اقتربت ليلة الميلاد
اقتربت ليلة الميلاد
تغرق مدينة بيت لحم في ظلام دامس .
ليالي لا ضوء فيها برد وشتاء والناس غارقين في نومهم .
يعبر ظلام بيت لحم عن الظلمة العميقة
التي عاشتها البشرية بعيدا عن الله بحيث يعجز الفكر البشري
عن معاينة السماويات .
اختبأ الناس في البيوت طلبا للدفء والحرارة والنوم
فأغلبهم مسافرين من أماكن بعيدة
لاذوا بالبيوت والفنادق في هجمات الليل .
يسير عجوز كهل معه خطيبته
وهي حبلى وعلى وشك الوضع .
يطرقان بابا إثر باب يبحثون عن ملجأ يبيتون فيه ليلتهم .
أُغلقت الأبواب دونهم وتعرضوا لبرد الشتاء والمطر .
لم يدرِ أحد ماذا تحمل المرأة في رحمها
ومن هو الجنين الذي هو على وشك الخروج للدنيا .
آه لو علموا لارتجت المدينة والكورة المحيطة بل والأرض كلها .
يا ترى لو عرفوا أن الجنين الذي تحمله تلك المرأة
هو العتيق الأيام هو من خلق آدم قديما
وهو من أعطى الوعد بالبركة لإبراهيم .
لو عرفوا أن الجنين الذي على وشك الولادة
هو من أباد سدوم وعمورة قديما
وهو المعطي الشريعة لموسى على جبل سيناء .
لو عرفوا أن الجنين الذي على وشك الخروج
هو من تكلم الأنبياء على لسانه منتظرين خلاصه العظيم .
إنه آت متواضعا فقيرا لا يجد له موضعا يسند إليه رأسه .
هو اللابس جسدا بشريا اتخذه من والدة الإله
وآتيا لخلاصنا وعتقنا من اللعنة القديمة .
هو نفسه الذي سمع دماء هابيل الصديق تصرخ من الأرض .
هو الذي يُنزل الأعزاء عن الكراسي ويرفع المتواضعين
هو المتسربل النور كالرداء رآه أشعيا النبي
على كرسي عال ( أشعيا 6 )
وأذياله تملأ الهيكل فصرخ بالويل على نفسه لتلك الرؤيا .
هو نفسه سيأتي ليلة الميلاد ولن يبحث عن بيت يأويه
بل يبحث عن قلوب استعدت لمولده وفتحت له الأبواب الموصدة .
هو الذي يشرق شمسه على الأبرار والأشرار
ويعطي ويغدق في العطاء للجيع .
هو المعطي كل حي طعامه في حينه
ولا ينسى حتى طيور السماء .