الـطـريــق إلـى الـصـلـيــب

عمود الدين

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
22 يناير 2007
المشاركات
568
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
الـطـريــق إلـى الـصـلـيــب

أولاً : ثبت وجهه نحو الصليب (لوقا 9: 51)
1- جاء المسيح إلى العالم ليتمم خطة الله لفداء الإنسان: مات المسيح على الصليب وقام لينفذ تدبير الله لخلاص الإنسان منذ تأسيس العالم.
2- لم يصلب المسيح رغماً عنه بل ذهب الى الصليب طوعاً. وكل ما عمله كان لتحقيق خطة الله. حاولت الجموع أن تخطفه وتجعله ملكاً فرفض وأنصرف عنهم (يوحنا6: 15)
3- المسيح ليس شهيداً غدر به اليهود وحاكموه امام كهنة حقوديين. فصار ضعيفاً خائفا وصلبوه فمات مثل غيره من الشهداء الذين يبذلون حياتهم لقضية ما.المسيح لم يمت لقضية بل مات لأجل الإنسان.
4- ثبت المسيح وجهه نحو اورشليم والصليب ... عقد عزمه لينفذ خطة الله وبدأ الطريق.
ثانيا : ملكوت الله .... ملكوت السموات
1- لم يأت المسيح ليبني مملكة على الأرض مثل الممالك في بلاد العالم المختلفة ... تحدث بذلك دائماً لمن حوله وهو يتكلم معهم. وأثناء محاكمته أمام بيلاطس الوالي قال له " ليست مملكتي من هذا العالم". (يوحنا 18: 36)
2- أعلن المسيح أن مجيئه إلى الأرض تحقيق لملكوت الله (متى 4: 17، متى 10: 7). تكلم وعلم عن ذلك الملكوت مع تلاميذه (أعمال الرسل 1: 3)
3- ملكوت الله أو ملكوت السموات هي حياة المؤمن في السماء بعد الموت حين يحيا في حضرة الله إلى الأبد. (متى 9: 24، متى 21: 31)
4- ملكوت الله أو ملكوت السموات ملكوت يختص بالزمن الحاضر أيضاً. هذا الملكوت يتم هنا على الأرض من جماعة المؤمنين الذين يعيشون تحت سلطان الله البار المحب ويعيشون فيه يخدمون بعضهم بعضاً في ود ومحبه.
5- في الصلاة الربانية أظهر المسيح التشابه والفرق بين ملكوت الله في السماء وملكوت الله على الأرض : "ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك على الأرض كما هي في السماء" (متى 6: 10)
ثالثاً :ملكوت الله في الحاضر وفي المستقبل(متى 13، متى 25)
- رسم المسيح صورة ملكوت الله في الحاضر في حياة المؤمن على الأرض بأمثال منها :ــ
أ - حبة الخردل (متى 13: 31ــ32) حبة صغيرة تغرس في الأرض، فتنبت وتكبر وتصبح شجرة كبيرة ،وارفة الظلال كثيفة الفروع والأوراق، يستظل بها الإنسان وتأوي إليها الطيور.
ب - الخميرة (متى 13: 33) خميرة صغيرة هادئة ساكنة، ما ان توضع في العجين حتى تخمره. هذا ما يريده المسيح من المؤمن ودوره في أنتشار ملكوت الله على الأرض.
2- ورسم المسيح صورة ملكوت الله في المستقبل وحياة المؤمن الأبدية في السماء بأمثلة منها :ــ
أ - الحنطة والزوان (متى 13: 24ــ30) نمى الزوان جنباً إلى جنب مع الحنطة في الحقل ولم يقلعه الزارع، بل تركه حتى الحصاد. وعند الحصاد جمع الزوان وأحرقه أما الحنطة فحفظها في مخزنه.
ب - العذارى (متى 25: 1ــ13) خمس حكيمات وخمس جاهلات، سهرن جميعا، وأنتظرن العريس حتى منتصف الليل ليجتمعن به.ولما جاء دخلن الحكيمات المستعدات ومصابيحهن ممتلئة بالزيت و مضيئة، وتخلفن الجاهلات غير المستعدات لأن مصابيحهن كانت تنطفىء. فأغلق عليهن الباب.
جـ - الوزنات (متى 25: 18ــ30) سلم السيد لعبيده وزنات مختلفه. عمل البعض وجاهد وتاجر وربح وحصل على رضى ومكافأة السيد حين عاد من سفره. ولم يعمل البعض الآخر وتكاسل وتخاذل فنالوا غضب السيد وعقابه.
د - أمام العرش (متى 25: 31ــ46) يصور المسيح في هذا النص لقاء الحساب بين الله والأبرار والأشرار، وثواب ما عمله الأبرار مع الفقراء والمعوزين، وعقاب الأشرار لما لم يعملوه.
