- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
+ الإنسان مخلوق أتى من العدم . خلقه الله بكلمته ( يسوع ) ونفخ فيه نسمة حياة ( بالروح القدس ) ، فهو خُلق على صورة الله ومثاله : " وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا ... وجبل الرب الإله آدم تُراباً من الأرض . ونفخ فيه أنفه نسمة حياة . فصار آدم نفساً حياً " ( تكوين 1 : 26 و 2: 7 ) ؛ خُلق فريداً في حياته وفي مصيره ، خُلق كأيقونة حية لله ، تعكس صورة بهاء مجده ...
فقد خلق الله الإنسان على صورته وأعطاه الحرية ، فقد وهبه إرادة حرة يستعملها في كل أعماله ومواقفه وقراراته وأقواله ، فأصبح له قدرة الاختيار الحُرّ بدون ضغط أو إكراه : [ الإنسان حُرّ في إرادته منذ البداية ، فقد خُلق على صورة الله الذي هو حُرّ في إرادته ... ] ( القديس إيرينيئوس )
والسر كله في طبيعة الله الخالق ، لأن الله = محبة ، والله المحبة خلق الإنسان محبوب له ، ولا يوجد إكراه في المحبة أي بين الحبيب والمحبوب ، فالحب هو عطاء مجاني لا ينتظر ثمن ، ويستحيل أن يوجد فيه ضغط أو إكراه ، إذ أن طبيعة الحب الحرية ... والحرية فيها اختيار مبني على حب أصيل ، والاختيار يأتي من الحرية وبدافع الحب نحو المحبوب ...
فالله المحب خلق محبوبة الإنسان ، على صورته ، أي جعله أيقونته الخاصة ، ووهبه الملامح الجديرة باللاهوت لا من جهة المادة ، بل من جهة النفس ، إذ جعل فيه السجايا الجديرة باللاهوت :
[ فالنفس إذن ، هي صنيع إلهي عظيم مملوء عجباً ... والحاصل أنه خلقها من نوع يُصيرها له عروساً ورفيقة ( على صورته ومثاله ) حتى يقترن بها فتصير معه روحاً واحداً ( كقول الرسول في 1 كورنثوس : 6: 17 ) ] ( عظات القديس مكاريوس الكبير عظة 44 و 46 )
[ الإنسان كائن عاقل ناطق ، وعلى هذا الأساس هو شبيه بالله ، مخلوق بإرادة حرة وسيِّد لنفسه ] ( القديس إيرينيئوس )
وبذلك أصبح للإنسان قدرة على إنشاء علاقة خاصة فريدة شخصية بينه هو المحبوب والله المحب ، على أعلى مستوى ، أي علاقة شركة ووحده ، فمنذ بداية وعيه ، مثل طفل مولود ، قد تأسست علاقة شركة بمحبة حلوة ، إذ أن له لقاء رائع مع الله المحب كل يوم : " وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار " ( تكوين 3: 8 )
وعلاقة المحبة عبارة عن عطاء دائم ومستمر بين المحب والمحبوب ، فكل ما لله من حب مسكوب للإنسان ، وكل ما للإنسان مُعطى لله في انفتاح متبادل ، أي رد الحب بالحب ، بمعنى أن الله يحب الإنسان جداً فيتحاور معه ويسكب حبه له ويعطيه كل شيء ، والإنسان يرد على الحب بالحب وبتأكيد الاختيار للحياة مع الله بانسجام المحبين ...
فالمحبة ليست كلمة تقال إنما هي فعل ذات سلطان يجعل من المحبين في حالة من الألفة الشديدة ، وعلاقة المحبة على هذا المستوى هي اتجاه المحبوب نحو المحب كما أن المحب يتجه نحو المحبوب ، أي أن المحبة هي عطاء متبادل وأخذ متبادل ...
