- إنضم
- 24 ديسمبر 2012
- المشاركات
- 2,622
- مستوى التفاعل
- 786
- النقاط
- 113
سقــوط الإنســان وأهــداف الشيطــان
لقد خدعت الحيَّة حواء بمكرها، وسُرعان ما تجاوبت معها وتأثرت بكلامها:
«فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ، فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ.»
(تكوين3: 6)،
وهكذا حدث السقوط!
لقد كسر الإنسان الوصية، وكان الأجدر أن يطيع ويُعبِّر عن حبه واحترامه، وخضوعه وإكرامه للرب الذي أحبَّه وميَّزه وسلَّطه على كل الخليقة، وغرس له جنَّة بديعة ليعيش فيها سعيدًا هانئًا، وصنع له الزوجة المُعِينَة التي تُشبع عواطفه وتشاركه أفكاره وتصبح مصدر البهجة في حياته. لكنه مع الأسف لم يجعل للرب ولا لوصيته اعتبارًا، ولم يذكر كل الخير الذي صنعه له، بل تعدَّى على الرب وتحدَّى إنذاره وعمل إرادته الذاتية. لقد اتحد مع الشيطان ضد الرب. وهكذا نجح الشيطان أن يستدرج الإنسان للعصيان، وكانت النتيجة هي السقوط بكل ما يحمل من عواقب وخيمة.
*
أهداف الشيطان على ثلاثة محاور
*
أن يُلحِق إهانة بالغة بالرب من جهة كرامته ومجده وسيادته وسلطانه، وكان ذلك أمام كل الخليقة وكل الملائكة وأمام الشيطان نفسه.
*
أن يجلب الدمار واللعنة على كل الخليقة التي أُخْضِعَتْ للبُطْل عندما سقط رأسها. وصارت تَئِن وتتمخض معًا إلى الآن بسبب الخطية وآثارها.
*
أما على الإنسان فكانت نتائج السقوط على النحو التالي:
*
-1-
العري:
« فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. »
(تكوين3: 7).
*
-2-
الخوف:
«سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ»
(تكوين3: 10).
*
-3-
الألم والحزن:
«بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا.»
(تكوين3: 16).
*
-4-
اللعنة:
«مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ.»،
(تكوين3: 17).
وهذه اللعنة
«.. نِهَايَتُهَا لِلْحَرِيقِ.»
( عبرانيين 6: 8 )
*
-5-
التعب:
«بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ.»
(تكوين3: 17).
*
-6-
الشوك:
«وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ،»
(تكوين3: 18).
*
-7-
العرق:
«بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا»
(تكوين3: 19).
*
-8-
الموت:
«حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ»
(تكوين3: 19).
*
لقد أفسدت الخطية كيان الإنسان كله، فقال الكتاب عنه:
« كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ، وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ .مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ،»
(إشعياء1: 5-6).
ويقول الرسول بولس:
« فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ.»
(رومية7: 18).
وهكذا تشوَّه الإنسان بكيفية لا يمكن إصلاحها. وهذا الفساد والتشوُّه قد عمَّ كل الجنس البشري الذين هم بالطبيعة نسل آدم الساقط، وأصبح في الإنسان طبيعة ساقطة تميل للعصيان وترفض الخضوع للرب، وكان العلاج الإلهي لهذه التشوهات هو :
«الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.»
( غلاطية 6: 15 )
*
إن الخطية نجاسة تمنع الإنسان من الاقتراب إلى الرب القدُّوس، ولهذا هرب واختبأ خلف الأشجار. والخطية ذنب يستوجب العقاب، وهذا ما جعل الإنسان يخاف من الرب ويفقد الشعور بالأمان. لقد فقد الإنسان الحرية وأصبح عبدًا للشيطان، وفقد السيادة والسلطان على الخليقة، فصارت الأرض مُسلَّمة ليد الشِّرير
(أيوب9: 24)،
والشيطان يسيطر عليها. كما فقد البراءة التي خُلق عليها، والمشابهة الأدبية لله والتوافق معه. وما عاد الرب بالنسبة له الأب العطوف الذي يهرع إليه ويرتمي في حضنه ويستمتع بالحديث معه وبصوته الحاني الرقيق، بل صار الرب بالنسبة له هو الديَّان، ولهذا شعر بالخوف والرعب عندما سمع صوته ماشيًا في الجنة، آتيًا إليه.
