- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
- إخوتي الأحباء القريبين من قلبي جداً، المختارين قبل الأزمنة السالفة – حسب القصد الأزلي كالتدبير – في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع، لتكثر لكم النعمة والرحمة والسلام، ولتنسكب محبة الله الآب وربنا يسوع المسيح في قلوبكم ولتكثر بينكم جداً بغنى فيض روح الحق المعزي، روح المحبة والمعرفة، روح الفهم والإرشاد الذي يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله، ويجمعنا معاً لنكون واحد أعضاء لبعضنا البعض في سرّ الإيمان الحي بالمحبة ...
- أكتب إليكم اليوم مُذكراً بأن الأصدقاء (في هذه الدُنيا) الذين يحبون بعضهم بعضاً دائماً يعيشون في اتفاق المحبة المتبادلة، التي تظهر بين الأطراف على حساب أن الكل يقدم حب ليحصل على حب، والأساس هو أنا أعطي محبة وأنتظر محبة الآخر، وهذه محبة مبنية على العاطفة وتحتاج باستمرار للأخذ والعطاء المتبادل، ولكنها أحياناً تتبدل بل غالباً تتغير حسب الظروف والحياة الحاضرة الزائلة، وبناءً على الحالة المزاجية والعاطفية، وأيضاً القدرة على الصبرّ الطبيعي كبشر وتقدير الآخر، بل وأيضاً على القدرة الخاصة ومهارة التعامل مع الآخر المكتسبة من المجتمع والتعلم، وهذه المحبة لا تبقى ثابتة أبداً بل تتزعزع لأقل احتكاك وأتفه الأسباب، وينبغي أن لا تكون محبتنا لبعضنا البعض مبنية عليها قط، لأن هذه هي محبة الناس وسط العالم كله، ولنلاحظ قول الرب: [ لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم ] (يوحنا 15: 19) !!!
المحبة الإلهية - يا إخوتي - في عمق معناها الحقيقي ((أغابي))، فهي محبة تلقائية غير واجبه، فهي موهوبة دائماً مجاناً لا تنتظر عطاء ولا أخذ شيء، وهي فريدة من نوعها خلاقة دائماً، وهي حتماً تستمر في توليد المحبة باستمرار دائم وتتسع كل حين إلى ما لانهاية، وهي تفيض من الله لأنها طبيعته: (الله محبة = God is love - يوحنا الأولى 4: 8)
- وهذه المحبة إذا سكنت القلب فعلاً، فهي تُنشأ فيه الحيرة والقلق إلى أن تنجح في التعبير عن نفسها في العمل وترجمته في واقع الحياة المعاشة والعلاقة مع الآخر، وهي من المستحيل أن تنغلق على نفسها بل تنطلق لتعبر عن ذاتها بالبذل والعطاء والأتساع باستمرار وبلا توقف وبلا طلب عن حاجة أو عن غير حاجة لأنها لا تحيا في جو من المصلحة أو الأخذ بالمثل، وهي علامة المسيحي الحقيقي الحي بالله: [ بهذا يعرف الجميع إنكم تلاميذي أن كان لكم حب بعض لبعض ] (يوحنا 13: 35)...
- ولكني أعلم يقيناً أيها الأحباء أنكم معرضون لأتعاب كثيرة وضغوط لا تنتهي وضيق من الحياة لأنكم تروها غير منصفة، وكل شخص فيكم له ضيقته الخاصة حسب كل واحد فيكم ومجاله وحياته الخاصة، وأعلموا أن مهما كانت الضيقة والمشقة والآلام وضغوط الحياة في أي اتجاه وبأي كيفيه لم توجد في حياتكم صدفة أو ظلماً، ولكن الضيقة تنبه القلب وتشفي النفس وتقويها وترفع العقل والفكر لمستوى المجد السماوي، وكما قال القديس بولس: متى تألم الجسد كُف عن الخطية، لأن الخطية تموت وتتلاشى قوتها حينما نُمارس الموت كخبرة مع مسيح الحياة على الصليب على مستوى قبول الألم بصبر مع الشكر...
واعلموا يا إخوتي يقيناً، أن الله لا يهمل الإنسان أو يخونه أبداً، أو يريد عذابه وشقاؤه، ولكنه تجسد وتأنس وصار إنساناً وأعطانا أن نصير في حالة من الشركة الحقيقية معه لتتحقق فينا صورته عن جدارة، وأراد أن نتشرب منه الطريقة الإلهية في محبة الإنسان، كل إنسان مهما من كان هوَّ ومهما كان شكله أو تربيته أو مكانه أو مزاجه أو فكره، وذلك ببذل نفسه لأجلنا ونحن غير مستحقين أو مؤهلين، وهو غير واضع دينونة للذين صلبوه بل صفح عنهم تماماً...
فالله لم يأتي إلينا ليعطينا أفكاراً أو فلسفة جديدة، أو معلومات ونصائح .. الخ .. بل أتى ليغيرنا، يغير قلوبنا ويجعلنا شركاء مجده بالمحبة متحدين به اتحاد حقيقي غير قابل للافتراق أو الانقسام، كما قال الآباء القديسين والكتاب المقدس في العهد الجديد ..
- فيا إخوتي أن الرجل الحي بالإيمان والمرأة أيضاً، هما مجد الله المنظور؛ أما حياة الرجل والمرأة فهي رؤية الله بالمحبة، وأي هزة في المحبة تُخفي المجد الإلهي عن أعيننا، لأن الله محبة، ومن يحيا بالمحبة يستطيع أن يرى الله في داخله... كونوا معافين باسم الثالوث القدوس
التعديل الأخير: