إعجاز الوحى والنبوة فى سفر دانيال القمص عبد المسيح بسيط

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
الفصل السابع

رؤيا دانيال الأولى ممالك العالم وملكوت الله

(ص7)


"فى السنة الأولى لبيلشاصر ملك بابل رأى دانيال حلماً وُرؤى رأسه على فراشه. حينئذ كتب الحلم وأخبر برأس الكلام".(ع1).
يقع هذا الإصحاح فى سفر دانيال، زمنياً قبل الإصحاحين السابقين، الخامس والسادس، ولكنه وضع هنا فى الإصحاح السابع لأنه، كما يقول القديس جيروم، يبدأ سلسلة رؤى دانيال النبى نفسه، بينما تروى الإصحاحات السابقة سلسلة من الأحداث والمعجزات التى حدثت فى أيام نبوخذ نصر وبيلشاصر وداريوس المادى.
1- وقد أجمعت الغالبية العظمى من المفسرين فى كل العصور منذ أيام تلاميذ الرسل وخلفائهم، منذ زمن القديس أريناؤس والقديس هيبوليتوس والعلامة ترتليان والقديس جيروم وثيؤدوريت، وهم أقدم من وصلتنا كتاباتهم عن سفر دانيال النبى، إلى يومنا هذا، أن الوحوش الأربعة، أو الحيوانات الوحشية الأربعة، فى هذه الرؤيا، تمثل نفس الممالك أو الإمبراطوريات الأربعة فى حلم ورؤيا التمثال البهى وهى بابل، ومادى وفارس، واليونان، والرومان، وأن الحجر الذى قطع بغير يدين هو نفسه "ابن الإنسان الآتى على سحاب السماء" فى هذه الرؤيا، وإن "ملكوت السموات" الذى أقامه "إله السموات" هو الملكوت الذى أعطى لإبن الإنسان الممجد الآتى من فوق على سحاب السماء. ويرجع السبب فى تكرار نفس الموضوع بهذا الشكل، كما يقول أحد علماء الكتاب،/ إلى أن الله أعطى النبوة الأولى فى هيئة حلم للملك نبوخذ نصر، أعظم ملوك المشرق فى زمانه، لأنه كان ممثلاً للقوى الأرضية، ومن ثم فقد أعلن له الله ولكل حاكم وعاهل وإمبراطور، مهما كانت درجة حكمه، فى كل مكان وزمان، أنه مجرد حاكم وقتى مهما كانت مدة حكمه على الأرض، ولا يوجد حاكم أرضى، بشرى، وقتى، دائم أو له صفة الدوام، فقد هزمت كل مملكة عالمية سابقتها وسادت عليها، ولكن مملكة المسيح، ملكوت الله، الروحى وليس المادى، الأبدى وليس الزمنى، الدائم وليس المؤقت، الحجر الذى قطع بدون يدين، بدون أى قوة مادية بشرية، وملأ الأرض كلها، "شبه ابن الإنسان الآتى على سحاب السماء(1)" الذى تجثوا له كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف الجميع بروبيته، هو الوحيد الباقى لأنه من السماء وليس "من هذا العالم". لقد سادت كل إمبراطورية على سابقتها ولكن جميع الممالك ساد عليها وسيسودها ملكوت المسيح، فهو وحده "ملك الملوك ورب الأرباب".
وقد رأى دانيال النبى فى هذه الرؤيا الإمبراطوريات العالمية مصورة فى هيئة أربعة حيوانات متوحشة، أربعة وحوش نهمة متعطشة لسفك الدماء وخارجة من بحر العالم الزاخر المضطرب، فى حين أن نبوخذ نصر رآها أو صورت له فى هيئة "تمثال بهى" عظيم مكون من معادن براقة متدرجة فى القيمة من الذهب إلى الحديد، ومتدرجة أيضا فى القوة من قوة الذهب اللين إلى قوة الحديد الصلد. والفرق بيم رؤيا نبوخذ نصر ورؤيا دانيال النبى، هو الفرق بين نظرة الإنسان المادى إلى العالم ممثلاً فى نبوخذ نصر، ممثل القوى العالمية، وبين نظرة الله الذى يرى فى قادة إمبراطورياته وحوش ضارية، متوحشة، ممثلاً فى دانيال النبى، ممثل الله.
2- "أجاب دانيال وقال : كنت أرى فى رؤياى ليلاً وإذ بأربع رياح السماء هجمت على البحر الكبير"(ع2). يرى دانيال النبى فى هذه الرؤيا نفسه واقفاً على شاطئ البحر الكبير؛ والبحر الكبير أو البحر العظيم فى الكتاب المقدس، هو البحر الأبيض المتوسط(5)، ولكن البحر الكبير المقصود هنا، كما يرمز الكتاب المقدس دائما(6)، هو بحر العالم، وجموع أمم الأرض : "المهدئ عجيج البحار عجيج أمواجها وضجيج الأمم(7)"، أو كما يقول سفر الرؤيا "المياه التى رأيت هى شعوب وجموع وأمم وألسنة(8)". كما أن الرياح الأربع تعنى عادة نقاط الحدود(9)، ولكن فى رؤى دانيال النبى مصورة كقوات فعلية تقذف بما فى أعماق البحار، بحر العالم، وكما يرى القديس جيروم، أنها تقوم بذلك بتوجيه وإرشاد قوى ملائكية، كما جاء فى سفر زكريا النبى "فأجاب الملاك وقال لى هذه هى أرواح السماء الأربع خارجة من الوقوف لدى سيد الأرض كلها(10)". والبحر يبدو كجمهور عظيم من البشر، والرياح هى الفعلة الروحيين الذى يحمل الله بواسطتهم تاريخ العالم. وكما توجد أربع رياح، يوجد أيضا أربع إمبراطوريات، ويوجد ملاك، رئيس لكل منهم مثل"رئيس فارس(11)" و"رئيس اليونان(12)" وإلى جانب ذلك "ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبنى شعبك(13)".
3- "وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك"(ع3). صعد من البحر الكبير الذى يشير أولاً : إلى البحر المتوسط، قلب الحضارة الإنسانية والتاريخ البشرى والذى خرجت من حواليه جميع الإمبراطوريات العالمية ودارت حوله كل ملاحم التاريخ بل ملحمة تاريخ الإنسانية من قبل نبوخذ نصر وحتى الآن.
وثانياً : لأن البحر، كما بينا يرمز ويشير إلى العالم، إلى الأرض، إلى بحر العالم، الذى يقذف من أعماقه بكل ما هو شرير. ويقول كل من القديسين هيبوليتوس وجيروم(14)؛ الأرض نفسها بحر: البحر هو رمز العالم المتضخم بالكبرياء الإنسانى والألم والمضطرب بالإثارة السياسية والثورات العامة. كما يقول الكتاب "أما الأشرار فكالبحر المضطرب لأنه لا يستطيع أن يهدأ وتقذف مياهه حمأة وطيناً(15)" وذلك بالمقارنة مع "بحر زجاج شبه البللور(16)" والهدوء الأبدى لملكوت السموات "ورأيت كبحر من زجاج مختلط بنار والغالبين على الوحش وصورته وعلى (سمته) وعدد اسمه واقفين على البحر الزجاجى معهم قيثارات الله(17)".
1- الإمبراطوريات الثلاث الأولى :
(ع4-6) "الأول كالأسد وله جناحا نسر. وكنت أنظر حتى أنتتف جناحاه وانتصب على الأرض ووقف على رجلين كإنسان وأعطى قلب إنسان. وإذا بحيوان آخر شبيه بالدب فأرتفع على جانب واحد وفى فمه ثلاثة أضلع بين أسنانه فقالوا له هكذا قم كل لحماً كثيراً. وبعد هذا كنت أرى وإذا بآخر مثل النمر وله على ظهره أربعة أجنحة طائر. وكان للحيوان أربعة رؤوس وأعطى سلطاناً" جاء فى التفسير "هذه الحيوانات العظيمة ملوك يقومون على الأرض"(ع17).
هذه الحيوانات الثلاثة كما فسر الكائن الملائكى لدانيال النبى هى ثلاثة ممالك عظيمة "تقوم على الأرض".
أ- وكان الأول مثل الأسد وله جناحا نسر. فالأسد هو ملك الحيوانات والنسر هو ملك الطيور، هذا رمز للملكة الأولى الموصوفة بالرأس من ذهب، ورأسها هو الملك العظيم نبوخذ نصر الذى جمع فى شخصه وفى غزواته بين قوة الأسد وعظمة وسرعة النسر، وقد وصف بالأسد فى نبوات أرميا النبى(18)، كما وصف بالنسر فى رؤيا حزقيال النبى(19). وقد وصفت بابل وملكها نبوخذ نصر بهذه الأوصاف لأنها سادت على دول كثيرة وشعوب كثيرة بما فيها إسرائيل، وقد وصفها أرميا النبى بالأسد مهلك الأمم(20). ولكن هذه المملكة فقدت مميزاتها فى آخر أيام نبوخذ نصر بسبب كبريائه، يقول القديس هيبوليتوس "وفى الحديث عن جناحى النسر يعنى أن الملك نبوخذ نصر قد ارتفع، ارتفع بهذا المجد ضد الله، ثم يعنى بدمار جناحيه، دمار مجده لأنه سيق خارج مملكته. "وأعطى قلب إنسان وأن يقف على قدميه" بمعنى أنه عاد إلى نفسه وأدرك أنه مجرد إنسان ومن ثم أعطى المجد لله(21)".
هذان الجناحان "انتتفا" فى أواخر أيام نبوخذ نصر عندما "طرد من بين الناس وأكل العشب كالثيران وابتل جسمه بندى السماء(22)" لأنه لم يعط المجد لله بل لذاته، كما "اننتفا" جناحا بابل ذاتها عندما سقطت المملكة فى أيدى ملوك مادى وفارس(23).
ب- وكان الحيوان المتوحش الثانى "شبيه بالدب" الذى "ارتفع على جانب واحد" وكان "فى فمه ثلاثة أضلع بين أسنانه". ويرمز هذا الحيوان إلى الإمبراطورية الثانية والتى هى، كما قال كل المفسرين القدماء وعلى رأسهم القديس هيبوليتوس والقديس جيروم وثيؤدوريت، الإمبراطورية مادى فقط بالمخالفة للتاريخ ولنبوات دانيال النبى ذاته، وقد زعموا أن الإمبراطورية الثالثة هى فارس والرابعة هى اليونان، حتى ينفوا صفة الوحى والنبوة عن سفر دانيال ولكى يؤيدوا رأيهم بأن كاتب سفر دانيال عاش فى القرن الثانى ق.م. ولم يرى الإمبراطورية الرومانية ولذا، فبحسب زعمهم، يكون من المستحيل عليه أن يكتب عنها!! ولكن السفر نفسه، كما برهنا، يبرهن على أن دانيال النبى يتكلم عن مملكة متحدة تحكمها شريعة واحدة هى "شريعة مادى وفارس(24)" ويوقدها ملوك هم ملوك "مادى وفارس(25)". وهنا يرمز السفر لهذه الإمبراطورية المتحدة بدب "ارتفع على جانب واحد" دلالة على سيادة عنصر على آخر، سيادة العنصر الفارسى على العنصر المادى، كما هو مشار إلى هذه الإمبراطورية فى رؤيا التمثال ب "الصدر والذراعان من فضة"، فكما أن له جانبين له أيضا ذراعان. وقد رمز لكورش رأس هذه الإمبراطورية بالدب، لأنه جاء من الجبال. أما الثلاثة أضلع فتشير إلى ثلاثة دول التهمها فى بداية حكمه، يرى البعض أنها مملكته الوراثية؛ إنسان Ansan وعيلام وميديا(26)، كما غزا ماندا وكروسس وبابل، ويرى بعض آخر أنها بابل ومصر وليديا(27)، ويرى فريق ثالث أنها آسيا الصغرى ولكليا وسوسيانا(28). على أية حال فقد غزت الإمبراطورية الفارسية دولاً كثيرة ولذا يرى البعض أن الثلاثة أضلع هنا هى الثلاث جهات التى امتدت إليها فتوحات هذه الإمبراطورية؛ شمالاً نحو بابل وجنوباً إلى مصر وغرباً عبر آسيا الوسطى لاجتياح تركيا واليونان(29).
وكان يجب أن تلتهم "لحماً كثيراً" أى دول كثيرة فقد سير الملك أحشويرش أكثر من مليون ونصف رجل و300 سفينة إلى اليونان وحدها(30). وقد التهمت الإمبراطورية المادية الفارسية لحماً كثيراً فى غزوات جيوشها الهائلة العدد تحت قيادة كورش وقمبيز وداريوس واحشويرش وارتحشنا لونجمينتوس.
ج- أما الحيوان الثالث الذى "مثل النمر وله على ظهره أربعة أجنحة طائر" وكان له "أربعة رؤوس. وأعطى سلطاناً". هذا الحيوان يرمز للإمبراطورية الثالثة، إمبراطورية اليونان ورأسها الاسكندر الأكبر، وهذا هو رأى الغالبية العظمى من المفسرين وعلى رأسهم آباء الكنيسة فى اقدم عصورها، يقول القديس هيبوليتوس "الحيوان الثالث نمر أى اليونان، فقد جاء بعد الفرس الاسكندر المكدونى.. والمصور بالنحاس فى التمثال. وبقوله كان للحيوان أربعة رؤوس يعنى أربعة ممالك(31). وهكذا بعكس ما يزعمه النقاد والليبراليين، الذين يزعمون أن المقصود هو مملكة فارس لينفوا الوحى عن سفر دانيال. عندما وصف المملكة السابقة له ب "ملوك مادى وفارس" وإن المملكة التى هزمتهم وقائدها هو "ملك اليونان(32)".
وترمز أربعة أجنحة الطائر على ظهر هذا الحيوان للسرعة الفائقة التى اكتسحت بها جيوش الاسكندر الأكبر البلاد التى غزتها فى اتجاهات الأرض كلها. كما ترمز الرؤوس الأربعة، كما سبق أن قال الآباء وعلى رأسهم القديس هيبوليتوس إلى الممالك الأربعة التى انقسمت إليها الإمبراطورية، وإلى سلالات ملوكهم الأربعة، كما يقول القديس جيروم فى مكدونيا واليونان، وآسيا، وسوريا، ومصر.
وقد بدأت سلسلة ملوك هذه الإمبراطورية بالاسكندر الأكبر، الذى كان مثل النمر فى فتوحاته والذى قهر ممالك العالم وعلى رأسها الإمبراطورية المادية والفارسية فى سرعة هائلة. وقد سافر الاسكندر الأكبر اكثر وبسرعة اكبر وغزا أراضى أكثر من أى قائد آخر فى التاريخ المعروف والمسجل. ففى زمن قصير جداً، حوالى 10 سنوات، اتجه فى غزواته من آسيا الصغرى إلى مصر جنوباً والهند شرقاً حتى وصل إلى المحيط الهندى بقوة النمر وخفة وسرعة أجنحة الطائر، وفاقت مملكته فى الاتساع مملكتى بابل، ومادى وفارس، إذ إنها ضمت كل الولايات والدول التى كانت خاضعة لبابل ثم لمادى وفارس إلى جانب بلاد اليونان والهند.
وقد عبر الوحى عن هذا الاتساع فى حلم ورؤيا التمثال بقوله "تتسلط على كل الأرض"، وهنا بقوله "وأعطى سلطاناً". كما يؤكد الوحى أنه أعطى السلطان، أى من الله، الذى يعزل ملوكاً وينصب ملوكاً. وكما عبر الآباء القدماء فى تفسير القديس جيروم.
2- المملكة الرابعة والقرن الصغير (ضد المسيح) :
بعد ذلك يتحدث الوحى عن "الحيوان الرابع" والذى يعطى له مساحة كبيرة تفوق ما أعطاه للحيوانات الثلاثة السابقة، بل وتقدمه فى رؤيا لاحقة خاصة به وحده "بعد هذا كنت أرى فى رؤوى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوى وشديد جداً وله أسنان من حديد كبيرة. أكل وسحق وداس الباقى برجليه. وكان مخالفاً لكل الحيوانات اللذين قبله. وله عشرة قرون" (ع7) ثم يقول فى التفسير "أما الحيوان الرابع فتكون مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك فتأكل الأرض كلها وتدوسها وتسحقها. والقرون العشرة من هذه المملكة هى عشرة ملوك يقومون" (ع23و24) ويضيف دانيال النبى "حينئذ رمت الحقيقة من جهة الحيوان الرابع الذى كان مخالفاً لكلها وهائلاً جداً وأسنانه من حديد وأظافره من نحاس وقد أكل وسحق وداس الباقى برجليه" (ع19). وهذا يتطابق تماما مع وصف هذه الإمبراطورية الرابعة فى حلم ورؤيا التمثال البهى "وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدق ويسحق كل شئ وكالحديد الذى يكسر تسحق وتدق كل هؤلاء" (40:2).
أ- هذا الحيوان الهائل والرهيب الذى يرمز للإمبراطورية الرابعة لم يعط له أى صورة من صور الحيوانات أو أى شبه منها كما حدث مع الحيوانات الثلاثة الممثلة للإمبراطوريات الثلاث السابقة ولكنه يشبه ويماثل بل ويتطابق بصورة كبيرة مع الوحش الخارج "من البحر وله سبعة رؤوس وعشرة قرون(33)" فى سفر الرؤيا، فكل منهما له عشرة قرون، والوحش المذكور فى رؤيا القديس يوحنا يتصف بصفات الحيوانات الثلاثة الأولى فى رؤيا دانيال النبى "والوحش الذى رأيته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد". وهذا الترتيب المعكوس فى صفات هذا الوحش (نمر ثم دب ثم أسد) بينما فى رؤيا دانيال النبى (أسد ثم دب ثم نمر) يعكس حقيقة الصلة بين كل من الرؤيتين وما تم فعلاً فى الواقع، إذ أن الإمبراطورية الرومانية سادت وابتلعت كل ما كان للإمبراطورية اليونانية، النمر، والإمبراطورية اليونانية سادت وابتلعت ما كان لمادى وفارس، الدب، ومادى وفارس ابتلعت ما لبابل الأسد.
هذا الحيوان له عشرة قرون قال الملاك المفسر لدانيال النبى إنها تمثل عشرة ممالك، يقول القديس جيروم "دعونا نؤكد أن ما سلمه لنا كل الكتاب الكنسيين، أنه عند دمار الإمبراطورية الرومانية سينهض منها عشرة ملوك سيقسمون العالم الرومانى بينهم(35)"، وهذا ما أكده أيضا القديس أغسطينوس، والقديس إريناؤس الذى يقول "يتطلع دانيال أيضا إلى نهاية المملكة الأخيرة (أو الرابعة)، أو آخر عشرة ملوك الذين ستنقسم بينهم مملكة أولئك الناس(36)"، ويقول القديس كيرلس الأورشليمى "ويقول (عن المملكة الرابعة) أنها المملكة الرومانية، لأن المملكة الأولى التى ذاع صيتها هى مملكة الآشوريين. والثانية مملكة الميديين والفرس، والثالثة مملكة المقدونيين، والرابعة إمبراطورية الرومان الحالية(37)".
وكما اعتقد كل كتاب الكنيسة القدماء والغالبية العظمى من المفسرين على مر العصور، أن هذا الحيوان الرابع والذى يمثل الإمبراطورية الرابعة هى الإمبراطورية الرومانية كما بينا فى شرح حلم ورؤيا التمثال البهى، فقد اعتقد أيضا كل الكتاب اليهود القدماء أن هذه الإمبراطورية هى الإمبراطورية الرومانية، وعلى رأس هؤلاء الكتاب، المؤرخ اليهودى والكاهن يوسيفوس معاصر تلاميذ المسيح، وكانت رؤيا باروخ (80-60ق.م.) وكاتب عزرا الرابع (حوالى 80 م)(38). وهذا عكس ما زعمه النقاد والليبراليون ومن سار على دربهم، بأن هذه الإمبراطورية الرابعة هى مملكة السلوقيين التى كانت فى سوريا. ولكن واقع التاريخ لا يؤكد ذلك لأن مملكة السلوقيين لم تكن أبداً إمبراطورية عالمية، بل كانت أحد أفرع مملكة اليونان وانتهت تماما باستيلاء روما عليها وتحويلها إلى ولاية رومانية سنة 64ق.م. عندما استولى عليها القائد الرومانى بومبى. فى حين أن الإمبراطورية الرومانية بلغت فى الاتساع اكثر بكثير من الإمبراطوريات التى سبقتها حتى إنها حولت البحر المتوسط إلى مجرد بحيرة رومانية، وهذا ما يتفق مع ما جاء عنها فى نبؤه دانيال تماماً، إذ تقول النبؤة "فتأكل الأرض كلها وتدوسها وتسحقها" (ع23). كما أن مواصفات الوحش الرهيب وقوته الهائلة التى فاقت كل ما قبله فى القوة أو المساحة لا تنطبق إلا على روما.
3- القرن الصغير، أو ضد المسيح والمسيحية :
ب- ثم تنتق الرؤيا إلى مرحلة جديدة بالحديث عن قرن صغير يخرج من القرون العشرة التى للحيوان الرابع "كنت متأملاً بالقرون وإذا بقرن آخر صغير طلع من بينها وقلعت ثلاثة من القرون الأولى من قدامه وإذا بعيون كعيون الإنسان فى هذا القرن وفم متكلم بعظائم" (ع8)، "وهذا القرن له عيون وفم متكلم بعظائم ومنظره أشد من رفقائه. وكنت أنظر وإذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم" (ع20،21)، "وهو مخالف للأولين ويذل ثلاثة ملوك. ويتكلم بكلام ضد العلى ويبلى قديسى العلى ويظن أنه يغير الأوقات والسنة ويسلمون ليده إلى زمان وزمانين ونصف. فيجلس الدين وينزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا إلى المنتهى(39)".
وفى الإصحاح الثامن يعلن الوحى عن قرن آخر يخرج من أحد أفرع الإمبراطورية الثالثة، له مواصفات قريبة نسبياً من مواصفات هذا القرن "ومن واحد منها (القرون الأربعة) خرج قرن صغير وعظم جداً نحو الجنوب ونحو الشرق ونحو فخر الأراضى. وتعظم حتى إلى جند السموات وطرح بعضاً من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم. وحتى إلى رئيس الجند تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه. وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية على الأرض وفعل ونجح. فسمعت قدوساً واحداً يتكلم فقال واحد لفلان المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصى الخراب لبذل القدس والجند مدوسين. فقال لى إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء فيتبرأ القدس(40)". وقال الملاك لدانيال النبى عن هذا القرن "وفى مملكتهم عند تمام المعاصى يقوم ملك جافى الوجه وفاهم الحيل. وتعظم قوته ولكن ليس بقوته. يهلك عجباً وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين. وبحذاقته ينجح أيضا المكر فى يده ويتعظم بقلبه وفى الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر(41)".
وفى الإصحاح الحادى عشر يقدم الوحى صورة ثالثة فى وصف ملك الشمال تتعداه إلى أبعد ما يكون عما حدث فعلاً قبل الميلاد: "وتقوم منه اذرع وتنجس المقدس الحصين وتنزع المحرقه الدائمة وتجعل الرجس المخرب. والمتعدون على العهد يغويهم بالتملقات. أما الشعب الذين يعرفون ألههم فيقوون ويعملون. والفاهمون من الشعب يعلمون كثيرين. ويعثرون بالسيف وباللهيب وبالسبى وبالنهب أياماً وبعض الفاهمين يعثرون امتحاناًَ لهم للتطهير وللتبيض إلى وقت النهاية. لأنه بعد إلى الميعاد.
ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل إله ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضى به يجرى. ولا يبالى بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل إله لا يبالى لأنه يتعظم على الكل"(42).
 
التعديل الأخير:

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
هذه الصور التى قدمها الوحى فى رؤى دانيال النبى الثلاث ص 7و8و11 تتفق بصورة دقيقة وكاملة مع ما جاء عن "الوحش الطالع من البحر" فى سفر الرؤيا وعن "إنسان الخطية.. الأثيم.. ابن الهلاك" الذى تكلم عنه القديس بولس الرسول بالروح. يقول الوحى عن الوحش الطالع من البحر "وأعطى فماً يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطى سلطاناً أن يفعل اثنين وأربعين شهراً.ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على أسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين فى السماء. وأعطى أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم وأعطى سلطاناً على كل قبيلة ولسان وأمة. فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم فى سفر حياة الحمل(43)".
ويقول القديس بولس بالروح "لأنه لا يأتى (المسيح فى مجيئه الثانى) أن لم يأت الارتداد أولاً ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك. المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهاً أو معبوداً حتى أنه يجلس فى هيكل الله (كإله) مظهراً نفسه أنه إله وحينئذ سيستعلن الأثيم الذى الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه الذى مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وآيات وعجائب كاذبة. وبكل خديعة الأثم فى الهالكين(44)".
وقد أجمع آباء الكنيسة فى القرون الأولى والغالبية العظمى من المفسرين فى كل العصور على أن القرن الصغير الذى خرج من عشرة ممالك الحيوان الرابع، أو الإمبراطورية الرومانية (ص7)، والقرن الصغير الخارج من أحد الأقسام الأربعة التى للإمبراطورية اليونانية (ص8) وملك الشمال (ص11) وإنسان الخطية الأثيم ابن الهلاك (2تس2) ووحش سفر الرؤيا، كلها أوصاف متكاملة لضد المسيح الذى سيأتى قبل الميلاد أو بعد الميلاد، والتى ستتجسد جميعها فى ضد المسيح الذى سيأتى قبل المجئ الثانى للسيد المسيح والدينونة مباشرة. أو الدجال. فمن هو ضد المسيح، أو المسيح الدجال؟
أ- ضد المسيح من هو؟ وما هى أوصافه؟
وقد أتت الإجابة على الجزء الأول من السؤال فى إعلان الوحى فى رسالة القديس يوحنا الأولى ورسالته الثانية كالآتى :
"أيها الأولاد إنها الساعة الأخيرة. وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتى قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة. منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا من هو الكذاب إلا الذى ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو ضد المسيح الذى ينكر الآب والابن(45)".
"وكل روح لا يعترف بيسوع (المسيح انه جاء فى الجسد) فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذى سمعتم أنه يأتى والآن هو فى العالم" 1يو 3:4، "لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتياً فى الجسد. هذا هو المضل والضد للمسيح(46)".
ويقول السيد المسيح "فأن كثيرين سيأتون بأسمى قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين"، "لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات كثيرة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا(47)".
إذاً "ضد المسيح" هو "كذاب ومضل ومخادع" وينكر أن يسوع هو المسيح، وهذا فكر يهودى، وينكر التجسد وأن المسيح قد جاء فى الجسد أو هو الله وقد ظهر فى الجسد، وهذا ينطبق على الفكر اليهودى وكل فكر رافض لعقيدة التجسد على مر العصور. ولكن السيد المسيح يشير إلى شخصيات معينة، أفراد، غالباً من اليهود، سيدعى كل واحد منهم أنه المسيح. وهذا حدث فعلاً فى تاريخ اليهود وسيتكرر حتى يأتى الشخص الذى سيصدقه اليهود فعلاً ويتصوروا أنه المسيح.
وفى حديث القديس بولس بالروح القدس يتكلم عن هذا الشخص المحدد والمعين والذى يسميه بإنسان الخطية أو الأثيم وابن الهلاك والذى تتجسم فيه أوصاف ضد المسيح فى رسالتى القديس يوحنا الثانية والثالثة، والذى تظهر صورته بوضوح أكثر فى وحش سفر الرؤيا (ص13).
هذا الأثيم، ضد المسيح، المسيح الدجال، إنسان الخطية وابن الهلاك يوصف فى نبؤه وإعلان القديس بولس الرسول بأنه : سيرفع نفسه فوق الله (ع4)، ويعمل آيات كاذبة وعجائب كاذبة وذلك بمساعدة القوى الشيطانية، وسيخدع الهالكين لكى يتبعوه، وستكون نهايته بعمل المسيح مباشرة فى مجيئه الثانى.
أما فى سفر الرؤيا فقد أخذ الوحش، ضد المسيح، أسوأ ما فى صفات الإمبراطوريات السابقة للإمبراطورية الرومانية؛ شراسة النمر ولونه وافتراسه، وفم الدب وشراهته وميله لسفك الدماء، وقوة وتصلب الأسد وتكبره.
وتتفق نبؤات دانيال الثلاثة مع إعلانات العهد الجديد وأوصافه لضد المسيح أو المسيح الدجال وإنسان الخطية الأثيم ابن الهلاك.
أ- القرن الصغير فى دانيال ص7 والوحش فى رؤيا ص13 :
1) يخرج القرن الصغير من أحد ممالك الإمبراطورية الرومانية العشرة، ويمثل الوحش الإمبراطورية الرومانية ذاتها (دا 8:7،24؛ رؤ 2:13).
2) سيحكم كل منهم مدة رمزية عبارة عن ثلاث سنوات ونصف، مذكورة فى سفر دانيال ب "زمان وزمانين ونصف"، وفى رؤيا ب "اثنين وأربعين شهراً"، (دا 25:7؛ رؤ5:13).
3) كل منهم سيغلب القديسين ويذلهم لفترة (دا 21:7؛ رؤ 10:13).
4) كل منهم سيبلى قديسى العلى (دا 15:7؛ رؤ 13:12؛ 12:13).
5) كل منهم سيجدف على الله العلى ويتكلم بكلام ضده (دا 25:7؛ رؤ 5:13،6).
6) وكل منهم سيُهزم ويباد فى المجئ الثانى للسيد المسيح (دا 11:7؛ رؤ 20:19).
ب- القرن الصغير فى دانيال ص8 وضد المسيح فى 2تسالونيكى ورؤيا؛ ضد المسيح الذى جاء فى القرن الثانى ق.م. كان صورة مصغرة كما سنرى فى الفصل التالى لما سيفعله ضد المسيح السابق للمجئ الثانى والدينونة فى المستقبل، فهو دائماً وفى كل عصر ضد أولاد الله وعدوهم الروحى وسيفعل فى مجيئه النهائى قبل الدينونة ما سبق أن فعله كل ضد للمسيح على مدى العصور وأكثر، خاصة فى القرن الثانى ق.م. وأكثر بكثير، فقد كان القديم صورة مجسمة ومصغرة للثانى ورمزاً له. وهذا ما تبينه المقارنة التالية :
1) كل منهما غزا كثيراً (دا 9:8؛ رؤ 4:13).
2) كل منهما سوف يمجد ذاته (دا 11:8؛ 2تس 4:2؛ رؤ 5:13).
3) كل منهما سيكون سيداً للخديعة (دا 25:7؛ 2تس 10:2).
4) كل منهما سيدنس الهيكل (دا 11:8؛ متى 15:24).
5) كل منهما سيقدم برنامج سلام كاذب 0دا 15:8؛ 1تس 2:5،3).
6) كل منهما سيأخذ قوته من الشيطان (دا 24:8؛ رؤ 2:13).
7) كل منهما سيحارب القديسين حوالى ثلاث سنوات ونصف (دا 14:8؛ رؤ 5:13).
8) كل منهما سيجدف ضد الله (دا 25:8؛ 2تس 4:2؛ رؤ 5:13).
9) كل منهما سيدمره الله تماماً (دا 25:8؛ 2تس 7:2؛ رؤ 19:19،20).
10) كل منهما سيكره أولاد الله (دا 25:8؛ رؤ 13:12).
ج- الملك الشمال فى دانيال ص 11 ستتجمع فيه معظمات صفات ضد المسيح سواء التى جاءت فى نبؤتى دانيال أعلاه، أو ما جاء عن ضد المسيح فى العهد الجديد؛ فهو سيدنس هيكل الله ويغوى أولاد الله ويحاول أن يضلهم بالتملقات والغواية، ويعثر بعضهم إلى الميعاد، ويرتفع على كل إله ويجدف ضد الله. ثم يبلغ نهايته على يد الله ولن يوجد من يعينه.
ب- ضد المسيح وآباء الكنيسة
(1) القديس بوليكاربوس (69-155م) :
أحد تلاميذ القديس يوحنا الرسول : تكلم عن ضد المسيح بنفس نص وأسلوب يوحنا وقال : "كل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء بالجسد، هو ضد المسيح".
(2) رسالة برنابا (حوالى 100م) :
وقد جاء فيها عن ضد المسيح : "حجر العثرة النهائى (أو مصدر الخطأ) والمكتوب عنه كما يقول دانيال ستحكم عشرة ممالك على الأرض وسيخرج منهم ملك صغير بعدهم وسيخضع ثلاثة ملوك" ويقول دانيال أيضا عن نفس الشخص "ورأيت الوحش الرابع، شرير وقوى، وأكثر وحشية من كل وحوش الأرض، وقد خرج منه عشرة قرون ومنهم خرج قرناً صغيراً ناشئاً وقد اخضع ثلاثة من القرون العظيمة". والكاتب لا يقتبس من سفر دانيال بالحرف وإنما يقتبس روح وجوهر موضوع النص عن ضد المسيح.
(3) القديس اريناؤس (140-202م) :
وقد تكلم كثيراً عن ضد المسيح مستشهداً بما جاء فى سفر دانيال وما جاء بأقوال السيد المسح والقديس بولس وما جاء فى سفر الرؤيا فقال:
1- "وتبين الأحداث التى ستقر فى زمن ضد المسيح أنه لكونه مرتد ولص وقلق ليُعبد كإله، ومع أنه مجرد عبد، فهو يريد أن يناى به كملك. ولكنه سيأتى ليس كملك بار، وليس كملك شرعى خاضع لله، بل مؤيد بكل قوة الشرير، لذا سيأتى كعاق وظالم وبلا قانون، وكمرتد وجائر وقاتل، وكلص يتركز فى ذاته الارتداد الشيطانى ويرفض الأصنام ليقنع الناس أنه هو نفسه إله، رافعاً نفسه كالوثن الوحيد، يملك فى نفسه أخطاء الأوثان الأخرى الكثيرة. ويفعل ذلك لكى يخدمه الذين يعبدون الشيطان بالرجاسات الكثيرة. هذا الوثن الأوحد هو الذى يتحدث عنه الرسول بولس هكذا فى رسالته الثانية إلى تسالونيكى"(48).
2- ويشير القديس اريناؤس إلى جلوسه فى الهيكل باعتباره "رجسه الخراب" التى تنبأ عنها دانيال النبى وأشار إليها السيد المسيح.
3- ثم يقول: "ويتطلع دانيال أيضاً إلى نهاية المملكة الأخيرة" وينقل كل ما جاء عن القرن الصغير فى دا 8:7، 20-22، 23-25 ثم يقول هذا يكون لمدة ثلاث سنوات وستة شهور ثم يأتى القرن ليحكم على الأرض.ويتكلم عنه أيضاً الرسول بولس ويعلن سبب مجيئه.." ثم ينقل نص ما جاء فى 2 تس 8:2-12.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
4- "وقال عنه الرب للذين يؤمنون به ما يلى "أنا أتيت باسم أبى ولم تقبلونى. أن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه" (يو43:5) داعياً ضد المسيح ب "الآخر" لأنه مبعد من الرب. هذا هو أيضاً القاضى الظالم الذى ذكره الرب بأنه "لا يخاف الله ولا يهاب إنسان" (لو2:18) الذى لجأت إليه المرأة عندما نسيت الله، التى هى أورشليم الأرضية . فسينقل ملكوته إلى تلك المدينة ويجلس فى هيكل الله ليضل من يتبعونه، كما لو أنه المسيح، ولهذا السبب يقول دانيال أيضاً.." ثم ينقل ما جاء فى دانيال 12:8، 13-25،27:9 عن ضد المسيح.
وبعد أن يشرح ما جاء فى سفر دانيال وسفر الرؤيا عن الممالك وضد المسيح يقول: "وإذا كان الله العظيم قد كشف ما سيحدث فى المستقبل عن طريق دانيال وأكد ذلك عن طريق ابنه، وإذا كان المسيح هو الحجر الذى قطع بغير يدين والذى سيدمر الممالك الزمنية، ويقيم ملكوت أبدى الذى هو قيامه الأبرار، كما يعلن هو: "يقيم إله السموات مملكه لن تنقرض أبداً"، فلندع أولئك الذين يرفضون الخالق ولا يوافقون على أن الأنبياء قد أرسلوا من قبل الآب الذى أتى منه الرب أيضاً.. لأن النبوات التى أنبأ بها الخالق بنفس الأسلوب بواسطة جميع الأنبياء قد أتمها المسيح فى النهاية عاملاً إرادة أبيه ومكملاً لتدبيراته الخاصة بالجنس البشرى".
(4) العلامة أوريجانوس (185 253م):
وما كتبه أوريجانوس عن ضد المسيح لا يخرج عن ما ذكرناه فى الصفحات السابقة وما ذكره القديس إريناوس، خاصة ما جاء عن القرن الصغير فى دا 23:8-25 و2 تسالونيكى 4:2 ، والنبؤه فيما يختص بضد المسيح أعلنت فى سفر دانيال وقد ذكر فى نبؤاته الأمور الخاصة بالملكوت الآتى مبتداً من أزمنة دانيال ومستمراً إلى نهاية العالم وما قاله بولس فى الكلمات المقتبسة منه حين يقول(49).
(5) أما العلامة هيبوليتوس:
فقد كتب مقاله كاملة بعنوان "المسيح وضد المسيح، لا يخرج مضمون ما جاء بها عن ضد المسيح عما ذكر فى هذا الفصل.
(6) القديس جيروم :
"ويدعى (ضد المسيح) إنسان حتى لا نفترض أنه شيطان أو روح شرير، ولكن كائن إنسانى يسكن فيه الشيطان لأنه إنسان الخطية الذى سيجلس فى هيكل الله مظهراً نفسه أنه إله(50)".
(7) القديس كيرلس الأورشليمى :
ولم يخرج القديس كيرلس أسقف أورشليم عما بيناه فى هذا الفصل وقال سيأتى ضد المسيح المكتوب عنه، عند انتهاء أزمنة الإمبراطورية الرومانية، وظهور علامات نهاية العالم، سيقوم عشرة ملوك رومانيون معاً، فى أماكن مختلفة، يوحكمون فى زمن واحد. وبعد هؤلاء يأتى الحادى عشر. وهو ضد المسيح. فيغتصب السلطة الرومانية بأعماله السحرية، ويذل ثلاثة ممن حكموا قبله ويخضع السبعة الآخرين لسلطانه. وبما أنه عالم وذكى، فسيتظاهر فى البداية باللياقة والاعتدال والميل إلى الإحسان، وبعلامات وأعجايب سحرية كاذبة، يخدع اليهود بادعائه أنه المسيح المنتظر. ثم تنسب إليه جميع أنواع الشرور بسبب وحشيته وجوره الذى يبلغ حداً يفوق معه جميع الظالمين والملحدين الذين سبقوه. تجدوه روح متعطشة للدماء. قاسية لا تعرف سبيلاً إلى الرحمة، مليئة بالخداع والمكر ضد الجميع، ولا سيما ضدنا نحن المسيحيين. وبعد اقترافه شتى الجرائم زهاء ثلاث سنوات وستة شهور، سيهلكه ابن الله الوحيد، ربنا يسوع المسيح، المسيح الحق. بنفخة فمه، ويبطله بظهور مجيئه المجيد من السماء ويلقيه فى نار جهنم هذه الأشياء تعلمناها فى الكتب المقدسة التى تقرأها الكنيسة، وخاصة فى نبؤه دانيال . كما فسرها الملاك جبرائيل.." ثم يستمر فى شرح ما جاء فى رسالة بولس الرسول الثانية إلى تسالونيكى وفى خطاب السيد المسيح عن نهاية العالم ودمار أورشليم (متى 24)(51).
(8) القديس أثناسيوس الرسولى (496-373م) :
يتحدث القديس أثناسيوس عن ضد المسيح فى شخص آريوس والهرطقة الآريوسية ويقول : "ألم تصف رؤيا دانيال ضد المسيح : أنه سيصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم ويفوق عليهم كل من كانوا قبله فى أعمال الشر، وسيذل ثلاثة ملوك ويتكلم بكلمات ضد العلى ويظن أنه يغير الأوقات والناموس؟ والآن من هو الشخص الآخر إلى جانب قسطنديوس حاول أن يفعل هذه الأشياء؟ حقاً أنه مثلما سيكون ضد المسيح. فهو يتكلم بكلام ضد العلى لهذه الهرطقة (الآريوسية) الضالة : ويصنع حرباً ضد القديسين بنفى الأساقفة (52)".

ج- ضد المسيح والمسيحية عبر التاريخ
أعلن القديس يوحنا بالروح عن "أضداد للمسح كثيرين" أتوا إلى العالم من أيامه، وقد ظهر على مر التاريخ أفراد وجماعات وهيئات وحكومات حاربت المسيح والمسيحية وكانوا أضداداً قساة على المسيحية والمسيح والتى حاولوا اقتلاعها من جذورها سواء بالفكر أو التعذيب أو القتل مثل اليهود والرومان فى القرون الأولى الذين حاولوا استئصال المسيحية من الوجود؛ فقد حارب اليهود السيد المسيح واضطهدوه حتى الموت، وبعد قيامته من الموت وصعوده إلى السماء حاربوا المسيحية بدون رحمة وبلا هوادة فسجنوا الرسل، ورجموا استيفانوس وقتلوا يعقوب بن زبدى وشتتوا المؤمنين وحاربوهم فى كل بلاد والإمبراطورية الرومانية. أما الرومان، خاصة أباطرتهم، من نيرون إلى دقلديانوس، والذان ادعوا الألوهية؛ وكان الإيمان المسيحى الرافض لهذا الفكر الوثنى أكبر خطر عليهم، فقد كانوا أشد وأفظع أضداد للمسيحية فى القرون الأولى فعذبوا الآلاف بكل أنوع وآلات التعذيب وأشدها فتكاً، وقتلوا الآلاف سواء بإلقائهم أحياء فى الزيت المغلى أو النيران أو بإلقائهم للأسود الجائعة أو بالسيف أو بأنواع القتل الأخرى الأشد هولاً وفتكاً. وجاء بروفيرى الوثنى الذى حاول بكتابه "ضد المسيحيين" اقتلاع المسيحية من جذورها. ومن داخل المسيحية خرج أصحاب البدع والهرطقات مثل آريوس والأريوسية فى القرن الثانى ورسل وشهود يهوه فى القرن العشرين بأفكارهم الهدامة للعقيدة المسيحية والإيمان المسيحى المسلم مرة للقديسين. ثم جاءت الوجودية والفلسفات المادية الإلحادية فى العصور الحديثة وحاربت المسيح بكل عنف وقسوة، فكرياً وظهرت الشيوعية فأفكارها المادية الإلحادية وحاربت المسيحية وحاربت الله ذاته وأنكرت وجوده والفت "سفر الإلحاد" لمحاربة الإيمان بالله والمسيحية ودرست الإلحاد فى المدارس والجامعات وسجنت وعذبت وقتلت الآلاف والملايين من المسيحيين على مدى 70 سنة.
وهكذا وجد أضداد كثيرون للمسيح والمسيحية وسوف يأتى ضد المسيح فى المستقبل قبل المجئ الثانى للمسيح والدينونة وسيرى منه المؤمنون كل ما سبق أن كتب عنه فى سفر دانيال والعهد الجديد.
وسوف تحدث حروب بين جنود ضد المسيح وبين القديسين ستنتهى فى النهاية بإبادة المسيح لهذا الدجال ضد المسيح ونرى فى نهاية كل حديث عن ضد المسيح أن المسيح قد حطمه وأباده.
ففى رؤيا دانيال يقول الملاك لدانيال عن فناء ضد المسيح أو القرن الصغير "فيجلس الدين وينزعزن عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا (أى العشرة ملوك وضد المسيح وكل ما يتصل بالمملكة الرابعة) إلى المنتهى(53)". يقول يوحنا الرائى "هؤلاء الملوك العشرة" سيحاربون الحمل "المسيح" والحمل يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك. ويقول بولس الرسول "الذى الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه" وهذا ما قاله أشعياء النبى أيضا عن مجئ المسيح وإبادته للأثيم "يضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه(54)".
وما أجمل هذه الصورة التى نرى فيها المسيح منتصراً على الشر فى وقت النهاية إذ أنه خرج غالباً ولكى يغلب لأن أزمنة الأمم قد أنتهت وجاء زمن رد كل شئ فى الأبدية. يقول يوحنا الرائى :
"ثم رأيت السماء مفتوحة وإذ فرس أبيض والجالس عليه يدعى أميناً وصادقاً وبالعدل يحكم ويحارب. وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله أسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو. وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى أسمه كلمة الله والأجناد الذين فى السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزاً(55) أبيض ونقياً ومن فمه يخرج سيف ماضى لكى يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصا من حديد وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شئ. وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب(56).
6- الدينونة :
يقول الوحى الإلهى "وضع للناس أن يموتوا مرو وبعد ذلك الدينونة(57)" وهنا فى سفر دانيال يصور الوحى الإلهى الدينونة فى مشهد رهيب لا يستطيع الفكر البشرى تخيله، بعد الحرب التى يخوضها ضد المسيح وبعد أن "يبيده الرب ينفخه فمه"، فيقول : "كنت أرى إلى أن وضعت عروش وجلس القديم الأيام. لباسه أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقى وعرشه لهيب نار وبكراته نار متقدة. نهر جرى وخرج من قدامه ألوف ألوف تخدمه وربوات ربوات وقوف قدامه. فجلس الدين وفتحت الأسفار " عدد9-10. وهذا المشهد مطابق تماماً لما جاء فى رؤيا 4:20،11،12 كما سنرى.
أ- القديم الأيام :
من هو القديم الأيام الجالس على العرش؟ وماذا يدل قدم الأيام؟ يقول عنه الوحى الإلهى فى سفر أشعياء النبى "العلى المرتفع ساكن الأبد القدوس أسمه(58)". وفى سفر الرؤيا يقول "وإذا عرش موضوع فى السماء وعلى العرش جالس" وهذا الجالس تسبحه المخلوقات، الكائنات السمائية "نهاراً وليلاً قائلة قدوس قدوس قدوس الرب الإله القدير على كل شئ الذى كان والكائن والذى يأتى(59)". إنه هو الله السرمدى، الأزلى الأبدى، ويشير قدم الأيام إلى الأزلية والأبدية "من قبل أن تولد الجبال أو بدأت الأرض والمسكونة منذ الأزل إلى الأبد أنت الله(60)" "كرسيك مثبتة منذ القدم. منذ الأزل أنت(61)".
والابن أيضا وصف بقديم الأيام "ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل(62)". الذى هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل(63)"، "فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله كل شئ به كان (خلق) وبغيره لم يكن شئ مما كان (خُلق)(64)". فهو واحد مع الآب فى الجوهر(65) ومساوى له فى كل شئ(66). ونفس الصفات المذكورة للآب فى سفر دانيال هى نفس صفات الابن فى سفر الرؤيا "وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج وعيناه كلهيب نار(67)" ويشير بياض الرأس والشعر، هنا، إلى الأزلية وقدم الأيام، كما يشير إلى الطهارة السماوية والخلو من العيوب. ويرى بعض المفسرون أن بياض الشعر يشير أيضا إلى الإشعاع الذى تدفق من الابن فى التجلى (متى 2:17) كما قيل عنه "من رحم الفجر لك طل حداثتك" مز 3:110 وتشير عبارات "عرشه لهيب نار وبكراته نار متقدة" نهر نار جرى وخرج من قدامه" ع 9،10 إلى كل من الطهارة والدينونة(68). ويقول الوحى الإلهى "إلهنا نار آكلة(69)". وصوته "يقدح لهيب نار(70)"، وكلمته كنار "أليست هكذا كلمتى كنار يقول الرب كمطرقة تحطم الصخر(71)" نار تطهر وتقدس. كما رأى حزقيال النبى منظر شبه مجد الرب "كمنظر نار دخله من حوله ومن منظر حقويه إلى فوق ومن منظر حقويه إلى تحت رأيت مثل منظر نار ولها لمعان من حولها(72)".
ب- مشهد الدينونة :
يصور لنا الوحى الإلهى مشهد الدينونة فى سفر دانيال وفى سفر الرؤيا بصورة تفوق الخيال والإدراك البشرى، حيث يجلس الله على عرش الدينونة المهيب العظيم وحوله ألوف وملايين الملائكة الأطهار الأخيار "مركبات الله ربوات ألوف مكررة. الرب فيها(73)"، "ربوات هم محفل ملائكة(74)"، "ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرون حول العرش وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف. قائلين بصوت عظيم مستحق هو الحمل المذبوح (المسيح) أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة وكل خليقة مما فى السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة للجالس على العرش وللحمل البركة والكرمة والمجد والسلطان إلى أبد الأبدين(75)".
ويقول الرائى بالروح مكملاً ما جاء فى سفر دانيال النبى "ورأيت عروشاً فجلسوا عليها وأعطوا حكماً" الغالبين، القديسين، "ثم رأيت عرشاً عظيماً أبيض والجالس عليه الذى من وجهه هربت الأرض والسماء ولم يوجد لهما موضع. ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام الله وانفتحت أسفار وأنفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الأموات مما هو مكتوب فى الأسفار بحسب أعمالهم"(رؤ 4:20،11،12).
ج- اشتراك القديسين فى الدينونة :
