام (متى 21:12) وقال: «أتظنون أني جئت لأعطي سلاماً على الأرض؟ كلا أقول لكم! بل انقساماً« (لوقا 12:51)«.
وللرد نقول: المسيح رئيس السلام لأنه يصالح البشر الخطاة مع الله، ثم يمنحهم السلام القلبي والراحة الروحية (يوحنا 14:27 وفيلبي 4:7 وكولوسي 3:15). وعندما طرد التجار والصيارفة من الهيكل كان يساند شريعة الله، ويوسّع مكاناً للعابدين، ويوقف سوء استخدام بيت الله (متى 21:13. قارن إشعياء 66:7). وقد حذّر المسيح تلاميذه من الاضطهاد الذي سيقع عليهم من أعدائهم، وفي نفس الموقف أكدّ لهم السلام الروحي الذي سيمنحه لهم وسط ضيقتهم (يوحنا 16:33). كما منع تلاميذه من الإمساك بالسيف دفاعاً عن أنفسهم، لأن الذين يتقلّدون السيف بالسيف يهلكون (متى 26:52. قارن لوقا 9:54-56). لا تناقض إذاً. المسيح يشرح طبيعة ملكوته، وهو السلام. ويشير إلى ما سيلقاه أتباعه من الشدائد والضيقات على الأرض، بسبب اتِّباعهم له.. وقد أحدث المسيح انقساماً بين من تبعوه وأفراد عائلاتهم وأقربائهم الذين رفضوا أن يتبعوه، فقال: »جئتُ لأفرِّق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنَّة ضد حماتها، وأعداء الإنسان أهل بيته. من أحبَّ أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني، ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني. من وجد حياته يُضِيعها، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها« (متى 10:35-39).
قال المعترض: «جاء في إشعياء 21:7 «فرأى رُكّاباً أزواج فرسانٍ، رُكّابَ حميرٍ، رُكّابَ جمالٍ«. وعبارة «ركاب حمير« نبوَّة عن المسيح الذي دخل أورشليم راكباً حماراً، وعبارة «ركاب جمال« نبوَّة عن غيره ممن كانوا يركبون الجمال».
وللرد نقول: يدل سياق الكلام على أن لا إشارة هنا إلى المسيح ولا إلى غيره، إنما هذا الأصحاح نبوَّة عن سقوط بابل، كما يظهر من عدد 9. والقول «ركاب الحمير وركاب الجمال« يدل على الكيفية التي يتم بها تبليغ خبر سقوط بابل الذي تمَّ في عهد داريوس سنة 519 و513 ق م.
قال المعترض: »مَن هو المقصود في إشعياء 29:12 بالقول »يُدفّع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة، ويُقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف الكتابة؟«.
وللرد نقول: المقصود بهذا التوبيخ هم قادة بني إسرائيل، كما يُفهم من القرينة (في آيات 9-12) أن النبي إشعياء يوبِّخ قادة شعبه لأنهم رفضوا كلام الرب واختاروا الضلال، لأن الرب سكب عليهم »روح سُبات« (آية 10) إذ نزع منهم روحه القدوس، والأنبياء والرؤساء »غطاهم« بمعنى أنهم لم يعودوا يسمعون ولا يبصرون كلام الرب، فصار لهم مثل »سفر مختوم« لأنهم لا يحبون معرفة الحق، ويقولون إنهم لا يعرفون القراءة.. وهذا توبيخ للشعب العاصي الذي يرفض سماع كلام الرب.
اعتراض على إشعياء 37 - تكرار قصة نصرة حزقيا على ربشاقى
انظر تعليقنا على 2 ملوك 19
اعتراض على إشعياء 39:2 و6 - ثراء الملك حزقيا
انظر تعليقنا على 2ملوك 18:14-16
قال المعترض: «ورد في إشعياء 40:5 «فيُعلَن مجد الرب ويراه كل بشرٍ معاً، لأن فم الرب تكلم». وفي الترجمة اليونانية زيدت عبارة »خلاص إلهنا«، فقالت الترجمة: «فيُعلَن مجد الرب ويرى كل بشر معاً خلاص إلهنا، لأن فم الرب تكلم». ومع هذا فإن لوقا البشير اقتبسها في (3:6) بعد أن اقتبسها من الترجمة اليونانية».
وللرد نقول: المعوَّل عليه دائماً هو الأصل العبري، وليس المترجمة. ولم يقتبس البشير لوقا عبارة »خلاص إلهنا« من إشعياء 40:5 بل من مزمور 98:2، وإشعياء 52:10 ونص الآية «أعلن الرب خلاصه لعيون الأمم».
قال المعترض: «جاء في إشعياء 40:18 «فبمن تشبِّهون الله، وأيَّ شيءٍ تُعادلون به؟« بينما يتحدث مزمور 44:3 عن يمين الله وذراعه ونور وجهه، كما جاء ذلك في أماكن كثيرة أخرى».
وللرد نقول: التساؤل في إشعياء 40:18 هو تساؤل إن كان هناك ندٌّ لله أو معادل له، يفعل مثلما يفعل سبحانه، وهو الذي «كال الماء بيده، وقاس السماوات بالشِّبر، ووزن الجبال بالقبَّان والآكام بالميزان« (آيات 12-17) بمعنى أنه العارف بكل شيء، والذي لا يخفى عليه أمر، والقادر على كل شيء. ولا يقصد النبي أن يتحدث عن شبيه لله في ملامحه وتقاطيع وجهه وغير ذلك من الصفات الجسمية. أما الحديث عن يد الله فمن قبيل توضيح المعنى للقارئ والمستمع، لأن الوحي يستخدم تشبيهات إنسانية ليقرِّب المعنى للعقل البشري، وليس لأن لله يداً بالمعنى الحرفي.
راجع تعليقنا على تكوين 6:6 و7.
اعتراض على إشعياء 45:5 - إنكم آلهة!
انظر تعليقنا على مزمور 82:6
قال المعترض: «جاء في إشعياء 45:7 أن الله خالق الشر. وهذا يناقض ما جاء في عاموس 5:15 من أمر الله للبشر أن يبغضوا الشر».
وللرد نقول: انظر تعليقنا على التثنية 32:4.
قال المعترض: «إشعياء 53 نبوَّة عن نبي، تتحقق فيه الأمور التالية: (1) «كعِرْقٍ من أرض يابسة». (2) «فجُعل مع الأشرار قبره». (3) «من تعب نفسه يرى ويشبع». (4) «مع العظماء يقسم غنيمة«. (5) «سكب للموت نفسه».
وللرد نقول: (1) الأعداد 5-8 من إشعياء 53 لا تشير إلا للمسيح، فهي تقول: «مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحُبُره شُفينا. كلنا كغنم ضللنا، مِلنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا. ظُلِمَ أما هو فتذلل ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساق إلى الذبح وكنعجةٍ صامتة أمام جازّيها فلم يفتح فاه. من الضُّغطة ومن الدينونة أُخذ، وفي جيله من كان يظن أنه قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي».
(2) آيتا 9 و12 تصدقان على المسيح وحده، فليس غيره لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش، وهو وحده الذي حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين.
(3) تقول الآية إنه «يقسم غنيمة« بعد موته. وقد تم هذا فعلاً للمسيح بمعنى روحي أكمل وأعظم، لأن بعد موته وصعوده ابتدأ الناس (ومنهم ملوك وعظماء وقادة) من كافة الأمم والشعوب أن يؤمنوا به ويحبوه كفاديهم وإلههم. وليست غنيمة أعظم من هذه.
(4) أجمع بنو إسرائيل الأولون أن هذا الأصحاح نبوَّة عن المسِيّا المُنتَظَر، وكذلك كتبة أسفار العهد الجديد المُلهَمين اقتبسوا كثيراً من أقوال هذا الأصحاح كنبوات عن المسيح التي عاينوا إتمامها فيه. ومثل هذا الأصحاح (مزمور 22) الذي قد تم أيضاً في المسيح لا سواه.
قال المعترض: «لا يمكن أن القول «مجروح لأجل معاصينا.. والرب وضع عليه إثم جميعنا« (إشعياء 53:5 و6) ينطبق على المسيح، ولا بد أنه يشير إلى نبي سبق كاتب هذه النبوَّة، أي سابق لإشعياء النبي، لأن الحديث بصيغة الماضي».
وللرد نقول: حتى لو افترضنا ما افترضه المعترض أن صيغة الماضي تتحدث عن نبي سبق النبي الذي ألقى النبوَّة، فإننا نجد أن العهدين القديم والجديد يتفقان على أنه «بدون سفك دم لا تحصل مغفرة« (عبرانيين 9:22). ولا يمكن أن يكون افتراض المعترض صحيحاً، لأنه لا التوراة ولا الإنجيل ذكرا من هو النبي الذي تحققت فيه نبوَّة إشعياء، مما يبرهن أنه لا يقدر إنسان أن يكفّر عن خطايا كل البشر.
وكل من له دراية باللغة العبرية والعربية يعرف أن الفعل الماضي قد يعني المستقبل أيضاً، إن كانت الحادثةُ القادمةُ قادمةً لا ريب فيها. عندها يتحدثون عنها في صيغة الماضي. كما أنه ليس عند الله ماضٍ وحاضر ومستقبل، فالكل عنده حاضر. وفي العبرية يُستخدم الفعل الماضي للتعريف بحالة ثابتة مستمرة. وقد فهم علماء بني إسرائيل إشعياء 53 كنبوَّة عن المسيح الآتي. فيوضح الترجوم أن كلمة «عبدي« الواردة في إشعياء 52:11 تعني المسيا. وقال سليمان يارحي: «فسّر آباؤنا هذه الكلمة بأنها تشير للمسيا، لأن المسيا مضروب كما هو مكتوب: «لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها». وقال الربي موسى الشيخ إنها تشير للمسيا الملك. وفي تعليق سليمان يارحي على زكريا 4:7 اقتبس إشعياء 52:13 وقال إنهما تشيران للمسيا.
اعتراض على إشعياء 63:17 - هل الرب يُضِل؟
انظر تعليقنا على التثنية 32:4
قال المعترض: «جاء في إشعياء 64:5 »تلاقي الفَرِحَ الصانعَ البرَّ. الذين يذكرونك في طرقك. ها أنت سَخِطْتَ إذ أخطأنا. هي إلى الأبد فنخلص«. وقال آدم كلارك إن معنى هذه الآية غير واضح، فلابد أن يكون قد حصل فيها تحريف من نقل الناسخ«.
وللرد نقول: معنى هذه الآية ظاهر، وهو أن الله يلاقي الإنسان الفرحان بعمل البر والذي يذكر طرق الرب، ويدخل في عهد معه، كما قال النبي هوشع: »فإن طرق الرب مستقيمة، والأبرار يسلكون فيها. وأما المنافقون فيعثرون فيها« (هوشع 14:9). ويعترف النبي أن شعبه أغضب الله بخطاياه، ولكنه يذكر أن رحمة الله هي إلى الأبد فلا بد من الخلاص، كما قال صاحب مزمور 103:17 «أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه«. وكما قال الله في إشعياء 54:7 و8 «لحيظة تركتُك، وبمراحم عظيمة سأجمعك. بفيضان الغضب حجبتُ وجهي عنك لحظة، وبإحسانٍ أبديٍّ أرحمك، قال وليُّك الرب«. وعبارة النبي إشعياء هي كالقول عن الروح: «إذا بلغت التراقي« وكالقول عن الشمس: «حتى توارت بالحجاب« مع أنه لم يذكر في الكلام السابق الروح ولا الشمس. والكلام الواضح لا يحتاج إلى توضيح.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة إشعياء
قال المعترض: «الأصحاحات 40-66 من سفر إشعياء ليست من كتابة النبي إشعياء، بل من إضافة كاتب آخر عاش في بابل وليس في فلسطين، لأنه يتحدث عن السبي البابلي، وهذا سابق لعصر النبي إشعياء الذي كتب الأصحاحات 1-39».
