1- قوة الشخصية ليست في الغضب والتمسك بالرأي، بل في احترام آراء الآخرين، وضبط النفس.
2- الحب فوق الحق، فخير لك أن تربح محبة الشخص من أن تربح القضية وتخسر نفسه.
3- عوضاً عن الغضب صل لأجل هذا الإنسان. (اقرأ كتاب "الغضب" وكتاب "الهدوء" لقداسة البابا الأنبا شنوده الثالث).
سابعاً: تدريب الطهارة
· تذكــر:
1-إن غريزة الجنس هي نعمة من الله بهدف الزواج وحفظ الجنس البشرى.
2-إن الشيطان يحرض الإنسان على استخدامها قبل الأوان لينجسه ويفصله عن الله.
· ممارسة التدريب:
1- ابتعد عن مجالات العثرة التي تثير الغريزة.
2- إن هاجمك الفكر حوله إلى شكر لله من أجل الغريزة.
3- اطلب من الرب أن يحفظها لحين استخدامها الشرعي في الزواج.
4- استبدل اللذة الجسدية بلذة أسمى منها وهي التمتع بروعة المسيح، وتصوره أمامك وارفع قلبك بالترانيم والألحان والصلاة.
5- ردد شعار يوسف الطاهر "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله". (تك9:39).
ثامناً: تدريب التواضع
· تذكــر:
1- إن الله لا يقاوم أي خاطى سوى المتكبر.
2- إن الكبرياء أسقط ملائكة من السماء وآدم من جنة عدن.
3- أن السيد المسيح قال (تعلموا منى لأني وديع ومتواضع القلب). (مت29:11).
· ممارسة التدريب:
1- كلما أتاك فكر الكبرياء قل لنفسك: إن فضل القوة من الله لا منا. (2كو7:4). "لست أحسب نفسي أنى قد أدركت ولكنى أفعل شيئاً واحداً إذ أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام". (فى13:3).
2- اعتبر نفسك أصغر الكل.
3- قم بالأعمال الصغيرة المحتقرة.
تاسعاً: تدريب الأمانة
· تذكــر:
1- أن الكذب هو عدم أمانة في الكلام.
2- أن الكذابين نصيبهم في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت. (رؤ8:21).
3- أنه لا يوجد كذب ابيض وكذب أسود، فالكذب كله عدم أمانة.
4- أن السيد المسيح قال "ليكن كلامكم نعم نعم، لا لا". (مت37:5).
5- إن السرقة عدم أمانة في ما للغير.
· ممارسة التدريب:
ردد قول الرب "كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة" (رؤ10:2). لا تقل إلا الصدق، وإن كذبت على أحد اذهب واعتذر له. وإرجاع ما سرقته.
عاشراً: تدريب حياة الشكر
· تذكــر:
1- أن وصية الكتاب تقول "اشكروا في كل شئ لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم". (1تس18:5).
2- قول الآباء (ليست عطية بلا زيادة إلا التي بلا شكر).
3- أن الشكر في كل شئ هو دليل الثقة في حكمة الله.
4- الشكر يزيل المرارة والتذمر من القلب.
· ممارسة التدريب:
تعلم أن تشكر الرب على الأمور الصعبة والمأساوية، وليس على الأمور الحلوة والسعيدة فقط.
حادي عشر: تدريب عدم اليأس
· تذكــر:
1- أن حياتنا جهاد دائم، أي حرب مقدسة ضد إبليس. والمفروض أن ننتصر عليه بقوة المسيح ولكن (إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح وهو كفارة لخطايانا..". (1يو1:2).
2- عندما يحاربك الشيطان باليأس تذكر رحمة الله. وتذكر ما فعله الراهب الذي كان يحاربه الشيطان باليأس ليمنعه عن الصلاة فكان يقول له: أنت تضرب (مرزبة) [أي عصى] وأنا أضرب مرزبة ولننظر من يغلب أنت أم رحمة الله.
· ممارسة التدريب:
متى أتاك فكر اليأس ردد هذه الآية: (لا تشمتي بي يا عدوتي، إذا سقطت أقوم، إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي). (ميخا8:7).
إذا أردت أن تدرب نفسك على الهدوء – وبخاصة هدوء القلب وهدوء الأعصاب وهدوء الحياة – فعليك بالنصائح الآتية :
1- لا تسمح لأي شئ أن يثيرك. بل تقبّل كافة الأمور بنفس هادئة، لا تنفعل كثيراً بالأسباب الخارجية مهما كانت تبدو متعبة، ولا تقلق وتضطرب. وإن انفعلت، حاول أن تضع هدوءا لإنفعالك، وأن تهدئ نفسك. ولا تتصور أو تتخيل نتائج خطيرة سوف تحدث، فهذا التخيل سوف يزعجك. وقل لنفسك: إن كل مشكلة لها حل أو بضعة حلول. فكرّ إذن فى الحلول، حينئذ يدخل الهدوء إلى قلبك. وإن عجزت عن إيجاد حلّ، استشر غيرك. وإن عجز الغير أيضاً، فأعطِ المشاكل مدى زمنياً تحل فيه. واطلب معونة الله وتدخله وستره. وباستمرار اجعل المشاكل تدور حولك من الخارج، دون أن تدخل إلى قلبك فتؤذيك. إن الأمواج الهائجة إذا صدمت السفينة من الخارج لا تضرها. ولكن إن وُجد ثقب فى السفينة تدخل منه المياه، حينئذ تكون السفينة فى خطر. احرص إذن على عدم وجود ثقوب فى نفسك تدخل منها المشكلة إلى أعصابك لتحطمها.
2- كن دائماً قوى القلب قوى الإيمان، واسع الصدر فى مقابلة المتاعب، بحيث لا تتضايق بسرعة. واعلم أن الضيقة قد سميت هكذا، لأن القلب قد ضاق عن أن يتسع لها. أما القلب الواسع فإنه لا يتضيق بشئ. إن قطعة من الطين إذا ألقيت فى كوب من الماء فإنها تعكره. أما إذا ما ألقيت فى المحيط فإنها لا تعكره. بل يفرشها فى أعماقه ويقدم لك ماءً رائقاً... اعرف يا أخي أنه إذا وقع حجر على جبل، فأنه لا يهزه. ولكن إن وقع هذا الحجر على زجاج فإنه يهشمه ويفتته. لهذا كن جبلاً لا زجاجاً.
3- مما يفيدك فى حياتك، أن تكون لك روح المرح وبالبشاشة. فإنها تجلب للإنسان هدوءاً فى النفس، واسترخاءً فى الأعصاب، وتبعد عنه الكآبة والاضطراب. ومهما كان الجو مكهرباً وصاخباً، فإن الإنسان المرح، يستطيع بفكاهة لطيفة أن يزيل جو التوتر.. وعموماً فإن المتصفين بالمرح، تكون أعصابهم هادئة. بل إنهم بالأكثر يمكنهم أن يهدئوا غيرهم أيضاً. كما أن الوجوه البشوشة تشيع الهدوء فى الآخرين. لهذا درّب نفسك على البشاشة والمرح، وتقبّل كثيراً من الأمور بهذه الروح...
4- كذلك أن أردت أن تكسب الهدوء، يمكنك ذلك بمعاشرة الأشخاص الهادئين، بعكس الذين يختلط دائماً بالمضطربين والثائرين، فإنهم ينقلون إليه عدوى مشاعرهم. فالخائفون ينقلون إليه خوفهم، والمتشائمون ينقلون إليه تشاؤمهم. وكذلك فالذين يحاربهم الشك والضيق ينقلون إلى غيرهم الشكوك والضيقات. أما معاشرة الهادئين فإنها تمنح الثقة والطمأنينة والسلام ، قد تقرأ خبراً مزعجاً فتقلق. ثم تقابل شخصاً هادئاً فتجده قد تقبّل الخبر بمنتهى الثقة وهو مطمئن تماماً أنه سوف لا يحدث شئ متعب على الإطلاق. ويشرح لك، فيبدأ الإطمئنان يزحف من نفسه إلى نفسك فتهدأ. ألست ترى إذن أنك بمعاشرة الهادئين يمكنك أن تمتص إيمانهم وهدوءهم، وتأخذ من سلامهم الداخلي سلاماً لنفسك... وتأخذ أيضاً نموذجاً وقدوة من طباعهم الهادئة، وتحاول أن تحاكيها إذ تعجبك وتريحك. وتتعود على طريقة تفكيرهم فى مقابلة المشاكل والضيقات، وتتعلم من ذكائهم كيف يستوعب العقل المشكلة ويهضمها، وكيف يمكنه إن يفهم الأمور ويحل المشاكل ويستنتج الطرق الصالحة لعلاجها، كما تتعلم أيضاً من إيمانهم ومن طول بالهم واحتمالهم وصبرهم.إن معاشرة الهادئين هى من أفضل أنواع المهدئات.
5- كذلك درّب نفسك على عدم الإندفاع وعدم التسرع. واعرف أن قلة الصبر تدل على عدم هدوء الإنسان فى الداخل. فالإنسان الهادئ يكون دائماً طويل البال. فإن اضطرب يفقد القدرة على الصبر. ولا يستطيع أن ينتظر حتى تحُلّ الأمور. إنما يريد أن يعمل الآن أى عمل، أو يتكلم أى كلام، أو يتخذ أى قرار!! وفى ذلك ما يضره.
6- ما دمت لم تصل بعد إلى فضيلة الهدوء، إبعد إذن بقدر إمكانك عن أسباب الإثارة وكل مصادرها. ابحث ما هى الأسباب التى تجعلك تفقد هدوءك، سواء كانت منك أو من الخارج. وتحاشى هذه الأسباب وبخاصة فى المعاملات. وكما قال أحد الحكماء " لا تأخذ وتعطى مع إنسان يقاتلك به العدو ". وابعد عن المناقشات الحادة. ولا تستصحب غضوباً. وابعد أيضاً عن القراءات التى تفقدك الهدوء، وعن سماع الأخبار التى تزعجك.
7- وفى معاملاتك مع الآخرين لا تفترض المثالية فى جميع الناس. فإن قوبلت بتصرف خاطئ من البعض، لا تتضايق. فالناس هكذا: فيهم الطيب والردئ. ولا تتوقع أنك ستتعامل مع ملائكة أو قديسين، إنما مع بشر عاديين، لا نسمح لأخطائهم من نحونا أن تقلقنا..! وأيضاً لا ترد على أحد وأنت غضبان. إنما انتظر إلى أن تهدئ نفسك، ثم أكمل الحديث معه، أو على الأقل اصمت. فليس من صالحك ولا من صالحه أن تناقشه وأنت فى حالة توتر. واحذر من أن ترد على الإساءة بإساءة، وإلا تكون قد شابهت المسئ فى أخلاقه...
8- ابعد عن استخدام العنف بكل أنواعه، ولا تواجه العنف بالعنف. فليس هذا هو إسلوب الروحيين. فالإنسان الروحي لا يغلبنّه الشر، بل يغلب الشر بالخير. وإذا تملكتك الحيرة فى التصرف، فشاور أحد الحكماء واعمل بمشورته. فإنك بهذا تضيف إلى فكرك فكراً أكثر خبرة. وتتعلم الحياة عملياً...
9- لا تلجأ إلى العقاقير لكى تحصل على الهدوء. واعلم ان استخدام المسكنات والمهدئات والمنومات لها ردود فعلها واحذر من أن تتعودها. إنها كلها تتيهك عن نفسك، دون أن تحل مشاكلك أو تزيل متاعبك. إنما اعمل على حلّ إشكالاتك داخل نفسك، وبحلول عملية وطرق روحية. واعرف أن الذى يتعود تعاطى المسكنات، قد تصبح إدماناً ولا تفيده بل قد يضطر الى إزادة كمياتها. وما أن يفيق منها حتى يجد نفسه كما هى بنفس متاعبها وبدون حلّ...
10- كذلك لا تلتمس الهدوء بالانطواء والهرب. ولا تظن أنك فى انطوائك على نفسك قد صرت هادئاً! كلا، فهذا مرض آخر وليس هدوءاً .. فإن كانت لك مشكلة فى بيتك، لا تظن أن حل المشكلة هو فى هروبك إلى النادي أو المقهى أو إحدى السهرات، بينما تظل المشكلة قائمة كما هى. لا تصلح إلا بمواجهتها، ومعرفة أسبابها وحلها عملياً..
11- تعوّد الهدوء فى دخولك وخروجك، وفى طريقة كلامك بحيث تكون ألفاظك هادئة ليست فيها كلمة عنيفة أو جارحه. وقبل أن تلفظ كلمة فكرّ فى نتائجها وفى تأثيرها على غيرك... وإذا كتبت خطاباً غير هادئ، فلا ترسله بسرعة. بل اتركه يوماً أو يومين، وأعد قراءته، وغيرّ ما يلزم تغييره فيه. وكل فكر يلحّ عليك، لا تسرع فى تنفيذه ولا تطاوعه. بل أنتظر حتى تفحصه فى هدوء...
12- أخيراً، أنصحك بأن تعطى جسدك ما يحتاجه من الراحة ولا ترهقه. فإن الإنسان فى حالة الإرهاق، تكون أعصابه عرضة لعدم الاحتمال، وربما يفقد هدوءه ويتصرف بغضب أو عصبية لأتفه الأسباب مما يندم عليه فيما بعد. لذلك لا تدخل فى مناقشة حادة وأنت مرهق. ولا تأخذ قراراً مصيرياً وأنت مرهق.
تدريبات روحية لتقديس الحواس
1-اشغل فكرك كل يوم باية تحفظها من الانجيل وفكر فيها طول اليوم وتاملها
2- كثرة الراحة والنوم يعطى للجسد لكى يتحرك وللحواس ان تعمل لحساب الشهوات
3- هناك اماكن واشخاص وكتب وافلام وصور تحرك وتساعد الحواس عاى افعال خطىء لذلك نحذر من كل مايقود حواسنا للانحراف
4- الالحان الكنيسية لها القدرة على ضبط الفكر
5- محاسبة النفس وتقديم طوبة مستمرة عن كل خطىء وانحراف مع التامل فى سبب السقوط
6- يتاثر الفرد بالمحيط الخارجى ولذلك ان كنا نحيا فى وسط روحى فان حواسنا تعمل لحساب الرب وليس الاخرين
ومن صلوات الاجبية لتقديس الحواس بعضها وليس كلها
*** كل فعل الشيطان ومؤامرة الناس الاشرار وقيام الاعداء...
قلبا نقيا اخلق فى يااللة وروحا مستقيما جددة فى احشائى........
طوبى للرجل الذى لم يسلك فى مشورة المنافقين وفى طريق الخطاة لم يقف ........
يامن ذاق الموت بالجسد فى وقت الساعة التاسعة من اجلنا نحن الخطاة امت حواسنا الجسمانية ايها المسيح الهنا......
يجلس إلى نفسه لكى يفحصها ويفتش دواخلها، ويرقب تصرفاتها ويحاسبها حتى يكون في يقظة مستمرة. وهذه الرقابة الذاتية وملاحظة النفس لازمة لكل إنسان، مهما علا في حياته الروحية، ومهما ارتفع في منصبه. ولذلك نرى القديس بولس الرسول يكتب إلى تلميذه تيموثاوس الأسقف قائلاً " لاحظ نفسك والتعليم، وودوام على ذلك. فإنك إن فعلت هذا،
تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضاً " (اتى 4: 16).
لذلك فالشيطان يحاول بكل قوة أن يمنع الإنسان الروحى من الجلوس إلى نفسه، وكذلك يمنع الخاطئ..
ما أسهل أن يقدم له مشغوليات عديدة جداً، تستغرق كل وقته، وتستحوذ على كل مشاعره بأهمية كل هذه المشغوليات. وإن كان إنساناً روحياً محباً لملكوت الله، يمكن أن يشغله بالخدمة ومتطلباتها، حتى يجعل الخدمة تشغله، بحيث لا يهدأ ليفكر في أخطائه داخل خدمته. مثل ذلك الابن الكبير الذي لم يفرح برجوع أخيه، ولم تتفق مشيئته مع مشيئة الآب. ومع ذلك قال لأبيه " ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك. وجدياً لم تعطنى قط لأفرح مع أصدقائى..! " (لو 15: 28، 29). ولا شك أن هذا الابن الخادم طول تلك السنين، لو كان قد جلس إلى نفسه، لوجد أن له أخطاء عديدة وغير لائقة، سواء في التعامل أو أسلوب التخاطب، أو في محبته أو احترامه لأبيه..
لذلك ايها الابن المبارك لا تجعل مشغوليات الخدمة تعطلك عن الجلوس إلى نفسك وفحصها ومناسبتها.
أليس أن الخدمة أحياناً قد تعطلك عن الصلاة وعن القراءة والتأمل؟! ألست أحياناً في الخدمة ترفع ذاتك وفكرك أكثر مما يليق، وربما ترتئى فوق ما ينبغى (رو12: 3). ألست في الخدمة أحياناً قد تقع في الإدانة، وربما في قساوة القلب، باسم الدفاع عن الحق..؟! وغير ذلك كثير.. إجلس إلى نفسك وافحصها، خوفاً من أن تقول " لئلا بعدما ما كرزت لآخرين، أصير أنا نفسى مرفوضاً " (1كو 9: 27). أو لئلا تسمع قول الرب لمرثا " أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة. ولكن الحاجة إلى واحد " (لو 10: 41، 42).
أنت محتاج أن تجلس إلى نفسك لتعرف أخطاءك..
سواء أخطاء اللسان، أو الفكر، أو الحواس، أو المشاعر القلب، أو أخطاء الجسد.. لتعرف أخطاءك ضد الله وضد الناس، وأيضاً ضد نفسك.. بل لتدرس طباعك أيضاً الثابتة فيك ن والتى تلبس ثياب الحملان، وتتسمى عندك بأسماء فضائل، وقد تفتخر به!! إجلس يا أخى إلى نفسك، وتذكر قول القديس مقاريوس الكبير:
إما أن يقول لك: لا تبالغ في حكمك على نفسك، لئلا تقع في عقدة الذنب Sense of guilt.
أو قد يقول لك: احترس من أن تقسو على نفسك، لئلا تقع في الكآبة Depression. وهو ليس مخلصاً في نصائحه، لأنه يريد أن يبعدك عن تبكيتك لنفسك. هنا وتذكر قول القديس أنطونيوس الكبير " إن ذكرنا خطايانا، ينساها لنا الله. وإن نسينا خطايانا، يذكرها لنا الله ". وتذكر أيضاً قول داود النبي في مزمور التوبة " خطيتى أمامى في كل حين " (مز 50).
ذلك لأن الشيطان قد يقول لك: لماذا تتذكر خطاياك، وهى مغسولة بالدم الكريم؟!
إنها تظل مغسولة، طالما كنا في حياة التوبة، نادمين على ما فعلناه، وفى انسحاق قلب بسبب خطايانا. إن داود النبى ظل يبلل فراشه بدموعه بسبب خطيته، حتى بعد أن نال المغفرة. وقال له ناثان " الرب نقل عنك خطيئتك. لا تموت " (2صم 12: 13). وشاول الطرسوسى بعد أن نال الدعوة الإلهية، وصار رسولاً، وتعب أكثر من جميع الرسل " 1كو15: 10). قال في انسحاق قلب " لأنى أصغر الرسل. أنا الذي لست أهلاً لأن أدعى رسولاً، لأنى اضطهدت كنيسة الله "! (1كو 15: 9). ألم تكن هذه الخطية قد غفرت له، وغسلت بالدم الكريم. ولكنه لا يزال يذكرها ويبكت نفسه عليها. بل أنه يقول في رسالته الأولى إلى تلميذه تيموثاوس " أنا الذي كنت قبلاً مجدفاً ومضطهداً ومفترياً. ولكننى رحمت لأنى فعلت بجهل في عدم إيمان " (1تى 1: 13). وعلى الرغم من أنه فعل ذلك يجهل، وقبل إيمانه، إلا أنه لا يزال يذكر ويبكت نفسه..
و أيضاً في محاسبتك لنفسك، احترس من أن تلتمس لنفسك الأعذار والتبريرات..
قد تحاسب نفسك وتدرك أخطاءك. وإلى هنا تكون النعمة قد عملت فيك. ثم ياتى الشيطان ليفقدك عمل النعمة، يبعدك في الندم والانسحاق ولوم النفس، فيقدم لك الأعذار والتبريرات، لكى تغطى بها على خطيتك، كما حاول من قبل أبونا آدم وأمنا حواء.. احترس من هذه الأعذار التي هى لون زائف من الاشفاق على النفس، بالدفاع عنها ومحاولة تخفيف الذنب فيما إرتكبته.
فإن كنت تحب نفسك حقاً، لا تشفق عليها بهذا الآشفاق الخاطئ الذي يحرمها من مشاعر التوبة والندم والانسحاق. وهذا لا يفيدها بشئ. بل على العكس قد تعتمد على الأعذار وتستمر في الخطأ. اذكر باستمرار قول الرسول " أنت بلا عذر أيضاً الإنسان " (رو 2: 1). الذي يحاول أن يعذر نفسه في خطاياه، قد يقع في الضمير الواسع، الذي يبلع الجمل (مت 23).
هوذا نوح البار كان يعيش في جيل فاسد جداً حتى أن الله أغرقه بالطوفان. ومع ذلك حفظ نوح نفسه في الإيمان، ولم يتأثر بالوسط المحيط. ويوسف الصديق كانت الخطية تلح عليه كل يوم، دون أن يطلبها. وعلى الرغم من ذلك قال عبارته الخالدة" كيف اصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟! " (تك 39: 9). وفى سبيل رفضه للخطية تحمل ما آحتمله من سجن وعار..
و دانيال والثلاثة فتية كانوا مهددين بموت خطير، هو بالإلقاء إلى جب الأسود وهم بالإلقاء في أتوب النار. ولكن ذلك التهديد لم يحولهم مطلقاً عن مخافة الله. وهكذا كان كل الشهداء والمعترفين، في كل ما تعرضوا من تعذيب.
إن الضغط الخارجى، لا يستسلم له سوى الضعف الداخلى.
بكت نفسك بهذه العبارة. وقل لنفسك: ينبغى أن أكون قوياً في الداخل، وأنتصر على كل الحروب مهما كانت شديدة. وليبكتك قول بولس الرسول للعبرانيين " لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4) . لذلك إن حاسبت نفسك، ولا تقل كانت الوصية صعبة، لم استطع تنفيذها!!
بل تذكر كيف أن ابراهيم أخذ ابنه الوحيد الذي يحبه ليقدمه محرقة (تك 22)
و إن عذرت نفسك بأن هناك معطلات خارجية عاقتك عن طريق الفضيلة فقل لنفسك: كان ينبغى أن أجاهد لأنتصر، على تلك المعوقات.
هوذا نوح البار كان يعيش في جيل فاسد جداً حتى أن الله أغرقه بالطوفان. ومع ذلك حفظ نوح نفسه في الإيمان، ولم يتأثر بالوسط المحيط. ويوسف الصديق كانت الخطية تلح عليه كل يوم، دون أن يطلبها. وعلى الرغم من ذلك قال عبارته الخالدة " كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟! " (تك 39: 9). وفى سبيل رفضة للخطية تحمل ما آحتمله من سجن وعار..
و دانيال والثلاثة فتية كانوا مهددين بموت خطير، هو بالإلقاء إلى جب الأسود، وهم بالإلقاء في أتون النار. ولكن ذلك التهديد لم يحولهم مطلقاً عن مخافة الله. وهكذا كان كل الشهداء والمعترفين، في كل ما تعرضوا له من تعذيب.
إن الضغط الخارجى، لا يستسلم له سوى الضعف الداخلى.
بكت نفسك بهذه العبارة. وقل لنفسك: ينبغى أن أكون قوياً في الداخل، وأنتصر على كل الحروب مهما كانت شديدة. وليبكتك قول بولس الرسول للعبرانيين لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية " (عب 12: 4). لذلك إن حاسبت نفسك، فلا تقل، فلا تقل في سقطاتك " لقد كنت ضعيفاً والخطية أقوى منى. بل أذكر انتصار يوسف الصديق، وبكت به نفسك. ولا تقل كانت الوصية صعبة، لم استطع تنفيذها!! بل تذكر كيف أن ابراهيم أخذ ابنه الوحيد الذي يحبه ليقدمه محرقة (تك 22).
اذكر قصصاً من الكتاب في الانتصار على العوائق:
أذكر أصدقاء المفلوج الذين لم يجدوا أى منفذ لإدخال صاحبهم إلى الرب، فلم ييأسوا، ونقبوا السقف ودلوه منه (مر 2: 4). واذكر الاغراءات التي قدمت لداود لقتل شاول الملك الذي كان يطارده، وكيف قال داود: حاشا لى أن أمد يدى إلى مسيح الرب.. لأنه مسيح الرب هو (1صم 24: 6)..
في محاسبتك لنفسك، اعتبر الاعذار تدليلاً للنفس.
