.
اصعب احساس حين لايجدي الكلام نفعا ولا الصمت ينقذ الموقف
في هذه الحالة تذكري مقولة آينشتاين الرائعة:
«لا يمكن حل مشكلة من نفس مستوى الوعي الذي صنعها».
(وفي صياغة أخرى: ... من نفس مستوى التفكير الذي صنعها).
عندما يعجز الكلام والصمت كلاهما عن تغيير الموقف تذكري أن تعودي إلى ما قبل الصمت والكلام، إلى "مستوى الوعي" نفسه، الذي لابد من تغييره وتطويره أولا حتى يكون للكلام بعد ذلك، أو حتى للصمت، أي أثر.
وماذا يعني أن نعود إلى "مستوى الوعي" نفسه، ما قبل الصمت والكلام؟
يعني أن نعود إلى "الفرضيات" و"النظريات" و"المعتقدات" و"القناعات" وحتى "البداهات" الأولى نفسها. هذه هي "الأساسات" الأعمق، التي تصنع عقل الإنسان وشخصيته، أو بالأحرى هي نفسها عقل الإنسان وشخصيته. عند مراجعة هذه الأساسات الأولى وتحريكها قليلا أو حتى إضاءتها فقط: تتغير في الغالب رؤيتنا كلها وتدريجيا نرى المشكلات من منظور آخر جديد وهكذا نستطيع حلها. هذا باختصار هو ما يعنيه تغيير "مستوى الوعي". الانتقال من مستوى الوعي الذي صنع المشكلة إلى مستوى آخر للوعي يستطيع حلها.
(يحدث هذا طبيعيا مع نضج الإنسان. وعي الطفلة مثلا بلعبتها أو دميتها يختلف عن وعيها مثلا بعد عشر سنوات بنفس اللعبة أو الدمية. السؤال بالتالي: هل يمكن تغيير الوعي وتطويره إراديا؟ نعم، بالتأكيد، ولو بدرجة ما. وإلا فلماذا نلوم على المسلم مثلا حين لا يؤمن بالمسيح؟ أليس لأنه يرفض تغيير وعيه وتطويره؟ أليس لأنه يرفض مراجعة أفكاره وقناعاته وسائر معتقداته وحتى أعمق بداهاته؟ صعب، نعم، ولكنه ليس مستحيلا. المسلم بالعكس اختار عامدا أن يبقى سجينا بهذا المستوى البدائيّ الضيّق المحدود تماما من الوعي، الخارج كليا عن سياق الحضارة، حتى رغم أنه بالضرورة يعاني هو نفسه بسبب ذلك! ولكن حتى معاناته هذه ـ ناهيك عن سائر تناقضات الإسلام شكلا ومضمونا ـ لم تحركه للبحث والمراجعة! أفلا نلوم عليه بعد ذلك؟ من ثم نعم، إمكانية تغيير الوعي وتطويره إراديا متاحة قطعا للإنسان، ومتاحة دائما، ولو كان ذلك صعبا في معظم الأحيان).
طبعا تختلف الأمور من موقف لآخر ومن مشكلة لأخرى. أتحدث هنا في العموم تماما. ربما لاحقا ـ حتى لا أطيل عليك ـ نتحدث بتفصيل أكبر بمشيئة الرب ونضرب حتى بعض الأمثلة وهكذا. تحياتي ومحبتي.