وللرد نقول: منذ كتابة سفر النبي إشعياء اعتقد علماء الكتاب المقدس من يهود ومسيحيين أن سفر إشعياء كله وحي من الله لنبي واحد هو إشعياء. ولكن بعض دارسي الكتاب المقدس، ابتداءً من عام 1780 ممَّن لا يؤمنون بالوحي ولا بالنبوات، شككوا في وحدة السفر، بحجَّة أن الأصحاحات 1-39 موجَّهة إلى ساكني فلسطين برسالة تناسب أحوالهم، بينما أصحاحات 40-66 موجَّهة إلى جيل تالٍ جاء بعد قرن ونصف من الزمان، كانوا مسبيين في بابل، تحدِّثهم عن خراب أورشليم والسبي البابلي كأمر واقع، وتذكر اسم كورش الفارسي الذي جاء بعد النبي إشعياء بسنين طويلة. وقالوا إنه لا بد أن يكون كاتبها غير كاتب الجزء الأول من السفر.. ولكن المؤمنين بالوحي الإلهي يؤمنون أن الله استخدم نبيَّه إشعياء وهو ساكن في فلسطين، ليخاطب جيلاً قادماً بعد أكثر من مئة وخمسين سنة يكون مقيماً في بلاد السبي، في بابل، وذلك بروح النبوة، فالرب يقول: »لأني أنا الله وليس آخر.. مخبرٌ منذ البدء بالأخير، ومنذ القديم بما لم يُفعَل، قائلاً: رأيي يقوم، وأفعل مسرَّتي« (إشعياء 46:9 و10). وهناك براهين قوية على أن كاتب السفر كله شخص واحد هو إشعياء بن آموص لأن السفر يبدأ بالقول: »رؤيا إشعياء بن آموص التي رآها على يهوذا وأورشليم« (إشعياء 1:1) وهو عنوان للسفر كله. وإليك براهين على صحة هذا الرأي:
(1) الأصحاحات 1-39 تجهز القارئ ليطالع النبوات المستقبلية الواردة في أصحاحات 40-66، ففي أصحاحات 1-35 يحذِّر النبي الشعب من الخطر الأشوري الذي يهدد سلامتهم، ويتحدث أصحاحا 36 و37 عن غزو سنحاريب والتردِّي الروحي الذي أدَّى إلى سقوط أورشليم (أصحاحا 38 و39). وفي هذه الأصحاحات الأربعة يجهِّز النبي شعبه لما سيجيء بعد ذلك عن السبي البابلي والرجوع منه. فالسفر وحدة واحدة.
(2) اقتبس العهد الجديد من كل أصحاحات نبوَّة إشعياء الستة والستين باعتبارها من وحي الله لإشعياء، فعلى سبيل المثال يقتبس إنجيل متى 3:3 إشعياء 40:3 عن الصوت الصارخ في البرية، ومتى 8:17 من إشعياء 53:4 أن المسيح حمل أمراضنا، ومتى 12:17 من إشعياء 42:1 أن المسيح لا يصيح ولا يرفع في الشارع صوته، ومتى 13:14 من إشعياء 6:9 و10 عن الذين يسمعون ولا يفهمون، ومرقس 7:6 من إشعياء 29:13 عن الذين يقتربون من الرب بشفاههم أما قلوبهم فبعيدة عنه، ولوقا 4:17 من إشعياء 61:1 و2 عن قراءة المسيح من نبوَّة إشعياء عن سنة الرب المقبولة، ويوحنا 12:41 من إشعياء 53:1 و6:9 و10 عن رؤية إشعياء لمجد المسيح وكلامه عنه، وأعمال 8:28 و30 من إشعياء 53:7 و8 عن قراءة وزير مالية الحبشة من نبوَّة إشعياء، ورومية 9:27 و29 من إشعياء 10:22 و23 و11:5 و1:9 عن البقية الأمينة التي ستخلص.
(3) في كتاب ابن سيراخ 48:27 و28 يروي خبر أيام الملك حزقيا ويقول إن النبي إشعياء: »بروح عظيم رأى العواقب، وعزَّى النائحين في صهيون، وكشف عمّا سيكون على مدى الدهور، وعن الخفايا قبل حدوثها«. وفي هذا إشارة لنبوَّة إشعياء 49:17-25.
(4) لا بد أن كاتب أصحاحات 40-66 كتب في فلسطين، فهو لا يعرف أرض بابل وديانتها بدرجة كافية حتى نظن أنه كان يعيش وسط المسبيين في بابل، بينما هو يعرف فلسطين جيداً، فهو يتكلم عن أورشليم وجبال فلسطين، ويذكر الأشجار التي تنمو فيها مثل الأرز والسنديان والبلوط والسنط والآس والزيتون (إشعياء 41:19 و44:14)، وفي 43:14 يقول الرب: »لأجلكم أَرسلتُ إلى بابل«. وفي 62:6 يقول إنه سيُقيم حُرّاساً على أسوار أورشليم، كما أن إشعياء 40:9 يوضح أن مدن يهوذا لا تزال قائمة.
(5) وُصف الله بأنه »قدوس إسرائيل« في كل الأصحاحات الستة والستين لنبوَّة إشعياء، وهو وصف لا نجده في كل أسفار الكتاب المقدس. إنه خاص بالنبي إشعياء، الكاتب الواحد للسفر كله.
(6) وُجدت نبوَّة إشعياء بين مخطوطات البحر الميت، بدون فاصل بين أصحاحي 39 و40، بل إن أصحاح 40 بدأ في آخر سطر من الصفحة، مما يدل على وحدة السفر كله، ما يدل على أن أهل خربة قمران اعتقدوا بوحدة سفر إشعياء، وذلك في القرن الثاني قبل الميلاد.
اعتراض على إشعياء 1:11 - رفض الذبائح
انظر تعليقنا على لاويين 1:9
قال المعترض: «ورد في إشعياء 7:8 «وفي مدَّة خمس وستين سنة ينكسر أفرايم حتى لا يكون شعباً». وهذا خطأ، لأنّ ملك أشور تسلّط على أفرايم في السنة السادسة من جلوس حزقيا كما في 2ملوك 17 و18 ففنيت أرام في واحد وعشرين سنة».
وللرد نقول: بعد أن نطق إشعياء النبي بهذه النبوَّة بسنة أو سنتين جاء «تغلث فلاسر ملك أشور وحارب ملك إسرائيل وقتل وسبى كثيرين« (2ملوك 15:29). وهذا هو السبي الأول. وحدث سبيٌ ثانٍ في حكم هوشع ملك إسرائيل، عندما جاء شلمنأصر ملك أشور بعد عشرين سنة من نُطق إشعياء بهذه النبوَّة وسبَى ملك إسرائيل ورجالَه (2ملوك 17:1-6 و18:9-12). ولكن السبي الثالث الذي أزال مملكة إسرائيل من الوجود كان في أيام أسرحدون ملك أشور، الذي أتى بأجانب إلى السامرة، وأنشأ مستعمرة فيها، وسبى أيضاً منسى ملك يهوذا في السنة الحادية والعشرين من ملكه. فزوال مملكة السامرة من الوجود كان بعد 65 سنة من وقت النطق بهذه النبوَّة (عزرا 4:2 و3 و10 و 2ملوك 33:11).
اعتراض على إشعياء 7:14 - معنى »عذراء«
انظر تعليقنا على متى 1:22 و23
قال المعترض: «جاء في إشعياء 9:6 أن المسيح رئيس السلام، ولكنه قلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام (متى 21:12) وقال: «أتظنون أني جئت لأعطي سلاماً على الأرض؟ كلا أقول لكم! بل انقساماً« (لوقا 12:51)«.
وللرد نقول: المسيح رئيس السلام لأنه يصالح البشر الخطاة مع الله، ثم يمنحهم السلام القلبي والراحة الروحية (يوحنا 14:27 وفيلبي 4:7 وكولوسي 3:15). وعندما طرد التجار والصيارفة من الهيكل كان يساند شريعة الله، ويوسّع مكاناً للعابدين، ويوقف سوء استخدام بيت الله (متى 21:13. قارن إشعياء 66:7). وقد حذّر المسيح تلاميذه من الاضطهاد الذي سيقع عليهم من أعدائهم، وفي نفس الموقف أكدّ لهم السلام الروحي الذي سيمنحه لهم وسط ضيقتهم (يوحنا 16:33). كما منع تلاميذه من الإمساك بالسيف دفاعاً عن أنفسهم، لأن الذين يتقلّدون السيف بالسيف يهلكون (متى 26:52. قارن لوقا 9:54-56). لا تناقض إذاً. المسيح يشرح طبيعة ملكوته، وهو السلام. ويشير إلى ما سيلقاه أتباعه من الشدائد والضيقات على الأرض، بسبب اتِّباعهم له.. وقد أحدث المسيح انقساماً بين من تبعوه وأفراد عائلاتهم وأقربائهم الذين رفضوا أن يتبعوه، فقال: »جئتُ لأفرِّق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنَّة ضد حماتها، وأعداء الإنسان أهل بيته. من أحبَّ أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني، ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني. من وجد حياته يُضِيعها، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها« (متى 10:35-39).
قال المعترض: «جاء في إشعياء 21:7 «فرأى رُكّاباً أزواج فرسانٍ، رُكّابَ حميرٍ، رُكّابَ جمالٍ«. وعبارة «ركاب حمير« نبوَّة عن المسيح الذي دخل أورشليم راكباً حماراً، وعبارة «ركاب جمال« نبوَّة عن غيره ممن كانوا يركبون الجمال».
وللرد نقول: يدل سياق الكلام على أن لا إشارة هنا إلى المسيح ولا إلى غيره، إنما هذا الأصحاح نبوَّة عن سقوط بابل، كما يظهر من عدد 9. والقول «ركاب الحمير وركاب الجمال« يدل على الكيفية التي يتم بها تبليغ خبر سقوط بابل الذي تمَّ في عهد داريوس سنة 519 و513 ق م.
قال المعترض: »مَن هو المقصود في إشعياء 29:12 بالقول »يُدفّع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة، ويُقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف الكتابة؟«.
وللرد نقول: المقصود بهذا التوبيخ هم قادة بني إسرائيل، كما يُفهم من القرينة (في آيات 9-12) أن النبي إشعياء يوبِّخ قادة شعبه لأنهم رفضوا كلام الرب واختاروا الضلال، لأن الرب سكب عليهم »روح سُبات« (آية 10) إذ نزع منهم روحه القدوس، والأنبياء والرؤساء »غطاهم« بمعنى أنهم لم يعودوا يسمعون ولا يبصرون كلام الرب، فصار لهم مثل »سفر مختوم« لأنهم لا يحبون معرفة الحق، ويقولون إنهم لا يعرفون القراءة.. وهذا توبيخ للشعب العاصي الذي يرفض سماع كلام الرب.
اعتراض على إشعياء 37 - تكرار قصة نصرة حزقيا على ربشاقى
انظر تعليقنا على 2 ملوك 19
اعتراض على إشعياء 39:2 و6 - ثراء الملك حزقيا
انظر تعليقنا على 2ملوك 18:14-16
قال المعترض: «ورد في إشعياء 40:5 «فيُعلَن مجد الرب ويراه كل بشرٍ معاً، لأن فم الرب تكلم». وفي الترجمة اليونانية زيدت عبارة »خلاص إلهنا«، فقالت الترجمة: «فيُعلَن مجد الرب ويرى كل بشر معاً خلاص إلهنا، لأن فم الرب تكلم». ومع هذا فإن لوقا البشير اقتبسها في (3:6) بعد أن اقتبسها من الترجمة اليونانية».
وللرد نقول: المعوَّل عليه دائماً هو الأصل العبري، وليس المترجمة. ولم يقتبس البشير لوقا عبارة »خلاص إلهنا« من إشعياء 40:5 بل من مزمور 98:2، وإشعياء 52:10 ونص الآية «أعلن الرب خلاصه لعيون الأمم».
قال المعترض: «جاء في إشعياء 40:18 «فبمن تشبِّهون الله، وأيَّ شيءٍ تُعادلون به؟« بينما يتحدث مزمور 44:3 عن يمين الله وذراعه ونور وجهه، كما جاء ذلك في أماكن كثيرة أخرى».
وللرد نقول: التساؤل في إشعياء 40:18 هو تساؤل إن كان هناك ندٌّ لله أو معادل له، يفعل مثلما يفعل سبحانه، وهو الذي «كال الماء بيده، وقاس السماوات بالشِّبر، ووزن الجبال بالقبَّان والآكام بالميزان« (آيات 12-17) بمعنى أنه العارف بكل شيء، والذي لا يخفى عليه أمر، والقادر على كل شيء. ولا يقصد النبي أن يتحدث عن شبيه لله في ملامحه وتقاطيع وجهه وغير ذلك من الصفات الجسمية. أما الحديث عن يد الله فمن قبيل توضيح المعنى للقارئ والمستمع، لأن الوحي يستخدم تشبيهات إنسانية ليقرِّب المعنى للعقل البشري، وليس لأن لله يداً بالمعنى الحرفي.
راجع تعليقنا على تكوين 6:6 و7.
اعتراض على إشعياء 45:5 - إنكم آلهة!
انظر تعليقنا على مزمور 82:6
قال المعترض: «جاء في إشعياء 45:7 أن الله خالق الشر. وهذا يناقض ما جاء في عاموس 5:15 من أمر الله للبشر أن يبغضوا الشر».
