تأملات وقراءات فى شخصيتى يوسف الرامى ونيقوديموس
مقدمة
شخصيتى يوسف الرامى ونيقوديموس هما الشخصيتان العجيبتان والتاليتان فى الترتيب بعد شخصية اللص اليمين لما أظهرتا من قوة إيمان فى ظروف مستحيل فيها ان يؤمن أى أحد , وظهرت شخصية من الأمم قبلهما وهو قائد المئة الذى طعن السيد المسيح فى جنبه أو (لونجينوس كما يقول التقليد), وأيضا فى ظروف مستحيلة اعلنوا إيمانهم بالسيد المسيح المصلوب والميت على خشبة الصليب وفى الوقت الذى هرب فيه التلاميذ ساعة صليب السيد المسيح وأنكره بل ولعنه أحدهم وهو سمعان بطرس .
كما رأينا قوة إيمان اللص اليمين وكما تحدثنا عنه وتأملنا فى شخصيته الفريدة ظهرت هاتان الشخصيتان الفريدتان أيضا وما أظهرتا من إيمان عجيب أيضا فى ظروف مستحيلة فتعالوا نتعرف عليهما عن قرب وندقق فى كل شىء وسوف نستعين بالتقليد سواء سنصدقه أم لا نصدقه فهذا متروك لحرية كل شخص وفى مقدار تفاعله مع هاتان الشخصيتان محل تأملاتنا هذه , القديس يوحنا كتب عن شخصية نيقوديموس وحديثه إلى السيد المسيح فى الإصحاح الثالث من عدد 1 حتى عدد 23 1 كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ، رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ.2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: « يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».3 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ».4قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟»5أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ.6 اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.7لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ.8 اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لَكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هَكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ».9 فَأَجَابَ نِيقُودِيمُوسُ وَقَالَ لَهُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا؟» 10أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هَذَا! 11 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا. 12 إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُمُ الأَرْضِيَّاتِ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِنْ قُلْتُ لَكُمُ السَّمَاوِيَّاتِ؟ 13 وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.14«وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَان، 15لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 16 لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 17 لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. 18 اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ. 19 وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. 20 لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. 21 وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللَّهِ مَعْمُولَةٌ». و ذكر هنا كلمة رئيس لليهود وما يهمنى هنا هو كلمة رئيس التى تعنى آرشى بالقبطى أو آرخون باليونانى
ἄρχων archōn Present participle of a first (in rank or power): - chief (ruler), magistrate, prince, ruler.
وسأل واحد رئيس لما سمع السيد المسيح بيتكلم عن الملكوت , وقال له بما أنك بتتكلم عن الملكوت فطيب أعمل أيه علشان أرث الحياة الأبدية , والقديس لوقا بيصفه أنه كان رئيس أو قاضى أو آرشى فى مجمع السنهدريم ,والأصل اليونانى أرخون
ἄρχων archōn Present participle of a first (in rank or power): - chief (ruler), magistrate, prince, ruler.
الحقيقة أنا عايز أربط بين ما حدث فى إنجيل لوقا وبين يوسف الرامى , يعنى ليه منصب كبير يعنى أحد قادة مجمع السنهدريم سأل السيد المسيح هذا السؤال , والقديس لوقا أغفل أسم هذا الرئيس أو هذا الإنسان لأن موقف هذا الإنسان لم يكن محبذا لأنه فى الآخر لم يستطيع أن ينفذ اللى قاله له السيد المسيح , وعلشان لا يظهر دينونة لهذا الإنسان لم يذكر إسمه .الحقيقة هذه الشخصية قريبة جدا لشخصية يوسف الرامى الذى كان هو أيضا رئيسا فى مجمع السنهدريم وكان أيضا شابا كما يقول البشير متى والبشير مرقس بينما نيقوديموس كان كبير فى السن وكان كما قلنا معه هذا الحديث مع السيد المسيح كما ذكره البشير يوحنا عن الميلاد من الماء والروح و لأن الإناجيل الأربعة لم تذكر عن يوسف الرامى سوى أنه كان تلميذا فى الخفاء ليسوع وكان منتظرا ملكوت السموات ولكن مسأله أنه يفقد كل شىء سواء الثروة أو المنصب أو المميزات التى يتمتع بها كانت حائلة بينه وبين أن يعلن أنه تلميذا للسيد المسيح ونجد بالفعل أنه أستغنى عن كل المميزات بما فيهم الثروة لخدمة الكنيسة الأولى بعد إعلان تبعيته للسيد المسيح المصلوب , قد يكون هو وقد يكون شخصية أخرى ولكن هو الأقرب لها وعلى العموم لكن لو كان هو يوسف الرامى فالمعنى الجميل هنا أن محبته للسيد المسيح وإيمانه بملكوت الله جعلاه يرجع ويحيا وأختفى الحزن من قلبه على الزائل وهم المناصب والمميزات والمال وتغلب الدائم أو ملكوت الله على أحزانه لمجرد التفكير فى أنه سيفقد الزائل , وكان للصليب هذه القوة التى جعلته يحسم هذا الصراع ويعلن تلمذته للسيد المسيح ضاربا بكل شىء عرض الحائط وهو سعيد. والحقيقة شخصية يوسف الرامى وشخصية نيقوديموس من الشخصيات العجيبة جدا التى تعطينا أمل كبير جدا جدا جدا , إن مهما إن كانت محبتى للسيد المسيح ضعيفة فى وقت من الأوقات لكن لو هذه المحبة صادقة فتأكد أنها ستعلن بمنتهى الوضوح فى الوقت المناسب حتى لو كانت علاقتى بالسيد المسيح علاقة خفية مستخبية وضعيفة .
