العنف والإيذاء

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
العنف والإيذاء

لقداسه البابا


اننا نرفض العنف في كل صوره، لأنه سلوك غير روحى، كما أنه يشمل الكثير من الأخطاء، مما سنذكره الآن:

* إنه خطيئة مركبة ومنفرة. لذلك فهو مكروه من الكل، ولا يقبله سوى مقترفيه. والذى يتصف بالعنف، لا يستطيع أن يربح أحداً من الناس. وسنحاول أن نحلل العنف، لنرى ما بداخله من الخطايا...

* العنف دليل على قسوة القلب. فالذى يؤذى أو يقتل بعضاً من الناس، هو بالضرورة إنسان قاس. أما القلب الرقيق فلا يمكن أن يكون عنيفاً. بل تكون تصرفاته رقيقة، وألفاظه أيضاً رقيقة ومنتقاة، لا يسمح لنفسه أن يخدش شعور أحد. وبالتالى يبعد عن الإيذاء، الذي لا يناسب طبعه.

* وبالتالى فإن العنف ضد فضيلة الوداعة وفضيلة الهدوء.

* والعنف أيضاً ضد فضيلة المحبة. لأن الانسان الروحى يعالج كل المشاكل بالحب وليس بالعنف. أما الانسان العنيف، فلا شك أن في قلبه كراهية دفعته إلى العنف والإيذاء، وبها يخسر الكل...
والعنف أيضاً خطيئة عدوانية. وإن كانت الحياة الروحية السليمة تبعدنا عن الغضب والنرفزة، فكم بالأكثر اذا تطور الأمر إلى العدوان!

* واذا حاول العنيف تبرير عنفه، تكون موازينه الروحية قد اختلّت!

العنف دليل الضعيف:

اذا لم يستطع قلب الإنسان أن يتسع بالحب، وإذا لم يتمكن عقله من حل الأمور بحكمة وهدوء، وإذا لم يقدر أن يضبط أعصابه في اتزان، حينئذ يلجأ إلى العنف!

ويكون عنفه دليلاً على قلة الحيلة والعجز عن التصرف السليم.

حقاً إن غالبية العنفاء ضعاف في حقيقة شخصياتهم، ليست لديهم قوة أعصاب، ولا قوة احتمال، ولا قوة تفكير، وسأضرب لذلك أكثر من مثل:

* المدرس الذي يلجأ إلى العنف مع تلاميذه، هو مدرس ضعيف: أقصد المدرس الذي لا يستطيع أن يضبط النظام بين تلاميذه، فيثور عليهم، ويضرب هذا، ويطرد ذاك، ويشتم ويعاقب، هو بلاشك انسان ضعيف. لأنه لو كان قوياً، ما كان يلجأ إلى شئ من هذا. بل يمكنه أن يضبط الفصل بقوة شخصيته، أو بذكائه وجاذبية شرحه، أو بمرحه ولطفه، أو بمحبة تلاميذه له...

ولكنه إذ خلا من كل هذه الصفات المحببة، لجأ إلى العنف بدافع من قلة الحيلة.

* مثال آخر: هو الأم التي تضرب اطفالها...

أم يصيح ابنها، أو يلهو ويجرى ويعبث، ولا تستطيع أن تهدئه، كما لا تستطيع أن تتركه يلعب، فتلجأ إلى العنف: تضرب أو تشتم أو تهدد، أو تخيفه بطريقة ما! كل هذا لأنها لا تملك الخبرة ولا المعرفة بالطرق التربوية وكيفية معاملة الأطفال. ولو عرفت لكسبت طفلها دون اللجوء إلى العنف.

لأن العنف هنا يكون وسيلة لتغطية العجز، أو مجرد رد فعل لقلة الحيلة! أو هو تغطية لضعف داخلى، ربما يكون عدم الاحتمال. ذلك لأن الشخص الذكى يستطيع أن يخرج من إشكالاته بسهولة، في حكمة وحسن تصرف. أما الضعيف فيستخدم العنف!

أنواع من العنف:


1- اشهر نوع من العنف هو الإيذاء بكل درجاته:

ويشمل الضرب، والقتل بأنواعه. وكل ذلك كل أنواع التعذيب الجسدى أو المعنوى كالتخويف، وإثارة الذعر، مما يدخل في العنف العصبى.

2- عنف آخر هو الإرهاب:

ويشمل جرائم الخطف للإفراد وللطائرات والسفن، وتفجير السيارات الملغومة، والرسائل الملغمة، وكافة أعمال النسف والتدمير، والتخريب، والذعر.

3- ومن العنف أيضا الحرب


واخطرها الحروب النووية، والتى تستخدم فيها الغازات السامة، والأسلحة الفتاكة والمحرقة، وبخاصة إن ضربت المستشفيات، أو مساكن المدنيين الآمنين، أو دمرت مدناً بأكملها، وخلّفت مجموعات من المشوهين والمعوقين

4- وهناك عنف على مستوى فردى هو تحطيم المعنويات:

ومن امثلته الزجر الشديد، والتوبيخ القاسى، والتركيز بأستمرار على الأخطاء، وتحطيم الشخصية. ويدخل في هذا النوع عنف الإهانة: ويشمل التهكم اللاذع، والازدراء، والتشهير، والتجريح، والقذف، والتجاهل، والمقاطعة، والسب.. وما إلى ذلك من ألوان القتل الأدبى أو المعنوى. وما يصحب ذلك من عبارات التهديد والتخويف.

5- هناك مظهر آخر للعنف هو عنف العتاب:

ويشمل العتاب الشديد القاسى، ربما لسبب تافه لا يستحق. وقد يستمر هذا العتاب طويلاً، وباسلوب يجرح، وربما أمام الآخرين، ويكون مصحوباً بعصبية، وعلى كل صغيرة وكبيرة، وبه يُفقد الأصدقاء كما قال الشاعر:

اذا كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لم تلق الذي لا تعاتبهْ

فعش واحداً أو صِل أخاك فإنه مقارف ذنب مرةً ومجانبهْ

اذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ظمئت، وأى الناس تصغو مشاربه

6- هناك نوع آخر من العنف
يختلف عن كل ما سبق يمكن أن نسميه بالعنف السلبى.

6- العنف السلبى:


مثال ذلك شخص لا يقدر على العنف الإيجابى، فيلجأ إلى العنف السلبى، وهو نوع آخر من الضغط. ومن ذلك الكآبة المستمرة، والبكاء الدائم، والاضراب عن الطعام، والصمت الحزين، والانسحاب... وكلها أنواع من العنف الهادئ الصامت يمثل ضغطاً. وما اكثر استخدام النساء لهذا النوع...

7- عنف الشهوات:


وهو نوع من العنف ليس موجهاً ضد الآخر، إنما هو يعمل داخل الانسان ذاته... فقد توجد شهوات تحارب الانسان بعنف حتى تدمره تدميراً، مثل شهوة المخدرات، وشهوات اخرى كالجشع والزنى والكبرياء... والمعروف أن الشهوات لا تستريح حتى تكمل، ثم تستمر.

وقد تصحب الشهوات أفكار مدمرة: تلصق بالعقل في الحاح ولا تفارقه، حتى تحطم صاحبها. لدرجة أن البعض يعالجونها بالمقومات ليستريح من الأفكار.
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
أسباب العنف

1- من أسباب العنف القسوة في الطباع:


فهناك أشخاص قساة في طباعهم. يتعاملون باستمرار بقسوة. فاذا ازدادت حدة القسوة عندهم، فإنها تتحول إلى عنف. وهذه القسوة في الطبع قد ترجع إلى ظروف اجتماعية حادة أدت بهم إلى استخدام القسوة. وربما يكونون قد حصلوا عليها عن طريق الوراثة.


2- وقد يكون السبب في العنف تعب في الأعصاب:


وهذا التعب ربما يكون قد نتج عن الإرهاق. والمعروف أن الانسان في حالة الارهاق وتعب الأعصاب، لا يكون قادراً على الاحتمال، فيرد بشدة. واذا زاد الضغط عليه، يتصرف بعنف...

3- وقد يكون السبب في العنف هو قلة الحيلة.

توزيع الخبز على الفقراءأو إخفاء الضعف بالعنف كما ذكرنا من قبل.


4- وقد يكون سبب العنف هو مرض عصبى أو مرض عقلى:


ومعروف أن بعض الأمراض العقلية وكذلك العصبية يصحبها عنف.

ولعل من المدرسة الإيطالية علماء يقولون إن كل مجرم هو انسان مريض. وهكذا يبحثون عن المرض الذي كان دافعاً إلى الجريمة... ولكن ذلك كله لا يمنع أن هناك مجرمين يقومون بأعمال عنفهم وهم في حالة عقلية تامة. وإلا زالت المسئولية عن غالبية الجرائم!


5- وأحيانا يكون الخوف من اكتشاف الجريمة سبباً آخر للعنف:


كسارق اقتحم بيتاً لغرض السرقة فقط، وليس القتل في نيته إطلاقاً. ولكنه قد يضطر إلى ذلك اذا ما اكتشف أحد أمره، فيقتله لئلا يخبر عنه. أو كعصابة تقتل – لنفس السبب – بعض الذين يعرفون أسرارها، حتى لو كانوا من أعضائها، خوفاً من أن يكشفوا هذه الأسرار، خيانة منهم، أو حتى ظروف ضاغطة.

مثال آخر: شخص يظن أن آخر يتأمر عليه، فيقتله خوفاً من تآمره.


6- وقد يكون سبب العنف: الغرور أو الاعتزاز بالقوة:


ففى الغرور يسئ الشخص ما لديه من قوة وامكانيات. كمن يضرب الآخرين ليشعرهم بأنه أقوى منهم، وأنه يستطيع قهرهم متى أراد. ويحدث هذا أحياناً مع بعض المراهقين، ومع بعض الطغاة، ومع بعض العصابات في إخضاع أفراد العصابة لسلطة قائدها...!

7- وربما يكون سبب العنف هو الحقد:


فالذى يحقد على آخرين، قد ينفس عن حقده بالعنف! كشخص يحقد على آخر ظاناً أنه ينافسه في الميراث، أو أنه يسعى لكى يحل محله في مركزه، فيستخدم معه العنف...!

وقد تدفع الغيرة أو الحسد إلى مثل هذا أيضاً...

أو قد يكون السبب في العنف هو ردّ العنف بالعنف...


8- وقد يكون سبب العنف هو الاضطهاد الدينى:


كما قال السيد المسيحلتلاميذه عما سوف يلقونه من مؤامرات اليهود وقسوة الرومان: "تأتى ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله"...! وهنا امتزج الاضطهاد بالفهم الخاطئ. مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت.

ومن أمثلة الفهم الخاطئ الذي يؤدى إلى لون آخر من الإضطهاد أو من العنف: من يقتل وفى مفهومه أنه يمحو عاراً للأسرة، أو أنه ينتقم لدمائها...


9- وهناك من يلجأ إلى العنف، ظانأ أنه أسهل الحلول وأسرعها!!


وهذا ظن خاطئ، لأن أسهل الحلول ليس هو أفضل الحلول. كما أن العنف له الكثير من ردود الفعل السيئة...

أو قد يرى مثل هذا الشخص أن العنف هو الحل الوحيد! وقد يقول لك: هذه الأمور لا يصلح لها الا العنف!! أو هؤلاء الأشخاص لا ينفع معهم الا العنف!!

وهذا بالطبع تفكير ضيق، لا يريد أن يبحث عن وسائل اخرى!



10- وقد يكون العنف لوناً من السياسة أو الحيلة:


وذلك حسبما يقول المثل السائد: "اضرب المربوط فيخاف السائب"! أو حسبما يقال "اضرب الراعى فتشتت الرعية" (أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ) (إنجيل متى 26: 31)... وهنا لا يكون العنف مقصوداً لذاته إنما لنتائجه. أى هو هنا مجرد وسيلة لغاية...

وهذا يقودنا إلى نقطة اخرى وهى:

11- العنف الظاهرى:


وليس هو عنفاً حقيقياً... ومثاله: الأب الذي يتظاهر بالغضب، وبالرغبة في استخدام العنف، وذلك لكى يقود ابنه إلى الطاعة وحسن السلوك. أو مثال رئيس العمل الذي يهدد بعقوبة عنيفة لا ينوى مطلقاً أن يفرضها. وذلك لتخويف مرؤوسيه حتى يسلكوا كما ينبغى...

12- العنف المشترك:

ومثال: شخص ليس في طبعه العنف. ولكنه قد يسلك بالعنف في وسط أصدقائه العنفاء، فيشترك معهم في عنفهم، أو يستخدم عنفاء لكى يوصلوه إلى غرضه، على اعتبار ان العنف يكون غير مباشر بالنسبة اليه!

العنف الخاطئ والعنف السليم:

لا نستطيع أن نسمى كل عنف خطيئة. فهناك مواقف يلزم لها العنف، مثل معاقبة الخطاة المستهترين أو المستبحين، أو الذين يهددون المجتمع بجرائم تحطمه أو تحطم تراثه وقيمه...

ومن أمثلة ذلك عقوبة الإعدام للقاتل ومن يرتكب جريمة مماثلة.

والله نفسه – تبارك اسمه – عاقب على مجرى التاريخ بعقوبات عنيفة، كالطوفان مثلاً...

وهناك جرائم – اذا لم تؤخذ بعنف – قد يستهتر مرتكبوها فيكررونها، أو يكونون قدوة سيئة لغيرهم. أما اذا ما عولجت بحزم وحسم وبسرعة، فإن المجتمع يتنقى ويتطهر

وهنا يكون العنف فضيلة يقوم بها كل من هم في مسئولية، واضعين أمامهم أن الحق العام لا تساهل فيه، وأن المجتمع يحتاج إلى صيانة، حتى لا يعبث فيه كل من نامت ضمائرهم، وحتى لا يأكل فيه القوى الضعيف...
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
413
النقاط
0
الإقامة
ALEX
موضوع جميل جدا
ميررررسى على الموضوع يا النهيسى
ربنا يبارك حياتك
 

kalimooo

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
23 يونيو 2008
المشاركات
143,884
مستوى التفاعل
1,787
النقاط
113
الإقامة
LEBANON

مبدع قداسته عندما نقراء

له نحلق في دنيا اخرى

الشكر الك اخي الكريم
 
أعلى