الحقيقه ماسبب لي الام النفسي
..........................
..........................
أولا وقبل كل شيء: الألم بحد ذاته ليس هو المشكلة أبدا، أستاذنا الحبيب. نحن تعودنا أن نخاف من الألم وأن نقاومه ونكرهه، بينما للألم دور كبير جدا في حياتنا لا يمكن الاستغناء عنه أبدا. الله لم يقصد بالألم أن يتعذب الإنسان ويشقى. بالأحرى سمح الله بالألم في حياتنا ليكون "صافرة الإنذار" أو "جهاز الرادار" الذي ينبّهنا عند الحاجة إلى أن «هناك حطأ ما»، وعندها ننتبه بالتالي إلى هذا "الخطأ" ونبدأ في تصحيحه ومعالجته.
عندما تتألم أسنانك مثلا فهذا الألم هو ما يخبرك أن «هناك حطأ ما» بأسنانك. هذا الألم بالتالي رسالة تقول لك انتبه، تحرك فورا وابدأ بالعلاج. وهكذا مع سائر أعضاء الجسد.
ولكن بالمثل تماما يأتي دور الألم النفسي أيضا، الذي نسميه في هذه الحالة "المعاناة" تمييزا له عن آلام الجسد. دور المعاناة مع النفس هو بالضبط دور الألم مع للجسد. هذه المعاناة بالتالي هي أيضا جرس الإنذار الذي يخبرنا أن «هناك حطأ ما». هي أيضا رسالة تقول للإنسان انتبه، تحرك فورا وابدأ بعلاج هذا الخطأ.
ولكن بينما "الخطأ" في حالة الألم الجسدي هو خطأ أو خلل أصاب عضوا ما بالجسد، الخطأ في حالة المعاناة أو الألم النفسي هو بالأحرى خطأ في أفكارنا! خطأ في عقل الإنسان نفسه: في آرائه ومعتقداته وافتراضاته وتفسيراته وربما نظرته للحياة كلها!
بالتالي كقاعدة لنتذكر دائما: طالما أن هناك أي معاناة في حياتنا: فهذا نفسه الدليل على أن هناك خطأ ما بأفكارنا! المعاناة نفسها هي صافرة الإنذار التي تخبرنا بذلك.
وهكذا لكي نتخلص من معاناتنا ونشفى تماما منها: المطلوب هو أن نلتفت بالأحرى إلى هذا الخطأ الذي بعقولنا أولا. المطلوب هو أن نراجع بهدوء أفكارنا وأراءنا ومعتقداتنا.. فهمنا للعالم وافتراضاتنا عنه.. رؤيتنا لأنفسنا أو للأخرين أو للحياة عموما.. حتى نكتشف أخيرا أين يقع الخطأ بالضبط ونقوم بتصحيحه. عندها ستنتهي المعاناة فوريا ـ وحتميا ـ من حياتنا.
وبالطبع ـ غني عن البيان ـ نعمة الرب هي ختاما التي تقودنا في كل هذه الرحلة وتعيننا في كل فعل وترشدنا إلى كل خطوة على الطريق! لا تتوقف من ثم أبدا عن الصلاة أستاذنا الحبيب (في قلبك أولا قبل أن يكون في أي كنيسة)، ولا تتوقف أبدا عن التماس معونة الله دائما وطلب إرشاده. لك ختاما أطيب المنى مع تحياتي ومحبتي.