السيد المسيح لم يختر موت الصليب

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
الأنبا أنجيلوس أسقف عام شبرا الشمالية
السيد المسيح لم يختر موت الصليب


ثم نأتي إلي نقطة في غاية الأهمية وهو أن السيد المسيح لم يختر موت الصليب، لأنه كان يجب أن يبرهن على إنه قاهر للموت في كل صوره وأشكاله، مثل المُصارِع القوي الذي يترك لمشرف المباراة أن يختار له الخصم الذي يحاربه، فيقول البابا أثناسيوس:-

"فقد يقول قائل ما يلي:-

لو كان لا بُد أن يحدث موته أمام أعين الجميع وبشهادة شهود، لكي يصدق خبر قيامته لكان من الأفضل على أي حال أن يخطط لنفسه موتًا مجيدًا، لكي يهرب على الأقل من عار الصليب.

ولكن حتى لو فعل هذا لأعطى فرصة للتشكك في شخصه، وكأنه لا يقوى على كل أشكال الموت بل فقط الموت الذي اختاره بنفسه، ولكان هذا حجةً لعدم الإيمان بالقيامة أيضًا.

وهكذا أتى الموت إلى جسده، ليس بتدبيره هو بل بمشورة أعدائه، حتى أن أي شكل من أشكال الموت يأتون به إلى المخلص يستطيع هو أن يبيده كليةً.

وكما أن المُصارِع النبيل، العظيم في المهارة والشجاعة، لا يختار خصومه بنفسه، لئلا يشك أنه يخشى مواجهة بعض منهم بل يترك الأمر لاختيار المشرفين علي المباراة لا سيما لو كانوا أعداء له، حتى إن أي مصارع يضعونه هم أمامه ينتصر هو عليه، وبهذا يؤمنون أنه فاق الجميع.

هكذا الحال أيضًا مع ربنا ومخلصنا المسيح، حياة الكل، فإنه لم يختر لجسده موتًا معينًا، لكي لا يبدو وكأنه يخشى شكلًا أخر للموت، فالموت الذي قبله واحتمله على الصليب قد أوقعه عليه آخرون، هم أعداؤه، ظانين أن هذا الموت مرعب ومهين ولا يمكن احتماله. لكن المسيح أباد هذا الموت، فآمن الجميع أنه هو الحياة، الذي به تتم إبادة سلطان الموت كليةً.

وهكذا حدث أمر عجيب ومذهل لأن الموت الذي أوقعوه عليه ظانين أنه موت مهين حوله هو إلى علامة للنصرة على الموت ذاته. (تجسد الكلمة 24: 2 - 4).

وأيضًا وضع سببًا تأمليًا لاهوتيًا في عدم موت المسيح بطريقة تتسبب في تمزيق جسده قائلًا:-

"ولهذا فإنه موت يوحنا بقطع الرأس، ولا مات موت إشعياء بِنَشْر الجسد، وذلك لكي يحفظ جسده غير منقسم وصحيحًا تمامًا حتى في موته، وحتى لا تكون هناك حجة لأولئك الذين يريدون أن يقسموا الكنيسة" (تجسد الكلمة 24: 4).
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
[
COLOR="Teal"] الصليب هو أنسب طريقة لموت الرب


ثم يعدد الأسباب التي بها كان الصليب هو أنسب طريقة لموت الرب وابتدرها قائلًا:-

"وهذا يكفى للرد على الذين هم في الخارج (غير المؤمنين) الذين يحشدون المجادلات ضدنا. ولكن لو أراد أحد من شعبنا أن يسأل لا حُبًّا في الجدل بل حبًا في التعلم: لماذا لم يمت بأي شكل أخر غير الصليب، فهذا أيضًا نخبره أنه لم تكن هناك طريقةً أخرى نافعةً لنا سوى هذه، وأنه كان أمرًا حسنًا أن يحتمل الرب هذا الموت من أجلنا". (تجسد الكلمة 25: 1).

أولًا:- ليحمل عنا اللعنة:-
"لأنه إن كان قد جاء ليحمل اللعنة الموضوعة علينا فكيف كان ممكنًا أن (يصير لعنةً) بأي طريقة أخرى ما لم يكن قد قبل موت اللعنة الذي هو (موت) الصليب؟ لأن هذا هو المكتوب " ملعون كل من علق على خشبة" (أف 2: 14). (تجسد الكلمة 25: 2).