وللرد نقول: انظر تعليقنا على التثنية 32:4.
قال المعترض: «إشعياء 53 نبوَّة عن نبي، تتحقق فيه الأمور التالية: (1) «كعِرْقٍ من أرض يابسة». (2) «فجُعل مع الأشرار قبره». (3) «من تعب نفسه يرى ويشبع». (4) «مع العظماء يقسم غنيمة«. (5) «سكب للموت نفسه».
وللرد نقول: (1) الأعداد 5-8 من إشعياء 53 لا تشير إلا للمسيح، فهي تقول: «مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحُبُره شُفينا. كلنا كغنم ضللنا، مِلنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا. ظُلِمَ أما هو فتذلل ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساق إلى الذبح وكنعجةٍ صامتة أمام جازّيها فلم يفتح فاه. من الضُّغطة ومن الدينونة أُخذ، وفي جيله من كان يظن أنه قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي».
(2) آيتا 9 و12 تصدقان على المسيح وحده، فليس غيره لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش، وهو وحده الذي حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين.
(3) تقول الآية إنه «يقسم غنيمة« بعد موته. وقد تم هذا فعلاً للمسيح بمعنى روحي أكمل وأعظم، لأن بعد موته وصعوده ابتدأ الناس (ومنهم ملوك وعظماء وقادة) من كافة الأمم والشعوب أن يؤمنوا به ويحبوه كفاديهم وإلههم. وليست غنيمة أعظم من هذه.
(4) أجمع بنو إسرائيل الأولون أن هذا الأصحاح نبوَّة عن المسِيّا المُنتَظَر، وكذلك كتبة أسفار العهد الجديد المُلهَمين اقتبسوا كثيراً من أقوال هذا الأصحاح كنبوات عن المسيح التي عاينوا إتمامها فيه. ومثل هذا الأصحاح (مزمور 22) الذي قد تم أيضاً في المسيح لا سواه.
قال المعترض: «لا يمكن أن القول «مجروح لأجل معاصينا.. والرب وضع عليه إثم جميعنا« (إشعياء 53:5 و6) ينطبق على المسيح، ولا بد أنه يشير إلى نبي سبق كاتب هذه النبوَّة، أي سابق لإشعياء النبي، لأن الحديث بصيغة الماضي».
وللرد نقول: حتى لو افترضنا ما افترضه المعترض أن صيغة الماضي تتحدث عن نبي سبق النبي الذي ألقى النبوَّة، فإننا نجد أن العهدين القديم والجديد يتفقان على أنه «بدون سفك دم لا تحصل مغفرة« (عبرانيين 9:22). ولا يمكن أن يكون افتراض المعترض صحيحاً، لأنه لا التوراة ولا الإنجيل ذكرا من هو النبي الذي تحققت فيه نبوَّة إشعياء، مما يبرهن أنه لا يقدر إنسان أن يكفّر عن خطايا كل البشر.
وكل من له دراية باللغة العبرية والعربية يعرف أن الفعل الماضي قد يعني المستقبل أيضاً، إن كانت الحادثةُ القادمةُ قادمةً لا ريب فيها. عندها يتحدثون عنها في صيغة الماضي. كما أنه ليس عند الله ماضٍ وحاضر ومستقبل، فالكل عنده حاضر. وفي العبرية يُستخدم الفعل الماضي للتعريف بحالة ثابتة مستمرة. وقد فهم علماء بني إسرائيل إشعياء 53 كنبوَّة عن المسيح الآتي. فيوضح الترجوم أن كلمة «عبدي« الواردة في إشعياء 52:11 تعني المسيا. وقال سليمان يارحي: «فسّر آباؤنا هذه الكلمة بأنها تشير للمسيا، لأن المسيا مضروب كما هو مكتوب: «لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها». وقال الربي موسى الشيخ إنها تشير للمسيا الملك. وفي تعليق سليمان يارحي على زكريا 4:7 اقتبس إشعياء 52:13 وقال إنهما تشيران للمسيا.
اعتراض على إشعياء 63:17 - هل الرب يُضِل؟
انظر تعليقنا على التثنية 32:4
قال المعترض: «جاء في إشعياء 64:5 »تلاقي الفَرِحَ الصانعَ البرَّ. الذين يذكرونك في طرقك. ها أنت سَخِطْتَ إذ أخطأنا. هي إلى الأبد فنخلص«. وقال آدم كلارك إن معنى هذه الآية غير واضح، فلابد أن يكون قد حصل فيها تحريف من نقل الناسخ«.
وللرد نقول: معنى هذه الآية ظاهر، وهو أن الله يلاقي الإنسان الفرحان بعمل البر والذي يذكر طرق الرب، ويدخل في عهد معه، كما قال النبي هوشع: »فإن طرق الرب مستقيمة، والأبرار يسلكون فيها. وأما المنافقون فيعثرون فيها« (هوشع 14:9). ويعترف النبي أن شعبه أغضب الله بخطاياه، ولكنه يذكر أن رحمة الله هي إلى الأبد فلا بد من الخلاص، كما قال صاحب مزمور 103:17 «أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه«. وكما قال الله في إشعياء 54:7 و8 «لحيظة تركتُك، وبمراحم عظيمة سأجمعك. بفيضان الغضب حجبتُ وجهي عنك لحظة، وبإحسانٍ أبديٍّ أرحمك، قال وليُّك الرب«. وعبارة النبي إشعياء هي كالقول عن الروح: «إذا بلغت التراقي« وكالقول عن الشمس: «حتى توارت بالحجاب« مع أنه لم يذكر في الكلام السابق الروح ولا الشمس. والكلام الواضح لا يحتاج إلى توضيح.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة إرميا
قال المعترض: »جاء في نبوَّة إرميا 2:22 قول الله للأمة الإسرائيلية »وإن اغتسلتِ بنَطرون، وأكثرتِ لنفسكِ الإشْنان، فقد نُقش إثمك أمامي يقول السيد الرب«. ولكن إرميا ينصح هذه الأمة في أصحاح 4:14 بالقول: »اغسلي من الشر قلبَكِ يا أورشليم لكي تُخلَّصي« وهذا تناقض«.
وللرد نقول: يتحدَّث الرب في إرميا 2 عن التطهير الخارجي الطقسي الذي لا يصل إلى القلب، بينما الحاجة هي إلى تطهير جوَّاني يسمِّيه النبي »ختان القلب« (إرميا 4:4). وهذا التطهير الداخلي هو المطلوب في إرميا 4 والذي يحصل عليه الإنسان بالتوبة الصادقة، لا بالممارسات الدينية الطقسية الخارجية.
قال المعترض: «الآية الواردة في إرميا 10:11 والتي تقول: »هكذا تقولون لهم: الآلهة التي لم تصنع السماوات والأرض تبيد من الأرض ومِن تحت هذه السماوات« ليست من كتابة النبي إرميا، بل أُضيفت في تاريخ لاحق، لأنها مكتوبة باللغة الكلدية».
وللرد نقول: وردت هذه الآية باللغة الكلدية، فحسبها المعترض أُضيفت بيد كاتب آخر، ولكن الحقيقة هي أن النبي إرميا أراد بالكتابة الكلدانية أن يعطي مواطنيه رداً باللغة الكلدية يجاوبون به الكلدانيين عُباد الوثن بلغتهم، ويدعونهم لعبادة الإله الواحد خالق السماوات والأرض.
اعتراض على إرميا 18:11 - هل الرب مصدر الشر؟
انظر تعليقنا على تثنية 32:4
قال المعترض: «نقرأ في إرميا 22:30 أن الملك كنياهو كان عقيماً، ولكن في 1أخبار 3:17-19 يذكر له عدَّة أبناء، أحدهم ورد ذكره في متى 1:12. وهذا تناقض».
وللرد نقول: (1) التعبير «اكتبوا هذا الرجل عقيماً« يتَّضح معناه في نفس الآية، في القول: «لا ينجح من نسله أحد جالساً على كرسي يهوذا». وهذا يعني أن عنده أولاداً، ولكن لن يخلفه أحدٌ منهم على العرش.
(2) وقد يكون أن كنياهو (أو يكنيا) كان هو نفسه عقيماً، لأنه سيق إلى السبي وعمره 18 سنة (2ملوك 24:8 و15) ولم يُطلَق حراً إلا في الخامسة والخمسين من عمره (2ملوك 25:27). وعلى هذا فالأسماء في 1أخبار 3:17-19 يكونون ورثته لا أولاده. وربما انتهى نسل سليمان بيكنيا (2ملوك 10:13 و14 و11:1). وبموت يكنيا بدأ نسل ناثان يرث العرش، وكان شألتئيل أول من تولَّى الحكم، وهو ابن أخيه وخليفته (1أخبار 3:18 و19). وهكذا يكون البشير متى قدَّم لنا سلسلة ورثة عرش داود، وقدَّم البشير لوقا لنا سلسلة النسب الطبيعية.
(3) فإن كان يكنيا عقيماً، وقد تبنَّى أبناءه، فلا يكون المسيح من نسله، وهكذا ينتهي اعتراض المعترض.
قال المعترض: «ورد في إرميا 25:1 و11 و12 «الكلام الذي صار إلى إرميا عن كل شعب يهوذا، في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا، هي السنة الأولى لنبوخذنصَّر ملك بابل.. وتصير كل هذه الأرض خراباً ودَهَشاً، وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة. ويكون عند تمام السبعين سنة أني أعاقب ملك بابل، وتلك الأمة يقول الرب على إثمهم، وأرض الكلدانيين، وأجعلها خِرباً أبدية». ولكن ورد في إرميا 29:1 و2 و10 «هذا كلام الرسالة التي أرسلها إرميا النبي من أورشليم إلى بقية شيوخ السبي، وإلى الكهنة والأنبياء، وإلى كل الشعب الذين سباهم نبوخذنصر من أورشليم إلى بابل: بعد خروج يكنيا الملك والملكة والخصيان ورؤساء يهوذا وأورشليم والنجارين والحدادين من أورشليم.. لأنه هكذا قال الرب: إني عند تمام سبعين سنة لبابل أتعهَّدكم وأقيم لكم كلامي الصالح بِردِّكم إلى هذا الموضع». فيظهر من هذين الاقتباسين أمران: (1) مَلَكَ نبوخذنصر في السنة الرابعة من مُلك يهوياقيم، وهو الصحيح كما صرّح به المؤرخ يوسيفوس. (2) أرسل إرميا الرسالة بعد خروج يكنيا الملك ورؤساء يهوذا. ولكن إجلاء يكنيا الملك ورؤساء يهوذا والصناع كان قبل المسيح بستمائة سنة، وكان إرميا قد أرسل رسالته إليهم بعد خروجهم، فلابد أن تكون إقامة بني إسرائيل في بابل 70 سنة، وهو خطأ لأن كورش أطلقهم قبل الميلاد بنحو 536 سنة، فكانت إقامتهم في بابل 63 سنة. والجدول التاريخي في مرشد الطالبين يقول إن إرميا كتب إلى بني إسرائيل سنة 599 ق. م، وإطلاق كورش لليهود كان سنة 536 ق. م«.
وللرد نقول: (1) قال المؤرخون إن سبي يهوياكين الملك ورؤساء يهوذا والصناع كان سنة 599 ق. م، وأن كورش أمر برجوع بني إسرائيل من السبي سنة 536 ق. م، فتكون المدة بينهما 63 سنة. ولكن مُدَّة السبي تُحسب من سنة 606 ق. م، فقد أغار نبوخذنصر على أورشليم عدَّة مرات وحاصرها وسبى سكانها إلى بابل، وخرّب المدينة والهيكل، وكان ابتداء هذا الخراب من سنة 606-562 ق. م. ثم أتى كورش وأصدر أمراً برجوع بني إسرائيل في سنة 536 ق. م فتكون مدة السبي سبعين سنة، من سنة 606-536 ق. م. فإنه قبل أن يسبي نبوخذنصر الملك يهوياكين وعبيده ورؤساءه وخصيانه كما في 2ملوك 24:12-17 كان قد أذل أباه يهوياقيم، كما جاء في 2ملوك 24:1 «في أيام يهوياقيم (وهو أبو يهوياكين) صعد نبوخذنصر ملك بابل، فكان له يهوياقيم عبداً ثلاث سنين«. وكان هذا في سنة 606 ق. م. ومما يؤيد هذا ما ورد في دانيال 1:1-4 «في السنة الثالثة من مُلك يهوياقيم ملك يهوذا، ذهب نبوخذنصر ملك بابل إلى أورشليم وحاصرها. وسلّم الرب بيده يهوياقيم ملك يهوذا مع بعض آنية بيت الله، فجاء بها إلى أرض شنعار.. وأمر الملك أشفنز رئيس خصيانه أن يُحضِر من بني إسرائيل ومن نسل الملك ومن الشرفاء فتياناً لا عيب فيهم«. وهذا يبرهن أن نبوخذنصر سبى كثيرين من بني إسرائيل في عهد يهوياقيم.
