- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
المسيحية الحقيقية ليست مؤسسة مبنية على لوائح ونُظم فكرية عقلية وأبحاث دراسية وعلمية وقوانين وضعية تشريعية ومحاكم قضاء، بل هي قوة الله الظاهرة في أعضاءها الحية بالروح لأنها تنبض بحياة الله، وتظهر قوتها الإلهية عندما تُضطهد في العالم ويتجه ضدها كل قوى الشر لتحطيمها، فتعلو وتظهر شامخة عالية ويتلألأ ضياؤها بقوة صليب رب المجد الذي حينما ارتفع عليه فجذب إليه الجميع بإعلان المحبة ووهب لهم قوة قيامة وحياة ذات سلطان سماوي فائق لا تزول، وجعل فيها رجاء حي يجعل أصغر صغير في الكنيسة يجتاز الموت ليغلب بقوة دم حمل الله وبكلمة الشهادة التي في قلبه ولا يحب حياته حتى الموت لأجل حبيبه الخاص المالك على هيكل جسده مع كل إخوته الذين يسيرون في نفس ذات الطريق الواحد بالروح القدس الذي يأخذ من المسيح الرب ويُعطينا حسب مسرة مشيئة الآب.
يا إخوتي الكتاب المقدس أعلن الوحدة الحقيقية التي يُمكن أن ننهجها ونسير بها بل ولم ولن يوجد غيرها مهما ما حصل من كلام حتى لو شكله رائع وحقيقي وجميل، فالرب يسوع قال بفمه الطاهر: [ "أنا فيهم" وأنت فيَّ ليكونوا "مُكملين إلى واحد" وليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني ] (يوحنا 17: 23)؛ [ وعرفتهم اسمك وسأُعرفهم ليكون "فيهم" الحب الذي أحببتني به "وأكون أنا فيهم" ] (يوحنا 17: 26)
- فبشارة رجاء المؤمنين وأغنيتهم الجديدة هي كلمات القديس بطرس الرسول: [ مُبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي، بقيامة يسوع المسيح من الأموات ] (1بطرس1: 3)، وهذه هي بشارة الرجاء الحي التي تنطلق في قلب كل من يؤمن إيمان واقعي حقيقي بالله، لذلك يستهين بالخزي والتعيير ويُعتبر أن خفة ضيقته الوقتية تُنشأ له ثقل مجد، لذلك وبسهولة يجتاز الضيقات والآلام والأوجاع – مع كل إخوته في الجسد الواحد عينه – محتملاً كل ضيق بصبر القديسين لأجل رجاء الحياة الذي يحمله في داخل قلبه برؤية الإيمان العامل بالمحبة الذي يُعطيه أن يُبصر مجد الله في داخله، فيستهين بكل ما في العالم ويشتهي أن ينطلق نحو حبيبه الخاص ليكون معه ومع جميع القديسين، لأن ذلك الانطلاق أفضل فعلاً له ولكل من ذاق نعمة الله وحب الرب من كل قلبه وفكره وقدرته ونفسه !!!
- لذلك يا إخوتي أن سرّ عدم قبول الوحدة وعدم تتميمها، ليس في بنود الإيمان ولا الاتفاق على لوائح وعقائد، بل لأن كل واحد في مكانه واقف ليأخذ حيز يعيش فيه، فكيف وأنا في مكاني والآخر واقف في مكانه نصنع وحدة !!! وذلك لأن لو واحد في مكانه يُنادي الآخر قائلاً: تعالى عندي لنصنع وحدة سوياً !!! فهل هذا النداء يُتمم وحدة حتى ولو على المستوى الفكر البشري العادي !!!
- لذلك كل من يحاول أن يدعم الوحدة بالفكر ويتشدد في أن أنا اللي صح والمفروض أن أضع شروط الوحدة وأقاوم الآخرين على أساس أنهم واقفون في أرضية شريدة بعيداً عن حظيرة الإيمان، لأن هذا هرطوقي، والآخر يقول عني أنا اللي هرطوقي.. الخ، فهذا يخرج تماماً عن المسيحية وروح الإنجيل ليتصلب أكثر ويصنع انشقاقاً أكبر ويدعم الفرقة ويستحيل أن يصنع وحدة مسيحية على نحو الإطلاق، بل سيقاوم - بتلقائية - أي وحدة حقيقية تُقام ويصير ضداً لها بالمرصاد مهدداً ومندداً بفسخ هذه الوحدة التي يراها باطلة والقائمة على هرطقة...
- إذن والحال هكذا، فالسؤال المطروح اليوم هو: ما هي الوحدة المسيحية الحقيقية !!!!
- فلو المسيح الرب مش فيَّ ولا أنا فيه كيف اتحد مع أخي في الجسد الواحد واصنع معه شركة !!!!!
- فأنا لو في المسيح وأنت في المسيح، لنا رأس وقلب واحد، فكيف للقدم أن تقول لليد أنتِ لست تسيرين وفق الجسد فأنا في اتجاه وانتِ في أتجاه آخر، وان استعلت العين عن الفم، أو تعاظمت اليد على القدم، فكيف يكون هذا جسد واحد وفيه كل واحد يتعالى على الآخر ويريد أن يسير في اتجاه مُخالف، وكل عضو يحاكم عضو في الجسد الواحد ويرفضه وكيل له اتهامات لا تنتهي فكيف يكون هذا جسد واحد، وكيف نُسمي هذا كنيسة واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية !!!!
- الوحدة في كنيسة الله ليست حرب فيها مكسب لطرف وخسارة لآخر، الوحدة المسيحية هي وحدة جسد له أعضاء كثيرة لكن الجسد واحد معاً، متركب ومتآزر معاً بوثق وربط إلهيه فائقة أساسها محبة الله المنسكبة بالروح القدس ودُعامتها رباط السلام، سلام الله الذي يفوق كل عقل، وأيضاً لبس فكر المسيح...
- ليتنا نكون حقاً على مستوى الإنجيل المقروء من جميع الناس وبسببنا يتمجد الله ويتبارك اسمه العظيم القدوس ونكون كلنا أحياء بالروح، ومن خلالنا تنمو كلمة الله وتزيد وتنتشر كقوة وحياة في كل بقاع الأرض، فليتنا نكون مسيحيين حقيقيين نُعظم اسم الرب ونمجد صلاحه بوحدتنا معاً في سرّ المحبة وقوة الإيمان الحي، آمين
التعديل الأخير: