- إنضم
- 29 يناير 2014
- المشاركات
- 155
- مستوى التفاعل
- 83
- النقاط
- 0
خواطر فتاة عابرة للمسيح
منذ حداثتي أبصرت نفسي في سفينة تمخر عبابها بحر الحياة، وعلى متنها أطياف متنوعة من البشر في قلوبهم أمنيات أن يسوقهم القدر لبلدِ عجيب لا عين رأت و لا أذن سمعت وفيه ما لا يخطر على قلب بشر!
مرت سنوات من عمري و أنا أتأمل البحر من نافذة مقصورتي بنظرات عفوية حيث تسلبني أفكاري طعم الراحة و الاحساس بالطمأنينة، كنت أتساءل و كلي فضول عن السفن الأخرى "ترى إلى أين هم ماضون ؟ هل حقاً هم مدركون أنهم عن دربهم تائهون؟ " مضيت و كلي اصرار أن أتكلم مع قائد رحلتنا ؛ سمعت أنه من أمهر الربان لم يشهد له مثيلٌ عبر الأزمان ! رجلٌ صنديد ذوخلقٍ قويم و صاحب اتزانْ ,لم أعلم عنه شيئاً لأنه عني بعيد كل ما أملك أن أثق بأنه سيقودنا إلى مرسى الأمان.
خرجت من غرفتي الصغيرة حيث دفء عائلتي و تهت بين أروقة الباخرة باحثة عن أحد الركاب لعله يرشدني لمقصورة القيادة، حقاً كنت أشعر بالثقة أنه سيروي عطش سؤالي، وبينما أنا سارحة بأفكاري سمعت صوتَ خطواتِ أقدامٍ قادمة ورائي فصاح أحدهم قائلاً :
" عم تبحثين في مثل هذه الساعة المتأخرة صغيرتي؟"
أنا :" آه ..ابحث عن مقصورة القيادة كي أرى الدنيا من زاوية مختلفة"
هو :" و ما هو سبب رغبتك المفاجئة ؟"
أنا :" أريد أن اسأل قائدنا عن مسار بقية السفن وهل هم قادمون معنا إلى بر الأمان و إلى نفس الهدف سائرون؟"
قاطعني قائلاً :" انصحك صغيرتي أن تثقي بقائدنا فهو ضماننا لبر الأمان وحامينا من غدر الزمان، ثقي تماما إن حصل شيء سيتشفع بنا لدى رب الأرباب لا تقلقي و نامي قريرة العين هانئة البال "
أنا :" لكن أريد أن اسمعه و هو يحدثني عن رحلة البحار تلك ، أشعر أن جوانباً أخرى من العالم غير مفهومة لدي "
هو : "إياكِ صغيرتي أن تفكري بالنظر للسفن الأخرى، فبريقهم مزيفٌ خداع و مسارهم مؤكد للهلاك لأنهم ضلوا عن منارة الحق و حادوا عن جادة الصواب، فهل ترجين للفاسقين ثواب و هم بأرجلهم ماضون للعقاب؟"
أنا " لعمري إني لا أرى في كلامك أي خطاب، من فضلك أخبرني لتبصر روحي الحقيقة لعلي أجد الجواب"
هو :" هل تعلمين أن جميع ركاب السفن الأخرى يحسدوننا و يحيكون لنا المؤامرات لاعاقة رحلتنا؟ وهل تعلمين إن كثيرين يأتون إلينا من المشارق و المغارب أفواجاً للحاق بسفينتنا طلباً للنجاة؟ قد أدركوا النور و آتوا من الموت إلى الحياة!"
أنا :" حقأ ؟؟ وماذا بالنسبة لنا ؛ هل يرحل أحد تاركاً متن سفينتنا؟
هو :" مستحيل!!!! و هل يرمي أحدنا بنفسه إلى التهلكة.؟"
انهيت الحديث وفي بالي ألف سؤال إلى أن قررت أن أن أمضي بنفسي من هنا دون أي استئذان .
تسللت ليلاً إلى مقدمة السفينة باحثةً عن غرفة قائدنا ونظرت إلى بريق النجوم الألماسية المتلألئة ابتهاجاً بعرس الحياة البهية ، و بينما كنت غارقة في التأمل و التفكير شتت صوت رجلين يتعاركان تركيزي ، فقررت الاختباء ومراقبة ما يحدث!
