القداسة التقديس - التسبحة الشاروبيمية

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
التسبحة الشاروبيمية: قدوس، قدوس، قدوس
[ دراسة مركزة عن القداسة والتقديس ]

قبل أن ندخل في شرح كلمة قدوس، ينبغي أن نعلم أننا أولاً لم نأتي بهذه الكلمة من أفكارنا الخاصة، بل أول ما استلمناها، استلمناها من الكنيسة، والتي بدورها استلمتها بالروح من الآباء عبر الأجيال والذين استلموها من أشعياء النبي الذي تعلمها عند رؤية السيد الرب، وأدركوها في سر خبرة الخلاص الذي تذوقوها بالروح القدس من الرب نفسه، ووضعوا نفس ذات التسبحة في طقس القداس الإلهي بكل تقوى، الذي أصبح للكثيرين للأسف – بحكم العادة – شيء بسيط وعادي، مع أنه في الحقيقة هو مشبَّع بغنى مجد حضور الله بكل بهاء مجده الخاص، لأن الله مستعلن في القداس بملء غنى مجده البهي الفائق، لذلك الكنيسة كلها تشترك في التسبيح بفمٍ واحد قائلين [ قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت السماء والأرض مملوءتان من مجدك وكرامتك أو مجدك الأقدس ]؛ لذلك ينبغي أن نفهم أصل هذه التسبحة وسبب وجودها في داخل الطقس الكنسي، لأن بدونها لن نقدر أن نفهم معنى الكلمة وفعل قوتها في داخلنا كقوة حياة الله فينا، فبكوننا نتناول من غنى مجد أسرار الله المحيية، لذلك فأن هذه الكلمة لن تكون لنا كلمة مجردة، بل هي قوة فعل تقديسنا الحقيقي كما سوف نرى بوضوح من خلال سلسلة شرحنا لكلمة قدوس ....


  • أولاً مقدمة :

بكوننا لا نعرف أبعاد سر القداس الإلهي وعظمة مجد غناه الروحي واللاهوتي، فهذه التسبحة دخلت كعنصر أساسي في الإفخارستيا، كتسبيح استعلاني في العهد الجديد، ولكون أن الرب يُستعلن في الأساس وبالسر في الإفخارستيا لذلك استُخدمت هذه التسبحة المهيبة في القداس الإلهي بسبب استعلان الخلاص بدم المسيح في كأس الإفخارستيا، ولكي نفهم هذا، ينبغي أن نعود ونتذكر أن التسبيح في العشاء الأخير الذي صنعه المسيح الرب مع تلاميذه كان بعد العشاء، بعد رفع كأس البركة الذي يُسمى الآن كأس " الإفخارستيا " أي كأس الشكر، ونلاحظ أن بعد الشكر في العهد القديم كان التسبيح يُقدم بالمزامير، والتي كانت تعتبر نبوه عن المسيا الآتي المنتظر، ولكن الكنيسة في العهد الجديد حريصة دائمة أن لا تُستخدم المزمور (باعتباره نبوه) في لحظات الاستعلان الإلهي، أي استعلان تدبير الخلاص الذي أكمله المسيح بمشورة الآب وعمل الروح القدس بالتجسد والفداء. لذلك قدمت الكنيسة تسبحة الشاروبيم بدل المزامير تعبيراً عن الاستعلان السمائي كما رآه أشعياء النبي بالنسبة لله، لأن عند استعلان الله ورؤيته باستعلان مجده الفائق والمهيب تنطلق هذه التسبحة
[ رأيت السيد جالسا على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل. السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه باثنين يطير . وهذا نادى ذاك وقال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض ] (إشعياء 6: 1 – 3)
مع أنه في القداس انطلق بصورة أعمق رؤية، لأنه هنا ينطلق ليُقدم للثالوث القدوس، باعتبار أن استعلان الثالوث القدوس هو أعظم تسبيح يُمكن أن يُقدم لله الحاضر بملء مجده معنا، ومن هنا نستوعب سرّ هذه التسبحة التي تقال في القداس الإلهي بفم الشعب كله معاً وفي آنٍ واحد، عوض المزامير كما في العهد القديم الذي فيه الكل ينتظر استعلان مجد الله في ملء الزمان...

وينبغي أن ننتبه أن هذا التسبيح البديع يأتي بعد طقس تقديم الحمل، أي تقديس الخبز والشكر على الكأس، وتسمى التسبحة في هذا الوضع [ إفخارستيا التسبيح ] كأساس ونواة الإفخارستيا المسيحية الجديدة ...