رابعاً :المسيح يعرف ويصرح عن أحداث الصليب
1- كان المسيح يعرف تماماً كل ما سيواجهه من خيانة وآلام وموت وقيامه. يكتب يوحنا البشير : "وكان يسوع يعرف كل ما سيحدث له" (يوحنا 18: 4). حتى خيانة يهوذا الأسخريوطي كان يعرفها : "فإن يسوع كا يعلم من الذي يخونه" (يوحنا 13: 11). وكان يعرف ذلك كله من الله الآب "الكلام الذي علّمني إياه أبي" (يوحنا 28 :8) ومن الكتب والنبوات "لابد أن يتم كل ما كُتب عني" (لوقا24: 44)
2- وصرح المسيح بما كان يعرف لتلاميذه. وكان يشير بالمكتوب عنه في النبوات ليفهموا وليؤمنوا : "قلت لكم هذا حتى متى جاء وقت حدوثه تذكرون أنه سبق أن أخبرتكم به" (يوحنا 16: 4) "ها قد أخبرتكم بالأمر قبل حدوثه، حتى متى حدث تؤمنون" (يوحنا 14: 29)
3- وتحدث المسيح وصرح بما يعرف لتلاميذه برموز وأمثال.
(مرقس 12: 1ــ12) بدقة يجمع المسيح في هذا المثل بين الماضي والحاضر. الإنسان صاحب الكرم رمز لله. غرس الكرم وأعتنى به جيداً وسلمه كاملاً للكرامين. هؤلاء الكرامون يرمزون إلى القادة والرؤساء المسئولين، وكان رؤساء الكهنة وقادة الشعب والفريسيين حوله يسمعون المثل ويدركون أنهم هم المقصودين به. وأرسل صاحب الكرم عبيده واحداً وراء الآخر ليأخذ من ثمر الكرم. هؤلاء العبيد هم الأنبياء الذين توالوا في القديم. إلا أن الكراميين ضربوهم وجلدوهم ورجموهم وقتلوهم وأعادوهم فارغين. وأخيراً أرسل صاحب الكرم ابنه الوحيد الحبيب، آخر الرسل، المسيح ... عرفوا أنه الأبن الوحيد وارث الكرم فأخرجوه خارجاً وقتلوه. صورة رمزية قدمها المسيح عن نفسه.
4- وتحدث المسيح وصرح لتلاميذه بما يعرف بوضوح وبكلام مباشر :
أ - قال علانية وبوضوح أنه سوف يتألم ويقتل في اليوم الثالث يقوم.
(متى 16: 21، مرقس 8: 31، لوقا 9: 22)
ب - مرة أخرى يعلن المسيح أنه سوف يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه وأنه سيقوم في اليوم الثالث. ومع انه طلب من تلاميذه أن يضعوا ذلك الكلام في آذانهم إلا أنهم لم يفهموا وخافوا وحزنوا جداً.
(متى 17: 22،23؛ مرقس 9: 31،32؛ لوقا 9: 44،45)
جـ - وعند صعوده إلى أورشليم وتلاميذه يتبعونه متحيرين حدثهم على انفراد، وكشف لهم الأحداث التي ستتم بالتفصيل. وايضاً لم يفهموا فقد كان الموضوع صعباً عسيراً على أذانهم. (متى 20: 17ــ19، مرقس 10: 32ــ34، لوقا 18: 31ــ34)
خامساً : علامات على الطريق
هناك احداث على الطريق تركت أثرها في عقول وقلوب التلاميذ، ومع أنهم وقت حدوثها لم يفهموها تماماً إلا أنهم تداركو وفهموا كل شيء بعد الصليب.
1- التجلي (متى 17: 1ــ8، مرقس 9: 1ــ8، لوقا 9: 28ــ36)
أصطحب المسيح تلاميذه الأقربين الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا، وصعدوا إلى الجبل. وعلى أنفراد وجلس المسيح يختلي بنفسه ليصلي. وفجأة تغيرت هيئته وأصبحت ملابسه بيضاء منيرة وظهر معه النبيان موسى وإيليا، وكانوا أيضاً في بهاء ومجد ملتحفين بثياب بيض لامعه. (تحدث معه عند خروجه الى أورشليم لأتمام خطة الله له). وهز المنظر بطرس فطلب دون أن يعي ما يقول أن يبقوا جميعاً على الجبل ويصنعون ثلاث مظال، للمسيح واحدة ولموسى واحدة ولايليا واحدة. وظللتهم سحابة وصار صوت من السماء يقول : هذا هو ابني الحبيب له أسمعوا. وبعد أنصراف النبين ونزول المسيح مع تلاميذه من على الجبل، أوصاهم ان يحتفظوا لأنفسهم بما شاهدوه إلى أن يقوم من الموت ... ولم يفهموا ما معنى ان يقوم من الموت.