مثل عذراء النشيد، التي لم تفتح للرب، وقد امتلأ رأسه من الطل، وقصصه من ندى الليل! وقالت " قد خلعت ثوبى فكيف ألبسه. قد غسلت رجلى فكيف أوسخهما ". ولم يقبل الرب عذرها،، بل تحول عنها وعبر. ثم عصرها الندم فقالت بعد ذلك " طلبته فما وجدته. دعوته فما أجابنى " (نش 5: 2-6)..
لا تكن مثل صاحب الوزنة الواحدة، الذي دفن وزنته في الأرض، ووجد لنفسه عذراً فقال لسيده كلاماً شريراً لامه عليه! (مت 25: 24 – 28)..
ما أكثر الذين أخطأوا وقدموا أعذاراً، كانت كلها غير مقبولة.
مثل شاول الملك لما أصعد محرقة (1صم 13: 11، 12). ومثل يونان النبى لما إغتاظ بالصواب حتى الموت (يون 4: 1-13). ومثل ايليا في خوفه من ايزابل وهربه منها (1مل 19: 1، 14).
و مثل هؤلاء من يكسر الصوم. وأن حاسبه ضميره وبكته، يعتذر بضعف صحته. ومن يكسر وصية العشور. وإن حاسب نفسه، يعتذر بظروفه الماليه، وكذلك من لا يفى بالنذر.. إن داود لم يجد لنفسه عذراً، لما " جاء أسد مع دب، واختطف شاه من قطيعه "، بل جرى وراءه، وانقذها من فمه (1صم 17: 34، 35).. ولو أن داود قد اعتذر عن إنقاذ الشاه، لوجدنا عذره مقبولاً!! ولكنه لم يفعل. كان ضميره أقوى..
ما أكثر الذين يخطئون، فبدلاً من لوم أنفسهم، يلقون اللوم على الكنيسة لكى يعذروا أنفسهم!!
يقولون: الكنيسة لم تفتقدنى! أب الاعتراف لم يهتم بى! لم أجد مرشداً يعرفنى الطريق! أين الآباء؟! أين عمل الكهنوت؟! ولا يقول أحد منهم: الخطأ كان واضحاً، وضميرى كان يبكتنى، وأنا لم أطع إرشاد ضميرى وتبكيته لى من الداخل..!!
إن أنطونيوس العظيم كان وحده في البرية بلا مرشد. وسار في الطريق السليم، ولم يعتذر بعدم وجود إرشاد.. وكذلك الأنبا بولا السائح وغيرهما من أعاظم القديسين..
فى محاسبتك لنفسك، من الأفضل لك أن تديبن نفسك وتبكتها.
فهذا أنفع لك من تبرير نفسك، وإلقاء التبعة على غيرك.. ما أجمل جواب أب جبل نتريا، لما سأله البابا ثاوفيلس عن أحسن الفضائل التي أتقنوها في حياة الوحدة، فقال: " صدقنى يا أبى، لا يوجد أفضل من أن يرجع الإنسان بالملامة على نفسه في كل شئ "..
أما العوائق فلا تكون مجالاً للاعتذار، وإنما مجالاً للتدريب على مقاومتها، والصلاة لكى يعطى الرب نعمة للإنتصار عليها.
محاسبة النفس تليها إدانه النفس. يليهما علاج النفس.
ووضع كل تلك الضعفات مجالاً للتدريبات الروحية، وللجهاد الروحى، والصلاة. وأيضاً لذكرها في الاعتراف، وطلب المشورة الصالحة..
و أيضاً لكى تكون تلك الضعفات سبباً في أتضاع النفس، والبعد عن أفكار المجد الباطل كلما تحارب النفس حينما تعمل خيراً. وكذلك تكون تلك الضعفات سبباً في الإشفاق على المخطئين بدلاً من إدانتهم. كما قال القديس بولس الرسول " أذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم، واذكروا المذلين كأنكم أنتم أيضاً في الجسد " (عب 13: 3 9).
حاسب نفسك على السلبيات التي تصدر منك، وأيضاً على الفضائل التي تنقصك. وكذلك على توقف نموك، إن كانت روحياتك وصلت إلى وضع معين، ثم توقف نموها. وهنا تضع أمامك قول القديس بولس الرسول " ولكنني أسعى لعلى أدرك.. أنسى ما هو وراء، وامتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض " (فى 3: 12- 14). إدرس ما الذي أوقف نموك. أهى أسباب داخلية، أم عوائق خارجية؟
البعض يحاسبون أنفسهم في مناسبات:
في بداية سنة جديدة مثلاً: السنة الميلادية أو القبطية أو في بدء سنة من عمرهم. والبعض الأفضل يحاسبون أنفسهم قبل كل اعتراف وتناول. وأفضل من هذين النوعين من يحاسبون أنفسهم في آخر كل يوم وافضل من هؤلاء جميعاً من يحاسب نفسه بعد الفعل مباشرة، ويبكت نفسه..
أما الوضع الأمثل والأكمل، فهم أن تحاسب نفسك على العمل قبل فعله.
فقبل أن تنطق كلمة مثلاً، تحاسب نفسك: هل يليق بى أن أقول هذه الكلمة؟ وماذا سيكون وقعها على الآخرين؟ وهل سيفهمها البعض على غير ما أقصده؟ فإن وجدت خطأ تتفاداه قبل وقوعه.
وهكذا في تصرف، وفى كل فكر.. بهذا تسير نحو الكمال. وليكن الرب معك...
الله لا يتركك وحدك في تداريبك، بل سيعمل معك. لأنك بالتدريب أظهرت أمك جاد وملتزم بالسلوك في الحياة مع الله. وهذا الشعور ستتجاوب معه المعونة الإلهية. وإن كان الشيطان يحاول أن يحاربك لتكسر التدريب، فإن النعمة سوف تسندك لتنجح فيه. المهم أنك لا تتراجع ولا تتراخى ولا تكسل. بل تكون حازماً مع نفسك..
و إن دربت نفسك على فضيلة، فاعلم أن الثبات في الفضائل أهم بكثير من اقتنائها.
لأنه ما أسهل تسير في فضيلة ما يوماً أو يومين أو ثلاثة أو أسبوعاً.. ولكن المهم أن تستمر، حتى تصبح هذه الفضيلة عادة فيك، أو تتحول إلى طبع، وهكذا تحتاج التداريب إلى مدى زمنى طويل لكى ترسخ في أعماق النفس. وكما قال ماراسحق إن كل تدبير لا تثبيت فيه زمناً، يكون بلا ثمر..
ذلك لأن الزمن والاستمرارية هما المحك العملى لمعرفة عمق الفضيلة فيك. والوقت أيضاً يعطى فرصة لاختيار المعوقات التي تقف ضد التدريب وطريقة النصرة عليها.
لهذا، فإن القفز السريع من تدريب إلى آخر، لا يفيد روحياً.
كثيرون يريدون أن يصلوا إلى كل شئ، في أقل فترة من الوقت. فتكون النتيجة عدم الوصول إلى شئ..!! أو أنهم يضعون أمامهم تداريب عديدة في نفس الوقت بحيث ينسون بعضها، أو لا يستطيعون التركيز عليها جميعاً. أما أنت فاسلك في تداريبك بحكمة، شيئاً فشيئاً، لكى تصل. وهنا أضع أمامك بعض الملاحظات.
*ليكن التدريب محدداً وواضحاً.
فلا تقل أدرب نفسى على المحبة بينما القديس بولس الرسول يضع لهذه المحبة حوالى 14 عنصراً في (1كو13). يمكنك الاكتفاء بعنصر واحد تركز عليه. ولا تقل إنى أريد أن درب نفسى على حياة التواضع، أو الوداعة، أو الإيمان. بينما تكون كل كلمة من هذه غير واضحة في تفاصيلها أمامك. وهكذا لا تفعل شيئاً.. إنما قل مثلاً أريد في حياة الاتضاع أن أدرب نفسى على أمر واحد فقط ، هو أنى لا أمدح ذاتى. فإن أتقنت هذا، تقول: ادرب نفسى على أنى أسعى وراء مديح الناس فإن أتقنت هذا، تقول أتدرب على شئ آخر، وهو إن مدحنى أحد، أتذكر في الحال خطاياى وتقصيرى، وأبكت ذاتى من الداخل.
البعض يضع لنفسه تدريباً فوق مستوى إرادته، أو لا تساعد عليه ظروفه. أو يقفز في التدريب إلى مستوى درجة عالية لا يستطيع الاستمرار فيها، وقد تصيبه بنكسة فيما بعد ترجعه إلى الوراء خطوات. فمثلاً، لا تضع لنفسك تدريباً في الصوم فوق احتمال صحتك، ولا تدريباً في الصمت لا يتفق مع ظروف عملك ومقابلاتك، وظروف بيتك، لا تدريباً في الصلاة أو في الخدمة لا يسمح به وقتك..
*و يمكن أن تتدرج في التدريب، بحيث لا تأخذ في كل مرة إلا حزءاً واحداً من تفاصيله.
من الصعب مثلاً أن تدرب نفسك على الصمت، في حياة المجتمع الذي تضطر فيه بالضرورة إلى الكلام. ولكنك قد تتدرج فتقول: أدرب نفسى على عدم الإطالة في الحديث. فما يحتاج إلى كلمة، لا أقول فيه جملة.وما يحتاج إلى جملة، لا ألقى فيه محاضرة. وإن فهم محدثى ما أريد، لا داعى لأن أزيد..
فإن أتقنت هذا، تقول: لا أبدأ الكلام إلا لضرورة. ثم تدخل في تدريب آخر، وهو البعد عن الصوت الحاد، وعن الصوت العالى، وتقول أدرب نفسى على " الصوت المنخفض الخفيف " (1مل 19: 12). ثم تدخل في مقاومة أخطاء اللسان واحدة فواحدة. إلى أن تصل إلى حسن الكلام. وحينئذ إن بعدت عن الصمت، تصل إلى النقطة التالية وهو حسن الكلام، فلا تخطئ. لأن هناك من ينطبق عليه المثل القائل: سكت دهراً ونطق كفراً!!
*و لتكن تداريبك من صميم حياتك العملية الواقعية.
فما يصلح لغيرك من تداريب، قد لا يصلح لك أنت. أما تداريبك فليكن مصدرها مقاومة أخطائك الخاصة، وتقصيراتك الروحية، وما يناسبك في حياة الفضيلة بحسب قامتك الروحية. وتداريبك يجب أن تتفق مع حياتك وظروفك الداخلية والخارجية.
كراسة التدريبات:
*ولتكن لك كراسة خاصة بالتدريبات.
تكتب فيها التدريب، وآية أو ضع آيات من الكتاب تشجعك، وتحثك على هذا التدريب بالذات. واحفظ هذه الآيات ورددها باستمرار، لكى تكون حاضرة في ذهنك كلما حوربت بشئ ضد ما تدرب نفسك عليه. وتذكر أيضا قصص القديسين الذين كانوا أمثلة عليا في الفضيلة التي تدرب نفسك عليها.
*و إن سقطت في تدريبك في وقت ما، اعرف أسباب السقوط، وحاول أن تتحاشاها فيما بعد.
و هكذا تأخذ خبرة روحية في كل ممارساتك، وتعرف حروب العدو وطريقة الانتصار عليها. حتى أن البعض – بهذه التدريبات – صاروا مرشدين لغيرهم. كالأم التي جربت الحياة، وتستطيع
أن تنصح ابنتها بنصائح عملية تفيدها.
*وحاول أن تستفيد من فشلك احياناً في تداريبك.
ليكن ذلك سبباً في اتضاعك وشعورك بالضعف، حتى لا تتكبر نفسك بتوالى النجاح.
وأيضاً ليكن ذلك سبباً يدعو إلى الاشفاق على الضعاف والمخطئين. ولتكن سقطاتك موضوعاً لمطانيات أمام الله تقدم فيها انسحاق قلبك ولتكن مجالاً لصلوات ترفعها إلى الله ليمنحك قوة ونعمة.
و بعد، فإن التداريب في صورتها الظاهرة، هى جهاد للوصول إلى نقاوة القلب، حتى يستحق سكنى الله فيه. ولكنها ليست مجرد جهاد، وإنما هى طلبة مقدمة إلى الله ليتدخل. وكيف؟
كثيرون يقدمون لله رغباتهم الروحية في أسلوب نظرى، في مجرد مشاعر القلب أو كلام في الصلاة. أما التداريب الروحية فهى رغبات تقدم إلى الله بأسلوب عملى..