فى رؤيا دانيال يقول "وضعت عروش" وفى رؤيا يوحنا يقول "ورأيت عروشاً فجلسوا عليها وأعطوا حكماً" أى القديسين الذين سيشتركون فى الدينونة، ويوضح هذا المفهوم القديس بولس بالروح قائلاً "ألستم تعلمون أن القديسين سيدنون العالم. ألستم تعلمون إننا سندين ملائكة" (1كو 2:6،3) ويقول السيد المسيح لتلاميذه "متى جلس ابن الإنسان على كرسى مجده تجلسون أنتم أيضا على أثنى عشر كرسى تدينون أسباط إسرائيل الاثنى عشر" (مت 28:19). وأخيراً سيجازى القديسين أيضا ويأخذون أجرتهم، أى ينالون الأكاليل السمائية كقول القديس بولس بالروح "جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعى حفظت الإيمان وأخيراً قد وضع لى إكليل البر الذى يهبه لى فى ذلك اليوم الرب الديان العادل" (تى 7:4،8)، وكما يعد السيد المسيح "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معى فى عرشى كما غلبت أنا أيضا وجلست مع أبى فى عرشه" (رؤ 21:3). وبالإجمال يقول السيد "ومتى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسى مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم عن بعض كما يميز الراعى الخراف عن الجداء" (متى 31:25،32).
د- الأسفار :
رأى دانيال النبى فى رؤياه "فجلس الدن وفتحت الأسفار ورأى القديس يوحنا وانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الأموات مما هو مكتوب فى الأسفار بحسب أعمالهم". فما هى الأسفار؟
هناك أسفار هى التى سُجلت فيها أسماء البشر منذ بدء الخليقة كما سُجلت فيها أعمالهم. أما السفر الثانى فهو سفر الحياة الذى يُسجل فيه الذين سيحصلون على المجد الأبدى كقول السيد المسيح لتلاميذ "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح نخضع لكم بل أفرحوا بالحرى أن أسمائكم كتبت فى السموات(76)". أى فى سفر الحياة. يقول القديس بولس الرسول عن القديسين "العاملين معى الذين أسمائهم فى سفر الحياة(77)" وفى سفر الرؤيا يعد السيد المسيح "من يغلب فيلبس ثياباً بيض ولن أمحو أسمه من سفر الحياة(78)" أما الهالكين والضالين "ليس أسمائهم مكتوبة منذ تأسيس العالم فى سفر حياة الحمل(79)" ولن يدخل السماء "إلا المكتوبين فى سفر حياة الحمل(80)" وأخيراً "إن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب فى هذا الكتاب (81)" أى من يزيد على ما جاء فى الكتاب المقدس حرفاً واحداً أو يحذف حرفاً واحداً يحذف الله اسمه من سفر الحياة.
وقديما طلب داود من الله أن لا يكتب اسم الأشرار مع الأبرار "ليمحوا من سفر الأحياء ومع القديسين لا يكتبوا (82)" وهو نفس السفر المذكور فى دانيال 1:12 فسيجازى الله كل واحد حسب ما هو مكتوب فى الأسفار كل واحد بحسب أعماله ومن يوجد اسمه مكتوباً فى سفر الحياة فسيدخل مع القديسين أورشليم الجديدة حيث "مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهو يكونون له شعباً والله نفسه يكون معهم إلهاً لهم. وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون فيما بعد ولا يكون حز ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت..(83)" وكل من لم يوجد مكتوباً فى سفر الحياة سوف يطرح فى بحيرة النار(84).
7- إن الإنسان الممجد على السحاب :
جاء فى رؤيا دانيال النبى بعد مشهد الدينونة مباشرة السيد المسيح فى صورة شبه إنسان إذ لم يكن قد تجسد بعد فُقرب إلى الله الآب القديم الأيام " كنت أرى فى رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن الإنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض" عدد 13،14.
وجاء فى سفر الرؤيا "هوذا يأتى مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض كنت فى الروح فى يوم الرب وسمعت ورائى صوت عظيماً كصوت بوق.. فالتفت لأنظر الصوت الذى تكلم معى ولما التفت رأيت سبع مناير من ذهب وفى وسط السبع مناير شبه إنسان متسربلاً بثوب إلى الرجلين.." وأيضا "ثم نظرت وإذ بسحابة بيضاء وعلى السحابة جالس شبه إنسان له على رأسه إكليل من ذهب وفى يده منجل حاد "(85) والآية الأولى تعلن عن إعطاء الرؤيا ليوحنا فى جزيرة بطمس بينما الآية الثانية تتحدث عن مجئ المسيح الثانى وقت الدينونة (الحصاد).
ورؤيا دانيال النبى تتحدث عن مجئ المسيح الأول والثانى. أى تتحدث عنه كأبن الإنسان نائب البشرية الذى جاء ليفتديها ويؤسس ملكوت السموات ثم تتحدث عن مجيئه الثانى وقت الدينونة.
"وقد أعترف اليهود قبل الميلاد أن هذه الفقرة (النبؤة) فى سفر دانيال هى نبؤه عن المجئ الثانى للمسيا، وأعطوا للمسيا لقب "عنانى Amani" "الآتى على السحابة" وذلك بناء على ما جاء فى هذه النبؤة. وكما يقول الأسقف كاندلر Chandler "كان اسم عنانى Amani معروفاً للمسيا، لأن كلمة السحاب فى دانيال ه "عنانى Amani"(*). ويفسر البعض من الربيين كلمات "مثل ابن الإنسان" ب "الرب برنا (أر 6:23) وقوله "وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه" مزمور 1:110 "قال الرب لربى أجلس عن يمينى(#)".
ولقب ابن الإنسان هو من احب ألقاب السيد المسيح إليه، فقد احبه جداً وتمسك به كثيراً وقد ورد ذكره فى العهد الجديد 85 مرة ودائماً يذكر اليهود أنه هو المسيا، ابن الإنسان الآتى على السحاب الذى ذكره دانيال النبى، وهذا ما أعلنه السيد المسيح نفسه أمام رئيس الكهنة قائلاً : "أنا هو (أى المسيح) وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً فى سحاب السماء(86)" وهذه إشارة واضحة من السيد المسيح نفسه على انه هو الذى تكلم عنه دانيال النبى.
وكلمه شبه الإنسان تعنى تجسد المسيح فى صورة إنسان لداء البشرية "فهو صورة الله غير المنظور البكر فوق كل خليقة..(87)"، والذى قال عنه الوحى بلسان القديس وبولس الرسول "الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس. وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله وأعطاه أسماً فوق كل اسم. لكى تجثوا باسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب".
فهو قد نزل من السماء وتنازل عن عظمته وأخذ شكل العبد لكى يخلص البشرية من خطاياها وهذا ما قصده الوحى حين قال "ولكن الذى وضع قليلاً عن الملائكة (أى بصورة إنسان) يسوع نراه مكللاً بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت لكى يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد(88)" وكما تشير الرؤيا إلى تجسد المسيح وتنازله العظيم فهى تتكلم بالأكثر عن المسيح عن المسيح المجدد والديان الذى تخضع له الشعوب والأمم والألسنة.
وهذا ما أعلنه القديس بولس الرسول بالروح "لكى تجثوا بأسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض" وما أعلنه الوحى فى سفر الرؤيا "ثم بوق الملاك السابع فحدثت أحداث عظيمة فى السماء قائلة قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه فسيملك إلى أبد الآبدين.."(89).
وقال السيد المسيح نفسه "كل شئ قد دفع إلى من أبى.."(90) فهو "رئيس ملوك الأرض ورب الأرباب. وملك الملوك" "ورئيس الحياة"(91) "إذ تخضع له الآن جميع الشعوب والأمم وسيخضع له الكل يوم الدينونة. وإذا نظرنا الآن إلى شعوب العالم ككل نجد أنه لا توجد دولة واحدة فى العالم ليس بها كنيسة(92) وتقول إحصائية للكتاب المقدس لسنة 1976 أن مجموع اللغات التى ترجم إليها الكتاب المقدس 1603 لغة ولهجة منها 262 للكتاب المقدس ككل(93)، كاملاً، 138لغة للعهد الجديد، 940 لغة للكتاب المقدس مجزء. ثم تشير الرؤيا إلى المجئ الثانى للمسيح وملكوته الأبدى وتعلن الرؤيا عن ملك القديسين بعد الدينونة. "وبلغ الوقت فأمتلك القديسون المملكة والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطى لشعب قديسى العلى. ملكوته ملكوت أبدى وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون". فسيأتى المسيح على السحاب مع قديسيه وسيخضع كل شئ تحت قدميه ويملك معه قديسيه وسيخضع كل شئ تحت قدميه ويملك معه قديسيه وهذا ما قاله السيد المسيح عن ذلك الوقت: "وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان فى السماء، وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرن ابن الإنسان آتياً فى سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاه السموات إلى إقصائها(94)
ففى النهاية سيخضع الكل للمسيح وتنتهى أزمنة الأمم. وسينتهى كل شئ على الأرض إذ تحترق الأرض والمصنوعات التى فيها(95). ويبطل الموت إلى الأبد، وبعد ذلك النهاية متى سلم الملك لله الآب متى ابطل كل رياسة وكل سلطان وكل قوة لأنه يجب أن يملك حتى يخضع جميع الأعداء تحت قدميه. آخر عدو ويبطل هو الموت"(96).

(1) دا 13:7

(5) عد 6:34-7؛ خر 10:47

(6) أش 20:57-21؛ أر 23:39

(7) مز 7:65

(8) رؤ 15:17

(9) أر 36:49

(10) زك 5:6

(11) دا 20:10

(12) دا 20:10

(13) دا 1:12

(14)Chr. Words. Dan. P. 29.

(15) أش 20:57

(16) رؤ 6:4

(17) رؤ 2:15

(18) أر 7:4؛ 19:49

(19) خر 3:17

(20) أنظر أر 7:4؛ 6:5؛ 19:49؛ 17:50

(21)Hypo. Dan. 178.

(22) دا 33:4

(23) دا 30:5،31

(24) دا 8:6

(25) دا 20:8

(26)The Pulpit Dan. P. 211

(27)Ibid

(28)M. Henry Dan. P. 1071

(29)Willmington’s P. 228

(30)Ibid.

(31)Hypo. Dan. 178.

(32) دا 21:8

(33) رؤ 1:13

(35)Chr. Words. Dan. P. 30

(36)Ag. Her. V. 26

(37) عظة 15 ترجمة الآب جورج منصور ص 279

(38)The Pulpit Dan. P. 211

(39) دا 24:7-26

(40) دا 9:8-14

(41) دا 13:8-25

(42) دا 31:11-37.

(43) رؤ 5:13-8

(44) 2تس 8:2-10

(45) 1يو 18:2-22

(46) 2يو 7

(47) متى 5:24،24

(48)Ag. Her. XXVI

(49)Ag. Celsus V 1:45.

(50)Chr. Words. Dan. P. 31.

(51) العظة 15

(52)History of Arians.

(53) دا 21:7

(54) أش 4:11

(55) البز الأبيض رمز الطهارة

(56) رؤ 11:19-16

(57) عب 27:9

(58) أش 15:57

(59) رؤ 8:4

(60) مز 2:90

(61) مز 2:93

(62) ميخا 2:5

(63) كو 17:1

(64) يو 1:1-3

(65) يو 30:10

(66) يو 18:5

(67) رؤ 14:1؛ 4:2؛11

(68)G. C. Luck. P 8 & unger Merrill E. unger’s Bible Dictionery P. 365

(69) عب 29:21

(70) مز 7:29

(71) أر 29:23

(72) حز 27:1،21

(73) مز 17:68

(74) عب 22:12

(75) رؤ 11:5-13

(76) لو 20:10

(77) فى 4

(78) رؤ 5:3

(79) رؤ 8:13

(80) رؤ 7:21

(81) رؤ 19:22

(82) مز 28:69

(83) رؤ 3:21-4

(84) رؤ 15:20

(85) رؤيا 7:1،13؛ 14:14

(*)The NIV Interliner Heb. Eng. OT. P. 464

(#)Ibid

(86) مرقس 61:14،62

(87)Firstborn NIV & NKJV + Chr. Words. P. 32

(88) عب 9:2،10

(89) رؤيا 15:11.

(90) مت 27:11.

(91) رؤيا 5:1، 14:17. أعمال 15:3.

(92) وقد ظلت دولتان هما افغانستان والسعودية إلى بداية الستينيات من هذا القرن بدون كنائس. أنظر كتاب قصة انتشار المسيحية منذ عام 1700 حتى اليوم مؤلفة جون فوستر ترجمة القس منيس عبد النور.

(93) عن مجلة لقاء الشبيبة التى تصدر من مركز الشبيبة بسويسرا العدد الأول ص 10.

(94) متى 30:24-31.

(95) 2 بط 10:3.

(96) 1 كو 24:15-26.

