انحصارنا في الزمان الحاضر وأهملنا ملكوت الله

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
اليوم أصبحت الأحداث من حولنا هي التي تُحركنا والظروف تتحكم فينا وفي أبديتنا، وأخلاقنا التي ورثناها من الناس وتربينا عليها هي التي نتعامل بها مع الآخرين؛ أما وصايا الله فلا تتعدى اللسان والمعرفة حسب محفوظات العقل ومعرفة مدارس الأحد أو قراءة الكتب أو تحضير الدرس أن كنا خُدام، نتكلم عنها ولا نعمل بها !!! لذلك في ظل الظروف التي نعيشها اليوم من ضغوط لا تنتهي وبخاصة الأحداث الدامية تجعلنا ننحصر في الغضب طارحين عنا وصية الله غير عالمين بالمكتوب لنحترس وننتبه:
[ ويلٌ لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالماً أن له زماناً قليلاً ] (رؤ12: 12)
[ فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح ] (رؤ12: 17)
[ وأعطي أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم (من جهة الجسد وليس من جهة أن يسقطهم من النعمة إلا إذا هم أهملوا حياتهم) وأُعطي سلطاناً على كل قبيلة ولسان وأُمة ] (رؤ13: 7)
وبسبب الحرب الشرسة من عدو كل خير في هذا الزمان وعدم تحفظنا وانتباهنا واستمرارنا في نوم الغفلة وانحصارنا في الزمن وانشغالنا بقضايا ظهرت ضرورية في حياتنا وتكثيف الأحداث المتلاحقة التي حصرتنا وشغلت كل تفكيرنا، غابت عنا أصول الحياة الأبدية، وأصبح الزمن أو الوقت مجرد ساعات نقضيها في هذا العالم لكسب لقمة العيش أو لصرف معظم الأحاديث لمواضيع تافهة أو في قصص حب المراهقة أو للمرح أو التهريج الزائد وحسب، أو الانحصار في أحدث وأخبار مكثفة ومتلاحقة لا تنتهي، وأصبح الوقت بلا قيمة حقيقية ولا نستطيع ان نستثمره ويكون لنا ربح حقيقي باقي للأبد !!! ((بالطبع لا يأخذ أحد كلامي في إطار آخر بعيداً عن الموضوع لأني لا أقصد عدم معرفة الأخبار أو متابعة ما يحدث حولنا أو أننا نحيا بل أتكلم عن ضياع الهدف منا دون أن نشعر))
فما هو الزمن يا إخوتي سوى اللحظة التي نعيشها ونملكها وهي الآن، والآن ليس اللحظة التي عبرت وعدت علينا وليس هي اللحظة القادمة بل هي الآن، فالآن عندنا هي كل لحظة نكون فيها واعين أننا نملكها، لأن الزمن مثل العملة في أيدينا يا إما تضيع منا يا إما نستثمرها !!!
فالآن هي كل لحظة تكون ملك لنا، وكل لحظة تمر ويأتي غيرها تصنع زماننا لأن لكل إنسان على الأرض زمانه الخاص وعمره الذي يعيشه على المستوى الشخصي، والزمن هو نظام عالمي يرتبط بالعالم الحاضر وفي نفس ذات الوقت هو نظام إلهي يرتبط بعالم الأبد ...
وكيف يكون التلاقي بين الزمن والأبدية ؟!!! هل هو نهاية الزمن وبداية الأبدية !! وهنا معنى الأبدية وملكوت الله هو زوال الزمن: [ كانوا يظنون أن ملكوت الله كان عتيد أن يظهر في الحال ] (لو19: 11)
فيا إخوتي ليس معنى اننا نسعى نحو الأبدية يعني أن الأبدية مجرد زوال الزمن وظهور ملكوت الله، فربنا يسوع المسيح أتى في ملئ الزمان ليحول الزمن الحاضر نفسه إلى أبدية، بمعنى أن يجعلنا نعيش الأبدية في الزمن والساعات التي نقضيها هنا:
[ أجاب وقال لا يأتي ملكوت الله بمراقبة، ولا يقولون هوذا هُنا أو هناك لأن ملكوت الله داخلكم ] ( لو17: 20و21 )
الأبدية لا تعني – بالطبع – امتداد الزمن إلى ما لانهاية، هذا معنى فكري فلسفي نتاج التفكير العقلي والتحليل المنطقي للناس وذلك للهروب – عن دون وعي – من الحياة بملكوت الله واقعياً في حياتنا اليومية، لأن لو الملكوت غريب عنا ونحن متغربين عنه لا نتصور أننا سندخله في النهاية !!!
ولكن المعنى الإلهي الحقيقي هو أن: الأبدية عمل الله في الإنسان بالمسيح يسوع، وهي الخبرة الروحية للإنسان، خبرة الحياة الأبدية في الزمن، أو نحن في هذا الزمان ولكننا نسلك في الأبدية...
ففي الظاهر نحن نعيش في الزمن والوقت الذي يزول ويمضي، ولكننا في حياتنا الباطنية الداخلية، نعيش الأبدية لنعلو فوق الزمن، لذلك يقول القديس بولس الرسول: [ مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة ] (أف5: 16)
[هذا وأنكم عارفون الوقت أنها الآن ساعةلنستيقظ من النوم فأن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر لا بالمضاجع والعهر لا بالخصام والحسد. بل ألبسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات ] (رو13: 11 – 14)
وبمعنى أوضح : الأبدية هي اللقاء مع المسيح الحي، وهي عمل المسيح في حياتنا، فالأبدية ليست موضوع نفكر فيه، بل حياة نعيشها ونمارسها ونصطبغ بها، ومن هنا أتى إحساس القديسين والرسل بالوقت قريب.
+ [ طوبى للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لأن الوقت قريب ] (رؤ1: 3)
+ [ وقال لي لا تختم على أقوال نبوة هذا الكتاب لأن الوقت قريب ] (رؤ22: 10)