هى جهاد عملى صارخ إلى الله لكى يتدخل ويمنح من عنده النصرة لهذا الجهاد.. والله هو العامل فينا أن نريد وأن نعمل من أجل المسرة (فى 2: 13).. المسرة في أن يتمجد اسمه فينا كلما ننجح في جهادنا وتداريبنا. وليكن اسم الرب مباركاً من الآن وإلى الأبد.
قراءة سير القديسين Hagiography من أهم الوسائط الروحية التي تستخدمها النعمة لتنمية علاقتنا مع الله، اشعال محبتنا له وملكوته.
وهى تقدم لنا التنفيذ العملى للمبادئ الروحية.
ربما تبدو لنا كثير من الوصايا والتعاليم وكأنها مبادئ نظرية. ولكننا نراها في سير القديسين في الواقع العملى، منفذة بصورة واضحة وفى ظروف مناسبة لها.
و هكذا يرينا القديسين أن وصايا الرب سهلة وممكنة، وليست مثاليات نظرية.
فكثيراً ما يقول البعض في استغراب: من يستطيع أن ينفذ هذه المثاليات؟! هل حقاً يمكن لإنسان أن يحول الخد الآخر لمن بلطمة على خده؟! (مت 5: 39). هل يمكن أن يصلى إنسان كل حين ولا يمل (لو 18: 1)؟! وأن يصلى بلا انقطاع! (1تس 5: 17). وهل يمكن أن يعطى الإنسان كل ماله للفقراء؟! (مت 19: 21). هذه الأسئلة مع الكثير من أمثالها، نراها جميعاً مجابة وممثلة في سير القديسين.
و لقد سمح الله أن يقدم لنا هؤلاء القديسون أمثلة عالية في كل فضيلة من الفضائل بلا استثناء
و بطريقة مذهلة حقاً، تدعو إلى الاعجاب الشديد بروحانية أولئك الأبرار، حتى وكأنهم كانوا ملائكة أرضيين، ارتفعوا فوق مستوى المادة والجسد، وعاشوا بالروح مع الرب، في حياة نصرة كاملة على كل حروب العدو. أو تقول إنهم عادوا إلى الصورة الإلهية التي خلق بها الإنسان منذ البدء.. فحياتهم تشجع كل إنسان أن يسير في النهج الروحى، بلا خوف، وبلا تردد.
بحيث نقول في ثقة حينما نقرأ عنهم: الله قادر أن يعيننا كما أعانهم..
حياة البر إذن ممكنة وسهلة ومتاحة، لكل من يطلبها. ونعمة الله مستعدة أن نعمل في كل قلب، وترفعه إلى أسمى درجة، مهما كانت حالته الأولى.. فروح الله الذي كان يعمل، ويقود النفوس نحو الله، ويمنحهم كل الإمكانيات والمواهب.
فما عمله القديسون، هو ما عمله روح الله معهم. أترانا نقرأ عنه أم عنهم في هذه السير؟
أم القصص التي وردت في سير القديسين، إنما تحكى " عن شركة الروح القدس" (2كو 13: 14) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). أو هى قصة (الله مع الناس). عمل الله معهم، أو عملهم معه. يبدأ الله فيستجيب الناس، أو يتجه الناس نحو الله، يجذبهم إلى أحضانه بكل قوة. أو هى صورة لتلك العبارة في سفر النشيد " اجذبنى وراءك فنجرى " (نش 1: 4).
لقد كان لسير القديسين تأثير عميق في الجميع على مدى الأجيال.
فقصة حياة القديس الأنبا أنطونيوس التي كتبها القديس أثناسيوس الرسولى، كان لها تأثير عجيب في أهل رومه، حتى كانت سبباً في انتشار الرهبنة هناك. ولما قرأها القديس آوغسطينوس تأثر بها جداً، وقادته إلى التوبة. كذلك فإن تأثير سير الرهبان في برية شيهيت، جذب إليهم السواح من كافة البلاد، ليروا هؤلاء الذين عاشوا على الأرض وكأنهم في السماء.. فجاءوا إليهم، ليسمعوا من أفواههم كلمة منفعة، وكتبوا قصصهم أو بعضاً منهم، فحفظها التاريخ.
إن هؤلاء القديسين لم يكتبوا أى كتاب عن حياتهم. ولكن حياتهم كانت هى أشهى كتاب.
كانت التاريخ الحى الذي قرأه جيلهم، وعاش به ونقله إلى باقى الأجيال.
و الوحى الإلهى نفسه نقل إلينا سير كثير من الأنبياء والرسل، حتى تسمت بأسمائهم بعض الأسفار المقدسة، التي شرحت لنا عمل الله فيهم، ورسالتهم التي كلفهم الله بها، وسيرتهم المقدسة.
و قد اهتمت الكنيسة جداً بسير القديسين.
فوضعتها في كتاب اسمه السنكسار Synaxarium، لكى تقرأ منه في كل قداس إلهى، سيرة واحد منهم أو أكثر، لتعزيتنا وتعليمنا. وتقرأ أيضاً على المؤمنين جزءاً آخر من سير آبائنا الرسل الأطهار من (الأبركسيس)، أى سفر " أعمال الرسل ". وما أكثر ما تقيم الكنيسة أعياداً لأولئك القديسين، تحتفل فيها بذكراهم، وتعيد على الآذان والأذهان سيرهم وفضائلهم.
و كذلك أيقوناتهم في الكنائس، وما يوضع أمامها من شموع، إنما تعيد إلى الذاكرة سير أولئك القديسين، لتكون غذاء للروح ومجالاً للتأمل فضائلهم. وما أجمل قول ماراسحق:
" شهية هى أخبار القديسين، مثل الماء للغروس الجدد".
كانت التاريخ الحى الذي قرأه جيلهم، وعاش به ونقله إلى باقى الأجيال. والوحى الإلهى نفسه نقل إلينا سير كثير من الأنبياء والرسل، حتى تسمت بأسمائهم بعض الأسفار المقدسة، التي شرحت لنا عمل الله فيهم، ورسالتهم التي كلفهم الله بها، وسيرتهم المقدسة.
إنها غذاء روحى لا يستغنى عنه أحد، يجلب لنا الشعور بمحبة الله، ومحبة طرقه التي تؤدى إلى الملكوت.. وتجعلنا أيضاً نحب الفضيلة، ونحب أولئك الأبرار، ونتخذهم لنا آباء وشفعاء، ونحرض أن نعمق علاقتنا بهم، وكأنهم أحياء يعيشون معنا على الأرض، نتحدث إليهم ونطلبهم.
و من محبتنا لهم ولسيرتهم، نتسمى بأسمائهم.
و نشكر الله أنه في أيامنا هذه، كثر التسمى بأسماء القديسين ن نسمى بها أطفالنا، لينشأوا محبين للقديسين، وأيضاً اعترافاً منا بمحبتنا لهم وإعجابنا بسيرتهم.. ونفس الوضع حينما يدخل أحد في حياة التكريس، راهباً او كاهناً، يتسمى باسم أحد هؤلاء القديسين، إعترافاً منا بالسيرة المقدسة التي لهذا الإسم الحسن. وأود في هذا المقال أن أسجل بعضاً من التاثير الروحى لسير القديسين:
1- التأثير الأول هو القدوة:
و هذا ما قاله القديس بولس الرسول " اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. انظروا إلى نهاية سيرتهم، فتمثلوا بإيمانهم " (عب 13: 7)0
و هنا نجد أمامنا منهجاً واسعاً جداً. فكل فضيلة يريد إنسان أن يقتنيها، نجد مجموعة من القديسين يرشدونهم بحياتهم إلى كيفية السلوك فيها، ويقدمون لنا مثالاً عملياً، وحافزاً يجذبه إليها.. على أننى أحب هنا أن أضع ملاحظة هامة وهى:
علينا أن نقتدى بالقديسين فيما هو ممكن لنا.
فمثلاً قد لا تكون حياة الاستشهاد متاحة. ولكننا نقتدى بالشهداء في قوة إيمانهم،فى شجاعتهم، في احتمالهم للإيمان، وفى الاستعداد للأبدية، وعدم محبة العالم ولا التمسك به.. وكل هذا ممكن لنا
و قد لا نستطيع الصلاة الدائمة، كما كان يفعل القديس أرسانيوس الكبير، أو القديس مقاريوس الاسكندارنى.. ولكن على الأقل ليكن لنا محبة الصلاة والاستمرار فيها على قدر قامتنا الروحية0
و لنعلم أن حياة قديسى البرية غير حياتنا في العالم. فلا نقلدهم في طى الأيام صوماً، الأمر الذي أتقنوه بعد سنوات طويلة من التدريب الروحى، وساعدتهم عليه حياة السكون..
إنما ليكن اقتداؤنا بهم في تلك الفضائل العالية تحت ارشاد روحى، وبتدرج حكيم.
و هناك فضائل أخرى متاحة للجميع، مثل الاتضاع، والوداعة، والهدوء، وخدمة الآخرين واحتمالهم، وعدم الغضب، وما يشبه ذلك.
أما الصمت الكامل، فلا يناسبك، إنما تأخذ منه: الكلام عند الضرورة، والكلام بقدر، واختبار الكلمة المناسبة، والكلمة البناءة النافعة..
فلا تقلد الفضيلة تقليداً كاملاً لا يناسبك ولا تقدر عليه. ولا ترفضها بالتمام في يأس. وإنما خذ منها بقدر، وبحكمة، وبتدرج، وتحت إرشاد..
خذ الفضيلة في روحها، لا في شكلها:
فحينما تقرأ مثلاً عن قديسى التوبة، حاول أن تكون مثلهم في حرارة توبتهم، وفى عدم عودتهم مطلقاً إلى الوراء. وتمثل بهم في إنسحاق قلوبهم وفى دموعهم. ولكن لا تقلد تقليداً حرفياَ الذين قادتهم التوبة إلى الرهبنة مباشرة مثل بيلاجية ومريم القبطية وموسى الأسود، وأوغسطينوس..
خذ محبة التائب لله، وعودته إليه، وعميق ندمه، واشمئزازه من الخطية.. ولكن عش في حدود شخصيتك وامكانياتك، وما أعطيته من النعمة..
2- التأثير الثانى لسير القديسين هو تقوية إلايمان:
سواء ما تقدمه سير الشهداء والمعترفين من التسمك بالإيمان، إلى حد الموت من أجله، أو قبول كل صنوف التعذيب، برضى وفرح وصبر..
أو ما تقدمه سير أبطال الإيمان الذين دافعوا عن العقيدة، بكل قوة وكل فهم، محتملين في سبيلها السجن والنفى والتشريد وكافة ألوان الاضطهاد، كالقديس أثناسيوس الرسولى مثلاً: الذي نفى عن كرسيه أربع مرات، واتهموه اتهامات شنيعة، وصدرت ضده أحكام، وقيل له " العالم كله ضدك يا أثناسيوس "..
نقرأ عن ذلك فيتبكت هذا الجيل، الذي لا يبالى بالخلاف في المذهب أو العقيدة، وينسى ما تحمله القديسون من آلام في سبيل ذلك!!
كانت المجامع المحلية والمسكونية تقام بسبب نقطة خلاف واحدة. ويبذل القديسون كل جهدهم في الدفاع عن الإيمان وفى إثبات العقيدة السليمة. والآن من أجل زواج أو طلاق، يمكن أن يغير إنسان مذهبه، بكل سهولة وبلا مبالاة، أو بجهل!! أو يختلف شخص مع أحد رجال الكهنوت، فيترك الكنيسة كلها، بكل إيمانها وعقيدتها. ولا يبالى بكل جهاد القديسين في سبيل ذلك الايمان.
لذلك نحن محتاجون إلى قراءة سير القديسين أبطال الإيمان، لتغرس في نفوس الجميع أهمية الإيمان والثبات فيه، ونبذ ما يسمى باللاطائفية!!
إن الكنيسة ليست طائفة، ولا هى مجموعة طوائف، ولكنها جماعة المؤمنين بايمان سليم في كل تفاصيله..
هذا الإيمان الذي استشهد من أجله قديسون في جميع الأجيال، والذين تألم بنسببه وتعذب عدد كبير من القديسين. ومن بينهم رهبان عاشوا في البرية الجوانية. ولكن عاشوا في الأيمان. وما أجمل الرمز الذي يحويه تكفين الأنبا السائح في رداء البابا أثناسيوس بطل الإيمان..
3- التأثير الثالث لسير القديسين هو غرس مشاعر الاتضاع و الانسحاق:
فكلما نقرأ عن هذه القمم العالية، وما وصلوا إليه، تتضع نفوسنا في الداخل، ونشعر أننا لا شئ إلى جوارهم..
حينما نقرأ عن القديس الأنبا ابرام في العطاء، ألا تنسحق نفوسنا؟ هذا الذي كان يعطى كل شئ. ولا يبقى لنفسه شيئاً. حتى أن البعض أعطاه مرة قطعة قماش أسود ليفصلها ثوباً له بدلاً من جلبابه البالى، فوهب قطعة القماش هذه لأرملة زارته.. أو ماذا نقول عن الأنبا يوحنا الرحوم الذي باع كل ما كان له وأعطاه للفقراء0و لما لم يجد شيئاً يملكه، باع نفسه عبداً، وتبرع بثمن نفسه للفقراء..!! آلا تتضع نفوسنا، حينما نقارن عطاءنا بعطاء هؤلاء؟!
حقاً إن سير القديسين تطرد من نفوسنا كل محاربات الكبرياء والمجد الباطل، إن حاربنا العدو بها.
إن حاربتنا أفكار من جهة خدمتنا، وقارنا أنفسنا بسيرة بولس الرسول الذي تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15: 10). وبشر في أورشليم، وفى إنطاكية، وآسيا الصغرى، واليونان، وفى رومه، ووصل إلى أسبانيا. وأسس كنائس لا حصر لها، وذاق متاعب لا توصف (2كو11)0 وكان يكتب رسائل، حتى وهو في السجن (أف 4: 1).. ألا تنسحق أنفسنا بهذه المقارنة وأشباهها؟!
و مهما أنسحقنا لن نصل إلى اتضاع القديسين.
هؤلاء الذين على الرغم من كل فضائاهم، قيل إنهم كانوا يبكون على خطاياهم!! القديس مقاريوس الكبير بكى وأبكى كل المجمع معه. القديس موسى الأسود، القديس بيشوى، القديس باخوميوس الكبير.. ماذا كان يبكى كل هؤلاء؟
القديس أرسانيوس الذي كان يقف ليصلى وقت الغروب، والشمس خلفه، ويظل واقفاً في الصلاة حتى تشرق مرة أخرى من أمامه، يقال إنه سقطت رموش عينيه من كثرة البكاء. وكان يبلل خوصه بالدموع!! فأين هو اتضاعنا نحن مهما اتضعنا؟!
القديس مكاريوس الكبير مؤسس الرهبنة بالاسقيط سألوه بعد رؤيته لسائحين في البرية الجوانية، فقال " أنا لست راهباً ولكنى رأيت رهباناً"..!! القصص أمامنا لا تنتهى فلعلنا نكتفى بهذه..
إننا نحارب بالكبرياء، حينما نقارن أنفسنا بأمثلة حية، تظن أننا أعلى منها!! أما حينما نقرأ سير القديسين، فحينئذ يستد كل فم، وندرك أننا لا شئ..
التأثير الرابع لسير القديسين
أنها تعطينا روح الحكمة والإفراز
تعلمنا الطريق الصحيح الذي نسلك فيه.. ما أجمل ما نقرؤه عن داود الملك، حينما أراد أن يشترى مكاناً لبناء الهيكل ووافق أرونه اليبوسى أن يهبه كل شئ بلا مقابل، حينئذ رفض داود وقال " لا، بل أشترى منك بثمن. ولا أصعد للرب إلهى محرقات مجانية " (2صم 24 |: 24).
إننا نتعلم الحكمة أيضاً من أبيجايل: كيف أنها تمكنت من توبيخ داود النبي بطريقة ربحته بها (1صم 25: 23 – 35)
نتعلم الحكمة من سير آباء البرية، حتى من الشباب. الذين فيهم أمثال القديسين الأنبا يوحنا القصير الذى قيل إن الأسقيط كله كان معلقا باصبعه0 ومثل تادرس تلميذ باخوميوس ومن حكمة الشيوخ مثل الأنبا أغاثون والأنبا ايسيذورس وغيرهم إن حكمة الآباء كنز لمن يتعلم..
الدرس الخامس الذي نتعلمه من سير القديسين هو دوام النمو
إنه صعود إلى فوق بغير حدود.. مثال ذلك بولس الرسول بكل مواهبه وخدمته وصعوده إلى السماء الثالثة. ومع ذلك يقول " ليس أنى نلت أو صرت كاملاً، ولكنى أسعى لعلى أدرك. أنسى ما هو وراء، امتد إلى ما هو قدام. اسعى نحو الغرض " (فى 3: 12 – 14).
الدرجات العليا التي وصل إليها القديسون في كل فضيلة، تحثنا على أن نمتد إلى قدام، ولا نكتفى مهما وصلنا. فالطريق أمامنا طويل طويل.. والنعمة مستعده أن تأخذ بأيدينا لنقطع فراسخ أولاً.. على آثار هؤلاء القديسين، إذ تعطينا سيرهم حرارة لا تخمد ولا تنطفئ..
أمور أخرى كثيرة نتعلمها من تأثير سير القديسين فينا.
نتعلم كيف تكون اعترافاتنا اكثر دقة، إذ نكتشف تقصيرات عديدة في حياتنا، بالمقارنة بسيرهم..
نتعلم ايضاً أسلوب التخاطب مع الله في الصلاة، عندما نقرأ صلواتهم، وما فيها من دالة، وما فيها من اتضاع، ومن حب وحرارة.. نتعلم أيضاً أسلوبهم في التعامل مع الناس، وطريقتهم في مواجهة الحروب الروحية، وأسلوب الانتصار عليها.
إن الذي يقرأ سير القديسين، يصير على الدوام في تغير مستمر، إلى أفضل: أسلوبه يتغير كلامه يتغير، معاملاته تتغير، محاولاً أن يصل إلى تلك الصورة عينها..
و بعد، أنا لست أدعى مطلقاً أننى وفيت هذا الموضوع حقه، فهو يحتاج إلى كتاب أو كتب. وكل ما ذكرته هو مجرد أمثلة.
و أترك لك أيها القارئ العزيز هذا الخضم الواسع من التأمل في فوائد سير القديسين.
فلا شك أن هذا الموضوع قد يشمل الحياة الروحية كلها..
قراءة سير القديسين Hagiography من أهم الوسائط الروحية التي تستخدمها النعمة لتنمية علاقتنا مع الله، اشعال محبتنا له وملكوته.
وهى تقدم لنا التنفيذ العملى للمبادئ الروحية.
ربما تبدو لنا كثير من الوصايا والتعاليم وكأنها مبادئ نظرية. ولكننا نراها في سير القديسين في الواقع العملى، منفذة بصورة واضحة وفى ظروف مناسبة لها.
و هكذا يرينا القديسين أن وصايا الرب سهلة وممكنة، وليست مثاليات نظرية.
فكثيراً ما يقول البعض في استغراب: من يستطيع أن ينفذ هذه المثاليات؟! هل حقاً يمكن لإنسان أن يحول الخد الآخر لمن بلطمة على خده؟! (مت 5: 39). هل يمكن أن يصلى إنسان كل حين ولا يمل (لو 18: 1)؟! وأن يصلى بلا انقطاع! (1تس 5: 17). وهل يمكن أن يعطى الإنسان كل ماله للفقراء؟! (مت 19: 21). هذه الأسئلة مع الكثير من أمثالها، نراها جميعاً مجابة وممثلة في سير القديسين.
و لقد سمح الله أن يقدم لنا هؤلاء القديسون أمثلة عالية في كل فضيلة من الفضائل بلا استثناء
و بطريقة مذهلة حقاً، تدعو إلى الاعجاب الشديد بروحانية أولئك الأبرار، حتى وكأنهم كانوا ملائكة أرضيين، ارتفعوا فوق مستوى المادة والجسد، وعاشوا بالروح مع الرب، في حياة نصرة كاملة على كل حروب العدو. أو تقول إنهم عادوا إلى الصورة الإلهية التي خلق بها الإنسان منذ البدء.. فحياتهم تشجع كل إنسان أن يسير في النهج الروحى، بلا خوف، وبلا تردد.
بحيث نقول في ثقة حينما نقرأ عنهم: الله قادر أن يعيننا كما أعانهم..
حياة البر إذن ممكنة وسهلة ومتاحة، لكل من يطلبها. ونعمة الله مستعدة أن نعمل في كل قلب، وترفعه إلى أسمى درجة، مهما كانت حالته الأولى.. فروح الله الذي كان يعمل، ويقود النفوس نحو الله، ويمنحهم كل الإمكانيات والمواهب.
فما عمله القديسون، هو ما عمله روح الله معهم. أترانا نقرأ عنه أم عنهم في هذه السير؟
أم القصص التي وردت في سير القديسين، إنما تحكى " عن شركة الروح القدس" (2كو 13: 14) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). أو هى قصة (الله مع الناس). عمل الله معهم، أو عملهم معه. يبدأ الله فيستجيب الناس، أو يتجه الناس نحو الله، يجذبهم إلى أحضانه بكل قوة. أو هى صورة لتلك العبارة في سفر النشيد " اجذبنى وراءك فنجرى " (نش 1: 4).
لقد كان لسير القديسين تأثير عميق في الجميع على مدى الأجيال.
فقصة حياة القديس الأنبا أنطونيوس التي كتبها القديس أثناسيوس الرسولى، كان لها تأثير عجيب في أهل رومه، حتى كانت سبباً في انتشار الرهبنة هناك. ولما قرأها القديس آوغسطينوس تأثر بها جداً، وقادته إلى التوبة. كذلك فإن تأثير سير الرهبان في برية شيهيت، جذب إليهم السواح من كافة البلاد، ليروا هؤلاء الذين عاشوا على الأرض وكأنهم في السماء.. فجاءوا إليهم، ليسمعوا من أفواههم كلمة منفعة، وكتبوا قصصهم أو بعضاً منهم، فحفظها التاريخ.
إن هؤلاء القديسين لم يكتبوا أى كتاب عن حياتهم. ولكن حياتهم كانت هى أشهى كتاب.
كانت التاريخ الحى الذي قرأه جيلهم، وعاش به ونقله إلى باقى الأجيال.
و الوحى الإلهى نفسه نقل إلينا سير كثير من الأنبياء والرسل، حتى تسمت بأسمائهم بعض الأسفار المقدسة، التي شرحت لنا عمل الله فيهم، ورسالتهم التي كلفهم الله بها، وسيرتهم المقدسة.
و قد اهتمت الكنيسة جداً بسير القديسين.
فوضعتها في كتاب اسمه السنكسار Synaxarium، لكى تقرأ منه في كل قداس إلهى، سيرة واحد منهم أو أكثر، لتعزيتنا وتعليمنا. وتقرأ أيضاً على المؤمنين جزءاً آخر من سير آبائنا الرسل الأطهار من (الأبركسيس)، أى سفر " أعمال الرسل ". وما أكثر ما تقيم الكنيسة أعياداً لأولئك القديسين، تحتفل فيها بذكراهم، وتعيد على الآذان والأذهان سيرهم وفضائلهم.
و كذلك أيقوناتهم في الكنائس، وما يوضع أمامها من شموع، إنما تعيد إلى الذاكرة سير أولئك القديسين، لتكون غذاء للروح ومجالاً للتأمل فضائلهم. وما أجمل قول ماراسحق:
" شهية هى أخبار القديسين، مثل الماء للغروس الجدد".
كانت التاريخ الحى الذي قرأه جيلهم، وعاش به ونقله إلى باقى الأجيال. والوحى الإلهى نفسه نقل إلينا سير كثير من الأنبياء والرسل، حتى تسمت بأسمائهم بعض الأسفار المقدسة، التي شرحت لنا عمل الله فيهم، ورسالتهم التي كلفهم الله بها، وسيرتهم المقدسة.
إنها غذاء روحى لا يستغنى عنه أحد، يجلب لنا الشعور بمحبة الله، ومحبة طرقه التي تؤدى إلى الملكوت.. وتجعلنا أيضاً نحب الفضيلة، ونحب أولئك الأبرار، ونتخذهم لنا آباء وشفعاء، ونحرض أن نعمق علاقتنا بهم، وكأنهم أحياء يعيشون معنا على الأرض، نتحدث إليهم ونطلبهم.
و من محبتنا لهم ولسيرتهم، نتسمى بأسمائهم.