*
كل هذا حدث عندما سقط الإنسان ودخلت الخطية، فأحدَثت شرخًا في العلاقة بين الإنسان والرب. وكان هذا غرض الشيطان؛ أن يفصل الإنسان عن الرب، وأن يحطِّمه بالكامل ويُذِلّه ويستعبده ويُهلكه هلاكًا أبديًّا. كذلك كان هدفه أن يُفشِّل مشروع الرب من جهته، وأن يستولي على مركز السيادة على الأرض، ويفصلها عن السماء. وبحسب الظاهر نجح في ذلك نجاحًا كبيرًا. ولكن هل يمكن أن مشروع الرب يفشل ومقاصده تخيب؟
وهل ينتصر الشيطان ويكون الرب هو الخاسر والإنسان هو الضحية؟
هل يُفلت الزمام من يد الرب؟
حاشا وكلا!
*
كانت المشكلة كبيرة حقًّا، ويجب أن نتذكَّر أن الشيطان قبل سقوطه كان كَروبًا :
(ملاكًا مُتخصِّصًا في الأعمال القضائية)،
يفهم جيدًا في أحكام البر. وبالبر والعدل صار الإنسان تحت حُكم الموت لأنه مُذنب، ولا يمكن تجاهل ما فعل.
إن :«أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ،»،
وإذا غفر الرب وصَفَحَ يكون قد تصرَّف بما لا يتناسب مع بره، وهذا مستحيل. وكان الشيطان ينتظر أن الرب في غضبه سيُحقق مجده أمام كل الخليقة والملائكة بالقضاء الفوري على الإنسان. لكن هذا لم يحدث، وخابت توقعاته. كان احتواء المشكلة وعلاجها مُكلِّفًا جدًّا، والرب تحمَّل هذه الكُلفة بنفسه. وقبل أن تحدث المشكلة كان الرب قد أعد الحل في مقاصد محبته الأزلية للإنسان. وكان الحل في بذل ابنه وحيده، في الوقت المُعيَّن، ليموت عن الإنسان، ويكفِّر عن خطاياه؛ حتى يمكن للرب أن يبرِّره ويصالحه ويقبله على أساس من البر والعدل، وليس على أساس الرحمة والشفقة فقط.
*
لقد تصرَّف الرب بحكمة بالغة في هذا الموقف؛ إذ قدَّم بنفسه أول ذبيحة في الجنة ليُكفِّر عن الإنسان ويستره. ففي ذلك اليوم ذُبح حيوانٌ بريء، وسُفك دمه، ومات عوضًا عن الإنسان، وأخذ العقوبة التي يستحقها الإنسان.
« وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا. »
(تكوين3: 21).
وبذلك أمكنه أن يصفح عن المُذنِب ويستره ويرضى عنه ويقبله. لقد دعا الإنسان ليقترب منه ويعود إلى حضنه فيشعر بالحب والحنان والراحة والأمان، ويُلبسه بنفسه أقمصة الجلد، ولعله بعد ذلك ضمَّه لصدره ورَبَت على كتفه وقبَّله قُبلة المصالحة والغفران، وأشعَرَه بأن المشكلة قد سُوِّيَتْ بواسطة الذبيحة التي ترمز إلى حمل الرب. وكأنه في النهاية يقول له:
«لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ.».
فما أكرم أفكار الرب وما أعظم حكمته!
بقلم
( محب نصيف )
* * *
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع يحبك ...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح.
التعديل الأخير: