ان كنت مصلوبا، فاضمن ان الله سيكون معك ويرد لك حقك كاملا، ان لم يكن هنا ففى السماء. اما ان كنت صالبا لغيرك فثق ان الله سيقف ضدك حتى يأخذ حق غيرك منك ويعاقبك. ان كنت صالبا لغيرك، اعرف ان فيك عنصر الشر والاعتداء والعنف، وكلها انواع من الظلم لا تتفق مع البر الواجب عليك، ولا حتى مع المثالية الانسانية التى يتطلبها العلمانيون.. اما ان كنت مصلوبا وبخاصة من اجل الحق ومن اجل الايمان فاعرف ان كل ألم تقاسيه هو محسوب عند الله، له اكليله فى السماء وبركته على الارض. وثق ان السماء كلها معك: الله والملائكة والقديسون.. ان كل الذين تبعوا الحق، تحملوا من اجله. وكل الذين تمسكوا بالايمان، دفعوا ثمن ايمانهم.. وتاريخ الشهداء حافل بقصص الذين سفكوا دماءهم من اجل الايمان (اقرأ مقالاً آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. وتاريخنا بالذات كله من هذا النوع.. ان العنف يستطيعه اى احد ولكنه لا يدل على مثالية، والظلم سهل بامكان اى احد، ولكن لا يوجد دين يوافق عليه.. لذلك احتفظ بمثالياتك وخلقك واحمل صليبك والباطل الذى يحاربك لن يدوم الى الابد.. ان السيد المسيح الذى ذاق مرارة الالم واحتمل الصلب، قادر ان يعين المتألمين والمصلوبين فى كل زمان وفى كل موضع..المرجع: موقع كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت لذلك ضع امامك صورة المسيح المصلوب، تجد تعزية.. وثق ان بعد الجلجثة، توجد امجاد القيامة.. ان دم نابوت اليزرعيلى رآه الله وهو يسفك ولم يصمت الرب وكان رده قويا.. لذلك " انتظر الرب. تقو وليتشدد قلبك، وانتظر الرب " كما يقول داود فى المزمور.. ان كنت مصلوبا، سيكون المسيح الى جانبك.. سيرى فيك صورته.. كن اذن صورة المسيح..
يقول القديس بولس الرسول فى رسالته إلى رومية: " إن كنا نتألم معه، فلكى نتمجد أيضاً معه" (8: 17) وهكذا يكون الألم من أجل الرب، هو مقياس ما يناله المؤمن من مجد فى الملكوت الأبدي. ولهذا فإن الكنيسة تضع الشهداء فى قمة القديسين. تذكرهم فى صلواتها، قبل أسماء الآباء السواح والمتوحدين، الذين ملأوا البرارى صلوات وتأملات، وتذكرهم قبل الآباء البطاركةوالأساقفة بكل خدماتهم ونشرهم للكلمة. كل ذلك بسبب آلامهم التى تحملوها لأجل الرب. وحتى فى الخدمة، يبدو مقياس الألم واضحاً أيضا. فيقول الرسول "كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (1كو3: 8).. وهكذا نجد الرب يقول فى رسالته إلى ملاك كنيسة أفسس "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك.. وقد احتملت، ولك صبر، وتعبت من أجل إسمى، ولم تكل" (رؤ 2: 2، 3) واضعاً التعب فى المقدمة. وقول الكتاب أن الله " لا ينسى تعب المحبة" (عب 6: 10) فالمحبة تعبر عن وجودها، بتعبها من أجل الذى تحبه. لأن المحبة " ليست بالكلام ولا باللسان " (1يو 3: 18) وعمق المحبة يظهر فى الألم، حينما تصعد المحبة إلى مستوى البذل والتضحية والفداء. وهكذا ظهرت محبة الله لنا فى عمقها على الصليب، حينما بذل ذاته عنا البار لأجل الأثمة. وكان المسيح فى قمة مجده، فى عمق ألمه. ولذلك قال عن صلبه " الآن تمجد إبن الإنسان" (يو 13: 31) (اقرأ مقالاً آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وصورة صلبه هىصورة مجده.. إن بولس الرسول يعتبر أن الألم هبة من الله.المرجع: موقع كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت ويقول فى ذلك " أنه قد وهب لكم لأجل المسيح، ولا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضاً أن تتألموا لأجله" (فى 1: 29). ويقول بطرس الرسول عن منهج الألم: "لأنكم لهذا دعيتم، فإن المسيح أيضاً تألم أجلنا، تاركاً لنا مثالاً لكى تتبعوا خطواته" (1بط 2: 21).
المحبة تختبر بالألم، وتختبر بالضيقة، والبذل. والذى لا يستطع أن يبذل، هو إنسان لا يجب.. فإذا أحب، بذل كل شئ. إبراهيم أبو الآباء، من أجل محبته لله، ترك أهله وعشيرته وبيت أبيه، وعاش متغرباً فى خيمته.. ولكن حب إبراهيم لله وصل إلى قمته، حينما وضع إبنه وحيده الذى يحبه، على المذبح، وحوله الحطب والنار، ورفع يده بالسكين، ليبذل إبنه. وحينما أحب دانيال الرب، بذل نفسه، ورضى أن يلقى إلى جب الأسود، وكذلك الثلاثة فتيه، يرهنوا على محبتهم ببذلهم أنفسهم، ليقلوا فى أتون النار.. بولس الرسول، قال فى حبه للسيد المسيح: " خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية، لكى أربح المسيح وأوجد فيه. آباونا الشهداء، وآباؤنا المعترفون، من أجل محبتهم للرب بذلوا دماءهم وحياتهم وراحتهم، ودخلوا إلى العذاب ولم يخافوا من أجل عظيم حبهم.. هناك عوائق تمنع الإنسان من البذل: هى محبة الراحة، ومحبة الكرامة، ومحبة الذات.. أما الحب الحقيقى، فلا تهمه الراحة ولا الكرامة ولا الذات..المرجع: موقع كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت إنه يبذل كل شئ، من أجل من يحبه.. يعقوب أبو الآباء، عندما أحب راحيل، بذل من أجلها الشئ الكثير. تعب من أجلها عشرين سنة، تحرقه الشمس بالنهار، والبرد بالليل (اقرأ مقالاً آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. وكل هذه السنوات، كانت فى نظره كأيام قليله بسبب محبته له. وأنت ماذا بذلت من أجل المسيح، الذى بذل ذاته من أجلك على الصليب؟ الذى يحب، يبذل ذاته من أجل الله، والناس. ويتدرب أولاً على بذل ما هو خارج ذاته، كالمال، والوقت، والقنية.. أما الذى لا يستطيع أن يبذل ما هو خارج ذاته، فكيفيبذل ذاته؟! إن كنت لا تستطيع أن تبذل، فأنت لا تحب غيرك، إنما تحب ذاتك فقط.
كل ما يطلبه اللهمنك هو قبلك "يا أبنى أعطنى قلبك".. وهو عندما يطلب قلبك، إنما يطلب حبك. ودليل الحب هو البذل. ومن هنا كانت الحياة الروحية هى حياة البذل، بذل كل شئ حتى الحياة ذاته. ومغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ. لابد أن تترك شيئاً من أجل الله، لتثبت محبتك لله. ويعتبر حبك عظيماً كلما عظم ما تتركه لأجله. أنظر إلى إبراهيم أب الآباء، كيف بدأ علاقته مع الله..؟ بدأها بقول الرب له " أخرج من أرضك، ومن عشيرتك، ومن بيت أبيك، إلى الأرض التى أريك" (تك 12). ومن أجل الله ترك بيت أبيه وأسرته ووطنه (اقرأ مقالاً آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فهل أكتفى الله بهذا؟ كلا لقد قال له حتى فى أرض غربته " خذ إبنك وحيدك، الذى تحبه إسحق. وأصعده هناك محرقة".. وأطاع إبراهيم وذهب ليقدم إبنه.. موسى أيضا، من أجل الله ترك الأمارة، والقصر الملكى، والغنى والسيطرة " حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر" (عب 11: 26). والرسل قالوا للسيد المسيح "تركنا كل شئ وتبعناك".. وقال بولس الرسول "من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية، لكى أربح المسيح "(فى 3: 8). والبذل يصل إلى قمته عندما تبذل كل شئ: كالأرملة التى دفعت الفلسين، والأرملة التى أعطت كل طعامها فى المجاعة لإيليا النبى.. " بع كل مالك، وتعال أتبعنى، حاملاً الصليب "الله نفسه أعطانا مثال البذل " هكذا أحب الله العالم، حتى بذل إبنه الوحيد "، " ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه من أجل أحبائه" (يو 15: 13). والشهداء بذلوا دواتهم " ولم يحبوا حياتهم حتى الموت، من أجل محبتهم للسيد المسيح.المرجع: موقع كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت وأنت أيها العزيز.. ماذا بذلت من أجل المسيح، الذى من أجلك أخلى ذاته، وأخذ شكل العبد، ومات على الصليب؟ لست أطلب منك الآن أن تبذل من أجله الحياة كالشهداء (فلهذا الأمر زمان خاص) وإنماأهم شئ تتركه من أجله هو أن تترك خطاياك المحبوبة.
المحبة التى لا تبذل، هى محبة عاقر، بلا ثمر. المحبة أم ولود، تلد فضائل لا تعد، منها الحنان والعطف، ومنها كلمة التشجيع وكلمة العزاء، ومنها الإهتمام والرعاية، ومنها الغفران، ومنها السعى إلى خلاص النفس، وهذه هى المحبة الروحية.. ولعل من أهم ما يميز المحبة.. البذل. وهذا هو الفارق الكبير بين المحبة والشهوة: إن المحبة دائما تريد أن تعطى، والشهوة دائما تريد أن تأخذ. الشهوة تريد أن تأخذ، لأنها ممركزة حول الذات. أما المحبة فكما قال الرسول (لا تطلب ما لنفسها). المحبة التى لا تبذل، ليست هى محبة حقيقية.المرجع: موقع كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت المحبة تبذل كل شئ، لا تبخل بشئ على من تحب، مهما كان هذا الشئ ثمينا، ولازما لها، ومهما كان (من أعوازها). وأعظم ما يبذله الإنسان المحب، هو أن يبذل نفسه. وقد قال الرب: ليس حب أعظم من هذا، أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه. وقد ظهر هذا البذل فى عمقه على الصليب.. (كان يسوع المصلوب) هو ذبيحة حب.. وقد قال الكتاب (هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية) (يو 3: 16). إن كثيرين فى أسبوع الآلام يتأملون فى آلام المسيح. وآلام المسيح، لم تكن سوى نتيجة طبيعية لحبه (اقرأ مقالاً آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). الحب هنا هو الأصل. والألم هو المظهر.. ليتنا نتأمل محبته. التى عبر عنها بألمه. الشمعة التى تذوب، لكى تضئ للآخرين، هى أيضا تبذل ذاتها من أجل الغير، لذلك حسنا أننا نضع الشمعة أمام أيقونات القديسين.. إنها رمز. كذلك حبة البخور التى تبذل ذاتها، فى النار، لتعطى بخورا طيبا يصعد إلى الله.. إنها محرقة سرور للرب، وهى أيضا رمز..