و نشكر الله أنه في أيامنا هذه، كثر التسمى بأسماء القديسين ن نسمى بها أطفالنا، لينشأوا محبين للقديسين، وأيضاً اعترافاً منا بمحبتنا لهم وإعجابنا بسيرتهم.. ونفس الوضع حينما يدخل أحد في حياة التكريس، راهباً او كاهناً، يتسمى باسم أحد هؤلاء القديسين، إعترافاً منا بالسيرة المقدسة التي لهذا الإسم الحسن. وأود في هذا المقال أن أسجل بعضاً من التاثير الروحى لسير القديسين:
1- التأثير الأول هو القدوة:
و هذا ما قاله القديس بولس الرسول " اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. انظروا إلى نهاية سيرتهم، فتمثلوا بإيمانهم " (عب 13: 7)0
و هنا نجد أمامنا منهجاً واسعاً جداً. فكل فضيلة يريد إنسان أن يقتنيها، نجد مجموعة من القديسين يرشدونهم بحياتهم إلى كيفية السلوك فيها، ويقدمون لنا مثالاً عملياً، وحافزاً يجذبه إليها.. على أننى أحب هنا أن أضع ملاحظة هامة وهى:
علينا أن نقتدى بالقديسين فيما هو ممكن لنا.
فمثلاً قد لا تكون حياة الاستشهاد متاحة. ولكننا نقتدى بالشهداء في قوة إيمانهم،فى شجاعتهم، في احتمالهم للإيمان، وفى الاستعداد للأبدية، وعدم محبة العالم ولا التمسك به.. وكل هذا ممكن لنا
و قد لا نستطيع الصلاة الدائمة، كما كان يفعل القديس أرسانيوس الكبير، أو القديس مقاريوس الاسكندارنى.. ولكن على الأقل ليكن لنا محبة الصلاة والاستمرار فيها على قدر قامتنا الروحية0
و لنعلم أن حياة قديسى البرية غير حياتنا في العالم. فلا نقلدهم في طى الأيام صوماً، الأمر الذي أتقنوه بعد سنوات طويلة من التدريب الروحى، وساعدتهم عليه حياة السكون..
إنما ليكن اقتداؤنا بهم في تلك الفضائل العالية تحت ارشاد روحى، وبتدرج حكيم.
و هناك فضائل أخرى متاحة للجميع، مثل الاتضاع، والوداعة، والهدوء، وخدمة الآخرين واحتمالهم، وعدم الغضب، وما يشبه ذلك.
أما الصمت الكامل، فلا يناسبك، إنما تأخذ منه: الكلام عند الضرورة، والكلام بقدر، واختبار الكلمة المناسبة، والكلمة البناءة النافعة..
فلا تقلد الفضيلة تقليداً كاملاً لا يناسبك ولا تقدر عليه. ولا ترفضها بالتمام في يأس. وإنما خذ منها بقدر، وبحكمة، وبتدرج، وتحت إرشاد..
خذ الفضيلة في روحها، لا في شكلها:
فحينما تقرأ مثلاً عن قديسى التوبة، حاول أن تكون مثلهم في حرارة توبتهم، وفى عدم عودتهم مطلقاً إلى الوراء. وتمثل بهم في إنسحاق قلوبهم وفى دموعهم. ولكن لا تقلد تقليداً حرفياَ الذين قادتهم التوبة إلى الرهبنة مباشرة مثل بيلاجية ومريم القبطية وموسى الأسود، وأوغسطينوس..
خذ محبة التائب لله، وعودته إليه، وعميق ندمه، واشمئزازه من الخطية.. ولكن عش في حدود شخصيتك وامكانياتك، وما أعطيته من النعمة..
2- التأثير الثانى لسير القديسين هو تقوية إلايمان:
سواء ما تقدمه سير الشهداء والمعترفين من التسمك بالإيمان، إلى حد الموت من أجله، أو قبول كل صنوف التعذيب، برضى وفرح وصبر..
أو ما تقدمه سير أبطال الإيمان الذين دافعوا عن العقيدة، بكل قوة وكل فهم، محتملين في سبيلها السجن والنفى والتشريد وكافة ألوان الاضطهاد، كالقديس أثناسيوس الرسولى مثلاً: الذي نفى عن كرسيه أربع مرات، واتهموه اتهامات شنيعة، وصدرت ضده أحكام، وقيل له " العالم كله ضدك يا أثناسيوس "..
نقرأ عن ذلك فيتبكت هذا الجيل، الذي لا يبالى بالخلاف في المذهب أو العقيدة، وينسى ما تحمله القديسون من آلام في سبيل ذلك!!
كانت المجامع المحلية والمسكونية تقام بسبب نقطة خلاف واحدة. ويبذل القديسون كل جهدهم في الدفاع عن الإيمان وفى إثبات العقيدة السليمة. والآن من أجل زواج أو طلاق، يمكن أن يغير إنسان مذهبه، بكل سهولة وبلا مبالاة، أو بجهل!! أو يختلف شخص مع أحد رجال الكهنوت، فيترك الكنيسة كلها، بكل إيمانها وعقيدتها. ولا يبالى بكل جهاد القديسين في سبيل ذلك الايمان.
لذلك نحن محتاجون إلى قراءة سير القديسين أبطال الإيمان، لتغرس في نفوس الجميع أهمية الإيمان والثبات فيه، ونبذ ما يسمى باللاطائفية!!
إن الكنيسة ليست طائفة، ولا هى مجموعة طوائف، ولكنها جماعة المؤمنين بايمان سليم في كل تفاصيله..
هذا الإيمان الذي استشهد من أجله قديسون في جميع الأجيال، والذين تألم بنسببه وتعذب عدد كبير من القديسين. ومن بينهم رهبان عاشوا في البرية الجوانية. ولكن عاشوا في الأيمان. وما أجمل الرمز الذي يحويه تكفين الأنبا السائح في رداء البابا أثناسيوس بطل الإيمان..
3- التأثير الثالث لسير القديسين هو غرس مشاعر الاتضاع و الانسحاق:
فكلما نقرأ عن هذه القمم العالية، وما وصلوا إليه، تتضع نفوسنا في الداخل، ونشعر أننا لا شئ إلى جوارهم..
حينما نقرأ عن القديس الأنبا ابرام في العطاء، ألا تنسحق نفوسنا؟ هذا الذي كان يعطى كل شئ. ولا يبقى لنفسه شيئاً. حتى أن البعض أعطاه مرة قطعة قماش أسود ليفصلها ثوباً له بدلاً من جلبابه البالى، فوهب قطعة القماش هذه لأرملة زارته.. أو ماذا نقول عن الأنبا يوحنا الرحوم الذي باع كل ما كان له وأعطاه للفقراء0و لما لم يجد شيئاً يملكه، باع نفسه عبداً، وتبرع بثمن نفسه للفقراء..!! آلا تتضع نفوسنا، حينما نقارن عطاءنا بعطاء هؤلاء؟!
حقاً إن سير القديسين تطرد من نفوسنا كل محاربات الكبرياء والمجد الباطل، إن حاربنا العدو بها.
إن حاربتنا أفكار من جهة خدمتنا، وقارنا أنفسنا بسيرة بولس الرسول الذي تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15: 10). وبشر في أورشليم، وفى إنطاكية، وآسيا الصغرى، واليونان، وفى رومه، ووصل إلى أسبانيا. وأسس كنائس لا حصر لها، وذاق متاعب لا توصف (2كو11)0 وكان يكتب رسائل، حتى وهو في السجن (أف 4: 1).. ألا تنسحق أنفسنا بهذه المقارنة وأشباهها؟!
و مهما أنسحقنا لن نصل إلى اتضاع القديسين.
هؤلاء الذين على الرغم من كل فضائاهم، قيل إنهم كانوا يبكون على خطاياهم!! القديس مقاريوس الكبير بكى وأبكى كل المجمع معه. القديس موسى الأسود، القديس بيشوى، القديس باخوميوس الكبير.. ماذا كان يبكى كل هؤلاء؟
القديس أرسانيوس الذي كان يقف ليصلى وقت الغروب، والشمس خلفه، ويظل واقفاً في الصلاة حتى تشرق مرة أخرى من أمامه، يقال إنه سقطت رموش عينيه من كثرة البكاء. وكان يبلل خوصه بالدموع!! فأين هو اتضاعنا نحن مهما اتضعنا؟!
القديس مكاريوس الكبير مؤسس الرهبنة بالاسقيط سألوه بعد رؤيته لسائحين في البرية الجوانية، فقال " أنا لست راهباً ولكنى رأيت رهباناً"..!! القصص أمامنا لا تنتهى فلعلنا نكتفى بهذه..
إننا نحارب بالكبرياء، حينما نقارن أنفسنا بأمثلة حية، تظن أننا أعلى منها!! أما حينما نقرأ سير القديسين، فحينئذ يستد كل فم، وندرك أننا لا شئ..
التأثير الرابع لسير القديسين
أنها تعطينا روح الحكمة والإفراز
تعلمنا الطريق الصحيح الذي نسلك فيه.. ما أجمل ما نقرؤه عن داود الملك، حينما أراد أن يشترى مكاناً لبناء الهيكل ووافق أرونه اليبوسى أن يهبه كل شئ بلا مقابل، حينئذ رفض داود وقال " لا، بل أشترى منك بثمن. ولا أصعد للرب إلهى محرقات مجانية " (2صم 24 |: 24).
إننا نتعلم الحكمة أيضاً من أبيجايل: كيف أنها تمكنت من توبيخ داود النبي بطريقة ربحته بها (1صم 25: 23 – 35)
نتعلم الحكمة من سير آباء البرية، حتى من الشباب. الذين فيهم أمثال القديسين الأنبا يوحنا القصير الذى قيل إن الأسقيط كله كان معلقا باصبعه0 ومثل تادرس تلميذ باخوميوس ومن حكمة الشيوخ مثل الأنبا أغاثون والأنبا ايسيذورس وغيرهم إن حكمة الآباء كنز لمن يتعلم..
الدرس الخامس الذي نتعلمه من سير القديسين هو دوام النمو
إنه صعود إلى فوق بغير حدود.. مثال ذلك بولس الرسول بكل مواهبه وخدمته وصعوده إلى السماء الثالثة. ومع ذلك يقول " ليس أنى نلت أو صرت كاملاً، ولكنى أسعى لعلى أدرك. أنسى ما هو وراء، امتد إلى ما هو قدام. اسعى نحو الغرض " (فى 3: 12 – 14).
الدرجات العليا التي وصل إليها القديسون في كل فضيلة، تحثنا على أن نمتد إلى قدام، ولا نكتفى مهما وصلنا. فالطريق أمامنا طويل طويل.. والنعمة مستعده أن تأخذ بأيدينا لنقطع فراسخ أولاً.. على آثار هؤلاء القديسين، إذ تعطينا سيرهم حرارة لا تخمد ولا تنطفئ..
أمور أخرى كثيرة نتعلمها من تأثير سير القديسين فينا.
نتعلم كيف تكون اعترافاتنا اكثر دقة، إذ نكتشف تقصيرات عديدة في حياتنا، بالمقارنة بسيرهم..
نتعلم ايضاً أسلوب التخاطب مع الله في الصلاة، عندما نقرأ صلواتهم، وما فيها من دالة، وما فيها من اتضاع، ومن حب وحرارة.. نتعلم أيضاً أسلوبهم في التعامل مع الناس، وطريقتهم في مواجهة الحروب الروحية، وأسلوب الانتصار عليها.
إن الذي يقرأ سير القديسين، يصير على الدوام في تغير مستمر، إلى أفضل: أسلوبه يتغير كلامه يتغير، معاملاته تتغير، محاولاً أن يصل إلى تلك الصورة عينها..
و بعد، أنا لست أدعى مطلقاً أننى وفيت هذا الموضوع حقه، فهو يحتاج إلى كتاب أو كتب. وكل ما ذكرته هو مجرد أمثلة.
و أترك لك أيها القارئ العزيز هذا الخضم الواسع من التأمل في فوائد سير القديسين.
فلا شك أن هذا الموضوع قد يشمل الحياة الروحية كلها..
أود في هذا المقال أن أحدثكم عن روحانية العبادة لكي يختبر الإنسان مقدار درجته في العبادة، هناك مقياسان:
أما مقياس الطول، فهو مقدار الوقت الذي يقضيه الإنسان مع الله في كافة نواحي العبادة: في الصلاة، في التأمل، في الترتيل، في الألحان، في التسبيح، في القراءات الروحية..
في مقياس الطول لا أريد أن أحداثك عن الدرجات الروحية العالية لئلا تقع في اليأس. لا أريد أن أحدثك عن حياة الصلاة الدائمة فربما لا يكون هذا هو طريقك في الحياة، وقد تكون هذه من درجات النساك العابدين. ولا أريد أن أحدثك عن تدريب صلب العقل الذي سار فيه القديس مقاريوس الإسكندري، ولا عن حالات اختطاف الفكر، ولا عن تدريب خلط كل عمل من أعمال الحياة بالصلاة.
ولا أريد أن أحدثك عن أمثال القديس أرسانيوس الذي كان يقف للصلاة وقت الغروب والشمس وراءه، ويظل واقفاً مصلياً حتى تطلع الشمس أمامه مقضياً الليل كله في الصلاة..
