♡♡♡♡♡السلام♡♡♡♡♡
الباب الأول: التعريف والمصطلحات الكتابية
تعريف السلام في المفهوم الكتابي.
الكلمات العبرية واليونانية المستخدمة في الكتاب المقدس (مع أرقام سترونج).
الفروق بين المصطلحات المختلفة المرتبطة بالسلام.
الباب الثاني: السلام في العهد القديم
كيف يُستخدم السلام في العهد القديم؟
أمثلة كتابية من العهد القديم توضّح مفهوم السلام.
ارتباط السلام بالعهد مع الله.
الباب الثالث: السلام في العهد الجديد
كيف تطور مفهوم السلام في العهد الجديد؟
أمثلة من تعليم المسيح عن السلام.
السلام كعطية من الروح القدس.
الباب الرابع: أبعاد السلام
السلام مع الله.
السلام الداخلي.
السلام مع الآخرين.
السلام في المجتمع والعالم.
الباب الخامس: تطبيقات روحية وعملية
كيف نحصل على السلام الحقيقي؟
السلام في أوقات الضيق والتجربة.
دور المؤمن في نشر السلام.
الباب السادس: التحليل اللاهوتي والبلاغي
تحليل نصوص مختارة حول السلام.
استخدام المجاز والصور البلاغية في التعبير عن السلام.
علاقة السلام بالخلاص والمحبة والعدل.
الباب السابع: الخاتمة والاستنتاجات
ملخص شامل لأهم النقاط.
دعوة كتابية للحياة في السلام.
........
سأبدأ الآن بكتابة الباب الأول: التعريف والمصطلحات الكتابية، وسأحرص على تقديمه بتوسع وثراء.
---
الباب الأول: التعريف والمصطلحات الكتابية
الفصل الأول: تعريف السلام في المفهوم الكتابي
المعنى العام للسلام
السلام ليس مجرد غياب النزاع أو الاضطراب، بل هو حالة من الاكتمال، الطمأنينة، والاستقرار التي تأتي من الله. في المفهوم الكتابي، السلام يشمل العلاقة الصحيحة مع الله، ومع النفس، ومع الآخرين.
يظهر السلام في الكتاب المقدس كمفهوم إلهي عميق يتجاوز المشاعر المؤقتة ليكون حالة روحية وأخلاقية دائمة. فالله نفسه يُدعى "إله السلام" (رومية 15: 33)، والمسيح يُدعى "رئيس السلام" (إشعياء 9: 6).
السلام في السياق اللاهوتي
يتضمن السلام في الكتاب المقدس ثلاثة جوانب رئيسية:
1. السلام مع الله – الذي يأتي بالمصالحة بين الإنسان والله من خلال المسيح.
2. السلام الداخلي – راحة القلب والذهن الناتجة عن الثقة في الله.
3. السلام مع الآخرين – التوافق والعلاقات الصحيحة المبنية على المحبة والعدل.
يُعتبر السلام في الكتاب المقدس عطية إلهية، لكنه أيضًا مسؤولية شخصية، إذ يُطلب من المؤمنين أن "يسعوا إلى السلام مع الجميع" (عبرانيين 12: 14).
---
الفصل الثاني: الكلمات العبرية واليونانية المستخدمة في الكتاب المقدس
أولًا: السلام في العهد القديم (الكلمات العبرية)
1. شَالُوم (שָׁלוֹם) – سترونج H7965
هذه الكلمة هي الأكثر استخدامًا وتعني: الكمال، الطمأنينة، الوفرة، البركة، الازدهار، والصحة الجيدة.
تُستخدم للإشارة إلى السلام بين الأفراد، بين الأمم، وبين الإنسان والله.
في العهد القديم، السلام الحقيقي يأتي عندما يكون الإنسان في علاقة صحيحة مع الله، وهو مرتبط بـ العهد الإلهي.
أمثلة كتابية:
"يباركك الرب ويحرسك. يضيء الرب بوجهه عليك ويرحمك. يرفع الرب وجهه نحوك ويمنحك سلامًا (شالوم)" (عدد 6: 24-26).
"الرب يعطي قوة لشعبه، الرب يبارك شعبه بالسلام (شالوم)" (مزمور 29: 11).
2. شَالَم (שָׁלַם) – سترونج H7999
الجذر الأساسي لكلمة "شالوم"، ويعني إتمام، دفع، تعويض، اكتمال.
يُستخدم للدلالة على رد الحقوق أو إتمام العهود، مما يوضح أن السلام في الكتاب المقدس ليس مجرد شعور، بل هو حالة من الكمال والوفاء بالعهود.
مثال: "إذا سرق أحد بقرة أو شاة وذبحها أو باعها، فعليه أن يعوض (يشالِّم) خمس بقرات عن البقرة وأربع شياه عن الشاة" (خروج 22: 1).
3. شِلْوَه (שִׁלְוָה) – سترونج H7962
تعني الراحة، الاطمئنان، الرخاء.
تُستخدم غالبًا للإشارة إلى حالة الهدوء والطمأنينة الداخلية.
مثال: "طُرُقُهم تُؤَدِّي إِلَى الطُّمَأْنِينَةِ (شِلْوَه)، وَكُلُّ سُبُلِهِمْ إِلَى السَّلاَمِ" (أمثال 3: 17).