تعالوا نستعرض ما كتبه البشيرين الأربعة عن هاتان الشخصيتان الفريدتان والعظيمتان جدا فى الإيمان .
أولا: أنجيل متى 27: 57- 66
57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ،جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ وَكَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ. 58فَهَذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ،60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ،ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ وَمَضَى. 61وَكَانَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى جَالِسَتَيْنِ تُجَاهَ الْقَبْرِ. 62وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاِسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ 63قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ،قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. 64فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ،لِئَلا يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ،فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!» 65فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ». 66فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.
تقدم واحد أسمه يوسف الرامى لكى ما يأخذ جسد السيد المسيح لكى ما يدفنه والعجيب أن القديس متى بيقول ولما كان المساء اللى هو الساعة 5 بتوقيتنا أو بعد غروب الشمس تقدم يطلب جسد السيد المسيح ويوحنا الحبيب بيعلق على شخصية يوسف الرامى ويقول انه كان تلميذ يسوع ولكن خفية أو فى الخفاء بسبب الخوف من اليهود وكان بييجى ليه زى نيقوديموس اللى كان بيروح للسيد المسيح فى الليل , ولما كان المساء وكأن هذا هو ميعاد المقابلة المتعود عليه مع السيد المسيح , واللطيف أن السيد المسيح لم يرفض ذلك الخفاء يعنى كان تلميذ ليسوع لكن بسبب الخوف كان بيروح له خفية وبيوصفع الكتاب المقدس أنه كان مشير يعنى رجل ذو مركز وشريف وغنى ومخلصا وبارا وكان عنده إمتيازات كثيرة وكان عضو فى مجلس السنهدريم ولم يكن راضيا بقتل السيد المسيح ولكن لم يستطيع أن يعلن رأيه مجاهرة لأنه كان خايف على مركزه , وقد تكون الثروة اللى معانا والإمتيازات اللى معانا عائق أن أحنا نعلن تلمذتنا للسيد المسيح , لكن الميزة اللى كانت فيه أنه كان يمتلك الثروة الكثيرة ولكن لم تمتلكه الثروة , يعنى كان بيمتلك فلوس ومركز ولكن المركز والثروة لم يمتلكوه , وعلشان كده بنشوف أنه بيضعهم فى خدمة السيد المسيح , وراح ودخل لبيلاطس وطلب الجسد , وكان عايش فى تلمذة خفية مش واضحة قدام الناس لكن لم يستطيع يوحنا أن ينكرها لأن السماء بتعترف بتلك التلمذة وكان تلميذ ليسوع , والعجيبة أن التلاميذ كانوا ظاهرين طوال حياة السيد المسيح بينهم على الأرض وكان يوسف الرامى ونيقوديموس مختفيين وكانت تلمذتهم خفية , وفى موت السيد المسيح هو الوحيد اللى ظهر بينما أختفى كل التلاميذ , وكانت تلمذته الخفية هذه جميلة جدا وكان السيد المسيح فرحان بيها وكأن الصليب أعطى قوة جبارة ليوسف الرامى بأنه يجاهر أنه تلميذ للسيد المسيح وتجرأ بينما كان كل العالم على السيد المسيح , نعم تجرأ أنه يطلب هذا الجسد ويعتنى به , وبنشوف هنا قد أيه غير الصليب فيه , وأعطاه قوة جبارة وقوة هائلة تغير وقوة مفاجئة ومباغتة وسريعة غيرت فيه حاجات كثيرة جدا وأظهر أن هو تلميذ للسيد المسيح , وكان عارف لما وجد الدنيا أتغيرت والسيد المسيح بيغفر على الصليب والزلزلة والقبر وكان هو واحد من اللى رجعوا يقرعون صدورهم ,وكان عارف مدى خبث أعضاء مجمع السنهدريم وريائهم وتلفيقهم للتهم وعلشان كده أعلن فى قوة جبارة أعترافه بشخص السيد المسيح , والحقيقة بيلاطس لما وجده بيطلبه أعطاه إياه وقال له خذه وأعمل فيه اللى أنت عايزه وقد يكون سمح بيه تكفيرا على أنه شعر أنه أسلم دم بريئا لأن كان من المفروض أن الجثه تلقى فى وادى أبن هنوم بتاع المجرمين والقتلة ولكن علشان يتم الكتاب وجعل مع غنى عند موته فى أشعياء 53: 9 9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. وبيقول الكتاب فى أنجيل متى "وضعه فى قبره" وهذا القبر كان عامله لنفسه ولكن هو أدخل السيد المسيح فيه