اغريغوريوس
محاور
هل الكتاب المقدس يقول ان الله مضلّ ؟ او يضلّ البشر؟
الرد على شبهة: انا الرب قد اضللت ذلك النبي، سيرسل اليهم الله عمل الضلال !!
للاستاذ نيو مان
**********
وردتني رسالة على البريد الالكتروني، تسأل عن ما جاء في سفر حزقيال: (فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي وسامد يدي عليه وابيده من وسط شعبي اسرائيل.) (حزقيال 14: 9)، والرسالة الى اهل تسالونيكي (ولاجل هذا سيرسل اليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب) (تسالونيكي الثانية 2: 11)، هل هذا معناه ان الله يضلّ البشر فما هو الفرق بين الله في المسيحية والله في الاسلام الذي من اسمائه (المضلّ) او انه (يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء)؟ **********
واعتذر عن طول الرد قليلا وذلك لوجود الكثير من الاقتباسات من الكتاب المقدس لكي يكون الرد بالادلة والشواهد. اما اذا فضلّت ان تعرف الجواب باختصار، فالاجابة ان الله لا يضلّ الناس، بل يضلّ النبي الكذاب فقط لكي ينقذ الشعب من الضلال خلفه، بأن يحكم على نبؤات النبي الكاذب بعدم تحقيق، فيظهر كذب وضلال النبي امام الناس والله يقول انه هو المسئول عن ظهور ضلال النبي الكاذب. اما الاجابة بالتفصيل وبالشواهد الكتابية فهي كما يلي:
بداية يجب ان نعرف ان اعلان الكتاب المقدس يقول بوضوح ان الله: (يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون.) (تيموثاوس الاولى 2: 4)، ومنذ كتابات الانبياء في العهد القديم فان الله يقول في الكتاب المقدس: (قل لهم. حيّ انا يقول السيد الرب اني لا اسر بموت الشرير بل بان يرجع الشرير عن طريقه ويحيا. ارجعوا ارجعوا عن طرقكم الرديئة. فلماذا تموتون) (حزقيال 33: 11)
ان مشيئة الله وارادته المعلنة دائما هي خلاص البشر، وقيادتهم في طريق مستقيمة تؤدي الى الحياة الابدية بسهولة ويسر وبدون اي ضلال او تيه (8 وتكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة. لا يعبر فيها نجس بل هي لهم. من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل. 9 لا يكون هناك اسد. وحش مفترس لا يصعد اليها. لا يوجد هناك. بل يسلك المفديون فيها. 10 ومفديو الرب يرجعون وياتون الى صهيون بترنم وفرح ابدي على رؤوسهم. ابتهاج وفرح يدركانهم.ويهرب الحزن والتنهد) (اشعياء 35: 8-10)، بهذا المفهوم فنحن كنا ضالين ولكن محبة الله ونعمته هي التي قادتنا الى التوبة والخلاص ( 3 لاننا كنا نحن ايضا قبلا اغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات ولذّات مختلفة عائشين في الخبث والحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضا. 4 ولكن حين ظهر لطف مخلّصنا الله واحسانه 5 لا باعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس ) (تيطس 3: 3-5)، بل اننا نضيف ونقول ان الرب يسوع المسيح يذكر قصة عن حالنا قبل ان نأتي الى محبة الله الآب فيصورنا فيها مثل الابن الضال الذي عاد الى احضان ابيه (ولكن كان ينبغي ان نفرح ونسرّ لان اخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد) (لوقا 15: 32)