---
ثانيًا: السلام في العهد الجديد (الكلمات اليونانية)
1. إيريني (εἰρήνη) – سترونج G1515
الكلمة اليونانية الرئيسية للسلام، وتعني الانسجام، الطمأنينة، المصالحة، والراحة.
تُستخدم لترجمة "شالوم" في السبعينية (الترجمة اليونانية للعهد القديم).
تعني السلام الناتج عن علاقة صحيحة مع الله من خلال المسيح، كما في:
"فإذ قد تبررنا بالإيمان، لنا سلام (إيريني) مع الله بربنا يسوع المسيح" (رومية 5: 1).
"سلامي أترك لكم، سلامي (إيريني) أعطيكم" (يوحنا 14: 27).
2. هسيكيا (ἡσυχία) – سترونج G2271
تعني الهدوء والسكينة، وهي قريبة من مفهوم السلام الداخلي.
تُستخدم في السياق الروحي للإشارة إلى حياة هادئة مليئة بالثقة في الله.
مثال: "فلنسعَ أن نحيا حياة هادئة (هسيكيا) ونهتم بشؤوننا" (1 تسالونيكي 4: 11).
3. إييرينوبويوس (εἰρηνοποιός) – سترونج G1518
تعني صانع السلام، وتستخدم للإشارة إلى الذين يعملون على نشر السلام بين الناس.
مثال: "طوبى لصانعي السلام (إييرينوبويوي)، لأنهم أبناء الله يُدعون" (متى 5: 9).
---
الفصل الثالث: الفروق بين المصطلحات المختلفة للسلام
1. "شالوم" في العهد القديم مقابل "إيريني" في العهد الجديد
"شالوم" يشير إلى السلام كحالة اكتمال وعهد، بينما "إيريني" يشير إلى المصالحة والسلام الداخلي من خلال المسيح.
"شالوم" يرتبط بشكل وثيق بالعهد الإلهي، بينما "إيريني" يركز على الخلاص من خلال المسيح.
2. الفرق بين "هسيكيا" و"إيريني"
"هسيكيا" تعني الهدوء الداخلي والسكينة، وهي قريبة من مفهوم راحة الذهن.
"إيريني" تعني السلام كحالة شاملة، سواء مع الله أو النفس أو الآخرين.
3. الفرق بين "شالوم" و"شلوه"
"شالوم" يشير إلى السلام الكامل الشامل، بينما "شلوه" يشير إلى السلام الداخلي والطمأنينة الشخصية.
---
خلاصة الباب الأول
السلام في الكتاب المقدس ليس مجرد غياب النزاع، بل هو اكتمال ووفاء بالعهود وعلاقة صحيحة مع الله.
المصطلحات العبرية واليونانية تكشف عن أبعاد مختلفة للسلام، من العهد مع الله إلى الطمأنينة الداخلية.
السلام في العهد الجديد يتجلى في شخص المسيح الذي أعطى سلامًا حقيقيًا ودائمًا.
---
الباب الثاني: السلام في العهد القديم
الفصل الأول: مفهوم السلام في العهد القديم
1. السلام كمفهوم إلهي
السلام في العهد القديم ليس مجرد راحة أو عدم وجود صراعات، بل هو حالة من الكمال والبركة التي يعطيها الله لمن يسلك في عهده. يُستخدم مصطلح "شالوم" (שָׁלוֹם) ليعبر عن السلام بمعناه الشامل، حيث يشمل:
السلام مع الله: وهو يتحقق بطاعة وصاياه.
السلام مع النفس: وهو راحة القلب والطمأنينة التي تأتي من الثقة في الله.
السلام مع الآخرين: وهو الانسجام والعدل في العلاقات البشرية.
السلام الاجتماعي والسياسي: حيث يرتبط بالحكم العادل والاستقرار الوطني.
2. السلام وعلاقته بالعهد الإلهي
في العهد القديم، السلام ليس مجرد حالة شعورية، بل هو نتيجة مباشرة لعلاقة الإنسان بالله. فعندما يكون الشعب في طاعة لله، ينعم بالسلام؛ وعندما يعصونه، يفقدونه. هذا يظهر بوضوح في البركات واللعنات التي أعطاها الله لشعب إسرائيل:
"وَأُعْطِي سَلَامًا فِي الأَرْضِ، فَتَنَامُونَ وَلَا يُخِيفُكُمْ أَحَدٌ" (لاويين 26: 6) – السلام هنا نتيجة للطاعة.
"لَا سَلَامَ قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" (إشعياء 48: 22) – العصيان يؤدي إلى فقدان السلام.
3. السلام وعلاقته بالعدل والبر
السلام في العهد القديم مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعدل، فلا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي بدون بر. يُستخدم تعبير "سلام وعدل" معًا في مواضع كثيرة، مثل:
"يَنْبُتُ فِي أَيَّامِهِ الْبِرُّ وَكَثْرَةُ السَّلَامِ" (مزمور 72: 7).
"أَمَّا ثَمَرُ الْبِرِّ فَهُوَ سَلَامٌ" (إشعياء 32: 17).
يُظهر هذا أن السلام ليس مجرد غياب الصراع، بل هو نتيجة لحياة مستقيمة في طاعة الله.