2- قارورة الطيب (متى 26: 6ــ13، مرقس 14: 3ــ9، يوحنا 12: 1ــ12)
في بيت عنيا وفي ضيافة لعازر ومرثا ومريم على العشاء .. قامت مريم وجاءت بقارورة طيب نادر ثمين، وكسرت القارورة وسكبت ما بها على قدمي المسيح، وأخذت تمسح قدميه بشعرها. ملأ الطيب المكان برائحته. ووسط أعجاب البعض تعالت بعض أصوات الأجتماع على هذا الأسراف، وثمن الطيب غال. وأعترض يهوذا الأسخريوطي قائلاً أنه كان من الممكن بيع ذلك الطيب وأنفاق ثمنه على الفقراء. لم يقل ذلك رحمة بالفقراء بل طمعاً في المال ... رفع المسيح رأسه وقال : "أتركوها ... إنها ليوم تكفيني قد حفظته" مرة أخرى يسمع التلاميذ أعلان المسيح عن الصليب ولا يفهمون ...
3- دخول المسيح إلى أورشليم (متى 21: 1ــ11، مرقس 11: 1ــ11، لوقا 19: 19ــ40، يوحنا 12: 12ــ19)
على مشارف أورشليم أرسل المسيح تلميذيه إلى قرية قريبة من الطريق ليأتيا إليه بجحش صغير فأتيا بالجحش ووضعا عليه ثيابهما، وركب المسيح ودخل إلى مدينة أورشليم. ورآه الناس داخلاً وتزاحموا حوله وفرشوا ثيابهم على الطريق، وقطعوا أغصان الشجر وسعف النخل والقوها على الأرض أيضاً وكانوا يصرخون قائلين ... مبارك الآتي بأسم الرب سلام في السماء ومجد في الأعالي. وأعترض الفريسيون وطلبوا من المسيح أن يسكت التلاميذ، فقال لهم إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ. ودخل المسيح المدينة في طريقه إلى الصليب.
4- غسل أرجل التلاميذ (يوحنا 13: 1ــ20)
وأراد المسيح أن يوصي تلاميذه وصية هامة يتركها لهم عن التواضع وخدمة بعضهم البعض. كان يعرف ما سوف يواجهونه بعد موته من معاناة وأضطهاد وصراعات. أرادهم أن يكونوا مترابطين بالمحبة وأنكار الذات. كانوا على مائدة العشاء وكما يقول البشيريوحنا أن المسيح وقد عرف ان ساعته قد جاءت قام عن العشاء. وأتزر بمنشفة وصب ماء وبدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة. وبشكل عملي وضع المسيح أمام التلاميذ نموذج لحياة التواضع .
5ـالعشاء الأخير (متى 26: 26ــ29، مرقس 14: 22ــ25،لوقا 22: 14ــ23)
أعد بطرس ويوحنا الفصح وجلس المسيح مع تلاميذه لتناول أخر عشاء له معهم قبل الصليب. وكسر الخبز وقدمه لهم إشارة جسده المبذول عنهم، والكأس إشارة لدمه المسفوك لأجلهم. وأعلن المسيح أن أحدهم سوف يخونه ... وفي أرتباكهم وسؤالهم من يكون، قال لهم الذي يغمس يده معه في الصحفة هو يسلمني. وكانت يد يهوذا في الصحفة. وأوصاهم أن يحبوا بعضهم بعضاً ... ومنذ بداية المسيحية والمسيحيون يمارسون هذا العشاء الرباني في كنائسهم وحتى اليوم ذكرى صليب المسيح وقيامته.
سادساً : تلخيص
سار المسيح الطريق كله إلى الصليب. كان وجهه طول الطريق في مواجهة الجلجثة. جاء ليتمم خطة الفداء ببذله نفسه عن كل البشر منذ آدم حتى اليوم الأخير. وعلى الطريق أعلن عن ملكوت الله وشرح معناه. وعلى الطريق أعلن عن موته وقيامته. أعلن ذلك بالرمز والمثل وبالكلام الصريح المباشر. لم يفهم تلاميذه حينئذ ما قال، لكنهم فهموا كل شيء بعد قيامته من الموت. وترك المسيح علامات على الطريق. وهو على جبل التجلي بين موسى وايليا، وهو يقبل طيب مريم على قدميه، وهو يدخل أورشليم راكباً جحشاً، وهو ينحني يغسل أرجل تلاميذه ثم وهو يتناول العشاء الأخير معهم ... وهكذا يقودنا الطريق ... طريق المسيح ... إلى الصليب.
سابعاً : دعاء
يارب ... كم تحملت ... كم بذلت ... شكراً لأجل هذا الحب العجيب الذي جعلك تصنع ذلك كله لي ولكل البشر لترفع عنا حكم بالموت ... بكل التقدير والشكر والخضوع أسلمك قلبي وحياتي، تعبيراً عن قبولي لك رباً وسيداً ومخلصاً. بإسم المسيح أقبلني. أجعلني أبناً لك ... آمين
 
أعلى