(2) وقال البعض إنه يجوز أن نحسب السبي من تاريخ إحراق الهيكل إلى تاريخ تجديده، فكان إحراقه في سنة 588 ق. م، وكان تجديده في سنة 517 (يعني سبعين سنة بالتمام) وهو التاريخ الديني. فالتاريخ السياسي والتاريخ الديني متفقان أن مدة السبي هي 70 سنة.
اعتراض على إرميا 31:15 - بكاء راحيل
انظر تعليقنا على متى 2:17 و18
قال المعترض: «ورد في إرميا 31:31 و32 «ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً، ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر، حين نقضوا عهدي فرفضتهم، يقول الرب«. وهذا يعني أنّ شريعة المسيح ألغت شريعة موسى».
وللرد نقول: لو أن المعترض أورد الآيتين التاليتين لموضوع اعتراضه لاتَّضحت الأمور، فقد قال الله في آيتي 33 و34 «بل هذا هو العهد الذي أقطعه مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب: أجعل شريعتي في داخلهم، وأكتبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهاً، وهم يكونون لي شعباً. ولا يعلّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين: اعرفوا الرب، لأنّهم كلّهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم، يقول الرب، لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد». ومعنى هذا أنه مع أن الله أخرج بني إسرائيل من أرض مصر، وأنقذهم من يد فرعون، وأنزل لهم المنّ والسلوى في البرية، ونجّاهم من أعدائهم بيد قوية. إلا إنهم نكثوا عهده وزاغوا، فرفضهم. غير أنه يعطيهم وعداً جديداً بدم المسيح المعروف سابقاً، ويُظهِر رحمته ومحبته في الفادي الكريم الذي جاء لا لكي ينقض بل ليكمل وليخلِّص ما قد هلك، وينقذهم ويسكب روحه في قلوبهم، ويجعل شريعته في داخلهم حتى لا ينسوه كما نسيه آباؤهم. لا تفيد هذه العبارات نسخاً، وإنما ذكّرهم الله بمراحمه. ومع أنهم عصوه، وعدهم بالفداء وملء روحه القدوس لهم لإنارة عقولهم حتى يعرف الكبير والصغير إرادته.
اعتراض على إرميا 31:34 - الدينونة والغفران
انظر تعليقنا على جامعة 12:14
اعتراض على إرميا 34:3 - هل رأت عينا الملك صدقيا ملك بابل؟
انظر تعليقنا على 2ملوك 25:7
قال المعترض: «جاء في إرميا 35:2 أن الرب أمر إرميا «اذهب إلى بيت الركابيين وكلّمهم، وادخل بهم إلى بيت الرب إلى أحد المخادع، واسقِهم خمراً». وهذا يناقض أوامر الرب في شريعة النذير بعدم شرب الخمر، كما جاء في لوقا 1:15».
وللرد نقول: المقصود من أمر الرب لإرميا، لا أن يسقي الركابيين خمراً، عصياناً لوصية والدهم الذي أوصاهم بعدم شرب الخمر (وقد أطاعوه) بل أن يُظهِر طاعتهم لأبيهم. فعندما يدعوهم لشرب الخمر يرفضون دعوته. وكان الله يعلم مدى طاعة الركابيين لوالدهم ووصاياه، كما كان يعلم عصيان بني إسرائيل له. وأراد الله أن يعلّم بني إسرائيل درساً في الطاعة. وهذا يشبه أمر الله لإبراهيم أن يذبح ولده، فلم يكن المقصود من ذلك ذبح الابن، بل إظهار طاعة إبراهيم، الذي كان يحب الله أكثر من حبّه لابنه. وكان الله يعلم ذلك، لكنه أراد أن يعلنه ويوضحه، ليكون درساً للذين يطيعون الله وللذين يعصونه.
قال المعترض: »جاء في إرميا 43:8-13 أن إرميا تنبأ أن نبوخذنصر ملك بابل سيغزو مصر، ولكن لا يوجد أي برهان تاريخي على أن هذه النبوَّة قد تحققت«.
وللرد نقول: إلى وقت قريب كان يوسيفوس المؤرخ اليهودي هو الوحيد المعروف لنا، والذي ذكر أن نبوخذنصر غزا مصر. ورفض العلماء ما قاله يوسيفوس بحُجَّة أنه كتب ما كتب ليؤيد أقوال النبي إرميا. ولكن علماء الآثار اكتشفوا شهادة مؤرخ بابلي ترجع إلى عام 567 ق م تؤكد أن نبوخذنصر غزا مصر، ثم اكتشفوا نقشاً على تمثال نسحور حاكم مصر العليا يؤيد الخبر نفسه. صدقت نبوَّة إرميا، وصدق تحقيقها.
قال المعترض: »جاء في إرميا 46:2 أن الملك نبوخذنصر هاجم أورشليم في السنة الرابعة لمُلك الملك يهوياقيم، ولكن دانيال 1:1 يقول إن الهجوم كان في السنة الثالثة من مُلك يهوياقيم«.
وللرد نقول: التأريخان صحيحان، وسبب التناقض الظاهري أن النبي إرميا استخدم التقويم الأشوري، الذي هو تقويم الغُزاة، والذي كان يعتبر شهر نيسان (تقريباً شهر أبريل) أول شهور السنة، بينما استخدم النبي دانيال التقويم اليهودي، والذي كان يعتبر شهر تشري (تقريباً شهر أكتوبر) أول شهور السنة. وقد تولى يهوياقيم المُلك في شهر تشري سنة 609 ق م، وكانوا يحسبون بداية مُلك الملك من أول يوم في السنة الجديدة. ولما كان يهوياقيم قد تولى الحكم بعد بداية السنة بأيام قليلة، فقد حسب إرميا مُلكه من أول نيسان، وذلك بعد بضعة شهور من مُلكه الفعلي، بينما حسب دانيال مُلك يهوياقيم من أول تشري، وذلك بعد نحو سنة من مُلكه الفعلي. وقد غزا نبوخذنصر أورشليم عام 605 ق م بين شهري نيسان وتشري، فيكون ذلك في السنة الرابعة من حكم يهوياقيم بحسب تأريخ إرميا، وفي السنة الثالثة بحسب تأريخ دانيال.
قال المعترض: «الأصحاح الثاني والخمسون أُلحق بنبوَّة إرميا لأن السفر ينتهي بنهاية الأصحاح الحادي والخمسين، والذي ينتهي بالقول »إلى هنا كلام إرميا«.
وللرد نقول: واضح من العبارة «إلى هنا كلام إرميا» أن الأصحاح الثاني والخمسين من إضافة نبي آخر، ولا نفرِّق بين الأنبياء الذين أوحى الله لهم. وأصحاح 52 مقدمةٌ لمراثي إرميا، السِّفر الذي يلي نبوَّة إرميا مباشرةً، وأُخِذ أغلب أصحاح 52 من سفر الملوك الثاني أصحاحي 24 و25. وهو يوضح تحقيق النبوات التي تنبأ بها إرميا عن خراب مملكة بني إسرائيل وهيكلهم، الأمر الذي يبكي عليه سفر المراثي.
اعتراض على إرميا 52:28 - عدد المسبيين
انظر تعليقنا على 2ملوك 24:14
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة حزقيال
قال المعترض: »جاء في حزقيال 1:5-28 أنه رأى شِبه أربعة حيوانات، راكضة وراجعة كمنظر البرق (آية 14) كانت ترتفع عن الأرض (آية 19) فترتفع عجلاتها معها (آية 20). وقد فسر البعض ما رآه النبي حزقيال بأنه زيارة كائنات من كواكب أخرى إلى أرضنا«.
وللرد نقول: ما قاله النبي حزقيال لا يصف كائنات فضائية، بل يصف رؤيته لمجد الرب، لأنه يقول في آية 28 »هذا منظر شِبه مجد الرب«. ثم أن النبي كان يرى رؤيا، وللرؤى معانيها الرمزية غير الحرفية، كما قيل في سفر الرؤيا 1:20 »سرّ السبعةِ الكواكب التي رأيت على يميني، والسبعِ المناير الذهبية: السبعة الكواكب هي ملائكة السبع الكنائس، والمناير السبع التي رأيتها هي السبع الكنائس«. وعلى هذا فقوله في حزقيال 1:5 »شِبه أربعة حيوانات« لا يعني أن النبي رأى حرفياً أربعة كائنات حية. والأغلب أن الحيوانات الأربعة التي رآها كانت ملائكة، لأنه يقول في آية 6 إن لكل واحد منها أربعة أجنحة لتطير بها. وهو ما يذكِّرنا بملائكة السرافيم التي رآها إشعياء النبي، ولكل واحد منها ستة أجنحة (إشعياء 6:2)، كما يذكِّرنا بالأربعة الحيوانات المملوَّة عيوناً من قدام ومن وراء التي رآها يوحنا الرائي (رؤيا 4:6). وقد حملت هذه الكائنات الأربعة رسالة من الرب إلى نبيِّه حزقيال، وليس من كائنات فضائية، ليبلغ الرسالة إلى بني إسرائيل »الأمَّة المتمردة«»امضِ إلى بيت إسرائيل وكلِّمهم بكلامي« (3:4). التي تمرَّدت على الله (حزقيال 2:1-4)، فقال الله له:
ولا يوجد أي دليل على وجود كائنات تسكن كواكب أخرى، ولو أنه توجد أرواح شريرة يسمّيها الكتاب المقدس »روح كذب«»أرواحاً مُضلَّة« (1تيموثاوس 4:1). وهؤلاء نميِّزهم بكذبهم وضلالهم، كما يتميَّز النبي المضل والعرافون والسحرة والعائفون (تثنية 13:1-9، 18:9-14 و1تيموثاوس 4:1-3). (1ملوك 22:22) و
قال المعترض: «ورد في حزقيال 4:10-12 «وطعامك الذي تأكله يكون بالوزن: كل يوم عشرين شاقلاً.. وتأكل كعكاً من الشعير. على الخُرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام عيونهم. وقال الرب: هكذا يأكل بنو إسرائيل خبزهم النجس بين الأمم الذين أطردهم إليهم. فقلت: آه يا سيد الرب، ها نفسي لم تتنجس، ومن صباي إلى الآن لم آكل ميتة أو فريسة، ولا دَخَل فمي لحم نجس. فقال لي: انظر قد جعلتُ لك خثي البقر بدل خُرء الإنسان، فتصنع خبزك عليه. وقال لي: يا ابن آدم، هأنذا أكسّر قوام الخبز في أورشليم فيأكلون الخبز بالوزن وبالغم، ويشربون الماء بالكيل وبالحيرة لكي يعوزهم الخبز والماء ويتحيروا الرجل وأخوه، ويفنوا بإثمهم». فهذا ناسخ ومنسوخ».
وللرد نقول: لا ناسخ ولا منسوخ، بل هذه استجابة صلاة النبي حزقيال، فقد استغاث النبي بالله فأجاب صلاته وحقق طلبته. وقد تمت نبوته هذه بحصار أورشليم.
قال المعترض: «قال الله في حزقيال 12:13 عن الملك صدقيا: «آتي به إلى بابل، إلى أرض الكلدانيين ولكن لا يراها، وهناك يموت». فكيف يأتي إليها ولا يراها؟».
وللرد نقول: نعم أتى إليها ولكنه لم يرها، لأن ملك بابل أعمى عيني الملك صدقيا، ثم قيَّده بسلاسل وجاء به إلى بابل، كما أوضحنا في تعليقنا على 2ملوك 25:7.
قال المعترض: »جاء في حزقيال 14:9 »فإذا ضلَّ النبيُّ وتكلَّم كلاماً فأنا الرب قد أضللتُ هذا النبي«. فكيف يضلل الله الأنبياء؟«.
وللرد نقول: إذا ضلَّ النبي فإنه يضل من عند نفسه، ويسمح الرب له بأن يعلن ضلالاته للناس، لأنه لا يُكرِه أحداً على طاعته، ولكنه يحذِّر الناس من ضلال النبي المضلل بأن يرسل الأنبياء الصادقين الذين يعلنون الحق. لقد أبغض الأنبياء الكذبة الحق السماوي، ولم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا، ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدِّقوا الكذب، لكي يُدان جميع الذين لم يصدِّقوا الحق بل سُرُّوا بالإثم (2تسالونيكي 2:10-12).