---
الفصل الثاني: أمثلة كتابية عن السلام في العهد القديم
1. السلام كبركة إلهية
الله يُعطي السلام لشعبه كجزء من بركاته، كما نرى في بركة هارون:
"يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ. يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ نَحْوَكَ وَيَمْنَحُكَ سَلَامًا" (عدد 6: 25-26).
هذه البركة توضح أن السلام ليس مجرد هدوء، بل هو نعمة إلهية تعكس حضور الله وحمايته.
2. السلام في زمن الملوك والقضاء
في زمن داود وسليمان، كان السلام علامة على حكم الله العادل:
"وَكَانَ الْيَهُودُ وَإِسْرَائِيلُ سَالِمِينَ كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتِينَتِهِ" (1 ملوك 4: 25).
السلام هنا هو نتيجة الحكم الإلهي الصالح، لكنه لم يكن دائمًا بسبب خطايا الشعب.
في زمن الأنبياء، كان فقدان السلام علامة على الدينونة:
"نَظَرْتُ إِلَى الأَرْضِ فَإِذَا هِيَ خَرِبَةٌ وَخَالِيَةٌ" (إرميا 4: 23).
عندما يبتعد الشعب عن الله، يفقد السلام ويواجه الخراب.
3. السلام في نبوات المسيّا
السلام في العهد القديم له بُعد نبوي يشير إلى المسيح، رئيس السلام:
"لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ... وَيُدْعَى اسْمُهُ رَئِيسُ السَّلَامِ" (إشعياء 9: 6).
المسيح هو الذي سيجلب السلام الحقيقي بين الله والإنسان، كما نبأ الأنبياء.
---
الفصل الثالث: السلام بين الله والإنسان في العهد القديم
1. كيف يحصل الإنسان على السلام؟
لكي يحصل الإنسان على السلام في العهد القديم، كان عليه أن:
يسلك في طرق الرب: "كَثِيرُونَ لِمُحِبِّي شَرِيعَتِكَ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَعْثَرَةٌ" (مزمور 119: 165).
يقدم الذبائح ويتبع الناموس: الذبائح في العهد القديم كانت وسيلة للمصالحة مع الله، وبالتالي لاستعادة السلام.
2. عندما يفقد الإنسان السلام
العصيان والخطية كانا يؤديان إلى فقدان السلام، كما في قصة قايين:
"هَائِمًا وَتَائِهًا تَكُونُ فِي الأَرْضِ" (تكوين 4: 12).
الملك شاول كان مثالًا لمن فقد السلام بسبب تمرده على الله:
"وَرُوحُ الرَّبِّ فَارَقَ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ" (1 صموئيل 16: 14).
عندما ابتعد عن الله، فقد الطمأنينة وسلامه الداخلي.
3. السلام الحقيقي يأتي من الله وحده
السلام ليس مجرد ظروف مريحة، بل حالة داخلية يضعها الله في القلوب.
"أَنْتَ تَحْفَظُ فِي سَلَامٍ تَامٍّ مَنْ يَثِقُ بِكَ" (إشعياء 26: 3).
---
خلاصة الباب الثاني
السلام في العهد القديم هو بركة إلهية تأتي من الطاعة لله.
فقدان السلام كان نتيجة للخطية والابتعاد عن الرب.
السلام مرتبط بالعهد الإلهي، وهو جزء من خطته لفداء الإنسان.
نبوات العهد القديم أشارت إلى المسيح باعتباره "رئيس السلام" الذي سيحقق المصالحة الحقيقية.
--
الباب الثالث: السلام في العهد الجديد
الفصل الأول: تطوّر مفهوم السلام في العهد الجديد
1. انتقال السلام من العهد القديم إلى العهد الجديد
في العهد القديم، كان السلام مرتبطًا بالعهد بين الله وشعبه، وكان يتحقق بالطاعة للناموس. أما في العهد الجديد، فقد جاء المسيح ليُظهر السلام كحالة روحية داخلية وعلاقة جديدة مع الله من خلال الفداء.
أهمّ ما يميز السلام في العهد الجديد:
لم يعد السلام مجرد حالة سياسية أو اجتماعية، بل صار سلامًا داخليًا نابعًا من العلاقة بالمسيح.
المصالحة مع الله أصبحت أساس السلام، لأن الخطيئة كانت العائق الأساسي أمامه.
السلام في العهد الجديد هو عطية الروح القدس، وليس مجرد حالة خارجية تعتمد على الظروف.
يقول المسيح:
"سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ، سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ، لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا" (يوحنا 14: 27).
هذا يعني أن السلام الذي يقدمه المسيح أعمق من السلام الأرضي، وهو سلام داخلي يتجاوز الظروف الخارجية.
2. السلام كأحد نتائج الفداء
في العهد الجديد، أصبح السلام مرتبطًا بالمصالحة بين الله والإنسان. كان الإنسان في حالة عداوة مع الله بسبب الخطيئة، لكن بموت المسيح على الصليب تم تحقيق السلام الحقيقي:
"إِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ، لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 5: 1).
"لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ مِنَ الاِثْنَيْنِ وَاحِدًا وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ" (أفسس 2: 14).
