لربّما كان وجه الإنسان مبني من تعبير واحد فقط وليستطيع الإتيان ببقيّة التعبيرات اللازمة لشخص كامل فإنّ الشخص يستطيع بهذا التعبير الواحد لوجهه مُحاكاة تعبيرات وجوه أخرى مختلفة ليشمل كل التعبيرات اللازمة لشخص كامل ،فإذا كان هذا الشخص لديه التعبير "جـ" وكان يلزمه تعبيرات وجوه أشخاص آخرين تعبيرات وجوههم "أ" و"ب" و"د" مثلاً فإنّ التعبير "جـ" يستطيع التعبير عن "أ" و"ب" و"د" كذلكـ لتكون تعبيرات الشخص كاملة لو إفترضنا أنّهم أربعة تعبيرات في متوسط ما يلزم الشخص الواحد.
نص الكتب التي كتبها الأقدمون يحتوي في ذاته كمثل كذا نص للنص الواحد ،أي وكأنّ الفقرة الواحدة تحوي كذا فقرة في ذاتها وهذه هي طبيعة كثير من اللغات ومنها العربيّة التي كُتبت بها كثير من كتب الأقدمين. وإنّ هذه الفقرات في الفقرة الواحدة ضمناً إنّما لتشمل كلّ تعبيرات الوجه الواحد في محاولته لفهم النص أو صورة الوجه لفهم النّص ،فهناكـ من يفهم النص بالصورة "و" وهناكـ من يفهمه بالصورة "س" وكلتا الصورتين مُضمنتان في الفقرة الواحدة.
من خلال ما يسبق فإن كتب الأقدمين تحتوي على صور وجوه فهم متنوعة قد تكون شاملة من أجل النّظر فيما تذهب إليه وجوه النّاس أو وجه شخص يقود النّاس برأيه وتوحّد رأيه ليعمم صورة وجه فهمه عليهم جميعا ممّا يؤدي إلى حركة النّاس على الواقع بصورة الفهم تلكـ المُرجحة على البقيّة.
تحتوي نصوص كتب الأقدمين على صور وجوه فهم الفقرة الواحدة المُحتملة ربما مُستقبلاً من لدن القرّاء أو قرّاء مُعينين.
ويكون التأصيل للمعلومة في هذه الكتب هو لتمحيص الآراء للعمل بما هو معروف أو أعرف معروف لإستخراج الرأي الأوحد بالنسبة للباحث الذي لا مناص للعقول عن إتباعه ،ويُمثّل هذا الرأي الحقيقة والواقع في نظر صاحب هذه الطريقة وهو السبب في الشعور بأنّ البحث بهذه الطريقة و المؤدي إلى منهج مُستقيمي الرأي ،وبالتالي فإنّ الرأي المُستخرج بهذه الطريقة يُمثّل الواقع ويدرء أسلوب المعرفة المدنيّة والروح المدنيّة من أن تزاحمه على واقعيّة الأمر ،ولذا تشعر بضعف المعرفة المدنية إلى جانب طريقة التأصيل هذه وتشعر بأنّ هذا التأصيل لرأي أوحد قوي جدّاً لدرجة أن يكون هو الحقيقة بعينها لا غير حيث يُوهن ما خلافه من معرفة أو أساليب أخرى مثل الأساليب المدنية للمعرفة.
ومن الإضطرابات المُرافقة للإكراه على اتباع رأي أوحد إضطراب "الوِهام" وما يُرافقه من horror المرض ،حيث الوهام من الإضطرابات المُتعلقة بمناقشة المسيحيّة في أوّل جزء لها وهو مناقشة حالة "من لا يدركـ هوان ما هو فيه" والمتعلق بعين أثر "إعتبار البعض يشمل إعتبار الكل" أو بصيغة أخرى "مغازي البعض مفاتيح للكل" ،حيث عين الأثر هذه هي أوّل عين يبدأ بها القرآن مع المسيحية في مناقشة حالة "من لا يُدركـ هوان ما هو فيه".
والوهام هو أنّ المريض يتوهّم المرض ولا يشعر بالإستقرار إلّا بتعاطي أدوية هو في الحقيقة لا يحتاجها ،ويرتبط بالوهام horror المرض كذلكـ في بعض الحالات وهي حالة ناتجة من مُحاولة إجبار باطن الإنسان على رأي أوحد حيث يرتاب جداً في العناية الصحية بكل شيء يمارسه ،وكذا حيث تبدأ تظهر تعبيرات الباطن في كثير من نشاطات ذلكـ الإنسان كانّما أي شيء يُمارسه فإنّ أدواه تُعانده ولا تنصاع له وكأنّ حتّى نفسه أو أعضائه لا تنصاع له مثل حال التعذيب في السجون النازيّة وهو يعيش مع من حوله ويعيش حالة فصام كأنّه في قفص لوحده منعزل بين أسرته كأنّما روح شرير يسرقه من بين أسرته وهو بينهم.
وتشعر الحالة بأنّ شيئاً ما كُسر بداخلها كمثل البراءة وحب الحياة التي كانت فيها من قبل وتمتّعها بحيويتها من قبل ،وتعيش الحالة كذا حالة مُفارقات كأنّما تُعوّض بها نقائص أصابتها لأنّ النفوس النبيلة إذا ما تمّ إهانة إعتبارها وإنتقاصها يُساعد ذلكـ خصومها على أنّ الحالة "تجيب اللي عندها" أي إفراغ الشخصيّة ممّا يجعلها واثقة من ذاتها وممّا تعتمد عليه في قيامها وإعتبارها وبالتالي تُصاب بالخلل وتدخل حالة "من لا يُدركـ هوان ما هو فيه" ،حيث قد تُصاب الحالة ببعض ما يقدح في أخلاقياتها فتبدأ تعوّض ذلكـ بمفارقات كأنّ تقول أنّها ترى كرامات وملائكة وأشباه ذلكـ ممّا لا يتفق وحالة الهوان الأخلاقي التي فيها الحالة.