مكانه , والتعبير هنا جميل قوى أن الموت اللى كان علىّ والدينونة والدفنة , أنا أدخلت السيد المسيح بدلا منى علشان يعطينى معاه قوة القيامة , يوسف الرامى أعطى السيد المسيح مكانه , والسيد المسيح لم يمتلك قبر لأنه كان بلا خطية والقبر هو قبر الموت , وكان طول حياته من ساعة ما أتولد , 1- فى مغارة لأن مفيش مكان يتولد فيه , 2- عاش ليس له أين يسند رأسه , و3- مات وليس له قبر , وكان أقربائه من الجليل ولم يكن أحد عنده قبر فى أورشليم , وبيقول القديس متى "قبر جديد نحته فى الصخرة " وكان عامل بستان حواليه , والصخرة هى رمز للسيد المسيح , وعلشان كده كل الأجيال اللى أتت بعد ذلك و الموجودة لحد النهاردة بتذهب لذلك القبر أو قبر يوسف الرامى اللى وضع فيه السيد المسيح مكانه , وهذا عمل ما زالت تذكره الأجيال أن يوسف الرامى أعطى مكانه للسيد المسيح , وحيث وضع سيدى أو ضع أنا معه وحيث يموت سيدى أموت انا معه وعلشان كده فى كنيسة القيامة فى قبر صغير بجوار قبر السيد المسيح هو قبر يوسف الرامى اللى أندفن فيه لما مات , ولكن لما أندفن فى هذا الوقت كان لموته معنى تانى خالص غير ما كان بيفكر فى أول مرة لما عمل القبر لنفسه , وأحضر أطياب وحنوط مع نيقوديموس وكفنوا السيد المسيح ولفوه بكتان نقى وضحرجوا حجرا كبيرا على باب القبر , وهو قبر جديد لم يدفن فيه أحد من قبل , كما دخل السيد المسيح بطن السيدة العذراء التى لم تعرف رجلا من قبل ولا من بعد , وأيضا دفن السيد المسيح فى قبر بتول , زى ما اتولد من بتول , هو ولد غريب ليس له مكان ومات غريب ليس له مكان , وكما كانت الولادة والموت غريبة عنه لكن هو قبلهم من أجل خلاص جنس البشر .
ثانيا: أنجيل مرقس 15: 42- 47
42وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، إِذْ كَانَ الاِسْتِعْدَادُ، أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ، 43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، مُشِيرٌ شَرِيفٌ، وَكَانَ هُوَ أَيْضاً مُنْتَظِراً مَلَكُوتَ اللَّهِ فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. 44فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعاً. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ، وَسَأَلَهُ: «هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟» 45وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ. 46فَاشْتَرَى كَتَّاناً، فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتاً فِي صَخْرَةٍ، وَدَحْرَجَ حَجَراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ. 47وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يُوسِي تَنْظُرَانِ أَيْنَ وُضِعَ.
ونعود لأنجيل معلمنا مرقس , والمساء المقصود به مساء الجمعة ليلا أى ما قبل السبت , وكان هذا السبت سبتا عظيما لأنه يلى عيد الفصح , يعنى ليه درجة أعلى من السبت العادى وممنوع أن اليهود يتحركوا من أول يوم الجمعة بالليل لما تغرب الشمس وتظلّم , ويوسف الذى من الرامة بيقول عليه القديس مرقس مشير وشريف يعنى درجة ورتبة , أو إنسان ذو مركز وأيضا إنسان ذو قداسة (الشرفاء والنبلاء والمشيرين) , وكان منتظر ملكوت الله , فهو بيعطينا نموذج لرجل غنى وليه مركز ولكن ملكوت الله كان بيشغل باله وفكره وهو منتظره , وبعدين بيقول القديس مرقس تجاسر , طيب ليه ؟ لأنه لو أعلن انه تابع للسيد المسيح ممكن يتهان ويتقبض عليه ويتحكم عليه زى السيد المسيح , لكن تجاسر وطلب جسد السيد المسيح , وبيلاطس سأل قائد المئة لأنه تعجب من موت السيد المسيح السريع , لأن فى ناس بتفضل على الصليب لمدة تقارب الثلاثة أيام , والسيد المسيح مات بسرعة وفى خلال ثلاثة ساعات , وقائد المئة وهو لينجينوس حسب التقليد وهو عنده خبرة لأنه ياما أمات ناس كثيرين قبل كده ويعرف الميت من الحى , وقال له لينجينوس آه مات , ودى كانت شهادة خبير لأن ممكن الإنسان العادى يتلخبط فى واحد قدامه ولا يعرف إذا كان ميت أو فى غيبوبة ولكن من واحد متخصص فى قتل الناس ,ايضا بعد أن طعن السيد المسيح بالحربة كما ذكر معلمنا يوحنا البشير , ولذلك كانت شهادة قائد المئة بموت السيد المسيح حقيقة علشان ترد على كل الناس اللى بيقولوا أن السيد المسيح لم يمت