المسيح لم يأتِ ليعطي فقط سلامًا زمنيًا، بل جاء ليحقق السلام الروحي والمصالحة مع الله، وهذا ما يجعله مختلفًا عن أي سلام آخر.
---
الفصل الثاني: تعاليم المسيح عن السلام
1. المسيح "رئيس السلام"
في إشعياء 9: 6، تنبأ النبي عن المسيح بأنه "رئيس السلام"، وهذا يعني:
هو مصدر السلام الحقيقي.
سلامه يتجاوز مجرد الراحة الجسدية أو الاستقرار السياسي.
يعطي سلامًا يعالج الجذور العميقة للصراعات، وهي الخطيئة والعداوة مع الله.
2. السلام ليس غياب الصراع بل موقف روحي
قال المسيح:
"لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِي سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ، مَا جِئْتُ لأُلْقِي سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا" (متى 10: 34).
هذا لا يعني أن المسيح جاء لنشر الحرب، بل أنه يعلم أن دعوته ستؤدي إلى انقسام بسبب رفض البعض له. السلام الذي يقدمه المسيح يتطلب قرارًا شخصيًا بقبوله، وهذا القرار قد يسبب صراعًا مع العالم.
3. طوبى لصانعي السلام
قال يسوع في الموعظة على الجبل:
"طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللَّهِ" (متى 5: 9).
هذا يوضح أن السلام في العهد الجديد ليس شيئًا سلبيًا (مجرد غياب الصراع)، بل هو عمل نشط لصنع السلام بين الناس، ونشر المصالحة بينهم وبين الله.
---
الفصل الثالث: دور الروح القدس في تحقيق السلام
1. السلام كأحد ثمار الروح القدس
عندما يقبل الإنسان المسيح، يعمل الروح القدس في قلبه ليمنحه السلام الداخلي. هذا واضح في غلاطية 5: 22:
"أَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ".
السلام هنا هو نتيجة مباشرة لعمل الروح القدس في حياة المؤمن.
2. الروح القدس يقود إلى السلام
قال بولس الرسول:
"لِيَمْلَأْكُمْ إِلَهُ الرَّجَاءِ بِكُلِّ فَرَحٍ وَسَلاَمٍ** فِي الإِيمَانِ، لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ"** (رومية 15: 13).
وهذا يعني أن السلام لا يأتي من الإنسان نفسه، بل هو نتيجة عمل الله في حياته من خلال الروح القدس.
---
الفصل الرابع: السلام في حياة المؤمنين
1. السلام في مواجهة الضيقات
قال يسوع:
"قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يوحنا 16: 33).
المؤمن يواجه صعوبات في العالم، لكن يمكنه أن يعيش في سلام داخلي رغم الضيق، لأن ثقته ليست في الظروف، بل في المسيح الغالب.
2. السلام في العلاقات مع الآخرين
قال بولس:
"إِنْ كَانَ مُمْكِنًا، فَبِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْكُمْ، سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ" (رومية 12: 18).
هذا يعني أن السلام ليس مجرد حالة داخلية، بل يجب أن يظهر في العلاقات مع الآخرين.
3. السلام في الكنيسة
كان السلام أحد السمات الأساسية للكنيسة الأولى:
"وَكَانَتِ الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فِي سَلاَمٍ" (أعمال 9: 31).
الكنيسة مدعوة إلى أن تكون مكانًا للسلام والمصالحة بين المؤمنين.
---
خلاصة الباب الثالث
السلام في العهد الجديد يرتكز على عمل المسيح الفدائي، وليس على الظروف الخارجية.
المسيح هو "رئيس السلام"، وسلامه ليس كما يعطي العالم.
الروح القدس يعمل في المؤمن ليعطيه سلامًا يفوق كل عقل.
السلام يظهر في العلاقات بين المؤمنين، وفي مواجهة ضيقات الحياة.
---
الباب الرابع: أبعاد السلام
الفصل الأول: البعد اللاهوتي للسلام
1. السلام كمظهر من مظاهر طبيعة الله
الله نفسه هو مصدر السلام، بل يُطلق عليه الكتاب المقدس لقب "إِلَهُ السَّلاَمِ":
"وَإِلَهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ سَرِيعًا" (رومية 16: 20).
"وَإِلَهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ" (1 تسالونيكي 5: 23).
هذا يعني أن السلام ليس مجرد حالة نفسية أو اجتماعية، بل هو صفة إلهية تنبع من قداسة الله ومحبته وعدله.
2. السلام جزء من خطة الله للفداء
منذ السقوط في الخطية، كان الإنسان في حالة عداوة مع الله، ولكن خطة الفداء كانت تهدف إلى استعادة السلام بين الله والإنسان:
"وَصَنَعَ السَّلاَمَ بِدَمِ صَلِيبِهِ" (كولوسي 1: 20).
"إِذْ كُنَّا أَعْدَاءً، قَدْ صَالَحَنَا اللَّهُ بِمَوْتِ ابْنِهِ" (رومية 5: 10).
المسيح هو الذي حقق المصالحة وجلب السلام الأبدي، بحيث لم يعد السلام مجرد بركة زمنية، بل صار واقعًا روحيًا دائمًا للمؤمنين.