يخبرنا الوحي المقدس في سفر العبرانيين ان الله في محبته اقام في العهد القديم نظام الكاهن الذي يقدم الذبيحة عن خطايا الشعب يجب ان يكون مترفقا بالجهال والضالين (1 لان كل رئيس كهنة ماخوذ من الناس يقام لاجل الناس في ما لله لكي يقدم قرابين وذبائح عن الخطايا 2 قادرا ان يترفق بالجهال والضالين اذ هو ايضا محاط بالضعف. 3 ولهذا الضعف يلتزم انه كما يقدم عن الخطايا لاجل الشعب هكذا ايضا لاجل نفسه.) (عبرانيين 5: 1-3) فكيف يقول قائل ان الله الذي يطلب من الكاهن ان يكون مترفقا على الضالين هو الذي يضلهم؟ وقد جاء في الناموس الذي اعطاه الله لموسى ان يقول الشعب (ملعون من يضل الاعمى عن الطريق. ويقول جميع الشعب آمين.) (التثنية 27: 18)، وقد جاء ايضا في سفر الامثال (من يضل المستقيمين في طريق رديئة ففي حفرته يسقط هو. اما الكملة فيمتلكون خيرا.) (امثال 28: 10) وقد حذرّ الرب يسوع المسيح من يحاول تضليل او ان يضع عثرة امام المؤمنين الجدد فيقول (ومن اعثر احد الصغار المؤمنين بي فخير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر.) (مرقس 9: 42)، وقد جاءت الرسائل دائما تحذر المؤمنين من الانسياق وراء المضلين: ( 7 ايها الاولاد لا يضلكم احد. من يفعل البر فهو بار كما ان ذاك بار 8 من يفعل الخطية فهو من ابليس لان ابليس من البدء يخطئ. لاجل هذا اظهر ابن الله لكي ينقض اعمال ابليس.) (رسالة يوحنا الاولى 3: 7-8)، وقال الرب يسوع ايضا (4 فاجاب يسوع وقال لهم انظروا لا يضلكم احد. 5 فان كثيرين سياتون باسمي قائلين انا هو المسيح ويضلون كثيرين. ) (متى 24: 4-5)
اذا كيف نفهم قول الكتاب المقدس عن ماجاء في سفر حزقيال والرسالة الى اهل تسالونيكي؟ من هو الذي يضلّ ويحذرنا منه الوحي المقدس، وهل هو الله ام شخص آخر؟ هل هو الله ام ابليس؟
لقد اعلن الكتاب المقدس بوضوح ان (المضلّ) هو ابليس نفسه (لانه قد دخل الى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح اتيا في الجسد. هذا هو المضلّ والضد للمسيح) (رسالة يوحنا الثانية 1: 7)، وايضا في سفر الرؤيا (فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو ابليس والشيطان الذي يضل العالم كله طرح الى الارض وطرحت معه ملائكته.) (رؤيا 12: 9)
الاجابة كما رأينا ببساطة ووضوح، ان المضلّ هو ابليس (الشيطان)، الله لا يضلّ احدا، وهذا اعلان الكتاب المقدس الثابت والواضح، وهنا يجب ان نقول ان الله لم يخلق "ابليس" او "شيطان" او "ارواح شريرة" بل خلق الله ملائكة اطهارا واعطاهم الحرية والارادة الكاملة لخدمته وطاعته، فاختار ابليس ان يعصى الله ويتكبر فطمع في ان يرفع كرسيه مثل كرسي الله، واراد ان يأخذ العبادة والسجود بدلا عن الله، وهكذا سقط الملاك الطاهر واصبح معارضا لله وارادته،انظر (بطرس الثانية 2: 4)، وانظر (لوقا 10: 17-20)، وانظر (اشعياء 14: 12-15) وانظر ايضا (حزقيال 28: 14-19)، وما جاء في سفر حزقيال او الرسالة الى اهل تسالونيكي لايخرج عن تأكيد هذه الحقيقة ان المضلّ دائما هو "ابليس" او "الشيطان"، وما يفعله الله بالنبي الكاذب او "المضل" هو كشف ضلاله وكذبه وزيفه امام الناس، وهذه هي طريقة الله لانقاذ الشعب من الضلال، وهذا ما سوف نعرفه عندما نقرأ النص كاملا في سياقه ونفهمه بوضوح.