ولكن كان مغمى عليه أو شبه لهم أنه مات , , وبيلاطس وهب الجسد ليوسف يعنى أعطاه له بدون مقابل لأنه كان المفروض المحكوم عليهم بالصلب من المجرمين ولا أحد يدفنهم ولكن بيترموا فى وادى أبن هنوم وهو مكان بجوار الجلجثة على طول , علشان تكون جثثهم معرضة للطيور والوحوش تأكلها , ولكن يوسف الرامى قد يكون أيضا قد عمل بعض الإتصالات بحكم أن له مركز عند بيلاطس وقد يكون فد دفع لع أى شىء ,(وهذا مستبعد لأن الله لا يشترى ولا يباع ) ولكن بيلاطس وافق ليوسف الرامى أنه يأخذ الجسد ويقوم بدفنه , وكان القبر ملك ليوسف الرامى ودحرج حجر على باب القبر , وكما ذكرت إلى الآن قبر يوسف الرامى فى مواجهة قبر السيد المسيح , وكما نعلم أن يوسف الرامى كان مجهزا هذا القبر لنفسه لكن وضع فيه السيد المسيح , والعجيب فى يوسف الرامى أنه لم يظهر أبدا والسيد المسيح عايش على الأرض , وبطرس اللى كان بيتجاسر والسيد المسيح عايش وقوله أنا مش حأسيبك ومش حأتركك ومش حأنكرك ولو حكمت أموت عنك ومش حاسيبك , وأيضا تجاسر والسيد المسيح عايش ورفع السيف وضرب العبد , ودلوقتى لحظة موت السيد المسيح هرب وأستخبى وأنكره ولعنه وسبه !! بينما يوسف الرامى الذى لم يظهر البتة نجد أن موت السيد المسيح قد غيره وجعله يتجاسر وجعله لا يهمه نفسه وهو عالم أنه ممكن يتعرض لإهانة وممكن يتعرض لموت ويتعرض لخطر ولكن لم يهمه نفسه , وموت السيد المسيح دفعه أنه ينكر ذاته فعلا ويبتدى يبحث عن السيد المسيح , وفى إنكاره لذاته وفى بحثه عن السيد المسيح أعطى السيد المسيح مكانه ولكن للأسف اعطاه مكانه اللى فى الموت وليس اللى فى الحياة , أعطاه قبره , والحقيقة دى كانت عطية حلوة قوى قوى تغير من حياة يوسف بعد كده , وحقيقى هو لم يستطيع أن يقدم للسيد المسيح محبة والسيد المسيح عايش ولكن قدمها له وهو ميت , وهو لم يفعل زى مريم التى كسرت قارورة الطيب والسيد المسيح عايش ولم يفعلها كما فعلت هى لتكفينه ولكن عملها بعد كده لما كان السيد المسيح ميت , وفى أوقات كثيرة لا نكرم الناس وهم عايشين ولكن بعد كده لما بيموتوا بيحلوّوا زى ما بيقولوا , وناخد بالنا من اللى عمله يوسف أنه ليس فقط عرّض نفسه للخطر وأنهم يقولوا عليه أنه تابع للسيد المسيح ويقتلوه لكن هو عرّض نفسه لخطر أكبر روحى , لأن يوسف ونيقوديموس أنزلاه من على الصليب يعنى مسكوا جسد ميت يعنى تنجسوا , وفى وقت حرج جدا أو فى وقت عيد الفصح يعنى سيحرموا من كل طقوس عيد الفصح لأن الإنسان النجس لا يستطيع أن يأكل من خروف الفصح , ولكن مع هذا هما أنزلاه وحملاه وكفناه وقبلوا أنهم يتعرضوا للخطر وقبلوا أنهم يحرموا نفسهم من إحتفالات عيد الفصح وأنه يتحكم عليهم كأنجاس لأنهم لمسوا ميت وكمان يوسف الرامى أعطى السيد المسيح مكانه , واخطر من كده يوسف الرامى هذا ونيقوديموس هما الوحيدان اللى كانوا موجودين فى مجمع السنهدريم وهم اللى كانوا حاضرين المحاكمات وهما اللى أبلغوا التلاميذ بالإجراءات التى جرت فى المحاكمة وصارا من ضمن الناس اللى أشتركت فى كتابة الإنجيل وحياة السيد المسيح , فشخصيتا يوسف الرامى ونيقوديموس هما من الشخصيات العجيبة , وأن ما فعله السيد المسيح فى حياته من معجزات ومن تعليم , لم تجذبهما قد موت السيد المسيح , يعنى لم تبهرهما المعجزات وجعلتهما يتجاسرا ويعلنا إيمانهما بالسيد المسيح , ولكن اللى شدهم ناحية السيد المسيح هو موته , ومن المفروض أن الناس كلها بتنشد ناحية المعجزات والكلام والأفعال وإشباع الجموع , ولكن الموت هذا هو ذل ومهانة وضعف , وهو ده العجيب أنه أنشّدوا للصليب أو للموت ولم تشدهما المعجزات , وهو الذى جعلهما يعلنا أنهما تابعين للسيد المسيح فى الوقت اللى كل الناس أنكرت فيه معرفتها بالسيد المسيح , وبالنسبة ليوسف الرامى كان هو الإنسان الذى تخلّى عن مكانه وعن قبره وعن مركزه كأنسان شريف ومشير فهو تخلّى عن كل شىء وكانوا ممكن يجردوه من كل شىء , هو ونيقوديموس أعطيا كل حاجة للسيد المسيح وأعطوا للسيد المسيح وليس السيد المسيح ممجدا ولكن أعطوها له وهو مصلوب وميت مدفون فى قبر , فالناس التى تحب أن تتبع السيد المسيح فى مجده ولا تريد أن تتبع السيد المسيح فى موته , فبأقول لهم لن تستطيعوا أن تصلوا للمجد إلا إذا أجتزنا مع السيد المسيح الموت .