---
الفصل الثاني: البعد الروحي للسلام
1. السلام كحالة داخلية نابعة من العلاقة مع الله
قال بولس الرسول:
"وَسَلاَمُ اللَّهِ، الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (فيلبي 4: 7).
هذا السلام ليس مرتبطًا بالظروف، بل هو سلام داخلي يفوق الفهم البشري، ويحفظ القلب من الاضطراب والقلق.
2. السلام والاتكال على الله
الإنسان الذي يثق في الله يعيش في سلام مستمر، حتى وسط التجارب:
"أَنْتَ تَحْفَظُ فِي سَلاَمٍ تَامٍّ مَنْ يَثِقُ بِكَ" (إشعياء 26: 3).
"لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَا نَفْسِي؟ تَرَجَّي اللَّهَ" (مزمور 42: 5).
السلام الروحي هو نتاج حياة الإيمان والاتكال الكامل على الله، وليس نتيجة عدم وجود مشاكل.
---
الفصل الثالث: البعد الأخلاقي للسلام
1. السلام والبرّ
السلام في الكتاب المقدس ليس ممكنًا بدون البرّ، وهذا يظهر بوضوح في:
"أَمَّا ثَمَرُ الْبِرِّ فَهُوَ سَلاَمٌ" (إشعياء 32: 17).
"طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لِأَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللَّهِ" (متى 5: 9).
يُظهر هذا أن السلام ليس مجرد غياب الصراع، بل هو حياة مستقيمة مملوءة بالبرّ والحق.
2. السلام كالتزام أخلاقي
المسيحي مدعو إلى أن يكون صانع سلام في العالم، وهذا يعني:
نشر المصالحة بين الناس.
السعي للعدالة والحق.
تقديم الغفران للآخرين بدلًا من الانتقام.
قال بولس:
"لَا تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ... إِنْ كَانَ مُمْكِنًا، فَبِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْكُمْ، سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ" (رومية 12: 18).
---
الفصل الرابع: البعد الاجتماعي والسياسي للسلام
1. السلام في المجتمع
الكتاب المقدس يدعو إلى نشر السلام في المجتمع، ويشجع على العدل والمصالحة بين الناس:
"اطْلُبُوا سَلاَمَ الْمَدِينَةِ الَّتِي سَبَاكُمْ إِلَيْهَا، وَصَلُّوا لأَجْلِهَا" (إرميا 29: 7).
"مَلِكُ الْعَدْلِ سَيَحْكُمُ بِالْحَقِّ وَيُؤَسِّسُ سَلاَمًا دَائِمًا" (إشعياء 9: 7).
2. السلام والعدالة الاجتماعية
لا يمكن تحقيق سلام حقيقي في المجتمع دون عدل، وهذا مبدأ كتابي واضح:
"لَا يَكُونُ سَلاَمٌ لِلأَشْرَارِ" (إشعياء 48: 22).
"لِتَسِرِ الْحَقِّ كَالنَّهْرِ وَالْعَدْلُ كَسَيْلٍ دَائِمٍ" (عاموس 5: 24).
السلام في المجتمع ليس مجرد عدم وجود صراعات، بل هو نتيجة تحقيق العدل والمساواة، وهو ما تتحدث عنه النبوات المسيانية.
---
الفصل الخامس: البعد المستقبلي للسلام
1. السلام في الملكوت الأبدي
الكتاب المقدس يتحدث عن ملكوت الله الأبدي باعتباره ملكوت سلام، حيث لن يكون هناك حزن أو حروب بعد الآن:
"وَيَمْسَحُ اللَّهُ كُلَّ دَمْعَةٍ، وَلَا يَكُونُ مَوْتٌ وَلاَ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ بَعْدُ" (رؤيا 21: 4).
"يَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْحَمَلِ... وَلاَ يَكُونُونَ فِي جَبَلِ قُدْسِي مَا يُؤْذِي وَلاَ يُهْلِكُ" (إشعياء 11: 6-9).
2. السلام الكامل في حضور الله
السلام النهائي هو السلام الأبدي الذي سيمنحه الله لمختاريه في الحياة الأبدية، حيث لا يكون هناك أي نوع من الصراعات أو الألم.
---
خلاصة الباب الرابع
السلام في الكتاب المقدس له أبعاد متعددة، منها اللاهوتي، الروحي، الأخلاقي، والاجتماعي.
الله هو إله السلام، وهو المصدر الوحيد للسلام الحقيقي.
السلام ليس مجرد شعور داخلي، بل هو حياة مستقيمة تتجلى في علاقتنا بالله والناس.
المؤمن مدعو ليكون صانع سلام، وأن ينشر المصالحة والعدل في المجتمع.
السلام الكامل سيتم تحقيقه في الملكوت الأبدي.
---
الباب الخامس: تطبيقات السلام في الحياة المسيحية
الفصل الأول: السلام في العلاقة مع الله
1. قبول سلام الله بالإيمان
السلام مع الله لا يأتي من أعمال الإنسان، بل هو عطية إلهية تُقبل بالإيمان:
"إِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ، لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 5: 1).
2. الحفاظ على السلام الداخلي من خلال الصلاة والشكر
قال بولس الرسول:
"لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللَّهِ" (فيلبي 4: 6).
