الشريعة الاسلامية والاخوة فى الوطن

Coptic Man

ابن المـــــ†ـــــلك
مشرف سابق
إنضم
5 أكتوبر 2005
المشاركات
12,801
مستوى التفاعل
302
النقاط
83
الإقامة
Earth
رد على: صلوا من اجل اخو صحبتى

وكما هو واضح تدور جميع هذه الشروط على محور واحد وهو الحرص على التمييز في كل شيء تقريبا بين المسلم وغير المسلم، ولعل أسوأ وأخطر ما ورد في تلك الشروط هو ما اسماه الفقهاء بـ ( الغيار ) أي أمر الكفار بالتمييز عن المسلمين في كل شيء، فلا يلبسون لبس المسلمين من القلنسوة والعمامة ، ويمنعون من التلحي ، وتكون نعالهم مخالفة لنعال المسلمين ليحصل كمال التمييز وعدم المشابهة ( أحكام أهل الذمة : 508 ) وتجز نواصيهم، حيث وسم عمر من على رأسه شعر من أهل الذمة بوسم ينبغي ابتاعه وهو أن تجز نواصيهم ، والناصية مقدار ربع الرأس، فاذا كان ربعه محلوقا كان ظاهرا وأمرا مشهورا على أنه ذمي ( نفس المرجع :510 ) ويمنعون من ركوب الجياد ويكلفون ركب الحمير والبغال الا النفيسة منها التي يتزين بركوبها فانها في معنى الخيل ( نفس المرجع : 515 ) ويمنعون من تقلد السيوف فان السيوف عز لأهلها وسلطان ( 517 ) واذا دخلوا الحمام علقوا في رقابهم الاجراس ليعرفوا أنهم من أهل الذمة ( 519 ) ويمنعون من التكلم بكلام العرب لئلا يتشبهوا بهم ، فيلزموا التكلم بلسانهم ليعرفوا حين التكلم أنهم كفار ( 521 ) ويؤمرون بتوقير المسلمين في مجالسهم، فيقومون لهم عن المجلس اذا دخل المسلمون، فيكون للمسلم صدر المجلس وللذمي أدناه !! ( 527 ) الى آخر ما ورد في تلك الشروط ، وقد توسع ابن القيم في شرحها في كتابه أحكام أهل الذمة ..
وقد اتفق المسلمون على وجوب الزام الكفار بالغيار وانهم يمنعون من التشبه بالمسلمين في الاوجه السابقة ( 514 ) وهذا مذهب التابعين واصحاب المقالات من الفقهاء المتقدمين والمتأخرين ( 501 )
سادسا – الحرية الدينية للكافر :
كثر حديث الاسلاميين المعاصرين عن الحرية الدينية التي كان يتمتع بها غير المسليمن في ظل الاسلام، وسنحاول في هذه العجالة الاجابة على هذا السؤال البسيط :
هل كفل الاسلام الحرية الدينية للكفار غير المسلمين ؟؟
1- حرية ممارسة الشعائر الدينية : هل يملك الكافر غير المسلم الحرية الكاملة في ممارسة شعائره الدينية التي قد تختلف ( بل تتناقض احيانا ) مع الاسلام ؟؟
الجواب : نعم بشروط .. فللذميين الحق في اقامة شعائرهم الدينية ( كضرب النواقيس وقراءة التوارة والانجيل ) داخل معابدهم فقط ، ويمنعون من اظهارها خارجها ، اذ لا يصح اظهار شعائر تخالف شعائر الكفار لما في هذا الاظهار من معنى الاستخفاف بالمسلمين والمعارضة لهم، ولا يمنعون من ارتكاب المعاصي الّتي يعتقدون بجوازها ، كشرب الخمر ، واتّخاذ الخنازير وبيعها ، أو الأكل والشّرب في نهار رمضان ، وغير ذلك فيما بينهم ، أو إذا انفردوا بقريةٍ . ويشترط في جميع هذا ألاّ يظهروها ولا يجهروا بها بين المسلمين ، وإلاّ منعوا وعزّروا ، وهذا باتّفاق المذاهب ، فقد جاء في شروط أهل الذّمّة لعبد الرّحمن بن غنمٍ : " ألاّ نضرب ناقوساً إلاّ ضرباً خفيّاً في جوف كنائسنا ، ولا نظهر عليها صليباً ، ولا نرفع أصواتنا في الصّلاة ولا القراءة في كنائسنا ، ولا نظهر صليباً ولا كتاباً في سوق المسلمين " إلخ ( الموسوعة الفقهية الكويتية )
فمن تلك الشروط والقيود المفروضة على حرية الكافر في ممارسة شعائره الدينية :
1- ضرب النواقيس ضربا خفيفا في جوف الكنائس فقط ولا يسمح بضرب بالناقوس خارج الكنيسة .
2- المنع من اظهار الصليب علنا لأنه شعار الكفر ، فيمنعون من رفع الصليب فوق كنائسهم .
3- المنع من رفع اصواتهم في الصلاة والقراءة
4- المنع من اخراج الصليب أو الكتب المقدسة في أسواق المسلمين
5- المنع من اظهار اجتماعهم في اعيادهم الدينية كما يفعل المسلمون في الفطر والاضحى .
2- حرية الدعوة الى دينهم : من حق المسلم ، بل من واجبه أن يدعو الى دينه ، وله ان يستخدم القوة ضد من يمنعه من ذلك ، أما سائرعلاقاته الاجتماعية مع الكفار من عيادتهم في المرض وشهود جنائزهم وتعزيتهم وتهنئهم فمشروطة بالحرص على دعوتهم الى الاسلام ، ناهيك عن أن القرآن يتضمن نقدا صريحا وواضحا يصل احيانا الى حد الاهانة للكفار فهل يملك الكافر غير المسلم مثل هذا الحق من الدعوة الى دينه والترغيب فيه أو نقد الاسلام ؟؟
الجواب ببساطة شديدة : لا بالطبع .. بل ان ( الترغيب في دين الكفار والدعوة اليه من اولى الاشياء التي ينتقض بها العهد به ( أي عهد الذمة ) فانه حرب على الله ورسوله باللسان، وقد يكون اعظم من الحراب باليد ) ( أحكام أهل الذمة : 496 )
3- حرية بناء المعابد والكنائس : هل يحق للكفار غير المسلمين بناء معابد وكنائس خاصة بهم اسوة بالمسلمين ؟؟
الجواب عند الفقهاء وفق التفصيل التالي :
قسّم الفقهاء أمصار المسلمين على ثلاثة أقسامٍ :
الأوّل : ما اختطّه المسلمون وأنشئوه كالكوفة والبصرة وبغداد وواسط والقاهرة ، فلا يجوز فيه إحداث كنيسةٍ ولا بيعةٍ ولا مجتمعٍ لصلاتهم ولا صومعةٍ بإجماع أهل العلم لأنّ هذا البلد ملك للمسلمين فلا يجوز أن يبنوا فيه مجامع للكفر ، ولو عاقدهم الإمام على التّمكّن من ذلك فالعقد باطل .
الثّاني : ما فتحه المسلمون عنوةً ، فلا يجوز فيه إحداث شيءٍ من ذلك بالاتّفاق ، لأنّه صار ملكاً للمسلمين ، وما كان فيه شيء من ذلك هل يجب هدمه ؟ قال المالكيّة : وهو وجه عند الحنابلة : لا يجب هدمه ، لأنّ الصّحابة رضي الله عنهم فتحوا كثيراً من البلاد عنوةً فلم يهدموا شيئاً من الكنائس .
ويشهد لصحّة هذا وجود الكنائس والبيع في البلاد الّتي فتحها المسلمون عنوةً ، وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمّاله :" ألاّ يهدموا بيعةً ولا كنيسةً ولا بيت نارٍ ".
وفي الأصحّ عند الشّافعيّة ، وهو وجه عند الحنابلة : يجب هدمه ، فلا يقرّون على كنيسةٍ كانت فيه ، لأنّها بلاد مملوكة للمسلمين ، فلم يجز أن تكون فيها بيعة ، كالبلاد الّتي اختطّها المسلمون . وذهب الحنفيّة إلى أنّها لا تهدم ، ولكن تبقى بأيديهم مساكن ، ويمنعون من اتّخاذها للعبادة .
الثّالث : ما فتحه المسلمون صلحاً ، فإن صالحهم الإمام على أنّ الأرض لهم والخراج لنا ، فلهم إحداث ما يحتاجون إليه فيها من الكنائس عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة ، لأنّ الملك والدّار لهم ، فيتصرّفون فيها كيف شاءوا . وفي مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة : المنع ، لأنّ البلد تحت حكم الإسلام .
وإن صالحهم على أنّ الدّار لنا ، ويؤدّون الجزية
، فالحكم في الكنائس على ما يقع عليه الصّلح ، والأولى ألاّ يصالحهم إلاّ على ما وقع عليه صلح عمر رضي الله عنه من عدم إحداث شيءٍ منها . وإن وقع الصّلح مطلقاً ، لا يجوز الإحداث عند الجمهور : الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ويجوز في بلدٍ ليس فيه أحد من المسلمين عند المالكيّة .
ولا يتعرّض للقديمة عند الحنفيّة والحنابلة ، وهو المفهوم من كلام المالكيّة ، والأصحّ عند الشّافعيّة المنع من إبقائها كنائس . ( نقلا عن الموسوعة الفقهية الكويتية )
أما في ارض الحجاز فلا يجوز للكفار احداث الكنائس والمعابد بالاجماع ( اختلاف الفقهاء للطبري : 236 ) هذا في حين نجد المسلمين يتحمسون لمشروع استثنائي ويعتبرونه حق طبيعي لهم وهو بناء مسجد في الفاتيكان عاصمة البابوية الكاثوليكية !!!!!!!!!!!!
والان هل هناك عنصرية اكثر من هذا ؟؟
new5.gif

 

Coptic Man

ابن المـــــ†ـــــلك
مشرف سابق
إنضم
5 أكتوبر 2005
المشاركات
12,801
مستوى التفاعل
302
النقاط
83
الإقامة
Earth
رد على: صلوا من اجل اخو صحبتى

بنقل ما جاء في كتاب أحكام (أهل الذمة) لابن القيم الجوزية (تلميذ شيخ الاسلام ابن تيمية) , و ستكون المشاركة عبارة عن فقرات من الكتاب ,و سأذكر اسم الفصل بدلا من رقم الصفحة نظرا لاختلاف الطبعات فالطبعة التي عندي حديثة و ربما يكون عند غيري قديمة (أرقام الصفحات قد تختلف ,لكن موضوع الفصول لا يتغير) , و لن أقوم بكتابة كل محتوىالكتاب انما سأنقل ما يهمنا منه .
ملاحظة :
باللون الأخضر هو من عندي للتعليق أو للتوضيح)

عنوان الفصل :

هل أصل الجزية لعصمة الدم أو هل هي إذلال وعقوبة

والمسألة مبنية على حرف: وهو أن الجزية هل وضعت عاصمة للدم، أو مظهراً لصغار الكفر وإذلال أهله: فهي عقوبة.
فمن راعى فيها المعنى الأول قال: لا يلزم من عصمها لدم من خف كفره بالنسبة، غيره- وهم أهل الكتاب- أن تكون عاصمة لدم من يغلظ كفره.

ومن راعى فيها المعنى الثاني قال: المقصود إظهار صَغار الكفر(صغار من تصغير و تعني اذلال الشخص و جعله صاغر ذليل) وأهله وقهرهم؛ وهذا أمر لا يختصِ أهل الكتاب بلِ يعمِ كل كافر. قالوا: وقد أشار النص إلى هنا المعنى بعينه في قوله: (حتّى يُعْطُوا الْجِزْيةَ عنْ يد وَهُمْ صَاغِرُونَ) فالجزية صغار وإذلال. ولهذا كانت بمنزلة ضرب الرق. قالوا: وإذا جاز إقرارهم بالرق على كفرهم جاز إقرارهم عليه بالجزية بالأولى، لأن عقوبة الجزية أعظم من عقوبة الرق؛ ولهذا يسترق من لا تجب عليه الجزية من النساء والصبيان وغيرهم.(لاحظوا جيدا :يسترق من لا تجب عليه الجزية من النساء واصبيان و غيرهم )
فإِن قلتم: لا يسترق عين الكتابي- كما هي إحدى الروايتين عن أحمد- كنتم محجوجين بالسنة واتفاق الصحابة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسترق سبايا عبدة الأوثان، ويجوز لساداتهن وطأهن بعد انقضاء عدتهن، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه في قصة سبايا ( أوطاس )، وكانت في آخر غزوات العرب بعد فتح مكة، أنه قال: "لا توطأ حاملٌ حتى تضع، ولا حائلٌ حتى تستبرأ بحيضة ). فجوز وطأهن بعد الاستبراء ولم يشترط الإسلام.(الكلام واضح لا داعي للتعليق أوالشرح,و بالمناسبة يجوز للمسلم وطىء السبية حتى لو كان لها زوج لكن هذا ليس موضوعنا الآن).
وأكثر ما كانت سبايا الصحابة في عصر النبي من عبدة الأوثان، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقرهم على تملك السبي. وقد دفع أبو بكر الصديق إلى سلمة بن الأكوع رضي اللّه عنهما امرأة من السبي نفلها إياه، وكانت من عباد الأصنام، وأخذ عمر وابنه رضي اللّه عنهما من سبي (هوازن ) وكذلك غيرهما من الصحابة. وهذه الحنفية أم محمد بن علي بن أبي طالب من سبي بني حنيفة.
وفى الحديث: (من قال كذا وكذا فكأنما أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل ) ولم يكونوا أهل كتاب، بل أكثرهم من عبدة الأوثان.
قالوا: وإذا جاز المن على الأسير وإطلاقه بغير مال ولا استرقاق فلأَنْ يجوز إطلاقه بجزية توضع على رقبته، تكون قوة للمسلمين، أولى وأحرى. فضرْبُ الجزية عليه إن كان عقوبة فهو أولى بالجواز من عقوبة الاسترقاق، وإن كان عصمة فهو أولى بالجواز من عصمته بالمن عليه مجاناً، فإذا جاز إقامته بين المسلمين بغير جزية، فِإقامته بينهم بالجزية أجوزُ وأجوز، وإلا فيكون أحسن حالاً من الكتابي الذي لا يقيم بين أظهر المسلمين إلا بالجزية.
فإن قلتم: إذا مننا عليه ألحقناه بمأمنه، ولم نمكنه من الإِقامة بين المسلمين.
قيل: إذا جاز إلحاقه بمأمنه، حيث يكون قوة للكفار وعوناً لهم، وبصدد المحاربة لنا مجاناً، فلأن يجوز هذا في مقابلة مال يؤخذ منه يكون قوة للمسلمين وإذلالاً وصغاراً للكفر أولى وأولى.
يوضحه أنه إذا جازت مهادنتهم للمصلحة بغير مال ولا منفعة تحصل للمسلمين، فلأن يجوز أخذ المال منهم على وجه الذل والصغار وقوة المسلمين أولى. وهذا لا خفاء به.

يوضحه أن عبدة الأوثان إذا كانوا أمة كبيرة لا تحصى، كأهل الهند وغيرهم حيث لا يمكن استئصالهم بالسيف، فإذلالهم وقهرهم بالجزية أقرب إلى عز الإسلام وأهله وقوته من إبقائهم بغير جزية فيكونون أحسن حالاً من أهل الكتاب .(أي أنه لو كان بالامكان استئصالهم بالسيف لكان أفضل ,لكن بما أنه لا يمكن استئصالهم بالسيف لكثرة عددهم فيجب ذلهم بالجزية)

وسر المسألة أن الجزية من باب العقوبات، لا أنها كرامة لأهل الكتاب، فلا يستحقها سواهم.
وأما من قال: إن الجزية عوض عن سكنى الدار- كما يقوله أصحاب الشافعي- فهذا القول ضعيف من وجوه كثيرة سيأتي التعرض إليها فيما بعد إن شاء الله تعالى.
قالوا: ولأن القتل إنما وجب في مقابلة الحراب، لا في مقابلة الكفر: ولذلك لا يقتل النساء ولا الصبيان ولا الزمنى ولا العميان وَلا الرهبان الذين لا يقاتلون(لكن يجوز استرقاقهم كما جاء سابقا)، بل نقاتل من حاربنا.

وهذه كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل الأرض. كان يقاتل من حاربه إلى أن يدخل في دينه، أو يهادنه، أو يدخل تحت قهره بالجزية، وبهذا كان يأمر سراياه وجيوشه حاربوا أعداءهم كما تقدم من حديث بريدة. فإذا ترك الكفار محاربة أهل الإسلام وسالموهم وبذلوا لهم الجزية عن يد وهم صاغرون كان في ذلك مصلحة لأهل الإسلام وللمشركين.

أما مصلحة أهل الإسلام فما يأخذونه من المال الذي يكون قوة للإسلام مع صغار الكفر وإذلاله، وذلك أنفع لهم من ترك الكفار بلا جزية.
وأما مصلحة أهل الشرك فما في بقائهم من رجاء إسلامهم إذا شاهدوا أعلام الإسلام وبراهينه، أو بلغتهم أخباره، فلا بد أن يدخل في الإسلام بعضهم: وهذا أحب إلى اللّه من قتلهم، والمقصود إنما هو أن تكون كلمة اللّه هي العليا، ويكون الدين كله لله. وليس في إبقائهم بالجزية ما يناقض هدا المعنى، كما أن إبقاء أهل الكتاب بالجزية بين ظهور المسلمين لا ينافي كون كلمة الله هي العليا، وكون الدين كله لله، فإن من كون الدين كله لله إذلال الكفر وأهله وصغاره وضرب الجرية على رؤوس أهله، والرق على رقابهم، فهذا من دين الله، ولا يناقض هذا إلا ترك الكفار على عزهم وإقامة دينهم كما يحبون، بحيث تكون لهم الشوكة والكلمة(ترك الكفار على عزهم واقامة دينهم كما يحبون يناقض دين الله)- واللّه أعلم.
 
التعديل الأخير:

Coptic Man

ابن المـــــ†ـــــلك
مشرف سابق
إنضم
5 أكتوبر 2005
المشاركات
12,801
مستوى التفاعل
302
النقاط
83
الإقامة
Earth
رد على: صلوا من اجل اخو صحبتى

ما هي الجزية وتفسير آيتها

فلنرجع إلى الكلام في أحكام الجزية
قال تعالى (قَاتلوا الذينَ لا يُؤْمنُونَ بالله وَلاَ بالْيوَم الآخِر وَلاَ يُحَرمونَ مَا حَرمَ الله وِرَسُولهُ، وَلاَ يَدينونَ دَينَ الْحقَ مِنَ الذيَنَ أوتُوا الْكَتاب حتى يعطُواَ الجِزيَةَ عنْ يَدٍ وهُمْ صَاغِرونَ).
فالجزية هي الخراج المضروب على رؤوس الكفار إذلالاً وصغاراً. والمعنى: حتى يعطوا الخراج عن رقابهم.
واختلف في اشتقاقها، فقال القاضي في "الأحكام السلطانية": اسمها مشتق من الجزاء، إما جزاء على كفرهم لأخذها منهم صغاراً، أو جزاءً على أماننا لهم، لأخذها منهم رفقاً.
قال صاحب "المغنى": هي مشتقة من جزاه بمعنى قضاه، لقوله تعالى (لاَ تَجْزِى نَفْس عَنْ نَفْس شيء فتكون الجزية مثل الفدية. قال شيخنا: والأول أصح، وهذا يرجع إلى أنها عقوبة أو أجرة.
وأما قوله: (عن يد) فهو في موضع النصب على الحالي: أي يعطوها أذلاء مقهورين: هذا هو الصحيح في الآية
وقالت طائفة: المعنى: من يد إلى يد نقداً غير نسيئة: وقالت فرقة: من يده إلى يد الآخذ، لا باعثاً بها ولا موكلاً في دفعها. وقالت طائفة: معناه عن إنعام منكم عليهم بإقراركم لهم، وبالقبول منهم. والصحيح القول الأول، وعليه الناس.
وأبعد كل البعد ولم يصب مراد الله من قال: المعنى: عن يد منهم، أي عن قدرة على أدائها، فلا تؤخذ من عاجز عنها. وهذا الحكم صحيح، وحمل الآية عليه باطل، ولم يفسر به أحد من الصحابة ولا التابعين ولا سلف الأمة، وإنما هو من حذاقة بعض المتأخرين.
وقوله تعالى: (وَهُمْ صَاغرونَ ) حال أخرى، فالأول حال المسلمين في أخذ الجزية منهم، أن يأخذوها بقهر وعن يَد، والثاني حال الدافع لها أن يدفعها وهو صاغر ذليل.

