ادخلوني الى داخل قلوبكم..
قد أخفق الصليب، و تحول العالم إلى طريقة أكثر دهاء للتخلص من يسوع حتى و لو ظهر أنه يعبده. لقد وضعه على مذبحٍ عالٍ بأشكال كثيرة الثمن و بزينته الفاخرة، ثم عمل له سياجاً هناك. لقد قال العالم له : " امكث هناك، هذا هو المكان المناسب لك. امكث هناك. و عندما يأتي يوم الأحد فسوف نعبدك".
و طول الوقت و يسوع لا يكف عن التوسل:" لا تحبسوني في الداخل أنزلوني عن صلبانكم، أطلقوني من داخل مذابحكم، أخرجوني من الجدران الأربعة لكنائسكم ، أدخلوني في أذهانكم و قلوبكم، أدخلوني إلى منازلكم، أدخلوني إلى جماعاتكم و إلى مجامع مديريكم، إنني أريد أن أعود إلى حيثما بدأت أولاً، أمشي في شوارع الناس العامة ، و أتكلم معهم كيف يعيشون معاً".
توجد طرق متعددة مهذبة ل "حبس" المسيح في الداخل. أحياناً نعملها أثناء طقوس خدمة الكنيسة، فتصبح الخدمة قوقعة تنسحب الكنيسة إليها فاقدة كل اتصال بالعالم، نحن نجد المسيح في خدمة طقس الكنيسة و نتركه هناك، نحن لا نأخذه خارجاً معنا إلى العالم. نحن نتمم شريعة المسيح في الكنيسة ، و ما أن نتركها حتى نعود فنتبع قانوننا الخاص. هذا و كأننا نعيش في عالمين مختلفين، كما لو كنا شخصيات مقسمة، نكون نوعاً ما من الشخصية في الكنيسة، و نوعاً آخر من الشخصية خارج الكنيسة، كالعبرانيين القدامى الذين أدانهم النبي عاموس . لقد كانوا ينتظرون بتلهف لينتهي السبت حتى يمكنهم أن يعودوا ثانية إلى غشهم. اسمعه يقول : † " اسمعوا هذا أيها المتهممون (أي الدائسون على) المساكين. قائلين: متى ينقضى السبت، لنعوج موازين الغش، و نبيع نفاية القمح؟" (عا 8 : 4 -6 ).
لقد صرح "نيتشه Nietzche" و أعلن في عام " 1882م" أن الله ميت. هل من دليل؟ فقال : انظر إلى الكنائس ، إنها مقابر الله. يقول يسوع: "إنزلوني من على صلبانكم، أخرجوني خارج أربع حوائط كنائسكم، أخرجوني من أيقوناتكم، أدخلوني إلى عقولكم و قلوبكم".
من المعتاد في بعض مناطق أمريكا الجنوبية أن تجد بعض الهنود و هم يقومون بأسفار طويلة بعيدة عن منازلهم، أن يتوقفوا عند إحدى الكاتدرائيات أو الأضرحة و يتطلعون داخل الكنيسة، و هم يقولون بحزن و نحيب " إيدوس كريستوس! إيدوس كريستوس Adios Christoos ! Adios Christoos " و هم يعنون بذلك: "وداعاً أيها المسيح" إنهم يتركونه الآن داخل الكنيسة، أما يفعل كثر من المسيحيين اليوم كذلك؟ و إلا فبماذا نفسر الهوة الكبيرة بين ما نعلنه و نمارسه في الكنيسة و ما نفعله في المنزل أو الأسواق؟ أن يسوع في التجلي لم يلتفت إلى رجاء بطرس ليظلوا مستمرين في الصلاة على الجبل، و لكنه نزل إلى أسفل الوادي ليكمل شفاء المرضى. إن الغرض من ارتفاعنا من خلال الصلاة و العبادة هو أن نتجلى مع المسيح، ثم ننزل إلى وادي الحياة لنجليه بنعمة المسيح و محبته. يوجد جمال رائع في العبادة، يوجد إبداع في صلواتنا و طقوسنا، يوجد تقليد وكرامة عظيمة في ملابسنا الكهنوتية ، و الأيقونات ، و البخور ، لكن لا الملابس و لا الطقس و لا القداسات و لا الألحان ولا الترانيم و لا الأيقونات و لا البخور تشكل بديلاً لتكريس قلوبنا و تقديس حياتنا. إن لم يملك المسيح على القلب، و إن أخفقت العبادة في أن تؤثر في جميع مناحي حياتنا اليومية فالكل يكون بمثابة إيماءة أو حركة فارغة.
أليس هو الذي قال: "ليس كل من يقول لي يارب يارب يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات" (متى 7 : 21) . إنها أكذوبة أن نعبد الرب بشفاهنا و ليس بحياتنا. إنها مراءاة، و لم يدن المسيح خطية أكثر من الرياء.