هذا يعني أن السلام الداخلي لا يتحقق فقط بمعرفة الحقائق الإيمانية، بل أيضًا بالتواصل الدائم مع الله في الصلاة والاتكال عليه في كل الظروف.
3. السلوك بالثقة في الله
المؤمن الذي يعيش في سلام حقيقي هو الذي يثق في محبة الله ورعايته:
"أَنْتَ تَحْفَظُ فِي سَلاَمٍ تَامٍّ مَنْ يَثِقُ بِكَ" (إشعياء 26: 3).
"أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ" (مزمور 55: 22).
---
الفصل الثاني: السلام في الحياة الشخصية
1. التغلب على القلق والخوف بالسلام الإلهي
المسيحي مدعو إلى أن يحيا بلا قلق أو اضطراب، لأن سلام الله يحفظ قلبه وفكره:
"سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ، لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا، لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ" (يوحنا 14: 27).
2. التمتع بسلام الضمير من خلال حياة البرّ
السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق مع ضمير مثقل بالخطايا غير المعترف بها. لذلك، يدعو الكتاب المقدس إلى حياة التوبة المستمرة:
"إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا، فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا الْخَطَايَا" (1 يوحنا 1: 9).
3. بناء الروح من خلال التأمل في كلمة الله
"كَثِيرُونَ سَلاَمٌ لِمُحِبِّي شَرِيعَتِكَ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَعْثَرَةٌ" (مزمور 119: 165).
قراءة وتأمل كلمة الله تساعد المؤمن على الثبات في السلام وسط الضغوط والتحديات.
---
الفصل الثالث: السلام في الكنيسة
1. حفظ وحدة الروح في رباط السلام
الكنيسة مدعوة إلى أن تكون مجتمعًا يعكس السلام الإلهي، حيث يتعايش المؤمنون في محبة وتفاهم:
"وَاحْتَمِلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ، مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ" (أفسس 4: 2-3).
2. التعامل مع الخلافات بروح السلام
"وَلْيَحْكُمْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللَّهِ الَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْهِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ" (كولوسي 3: 15).
"إِنْ كَانَ مُمْكِنًا، فَبِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْكُمْ، سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ" (رومية 12: 18).
عندما تنشأ الخلافات بين المؤمنين، يجب حلّها بروح المحبة والتفاهم، وليس بالعنف أو الانقسام.
3. رسالة الكنيسة في نشر السلام
الكنيسة ليست فقط مكانًا للسلام الداخلي، بل هي مدعوة إلى أن تنشر السلام في المجتمع من خلال التعليم والتبشير والمحبة العملية.
---
الفصل الرابع: السلام في المجتمع
1. دعوة المسيحي لصنع السلام
قال المسيح:
"طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لِأَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللَّهِ" (متى 5: 9).
هذا يعني أن المؤمن ليس مدعوًا فقط ليعيش في السلام، بل ليكون أداة لنشر السلام بين الآخرين.
2. تجنب النزاعات والخصومات
"وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ، فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً" (يعقوب 3: 17).
"لَا تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرٍّ بِشَرٍّ... سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ" (رومية 12: 17-18).
المؤمن مدعو إلى أن يكون عنصر تهدئة وخير في المجتمع، وليس سببًا للخلافات والانقسامات.
3. الصلاة من أجل سلام العالم
الكتاب المقدس يشجع المؤمنين على الصلاة من أجل سلام الأمم والسلطات الحاكمة:
"فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ أَنْ تُقَامَ طِلْبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ" (1 تيموثاوس 2: 1-2).
---
خلاصة الباب الخامس
السلام في الحياة المسيحية يشمل العلاقة مع الله، الحياة الشخصية، العلاقات في الكنيسة، والتأثير في المجتمع.
المؤمن مدعو لقبول سلام الله بالإيمان، والصلاة والتأمل لحفظ هذا السلام.
الكنيسة مدعوة لأن تكون مثالًا للسلام، وأن تساعد في حل النزاعات بروح المحبة.
كل مؤمن هو صانع سلام في مجتمعه، من خلال تجنب النزاعات، ونشر روح المصالحة، والصلاة من أجل سلام العالم.
---
الخاتمة: التحليل اللاهوتي للسلام
1. السلام كمحور رئيسي في فكر الله وعمله
منذ بداية الخليقة، كان السلام هو القصد الإلهي الأصلي للبشرية. خلق الله العالم في انسجام كامل، لكن الخطية أدخلت الصراع والانقسام. ومع ذلك، ظل السلام محور خطة الله للخلاص، متجليًا في المسيح، الذي هو "رَئِيسُ السَّلاَمِ" (إشعياء 9: 6).
2. السلام في لاهوت العهد القديم والعهد الجديد
في العهد القديم: السلام (שָׁלוֹם - شالوم) لم يكن مجرد غياب الحرب، بل كان تعبيرًا عن الاكتمال، التمام، والوفرة، وهو مرتبط بالعهد الإلهي مع شعبه.
في العهد الجديد: تحقق السلام الكامل من خلال المصالحة بالمسيح، وصار السلام ثمرة الروح (غلاطية 5: 22)، وأحد أعمدة الحياة المسيحية.
3. السلام كحالة حاضرة ومستقبلية
السلام في اللاهوت المسيحي له بعدان:
حالة حاضرة: يعيشها المؤمن كاختبار روحي وشخصي يومي.