اعتراض على حزقيال 18:20 - الابن لا يحمل من إثم الأب
انظر تعليقنا على خروج 20:5 ويشوع 7:1 ولوقا 11:51
قال المعترض: »جاء في حزقيال 20:25 »وأعطيتهم أيضاً فرائض غير صالحة، وأحكاماً لا يحيون بها«. وهذا يناقض آيات كثيرة تقول إن فرائض الرب صالحة مثل »ناموس الرب كامل يردّ النفس. شهادات الرب صادقة تصيِّر الجاهل حكيماً« (مزمور 19:7)«.
وللرد نقول: القصد بالفرائض غير الصالحة هي الفرائض الوثنية التي سمح الله لبني إسرائيل أن يتبعوها ويمارسوها لأنهم عصوه، وهو يصفهم في آية 21 من ذات الأصحاح بالقول »فتمرَّد الأبناء عليَّ. لم يسلكوا في فرائضي ولم يحفظوا أحكامي ليعملوها«. ويمكن أن يُقال إن وصايا الله ضارة بالخاطئ الذي لا يطيعها، لأنها تحكم عليه وتدينه. إنها رائحة حياة لمن يحيا بحسبها، لكنها رائحة موت لمن يكسرها ويتعدَّى عليها. وقد قال الرسول بولس: »هل الناموس خطية؟ حاشا!.. ولكن الخطية، وهي متَّخذة فرصة بالوصية أنشأت فيَّ كل شهوة. لأن بدون الناموس الخطية ميتة« (رومية 7:7 و8). فالوصية صالحة لأنها تعلن لنا إرادة الله، ولكنها تنشئ في الخاطئ الرغبة في عصيانها لأنه لا يحب الله، ولأنه يتمرد عليه.
قال المعترض: «ما جاء في حزقيال 23 عن أُهولة وأُهوليبة هو من الكتابات الفاضحة التي يجب إلاّ يرد ذكرها في كتاب يدَّعي أصحابه أنه مقدس».
وللرد نقول: المقصود بأهولة وأهوليبة مدينتان هما السامرة عاصمة مملكة إسرائيل، وأورشليم عاصمة مملكة يهوذا. وكانت مملكة بني إسرائيل مملكة واحدة متحدة تحت حكم داود وسليمان، ولكنها انقسمت بعد موت سليمان إلى مملكة شمالية عاصمتها السامرة، وجنوبية عاصمتها أورشليم.
وكان الله قد أمر بنَصب خيمة الاجتماع (مكان العبادة) في عاصمة مملكة يهوذا، أما مملكة إسرائيل فلم يوافق قط على إقامة خيمة عبادة فيها. ومن هذا نفهم لماذا أطلق الله على السامرة اسم «أهولة« (ومعناها في العبرية: خيمتها) كما أطلق على أورشليم اسم «أهوليبة« (ومعناها في العبرية: خيمتي فيها). فالمملكة الشمالية أقامت خيمة نفسها، أما المملكة الجنوبية فكان يجب أن تكون فيها وحدها خيمة الله وحده. وقد بنى الملك سليمان هيكل الله ليكون «خيمة الله في أورشليم».
غير أن المملكتين الشمالية والجنوبية خانتا عهد الله، وهو ما يسمّيه أنبياء التوراة بالزنى الروحي. وأخذت المملكتان تعبدان أوثان الممالك المحيطة بهما. وخيانة شعب الله لله أشرُّ من خيانة شريك الحياة، ولذلك يوبخ النبي حزقيال العاصمتين الخائنتين بكلمات رهيبة حقاً، فقد سقطت الدولتان إلى الدّرك الأسفل.
كلام حزقيال النبي إذاً هو عن مدينتين خانتا عهد إلههما، وليس عن سيدتين. وتعبيرات النبي حزقيال قاسية جداً، لأن الخيانة الروحية كانت قاسية عليه وعلى الله. وقد قال المسيح لمن خانوا استخدام بيت الله: «مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص« (متى 21:13). واللص خائن - الخيانة التي وصفها حزقيال النبي بالزنى الروحي.
قال المعترض: «ورد في حزقيال 26:1-14 «وكان في السنة الحادية عشرة في أول الشهر أن كلام الرب كان إليّ قائلاً.. هائنذا أجلب على صور نبوخذنصر ملك بابل بخيلٍ وبمركبات وبفرسان وجماعةٍ وشعب كثير، فيقتل بناتك في الحقل بالسيف، ويبني عليكِ معاقل، ويبني عليكِ برجاً ويرفع عليكِ ترساً، ويجعل مجانق على أسواركِ ويهدم أبراجكِ بأدوات حربه.. بحوافر خيله يدوس كل شوارعكِ. يقتل شعبكِ بالسيف فتسقط إلى الأرض أنصابُ عزّكِ وينهبون ثروتكِ ويغنمون تجارتكِ ويهدّون أسواركِ ويهدمون بيوتكِ البهيجة، ويضعون حجارتكِ وخشبكِ وترابكِ في وسط المياه.. وأُصيّركِ كضِحّ الصخر، فتكونين مَبْسطاً للشِّباك، لا تُبنَيْن بعد». وهذا خطأ، لأن بختنصر حاصر صور 13 سنة، واجتهد كثيراً في فتحها، ولكنه رجع خائباً. فاحتاج حزقيال إلى العذر (والعياذ بالله)، فقال في الأصحاح 29:17-20 «وكان في السنة 27 أن كلام الرب كان إليَّ قائلاً: إن نبوخذنصر استخدم جيشه خدمةً شديدةً على صور. كل رأس قَرِعَ وكل كتف تجرّدت، ولم تكن له ولا لجيشه أجرة من صور، لذلك قال السيد الرب: »أبذل أرض مصر لنبوخذنصر، فيأخذ ثروتها ويغنم غنيمتها وينهب نهبها، فتكون أجرةً لجيشه. قد أعطيتهُ أرض مصر لأجل شُغْله الذي خدم به، لأنهم عملوا لأجلي». ولما لم يحصل نبوخذنصر وجنوده على أجرة من محاصرة صور، وعده الله بمصر. ولم نعلم إذا كان هذا الوعد مثل الوعد السابق، أو حصل له الوفاء. هل يكون وعد الله هكذا؟ هل يعجز الله عن الوفاء بوعده؟».
وللرد نقول: هذه نبوَّة صادقة من الله على فم نبيِّه حزقيال، والدليل على صدقها أن النبي كان يعرف مناعة مدينة صور، ويعرف أن شلمنأصر عجز بكل جيشه عن الاستيلاء عليها، بعد أن أغرق السوريون أسطوله العظيم بمراكبهم القليلة، ومع ذلك قال النبي إن نبوخذنصر سيستولي عليها. وقال «مناندر« الأفسسي في ترجمته للتواريخ الفينيقية إلى اللغة اليونانية، إن نبوخذنصر حاصرها 13 عاماً لما كان أثوبال ملكاً عليها، وتكبّد جيشه المشقات، ثم استولى عليها. وبذلك تحقق قول النبي إن نبوخذنصر استخدم جيشه «خدمة شديدة على صور، كل رأس قرع، وكل كتف تجرّدت« وهذا نتيجة للحصار الطويل. ونقل المؤرخ يوسيفوس عن تواريخ فينيقية أن الصوريين كانوا يأتون بملوكهم بعد هذا الحصار من بابل، لأن نبوخذنصر أسر ملوكهم وسباهم إلى بلاده، مما يدل على تمام إخضاع وإذلال صور وزوال مُلكها.
أما ما ذكره النبي حزقيال من أن الملك نبوخذنصر لم تكن له ولا لجيشه أجرة، فلأنه لم يجْنِ منها فوائد تُذكَر، لأن ثروتها نُزِفَت من طول حصاره لها، وكانت الغنائم قليلة بالنسبة إلى ما تجشَّمه مع جيوشه من الأتعاب. ومما يؤيد هذا قول العلاّمة إيرونيموس (جيروم): «قرأنا في التواريخ الأشورية أنه لما حاصر نبوخذنصر صور ولم يجد أهلُها منفذاً للهروب والنجاة، ورأوا أنه لا بد من الوقوع في مخالبه، هربوا في مراكبهم إلى قرطاجنة، فإنهم كانوا أشهر الأمم في التجارة والملاحة. فهرب البعض منهم إلى بحر اليونان، والبعض إلى بحر أوجين. ولما رأى أهل صور أن أعمال الحصار كادت أن تتم على مرام أعدائهم، وتزعزعت أساسات الأسوار بضرب المجانق، نقلوا كل ما كان ثميناً من ذهب وفضة وثياب، وكل ما عند أشرافهم من الأمتعة الثمينة إلى المراكب، وذهبوا بها إلى الجزائر. فلما أخذ نبوخذنصر هذه المدينة لم يجد فيها شيئاً يكافئ تعبه، فتكدّر من ذلك كدراً شديداً، فأنبأه النبي حزقيال بأنه سيستولي على أرض مصر، وهي تكافئ أتعابه. ولا يلزم من عدم أخذ مكافأة من صور أنه لم يستولِ عليها، فكم من إنسان يتعب أتعاباً شاقة وتكون الثمرة أقل من التعب».
وقد تمت نبوات الأنبياء على صور بما لم يبقَ معه شك، فخرّب نبوخذنصر هذه المدينة القديمة، وأنشأ إسكندر ذو القرنين من أطلالها وآثارها طريقاً لتوصيل الأرض بالجزيرة التي كانت قائمة عليها. وقال أحد الأفاضل: لا عجب إذا لم يوجد أثرٌ لهذه المدينة القديمة، فأصبحت سواحل رملية، وتغيَّرت معالمها ودُفن الصهريج العظيم في الرمال. وبذلك تمّ قول النبي: «ولا تُبْنَينْ«. فلم تعُد هذه المدينة إلى ما كانت عليه من القوة والرفعة وقت حزقيال النبي. ولما استولى إسكندر عليها لم يحرقها فقط، بل أنشأ الإسكندرية في مصر، فانتقلت التجارة إليها وزالت من صور. ومن سوء حظها أن تداولت الدول عليها، فكانت تارة تحت حكم البطالسة ملوك مصر، وأخرى تحت حكم السلوقيين ملوك سوريا. وأخيراً وقعت في يد روما. وفي سنة 639م استولى عليها المسلمون، وفي سنة 1124م استولى عليها المسيحيون في الحرب الصليبية، وفي سنة 1289م استرجعها مماليك مصر، فنهبوها. وفي سنة 1516م استولى عليها الأتراك. وبعد أن كانت مركزاً للتجارة أصبحت أطلالاً لا يعرّج عليها سوى قوارب الصيادين المساكين، وبذلك تمّ قول الله: «وأصيّر صور ضِحّ الصخور ومَبْسطاً للشِّباك« (حزقيال 26:4 و5).
وكل ذلك مصداق لقول النبوات، فإن الأنبياء تنبأوا أن عظمتها وقوتها ستصبح أطلالاً بالية، وقد تمّ ذلك فعلاً. أما من جهة استيلاء نبوخذنصر على مصر فقال المؤرخ الوثني «ميجاسثينيس« (نحو سنة 300 ق م) إنه لما سمع نبوخذنصر بوفاة والده، رتّب الأمور في مصر، وسلّم الأسرى الذين سباهم في مصر لبعض أصحابه، وبادر مسرعاً إلى بابل. وقال مؤرخ وثني آخر هو »بيروسوس« إن نبوخذنصر استولى على أشور وقهر العمونيين والموآبيين، ثم شنّ الغارة على مصر وقتل مَلِكها وعيّن ملكاً آخر». (راجع تعليقنا على إرميا 43:8-13).
اعتراض على حزقيال 45 و46 - وصف الهيكل
انظر تعليقنا على سفر العدد 28 و29
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة دانيال
قال المعترض: »جاء في الآية الأولى من نبوَّة دانيال »في السنة الثالثة من مُلك يهوياقيم ملك يهوذا« مما يبيِّن أن النبي دانيال كتب سفره في القرن السادس قبل الميلاد. ولكن السفر يحتوي على معلومات واسعة وكثيرة عن ممالك العالم من حكم نبوخذنصَّر نحو 605 ق م إلى حكم الإمبراطورية الرومانية الذي بدأ في عام 241 ق م، واستمر إلى أن استولى بومبي على أرض الميعاد عام 63 ق م. فلا يمكن أن يكون دانيال هو كاتب السفر«.