المحبة عطاء دائم يستحيل أن يتوقف ، هي نسيان الذات في سبيل الآخر ، التخلي عن كل شيء من أجل الآخر ، عطاء يستمر ويتزايد إلى أقصى درجة ، وهل يوجد حب يُعَّبر عن هذه الحقيقة غير محبة الله للإنسان !!!
وهذا الحب بين المحب والمحبوب ، يحفظ في الحرية بالطاعة ، أي طاعة المحبوب للمحب ، فالله المحب أعطى لمحبوبة وصية تحفظ حريته وتبرهن حبه الأصيل ومعدنه : [ إن جردت الفضيلة من عنصر الاختيار فإنك تنتزع منها جوهرها ] ( العلامة أوريجانوس )
[ ... لقد خُلق الإنسان في البداية بفهم يرتفع فوق الخطية والشهوات . ومع ذلك ، فلم يكن على الإطلاق غير قادر على الانحراف نحو أي جانب يوافقه ، لأن مبدع الكون العجيب رآه جيداً لأن يزوده بإمكانيات إرادته الخاصة ، ويتركها لحركتها المتحكمة في ذاتها لتتمَّم كل ما كانت تريده . والسبب هو أن الفضيلة ينبغي أن تكون نابعة من اختيار حرّ وليس ثمرة الإجبار ، ولا مرتبطة بقوانين الطبيعة التي لا يمكن للإنسان أن يعثر فيها ، لأن هذا صحيح بالنسبة للجوهر الأسمى الفائق ] ( القديس كيرلس الكبير – De adoratione 1 PG 68, 145 )
_______________________________________
ونختتم هذا الجزء من الموضوع بقول القديس كيرلس الأورشليمي : [ أعرف نفسك ، أعرف من أنت – فهذه هي حالتك : فأنت بشر مكون من نفس وجسد ، والله نفسه هو المبدع لكل من النفس والجسد . واعلم أيضاً أن لك نفساً هي سيدة لنفسها ، وهي أعجب إنجازات الله المصنوعة على صورة صانعها ، غير قابلة للموت ، من أجل الله الذي أعطاها الخلود ، فهي كائن عاقل غير قابل للفساد بسبب ذلك الذي أعطى مجاناً كل هذه النعم ، والذي له القدرة على أن يفعل ما يشاء ] ( عظات القديس كيرلس الأورشليمي للموعوظين 4: 8 )
فقد خلق الله الإنسان على صورته وأعطاه الحرية ، فقد وهبه إرادة حرة يستعملها في كل أعماله ومواقفه وقراراته وأقواله ، فأصبح له قدرة الاختيار الحُرّ بدون ضغط أو إكراه : [ الإنسان حُرّ في إرادته منذ البداية ، فقد خُلق على صورة الله الذي هو حُرّ في إرادته ... ] ( القديس إيرينيئوس )
والسر كله في طبيعة الله الخالق ، لأن الله = محبة ، والله المحبة خلق الإنسان محبوب له ، ولا يوجد إكراه في المحبة أي بين الحبيب والمحبوب ، فالحب هو عطاء مجاني لا ينتظر ثمن ، ويستحيل أن يوجد فيه ضغط أو إكراه ، إذ أن طبيعة الحب الحرية ... والحرية فيها اختيار مبني على حب أصيل ، والاختيار يأتي من الحرية وبدافع الحب نحو المحبوب ...