وبعد ذلك نلاحظ أن الكاهن يبدأ يقول آجيوس أو قدوس ويقوم بالرشومات أثناء الصلاة بكلمة قدوس، على أساس أننا نحن أيضاً نمتلئ في القداس الإلهي من المجد الفائق بسبب حضور الله وذلك بإرسال الروح القدس علينا للتقديس لنقبل مجد هذه الذبيحة التي هي الأساس ومصدر التقديس على المستوى العملي كما قُدمت لإشعياء بالسرّ:
[ رأيت السيد جالساً على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل. السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه وبأثنين يغطي رجليه وبأثنين يطير. وهذا نادى ذاك وقال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض. فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخاناً. فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود. فطار إلي واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح. ومس بها فمي وقال أن هذه قد مست شفتيك فانتزع أثمك وكُفر عن خطيتك ] (إشعياء 6: 1 – 7)
فيا إخوتي ألم تدركوا معي الآن عظمة مجد بهاء الله في القداس الإلهي الذي نحضره كما لقومٍ عادة بدون أن نعي ونُدرك هذا المحضر المهوب والخوف والمملوء مجداً عظيماً جداً ومقدم لنا منه نحن البشر الذي صار لنا الطوبى بسبب هذا المجد المعطى لنا بلا استحقاق مجاناً من رب الجنود الكامل كعطية ثمينة للغاية لضعفنا، وذلك لكي نأخذ من على المذبح الإلهي الحي جمرة الطهارة والنقاوة لنكون أهلاً للشركة مع الله القدوس مُحيي أنفسنا كلنا، هذه الشركة المقدسة التي حدثنا عنها القديس يوحنا الرسول ليظهر استعلان الله لنا، والتي لا نقدر أن نستوعب سرها إلا في سر القداس الإلهي المجيد:
[ الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فان الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نُخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملا. ] (1يوحنا 1: 1 – 4)

فلندخل اليوم للفرح الكامل في سر الشركة المقدسة، ونتذوقها في القداس الإلهي، لنرى ونسمع ونلمس ونأخذ ونشترك وفي النهاية فنفرح ونبتهج مع القديسين....

وسوف نشرح في الأجزاء القادمة معنى كلمة القداسة والتقديس، ونفهم من خلالها معنى كلمة قدوس، ولكن أحب أن أوضح قبل أن أختم هذا الجزء بأن لفظة قدوس التي تُطلق على الله وحده فقط لا غير، هي لفظة تشع منها الكمال الإلهي المُطلق، في نوره وعدله ومحبته وكل شيء أعلنه عن ذاته وما لم نعرفه أيضاً، فهو كامل في كل شيء كمال مطلق بطهارة مطلقة حتى أنه يستحيل ان يمسه دنس أو يقرب منه ما هو ناقص إن لم يشع هو بنفسه فيه قداسته، فقداسته حينما تشع في أحد تجره من الظلمة للنور ولا تجعله يرى فساداً لأن القدوس سكن فيه، فالله يدعونا للقداسة اي لكي نفرز أنفسنا ونخصصها له بتكريس قلبي فيحل فينا بروحه ويشع فينا قداسته فيطرد قوى الشر والفساد ويُزيل آثار الخطية المدمرة للنفس ويعطي قوة جمر القداسة التي تحفظنا من العدم أي الموت، لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع أعتقنا من ناموس الخطية والموت (رومية 8)، لذلك بإيماننا الحي وطلبنا مجده يكسينا بره ويعطينا قداسته إذ يشعها فينا، فيكون لنا فيه حياة، وأرجو أن لا تصدقوا أحد يكتب عن إنسان أنه صنع قداسة أو أنه بار من ذاته أو بسبب جهاده، لأن هذا كذب وتدليس، لأن القداسة تشع من الله وتمس الإنسان فتجذبه وتغيره، لذلك قال الرسول:

  • [ ألبسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات ] (رومية 13: 14)
والرب نفسه قال:

  • [ أشير عليك أن تشتري مني ذهباً مصفى بالنار لكي تستغني، وثياباً بيضاً لكي تلبس فلا يظهر خزي عريتك، وكحل عينيك بكحل لكي تبصر ] (رؤيا 3: 18)
إذاً القداسة من الله وليست صناعة إنسان، فشكراً لله الذي يهبنا قوة القداسة منه يطبعها فينا بل ويعجنا بها بروحه القدوس الذي يسكن أوانينا الخزفية، فقدوس هو اسمه إلى الأبد آمين
 

عبد يسوع المسيح

يارب أعطنى حكمة
مشرف سابق
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
2,920
مستوى التفاعل
810
النقاط
113
الإقامة
مصر
الله أستاذى موضوع جميل جدا
وربنا يهبنا نعمة القداسة التى بدونها
لن يرى أحد الرب .
شكرا أستاذى .
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
إلهنا الحي يشع فينا قداسته حتى نعاين مجد بهاء وجهه العظيم
النعمة تملأ قلبك سلام وفرحاً آمين
 

AdmanTios

Ο Ωριγένη&
عضو مبارك
إنضم
22 سبتمبر 2011
المشاركات
2,815
مستوى التفاعل
1,568
النقاط
0
الإقامة
Jesus's Heart
موضوع رائع و بمنتهي الأهمية أستاذي
الغالي سلمت يمينك و دامت خدمتك القوية

و عليه تكررت عبارة " قدوس، قدوس، قدوس "
" آجيوس، آجيوس، آجيوس " مرتين في كتابُنا المُقدس.
مرة في العهد القديم ( أشعياء 6: 3) و مرة أخري في العهد
الجديد (رؤيا 4: 8) . و في كلتا المرتين نُطق و ترنم بهم أمام
عرش الله . أولاً للنبي أشعياء ثم للقديس و الرسول يوحنا .

نعم نُقر و نعترف بأن " القداسة " صفة من صفات رب المجد
و التي لا نتشارك فيها معُه .... لأنها أعظم من الكمال أو الطهارة
من الخطيئة .... نعم هي جوهر " التميُز " و التفرد و الإختلاف
بل هي سر العظمة .... لذا فلنُسبح مع السيرافيم و الكاروبيم
" قدوس، قدوس، قدوس " ...... " آجيوس، آجيوس، آجيوس "

خالص الشكر أستاذي للدعوة بالمُشاركة و نوال بركة العمل
و جميع أعمالك الرائعة و يستخدمك دوماً لمجد أسمُه القدوس
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
إلهنا الحي يقدسكم ويشع فيكم نوره وخلاصه وفرحه العظيم القدوس
ويلبسنا قداسته للبر وحياة التقوى

آمين آمين
مبارك اسمه العظيم القدوس
كونوا معافين في روح قداسته
آمين
 

+ماريا+

نحوك اعيننا
عضو مبارك
إنضم
22 أكتوبر 2012
المشاركات
5,471
مستوى التفاعل
2,039
النقاط
113
كل الكلام الجميل والرائع ده عن التسبحه البسيطه دى
الشاروبيم يسجدون لك والسيرافيم يمجدونك صارخين قائلين
قدوس قدوس قدوس رب الصاباؤت السما والارض مملوئتانى من مجدك الاقدس
فعلا ربنا كلى القداسه هو من وهبنا روحه القدوس فصيرنا قديسين
تواضع وحب عظيم من الهنا فهو كلى القداسه والعظمه
امين يارب املائنا من روحه القدوس
ربنا يباركك استاذى ويبارك خدمتك لمجد اسمه القدوس
 

soul & life

روح وحياة
مشرف سابق
إنضم
28 نوفمبر 2011
المشاركات
10,525
مستوى التفاعل
3,000
النقاط
113
الإقامة
باريس الشرق
موضوع جميل كالعادة استاذى بنخرج من كل موضوع لحضرتك مستفيدين
شرح سلس رغم عمقه وعظمته .. الرب يبارك خدمتك استاذى ..
متابعة بقية الاجزاء ومنتظرة بشغف
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
إلهنا القدوس الذي يشرق بقداسته علينا ويشعها فينا بنور وجهه المشرق يهخيكم قوة القداسة ويلبسها لنا بقوة روحه القدوس وينمينا فيها حسب قصده آمين آمين المجد والإكرام والعزة والقداسة تليق به كل حين وإلى الأبد آمين
 

حبيب يسوع

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
15 مايو 2007
المشاركات
15,458
مستوى التفاعل
1,959
النقاط
113
موضوع رائع جدا وجميل
تسلم الايادى
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
فرحك الله القدوس بقوة القداسة الموهوبة لنا منه آمين
 

mary naeem

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
15 فبراير 2010
المشاركات
9,022
مستوى التفاعل
1,237
النقاط
113
موضوع فى منتهى الروعة استاذنا
ربنا يبارك حضرتك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ويبارك شخصك العزيز والمحبوب في كنيسة الله الحي آمين
 

R.O.R.O

اسندنى فى ضعفى
عضو مبارك
إنضم
20 يونيو 2012
المشاركات
18,394
مستوى التفاعل
4,653
النقاط
113
الإقامة
حضن يسوع
موضووع رااااائع بمعنى الكلمة
مهم جدا ومفيد جدا
وحقيقى استفدت بيه
طريقة مبسطة وجميلة
ربنا يبارك خدمتك استاذنا الغالى

 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ويبارك حياتك ويشع في شخصك العزيز قوته
 

روزا فكري

كله للخير
عضو مبارك
إنضم
2 أكتوبر 2013
المشاركات
1,207
مستوى التفاعل
393
النقاط
0
الإقامة
alexandria

تسلم ايدك استاذ ايمن
موضوع جميل ومفيد
ومستنيين باقي الاجزاء ربنا يعوض تعب خدمتك

 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ربنا يخليكي وصليلي كتير وبإذن يسوع ساضع باقي الموضوع قريب جداً
النعمة تكون معك آمين
 
أعلى