 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
الفصل الثامن

الرؤيا الثانية (ص8)

القرن الصغير (ضد المسيح) ومعصية الخراب


رأينا فى الفصل السابق تتابع الإمبراطوريات العالمية الأربعة التى جاء المسيح فى زمن آخرها، وتأسيس ملكوت الله، ملكوت المسيح، ملكوت السموات، ثم ظهور شخصية ضد المسيح الذى سيأتى فى المستقبل وقت المجئ الثانى للمسيح والدينونة. وفى هذا الفصل يقدم لنا الوحى الإلهى فى نبوات دانيال النبى صورة نبوية للصراع الذى دار بين ملوك مادى وفارس وملوك اليونان وعلى رأسهم الاسكندر الأكبر. ثم يقدم لنا صور لما سيحدث عند انقسام إمبراطورية اليونان إلى أربعة أقسام أو ممالك وخروج "قرن من الصغر" والمترجم "قرن صغير" من أحد هذه الممالك الأربعة، ثم تقدم لنا النبوة وصفاً تفصيلياً لعمل هذا القرن مع شعب الله كنموذج مجسم وصورة رمزية لإنسان الخطية ابن الهلاك، الذى يحركه الشيطان، فهو ضد المسيح فى العهد القديم المجسم لشخصية ضد المسيح الآتى، فى المستقبل قبل الدينونة مباشرة.
يقول دانيال النبى : "فى السنة الثالثة من ملك بيلشاصر الملك ظهرت لى أنا دانيال رؤيا بعد التى ظهرت فى الابتداء. فرأيت فى الرؤيا وكان فى رؤياى وأنا فى شوشان القصر الذى لأية عيلام. فرأيت فى الرؤيا وأنا عند نهر أولاى. فرفعت عينى ورأيت وإذا بكبش واقف عند النهر وله قرنان والقرنان عاليان والواحد أعلى من الآخر والأعلى طالع أخيراً. رأيت الكبش ينطح غرباً وشمالاُ وجنوباً فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده وفعل كمرضاته وعظم(1)".
يرى دانيال النبى نفسه فى هذه الرؤيا فى قصر شوشان أو سوسا، عاصمة عيلام التى تقع شرق بابل ب 230 ميل وشمال الخليج العربى (الفارسى) ب 120 ميل. ونهر أولاى، أو قناة أولاى تمر بالقرب من شوشان. وقد نقل دانيال، بالروح، فى هذه الرؤيا ليكون إلى جانب ذلك النهر.
أ- الكبش الذى له قرنان (ملوك مادى وفارس) :
يقول الكائن السمائى فى تفسيره للرؤيا فى وصف هذا الكبش "أما الكبش الذى رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادى وفارس(2)". فتصور لنا النبوة الإمبراطورية المادية الفارسية فى صورة هذا الكبش الذى له القرنان العاليان. ويقول لنا أحد مؤرخى القرن الرابع ويدعى مارسيلينوس Marcellinus أن الملك الفارسى عندما يكون على رأس جيشه كان يرتدى رأس كبش على رأسه بدلاً من التاج. وكان أحد القرنين أعلى من الآخر، وهذا ما سبق أن أشارت إليه النبوة السابقة، عندما رمزت لهذه الإمبراطورية المتحدة بالدب الذى "ارتفع على جانب واحد(3)"، إشارة إلى سيادة العنصر الفارسى على العنصر المادى كما يؤكد التاريخ.
ب- هذا الكبش ذو القرنين اتجه بفتوحاته غرباً وغزا بابل وسوريا وأسيا الصغرى واتجه نحو اليونان، وشمالا باتجاه كولكيس Colchis وارمينيا وسكيثيا، وجنوباً بإخضاع جزء من العربية ومصر وإثيوبيا.
ب- التيس العافى (ملك اليونان) :
ثم يكمل دانيال النبى رؤيا قائلاً "وبينما كنت متأملاً وإذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض. وللتيس قرن معتبر بين عينيه. وجاء إلى الكبش صاحب القرنين الذى رأيته واقفاً عند النهر وركض إليه بشدة قوته. ورأيته قد وصل إلى جانب الكبش فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه ولم يكن للكبش منقذ من يده. فتعظم تيس المعز جداً ولما اعتز انكسر القرن العظيم وطلع عوضاً عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع(4)". ويقول له الكائن السمائى فى التفسير والتيس العاقى ملك اليونان والقرن العظيم الذى بين عينيه هو الملك الأول. وإذ أنكسر وقام أربعة عوضاً عنه فستقوم أربعة ممالك من الأمة ولكن ليس فى قوته(5)".
‌أ- وتشير هذه الآيات، كما أوضح الكائن السمائى لدانيال النبى إلى الإمبراطورية اليونانية ورأسها الاسكندر الأكبر، الذى جاء من المغرب (الغرب) واندفع فجأة تجاه الكبش؛ الإمبراطورية المادية الفارسية وهزمه هزيمة شديدة.
‌ب- يقول المؤرخون إن الاسكندر الأكبر قال أنه ابن الإله جوبيتر آمون الذى كان يتمثل ويرمز إليه بشكل تيس(6)، وقد اكتشفت صور تاريخية تصور تيس بقرن واحد كرمز للجيوش اليونانية القديمة(7).
‌ج- ثم تقول النبوة "أن التيس أو الإمبراطور اليونانى تحرك بغضب" ضد الكبش. فقد قام الاسكندر الأكبر بمحاربة الفرس بجيوشهم الجرارة فهزمهم فى ثلاثة مواقع هى :
1- جارنيكوس سنة 334 ق.م.
2- إيسوس سنة 333 ق.م.
3- اربيلا سنة 331 ق.م.
وكان الجيش الفارسى فى موقعة إيسوس يتكون من 600.000 فى حين أن جيش الاسكندر الأكبر لم يزد على 47.000. ولم تقم للإمبراطورية المادية الفارسية أى قائمة بعد ذلك.
‌د- ويخبرنا المؤرخ والكاهن اليهود يوسيفوس (36-100م) أن الاسكندر، كما بينا سابقاً، قابل رئيس كهنة اليهود خارج أورشليم، وأراه الكاهن هذه النبوة الواضحة عنه، والذى تنبأ فيها دانيال النبى بهزيمة الفرس أمام الاسكندر الأكبر، قبل ذلك ب 225 سنة، ثم قرأها له، فتقدم الاسكندر وجثا على الأرض.
‌ه- ويرى دانيال النبى فى هذه الرؤيا انكسار الاسكندر الأكبر، القرن العظيم ، فجأة، فقد مات فى سن 33 سنة وانقسام إمبراطوريته إلى أربعة ممالك بين قواده الأربعة, مات فى حفلة طقسية ماجنة سنة 323 ق.م. فى بابل، وانقسمت الإمبراطورية إلى أربعة ممالك؛ بين قواده الأربعة :
1- بطليموس حكم مصر وفلسطين وبيترا. العربية.
2- سلوقس حكم سوريا وبابل والشرق.
3- كاسندر حكم مقدونيا واليونان.
4- ليسيماخوس حكم تراكيا Thrace وبيثنيا (آسيا الصغرى).
ج- القرن الصغير "ضد المسيح فى القديم" :
ثم تعلن الرؤيا ابتداء من الآية التاسعة وحتى نهاية الرؤيا والإصحاح الثامن من سفر دانيال النبى عن "القرن الصغير" والذى هو لغوياً وحرفياً "قرناً من الصغر". هذا القرن الصغير أو الذى آتى من الصغر هنا، هو غير القرن المذكور فى الفصل السابق، فهذا القرن الذى أتى من الصغر جاء من أحد أقسام الإمبراطورية اليونانية، أو الحيوان الثالث "ومن واحد منها (أى القرون الأربعة) خرج قرن صغير"، فى حين أن القرن الصغير فى الفصل السابق جاء من الإمبراطورية الرابعة أو الحيوان الرابع، وقد طلع بين العشرة قرون التى للحيوان الرابع أو الإمبراطورية الرابعة. وهذا القرن الذى جاء من الصغر فى هذا الإصحاح هو بإجماع المفسرين من كل اتجاه هو الملك السورى انتيوخس ابيفانس (175-164ق.م.) الذى قاومه اليهود عندما حاول أن يدخل التقاليد واللغة والديانات الوثنية اليونانية إلى أورشليم. هذا الملك جاء من سلالة سلوقس ومن مملكة سوريا وجلس على عرش سوريا من (175-164ق.م.) واستولى على أورشليم وقتل أكثر من 40.000 شخص فى ثلاثة أيام وباع مثل هذا العدد للعبودية.
وفيما يلى نقدم قائمة بأهم التواريخ والأحداث فى تاريخ بنى إسرائيل فى أيام أنتيوخس ابيفانس، مع آيات سفر دانيال النبى لتفهم ما جاء بهذه النبوة بشكل واضح وجلى :
1- فى سنة 175ق.م. أغتصب انتيوخس ابيفانس الابن الأصغر لأنتيوخس العظيم عرش سوريا.
وفى أورشليم أغتصب ياسون(8) رئاسة الكهنوت من أخيه أونيا (اونياس) بالخديعة والرشوة وشراء المنصب من هذا الملك، انتيوخس ابيفانس(9).
2- وفى سنة 174ق.م. ساعد ياسون رئيس الكهنة مغتصب الكهنوت بالرشوة والذى يصفه 2مكابيين ب "الزنديق الحقير لا الكاهن الأعظم(10)"، اليهود المرتدين فى إدخال عادات وثنية وأقاموا مدارس وثنية وبنوا ملعباً كانوا يمارسون فيه الرياضة وهم عراه(11).
3- وفى سنة 172ق.م. أغتصب منلاوس(12) منصب رئاسة الكهنوت من أخيه ياسون بالرشوة أيضا ودفع "ثلاث مئة قنطار فضة زيادة على ما أعطاه ياسون، فحصل على منصب الكاهن الأعظم(13)".
4- وفى سنة 171ق.م. هزم انتيوخس ابيفانس قوات بطليموس ملك مصر وابن أخته، وحاول مصادقته بالخديعة ليسلبه مملكته وأستولى بجيشه على المدن الحصينة فى مصر(14). وهذا ما تشير إليه نبوة دانيال النبى "وعظم جداً نحو الجنوب(15)" أى مصر التى هى جنوب فلسطين.
5- وفى سنة 170ق.م. سمع اليهود إشاعة كاذبة عن موت انتيوخس ابيفانس، فهاجموا مواقعه العسكرية فى أورشليم. فحاصر هو بقواته أورشليم وأخذها وقتل كما يقول 2مكابيين "ثمانيين ألف قتيل (80.000) فى ثلاثة أيام. منهم أربعون ألف (40.000) فى المعركة وبيع منهم كالعبيد ما لا يقل عن هذا العدد(16)". ثم "دخل الهيكل . وبيديه الدنستين النجستين حمل الآنية المقدسة وما أهدته ملوك الأمم لزينة الهيكل وبهائه وكرامته ومضى بها(17)".