واختلف الناس في تفسير "الصغار" الذي يكونون عليه وقت أداء الجزية فقال عكرمة: أن يدفعها وهو قائم، ويكون الآخذ جالساً. وقالت طائفة: أن يأتي بها بنفسه ماشياً لا راكباً. ويطال وقوفه عند إتيانه بها، ويجر إلى الموضع الذي تؤخذ منه بالعنف، ثم تجريده ويمتهن. وهذا كله مما لا دليل عليه، ولا هو مقتضى الآية، ولا نقل عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم فعلوا ذلك.
والصواب في الآية أن الصغار هو التزامهم لجريان أحكام الملة عليهم، وإعطاء الجزية، فإن التزام ذلك هو الصغار. وقد قال الإمام أحمد في رواية حنبل: كانوا يجرون في أيديهمِ، ويختمون في أعناقهم إذا لم يؤدوا الصغار الذي قال اللّه تعالى: (وَهمْ صَاغِرون). وهذا يدل على أن الذمي إذا بذل ما عليه والتزم الصغار لم يحتج إلى أن يجر بيده ويضرب. وقد قال في رواية مهنا بن يحيى: يستحب أن يتعبوا في الجزية. قال القاضي:ولم يرد تعذيبهم ولا تكليفهم فوق طاقتهم، وإنما أراد الاستخفاف بهم وإذلالهم . قمة المحبة و التسامح!!لا يريدون تعذيب أهل الذمة أو تكليفهم فوق طاقتهم ,انما فقط الاستخفاف بهم و اذلالهم

قلت: لما كانت يد المعطى العليا، ويد الآخذ السفلى، احترز الأئمة أن يكون الأمر كذلك في الجزية، وأخذوها على وجه تكون يد المعطى السفلى، ويد الآخذ العليا.
قال القاضي أبو يعلى: وفى هذا دلالة على أن هؤلاء ال ن ص ا رى الذين يتولون أعمال السلطان، ويظهر منهم الظلم والاستعلاء على المسلمين، وأخذ الضرائب، لا ذمة لهم، وأن دماءهم مباحة، لأن الله تعالى وصفهم بإعطاء الجزية على وجه الصغار والذل. وهذا الذي استنبطه القاضي من أصح الاستنباط، فإن اللّه سبحانه وتعالى مد القتال إلى غاية: وهى إعطاء الجزية مع الصغار، فإذا كانت حالة الن ص ر ا ن ي وغيره من أهل الجزية منافية للذل والصغار فلا عصمة لدمه ولا ماله، وليست له ذمة(اذا كان ال ن ص ر ا ن ي معزز مكرم فلا عصمة له !!!!قمة التسامح)، ومن هاهنا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه تلك الشروط التي فيها صغارهم وإذلالهم، وأنهم متى خرجوا عن شيء منها فلا عهد لهم ولا ذمة، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل الشقاق والمعاندة. وسنذكر إن شاء اللّه في آخر الجواب الشروط العمرية وشرحها.

انتهى الفصل
ملاحظة الفصول ليست بالترتيب لأن هنالك فصول لا تهمنا و لا تتعلق بوضع الذميين مثل فصل ((فرق بين أهل الكتاب وأهل الأوثان)) أو مثلا ((تحريم ذبائح المجوس وتحريم مناكحتهم)).
 
التعديل الأخير:

Coptic Man

ابن المـــــ†ـــــلك
مشرف سابق
إنضم
5 أكتوبر 2005
المشاركات
12,801
مستوى التفاعل
302
النقاط
83
الإقامة
Earth
رد على: صلوا من اجل اخو صحبتى

أصل وضع الجزية وأنها ليست أجرة

قد تبين بما ذكرنا أن الجزية وضعت صغاراً وإذلالاً للكفار، لا أجرة عن سكنى الدار، وذكرنا أنها لو كانت أجرة لوجبت على النساء والصبيان والزمنى والعميان، ولو كانت أجرة لما أنفت منها العرب من ن ص ا ر ى بني تغلب وغيرهم، والتزموا ضعف ما يؤخذ من المسلمين من زكاة أموالهم. ولو كانت أجرة لكانت مقدرة المدة كسائر الإجارات. ولو كانت أجرة لما وجبت بوصف الإذلال والصغار. ولو كانت أجرة لكانت مقدرة بحسب المنفعة، فإن سكنى الدار قد تساوى في السنة أضعاف أضعاف الجزية المقدرة. ولو كانت أجرة لما وجبت على الذمي أجرة دار أو أرض يسكنها إذا استأجرها من بيت المال. ولو كانت أجرة لكَان الواجب فيها ما يتفق عليه المؤجر والمستأجر. وبالجملة، ففساد هذا القول يعلم من وجوه كثيرة.
 
التعديل الأخير:

Coptic Man

ابن المـــــ†ـــــلك
مشرف سابق
إنضم
5 أكتوبر 2005
المشاركات
12,801
مستوى التفاعل
302
النقاط
83
الإقامة
Earth
رد على: صلوا من اجل اخو صحبتى

كتاب احكام اهل الذمة

اضغط هنااااا
 
أعلى