ولكنى أحب أن أسألك كم تعطى الله من وقتك؟ وكم تعطى لأمور العالم من وقتك؟ وهل هي نسبة عادلة؟ وهل الوقت الذي تقضيه في العبادة كاف لغذاء روحك؟
هناك إنسان يزعم أنه يصلى كل يوم. وقد يكون مجموع صلواته في اليوم بضع دقائق، لا تشبع روحه ولا تشعره بالصلة بالله..
وقد يقف إنسان ليصلى، وسرعان ما يشعر بالسأم والملل، ويحب أن ينهى صلاته بأية طريقة كما لو كان عبئاً ثقيلاً عليه!! ذلك لأن قلبه جاف من الداخل ليست فيه محبة الله..
وقد يعتذر إنسان عن الصلاة بضيق الوقت. وقد يكون السبب الحقيقي هو عدم وجود الرغبة وليس عدم وجود الوقت!
إن أكبر رد على مثل هذا الإنسان هو داود النبي الذي كان ملكاً، وقائداً للجيش، ورب أسرة كبيرة جداً، ومع ذلك نراه يصلى" عشية وباكر ووقت الظهر". ويقول لله: "سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك".. ولا يكتفي بالنهار بل يقول أيضا: "فى نصف الليل نهضت لأشكرك على أحكام عدلك". ولا يكتفي بالليل بل يقول: "كنت أذكرك على فراشي، وفى أوقات الأسحار كنت أرتل لك". ولا ينهض فقط في وقت السحر بل يقول للرب: "سبقت عيناي وقت السحر، لأتلو في جميع أقوالك " ومع كل صلوات الليل هذه، نراه يقول في شوق إلى الله: "يا الله أنت ألهى، إليك أبكر، عطشت نفسي إليك"..
وفى النهار يقول: "محبوب هو أسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي"..
إنه مثل جميل، لرجل من رجال الصلاة، كان مشغولاً جداً، وعليه مسئوليات وأعباء لا حصر لها، ومع ذلك نجح في عمل الصلاة، وضرب مثالاً رائعاً لمقياس الطول في العبادة.. فلا يصح إذن أن نعتذر بالمشغوليات. لأننا إن آمنا بأهمية أمر من الأمور، نستطيع أن نوجد له وقتاً. المشكلة إذن في عدم وجود الرغبة.. المرجع: موقع كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت
وقد يكون السبب هو عدم الإحساس بالاحتياج إلى الصلاة.. مثال ذلك الشاب الذي زارني في إحدى المرات وقال لي: "إن شاء الله ستبدأ امتحاناتي يوم السبت، فأرجوك أن تذكرني في صلواتك يوم الأربعاء لأنها مادة صعبة". فقلت له: (وماذا عن امتحان يوم السبت؟). فأجاب: "إنها مادة سهله لا تحتاج إلى صلاة"..! نعم، ما أكثر تلك الأمور التي نراها لا تحتاج إلى صلاة.. إنها الثقة بالنفس أو بالظروف المحيطة أو ببعض المعونات البشرية، التي تجعلنا نشعر أننا لسنا في حاجة إلى صلاة.. كأننا ننتظر الوقت الذي يسمح فيه الله بضيقة أو مشكلة، وحينئذ فقط نصلى!!
أعود إلى سؤالي: ماذا عن مقياس الطول في حياتك الروحية؟ وهل أنت من جهة وقت العبادة في نمو مستمر؟
أما عن مقياس العمق فهو حالة القلب أثناء العبادة.. فقد يصلى إنسان وقتاً طويلاً ولكن في غير عمق.. بصلوات سطحية أو بصلوات من العقل فقط أو من الشفتين وليست من القلب، أو بصلوات من عقل غير مركز يطيش أثناء الصلاة في العالميات..!
إن مقياس العمق في الصلاة يجعلنا نسأل الأسئلة الآتية:
هل صلواتك بحرارة؟ وهل هي بإيمان؟ وهل هي بحب وشوق نحو الله؟ وهل صلواتك في انسحاق وتواضع قلب؟ وهل هي في خشوع وهيبة شديدة لله؟ وهل هي في تركيز وجمع للعقل؟ وهل صلواتك تشعر فيها بالصلة الحقيقية أمام الله كما لو كان قائماً أمامك تخاطبه وجهاً لوجه ؟
وهل هي من القلب حقاً أم من الشفتين فقط؟ وهل تتكلم فيها مه الله بدالة وثقة؟ وهل أنت تجد لذة في صلاتك وتتمنى لو استمرت معك كل الوقت أم أنك تؤدى فرضاً لابد أن تؤديه؟ وهل صلواتك من أجل نفسك فقط أم من أجل الآخرين أيضاً؟ وهل صلاتك هي لله وحده أم فيها عناصر الرياء ومحبة الظهور أمام الناس..
إنها أسئلة كثيرة إن أجبت عليها تعرف مقدار العمق الذي لك في عبادتك..
ويدخل في مقياس العمق نوعية الصلاة أيضاً.. فهل صلاتك مجرد طلب، أم فيها أيضاً عنصر الشكر، وعنصر التسبيح والتمجيد، وعنصر التوبة والانسحاق والاعتراف بالخطية..
ثم أيضاً هل صلاتك بفهم؟
هل تعنى كل كلمة تقولها لله؟ وهل تفهم معاني الألفاظ التي ترددها وبخاصة في الصلوات المحفوظة وفى المزامير؟
ويبقى بعد كل هذا أن نسأل: هل أنت حقاً تصلى؟ هل ينطبق عليك مقياس العمق؟ هل تشعر أن صلواتك قد وصلت فعلاً إلى الله؟ وهل تشعر انه قبلها، وانه مطمئناً واثقاً أن الله سيعمل معك عملاً..
وهل في صلاتك تشعر انك حفنة من تراب تحدث خالق الكون العظيم، فتقف أمامه في خشوع تشكره على الشرف الذي منحك إياه إذ سمح لك أن تقف أمامه..
إن قست نفسك بهذين المقياسين، مقياس الطول ومقياس العمق، ووجدت نفسك لم تبدأ بعد حياة العبادة، فنصيحتي لك أن تبدأ من الآن، وأن تحسن حالتك يوماً بعد يوم.. ولا تنهمك في أمور العالم الانهماك الذي يجفف قلبك ويقسي روحك ويجعلك تنظر إلى أمور العبادة بعدم اكتراث!!
أيها القاري العزيز، ضع أمامك على الدوام قول السيد المسيح: "ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟! أو ماذا يعطى عوضاً عن نفسه "؟!.. اهتم آذان بنفسك واحرص على أبديتك. ولتكن لك علاقة عميقة بالله. وان وجدت صعوبة في بداية الطريق فلا تيأس. وان حاربك الشيطان فقاومه، واثبت في عبادتك. وسيأتي الوقت الذي تذوق فيه جمال الحياة الروحية فتجدها شهية وممتعة، فتأسف على الأيام التي ضاعت عبثاً من حياتك. ابدأ في عمل الصلاة، وفى صلاتك اذكر ضعفى. وليكن الرب معك يقويك على عمل مرضاته..
مَنْ لا يُؤمن بالثالوث.. لن يجد له مكانًا بيننا في القداس..فهو مجد الثالوث.
ومَن لا يُمجِّد الثالوث بالصلاة..لا يستحق أن يشترك في التناول من جسد الابن الوحيد في نهاية القداس.
يا للهيبة والوقار الذي يُحيط بصلواتنا المُقدَّسة.
إننا نقف أمام الثالوث كُلي القداسة، نتكلّم معه ونُسبِّحه!!
إن الملائكة يقفون بكل وقار وخشوع أمام الحضرة الإلهية..
لقد سبَّحه الآباء بخوف واحترام..
ويأمرنا المزمور أن نعبُد الرب بخوف
"اعبُدوا الرَّبَّ بخَوْفٍ، واهتِفوا برَعدَةٍ"
(مز2: 11).
"أمّا أنا فبكَثرَةِ رَحمَتِكَ أدخُلُ بَيتَكَ. أسجُدُ في هيكلِ قُدسِكَ بخَوْفِكَ"
نعمل ايه عشان نعرف نسمع صوت ربنا؟؟؟
الهدوء، 1) اهدي قبل الصلاه وقبل قراية الانجيل لأن الدوشه قبل الممارسات الروحيه مش بتخلينا نستفيد منها
فلازم الاقي وقت اقعد فيه مع ربنا حتي لو قفلت التليفون شويه لو التليفون ده معطلني عن قعادي مع ربنا
ونقعد نقول ترنيمه مثلا نعرف نسمع صوت ربنا من خلالها ونبدأ نصلي
2) الاخلاء... يعني ايه؟ أنظف ودني من حديث الناس وده ازاي؟
باني أبعد عن النميمه وأنقي عقلي من الشرور
لازم أفضّي عشان اعرف أستقبل صوت ربنا
3) الجهاد، يعني لما تقرأ وصيه وتحس أنها صعبه متقولش صعب التنفيذ لكن تحاول فيها يعني مثلا احبوا اعدائكم
لاقيت حد بيكرهك ومش طايقك هتعمل ايه؟؟؟ علي الاقل لو مش قادر تحبه، الاول جاهد انك تبطل تكرهه وتطلب من ربنا تبطل تكرهه وتبطل تتمناله الشر ، كده انت بتجاهد لأن مافيش وصيه سهله فلازم تجاهد وتعمل باللي بتسمعه علي الاقل تطبق معني واحد من اللي سمعته احسن من أنك تسمع كتير ومش بتطبق ومش بتأخد قرار.
"ثم أطلب إليكم بوداعة المسيح وحلمه أنا نفس بولس الذى فى الحضرة ذليل بينكم وأما فى الغيبة فمتجاسر عليكم ولكن أطلب أن لا أتجاسر وأنا حاضر بالثقة؛ التى بها أرى أنى سأجترئ على قوم يحسبوننا كأننا نسلك حسب الجسد لأننا وإن كنا نسلك فى الجسد لسنا حسب الجسد نحارب إذ أسلحة محاربتنا، ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون هادمين ظنوناً، وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستأسرين كل فكر ألى طاعة المسيح" (2كو10).
هناك حرب فكرية يحيا فيها الإنسان تسير على شقين :
شق سلبى : هو الفكر الردىء فأسره وأجعله يخضع لطاعة المسيح وفكر المسيح.
الشق الثانى : أو المستوى الأعلى أن يكون لنا فكر المسيح.
أولا: أهمية الفكر فى الحياة الإنسانية :
فى البدء كان الكلمة، أذن فكر الله اللوغوس أزلى، فالكلمة دائماً هى المحرك والقائد للكون لأن خلقة الأرض بكلمة من فيه، لآن الله عاقل
وعقله غير محدود، حكيم وحكمته غير محدودة أزلية، أبدية، لا نهائية. خلق الإنسان مفكر وعاقل، وهذا هو الفرق بينه وبين الكائنات الأخرى. وإذا كنا نسمى:
الآب : الحكيم. الإبن : الحكمة. الروح : هو روح الحكمة.
الحكمة بنت بيتها.. الرب قنانى أول طريقه وأول طريق الآب هو الأزلية. وفى سفر الأمثال يقول منذ الأزل. الله خلق الإنسان على مثاله فى الحكمة. إذن الفكر له دور كبير فى الحياة يتلخص فى 4 نقاط :
الفكر هو بداية الفعل والعادة :
أى شئ أفكر فيه هو ما سأنفذه، والإنسان يفكر فى الشىء فينفعل به فينفذه ويتحرك، وهذه الحركة هى آخر شئ، فالفكر هو أساس الفعل وأساس تكوين العادات.
الفكر هو واضع خطوط الحياة :
إن الإنسان يفكر ويرسم الخط ثم يسير عليه ليس فقط فعل مؤقت أو متكرر لكن هذا تخطيط العمر، إنسان مثلاً وضع فى فكره أن يعيش مع الله، فتصبح هذه إستراتيجية حياته وهذا ما يسموه فى علم النفس إتجاه. فمن أخطر الأمور هو الفكر، لأنه يخطط للحياة كلها والحياة تمتد إلى الأبدية.
الفكر تعبير عن القلب :
ليس فقط فكر أنفذه لكن أيضاً تعبير عن المشاعر، من القلب تخرج أفكار شريرة، فينبوع الفكر من القلب وفى اللغة القبطية كلمة هيت (\ht) تعنى قلب وفكر فى وقت واحد. إذن هناك رابطة وثيقة بين الفكر والشعور، فالقلب المملوء بمحبة ربنا يفكر فى الناس بطريقة جديدة.
