في مثل هذا اليوم من سنة 2990 للعالم تنيح الملك العظيم النبي القديس الكريم داود بن يسى، وهو ثاني ملك علي بني إسرائيل، وأول من سار السيرة الفاضلة العادلة الكاملة من ملوكهم، وكان من سبط يهوذا من بيت لحم، فأنتخبه الله ملكا علي بني إسرائيل عندما خالف شاول بن قيس آمر الله، فأمر الله صموئيل النبي إن يمسح له واحدا من أولاد يسى ملكا، فاختار صموئيل الابن الأكبر، الحسن الوجه، القوي الجسم، غير إن الله لم يقبله وقال لصموئيل " لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأني قد رفضته، لأنه ليس كما ينظر الإنسان، لان الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فانه ينظر إلى القلب " (1صم 16: 7)
فعرض يسى أولاده أمام صموئيل فاختار داود ومسحه ملكا، وكان الله معه في كل أموره، ولطهارة قلبه ووداعته تغلب علي شاول الملك الذي حاول قتله مرارا، ومن ذلك إن شاول خرج مرة طالبا قتله فأدركه المساء ونام، فجاء داود النبي إليه وهو نائم وقطع طرف جبته سرا ليعرفه بأنه قد ظفر به وأبقاه حيا (1صم 24: 1 - 22). ثم وجده مرة أخرى نائما ايضا فاخذ داود رمحه وكوز الماء الذي كان عند رأسه ولم يضره (1صم 26: 1 - 25) ولما حرضه إخوانه علي قتله قال “" حاشا لي من قبل الرب إن أمد يدي إلى مسيح الرب " (1صم 16: 11)
ولما بشره إنسان بقتل شاول عدوه قائلا " وقفت عليه وقتلته " حزن داود ومزق ثيابه، ودعا واحدا من الغلمان وقال له " تقدم، أوقع به فضربه فمات " (2صم 1: 1 - 15).
وقد شرف الله هذا النبي عن سائر البشر إذ جمع فيه فضائل كثيرة، كفضيلة الإتضاع، فانه كان نبيا وصديقا كاملا وملكا عادلا، ومع كل ذلك كان يدعو ذاته كلبا ميتا وبرغوثا (1صم 24: 14) وغير ذلك، وقد مدحه الله بقوله " وجدت داود بن يسى رجلا حسب قلبي " ( 1صم 13: 22)،
وحرس الله أورشليم من اجله في حياته وبعد مماته وجعل ملوك الشعب من نسله، ودعا ذاته ابنه، وتنبأ بسفر المزامير المنسوب له، وهو سفر مملوء من كل قول حسن وتعليم مفيد،
وكان داود في قوته ذا باس مؤيدا من الله، وذلك انه لما كان صبيا صغيرا يرعى غنم أبيه هجم عليه تارة ذئب وتارة أسد ليفترسا الغنم، فقتل الذئب وفسخ فكي الأسد، وحدث لما تقابل جيش شاول بجيش الفلسطينيين، وخرج جليات الجبار الذي كان طوله ستة اذرع وشبر، وهو متسلح بالحديد، وبيده رمح في سمك نول النساج، وسنان رمحه ستمائة شاقل، ومكث يجول بين عسكر الفلسطينيين، ويفتخر علي بني إسرائيل مدة أربعين يوما، ولم يجسر أحد من العساكر إن يبارزه، وكان داود قد جاء ليفتقد اخوته ، فلما رآه وسمع كلامه غار غيرة إلهية وتقدم إليه وبيده مقلاعه وخمسة حجارة، فضحك منه جليات وافتري علي الله فأجابه داود قائلا " أنت تأتى إليك بسيف ورمح، وانا أتى إليك باسم رب الجنود، اله صفوف إسرائيل الذين عيرتهم " ثم وضع داود الحجر في المقلاع وضرب به جليات، فارتز الحجر في جبهته وسقط علي وجهه إلى الأرض، فجرد سيفه وقطع به رأسه، وأزال العار عن بني إسرائيل (1صم 17)،
وكانت حياة داود سبعين سنة ، منها ثلاثين قبل إن يمسح ملكا وقد كان مولده قبل ميلاد السيد المسيح بآلف ومائة وعشرين سنة،
صلاته تكون معنا امين.