ثالثا : لوقا 23: 50- 56
50وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ مُشِيراً وَرَجُلاً صَالِحاً بَارّاً 51هَذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقاً لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضاً يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هَذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ، 53وَأَنْزَلَهُ، وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ. 54وَكَانَ يَوْمُ الاِسْتِعْدَادِ وَالسَّبْتُ يَلُوحُ. 55وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ. 56فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطاً وَأَطْيَاباً. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ.
لكن من الذى أقترب من الصليب , الحقيقة كان فى أربعة فقط اللى قربوا من الصليب وهم يوحنا والسيدة العذراء ومريم المجدلية واللص اليمين وهم الذين تمتعوا بالقرب من السيد المسيح , فيوحنا بيمثل الحب واللى يحب هو اللى يقدر يقرب , والسيدة العذراء رمز للطهارة والطاهر هو اللى يقدر يقرب , ومريم المجدلية رمز للتكريس وهى كرست كل خياتها للسيد المسيح بعد ما أخرج منها سبعة شياطين والتكريس هو اللى يقرب, واللص اليمين هو التائب , والتوبة هى اللى تقرب ,يوسف الرامى هذا شخصية جبارة لكن لم يبتدأ يتحرك إلا بعد ما السيد المسيح مات , وكانت مجازفة كبيرة جدا منه أنه يعتنى بجسد السيد المسيح لأن معنى أنه يعتنى بالجسد أنه منحازله وهو تابع له , والخطورة فى أن اليهود يطردوه وأيضا سيفقد حاجات كثيرة كان متمتع بيها لأن ذهابه لبيلاطس وطلبه للجسد من غير ما يكون من عيلة السيد المسيح يثير الريبة والشك , أنت مالك وماله , لكن هو تخطى كل هذا وظهر فى الوقت اللى كان غير متوقع أبدا أن أى حد فيه يظهر والأناجيل بتوصفه عدة أوصاف جميلة جدا وكان بيملك عدة إمتيازات , فمتى قال عليه أنه كان غنى , ومرقس بيقول عليه مشير شريف , ولوقا بيقول عليه مشير ورجلا صالح بار , ويوحنا يقول عليه أنه كان تلميذ ليسوع ولكن خفية يعنى فى الخفاء بسبب الخوف من اليهود , فبكل الأوصاف اللى أتقالت يطلع يوسف هذا جينتل مان , أو الرجل النبيل الشريف اللى مفيش زيه , والإمتيازات اللى كانت عنده هذه كانت فى وقت من الأوقات معوقا ومعطلا لتلمذته للسيد المسيح وأن تلمذته هذه تكون كاملة وظاهرة وحقيقية , إذا الإمتيازات اللى كانت عنده كانت بتعطله لأنه كان خايف أنها تضيع منه لو أظهر تلمذته للسيد المسيح لكن الصليب حرره من هذا الخوف , ودى حاجة عجيبة جدا , يعنى الصليب حرره من كل الحواجز اللى وقفت قدامه ومنعته أنه يظهر تلمذته للسيد المسيح , وهو غنى لأن مقبرته كانت فى بستان , وإذا كان عامل مدفنه فى بستان فماذا عن بيته اللى ساكن فيه ده يبقى أيه ؟ علشان تشوفوا مدى غناه , ولكن غنى يوسف الرامى كان من نوع حلو جدا فهو كان يمتلك الثروة , ولم تكن الثروة تمتلكه ولم يكن عبد للثروة ولم يكن عبد لغناه , والدليل على كده أنه كان بيشرك الآخرين فيما له , فهو أشرك السيد المسيح فى اللى ليه وأعطاه مكانه وهو كان القبر ده لنفسه ولكن أعطاه للسيد المسيح لأنه ماكانش مستعبد لممتلكاته , وكلمة شريف تعنى أنه من سادة القوم أو من علياء القوم أو من نبلاء القوم , وكان شريف فى مظهره وسلوكه , ولذلك بيقول معلمنا لوقا أنه لم يكن موافقا لهم على رأيهم أنهم يموتوا السيد المسيح أو لمجمع السنهدريم لأنه كان مشير التى تعنى أنه كان عضو من أعضاء مجلس السنهدريم أو السلطة الحاكمة لليهود ولذلك لم يكن موافقا لهم على رأيهم أنهم يموتوا السيد المسيح , لكن بالرغم من إعتراضه لكن إعتراضه هذا لم يقوله علنا ولم ينطق بيه وممكن يكون سكت ولم يبدى رأيه علانية عن أن السيد المسيح غير مذنب , وممكن يكون غاب عن الإجتماع ةقال لن اذهب ولكن لم يظهر إعتراضه , وكان تلميذ للسيد المسيح وصحيح ما كانش راضى عن أعمال مجلس السنهدريم لكن لم يعمل شيئا , فيوسف الرامى كان رجلا بمعنى الكلمة والراجل هو الذى يظهر فى المواقف الصعبة وهو ده اللى شفناه منه أنه فى الوقت الصعب فعلا ظهر , وكلمة صالح يعنى خيّر ومعطى ويعطى خيرا , وبارا يعنى بلا لوم أو محدش كان يقدر يمسك عليه عيبة , ولكن صفته الأجمل من كل ده لما بيقول وكان هو أيضا منتظر ملكوت الله , فبالرغم من غناه ومركزه الإجتماعى والأدبى