وللرد نقول: يحتوي سفر دانيال على نبوات عظيمة، بدأ تحقيقها في عصره، وامتد تحقيقها إلى مئات السنين بعد زمنه. ويحتوي الأصحاح 11 من نبوته على نبوات تفصيلية تمتد من حُكم كورش العظيم إلى عصر المسيح الدجال، الذي هو ضد المسيح، في نهاية الدهر الحاضر، وإلى الأبدية. وتنبّؤ دانيال بالآتيات دقيق جداً حتى يحسبه القارئ رواية تاريخية سجَّلها شاهد عيان! ولكن دانيال سجل هذه النبوات التفصيلية قبل حدوثها بمئات السنين. وقد قال الكافرون بالنبوات إن دانيال لا يمكن أن يكون كاتب السفر، بل كتبه غيره بعده وعزاه إليه، ولكن المؤمنين الذين يؤمنون بعلم الله السابق وإعلانه الصحيح لعبيده الأنبياء يدركون أن الله أنبأ على لسان عبده دانيال بكل ما سجَّل في سفره من أمور مستقبلية.
اعتراض على دانيال 1:1 - متى هاجم نبوخذنصَّر أورشليم؟
انظر تعليقنا على إرميا 46:2
قال المعترض: «جاء في دانيال 1:21 أن دانيال بقي إلى السنة الأولى لكورش الملك، ولكننا نجد دانيال لا يزال موجوداً حتى السنة الثالثة لكورش كما يظهر من دانيال 10:1».
وللرد نقول: ظل دانيال في موضع المسئولية والحكم حتى السنة الأولى من حكم الملك كورش، وعرف باستجابة صلاته إذ أصدر كورش الأمر بعودة بني إسرائيل إلى أرضهم. ثم عاش سنتين بعد صدور أمر كورش في بابل، في التقاعد، حتى مات.
قال المعترض: «جاء في دانيال 2:48 أن شهرة دانيال كانت عظيمة في مملكة بابل، ولكننا لا نجد له ذكراً في دانيال 3:12 عندما رفض أصحابه الثلاثة السجود لتمثال الذهب».
وللرد نقول: الأغلب أن دانيال كان غائباً عن العاصمة في عمل يتعلق بالدولة، وحدثت أزمة السجود للتمثال أثناء سفره خارج العاصمة.
قال المعترض: «غناء الفتيان الثلاثة في أصحاح 3 من نبوَّة دانيال، وأصحاحي 13 و14 منه يعتقد بها الكاثوليك، وهي مرفوضة عند اليهود والبروتستانت. ثم إن ثيودوشن (الذي ترجم التوراة إلى اللغة اليونانية) أدرج بين آيتي 23 و24 من الأصحاح الثالث ترنيمة الفتيان الثلاثة، وأدرج قصة سوسنة والتنين في أصحاحي 13 و14 وحذت حذوه الترجمة اللاتينية».
وللرد نقول: لم يحتوِ الأصل العبري للتوراة على الأجزاء التي أشار إليها المعترض، ولا يوجد أدنى دليل على أنها كُتبت باللغة العبرية أو الكلدية. وما كان يجب أن المعترض يعوِّل على الترجمات، بل على التوراة العبرية الأصلية التي حافظ بنو إسرائيل عليها، فهي الحَكَم الفصل. فإذا ترجم أحد العارفين باللغات الشرقية كتاباً إلى إحدى اللغات الغربية، ثم أضاف عباراتٍ أو قصصاً ليست في الأصل، فليس من حقه أن يضيف، وإضافته هذه لا تُخلّ بالكتاب الأصلي في شيء، لأن الأصل محفوظ عند أهله. وقد كانت نُسَخ التوراة منتشرة، فإذا تصرّف مترجم في الترجمة انكشف أمره.. فلا عجب إذا قام إيرونيموس أحد العلماء ورفض كل ما كان زائداً على الأصل العبري، وقال إنها خرافة. وقد رفض كثيرون من العلماء المسيحيين الفصول التي أشار إليها المعترض، ومنهم يوليوس الإفريقي ويوسابيوس وأبوليناريوس، وقالوا إنها من الخزعبلات، ونحا هذا النحو إيراسموس وغيره من العلماء المتأخرين.
راجع تعليقنا على الأبوكريفا في القسم الأول من هذا الكتاب.
قال المعترض: »جاء في دانيال 5:1 أن آخر ملوك بابل هو بَيْلشاصَّر، ولكننا لا نجد أثراً لصاحب هذا الاسم في التاريخ البابلي ولا اليوناني، وهذان التاريخان يسجلان أن آخر الملوك البابليين هو نابونيدُس«.
وللرد نقول: أثبتت الاكتشافات الأثرية والحفريات الحديثة أن بيلشاصر كان قائماً مقام الملك نابونيدُس. وقد حكم نابونيدس من سنة 556 إلى 539 ق م. وفي السنة الثالثة من حكمه (553 ق م) ترك بابل وسافر في رحلة طويلة، تاركاً مقاليد الحكم لابنه البكر بيلشاصر. وعندما هزم كورش مملكة بابل كان نابونيدس في »تيما« شمال شبه الجزيرة العربية. والدليل من نبوَّة دانيال على أن بيلشاصر كان قائماً مقام الملك أنه في وقت حيرته دخلت إليه الملكة، زوجة الملك نابونيدُس، وأشارت عليه أن يستدعي دانيال ليقرأ له الكتابة الأعجمية على الحائط، ولم تدخل زوجة بيلشاصر لأنها لم تكن الملكة.
قال المعترض: »جاء في دانيال 5:31 أن داريوس المادي أخذ المملكة من بيلشاصر، وعمره 62 سنة. ولكن العلماء المعاصرين يقولون إنهم لا يجدون لداريوس المادي أثراً في كتابات المؤرخين«.
وللرد نقول: كما قلنا في تعليقنا على دانيال 5:1 إن دانيال سجَّل اسماً حقيقياً، نقول مرة أخرى إن الاكتشافات والحفريات الحديثة أثبتت صحة ما قاله النبي دانيال، فهناك داريوس المادي، وداريوس الفارسي، المعروف بداريوس الأول والذي حكم من 521-486 ق م. وكان كورش العظيم قد أناب عنه داريوس المادي في حكم كل مملكة بابل.
قال المعترض: «ورد في دانيال 8:13 و14 «فسمعتُ قدوساً واحداً يتكلم، فقال قدوسٌ واحدٌ لفلانٍ المتكلم: إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين؟ فقال لي: إلى 2300 صباح ومساء، فيتبرأ القدس». وجميع مفسري التوراة من يهود ومسيحيين ومعهم يوسيفوس مضطربون في تفسير هاتين الآيتين، وفسَّره بعضهم بحادثة أنطيوخوس أبيفانيس (عام 161 ق م) الذي ولاه الرومان على أورشليم. ونحن نعترض على أن أنطيوخوس داس القدس ثلاث سنين ونصف، كما قال يوسيفوس، فإن الـ2300 يوماً هنا هي أيام تتكوَّن من 24 ساعة. ولكن النبي دانيال يقول أن أنطيوخوس سيدوس القدس مدة ست سنين وثلاثة أشهر وتسعة عشر يوماً».
وللرد نقول: قال يوسيفوس (الكتاب 12 ف 7) إن المدة التي توقفت فيها العبادة اليهودية في الهيكل هي ثلاث سنين بالتمام. ولكنه قال في كلامه عن الحروب اليهودية (الكتاب 1 ف 1) إن أنطيوخوس ألغى تقديم ذبيحة الكفارة اليومية مدة ثلاث سنين وستة أشهر. ويرجع سبب تناقض أقوال يوسيفوس إلى أن أنطيوخوس أهان العبادة اليهودية بمنكرات جمَّة، فأرَّخ يوسيفوس بدءاً من إحدى هذه الكوارث، ثم بدا له أن كارثة أخرى جديرة بأن تكون بدء مظالمه، فيؤرخ منها. ولكن دانيال النبي راعى في النبوات كل مظالمه من أولها إلى آخرها، والدليل على ذلك أنه لم يقتصر على ذِكر تعطيل المحرقة الدائمة، بل قال أيضاً «ومعصية الخراب». ولا شك أنه حصلت حوادث جمّة في تاريخ أنطيوخوس يجوز أن يُحسب منها مدة معصية الخراب وإزالة المحرقة الدائمة، فقد عيَّن ياسون رئيس كهنة في سنة 171 ق.م فتوقفت الذبيحة الدائمة. وياسون هو أخ أونياس الذي أدخل في أورشليم عادات اليونان وألعابهم وخلاعتهم، ولم ينل رتبة رئيس الكهنة إلا بالدسائس، وتعهّد للملك أن يدفع له 360 وزنة فضة إذا صرّح له بإنشاء مكان لتعليم شبان بني إسرائيل عادات الوثنيين وتسميتهم بالأنطوخيين، فأذن له بذلك. فازدرت الكهنة بهيكل الله وذبائحه، وبادروا إلى الألعاب اليونانية وفضّلوها على غيرها. فهذه حادثة مهمة يجوز أن يُحسب منها تعطيل المحرقة ومعصية الخراب. (انظر بريدو 3:216 و1مكابيين 1:11-15) فإذا حُسبت نبوَّة دانيال من هذه الحادثة، كانت المدة ست سنين وثلاثة أشهر وعشرين يوماً بالتمام والكمال، لأن مبدأها 5 أغسطس سنة 171، وانتهاؤها وهو إعادة العبادة الحقيقية في 25 ديسمبر سنة 165 ق.م (انظر بريدو 3:265-268).
وقد أشار النبي دانيال إلى هذا الوقت بكل دقة، كما يفعل المؤرخ الصادق.
قال المعترض: «ورد في دانيال 9:24-26 «سبعون أسبوعاً قُضِيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم، وليُؤتَى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوَّة، ولمسْح قدوس القدوسين. فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع و 62 أسبوعاً. وبعد 62 أسبوعاً يُقطَعُ المسيح، وليس له». وهذا لا يصدق على المسيحيين، لأنهم لم يكونوا موجودين، لأن المسيح لم يكن قد جاء. وقد مضى أزيد من ألفي سنة على المدة المذكورة. وتفسيرات علماء المسيحية مرفوضة لأن تفسير اليوم بمعنى أنه أسبوع يتعارض مع القرينة».
وللرد نقول: (1) معنى كلمة »أسبوع« في اللغة العبرية سبعة آحاد، وهناك كلمة عبرية أخرى معناها سبعة أيام. وإذا سُئل: ما هي القرينة الدالة على أن المعنى المقصود بكلمة الأسبوع هنا سبعة؟ قلنا: إن دانيال كان يتأمل في مدة السبي، وهي سبعون سنة، فأخذ يصلي ليعرف منتهى الأمر، كما يظهر من هذا الأصحاح. فأتى جبرائيل الملاك وقال إنه يلزم للحادثة المهمة ليس سبعين سنة بل سبعين أسبوعاً، أي سبعين سنة في سبعة. فإن التأمل كان في السنوات السبعين، وهي قرينة توضح المعنى.
(2) والأسبوع في اللغة العربية يمكن أن يكون بمعنى سبعة. قال الليث: «الأسبوع من الطواف ونحوه سبعة أطواف». وإذا أرادوا تخصيصها قالوا الأسبوع من الأيام أمام سبعة أيام كما في كتب اللغة العربية (انظر لسان العرب ج 10 ص 8 وسطر 16) وورد في المصباح: «الأسبوع من الطواف بضم الهمزة سبع طوفات، والجمع أسبوعات وأسابيع.. والأسبوع من الأيام سبعة أيام، وجمعه أسابيع». فانظر كيف قيّد الأسبوع بقوله: والأسبوع من الأيام.
(3) معنى قوله «تكميل المعصية وتتميم الخطايا« (دانيال 9:24) هو تكميل ذبيحتي الخطية والمعصية. ولكلمة »تكميل« في العبرية معنى آخر، هو »سَتْر«، فالخطية التي كانت مكشوفة وعريانة أمام الله البار القدوس، أصبحت الآن برحمته مستورة. وكلمة «تتميم الخطايا« هي في الأصل بمعنى ختم الخطايا وحبسها، فإنه لما كان النبي دانيال متحيراً ومتفكراً في خطية شعبه وكيف يغفرها الله لهم، أجابه الله بقوله إنه بعد 70 أسبوعاً من السنين يهيئ الله كفارة كافية عن الخطية، فتظهر عدالته وحكمته الفائقتين في أنه يسامح الخاطئ التائب، دون أن يضحي بعدالته. فالمسيح صار كفارة عن آثامنا كما قال النبي هنا. وقد كنا نستوجب القصاص في جهنم النار إلى الأبد، ولكنه احتمل في جسده خطايانا وصُلب لأجل آثامنا، فتبرَّرنا ببره. وهذا هو معنى قوله: «يُؤتَى بالبر الأبدي». فعندما يؤمن الخاطئ بالمسيح تُستَر خطاياه ويقف مبرَّراً أمام الله.