لكن.... صدمتً حقاً عندما رأيت رجلاً يقتل الآخر فأرداه إلى البحر غريقاً ،ورمى بجسده المتهالك وسط زبد البحر ,تملكني الخوف لأول مرة في حياتي و بعدها سمعت همهات الرجل المنتصر قائلاً :
" هذا عقوبة من يرغب في التخلي عنا و الالتحاق بالسفن الأخرى ليكن عبرة لمن يعتبر!"
ثم عاد إلى غرفته و هو مملوء بنشوة الانتصار معتقداً أنه حمى ربان سفينتنا الغامض بغيه ارضائه و الفوز بنعيمه!
عدتُ إلى غرفتي مذعورة ومصدومة أن في سفينتنا قوانين غريبة كهذه فقررت أن ارحل من سفينتنا سراً وبصمت لابحث عن درب الأمان بنفسي ؛حزمت أمتعتي و تركت ورائي ذكرياتي، هويتي، أماني، تقاليدي، أقاربي، ماضيي، و كل شيء باحثةً عن بر الحق ماضيةً إلى مكان مجهولٍ كله خوف و حيرة لا يخلو من المخاطر.!
تسللت خلسةً وهربت مستخدمة سفينة النجاة الاحتياطية صغيرة الحجم و نزلت بها أبحر في المحيط المجهول حيث الظلام الحالك و البرد القارص! لا نور، لا دفء، لا أمان ،و لا انتماء! بقيت وحيدة تائهة تتقاذفني أمواج التخبط ، خسرت الثقة بالناس و ذبلت وردة الاحساس، أبحرتُ وحيدة و قررت إني لست بحاجة لأحد وبنفسي سأصل إلى ضفة السلام دون مساعدة من أحد معي فقط ضميري وحدسي وحده دليلي.
أخذت أجدف قاربي الصغير بكل ما فيي من قوة حتى أستوقفتني سفينة كبيرة عابرة من بلاد أجنبية يعيش على متنها أناس من جنسيات مختلفة طالبين مني الانضمام لرحلتهم فسألتهم :"هل تعرفون الطريق؟"
أخبروني أنهم لا يؤمنون أن هناك أرضاً على الضفة الأخرى من هذا المحيط لكنهم سيبحرون مع التيار ،ووعدوني أن نبحر و نعيش حياتنا سوية دون التفكير في الطريق! فكرت ملياً وهممت أن أشاركهم نمط حياتهم و أصبح فرداً منهم لكني لم أشعر بالراحة ، ثمة شيء ما رددني و ابعدني عنهم، اعتذرت منهم راجيةً لهم رحلة موفقة و قررت انتظار مشتهى نفسي و قرة عيني..
توالت الأيام و الليالي فاستوقفتني سفينة جميلة كبيرة الحجم يقطنها أناس بسيطون تعلموا فن التنوير و التأمل في الطبيعة، مسالمون للغاية لا يأكلون لحماً و لا يأذون حيواناً، أخبروني أني سأصبح مثلهم كثيرة التأمل و سأصل للضفة المقابلة بعد أن تتقمص روحي و تعيش أدواراً مختلفة من حياة لأخرى حسب أعمالي و بعدها ساتحد بشيء عظيم و ربما أصل للضفة يوماً ما..ابتسمت و أنا انظر لحياتهم المسالمة وأخبرتهم أني أخاف أني أعيش مئة مرة في أجساد مختلفة فأعود لأتوه من نقطة البداية، فما أريده فقط هو اليقين و الضمان ؛ أريد من يمسك بيدي و يأخذني للضفة الأخرى! تمنوا لي بهدوء كل التوفيق في بحثي و عدت للضياع من نقطة البداية!
ضعت في بحار الحيرة من جديد انتظر مرور أمل جميل..و بعد أيام من الانتظار مرت سفينة أخرى سألوني عن أصلي و فصلي و إلى أي أمة انتمي و هل ياترى أنا من أبناء جدهم الأكبر كي التحق بهم فأومأت بيأس فتركوني و رحلوا عني متمنين لي رحلة موفقة مع غيرهم..
