سألني شاب متشرد في ليلة عيد الميلاد: "ما قصة هذا الطفل المحاط بالبقر والخراف؟". فرويت له قصة المتشردة الحامل التي كانت تجوب شوارع المدينة في الليل, تطرق الأبواب باحثة عن مكان لتضع طفلها. كانت الفنادق مكتظة بالنزلاء, والجميع على عجلة من أمرهم, فأغلقوا أبوابهم في وجهها وانصرفوا إلى احتفالاتهم. تابعت سيرها حتى وصلت إلى اسطبل للحيوانات, كان ذلك المكان الدافئ الوحيد المتبقي لها, فولدت طفلها هناك. أوضَحْتُ له أن هذا الطفل هو ابن الله بالنسبة إلي!. فسألني الشاب: "لماذا ارتضى ابن الله أن يولد بهذه الطريقة؟". أجبته أنه أراد أن يقول لنا إنه أخ لسائر البشر, للمنبوذين والمنسيين بشكل خاص. تأمل الشاب في جوابي, ثم قال لي: "إذن أنتم المسيحيون, سرقتم عيد الميلاد منا!". لم أستطع الرد على هذه الملاحظة الثاقبة!. ليلة الميلاد هي المفضلة لدي أقضيها في الحفلات والترف. ملوك المجوس هم جيراني الذين يأتون حاملين الهدايا: علب السجائر, الفاكهة الشهية, المشروبات الباهظة, اللحم المشوي الذي سرعان ما تلتهمه الأفواه الجائعة. ينادي الإنجيل بالمحبة الشاملة التي لا تستثني أحداً. لكن العوالم المختلفة التي يُغرس فيها الإنجيل هي الدليل على محبة الكنيسة الكلية لكل إنسان وكل مجموعة. أما الإنغلاق في عزلة فيعني رفض نقل الإنجيل إلى الآخرين, أي التوقف عن التبشير. البشارة التي ننقلها إلى الجميع بدون أي استثناء ترفض كل تعصّب وتقوقع طبقي أو سياسي أو ثقافي, وهناك كثيرين لا يمكنهم عيش هذه البشارة, لكن اعلموا أنكم لن تحققوا شيئاً ما لم تجازفوا بشيء.إن عيشنا الإنجيل مسجونين في رسالتنا يعني الإكتفاء بحقلنا المسيَّج حيث الحواجز والأسلاك الشائكة وإشارات منع الدخول تحمينا من الخطر. الإنجيل هو دائماً من يدفع ثمن هذا الخوف. قوة البشارة هي عدم الخوف من أي شيء أو أي أحد مهما كان مختلفاً. فالحقل الذي تنفذ فيه رسالتك يحررك من كل خوف عندما يكون أفقه الكون أجمع. عينا الله الكوني الجامع والشامل هما عينا محبة, ما من شيء ساحر أو فاتن مثلهما. في النهاية نقول: " أين وُلد المسيح؟ في دار توليد فخمة أو على القش؟ هل وُضع عند موته في نعش محشو بالحرير أو عُلق على الصليب عارياً أمام الجميع؟" يجدر بكل إنسان تذكر المسيح والتشبه به. إن دفء نظراتكم الموجهة نحو المقموعين والمنسيين في الرعية لا يُمكن مقارنته بأي شعور آخر. إن الأوان لم يفت بعد لتعيدوا العيد لأصحابه المساكين الصغار, فنحن غالباً ما نسرقه منهم.
منقووووووووول
منقووووووووول