(3) وقد وردت قولة «لمسْح قدوس القدوسين« (دانيال 9:24) في الكتاب المقدس على »قدس أقداس الهيكل« نحو 28 مرة (خروج 26:32 و34 و29:37 و30:29 و36 وغيره) الذي يرمز إلى عمل المسيح، لأنه يبني هيكل الرب (زكريا 6:12، 13). فاستُخدمت التعبيرات المستعملة في العهد القديم لتدل على أعمال الإنجيل، كقوله: «أنتم هيكل الله الحيّ، كما قال الله سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً» (2كورنثوس 6:16). فالمراد بقوله «قدوس القدوسين« هو الكنيسة المسيحية، والمراد بقوله «ولمسْحها« انسكاب الروح القدس، كما حدث في يوم الخمسين (أعمال 2). فهذا هو معنى هذه الآية بغير تكلّف ولا تعسّف.
قال المعترض: «ما جاء في دانيال 9:24-26 لا يصدق على المسيحيين، لأن يوسيفوس يقول إنه قد مضت 600 سنة بين إطلاق كورش لبني إسرائيل ليرجعوا إلى بلادهم (عزرا 1) وولادة المسيح. وجاء في كتاب »مرشد الطالبين« (جزء 2 فصل 20) أن رجوع بني إسرائيل من السبي وتجديدهم الذبائح في الهيكل، كان سنة أطلقهم كورش، وهي 536 ق.م، مع أن سبعين أسبوعاً هي 490 سنة، فمن الواضح أن المقصود هنا ليس هو مسيح بني إسرائيل«.
وللرد نقول: أصدر كورش أمراً ببناء الهيكل فقط، ولكنه لم يصدر أمراً ببناء أورشليم. وقد فرَّق النبي دانيال بين الأمرين، لأن كورش، رغبةً منه في رضى الآلهة، سمح بإعادة بناء الهيكل. ولكنه لم يسمع بإعادة بناء أسوار أورشليم وحصونها لئلا تثور عليه. واعتُبر بناء الهيكل نهاية سنوات السبي السبعين. وأورد عزرا 1:2، 3 نصَّ أمر الملك: «هكذا قال كورش ملك فارس: جميع ممالك الأرض دفعها لي الرب إله السماء، وهو أوصاني أن أبني له بيتاً في أورشليم التي في يهوذا. مَنْ منكم مِن كل شعبه ليكنْ إلهه معه ويصعد إلى أورشليم التي في يهوذا فيبني بيت الرب إله إسرائيل. هو الإله الذي في أورشليم». ولم يذكر في أمره كلمة عن بناء أورشليم. ولكن تمَّ بناء أورشليم في عهد ملكٍ آخر هو أرتحششتا لونجيمانوس، الذي بدأ حكمه سنة 464 ق.م وحكم 40 سنة وثلاثة أشهر، وفي عهده تولى نحميا حُكم اليهودية. وكان نحميا أولاً ساقي الملك أرتحششتا عندما بلغته أخبار بني إسرائيل التعيسة فاغتمّ. ولاحظ الملك ما به من الكمد، ولما عرف منه سبب ذلك عيّنه والياً على اليهودية، وفوّض له تحسين أورشليم وأعطاه أمراً ملكياً بذلك. وبناءً على ذلك سافر نحميا إلى اليهودية ومعه ضباط وجنود وفرسان. فهذا هو الأمر الملكي الذي يوافق أقوال النبي دانيال. وأجمع المؤرخون على أن صدور الأمر ببناء أورشليم كان في السنة العشرين من حكم أرتحششتا، ولكنهم اختلفوا بعض الاختلاف في ابتداء حكمه. فحقق العلاّمة هنجستنبرج أنه كان سنة 474 ق.م، وعليه تكون السنة العشرون من أرتحششتا هي سنة 454 ق.م. فإذا طرحنا هذه المدة من حاصل ضرب 69 أسبوعاً في 7، (وهي المدة التي قال عنها النبي دانيال في 9:25) كان الباقي 29 سنة ميلادية، وهي سنة بداية خدمة المسيح العلنية.
وبيان ذلك أن النبي دانيال قسّم السبعين أسبوعاً إلى ثلاثة أقسام:
(1) القسم الأول: سبعة أسابيع (أي 49 سنة) وهو مدة تجديد أورشليم وبنائها. وقد صرف نحميا هذه المدة في بناء أورشليم، ثم نظم أحوال بني إسرائيل، وكان ذلك في السنة 49 من صدور أمر أرتحششتا (سنة 454 ق.م) وكان نحميا قد تعيّن والياً على اليهودية مرتين: وكانت مدة ولايته الأولى 12 سنة. وفي سنة 32 رجع إلى أرتحششتا، ثم استأذن من الملك ليرجع إلى أورشليم (نحميا 13:6 و7) فصرّح له. وقد عمَّر نحميا طويلاً. فإذا كان عمره لما شرع في تجديد أورشليم 30 سنة، وصرف 49 سنة في بنائها، يكون قد عاش 79 سنة، وقد قال المؤرخ يوسيفوس إنه كان هَرِماً.
(2) القسم الثاني: وهو 62 أسبوع×7 =434 سنة، من تجديد الهيكل إلى مجيء المسيح. فيكون صدور الأمر بتجديد أورشليم إلى مجيء المسيح 483 سنة. وقلنا إن بدء حكم أرتحششتا كان في سنة 474 ق.م. وبما أنه أصدر الأمر في السنة العشرين، فيكون التاريخ سنة 454 ق.م. فإذا طرحناه من 483 سنة كان 29 سنة ميلادية، وهي سنة دعوة المسيح للناس إلى طريق الخلاص. وقد راعى النبي دانيال هذه النقطة المقصودة بالذات.
(3) القسم الثالث: هو الأسبوع. قال النبي إن المسيح يُقطع في وسط هذا الأسبوع، وليس لأجل نفسه، بل لأجل غيره. ومَنْ يتأمل إنجيل يوحنا يجد أن مدة دعوة المسيح وخدمته هي ثلاث سنين ونصف. ولما قدم نفسه ذبيحة بطلت من ذلك الوقت الذبائح الأخرى، التي لم تكن لها قوّة في حد ذاتها، وكانت رمزاً إلى ذبيحة المسيح، فزالت قوتها كما قال النبي.
أم »رِجس المخرَّب« الذي تحدث عنه النبي دانيال (11:31 و12:11) فقد قال المؤرخ يوسيفوس إنه يصف دخول الرومان الهيكل المقدس بأعلامهم، ووضعوها على البوابة الشرقية وقدموا لها الذبائح. فاعتبر بنو إسرائيل هذا رجسة الخراب.
ومن هذا يتَّضح:
(1) لم يُحمل اليوم على المعنى المجازي، كما ادّعى المعترض، لأن معنى الأسبوع لغةً هو سبعة.
(2) كان النبي دانيال يتأمل في السبعين سنة، مدة سبي بني إسرائيل، فقال له الملاك: «سبعين أسبوعاً».
(3) لا يجوز أن نحسب بدء مدة 490 من صدور أمر كورش، فقد كان أمره قاصراً على تجديد الهيكل. وقال النبي دانيال: «من وقت تجديد المدينة وبنائها« ولم يذكر الهيكل. ومن وقت تجديد المدينة وبنائها إلى مجيء المسيح هو 490 سنة بالتمام والكمال.
اعتراض على دانيال 10:1 - هل عاش دانيال إلى أن رأى كورش الفارسي؟
انظر تعليقنا على دانيال 1:21
قال المعترض: «ورد في دانيال 12:11 و12 «ومن وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رِجْس المخرَّب 1290 يوماً. طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى 1335 يوماً». وهو خطأ، كما قلنا في تعليقنا على دانيال 8:13. ولم يظهر في هذا الميعاد مسيح النصارى ولا مسيح اليهود».
وللرد نقول: الحديث في هاتين الآيتين عن أنطيوخوس أبيفانيس. وقد بدأت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرَّب وقت استيلاء أنطيوخوس على أورشليم بواسطة أبولونيوس أحد رؤساء جيشه، وإزالة الذبائح من الهيكل. وبعد أن شرح مؤلف كتاب المكابيين الأول كيفية استيلاء أبولونيوس على أورشليم في سنة 168 ق.م قال إن عساكر أنطيوخوس سفكوا الدم البريء حول الهيكل، ودنّسوا المقدس. وهرب سكان أورشليم وأصبح المقدس خرباً، وانقلبت أعياد أورشليم وأفراحها إلى أحزان وسبوتها إلى عار (1مكابيين 1:37-39) ووضع تمثال «المشترى« في الهيكل. وقال المؤرخ يوسيفوس إن الذبائح اليومية أُبطلت مدة ثلاث سنين ونصف، وهي قدر المدة التي أشار إليها النبي دانيال، ولكنها تنقص 11 يوماً، فإن 1290 يوماً هي ثلاث سنين ونصف، و11 يوماً. وعبارة النبي أدق لأنها موحى بها من الله الذي بيده الأوقات، وهو يعلم الدقائق. والمؤرخ الدنيوي لا يبالي بمثل هذه الدقة في الحساب.
قال المعترض: «لماذا كرّر النبي (12:11 و12) ذكر الـ2300 يوماً التي سبق أن ذكرها في أصحاح 8:14؟«.
وللرد نقول: الإعادة للتأكيد والتنبير، كما كان المسيح يقول »الحق الحق أقول لكم«. وقد أضاف إليها قوله: «طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى 1335 يوماً« وقد أيَّد التاريخ هذه النبوَّة، ففي أواخر سنة 165 أو أوائل سنة 164 ق.م سمع أنطيوخوس أبيفانيس بحصول ثورات واضطرابات في بلاد الأرمن والفرس، فتوجه إليهما بفرقة من جيشه، وأرسل فرقة أخرى إلى فلسطين، فانتصر بعض النصر. ولكنه حاول نهب الأموال التي كانت في هيكل ديانا الفارسي في «سلاميس« فقام الأهالي عليه جملة واحدة وطردوه من المدينة، فالتجأ إلى «أكباتانا». وهناك بلغه أن يهوذا المكابي هزم عساكره في فلسطين، وأن بني إسرائيل حصَّنوا هيكلهم بأسوار منيعة. فاستشاط غيظه على بنو إسرائيل وجدّف على إلههم وهدَّد بأن يجعل أورشليم مدفناً لليهود. وفي طريقه إليهم وقع من عربته، ثم مرض في أمعائه ومات في شهر فبراير سنة 164 ق.م. فإذا كان بدء مدة الـ1335 يوماً هي ذات بدء الـ 1290 يوماً، فيكون منتهى 1335 يوماً هو موت أنطيوخوس.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة هوشع
قال المعترض: «جاء في هوشع 1:2 أن الله أمر النبي هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة زنى وأولاد زنى. وهذا يناقض أمر الله «لا تزن« (خروج 20:14) وهي الوصية السابعة في الوصايا العشر، كما يناقض الأمر الوارد في لاويين 21:14 للكاهن بألاّ يتزوج من زانية، والأمر الوارد في 1كورنثوس 6:16 بعدم الزواج من غير مؤمنة».
وللرد نقول: (1) قال بعض المفسرين إن هوشع تزوج من «جومر« وهي طاهرة، رمزاً لبني إسرائيل لما دعاهم الله أولاً، كما قيل في هوشع 2:15 «وهي تغنّي هناك كأيام صباها، وكيوم صعودها من أرض مصر». ثم تركت جومر هوشع وخانته (هوشع 3:1) فصار لقبها «امرأة زنى». وجهَّز هذا الاختبار المحزن هوشع ليمارس رسالة وَعْظه لبني إسرائيل الذين خانوا الرب وعبدوا الأوثان. وكانت معاملة هوشع لزوجته الخاطئة مثلاً يعلِّم بني إسرائيل كيف يعاملهم الله. وكان كلام هوشع من قلبه واختباره، فكان ذا تأثير عظيم في السامعين.
(2) وقال البعض الآخر إن النبي هوشع تزوج فعلاً بزانية، ولم يكن هوشع كاهناً، بل كان إنساناً عادياً دعاه الله ليكون نبياً. وكان هذا الزواج مثَلاً لتعليم هوشع وتعليم شعبه أن الله الذي تزوَّج بني إسرائيل يواجه خيانتهم وقد أحبهم وفداهم، لأن «الأرض قد زنت زنى تاركة الرب« (هوشع 1:2 ب). وكان الأنبياء يحوّلون اختبارات بني إسرائيل تشبيهاً لأنفسهم، كما قال الرسول بولس في 1كورنثوس 4:6 »فهذا أيها الإخوة حوَّلتُه تشبيهاً إلى نفسي، وإلى أبلّوس من أجلكم، لكي تتعلَّموا فينا«.
