شعار زيارة البابا إلى كندا
قدم مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي ماتيو بروني برنامج زيارة البابا فرنسيس الرسولية إلى كندا والتي ستجري من الرابع والعشرين وحتى الثلاثين من تموز يوليو الجاري، وستكون رحلة حج مطبوعة بالتوبة، من أجل المساهمة في دفع مسيرة المصالحة مع السكان الأصليين، الذين ذهبوا ضحية سياسات الاحتواء الثقافي خلال فترة الاستعمار.
زيارة البابا الرسولية إلى كندا هي إذا "حج توبة" كما قال هو نفسه في أعقاب تلاوة صلاة التبشير الملائكي يوم الأحد الفائت وهذا ما كرره أيضا مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي ماتيو بروني خلال تقديم برنامج الزيارة البابوية إلى البلد الأمريكي الشمالي والتي ستبدأ يوم الأحد المقبل على أن تنتهي يوم السبت الموافق في الثلاثين من تموز يوليو الجاري. ومما لا شك فيه أنها زيارة طال انتظارها، وهي تتمخض عن خمس لقاءات جمعت الحبر الأعظم الربيع الماضي بممثلين عن السكان الأصليين، وتهدف إلى معانقة هؤلاء الأشخاص.
إنها الزيارة السابعة والثلاثون للبابا فرنسيس خارج الأراضي الإيطالية، وتجري تحت شعار "السير معا"، وتهدف إلى الإسهام في مسيرة الشفاء والمصالحة مع السكان الأصليين، الذين تضرروا بشدة في السابق، وبطرق مختلفة، نتيجة سياسات الاحتواء الثقافي، والتي ساهم فيها العديد من الكاثوليك، بما في ذلك أعضاء في الجمعيات الرهبانية. ولهذا السبب بالذات ستتمحور الزيارة الرسولية حول مسيرة الحوار والإصغاء، والقرب والتضامن مع السكان الأصليين في كندا، مسيرة كان قد بدأت مع البابا يوحنا بولس الثاني في أيلول سبتمبر من العام ١٩٨٤، عندما التقى في روما ممثلين عن السكان الأصليين والذين شاركوا في الثاني والعشرين من حزيران يونيو ١٩٨٠ باحتفال تطويب Kateri Tekakwitha التي أعلنها لاحقا البابا بندكتس السادس عشر قديسة في الحادي والعشرين من تشرين الأول أكتوبر ٢٠١٢، وهي أول قديسة من السكان الأصليين في أمريكا الشمالية. وخلال لقائهم مع البابا فويتيوا وجه له ضيوفه دعوة لزيارة أرضهم.
الزيارة الرسولية إلى كندا هي الثانية من نوعها التي يقوم بها البابا فرنسيس هذا العام، بعد زيارته مالتا في الثاني والثالث من أبريل نيسان الماضي، مع العلم أنه تم إرجاء الزيارة التي كانت مقررة مطلع هذا الشهر إلى الكونغو وجنوب السودان لأسباب صحية. وسيكون فرنسيس ثاني حبر أعظم تطأ قدماه أرض كندا، بعد الزيارات الثلاث التي قام بها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في الأعوام ١٩٨٤، ١٩٨٧ و٢٠٠٢.
سيتحدث البابا باللغة الإسبانية وسيلقي أربعة خطابات وأربع عظات، كما سيوجه تحية إلى السكان الأصليين في كيبيك. وغداة وصوله سيجمعه لقاء مع السكان الأصليين الذين عبر لهم، في الأول من أبريل نيسان الماضي، عن تضامنه وألمه حيال مأساة استئصال الكثير من الأشخاص، وعائلات عدة، من أرضهم وثقافتهم خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وطالب بأن ينعم بالعدالة ضحايا ما كان يُسمى بالمدارس الداخلية التي أنشأتها الحكومة وأسندت إدارتها إلى الكنائس.
قال فرنسيس في تلك المناسبة إنه يشعر بالخجل والألم حيال الدور الذي لعبه العديد من الكاثوليك، لاسيما في البيئة التربوية، لافتا إلى أن هؤلاء انتهكوا الحقوق ولم يحترموا هوية السكان الأصليين أو ثقافتهم أو حتى قيمهم الروحية. وأضاف أن كل تلك الممارسات تتعارض مع إنجيل يسوع. وضم البابا صوته إلى صوت الأساقفة الكنديين الكاثوليك مؤكدا أنه لا يمكن نقل محتوى الإيمان بطرق تتعارض مع الإيمان نفسه، مشيرا إلى أن الرب يسوع علمنا أن نقبل الآخر، نحبه ونخدمه، لا أن ندينه. ومما لا شك فيه أن الأيام التي سيمضيها البابا فرنسيس على التراب الكندي ستندرج في هذا السياق، كما أوضح مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، مضيفا أن البابا سيتطرق أيضا إلى حماية الخليقة، وهي مسألة عزيزة على قلبه كما هي عزيزة على قلب السكان الأصليين.
في السادس والعشرين من الجاري سيشارك البابا في مسيرة الحج التقليدية التي تنظم سنويا يوم عيد القديسين يواكيم وحنة، والدي العذراء، مع العلم أن المؤمنين في كندا، لاسيما السكان الأصليين، يكرمون القديسة حنة إكراماً كبيراً، ويلتقون في عيدها عند ضفاف البحيرة التي تحمل اسمها، في ما يُعتبر أهم اللقاءات الإيمانية في أمريكا الشمالية، خصوصا بالنسبة للسكان الأصليين. ولن يخلو برنامج الزيارة من اللقاءات مع السلطات المدنية، وفي الثامن والعشرين من الجاري سيحتفل البابا بصلاة الغروب مع الأساقفة والكهنة. وذكّر بروني في الختام بأن الجماعة الكاثوليكية في كندا تواجه اليوم ظاهرة العلمنة، مشيرا أيضا إلى الأحداث الراهنة على الساحة الدولية، لاسيما الحرب في أوكرانيا. وسيكون آخر لقاء للبابا، قبل عودته إلى روما، مع الشبان والمسنين في كيبيك.