و هكذا توالت الشهور و أحسست أن قوتي ضعفت و صبري قد هزلت أوصاله وبدأ اليأس يتسلل إلى نفسي وفكرت نادمةً لعلّي أعود إلى سفينتي فارتاح وخاصةً أنهم لم يسمعوا بأني هربت فيمكنني أن أعود خفية كما هربت لأكون ملكة بين أفراد مملكتي و أتقبل أهل سفينتي بعيوبهم. و في لحظة تعب صرخت يائسة :" لم أنا وحيدة هنا.؟. ابحث عنك الهي في كل مكان انقذني من ورطتي أنا بحاجة اليك، لوحدي لن أصل ان لم تدلني بنفسك على الطريق!"
وبينما كنت ابحث بين السفن الكبيرة المزخرفة رأيت قارباً صغير الحجم و بداخله رجلٌ متواضع عزيز النفس يجدف قاربه المتواضع بنفسه باحثاً عني لينقذني لأنه سمع صراخي فسالته من تكون ؟
فقال لي :" ابنتي كنت أراقبك من بعيد و انتظرك أن تطلبيني و تفتحي لي باب قلبك ...سمعت صراخك و تركت المجد الذي كنت فيه و أتيت إليك بنفسي بطوق النجاة لأنقذك من الغرق لأخذك إلى بر الأمان، لن أدلك فقط على الطريق بل سأبحر معك حتى النهاية حتى لو غرقت أنا لانقذك لأن ابن الانسان جاء ليخلص ما قد هلك"
عندها احسست بالراحة تتغلغل في عروقي و سألته و أنا منبهرة بكلامه " و هل حقاً تعرف الطريق؟ دلني كيف اصل للضفة الأخرى؟"
فأجابني قائلا :" ابنتي جئت بنفسي إليك لأخبرك إني أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ و الحياة ليْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي "
فقلت له " كم أنت رجل نبيل جئتَ من أجلي خصيصا و رميتَ نفسك في بحر العالم الهالك! لماذا خاطرت و جئت لتنقذ فتاة يائسة مثلي وسط أمواج الظلام و عانيت للوصول إليّ؟؟ من أنا سيدي الغالي لتأتي إلي و تنقذني؟ لا استحق ذلك"
فابتسم بكل دفء مجيباً" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم ، بل ليخلص به العالم"
أجبته و الدمع بعيني : " سيدي أنا متعبة جداً لم يعد لي طاقة أن أتغيرأرجوك ساعدني و ادخل إلى عالمي المتواضع وغيرني من الداخل و قد سلمتك كل حياتي فكن قائدي و سيدي و مخلصي من بحر الهلاك"
عندما قبلته مخلصاً قال لي مخففا عني :" تعالوا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيف"
قلت له و السعادة تغمرني "سيدي ثيابي القديمة قد اهترأت و نفسي ذبلت كن لي الطبيب و الصديق صبرني لأواجه المعترضين فكل أهل سفينتي سيقاطعونني لأني اخترت صليبك و تبعتك"
"فقال لي :"إن كان العالم يبغضكم، فإعلموا أنه قد أبغضني قبلكم" .."في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم"
سألته و أنا مبهورة بكلامه :" سيدي أخبرني ماذا افعل مع أهل سفينتي الذين نبذوني؟ هل أبدالهم العداوة و البغضاء؟"
فأجابني :" وصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا"
رنا إليّ السيد المسيح بنظرة حنونة ومن خلال ايماني به ألبسني حلة جديدة وأسكن في داخلي روح القدس المعزي الذي يبكتني على الخطايا و يغيرني من الداخل فولدت من جديد حقاً كل الأشياء العتيقة قد ولت و أصبحت أنظر إلى العالم بطريقة مختلفة, الرب يسوع نور العالم ،ما ان اشرق حتى توارت الشموع فأصبحت كلمة الله حية ؛ نتفاعل مع الكلمة ونحتذي به كقدوة لنا يقول الرسول بولس
"كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع" (1كو15: 22.
يقول الرب يسوع: هانذا واقف على الباب واقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي. لأنه يحب الجميع ولا يريد أن يهلك أحد بل أن يقبل الجميع إليه لحياة التوبه و الحلة الجديدة معه إن الرب يقرع باب قلبك لكن عليك أنت أن تفتح له من الداخل. إن الرب يحبك، لكنه لن يقتحم قلبك ارغاماً بل ينتظر رغبتك ويوّد أن يدخله مكرما. إن كل من يفتح قلبه للرب، يدخل إلى حياته ويخلق فيه قلبا جديدا، وعقلا جديدا، وروحا جديدة.آمييين
من تأليفي ابنة المحبة 28-12-2014
منذ حداثتي أبصرت نفسي في سفينة تمخر عبابها بحر الحياة، وعلى متنها أطياف متنوعة من البشر في قلوبهم أمنيات أن يسوقهم القدر لبلدِ عجيب لا عين رأت و لا أذن سمعت وفيه ما لا يخطر على قلب بشر!