رجل أرضى الله
عاش داود أعظم ملوك إسرائيل قبل الميلاد بحوالي 1000عام. وقد أشار إليه الوحي المقدس بأنه رجل حسب قلب الله (سفر صموئيل الأول 13: 14) وذلك لأنه كان يمتلك القلب الخاشع. وقد كتب العديد من التسابيح لله، والتي سميت المزامير. لأنها كانت تغنى بمصاحبة العزف على المزمار.
نسب داود
إبراهيم ولد اسحق، واسحق ولد يعقوب، ويعقوب ولد يوسف ويهوذا واخوتهم، ويهوذا ولد فارص، وفارص ولد حصرون، وحصرون ولد أرام، وأرام ولد عميناداب، وعميناداب ولد نحشون، ونحشون ولد سلمون، وسلمون ولد بوعز ،وبوعز ولد عوبيد ،وعوبيد ولد يسى، ويسى ولد داود الملك.
الله يختار داود ليملك على الشعب
قال الله لصموئيل: تعال أرسلك إلى يسى البيت لحمي لأني رأيت لي في بنيه ملكا. ففعل صموئيل كما تكلم الله. وعبَّر يسى بنيه السبعة أمام صموئيل، وبقي بعد الصغير. فقال صموئيل: أرسل وأت به. فقال الله: قم امسحه لأن هذا هو.
إيمان داود
فبكر داود صباحا وترك الغنم مع حارس وأتى وسأل على سلامة اخوته في الحرب. فكلم داود الرجال الواقفين معه قائلا: من هو هذا حتى يعيِّر صفوف الله الحي؟ وقال داود لشاول: عبدك يذهب ويحارب هذا. فقال شاول لداود: اذهب وليكن الله معك. وألبس شاول داود ثيابه. فقال داود لشاول: لا أقدر أن أمشي بهذه لأني لم أجربها، ونزعها داود عنه، وأخذ عصاه بيده، وانتخب له خمسة حجارة ملس من الوادي. وتقدم نحو جليات، ولما نظر جليات داود، استحقره لأنه كان غلاما أشقر جميل المنظر. ولعن جليات داود بآلهته، فقال داود لجليات: أنت تأتي إلي بسيف وبرمح وبترس، وأنا آتي إليك باسم إله الجنود. وكان لما قام جليات وتقدم، مد داود يده إلى الكنف (الجراب) وأخذ منه حجرا ورماه بالمقلاع وضرب جليات في جبهته، فارتز (غاص) الحجر في جبهته وسقط على وجهه إلى الأرض. فركض داود وأخذ سيف جليات وقطع به رأسه. فلما رأى الفلسطينيون أن جبارهم قد مات هربوا.
كيف انتصر داود على جليات؟
انتصر داود باستعماله سلاح الإيمان بالله والطاعة والثقة في قدرته سبحانه.
داود يحمد الله من أقوال داود: قدموا لله يا أبناء الله مجدا وعزا. أحبك يا الله ياقوتي، الله صخرتي وحصني ومنقذي. أدعو الله الحميد فأتخلص من أعدائي. في ضيقي دعوت الله، وإلى إلهي صرخت، فسمع من هيكله صوتي . الله راعي فلا يعوزني شئ. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي. من أنا يا سيدي وما هو بيتي حتى أوصلتني إلى هاهنا. قد عظمت يا الله لأنه ليس مثلك وليس إله غيرك.
+ وتجد الكثير من التسبيحات لله في كتاب مزامير داود.
عثرة داود
كان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة. فأرسل داود وسأل عن المرأة. فدخلت إليه وحبلت. وفي الصباح كتب داود مكتوبا: اجعلوا أوريا (زوجها) في وجه الحرب الشديدة. فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها ندبت بعلها، ولما مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابنا، وأما الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الله.
تأنيب ثم توبة فقال داود: قد أخطأت إلى الله. ارحمني يا الله حسب رحمتك. اغسلني كثيرا من إثمي. قلبا نقيا اخلق في يا الله. لأنك لا تسر بذبيحة وإلا فكنت أقدمها. ذبائح الله هي روح منكسرة. القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره.
داود يشتاق أن تعرف كل الشعوب الله فقال:اخبروا في الشعوب بأعماله. حدثوا في الأمم بمجده. هَبوا الله يا عشائر الشعوب، هبوا الله مجدا وعزا.