الفكر يضبط العلاقات :
طالما أن فكرى ضبط شعورى فشعورى يضبط علاقاتى، فالتفكير الإنسانى خطير جداً فى حياة البشر.
ثانياً: أنواع الأفكار :
هناك أفكار سلبية وأخرى إيجابية :
1- الشهوة.
2- الإدانة : أصبح يدين الناس وليس نفسه وهى حيلة دفاعية تدل على وجود تعب نفسي وروحى.
3- التميز : الشعور أنى افضل وهو طريق إلى الكبرياء والكبرياء يعقبها السقوط.
4- الفردية : وهو فكر غير كنسى، وغير كتابى، وغير مسيحى، وغير حكيم، وغير ناجح عملياً الإنسان الفردى الذى لا يعيش إحساس الفريق، وإحساس الكنيسة الجماعى. الفردية
ثقة فى النفس زائدة، تدل على كبرياء وضحالة روحية، بينما الجماعية معناها أنى غير واثق فى نفسى بل واثق فى الله، وروح الله العامل فى الجماعة.
5- الحسد : وهو عمق الذاتية، أنا منحصر داخل نفسى، ولا أحتمل نجاح غيرى، ويوجد شوق لزوال النعمة عن المحسود، وأتمنى أن يفشل.
6- الغيرة : لماذا غيرى عنده شئ غير موجود عندى؟! وهذه ذاتية، خاصة أننى عندى أشياء أخرى وعطايا أخرى أستفيد منها واستثمرها فالغيرة طالما لمجد ربنا "حسنة هى الغيرة فى الحسنى" (غل 18:4). هذه كلها أفكار سلبية ممكن أن تملأ الفكر، تظهر فى الفعل، تغمر المشاعر، توتر العلاقات.
شهوة : أعطينى حياة الطهارة.
إدانة : أعطينى أن أدين نفسى.
تميز : كلها عطاياك يارب.
فردية : علمنى أن أكون جماعى.
حسد : ارحمنى من السقوط فى هذه الخطية.
غيرة : أجعلها تكون غيرة فى الحسنى وليس غيرة للذات.
الأفكار الإيجابية :
أما نحن فلنا فكر المسيح :
1- فكر التوبة : فالتوبة فكرة وليست مشاعر لأن التوبة القائمة على التفكير أفضل من المشاعر. مثل الإبن الضال الذى درس وقارن واقتنع، وكلمة تاب تعنى ثاب أى شخص استيقظ وفكر... التوبة هى رجعة قلب لربنا كل لحظة سواء تاب بعد ما أخطأ أو أثناء الخطأ، يعنى
رجع لربنا نادم أو قبل الخطأ، فعندما تصبح التوبة خط أو إتجاه للحياة تحكم كل علاقاتى بربنا ويصبح الإنسان تواب ويأخذ كل كسرة نفس من ربنا، وليس من إنسان، فيفرح ويتعزى بها، (الرب قال له سب داود).
2- فكر أهمية الشبع : علينا أن نرسم خطة للشبع لو وضعنا فكر الشبع أمامنا، حتى لا أعيش فى تفريغ مستمر، وأبحث عن طرق لأشبع من ربنا.
3- فكر القداسة : فرق بين فكر عدم عمل الخطايا وبين القداسة، فعندما أضع أمامى فكر القداسة أستكبر فعل الشر وشبه الشر، الإنسان الأرثوذكسى دائماً حزين لأنه ليس قديساً.
4- فكر العطاء : الإنسان سمع السيد المسيح يقول: "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع 35:20) فبدأ يضع فى فكره أن يعطى لا يأخذ وهذه تغير وتصنع انقلاب فى حياة الإنسان فعندما يكون الإنسان، عنده فكر العطاء يكون دائم عدم الرضا عن النفس، وهو بمعنى أنه غير راض عن نفسه.
فكر الموت والأبدية: مثل الأم سارة التى كانت تضع فكرة الموت أمامها فى كل لحظة. هذه كلها أفكار إيجابية لو أن الإنسان ملأ بها ذهنه تغيرت حياته.
ثالثاً: الأفكار لها رئيس :
أحسن طريقة تكشف لى أفكارى هى السرحان يختبر أفكاره فى أى إتجاه هل تسير... فى الشهوة... فى الإدانة... إلى آخره من الأفكار السلبية، إذن السرحان مهم أن الإنسان الذى يجاهد فى طريق الرب أن يعرف الفكر المتسيد أو الفكر الأساسى. طبعاً يوجد أفكار أخرى كثيرة، فكون أنه يعرف هذا هو المهم، ويوجد قول أنه (عندما يكتشف الإنسان خطيئته هذا نصف العلاج).
رابعاً: كيف يكون لى فكر المسيح ؟
1- وسائط النعمة : من خلال الصلاة فالإنسان الذى عينه فى عين المسيح ودائماً فى شركة معه يأخذ فكر المسيح (هؤلاء الذين أشرقت عليهم بشعاع من حبك لم يحتملوا السكنى بين الناس بل ألقوا عنهم كل حب جسدانى). الخطر أن أعيش وحدى ولكن أن يجب أن يكون بينى وبين المسيح Hot Line. أى الخط الساخن، وهذا يكون من خلال الصلاة وهذه تجعل المسيح سريع الحضور وسريع الاستكشاف، وسريع الاستشعار، هذه أول وسيلة لاقتناء فكر المسيح.
2- الكتاب المقدس : "فتح كلامك ينير الجهال" (مز 130:119)، "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى" (كو 16:3) أى مصادقة الكتاب، وشخصياته، ووعوده.
3- القراءات الروحية : (كثرة القراءة تقوم العقل الطواف).
4- المحاسبة اليومية : أن يضع الإنسان نفسه تحت أضواء الفحص الإلهى، إن رأيت فىّ ميلاً باطلاً أهدنى طريقاً أبدياً. إذن المحاسبة اليومية فى حضرة المسيح.
5- الإعتراف : أعطى فرصة لأب الإعتراف أن يقول لى بعض الأخطاء الموجودة فىّ، وأنا لا ألاحظها.
أخيراً.. "أما نحن فلنا فكر المسيح" (1كو 16:2). والرب معكم،
من هذا نفهم أن الله يريدنا أن ننمو روحياً ولا نكون أطفال في الأيمان بل بالغين وناضجين لأنه حدد هدفاً معيناً لكل واحد من أبنائه وذلك لكي يصبحوا صورة ابنه.
لكننا نرى الكثيرين بل الملاين من المؤمنين يعيشون حياة الطفولة في الأيمان نعم ينمون جسدياً لكنهم لا ينمون روحياً. وهنا يأتي السؤال كيف أنمو روحياً؟
هناك سبع خطوات للنمو الروحى:
الخطوة الأولي : الرغبة. إن الأب السماوي يرغب أن يرانا ناضجين روحياً. لكن لابد أن يتقابل هذا مع رغبتنا نحن لأن السبب في عدم النضوج هو عدم الرغبة في النمو، لذلك ينبغي أن ترغب في هذا النمو، الرغبة عليها عامل أساسي وكبير جداً " قلي لي رغباتك أقول لك كيف تكون شكل العشرين سنة القادمة في حياتك " والرغبة تولد قرار والقرار يتبعه تنفيذ .
الخطوة الثانية : التعهد. إن النمو الروحي لا يحدث اوتوماتكياً، لكن لابد من أن يكون هناك تعهد منك أمام الرب انك ترغب أن تنمو روحياً. فلا بد من الغيرة والسعي المتواصل.
لا شئ يؤثر في حياتك بمقدار التعهدات التي تأخذها على نفسك وهذه التعهدات ممكن تنميك أو تدمر حياتك وعادة الناس تخسر كثيرا عندما تكون لهم تعهدات خارجة عن نطاق مشيئة الله فلا يعرفون الغرض الذي خلقهم الله لأجله.
الخطوة الثالثة : الجزء الذي يقوم به الله والجزء الذي يقوم به الإنسان في عملية النمو الروحي
من هذه الآيات نفهم إننا لا نملك أن نغير أنفسنا، لذلك الروح القدس يغير فينا ما يحتاج إلي تغير لكي نكون علي صورة الله، إذا نحن نحتاج إلي أن نمتلئ من الروح القدس وهذا ما تؤكده الآية الموجودة
لان الملئ بالروح القدس هو الذي يدفعك إلي حياة أفضل في المسيح، ولكن دعنا نتحدث عن اختبار الملئ بالروح القدس لأنه مهم جدا في عملية النمو الروحي .
ا. إن هذا الاختبار للكل لان الحياة الممتلئة من الروح القدس هي حياة ممتلئة بالمسيح. والمسيحي الممتلئ بالروح هو ميت عن الخطية وحي للمسيح رومية 6: 11 " فَكَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً، احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتاً بِالنِّسْبَةِ لِلْخَطِيئَةِ وَأَحْيَاءً لِلهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ."
ب. يضمن لك حياة النصرة علي التجارب يوحنا 14: 26 . " وَأَمَّا الرُّوحُ الْقُدُسُ، الْمُعِينُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَإِنَّهُ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.
ت- لماذا لا يحصل الكثيرين علي هذا الاختبار؟ لان المشكلة كلها في الإرادة "رومية 10: 9 " أَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِيَسُوعَ رَبّاً، وَآمَنْتَ فِي قَلْبِكَ بِأَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، نِلْتَ الْخَلاصَ" .. وعدم وجود شركة قوية مع المسيح يجعل الواحد منا لدية الشعور الدائم بالفتور الروحي والافتقار في معرفة كلمة الله
ج- الكبرياء يعطل الملئ والكبرياء هو السبب في سقوط الشيطان اشعياء 14: 12 " . كَيْفَ هَوَيْتِ مِنَ السَّمَاءِ يا زهرة بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ وَطُرِحْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ " لان الكبرياء يعني إبعاد الله عن عرش القلب والله يقاوم المتكبرين بحسب ما جاء في 1 بط 5:5 .
الخطية غير المُعترف بها تمنع الامتلاء بالروح القدس 1يو 1: 9. " وَلكِنْ، إِنِ اعْتَرَفْنَا لِلهِ بِخَطَايَانَا، فَهُوَ جَدِيرٌ بِالثِّقَةِ وَعَادِلٌ، يَغْفِرُ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ.
والاهتمام بالدنيويات 1 يو 2: 15- 17 . يعيش الإنسان سنوات قليلة ثم يتوارى عن مسرح هذا العالم لذلك علينا كمسيحيين أن لا نتعلق بالفاني لكن نسمح لروح الله أن يمتلك علي قلوبنا.
لكن كيف امتلئ بالروح القدس؟ فقط علينا أن نقر انه اختبار ثم إرادة وعزيمة مني علي نوال هذا الاختبار ثم الاعتراف بالخطية والتسليم الكامل للمسيح، ولا ينبغي أن نضع شكل معين لنوال هذا الاختبار لكن نترك الرب يعطينا الاختبار بالطريقة الذي يرغبها هو. إذا مما تقدم نعرف أن من جانب الله أن يمنح الروح القدس ومن جانبي أنا أن اطلب واقر واقبل عمل الروح القدس في حياتي .
الخطوة الرابعة حياة الصلاة. ولكي تنمو عليك أن تكون قريب من عرش النعمة أي الصلاة "لأنه كل ما تجلس مع المسيح أكثر كل ما يجعلك شبيه به "انظر الدرس المخصص للصلاة وهو الدرس الثالث.
الخطوة الخامسة: حضور الاجتماعات الروحية . لكى تنمو روحياً ينبغى المواظبة علي حضور الاجتماعات الروحية لأنك في حضور الاجتماعات تسمع لكلمة الله فتعرف مشيئة الله من نحوك، والكتاب المقدس يقول "غير تاركين اجتماعكم كما لقومٍ عادة بل واعظين أنفسكم كل يوم " عب 10: 25
الخطوة السادسة : عشرة المؤمنين. أي أن يكون لك أصدقاء مؤمنين مز1:1- 5 " (1)طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي لاَ يَتْبَعُ مَشُورَةَ الأَشْرَارِ، ولاَ يَقِفُ فِي طَرِيقِ الْخَاطِئِينَ، وَلاَ يُجَالِسُ الْمُسْتَهْزِئِينَ. (2)بَلْ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ بَهْجَتُهُ، يَتَأَمَّلُ فِيهَا نَهَاراً وَلَيْلاًَ. (3)فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ
الخطوة السابعة : مارس إيمانك واخدم الرب. إي كن شهادة أمام الآخرين عن الرب يسوع المسيح احكي اختبارك وخبر بكم صنع الرب بك ورحمك، وأخيرا ليكن فيك فكر المسيح .