مرت سنوات من عمري و أنا أتأمل البحر من نافذة مقصورتي بنظرات عفوية حيث تسلبني أفكاري طعم الراحة و الاحساس بالطمأنينة، كنت أتساءل و كلي فضول عن السفن الأخرى "ترى إلى أين هم ماضون ؟ هل حقاً هم مدركون أنهم عن دربهم تائهون؟ " مضيت و كلي اصرار أن أتكلم مع قائد رحلتنا ؛ سمعت أنه من أمهر الربان لم يشهد له مثيلٌ عبر الأزمان ! رجلٌ صنديد ذوخلقٍ قويم و صاحب اتزانْ ,لم أعلم عنه شيئاً لأنه عني بعيد كل ما أملك أن أثق بأنه سيقودنا إلى مرسى الأمان.
خرجت من غرفتي الصغيرة حيث دفء عائلتي و تهت بين أروقة الباخرة باحثة عن أحد الركاب لعله يرشدني لمقصورة القيادة، حقاً كنت أشعر بالثقة أنه سيروي عطش سؤالي، وبينما أنا سارحة بأفكاري سمعت صوتَ خطواتِ أقدامٍ قادمة ورائي فصاح أحدهم قائلاً :
" عم تبحثين في مثل هذه الساعة المتأخرة صغيرتي؟"
أنا :" آه ..ابحث عن مقصورة القيادة كي أرى الدنيا من زاوية مختلفة"
هو :" و ما هو سبب رغبتك المفاجئة ؟"
أنا :" أريد أن اسأل قائدنا عن مسار بقية السفن وهل هم قادمون معنا إلى بر الأمان و إلى نفس الهدف سائرون؟"
قاطعني قائلاً :" انصحك صغيرتي أن تثقي بقائدنا فهو ضماننا لبر الأمان وحامينا من غدر الزمان، ثقي تماما إن حصل شيء سيتشفع بنا لدى رب الأرباب لا تقلقي و نامي قريرة العين هانئة البال "
أنا :" لكن أريد أن اسمعه و هو يحدثني عن رحلة البحار تلك ، أشعر أن جوانباً أخرى من العالم غير مفهومة لدي "
هو : "إياكِ صغيرتي أن تفكري بالنظر للسفن الأخرى، فبريقهم مزيفٌ خداع و مسارهم مؤكد للهلاك لأنهم ضلوا عن منارة الحق و حادوا عن جادة الصواب، فهل ترجين للفاسقين ثواب و هم بأرجلهم ماضون للعقاب؟"
أنا " لعمري إني لا أرى في كلامك أي خطاب، من فضلك أخبرني لتبصر روحي الحقيقة لعلي أجد الجواب"
هو :" هل تعلمين أن جميع ركاب السفن الأخرى يحسدوننا و يحيكون لنا المؤامرات لاعاقة رحلتنا؟ وهل تعلمين إن كثيرين يأتون إلينا من المشارق و المغارب أفواجاً للحاق بسفينتنا طلباً للنجاة؟ قد أدركوا النور و آتوا من الموت إلى الحياة!"
أنا :" حقأ ؟؟ وماذا بالنسبة لنا ؛ هل يرحل أحد تاركاً متن سفينتنا؟
هو :" مستحيل!!!! و هل يرمي أحدنا بنفسه إلى التهلكة.؟"
انهيت الحديث وفي بالي ألف سؤال إلى أن قررت أن أن أمضي بنفسي من هنا دون أي استئذان .
تسللت ليلاً إلى مقدمة السفينة باحثةً عن غرفة قائدنا ونظرت إلى بريق النجوم الألماسية المتلألئة ابتهاجاً بعرس الحياة البهية ، و بينما كنت غارقة في التأمل و التفكير شتت صوت رجلين يتعاركان تركيزي ، فقررت الاختباء ومراقبة ما يحدث!