وفي ارتباطنا بالأبدية أي بالمسيح الرب، لا نفقد الزمن، فالأبدية لا تلغي الزمن، ولكنها تحول الزمن وتعظم قيمته جداً ليكون مثمراً للحياة الأبدية.
______________

فالذي يتذوق ملكوت الله في أعماقه ويعيش به وفيه، نجد أن الزمن عنده قيم جداً، ويعمل بلا هوادة على تحويله إلى أمجاد رائعة تُحسب له أكليلاً في المجد وليس لهُ فقط، بل للكنيسة ككل لأننا أعضاء بعضنا لبعض في جسد واحد لأننا من لحمه وعظامه ...
فواجب علينا : أن نجسد ملكوت الله في هذا الزمان بالحب الصادق والتوبة التي لا تتوقف، والتي ينبغي أن نكون فيها محترفين ...
فيا إخوتي الوقت الذي نملكه هو اللحظة التي نحيا الآن، ليس هو الأمس ولا الغد بل الآن، ولابد من أن نستثمر اللحظة التي نحياها الآن ...
فالوقت عملة صعبة، إما أن نربح بها أو نخسرها !!! والربح الحقيقي، حينما تتحول لحساب ما هوَّ خالد وأبدي، أي لحساب ملكوت الله...
والسؤال المطروح:
هل معنى ذلك نُصلي 24 ساعة ونقرأ الكتاب المقدس وتتوقف كل أعمالنا أو ونذهب للكنيسة ونهمل المجتمع وكل ما يدور حولنا !!!

هذا بالطبع هو اعتراض العقل بسبب ظلمة كثيفة على الذهن والتي تمنع القلب من الوصول لحياة الروح في نواحي الحياة واتجاهاتها إذ يجد الإنسان أنه مستحيل يدخل الله في جميع أعماله اليومية !!! وبذلك يعيش حياة منقسمة على ذاته جزء منها لله وجزء منه لذاته، أي يعيش ساعة لله وساعه لنفسه كالمثل الشعبي (ساعة لقلبك وساعة لربك) حتى أنه صعب عليه يضع ساعة ربه اولاً فوضع ساعة قلبه واحتياجاته أولاً !!!
ولكن بجملة واضحة وصريحة من الكتاب المقدس تزول كل حيرة وارتباك وتُصحح المسيرة:

  • [ لأن ليس أحد منا يعيش لذاته ولا أحد يموت لذاته ] (رو14: 7)
  • [ لأننا إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت فأن عشنا وإن متنا فللرب نحن ] (رو14: 8)
  • [ وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم و قام ] (2كو5: 15)
  • [ لكي لا يعيش أيضا الزمان الباقي في الجسد لشهوات الناس بل لإرادة الله ] (1بط4: 2)
وهبنا الله أن نفتدي الوقت ونستثمره لحساب مجده الذي لا يزول فيتحول لنا الوقت لأبدية وإكليل فخر لمجد أسم الله العظيم... النعمة معكم
 

حبو اعدائكم

حبو...
عضو مبارك
إنضم
9 أكتوبر 2011
المشاركات
14,191
مستوى التفاعل
4,786
النقاط
113
الإقامة
مصر
اشكرك استاذى على هذا الموضوع الهام....الرب يبارك خدمتك...
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ويبارك حياتك ويهبنا أن نحيا كل آن له بكل حكمة وفطنة في تدبير حسن في سر التقوى
كوني في ملء نعمة الله وفرح الروح القدس آمين
 

Bent el Massih

ارحمنا يارب
عضو مبارك
إنضم
3 ديسمبر 2007
المشاركات
3,124
مستوى التفاعل
815
النقاط
113
الإقامة
في حضن المسيح
ميرسي كثير استاذي على مواضيعك الروحية التي تغذي نفوسنا
استفدت كثيرا من مواضيعك
ربنا يبارك حياتك وخدمتك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ويبارك حياتك كلها ويسعدك بغنى مجده
ولنُصلي بعضنا لأجل بعض حتى ننال كل معونة من عند أبي النوار
كوني معافاة باسم الرب في روح الوداعة آمين
 

kamel.b

New member
عضو
إنضم
22 مايو 2011
المشاركات
122
مستوى التفاعل
11
النقاط
0
الإقامة
الاسكندرية
موضوع جميل ومهم بالنسبة لكل المسيحيين
ربنا يباركك ويبارك خدمتك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ويبارك حياتكم يا إخوتي، فقط صلوا من أجلي
كونوا معافين باسم الرب في روح وداعة يسوع آمين
 

ramzy1913

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
30 يوليو 2009
المشاركات
4,071
مستوى التفاعل
159
النقاط
0
الإقامة
القاهرة -- الزاوية الحمراء
emanoeel-f959ae4f93.gif
wol_error.gif
Click this bar to view the full image.
emanoeel-c66529690b.gif
emanoeel-2231ef162a.png
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
النعمة معك آمين
 
أعلى