إذا قام التأثير بالحمل على رأي واحد على مُستوى جمهور فإنّه من المُحتمل أنّه يؤدي إلى حدوث ثورة البعض وحدوث أمور لإذهال العقول لإرهابها لحملها على قبول أفكار أو قبول الرأي الأوحد بأنّه هو الذي تستقيم به الحياة حيث يتم إبهام أنّ سبب الإضطراب أو ما يشعر به الجميع هو مرض إضطراب الوهام ويظنون أنّ المسألة هي مسألة العقيدة الدينية الصحيحة التي تستقيم بها أمور الحياة وفي الحقيقة فإنّ العقيدة الصحيحة ما هي إلّا رأي يتم حمل الجميع عليه.
ما يُعزز أمر الرأي هو إقصاء الفهم المدني والأساليب والمعارف المدنية في تمحيص الرأي لأن الرأي في هذه الحالة رأي لم يستوي بعد أي لم يُدرس بأدوات تحليل وتكميل حيث يُصبح منظومة فكريّة متكاملة بل هو رأي لم يستوي ويتم كذا قمع المُضاعفات التي تنتج من إعتناق الرأي بُغية أن تنتظم أمور التطبيق الفاسد القمعي للرأي على الواقع حيث لا تجد تذمرا أو ردود أفعال لأنّ العلوم والمعارف المدنية هي التي تتكلّم عن مُضاعفات لأي تطبيق فاسد للأمور ولذا فتطبيق الرأي الذي لم يستوي يُقصي هذه العلوم المدنية ويقمع المضاعفات أي نوع من أنواع الجبر مثلاً لقبول جسد نوع من أنواع الغذاء الفاسد وقمع أي ردود فعل من أجل أن تنتظم حال الجسد والطعام الفاسد ،وبالتالي ومع الشروط السابقة وكذا إرهاب العقول فإنّه يتبدّى للعيان صحّة الرأي المحمول عليه الجميع دون وجود ما يُعيق أو يُعارض ذلكـ ،ويُمكننا أن نقول أنّها عملية حمل الجمهور على رأي مع قمع أي نوع من أنواع المعارضة سواءاً كانت من الطبيعة أم من الأشخاص ،ولذلكـ تجد شعارات مع الرأي المحمول عليه الجميع مثل أنّه الوسيلة الصحيحة للحياة أو الذي تنتظم وتتزن به حياة الأفراد وتجعلهم يعيشون في سلام.
كذا قد تُلاحظ في أمر حمل جمهور ما على رأي تقسيما طبيقياً حيث تنأى طبقة من المُجتمع بنفسها عن الباقين وتظن في نفسها بمنأى عن مشاكل مرض إضطرابات تطبيق الرأي بالقمع والترويض للطبيعة وبالتالي تظن أنّها الطبقة المُقدمة وصفوة المُجتمع وأنّها الطبقة السعيدة التي تعيش في إرتقاء فهم ما ،وربما هذه هي النقطة أنّهم سيظنون أنّهم أفهم من الجميع للأمور ولما يجري ومازالت نقطة تحتاج لدراسة.
في التقسيم الطبقي للمُجتمع فإنّه في الحقيقة أنّ الطبقة التي تنأى بنفسها عن مساحة المرض أشبه بطبقة نبيلة ولكن الحقيقة أو الأقرب للمنطق أنّها طبقة يتم زرعها على أنّها نبيلة أي طبقة نبيلة مزروعة ،والغاية من ذلكـ أنّ المُجتمع الذي هي فيه مُجتمع نبيل له كرامة بسبب نبالته وعنده القدرة على الإعتراض ،فإذا ما كان شخص ما مثلاً لا يفهم في النبالة ويُعاني في تعامله مع المُجتمع النبيل فإنّه يُسلّم مُجتمعه هذا إلى أمّة أخرى تستطيع التعامل مع النبلاء وإضطهادهم ،أي أمّة فارغة من العمل تُريد عملاً فيكون هذا المُجتمع النبيل موضوع عملها وشغلها ،هذا كمثل نوع من أنواع الغزو بالرأي الغي مُستوي ،وتكون وظيفة الطبقة المزروعة هي أنّها طبقة العلم والخبرة بمجريات الأمور في مساحات المرض وعن بقيّة طبقات المُجتمع النبيلة حيث تضطهد طبقات المُجتمع الأخرى بأن لا خصوصيّة لها كمثل ما تقول لشخص "إنت لو حسّيت بكذا بش بتعمل كذا أو كذا أكيد" فتحرجه فيُقر بالأمر الشخصي الذي يُمارسه في حياته الشخصية للعلن ،وأنّ معنى مُجريات الأمور هي الأخبار والأحداث الناشئة من طاعة أو عصيان الرأي الغير مُستوي المفروض أنّ كلّ طبقات المُجتمع الأخرى تعمل به ،فتكون الطبقة المزروعة هي طبقة فهم الأمور حيث تقول "مهو لو إنت عملت كذا أو كذا كانت النتيجة أفضل" أو "مهو طبيعي إنّكـ لو عملت كذا يحصل كذا". ومن أمثلة ذلكـ ونماذجه الدولة البوليسية التي تُحرج مواطنيها النبلاء في خصوصياتهم وتمحق نبالاتهم وتُوصل أخبارهم إلى الأمّة الأخرى التي لا شغل لها وتريد عملاً وتُجيد التعامل مع النبلاء.