ليليان نبيل
الشبشب المقلوب والمقص المفتوح:معتقدات بالية مازالت تهدد حياتنا!!
ممنوع الكنس بالليل لحسن تزعج الملائكة...بلاش يكون الشبشب مقلوب لأنه بيجيب النحس...اوعي تشغل المقص عمال علي بطال لأنه فال وحش...وما تدخلش علي مراتك الوالدة بكيس لحمة علشان تكون الرضاعة طبيعية...وغيرها وغيرها,عادات ومعتقدات يتم ممارستها دون وعي من قبل شرائح مختلفة من الناحية العمرية والثقافية دون أن يتوقف أحد أمامها ويتأملها...ليسأل ما مرجعيتها ودلالاتها وجداوها؟.لذا قمنا بعمل استطلاع رأي لبعض الفئات للوقوف علي رأيها في هذه الظواهر والسلوكيات وإن كان جميعهم قد اتفق علي أنه يتم إتباع ذلك السلوك بصورة تلقائية وبعفوية دون إدراك,فما أصل هذه البدع؟ وكيف تسللت إلي حياتنا بهذه الصورة في ظل القرن الحادي والعشرين ودخول عصر التكنولوجيا والإنترنت؟!
يقول الدكتور سمير عبد الفتاح -أستاذ علم النفس جامعة عين شمس- إن هذه المعتقدات قد شغلت العقل البشري منذ بدء تكوين المجتمعات الإنسانية وبالتحديد المدنية منها,ولازالت تحوم في ذهنه فالاحتياجات النفسية والفكرية والذهنية ومتطلباته الوجدانية المرتبطة بواقعه الحياتي تدفعه إلي البحث عما هو غير مادي ويكمن في الغيب,الأمر الذي يجعله يعيش حالة من الاغتراب بحيث يهرب من الواقع والضغوط التي يفرضها عليه.
يذكر الدكتور ثروت إسحق -أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس- أن أسباب إتباع هذه العادات والتقاليد تتمثل في أنها تشكل جزءا من التراث الشعبي,ولهذا فهي قوية وراسخة في أذهان الكثيرين وليس من السهل اختفاؤها فجأة حيث يساعد علي استمرارها انتشار الغيبيات من أفكار سحرية ومعتقدات بالية داخل مجتمعنا الشرقي وبخاصة في الريف والمناطق الصحراوية والأحياء الشعبية في المدن.إضافة إلي زيادة معدل الأمية التي تعد العامل الأساسي فتتمثل عادة في النساء ربات البيوت اللاتي لا يحتككن بالمجتمع المستنير بصورة مستمرة,لذا يعتقدن في مثل هذه الغيبيات غير المبررة وغير المنطقية بصورة كبيرة مما يضمن استمرارية الموروث الشعبي.
ويضيف د.ثروت أن تاريخ المجتمعات العربية يشهد بأن العادات والتقاليد الموروثة بدأت منذ أن عاش الإنسان الأول علي الأرض,وبدأ في نسب إنفعالاته إلي مسببات خارجية دون إدراك.فقد كان القدماء المصريون علي سبيل المثال يتفاءلون باليمين باعتباره دليل القوة والسلطة ويتشاءمون من اليسار إيمانا منهم بأنه رمز للضعف,هذا وقد كانوا يؤمنون بالحسد ويعملون علي حماية أنفسهم وأسرهم منه من خلال استخدام الأموليت أي الحجاب -في ذلك الوقت- لاعتقادهم أنه يجلب الحظ الحسن ويبعد الشر.أيضا استخدام العين في منتصف كف اليد للحماية من الشر,ويبدو أن مثل هذه العادات القديمة قد توارثتها الأجيال دون الوعي بمدي صحة ذلك.
وعلي الرغم من أننا في عصر التكنولوجيا والإنترنت وفي القرن الحادي والعشرين إلا أن الكثيرين كما ذكرنا يؤمنون بهذه الغيبيات البعيدة كل البعد عن أصول العولمة والتكنولوجيا فهم فئات بعيدة عن الحداثة والتنمية الفكرية أي مازالوا يعيشون ويستأثرون بمعتقدات الزمن القديم,ولهذا يسهل استبقاء ذلك الموروث الشعبي من عادات وتقاليد وأعراف تتغير ببطء شديد.
ومع أن الكثير من هذه المعتقدات لا يتقبلها العقل ولا المنطق لكن بحكم صدورها عن كبار السن في العائلة فهي تصبح قوانين مقبولة,وهنا يتضح قول أحد علماء الاجتماع وليم اوجبران بإطلاقه علي هذه الظاهرة ما يعرف بالهوة الثقافية أي يكون الإنسان في تقدم من النواحي المادية والتكنولوجية لكن في الوقت نفسه لديه تخلف في النواحي المعرفية والفكرية.
ويختتم د.ثروت حديثه بأننا كلما اتجهنا لتحرير كل ما هو تقليدي سعيا وراء تحقيق رغبات ليست بالأمر الصعب يجب ألا ننظر لما تفرضه علينا طبيعة مجتمعنا الشرقي من عادات وتقاليد تجعلنا أسري هذه الخرافات.وأن يضع الإنسان هذه المعتقدات في موضع التفكير ويعلم أنها اعتقادات خاطئة تتناقل بين الأجيال من لا شئ!! حتي لا نقع فريسة للخرافات والشعوذة.