والعائلى لأنه من عائلة من أعرق العائلات لكن كان منتظر ملكوت الله , وهو عايش فهو عايش لما هو أعظم وأسمى من الواقع الحاضر اللى كل الناس بتجرى عليه , ما هو الناس بتجرى وراء المركز ووراء الفلوس ووراء العائلة ووراء الوظيفة لكن هو عاش يتطلع إلى ما هو أسمى من الواقع الحاضر , وما هو أسمى من اللى الناس عايزة تعيش فيه , حقيقى يعيش على الأرض وعنده كل متع الأرض لكن نظره ناحية السماء وملكوت الله , والحقيقة هى معادلة صعبة قوى , كيف يتمتع الإنسان بحياته على الأرض دون أن تفقده نظرته للسماء حيث حياته الأبدية , دى معادلة صعبة وأغلب الناس بتفشل فيها , وكان الرجل اللى ليه الحاسة الروحية المتطلعة دائما إلى الله اللى بتبحث عن ربنا وتمتد إلى ما وراء المنظور اللى فيه أعظم ما يتمناه الناس كله من مال ومن مركز يعنى على حسب اللفظ اللى بيتقال فى هذا الوقت أن يوسف الرامى كان من السادة لأن الشعب فى هذا الوقت كان منقسم إلى ثلاثة طبقات : 1- طبقة السادة وهم النبلاء والشرفاء والأغنياء .2- عامة الشعب وهى الطبقة اللى بتاكل لقمتها بالعافية .3- طبقة الرعاع وهم المعدمين والخدام وبيطلق عليهم الربش والشحاتين وخلافه , وهو كان من طبقة السادة ولكن بالرغم من كده ترك كل هذا من أجل السيد المسيح , ومعلمنا يوحنا بيوصفه أنه تلميذ ليسوع ولكن خفية بسبب الخوف من اليهود , وهناك أيضا نوعان من الناس :1- ناس طبعها الجراءة والإندفاع أو الصوت العالى زى بطرس الرسول اللى كان مندفع وأعلن تلمذته اللى كانت واضحة وظاهرة جدا . 2- ناس تانية طبعها هادى وساكت وإيقاعها بطىء ومتروية زى يوسف الرامى اللى كانت تلمذته خفية , وياترى أى نوع بيفضله السيد المسيح ؟ واضح أن السيد المسيح كان بياخد أى حد , والتلاميذ كلهم كانوا ظاهرين إلا هو ونيقوديموس كانا مختفيان ولأن نيقوديموس أتى للسيد المسيح ليلا علشان محدش يشوفه , والآن هم اللى أصبحوا ظاهرين والتلاميذ مختفين , يعنى فى زمن المعجزات كان التلاميذ ظاهرين ولكن فى زمن الألم ابتدأ يوسف ونيقوديموس هم اللى يظهروا , وصحيح ظهروا فى وقت اللى كان السيد المسيح محتاج فيه ولكن ظهروا فى وقت متأخر جدا , وهى دى المأساة بإستمرار أننا ممكن نضع الظهور لكن على قبور الذين أحببناهم , لكن عمرنا ما قدمنا ليهم الورد أو الزهرة وهم عايشين , وهى كده دايما حبنا بنعبر عنه متأخر بعد ما بيموتوا , ودايما بنكرم بعد ما بيموتوا , ولكن هو قد يكون محتاج لكلمة الشكر أو كلمة الفرح وهو عايش , ويوسف الرامى ونيقوديموس هم اللى جاؤوا متأخرين وكانا من هواة وضع الزهور على القبور لكن لم يقدموها فى الحياة ومع هذا لقد قبلهم السيد المسيح , والحقيقة الصليب كان فيه قوة هائلة جدا كاملة وعجيبة أنها تنقل الإنسان من النقيض إلى النقيض وبصورة سريعة ومباغتة وفجائية , من تلميذ خائف وأتنقل بعد الصليب إلى تلميذ ظاهر يتحدى كل الأخطار وهى دى قوة الصليب أو القوة المحولة , والصليب حررهم من الخوف وحرره من ضعف الإيمان , وهى دى العبارة التى قالها السيد المسيح (وأنا إن أرتفعت أجذب إلىّ الجميع) وبنشوف كيف جذب السيد المسيح قائد المئة وحا نتأمل فى شخصيته لاحقا , وبنشوف السيد المسيح جذب يوسف الرامى وجذب نيقوديموس بعد ما مات على الصليب , ورجع يوسف الرامى مع الناس اللى كانوا واقفين من بعيد وهم بيقرعوا صدورهم وصمم أنه ياخد الجسد فراح أشترى كتان وأرسل نيقوديموس يشترى حنوطا وطلبوا جسد يسوع من بيلاطس زى ما الأناجيل التانية وأخذه لكى يضعه فى قبره وهنا تمت نبوة أشعياء 53 (وجعل مع غنى فى موته) وكان هذا الغنى هو يوسف الرامى , ويوسف الرامى صمم وقال حيث وضع سيدى أوضع أنا أيضا معه مات من أجلى وأنا اموت معه.
رابعا: يوحنا 19: 38- 42
38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلَكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ. 39وَجَاءَ أَيْضاً نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرٍّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَناً. 40فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ، كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا. 41وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ، وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. 42فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيباً.