فالله المحب خلق محبوبة الإنسان ، على صورته ، أي جعله أيقونته الخاصة ، ووهبه الملامح الجديرة باللاهوت لا من جهة المادة ، بل من جهة النفس ، إذ جعل فيه السجايا الجديرة باللاهوت :
[ فالنفس إذن ، هي صنيع إلهي عظيم مملوء عجباً ... والحاصل أنه خلقها من نوع يُصيرها له عروساً ورفيقة ( على صورته ومثاله ) حتى يقترن بها فتصير معه روحاً واحداً ( كقول الرسول في 1 كورنثوس : 6: 17 ) ] ( عظات القديس مكاريوس الكبير عظة 44 و 46 )
[ الإنسان كائن عاقل ناطق ، وعلى هذا الأساس هو شبيه بالله ، مخلوق بإرادة حرة وسيِّد لنفسه ] ( القديس إيرينيئوس )
وبذلك أصبح للإنسان قدرة على إنشاء علاقة خاصة فريدة شخصية بينه هو المحبوب والله المحب ، على أعلى مستوى ، أي علاقة شركة ووحده ، فمنذ بداية وعيه ، مثل طفل مولود ، قد تأسست علاقة شركة بمحبة حلوة ، إذ أن له لقاء رائع مع الله المحب كل يوم : " وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار " ( تكوين 3: 8 )
وعلاقة المحبة عبارة عن عطاء دائم ومستمر بين المحب والمحبوب ، فكل ما لله من حب مسكوب للإنسان ، وكل ما للإنسان مُعطى لله في انفتاح متبادل ، أي رد الحب بالحب ، بمعنى أن الله يحب الإنسان جداً فيتحاور معه ويسكب حبه له ويعطيه كل شيء ، والإنسان يرد على الحب بالحب وبتأكيد الاختيار للحياة مع الله بانسجام المحبين ...
فالمحبة ليست كلمة تقال إنما هي فعل ذات سلطان يجعل من المحبين في حالة من الألفة الشديدة ، وعلاقة المحبة على هذا المستوى هي اتجاه المحبوب نحو المحب كما أن المحب يتجه نحو المحبوب ، أي أن المحبة هي عطاء متبادل وأخذ متبادل ...
المحبة عطاء دائم يستحيل أن يتوقف ، هي نسيان الذات في سبيل الآخر ، التخلي عن كل شيء من أجل الآخر ، عطاء يستمر ويتزايد إلى أقصى درجة ، وهل يوجد حب يُعَّبر عن هذه الحقيقة غير محبة الله للإنسان !!!
وهذا الحب بين المحب والمحبوب ، يحفظ في الحرية بالطاعة ، أي طاعة المحبوب للمحب ، فالله المحب أعطى لمحبوبة وصية تحفظ حريته وتبرهن حبه الأصيل ومعدنه : [ إن جردت الفضيلة من عنصر الاختيار فإنك تنتزع منها جوهرها ] ( العلامة أوريجانوس )
[ ... لقد خُلق الإنسان في البداية بفهم يرتفع فوق الخطية والشهوات . ومع ذلك ، فلم يكن على الإطلاق غير قادر على الانحراف نحو أي جانب يوافقه ، لأن مبدع الكون العجيب رآه جيداً لأن يزوده بإمكانيات إرادته الخاصة ، ويتركها لحركتها المتحكمة في ذاتها لتتمَّم كل ما كانت تريده . والسبب هو أن الفضيلة ينبغي أن تكون نابعة من اختيار حرّ وليس ثمرة الإجبار ، ولا مرتبطة بقوانين الطبيعة التي لا يمكن للإنسان أن يعثر فيها ، لأن هذا صحيح بالنسبة للجوهر الأسمى الفائق ] ( القديس كيرلس الكبير – De adoratione 1 PG 68, 145 )
_______________________________________
ونختتم هذا الجزء من الموضوع بقول القديس كيرلس الأورشليمي : [ أعرف نفسك ، أعرف من أنت – فهذه هي حالتك : فأنت بشر مكون من نفس وجسد ، والله نفسه هو المبدع لكل من النفس والجسد . واعلم أيضاً أن لك نفساً هي سيدة لنفسها ، وهي أعجب إنجازات الله المصنوعة على صورة صانعها ، غير قابلة للموت ، من أجل الله الذي أعطاها الخلود ، فهي كائن عاقل غير قابل للفساد بسبب ذلك الذي أعطى مجاناً كل هذه النعم ، والذي له القدرة على أن يفعل ما يشاء ] ( عظات القديس كيرلس الأورشليمي للموعوظين 4: 8 )