**********
تمهيد: ما هو الفرق بين النبي الصادق والنبي الكاذب
النبي المضلّ الذي يحاول تضليل البشر؟
ومحاولة التفريق بين النبي الصادق والنبي الكاذب هو المفتاح الاول لنفهم لماذا يقول الله انه (يضلّ الانبياء الكذبة)؟ وبطبيعة الحال لم يتركنا الله نحاول كثيرا بمجهوداتنا في تخمين الفرق بين النبي الصادب والكاذب، بل اعطانا مقياسا واضحا وصريحا، هو انه اذا تكلم بشيء عن المستقبل وحدث هذا الشيء فهو نبيا صادقا، واذا لم يحدث مااخبر به النبي فهو نبي كاذب ومضلّ ولم يرسله الله :
( 20 واما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبي. 21 وان قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب.22 فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه) (التثنية 18: 20-22)
وحتى اذا اعطى النبي الكاذب علامات وآيات وعجائب، فهذا ليس مقياسا وحده لصدق النبي، بل يجب ان يكون المقياس الآخر هو تطابق كلام النبي مع كلام كل الانبياء السابقين، وان تتفق رسالته مع ما اعلنه الله القدوس عن ذاته وعن مشيئته واعلاناته للخلاص:
(1 اذا قام في وسطك نبي او حالم حلما واعطاك اية او اعجوبة 2 ولو حدثت الاية او الاعجوبة التي كلمك عنها قائلا لنذهب وراء الهة اخرى لم تعرفها ونعبدها 3 فلا تسمع لكلام ذلك النبي او الحالم ذلك الحلم لان الرب الهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب الهكم من كل قلوبكم ومن كل انفسكم. 4 وراء الرب الهكم تسيرون واياه تتقون ووصاياه تحفظون وصوته تسمعون واياه تعبدون وبه تلتصقون.) (التثنية 13: 1-4)
دعنا نضع هذه المقاييس امام اعيننا ونحن نجتاز في القراءة والتحليل والدراسة، النبي الصادق يتكلم بكلام الله الحقيقي ولذلك فكل ما يقوله يتحقق، والنبي الكاذب يتكلم من نفسه ولذلك فان الله يكشف كذبه وضلاله بعدم تحقيق كلامه.
**********
اولا: سفر حزقيال14: 1- 11
انقر على الرابط اعلاه ونقرأ معا الكلام في سياقه مع شرح موجز وسريع، (1 فجاء الي رجال من شيوخ اسرائيل وجلسوا امامي. 2 فصارت الي كلمة الرب قائلة. 3 يا ابن ادم هؤلاء الرجال قد اصعدوا اصنامهم الى قلوبهم ووضعوا معثرة اثمهم تلقاء اوجههم.فهل اسال منهم سؤالا.) (حزقيال 14: 1-3) تبدأ الفقرة بأن بعض رجال من شيوخ اسرائيل وقادتهم جاءوا ووقفوا امام النبي حزقيال، فصارت كلمة الرب الى النبي لتخبره عن حقيقة هؤلاء الرجال، فهم قد رفضوا الاله الحقيقي وقد وضعوا في قلوبهم اصناما او آلهة مزيفة من صنعهم، فهل بعد هذا يأتون اليّ لكي يسألوني مرة اخرى فهل يتوقعون اجابة مني وهم لا يعترفون بي الاله الحيّ الحقيقي الوحيد؟، فكانت كلمة الرب ان يواجههم بحقيقة امرهم وينصحهم قائلا (4 لاجل ذلك كلمهم وقل لهم.هكذا قال السيد الرب. كل انسان من بيت اسرائيل الذي يصعد اصنامه الى قلبه ويضع معثرة اثمه تلقاء وجهه ثم ياتي الى النبي فاني انا الرب اجيبه حسب كثرة اصنامه 5 لكي اخذ بيت اسرائيل بقلوبهم لانهم كلهم قد ارتدوا عني باصنامهم. 6 لذلك قل لبيت اسرائيل هكذا قال السيد الرب. توبوا وارجعوا عن اصنامكم وعن كل رجاساتكم اصرفوا وجوهكم. 