الحقيقة أن موت السيد المسيح عمل حاجة , حياة السيد المسيح لم تعملها , وهى أن موت السيد المسيح غيّر أربعة أشخاص تغييرا كليا , واول واحد كما تأملنا فى شخصيته كان اللص اليمين , وطل ما كان السيد المسيح عايش على الآرض اللص ماكانش ليه أى دعوة, ولكن فى لحظة موت السيد المسيح هذا اللص أتغير تغيير كلى خالص , وثانى واحد كان قائد المئة وأول ما مات السيد المسيح صرخ وقال حقا كان هذا أبن الله , والشخصيتين دى أتغيروا لحظة موت السيد المسيح , أما ثالث ورابع شخصية وهما موضع تأملاتنا وبيحكى عنهم القديس يوحنا وهما شخصية يوسف الرامى وشخصية نيقوديموس , وبيقول أن يوسف الرامى كان تلميذا ليسوع خفية أو فى الخفاء سرا ولم يستطيع أن يجاهر بمعرفته بالسيد المسيح فى حياة السيد المسيح على الأرض , لكن لما مات السيد المسيح جاهر بمعرفته بالسيد المسيح , ونيقوديموس نفس الوضع , وكلنا فاكرين نيقوديموس لما راح للسيد المسيح بالليل وقال له نعلم أنك من عند الله وقعد يسأله إزاى يتولد الإنسان وقال له يدخل بطن أمه مرة تانية , لكن كان بيروح للسيد المسيح بالليل مستخبى , لكن فى اللحظة اللى مات فيها السيد المسيح , هم الأثنين أعلنوا علاقتهم بالسيد المسيح فى وقت دقيق جدا حتى أن التلاميذ اللى كانوا مشهورين أنهم قاعدين مع السيد المسيح , كانوا فى هذا الوقت تركوا السيد المسيح وأستخبوا , فيتجرأ يوسف الرامى فى هذا الوقت ويروح لبيلاطس ويطلب جسد يسوع وبعدين يكفّنوا هذا الجسد بعد ما ينزلوه من على الصليب قدام الجموع اللى كانت موجودة والكهنة يعرفوا علنا أن يوسف ونيقوديموس هما اللى أهتموا بجسد السيد المسيح والأثنين كانوا أعضاء فى مجلس السنهدريم , وليس فقط أنهم كانوا معرضين أن يفقدوا مراكزهم وممتلكاتهم وإمتيازاتهم ولكن أيضا كانوا معرضين لأن يحكم عليهم بالموت مع هذا الذى أعلنوا له هذا الولاء , بالرغم أن بطرس استخبى وبرغم أن كل التلاميذ تركوه إلا أن موت السيد المسيح غيّر فى لحظة يوسف الرامى وغّيّر نيقوديموس وأعلنوا كده قدام الكل وبدون اى خوف أنهم تابعين للسيد المسيح وأهتموا بهذا الجسد لكى ما يكفنوه بل كمان يوسف الرامى يعطى مكانه للسيد المسيح فى القبر , إذا موت السيد المسيح صنع ما لم تصنعه حياة السيد المسيح وغيّرت يوسف ونيقوديموس , لأن السيد المسيح سبق وقال ( وأنا إن أرتفعت أجذب إلىّ الجميع ) والحقيقة شخصية يوسف الرامى وشخصية نيقوديموس من الشخصيات العجيبة جدا التى تعطينا أمل كبير جدا جدا جدا , إن مهما إن كانت محبتى للسيد المسيح ضعيفة فى وقت من الأوقات لكن لو هذه المحبة صادقة فتأكد أنها ستعلن بمنتهى الوضوح فى الوقت المناسب حتى لو كانت علاقتى بالسيد المسيح علاقة خفية مستخبية وضعيفة , والحقيقة يوسف الرامى ونيقوديموس لم يروا معجزات ولا رافقوا السيد المسيح على جبل التجلّى ولا أقام موتى أمامهم , وكانت كل الناس تظن أنهم بعاد أو يعرفوه كده من بعيد لبعيد لكن سبقوا الكل فى أنهم يقربوا من شخص السيد المسيح وهذه هى الحاجة العجيبة التى سنفاجأ بيها أننا قد نظن فى بعض الأشخاص ونقول أه فلان ده بييجى الكنيسة كثيرا وبيخدم وبيوعظ ده أكيد قريب من السيد المسيح , وفلان التانى ده يعنى مش بنشوفه كثيرا ونعتقد أنه ليس قريب من ربنا , ولكن سنفاجأ ان فلان هذا الذى لا نراه كثيرا والذى لانعطيه أى اهمية أنه اقرب كثيرا جدا ويصنع أعظم بكثير جدا من الذين يدّعون أنهم بالقرب من شخص السيد المسيح . والحقيقة وأحنا قدام هاتان الشخصيتان وكما ذكرنا أن نفس الموت الذى شتت التلاميذ وفرق التلاميذ عن السيد المسيح هو هو الذى جمع هاذان الإثنان من أجل خدمة السيد المسيح وهو مائت , فموت السيد المسيح جذب نيقوديموس وجذب يوسف الرامى والحقيقة لو جمعنا الحاجات اللى أتقالت عن يوسف الرامى فى الأربعة أناجيل بنشوف أن كل بشير من البشيرين الأربعة قد وصف يوسف الرامى بكلمة معينة 1- معلمنا متى بيقول عن يوسف الرامى (وكان رجلا غنيا) وكأن يوسف ليس فقط غنيا فى المادة ولكن ايضا غنيا فى الحب وغنيا فى الجراءة والقديس متى لأنه كتب أنجيله لليهود كان بيقصد حاجة بكلمة وكان يوسف رجلا غنيا وكما قلت أن فى سفر أشعياء أصحاح 53: 9 أنه جعل قبره مع الأغنياء وكأن متى وهو بيكتب إنجيله لليهود وبيوصف لهم يوسف الرامى بأنه غنى فهو عايز يقول لذهنهم أفتكروا الآيات اللى جائت فى أشعياء 53: 5- 9 5وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. ان هذا الذى جعل مع الأغنياء قبره هو الذى تمت فيه النبوات اللى جائت فى سفر أشعياء , 2- معلمنا مرقس لما بيتكلم عن يوسف الرامى يعطيه عدة ألقاب وبيقول عليه (مشيرا , شريفا , منتظرا لملكوت الله , تجاسر وطلب من بيلاطس جسد يسوع ) وبقوله مشير شريف يعنى ذو مقام عالى ورتبة عالية لأن يوسف كان من أعضاء مجلس السنهدريم وكلمة مشيرا تعنى بوليوتيس باليونانية
Βουλευτής bouleutēs; an adviser, that is, (specifically) a councillor or member of the Jewish Sanhedrim: - counsellor.