حالة مستقبلية: تتحقق بالكامل في الملكوت الأبدي، حيث "يَمْسَحُ اللَّهُ كُلَّ دَمْعَةٍ، وَلَا يَكُونُ مَوْتٌ وَلاَ حُزْنٌ وَلاَ وُجَعٌ بَعْدُ" (رؤيا 21: 4).
4. المؤمن كوكيل للسلام الإلهي
السلام ليس فقط عطية يتلقاها المؤمن، بل هو أيضًا رسالة عليه أن ينشرها. قال المسيح:
"سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ، سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ" (يوحنا 14: 27).
وهذا يجعل كل مؤمن "سفيرًا للسلام"، يحمل رسالة المصالحة بين الله والناس، وبين البشر بعضهم بعضًا.
5. النداء الختامي: السعي إلى السلام كحياة يومية
"اطْلُبِ السَّلاَمَ وَاسْعَ وَرَاءَهُ" (مزمور 34: 14).
"لِكَيْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا، بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَوَدَاعَةٍ، بِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ، مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ" (أفسس 4: 1-3).
---
الخلاصة النهائية
السلام في المسيحية ليس مجرد شعور أو حالة نفسية، بل هو علاقة صحيحة مع الله، حياة مستقيمة في المجتمع، ودعوة لنشر المصالحة والمحبة.
المسيح هو مصدر السلام، وبه تحقق المصالحة بين الله والإنسان.
المؤمن مدعو ليكون صانع سلام، وليس فقط مستقبِلًا له.
السلام الحقيقي لن يتحقق بالكامل إلا في الملكوت الأبدي.
--------'''''---
خاتمة
1. السلام في مواجهة الاضطهاد والتجارب
الكتاب المقدس لا يَعِدُ المؤمنين بحياة خالية من الضيقات، لكنهم يستطيعون اختبار السلام وسط الألم والمعاناة. قال المسيح:
"قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يوحنا 16: 33).
هذا يعني أن السلام ليس مرتبطًا بغياب المشاكل، بل هو قوة داخلية تنبع من الثقة في الله رغم الظروف الصعبة.
---
2. السلام مقابل الفوضى الروحية والفكرية
في عالم مليء بالأفكار المتضاربة والمفاهيم المشوَّهة، يقدم الكتاب المقدس سلام الفكر واليقين لمن يبحث عن الحق:
"وَسَلاَمُ اللَّهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (فيلبي 4: 7).
هذا السلام يمنح المؤمن ثباتًا فكريًا وإيمانًا لا يتزعزع، في مواجهة التيارات الفكرية المتضادة.
---
3. الفرق بين السلام الحقيقي والسلام الزائف
ليس كل سلام هو سلام حقيقي. هناك سلام زائف قد يكون نتيجة التنازلات عن الحق أو التكيف مع الشر. قال الرب عن الأنبياء الكذبة:
"قَائِلِينَ: سَلاَمٌ، سَلاَمٌ، وَلاَ سَلاَمَ" (إرميا 6: 14).
السلام الحقيقي لا يعني المهادنة مع الخطية أو التغاضي عن الحق، بل هو قائم على الحق والبرّ.
---
4. السلام والعدالة الإلهية
لا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي دون العدل، فالكتاب المقدس يربط بين السلام والبرّ:
"وَيَكُونُ صُنْعُ الْبِرِّ سَلاَمًا، وَعَمَلُ الْبِرِّ سُكُونًا وَطُمَأْنِينَةً إِلَى الأَبَدِ" (إشعياء 32: 17).
وهذا يظهر أن السلام ليس مجرد هدنة سطحية، بل هو نتيجة مباشرة للعيش بالحق والعدل الإلهي.
---
5. السلام وأدوار المؤمن في العالم
المؤمن ليس فقط مستفيدًا من السلام الإلهي، بل هو مدعو لإحداث تغيير في العالم من خلال:
إعلان المصالحة مع الله للآخرين (2 كورنثوس 5: 18-20).
نشر ثقافة المحبة والصفح بدلًا من الكراهية والانتقام (رومية 12: 17-21).
بناء جسور التفاهم بين المتخاصمين والمختلفين (متى 5: 9).
---
6. ارتباط السلام برجاء القيامة
السلام الأعظم الذي ينتظره المؤمن هو سلام الملكوت الأبدي، حيث سيُزال كل ألم وصراع:
"وَإِلَهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا" (رومية 16: 20).
هذا يعطينا رجاءً بأن كل ألم وشر في العالم سينتهي يومًا ما، وسيسود سلام الله إلى الأبد.
---
إضافة ختامية: التأمل الشخصي في السلام
يمكن لكل مؤمن أن يسأل نفسه:
هل أعيش في سلام حقيقي مع الله، أم أن هناك أمورًا تحتاج إلى تصحيح في علاقتي به؟
هل أسعى لصنع السلام في بيئتي، أم أنني أساهم في النزاعات والخلافات؟
كيف يمكنني أن أنقل رسالة السلام إلى الآخرين بطريقة عملية وملموسة؟
..