ثانيًا:- لكي يوحد اليهود والأمم:-
"إن كان موت الرب هو فدية عن الجميع وبواسطة موته هذا نقض "حائط السياج المتوسط" وصارت الدعوة لجميع الأمم، فكيف كان ممكنًا أن يدعونا إليه لو لم يكن قد صلب؟

لأنه على الصليب وحده يمكن أن يموت إنسان باسطًا ذراعيه. لهذا كان لائقًا بالرب أن يحتمل هذا الموت ويبسط ذراعيه، لكي بأحدهما يجتذب الشعب القديم، وبالذراع الآخر يجتذب الذين هم من الأمم، ويوحد الاثنين في شخصه.

لأن هذا ما قاله هو نفسه عندما كان يشير إلى الميتة التي كان مزمعًا أن يفدي بها الجميع إذ قال "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلي الجميع" (يو 12: 32) (تجسد الكلمة 25: 3، 4).



ثالثًا:- لكي ما يطرح الشيطان ويطهر الهواء منه:-
"إن كان الشيطان عدو جنسنا إذ قد سقط من السماء يجول في أجوائنا السفلية ويتسلط فيها على الأرواح الأخرى المماثلة له في المعصية، ويحاول أن يخدع الذين تغويهم هذه الأرواح كما أنه يعوق الذين يرتفعون إلى فوق، وعن هذا يقول الرسول "حسب رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية" (أف 2: 2) فإن الرب قد جاء ليطرح الشيطان إلي أسفل ويطهر الهواء ويعد لنا الطريق الصاعد إلي السماء كما يقول الرسول "بالحجاب أي جسده" (عب 10: 20) وهذا يلزم أن يتم بالموت.

فبأي نوع أخر من الموت كان ممكنًا أن يتم هذا، إلا بالموت الذي تم في الهواء، أي (موت) الصليب؟

فإن الذي يموت بالصليب هو وحده الذي يموت (معلقًا) في الهواء. ولذلك كان لائقًا جدًا بالرب أن يموت بهذه الطريقة.

لأنه إذ رفع هكذا فقد طهر الهواء من كل خبث الشيطان وكل الأرواح النجسة كما يقول:- "رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء" (لو 10: 18) وافتتح طريقًا جديدًا للصعود إلي السماء كما هو مكتوب "أرفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية" (مز 24: 7).
[/COLOR]
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
الصليب هو سبب تغيير العالم للأفضل



أخيرًا الصليب هو سبب تغيير العالم للأفضل فيقول عمود الكنيسة القديس أثناسيوس الرسولي:-

"وبالإجمال، ما الذي أقنع سكان البلاد البربرية والوثنيين في كل مكان أن يتخلوا عن عنفهم الجنوني وأن يميلوا للسلام إلا الإيمان بالمسيح وعلامة الصليب؟

أو ما الذي أعطى البشر مثل هذا اليقين بالخلود كما فعل صليب المسيح وقيامة جسده؟". (تجسد الكلمة 50: 5).


فلنتمسك بصليب الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح وننتظر بصبر ظهوره الثاني المجيد، الإلهي والحقيقي. حيث إنه لا يظهر بعد في فقر بل في مجد، ولا يظهر بعد متخفيًا متواضعًا بل في عظمته وهو سيأتي لا ليتألم ثانيةً بل ليقدم للجميع ثمر صليبه، أي القيامة وعدم الفساد. ولا لكي يحكم عليه بعد بل ليدين الجميع بحسب ما صنع كل واحد في الجسد خيرًا كان أم شرًا، حيث أعد للصالحين ملكوت السموات، أما الذين عملوا السيئات فالنار الأبدية والظلمة الخارجية لذلك فكونوا مستعدين واسهروا لأنه يأتي في ساعة لا تعلمونها، فلنتمسك بمسيحنا ونشترك مع القديسين لنحصل على ما أعد لنا في ملكوت السموات، " ما لم ترى عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان" (1 كو 2: 9) ما أعد للذين يعيشون في الفضيلة ويحبون الله الآب بالمسيح يسوع ربنا، الذي به ومعه يحق للآب نفسه، مع الابن نفسه في الروح القدس، الكرامة والقدرة والمجد إلى دهر الدهور أمين.
 
أعلى