ويبقى أن نتكلم عن نيقوديموس وهو إسم يونانى معناه منتصر على الشعب وهو فعلا أنتصر على خوفه من اليهود وأعلن فى وقت مستحيل معه أن يعلن أنه تلميذا ليسوع مع صديقه يوسف الرامى و كانا يجتمعان سوياً للتدارس فى تعاليم يسوع ،وقد قرر الاثنان الدفاع عنه أمام المجمع أكثر من مرة .و قد تغيبا سوياً عن الجلسة الأخيرة التى عقدت فى فجر يوم الصلب ، و قد أثر كل منهما فى الأخر ؛ فنرى نيقوديموس غير خائف على مركزه مشتركاً مع يوسف علانية فى تكفين جسد السيد المسيح ، وقد تجرأ يوسف وتقدم إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع لتكفينه …، بل وقد دفنه فى قبره الجديد المنحوت فى الصخر فى بستانه ، وأكمل كل مراسم الدفن من حنوط و أطياب فى الوقت الذى هرب فيه كل تلاميذ السيد المسيح . إن موت يسوع قد صنع ليوسف ونيقوديموس بركة عظيمة , وهم أيضا أسرعا لنجدة تلاميذ السيد المسيح بكل جرأة لأنهم كانوا فى أشد الحاجة إلى معونة هذين الرجلين الغنيين المكرمين فى ساعة الظلمة تلك , فقد كانا قادرين على أن يعملا لمعلمهما المائت ما كان يستحيل على التلاميذ الفقراء أن يعملوه , وقد كان ثراؤهما ونفوذهما كفيلين بوقايتهم إلى حد كبير من خبث الكهنة والرؤساء , وعندما كان اليهود يحاولون ملاشاة الكنبسة الوليدة تقدم نيقوديموس يدافع عنها ويحميها , وما عاد جذرا و لا متشككا فشجع إيمان التلاميذ وأنفق أمواله فى إعالة كنيسة أورشليم وفى نشر عمل الأنجيل , فالذين كانوا قبلا يوقرونه صاروا الآن يحتقرونه ويضطهدونه , فصار فقيرا فى أملاك هذا العالم إلا أنه لم يتردد فى الدفاع عن إيمانه و تقول بعض التقاليد إنه بعد اعترافه جهزاً بالإيمان بالمسيح ، واعتمد من بطرس الرسول ، طُرد من مركزه ، ونُفي من أورشليم ، وفقد ثروته بعد أن كان يُعد من أغني أغنياء اليهود في عصره .
وأيضا يوسف الرامى هو ايضا لم يبخل من ماله على الكنيسة الوليدة وطبعا يوسف الرامى بعد كدة أنطرد من السنهدريم ونال عذابات كثيرة لكن ظل ممسكا فى ربنا وأصبحت تلمذته تلمذة ظاهرة لدرجة أن فى بلد فى إنجلترا أسمها جلاستنبيرى Glastonbury وفيها كنيسة على أسم يوسف الرامى ويقول التقليد أن يوسف الرامى سنة 61 ميلادية أخذ الكأس التى أسس بيها السيد المسيح العشاء الربانى وذهب لهذه البلدة ومن كتر تعبه فى المشى غرز عكازه , وعكازه أخرج شجرة كبيرة جدا وهذه الشجرة ما زالت موجودة ومزار لحد دلوقتى فى أنجلترا وبتخرج فى كل عيد ميلاد شتلات بياخدوا منها وبيوزعوها على كل العالم , وأى أن كان هذا الكلام صحيح أم لا لكن أهى حاجة موجودة بأسم يوسف الرامى لحد دلوقتى .
والى اللقاء مع التأملات والقراءات فى شخصية قائد المئة (لونجينوس) راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.
أخوكم +++ فكرى جرجس