بالاضافة للمراجع المعتادة
مراجع اضافية من الشات جي بي تي
لا ادعي قراءاتها
توثيق البحث بالمراجع الأكاديمية
لإثراء البحث وضمان دقته، سأضيف توثيقًا أكاديميًا من القواميس، المعاجم، دوائر المعارف، والمراجع اللاهوتية المعتمدة في دراسة مفهوم السلام.
---
1. المصطلحات العبرية واليونانية للسلام
المصطلح العبري: שָׁלוֹם (شالوم)
المصدر:
Brown, F., Driver, S. R., & Briggs, C. A. The Brown-Driver-Briggs Hebrew and English Lexicon (BDB), p. 1022.
Gesenius, W. Gesenius' Hebrew-Chaldee Lexicon to the Old Testament, p. 798.
المعنى: يشير إلى الاكتمال، السلام، الرخاء، العهد السلمي، والتوازن الروحي.
المصطلح اليوناني: Εἰρήνη (إيريني)
المصدر:
Thayer, J. H. Thayer's Greek-English Lexicon of the New Testament, p. 182.
Louw, J. P., & Nida, E. A. Greek-English Lexicon of the New Testament Based on Semantic Domains, Vol. 1, p. 146.
المعنى: يشير إلى الطمأنينة الداخلية، المصالحة مع الله، والتحرر من الاضطراب.
---
2. السلام في العهد القديم
العهد القديم يربط السلام بالبرّ الإلهي:
المصدر:
Waltke, B. K., & O’Connor, M. An Introduction to Biblical Hebrew Syntax, p. 612.
Eichrodt, W. Theology of the Old Testament, Vol. 1, p. 317.
التفسير: السلام ليس مجرد غياب الحرب، بل هو علاقة عهدية مع الله قائمة على الطاعة والبرّ.
---
3. السلام في العهد الجديد
السلام من خلال المسيح (رومية 5: 1)
المصدر:
Cranfield, C. E. B. A Critical and Exegetical Commentary on the Epistle to the Romans, Vol. 1, p. 257.
Dunn, J. D. G. Romans (Word Biblical Commentary), Vol. 38, p. 225.
التفسير: السلام هنا يشير إلى المصالحة القانونية مع الله بفضل المسيح، وليس فقط الشعور الداخلي بالطمأنينة.
---
4. دور المؤمن في صنع السلام
التطويبة "طُوبَى لِصَانِعِي السَّلَامِ" (متى 5: 9)
المصدر:
France, R. T. The Gospel of Matthew (NICNT), p. 201.
Carson, D. A. The Sermon on the Mount: An Evangelical Exposition of Matthew 5–7, p. 32.
التفسير: صانعو السلام هم الذين يعملون على تحقيق المصالحة بين الله والناس، وبين البشر بعضهم بعضًا.
---
5. السلام في مواجهة الضيقات (يوحنا 16: 33)
المصدر:
Ridderbos, H. The Gospel of John: A Theological Commentary, p. 513.
Köstenberger, A. J. John (Baker Exegetical Commentary on the New Testament), p. 482.
التفسير: السلام المسيحي ليس غيابًا للضيقات، بل هو قوة داخلية تعطي ثقة وثباتًا وسط الأزمات.
---
6. السلام في علم اللاهوت النظامي
المصدر:
Grudem, W. Systematic Theology: An Introduction to Biblical Doctrine, p. 203.
Erickson, M. Christian Theology, p. 482.
التفسير: اللاهوت النظامي يفسر السلام على أنه نتيجة مباشرة للتبرير الإلهي، وعلامة للحياة الجديدة في المسيح.
---
7. الفرق بين السلام الحقيقي والزائف (إرميا 6: 14)
المصدر:
Brueggemann, W. A Commentary on Jeremiah: Exile and Homecoming, p. 89.
Thompson, J. A. The Book of Jeremiah (NICOT), p. 284.
التفسير: الأنبياء الكذبة أعلنوا "سلامًا" زائفًا بينما كانت الأمة في حالة خطية، مما يوضح أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يقوم على الظلم أو الشر.
---
8. السلام والملكوت الأبدي (رؤيا 21: 4)
المصدر:
Beale, G. K. The Book of Revelation (NIGTC), p. 1042.
Mounce, R. H. The Book of Revelation (NICNT), p. 389.
التفسير: السلام النهائي هو إزالة كل أثر للخطية والموت، وإعادة الخليقة إلى حالتها المثالية.
---
الخاتمة: توثيق شامل لمفهوم السلام
بناءً على هذه المراجع الأكاديمية، يمكننا استخلاص بعض المبادئ الأساسية:
1. السلام في الكتاب المقدس ليس مجرد راحة نفسية، بل هو علاقة عهدية مع الله تُعطي الاكتمال والطمأنينة.
2. المسيح هو مصدر السلام الحقيقي، وبه تتحقق المصالحة مع الله.
3. السلام الحقيقي مبني على الحق والبرّ، وليس مجرد توافق خارجي.
4. السلام النهائي سيتم في الملكوت الأبدي حيث لا يكون موت ولا حزن.
هذا البحث اخذ قرابة الساعتين بين سطحية و عمق و رفض و قبول إلى ان خرج بهذه الصورة
فى هذا البحث كنت كمن يقود سيارة
مراجعي المعتادة
دائرة المعارف الكتابية
My Sword bible
Vines Dictionary
#NagehNaseh