لكن.... صدمتً حقاً عندما رأيت رجلاً يقتل الآخر فأرداه إلى البحر غريقاً ،ورمى بجسده المتهالك وسط زبد البحر ,تملكني الخوف لأول مرة في حياتي و بعدها سمعت همهات الرجل المنتصر قائلاً :
" هذا عقوبة من يرغب في التخلي عنا و الالتحاق بالسفن الأخرى ليكن عبرة لمن يعتبر!"
ثم عاد إلى غرفته و هو مملوء بنشوة الانتصار معتقداً أنه حمى ربان سفينتنا الغامض بغيه ارضائه و الفوز بنعيمه!
عدتُ إلى غرفتي مذعورة ومصدومة أن في سفينتنا قوانين غريبة كهذه فقررت أن ارحل من سفينتنا سراً وبصمت لابحث عن درب الأمان بنفسي ؛حزمت أمتعتي و تركت ورائي ذكرياتي، هويتي، أماني، تقاليدي، أقاربي، ماضيي، و كل شيء باحثةً عن بر الحق ماضيةً إلى مكان مجهولٍ كله خوف و حيرة لا يخلو من المخاطر.!
تسللت خلسةً وهربت مستخدمة سفينة النجاة الاحتياطية صغيرة الحجم و نزلت بها أبحر في المحيط المجهول حيث الظلام الحالك و البرد القارص! لا نور، لا دفء، لا أمان ،و لا انتماء! بقيت وحيدة تائهة تتقاذفني أمواج التخبط ، خسرت الثقة بالناس و ذبلت وردة الاحساس، أبحرتُ وحيدة و قررت إني لست بحاجة لأحد وبنفسي سأصل إلى ضفة السلام دون مساعدة من أحد معي فقط ضميري وحدسي وحده دليلي.
أخذت أجدف قاربي الصغير بكل ما فيي من قوة حتى أستوقفتني سفينة كبيرة عابرة من بلاد أجنبية يعيش على متنها أناس من جنسيات مختلفة طالبين مني الانضمام لرحلتهم فسألتهم :"هل تعرفون الطريق؟"
أخبروني أنهم لا يؤمنون أن هناك أرضاً على الضفة الأخرى من هذا المحيط لكنهم سيبحرون مع التيار ،ووعدوني أن نبحر و نعيش حياتنا سوية دون التفكير في الطريق! فكرت ملياً وهممت أن أشاركهم نمط حياتهم و أصبح فرداً منهم لكني لم أشعر بالراحة ، ثمة شيء ما رددني و ابعدني عنهم، اعتذرت منهم راجيةً لهم رحلة موفقة و قررت انتظار مشتهى نفسي و قرة عيني..
توالت الأيام و الليالي فاستوقفتني سفينة جميلة كبيرة الحجم يقطنها أناس بسيطون تعلموا فن التنوير و التأمل في الطبيعة، مسالمون للغاية لا يأكلون لحماً و لا يأذون حيواناً، أخبروني أني سأصبح مثلهم كثيرة التأمل و سأصل للضفة المقابلة بعد أن تتقمص روحي و تعيش أدواراً مختلفة من حياة لأخرى حسب أعمالي و بعدها ساتحد بشيء عظيم و ربما أصل للضفة يوماً ما..ابتسمت و أنا انظر لحياتهم المسالمة وأخبرتهم أني أخاف أني أعيش مئة مرة في أجساد مختلفة فأعود لأتوه من نقطة البداية، فما أريده فقط هو اليقين و الضمان ؛ أريد من يمسك بيدي و يأخذني للضفة الأخرى! تمنوا لي بهدوء كل التوفيق في بحثي و عدت للضياع من نقطة البداية!
ضعت في بحار الحيرة من جديد انتظر مرور أمل جميل..و بعد أيام من الانتظار مرت سفينة أخرى سألوني عن أصلي و فصلي و إلى أي أمة انتمي و هل ياترى أنا من أبناء جدهم الأكبر كي التحق بهم فأومأت بيأس فتركوني و رحلوا عني متمنين لي رحلة موفقة مع غيرهم..