7 لان كل انسان من بيت اسرائيل او من الغرباء المتغربين في اسرائيل اذا ارتد عني واصعد اصنامه الى قلبه ووضع معثرة اثمه تلقاء وجهه ثم جاء الى النبي ليساله عني فاني انا الرب اجيبه بنفسي.) (حزقيال 14: 4-7) ، كانت النصيحة بأن يتوبوا ويرجعوا الى الله بدلا من العصيان والتمرد بالارتداد عن الله الحيّ الذي عرفوه واختبروه الى عبادة الاصنام التي قلدوا فيها الشعوب الوثنية، فاذا اصرّوا على ان يسألوا النبي فان الله سوف يجاوبه بنفسه بطريقة اخرى( 8 واجعل وجهي ضد ذلك الانسان واجعله اية ومثلا واستاصله من وسط شعبي فتعلمون اني انا الرب.9 فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي وسامد يدي عليه وابيده من وسط شعبي اسرائيل. 10 ويحملون اثمهم. كاثم السائل يكون اثم النبي. 11 لكي لا يعود يضل عني بيت اسرائيل ولكي لا يعودوا يتنجسون بكل معاصيهم بل ليكونوا لي شعبا وانا اكون لهم الها يقول السيد الرب) (حزقيال 14: 8-11) ، وهنا انتبه معي في كلام الرب، فهو يقول انه باصرار الشعب على سؤال الانبياء الكذبة المضلين فان الله سيضل النبي، اي لن يعطيه كلاما صادقا أو نبؤة حقيقية تتحقق مع الايام !!، فالله يعطي الكلام الصادق فقط للانبياء الصادقين، اما الانبياء الكذبة الذين يخدمون الاصنام فان الله لن يعطيهم كلاما صادقا او نبؤات حقيقية تنتهي بالتحقيق (فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي)، بل سيجعل كل كلامهم ينتهي الى غير الحقيقة او الى فضح الكذب الذي نطقوا به، وهذه هي الطريقة التي يصنعها الله لكي ينقذ شعبه من الوقوع تحت خديعة الانبياء الكذبة، فهذا هو وعد الله الصادق دائما انه سوف يمد يده ويعاقب الانبياء الكذبة بفضح كذبهم (لكي لا يعود يضل عني بيت اسرائيل) وهذا كله لحماية الشعب من الضلال والمضليّن (ولكي لا يعودوا يتنجسون بكل معاصيهم بل ليكونوا لي شعبا وانا اكون لهم الها يقول السيد الرب).
وهناك حالة مماثلة في تاريخ الشعب اليهودي والقصة تشرح وتفسر المعنى بوضوح وقد صنع الله تماما مثلما اخبر في سفر حزقيال وهي مذكورة في (اخبار ايام الثاني 18) ، (ملوك الاول 22)، والقصة (بعد انقسام المملكة الموحدة) تخبر عن ملك مملكة اسرائيل الشرير "آخاب" عندما كان يجلس مع ملك مملكة يهوذا "يهوشافاط" وقد اعتاد الملك الشرير "آخاب" ان يحيط نفسه بانبياء كذبة (يقول الكتاب عددهم 400 وزعيمهم صدقيا بن كنعنة) ليسألهم ويجاوبوه بحسب ما يرغب ويريد وليس بحسب كلام الله الحقيقي، وكان سؤال الملك "آخاب" هل نصعد الى حرب "راموت جلعاد" ؟ وكانت اجابة الانبياء الكذبة (اصعد الى راموت جلعاد وافلح فيدفعها الرب ليد الملك)، فسأل الملك "يهوشافاط" (اليس هناك نبي للرب نسأله)؟ فأجاب "آخاب" ان هناك النبي "ميخا بن يملة" ولكنه بحسب كلام "آخاب" (بعد رجل واحد لسؤال الرب به ولكنني ابغضه لانه لا يتنبا علي خيرا بل شرا كل ايامه.) وما حيلة النبي الصادق اذا كان الملك شرير ويطلب كلام الله ؟ فهل المطلوب ان يعدّل النبي الصادق من كلام الله لكي يرضي الملك وشروره؟
يقول الكتاب ان بعد ذلك عندما جاء النبي "ميخا" اخبره الرسل ان يقول للملك ما يرضيه، ولكن "ميخا" قال لهم انه لن يجاوب الا مايخبره الله به، وعندما وصل "ميخا" الى الملك اجابه بسخرية مقلدا كلام الانبياء الكذبة، ولكن الملك طلب منه ان لا يكذب ويقول له الحقيقة، وعندما تكلم النبي "ميخا" بالحقيقة واخبر الملك عن الرؤيا التي رآها واخبره بها الله، وهذه هي الرؤيا وسببها:
اولا سبب الرؤيا: كان آخاب قد طمع في حقل جميل يملكه "نابوت الييزرعيلي" وطلبه ان يشتريه منه، ولكن "نابوت" رفض وفضّل الاحتفاظ بحديقته وورثه، فقام "آخاب" بقتل "نابوت" بدم بارد لكي يرث حقله بحسب الشريعة اليهودية من ليس له اولاد يرث الملك ارضه، وكان هذا الامر سيئا جدا في عيني الرب، فقضى على "آخاب" بالموت في المكان الذي قتل فيه "نابوت اليزرعيلي" (ملوك الاول 21: 1-22)
ثانيا: الرؤيا نفسها، ان الوقت جاء لتحقيق كلام الرب بفم النبي "ايليا" بموت الملك "آخاب" فرأي النبي "ميخا" ان الرب يسأل من الذي يغوي الملك "آخاب" للصعود الى "راموت جلعا" في حرب ليموت هناك؟ فتقدم الروح الشرير الشيطان وقال انا افعل، فاستخدم الله "الشيطان" الروح الذي كان دائما يستمع اليه الملك "آخاب" على فم الانبياء الكذبة لانه يرفض ان يستمع الى كلام الانبياء الصادقين من الله، وهكذا هو حال الانبياء الكذبة دائما، الذين يزعمون انهم يحملون رسالة الله الى الناس ولكنهم على العكس تماما، فهم ينقلون رسالة الكذب الشيطانية، ولكن الله دائما يعطي الانسان حرية الاختيار بين الاستماع وتصديق الصدق او الكذب، وسوف ينال كل انسان دينونته العادلة بناء على اختياراته.
ان الملك يريد فقط تصديق الانبياء الكذبة مهما كلف الامر (والوحي المقدس اسماهم -انبيائه- وليس انبياء الرب) ولهذا فان الله قد تركه لهم ولن يعطيه النبؤة الحقيقة، وعند هذا تقدم النبي الكاذب ليلطم النبي "ميخا" الذي قال له انك سوف ترى ان كلامي هو الصادق عند تحقيقه، واترك لكم قراءة النص الذي يخبر عن هذا الموقف وما حدث به:
( 12 واما الرسول الذي ذهب ليدعو ميخا فكلمه قائلا.هوذا كلام جميع الانبياء بفم واحد خير للملك.فليكن كلامك كواحد منهم وتكلم بخير. 13 فقال ميخا حي هو الرب ان ما يقوله الهي فبه اتكلم. 14 ولما جاء الى الملك قال له الملك يا ميخا انذهب الى راموت جلعاد للقتال ام امتنع. فقال اصعدوا وافلحوا فيدفعوا ليدكم. 15 فقال له الملك كم مرة استحلفك ان لا تقول لي الا الحق باسم الرب. 16 فقال رايت كل اسرائيل مشتتين على الجبال كخراف لا راعي لها.فقال الرب ليس لهؤلاء اصحاب فليرجعوا كل واحد الى بيته بسلام. 17 فقال ملك اسرائيل ليهوشافاط اما قلت لك انه لا يتنبا علي خيرا بل شرا. 18 وقال فاسمع اذا كلام الرب.قد رايت الرب جالسا على كرسيه وكل جند السماء وقوف عن يمينه وعن يساره. 19 فقال الرب من يغوي اخاب ملك اسرائيل فيصعد ويسقط في راموت جلعاد.فقال هذا هكذا وقال ذاك هكذا. 20 ثم خرج الروح ووقف امام الرب وقال انا اغويه.فقال له الرب بماذا.21 فقال اخرج واكون لروح كذب في افواه جميع انبيائه.فقال انك تغويه وتقتدر.فاخرج وافعل هكذا. 22 والان هوذا قد جعل الرب روح كذب في افواه انبيائك هؤلاء والرب تكلم عليك بشر. 23 فتقدم صدقيا بن كنعنة وضرب ميخا على الفك وقال من اي طريق عبر روح الرب مني ليكلمك. 24 فقال ميخا انك سترى في ذلك اليوم الذي تدخل فيه من مخدع الى مخدع لتختبئ. 25 فقال ملك اسرائيل خذوا ميخا وردوه الى امون رئيس المدينة والى يواش ابن الملك 26 وقولوا هكذا يقول الملك ضعوا هذا في السجن واطعموه خبز الضيق وماء الضيق حتى ارجع بسلام. 27 فقال ميخا ان رجعت رجوعا بسلام فلم يتكلم الرب بي.وقال اسمعوا ايها الشعوب اجمعون )(اخبار ايام الثاني 18: 12-27)