(3) هذه القصة لا توصي بالزنا، بل تدين الزنا الجسدي والروحي معاً، وتتوافق مع الوصية السابعة. ويحذِّر الأصحاح الرابع من نبوَّة هوشع من الزنا، ويعلن عقاب الله الشديد عليه، ويقول: »الزنا والخمر والسلافة تخلِب القلب« (هوشع 4:11). وأمر الله النبي هوشع أن يتزوج زانية، ولكنه لم يسمح له بالزنى. فالمطلوب أن يكون الإنسان أميناً لشريك حياته، حتى لو كان الشريك خائناً. والأمر الإلهي بعدم الارتباط بغير مؤمنة لا ينهى المؤمن من الارتباط بطرف كان خاطئاً، بل ينهاه عن الارتباط بطرف مستمر في خطاياه.
قال المعترض: »جاء في هوشع 8:13 »الآن يذكُر إثمهم ويعاقب خطيتهم، إنهم إلى مصر يرجعون«. وتكرر المعنى في هوشع 9:3. ولكن جاء في هوشع 11:5 »لا يرجع إلى مصر، بل أشور هو ملكه«. وهذا تناقض«.
وللرد نقول: لا تناقض، لأن العبارتين تصفان حالتين مختلفتين، فالقول »إنهم إلى مصر يرجعون« يعني رِدَّة بني إسرائيل عن العبادة الصحيحة بأرواحهم وقلوبهم، وليس رجوعهم بالجسد إلى مصر، فقد وعد الله في تثنية 17:16 أن »لا يردُّ الشعب إلى مصر«»لا يرجع إلى مصر، بل أشور هو ملكه« بأجسادهم.. أما القول فهو تحذير للشعب من طلب معونة مصر لتحميهم من الهجوم الأشوري، فأمرهم الرب بعدم الرجوع إلى مصر لأن مصر لا تقدر أن تحميهم من أشور الذي سيهزمهم ويملك عليهم. وأعلن الرب لهم أنه سيكسر قوة مصر أمام أشور ليعتمد بنو إسرائيل عليه وحده لإنقاذهم. وهذا ما حدث فعلاً.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة يوئيل
قال المعترض: »جاء في يوئيل 3:6 ذكر بلاد اليونان في قوله »وبِعتُم بني يهوذا وبني أورشليم لبني الياوانيين لكي تُبعِدوهم عن تخومهم«. وهذا حدث في القرن الرابع ق م. بينما يقول علماء الكتاب المقدس إن سفر يوئيل كُتب في القرن التاسع ق م«.
وللرد نقول: يدور الحديث في يوئيل 3 حول عقاب الله للفينيقيين والفلسطينيين لأنهم اختطفوا بعض اليهود وباعوهم عبيداً لليونانيين، وبهذا أبعدوهم عن تخومهم. ولا يوجد ذكر هنا للإمبراطورية اليونانية. ولو كان يوئيل في هذه الآية ذكر اتِّساع الإمبراطورية اليونانية في عهد الإسكندر الأكبر في القرن الرابع ق م لما اتَّهم الفينيقيين والفلسطينيين ببيع اليهود لهم.
قال المعترض: »جاء في يوئيل 3:12 قول الرب »أجلس لأحاكم جميع الأمم من كل ناحية«. ولكن العادة أن يُقال إن الله يقف ليحاكم البشر، كما جاء في إشعياء 3:13 »قد انتصب الرب للمخاصمة، وهو قائم لدينونة الشعوب«.
وللرد نقول: التعبيران يكملان بعضهما، وكلاهما كناية. فالرب يجلس ليسمع ويصدر حكمه، وهو ينتصب قائماً لينفذ الحكم.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة عاموس
قال المعترض: »جاء في عاموس 3:6 »هل تحدث بليَّة في مدينة والرب لم يصنعها؟«. فكيف يكون الله صانع كل بلية، بينما يقول الرسول يعقوب في يعقوب 1:13 إن الله لا يجرّب أحداً بالشرور؟».
وللرد نقول: راجع تعليقنا على تثنية 32:4.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة يونان
قال المعترض: »جاء في يونان 1:1 »وصار قول الرب إلى يونان بن أمِتّاي« فيكون أن ما جاء في سفر يونان مثلاً وليس حقيقة تاريخية«.
وللرد نقول: هناك براهين كثيرة على أن الحوادث المذكورة في سفر يونان هي حقائق تاريخية، منها:
(1) الذين ينكرون تاريخية أحداث سفر يونان هم الذين ينكرون المعجزات والوحي.
(2) أورد سفر 2ملوك 14:25 ذكر يونان بن أمتّاي كنبي تحققت نبواته. ومن المعروف أن سفر 2 ملوك سفر تاريخي، يورد حقائق تاريخية.
(3) قال المسيح: »كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال« (متى 12:40). وهذا القول نبوَّة من المسيح بموته وقيامته، وقد تحققت النبوَّة. ولا يمكن أن يقيس المسيح حقائق تاريخية عن موته وقيامته على حقائق غير تاريخية هي وجود يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال.
(4) أظهرت الحفريات الحديثة وجود قبر في شمال فلسطين هو قبر النبي يونان، كما وُجدت عملات معدنية قديمة تحمل رسم إنسان يخرج من فم حوت.
قال المعترض: »جاء في يونان 3:3 »أما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله، مسيرة ثلاثة أيام«. وهذه مبالغة، لأن الإنسان يسير ما بين 90 و120 كيلومتراً في ثلاثة أيام. ولم توجد مدينة في العالم القديم بلغ قُطرها ما بين 90 و120 كيلومتراً«.
وللرد نقول: لم يقُل سفر يونان إن قُطر نينوى كان مسيرة ثلاثة أيام، بل المعنى المقصود أنه قضى ثلاثة أيام يسير في مختلف أحيائها واعظاً ومنذراً. وتسند الآية الرابعة هذا الرأي، فهي تقول: »فابتدأ يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد، ونادى وقال: بعد أربعين يوماً تنقلب نينوى«.. كما أن التعبير »مسيرة ثلاثة أيام« يعني أن محيط دائرة المدينة 90 كيلومتراً، فيكون أن قطر دائرة المدينة نحو 28 كيلومتراً، وهذا يتناسب مع القول إن في نينوى أكثر من 120 ألف طفل لا يعرفون يمينهم من شمالهم، بالإضافة إلى البالغين (يونان 4:11).
قال المعترض: «جاء في يونان 3:4 إعلان يونان بخراب نينوى. ولكن الله ندم عن الشر الذي أعلنه على نينوى فلم يصنعه. وهذا يبرهن أن يونان كان نبياً كاذباً، بحسب ما جاء في التثنية 18:21 و22 والذي يقول إننا نعرف صدق النبي من تحقيق ما يعلنه، ونعرف كذبه من أن ما يقوله لا يحدث».
وللرد نقول: ما أعلنه يونان كان إنذاراً لنينوى الظالمة بالخراب، لأنها بعيدة عن الله. فكان الخراب مرتبطاً بالظلم. فلما تابت نينوى لم يعُد هناك داعٍ لإيقاع الخراب بها. صدق نبي الله يونان في إعلان الخراب، وصدقت رسالة الله التي جعلت الأشرار يتوبون ويرجعون عن شرّهم.
قال المعترض: »جاء في يونان 3:6 »بلغ الأمر ملك نينوى« مع أن لقب الملك هو »ملك أشور«.
وللرد نقول: كان معروفاً ومشهوراً في العالم القديم أن نينوى عاصمة مملكة أشور، وأن ملكها هو إمبراطور المملكة الأشورية. فالقول »ملك نينوى« يحمل معنى »ملك أشور«. وقد لُقِّب الملك أخآب في 1ملوك 21:1 أنه »ملك السامرة« مع أنه ملك مملكة إسرائيل التي كانت عاصمتها مدينة السامرة.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة ميخا
قال المعترض: »جاء في ميخا 3:4 »حينئذ يصرخون إلى الرب فلا يجيبهم، بل يستر وجهه عنهم في ذلك الوقت، كما أساءوا أعمالهم«. وهذا يناقض قول يعقوب 1:5 »فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيِّر«.
وللرد نقول: تتحدث الآيتان عن نوعين مختلفين من الناس، نوع أساء أعماله، ونوع أحسن أعماله. ولا يمنع الله بركاته عن التائبين المخلصين الذين يطلبون بإيمان غير مرتاب (يعقوب 1:6)، ولكنه يمنعها عن الذين يطلبون ردياً لينفقوا في لذّاتهم (يعقوب 4:3).. ثم أن وعود الله باستجابة الصلاة مشروطة بالطاعة والإيمان والفائدة القصوى لمن يطلب. كما أن الله لم يعِد أن يستجيب كل طلبة كما يطلبها صاحبها، فقد طلب الرسول بولس الشفاء من الله، فلم يشفِهِ، بل أعطاه نعمة تمكِّنه من احتمال المرض (2كورنثوس 12:9)، وهذه الأمور متروكة لمحبة الله وحكمته.
قال المعترض: «جاءت في ميخا 5:2 نبوَّة عن المسيح تقول: «الذي مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل». وتدل هذه الآية أن المسيح مخلوق بواسطة الله».
وللرد نقول: التعبير »مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل« لا يدل على أن الابن «وُلد« من الله في الأزل، لأن هذا مستحيل. ولو كان هذا هو المقصود، لكان قد قيل «مخرجه« بدلاً من «مخارجه» لأن »مخارجه« تدل على أن «الابن« قد خرج من أكثر من مصدر واحد، مع أن الله هو واحد (لو فرضنا أن الابن خرج منذ الأزل، كما يقول المعترض). فالمقصود هو التعبير عن النواحي المتعددة، التي كان ولا يزال يخرج منها الابن، أو بتعبير أدق، يبدو منها لإتمام مقاصد اللاهوت، وذلك بوصفه المعلِن له، والمنفِّذ لأفكاره ومقاصده. ومما يؤكد لنا صدق هذه الحقيقة أن كلمة «منذ« تدل دلالة قاطعة على أنه لا يُقصد بهذه الآية أن الابن خرج من عند الله في الأزل كعملٍ تمَّ وانتهى، بل تدل على أن مخارجه ««outlets أو ««goings forth أو ««outgoings كانت منذ الأزل ولا تزال إلى الوقت الحاضر. ولذلك فإن فعل هذه العبارة (المستتر في اللغة العربية لإمكانية معرفته، كما يُقال في قواعد هذه اللغة) موجود في اللغات الأجنبية في صيغة المضارع التام present perfect tense. فهو في اللغة الإنكليزية مثلاً have been وهذا الفعل يدل تماماً على ما تدل عليه كلمة «منذ« العربية، أي أنه يدل على أن مخارج الابن كانت منذ الأزل ولا تزال إلى الآن. ولذلك لا يمكن أن يكون الغرض من كلمة «مخارجه« هنا، سوى النواحي التي كان ولا يزال يبدو منها الابن، لتنفيذ مقاصد اللاهوت.
انظر تعليقنا على مزمور 2:7 ومتى 2:6.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
شبهات وهميَّة حول نبوَّة حبقوق
قال المعترض: »جاء في حبقوق 3:3 »الله جاء من تيمان«. أليس الله موجوداً في كل مكان؟ فكيف يقول إنه جاء؟«.
وللرد نقول: لا تتحدَّث الآية عن وجود الله، لكن عن إعلانه عن حضوره. فالمقصود أن الله أعلن عن ذاته بطريقة مخصوصة، كما ظهر لكليمه موسى على جبل سيناء (تثنية 33:2)، وكما ظهر الملاك لمنوح والد شمشون (قضاة 13).
قال المعترض: «جاء في حبقوق 3:3 «الله جاء من تيمان، والقدوس من جبل فاران. جلاله غطى السموات، والأرض امتلأت من تسبيحه». فمن هو «القدوس من جبل فاران؟».
وللرد نقول: (1) واضح أن الآية تتكلم عن الله الذي جاء من تيمان، والذي «جلاله غطى السموات، والأرض امتلأت من تسبيحه«. فالمقصود بالقدوس هو الله، الذي يرجع إليه الكلام في أول الآية وفي آخرها.
(2) يقع جبل فاران في شبه جزيرة سيناء (راجع التعليق على تثنية 33:2). وتيمان اسم لإقليم أدوم، وفيه مدينة قريبة من بترا. وجبل فاران على مسيرة أيام قليلة من أريحا نحو الجنوب. فجبل فاران وإقليم تيمان قريبان من أورشليم.
(3) جاء في التكوين 36:11 و19 تناسل تيمان من عيسو أصل الأدوميين، وهذا ما يوافق عليه المؤرخون وعلماء الجغرافيا، كما يوافق عليه الأنبياء الذين كتبوا عن هذه المدينة وهم إرميا (49:7 و20) وحزقيال (35:13) وعاموس (1:11 و12) وعوبديا (8-10). وقد تنبأ عنها عوبديا 8-10 بالويلات والدمار.
 
أعلى