و هكذا توالت الشهور و أحسست أن قوتي ضعفت و صبري قد هزلت أوصاله وبدأ اليأس يتسلل إلى نفسي وفكرت نادمةً لعلّي أعود إلى سفينتي فارتاح وخاصةً أنهم لم يسمعوا بأني هربت فيمكنني أن أعود خفية كما هربت لأكون ملكة بين أفراد مملكتي و أتقبل أهل سفينتي بعيوبهم. و في لحظة تعب صرخت يائسة :" لم أنا وحيدة هنا.؟. ابحث عنك الهي في كل مكان انقذني من ورطتي أنا بحاجة اليك، لوحدي لن أصل ان لم تدلني بنفسك على الطريق!"
وبينما كنت ابحث بين السفن الكبيرة المزخرفة رأيت قارباً صغير الحجم و بداخله رجلٌ متواضع عزيز النفس يجدف قاربه المتواضع بنفسه باحثاً عني لينقذني لأنه سمع صراخي فسالته من تكون ؟
فقال لي :" ابنتي كنت أراقبك من بعيد و انتظرك أن تطلبيني و تفتحي لي باب قلبك ...سمعت صراخك و تركت المجد الذي كنت فيه و أتيت إليك بنفسي بطوق النجاة لأنقذك من الغرق لأخذك إلى بر الأمان، لن أدلك فقط على الطريق بل سأبحر معك حتى النهاية حتى لو غرقت أنا لانقذك لأن ابن الانسان جاء ليخلص ما قد هلك"
عندها احسست بالراحة تتغلغل في عروقي و سألته و أنا منبهرة بكلامه " و هل حقاً تعرف الطريق؟ دلني كيف اصل للضفة الأخرى؟"
فأجابني قائلا :" ابنتي جئت بنفسي إليك لأخبرك إني أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ و الحياة ليْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي "
فقلت له " كم أنت رجل نبيل جئتَ من أجلي خصيصا و رميتَ نفسك في بحر العالم الهالك! لماذا خاطرت و جئت لتنقذ فتاة يائسة مثلي وسط أمواج الظلام و عانيت للوصول إليّ؟؟ من أنا سيدي الغالي لتأتي إلي و تنقذني؟ لا استحق ذلك"
فابتسم بكل دفء مجيباً" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم ، بل ليخلص به العالم"
أجبته و الدمع بعيني : " سيدي أنا متعبة جداً لم يعد لي طاقة أن أتغيرأرجوك ساعدني و ادخل إلى عالمي المتواضع وغيرني من الداخل و قد سلمتك كل حياتي فكن قائدي و سيدي و مخلصي من بحر الهلاك"
عندما قبلته مخلصاً قال لي مخففا عني :" تعالوا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيف"
قلت له و السعادة تغمرني "سيدي ثيابي القديمة قد اهترأت و نفسي ذبلت كن لي الطبيب و الصديق صبرني لأواجه المعترضين فكل أهل سفينتي سيقاطعونني لأني اخترت صليبك و تبعتك"
"فقال لي :"إن كان العالم يبغضكم، فإعلموا أنه قد أبغضني قبلكم" .."في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم"
سألته و أنا مبهورة بكلامه :" سيدي أخبرني ماذا افعل مع أهل سفينتي الذين نبذوني؟ هل أبدالهم العداوة و البغضاء؟"
فأجابني :" وصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا"
رنا إليّ السيد المسيح بنظرة حنونة ومن خلال ايماني به ألبسني حلة جديدة وأسكن في داخلي روح القدس المعزي الذي يبكتني على الخطايا و يغيرني من الداخل فولدت من جديد حقاً كل الأشياء العتيقة قد ولت و أصبحت أنظر إلى العالم بطريقة مختلفة, الرب يسوع نور العالم ،ما ان اشرق حتى توارت الشموع فأصبحت كلمة الله حية ؛ نتفاعل مع الكلمة ونحتذي به كقدوة لنا يقول الرسول بولس
"كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع" (1كو15: 22.
يقول الرب يسوع: هانذا واقف على الباب واقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي. لأنه يحب الجميع ولا يريد أن يهلك أحد بل أن يقبل الجميع إليه لحياة التوبه و الحلة الجديدة معه إن الرب يقرع باب قلبك لكن عليك أنت أن تفتح له من الداخل. إن الرب يحبك، لكنه لن يقتحم قلبك ارغاماً بل ينتظر رغبتك ويوّد أن يدخله مكرما. إن كل من يفتح قلبه للرب، يدخل إلى حياته ويخلق فيه قلبا جديدا، وعقلا جديدا، وروحا جديدة.آمييين
من تأليفي ابنة المحبة 28-12-2014