تستمر القصة لتخبر ان النهاية كانت بالفعل كما اخبر النبي "ميخا" الصادق وليس الانبياء الكذبة، وهي تخبرنا ايضا ان الله اعطى حرية الاختيار التاملة للملك الذي اعتاد ان يحيط نفسه بالانبياء الكذبة الذين ضللوه واختار ان يصدقهم ولا يصدق الحقيقة مهما سمعها، وكما قلنا فان الوحي المقدس ذكر ان الشيطان قال (اخرج واكون روح كذب في افواه جميع انبيائه) فقد اطلق على الانبياء الكذبة (انبياء الملك) وليس (انبياء الله) فهم يتكلمون بما يرضي الملك وليس بما يرضي الله، فالله هنا لم يضلّ الملك، ولكنه تركه الى اختياراته الفاسدة، فالله يعطي الانسان الحرية الكاملة للاختيار بين الحق والكذب، والله يحترم اختيار الانسان وارادته الحرة.
ان الكتاب المقدس بهذه القصة يشرح ويفسر من هو المضلّ، فهو ليس الله بل الانبياء الكذبة الذين يخدمون الاصنام ولا يعرفون الله الحقيقي وليس لهم اي صلة به، فمن اين لهم كلام الحق وهم لا يعرفون مصدر الحق وهو الله الحقيقي؟ لقد توعد الله ان يكشف كذب وضلال الانبياء الكذبة لينال الذين يضلون الشعب جزائهم العادل:
(5 هكذا قال الرب على الانبياء الذين يضلون شعبي الذين ينهشون باسنانهم وينادون سلام. والذي لا يجعل في افواههم شيئا يفتحون عليه حربا. 6 لذلك تكون لكم ليلة بلا رؤيا. ظلام لكم بدون عرافة. وتغيب الشمس عن الانبياء ويظلم عليهم النهار. 7 فيخزى الراؤون ويخجل العرافون ويغطون كلهم شواربهم لانه ليس جواب من الله.) (ميخا 3: 5-7)
(هانذا على الذين يتنبأون باحلام كاذبة يقول الرب الذين يقصونها ويضلون شعبي باكاذيبهم ومفاخراتهم وانا لم ارسلهم ولا أمرتهم. فلم يفيدوا هذا الشعب فائدة يقول الرب) (ارميا 23: 32)
يمكنك الضغط على الرابط اعلاه وقراءة الاصحاح كاملا فهو يشرح نفسه بنفسه.
**********
بالرجوع الى الكلمة المترجمة "ضلّ" في الاصل العبري [1] ومن كل ما تقدم فان الكلمة في سياقها لا تقول ان الله هو الذي (يضل) البشر، ولكن الله يجعل النبي الكاذب (كاذبا) و(مخادعا) و (مضلا) بأن يجعل الله كل ما يقوله لا يتحقق وهذا هو الفارق الجوهري بين النبي الحقيقي والنبي الكاذب.
( 20 واما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبي. 21 وان قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب.22 فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه) (التثنية 18: 20-22)
**********
ثانيا :(تسالونيكي الثانية 2: 1-12)
بالرجوع الى الكلمة المترجمة "ضلّ" في الاصل العبري [1] ومن كل ما تقدم فان الكلمة في سياقها لا تقول ان الله هو الذي (يضل) البشر، ولكن الله يجعل النبي الكاذب (كاذبا) و(مخادعا) و (مضلا) بأن يجعل الله كل ما يقوله لا يتحقق وهذا هو الفارق الجوهري بين النبي الحقيقي والنبي الكاذب.
( 20 واما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبي. 21 وان قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب.22 فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه) (التثنية 18: 20-22)
**********
ثانيا :(تسالونيكي الثانية 2: 1-12)
http://newman-in-christ.blogspot.com/2010/12/blog-post_21.html