6- وفى سنة 168ق.م. عاد انتيوخس إلى مصر وعندما أصبح قريباً من الإسكندرية أمره ممثل الرومان أن ينسحب من مصر.
وبعد سنتين من سلبه للهيكل أرسل انتيوخس جامع الضرائب أبولونيوس إلى أورشليم بجيش من 22.000 رجل ومعه أوامر بقتل البالغين وبيع النساء والأطفال كرقيق. فسلب أبولنيوس الهيكل يوم السبت وقتل جميع الخارجين من المدينة للتفرج على الاستعراض العسكرى الذى قام به جنوده عند مدخل المدينة(18). وسلب ودمر جزءاً كبيراً من المدينة وقتل الكثير من السكان وحمل الآخرين إلى العبودية والرق(19).
وبسبب ذلك انسحب يهوذا المكابى، الابن الثالث لمتثيا الكاهن(20)، مع تسعة من رفاقه إلى الجبال "وعاشوا هناك عيشة الوحوش يقتاتون العشب لئلا ينجسو أنفسهم كالأخرين(20)، وأيضا بسبب "دمار الهيكل" وتوقف "المحرقة اليومية" ثلاث سنوات ونصف.
وأجبر انتيوخس ابيفانس بنى إسرائيل على الخضوع للدين اليونانى(21)، وأمر ببناء مذابح للأصنام وأمر أن يدعى الهيكل فى أورشليم هيكل جوبيتر أوليمبس(22)، وتقديم ذبائح للأوثان هناك وفى بقية مدن يهوذا الأخرى، ومنع الختان وتقديس السبت وحرم الأعياد، وأصبح الاعتراف بالشريعة والأسفار المقدسة والديانة اليهودية جريمة عقوبتها القتل(23).وبسبب ذلك أرتد الكثيرون من بنى إسرائيل عن الإيمان بالله الواحد وتحولوا إلى عبادة الأصنام "وكانوا فى عيد الملك يساقون بالقوة إلى الكل من ذبائح الأوثان فى عيد باخوس(24) إله الخمر، وكانوا يجبرون على الطواف فى موكب التكريم..(25)". ودنس الغرباء الوثنيين الهيكل "وأمتلأ الهيكل فسقاً وفجوراً، حتى أن الغرباء أخذوا يمارسون أنواع العهر ويضاجعون النساء داخل الأماكن المقدسة ويدخلون إليها المحرمات. وعلى المذبح كانت تقدم ذبائح حرمتها الشريعة(26)".
"رجسة الخراب" وأقيمت رجسة الخراب فى الهيكل على المذبح "وفى اليوم الخامس عشر من شهر كسلو(27) (اليوم الذى كانوا يعيدون فيه بمولد الملك) أمر الملك انتيوخس ببناء "رجاسة الخراب" فوق مذبح هيكل الرب، وأقيمت مذابح للأصنام فى جميع أنحاء يهوذا". ورجاسة الخراب هنا هى مذبح زوش الأولمبى وهو إله يونانى.
وكلمة "رجس" أو "رجسة" أو "رجاسة"، تعنى شئ مقيت، بغيض، كريه، وثن، وقد ارتبطت بالممارسات الوثنية، وتشير إلى الأوثان فى ذاتها لأنها كريهة ومقيتة فى نظر الله، كما تشير أيضا للمشاركة فى الشعائر الوثنية، والأوثان بصفة عامة مشار إليها بصفة عامة "كرجس(28)"، وكذلك الذين يعبدون الأوثان أيضا "للخزى صاروا رجساً كما احبوا(29)". وانتيوخس ابيفانس نفسه، هنا هو نموذج لضد المسيح، بإقامته مذبحاً للإله زيوس (زوش) وتمثالاً له فى الهيكل(30). وهذا ما دعته رؤيا ونبوة دانيال ب "معصية الخراب" و"رجسة الخراب"، "وحتى إلى رئيس الجند (أى الله) تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه. وجعل جند على المحرقة بالمعصية فطرح الحق فى الأرض وفعل ونجح. فسمعت قدوساً واحداً (أى كائن روحى ملائكى، ملاك) يتكلم فقال قدوس واحد لفلان المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين(31)".
وهكذا تحول هيكل الله إلى هيكل للوثن، للإله زيوس Zeus، وتحولت عبادة الله عن المرتدين إلى عبادة الأوثان. أما الأتقياء فقد وصفوا هذه العبادة ب "الرجس المخرب(32)" أو "رجسة الخراب".
وأمر الملك انتيوخس بإحراق نسخ الأسفار المقدسة "وما وجد من أسفار الشريعة تمزق وأحترق بالنار. وكل من وجد عنده نسخة من كتاب العهد أو أتبع أحكام الشريعة كان يقتل بأمر من الملك(33)".
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
7- وفى سنة 167ق.م. كان هناك عبيد من نبى إسرائيل ثابتين وماتوا شهداء مثل اليعازر الكاهن الذى كان عمره تسعين سنة (90 سنة)، لقد حاولوا إرغامه على أكل الخنزير الذى كانت تحرمه الشريعة وتعتبره كحيوان نجس(34)، ولكنه رفض، حتى أن أصدقاءه من اليونانيين طلبوا منه أن يأكل أى لحم طاهر وتظاهر فقط بأنه يأكل لحم خنزير، فقال لهم : "لا يليق بمن كان كبير السن مثلى أن يفعل غير ذلك لئلا يظن كثير من الشبان أن لعازر وهو ابن تسعين سنة قبل مذهب الغرباء، فيضلون بسببى(35)".
والأم التى استشهدت هى وأولادها السبعة بسبب تمسكهم الشديد، وكانوا يقتلون بسلخ جلد رأس كل واحد منهم أمام عيون أمهم وأمامهم جميعاً، ثم بتقطيع أطرافه وإلقائه فى قدور محماة بالنار حتى يسلقوا وهم أحياء(36).
المكابيون : أعطى لقب مكابى، أى مطرقة، ليهوذا ابن الكاهن متياس، ثم لأخويه يوناثان وسمعان وذلك لوقوفهم أمام النظام الوثنى الذى فرض عليهم من الملوك السلوقيون، خاصة الملك انتيوخس ابيقانس. وكان متثيا أو متياس الكاهن له خمسة أولاد وكان يهوذا الذى لقب بالمكابى ثالثهم، وقد أوصى هذا الكاهن عند موته أن "يكون يهوذا المكابى القوى الشجاع منذ صباه لكم قائداً فى المعارك التى يخوضها(37)". ثم انضم إليهم جماعة الحسيديم(38)" والذين كانوا مشهورين بشدة ولائهم للشريعة، وألفوا جيشاً مع يهوذا المكابى.
8- وفى سنة 166ق.م. مات متثيا(39)، وصلى يهوذا لله أن يقف معهم فى دفاعهم عن الإيمان به وعن الشريعة(40). وفى نفس الوقت كان انتيوخس ابيفانس يحتفل فى بلدة قريبة فى إنطاكية بسوريا بألعاب احتفالية ماجنة، يصفها أحد المؤرخين بقوله، كان آلاف كثيرة من الجنود مكللين بأكاليل من ذهب ومرتدين دروع من فضة، ومرتدين الأرجوان، وقدموا 1000 ثور كضحايا للآلهة والإلهات، وكان هناك 600 خادم يحملون أوانى ذهبية و200 امرأة يرشون العطور فى الولائم، وفى وسط هذا الاحتفال الماجن تصرف انتيوخس كالمهرج الماجن الخليع. وفى ذلك الوقت كان ينتظره حظ عكسى، وكانت نهايته قد اقتربت ففى أثناء هذا الاحتفال الماجن كان يهوذا المكابى يجهز نفسه ويستعد لتطهير أورشليم(41).
9- وفى سنة 165ق.م انقض يهوذا المكابى على قوات انتيوخس ابيفانس بقيادة ليسياس وانتصر عليهم نصراً عظيماً، إذ أنه هزم ب 10,000 رجل، 65000 جندى من جنود انتيوخس. وذلك فى الوقت الذى كان فيه انتيوخس متجهاً إلى أرمينيا. وخلص يهوذا المكابى أورشليم وحطم مذابح الأوثان وطهر الهيكل فى اليوم الخامس والعشرين من شهر كسلو (كانون أول) وقدم ذبائح على المذبح، واحتفلوا بعيد التجديد، تجديد الهيكل، لمدة ثمانية أيام، وذلك بعد عيد المظال، وبعد أن أعيدت العبادة إلى الهيكل، وكانت مدة تدنيس الهيكل "ثلاث سنوات"(42).
10- ولما سمع انتيوخس وهو فى فارس بما حدث من استعادة أورشليم وتطهيرها وتطهير الهيكل من الأوثان وهزيمة جيشه بقيادة ليسياس، قرر، فى غضب العودة إلى أورشليم للانتقام من بنى إسرائيل "للعار الذى ألحقوه به. فأمر سائق عربته أن يسرع بغير توقف"(43) وأصر على تحويل أورشليم مقبرة جماعية لبنى إسرائيل، ثم أصيب فجأة بمرض "خفى فى أحشائه لا دواء له وبمغص أليم فى جوفه، ومات وهو يائس، وأعلن فى كلماته الأخيرة أن مرضه وموته كان نتيجة لشره ضد عبادة الله الواحد، ضد إله بنى إسرائيل. وهكذا تحققت نبؤه دانيال النبى بكل دقة "ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر"(44).
فهذا الرجل نموذج ضد المسيح ورمزه وضع رجسة الخراب فى هيكل الله وأبطل المحرقة الدائمة ودنس المقدس وأباد "العظماء وشعب القديسين"(45) عندما قتل الآلاف منهم وباع الآلاف كعبيد، وتجبر على الله "رئيس الرؤساء"(46).. وحاول إلغاء عبادته واستبدل بها عبادة الأوثان وأجبر الكثيرين على ترك الإيمان بالله الواحد وشريعته وتصور أنه نجح فى ذلك "وتعظم قوته ولكن ليس بقوته. يهلك عجباً وينجح ويفعل وبحذاقته ينجح أيضاً المكر فى يده ويتعظم بقلبه وفى الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء"، الله ولكن " بلا يد ينكسر"(47).
هذا الرجل نموذج الشر ومجسم ضد المسيح "تعظم حتى إلى جند السموات وطرح بعضاً من الجند والنجوم على الأرض وداسهم"(48)، كواكب الله(49)، وجدف على الله نفسه رئيس الرؤساء "رئيس الجند"(50)، وداس على كثيرين من النجوم أى رجال الله، وأبطل المحرقة الدائمة التى كانت تقدم فى الهيكل خروفان حوليان صحيحان كل يوم محرقة دائمة(51). وجعل عليها الجنود وطرح الحق على الأرض، أى على شريعته وأحرق كتبه، وجدف على كلام الله وعلى أسفاره المقدسة. ونجح فى ذلك ولكن لمدة محدودة. فالشر لا بد له من نهاية.
د تبرئة القدس :
وفى هذه الرؤيا التى رآها دانيال النبى مدة زمنية متعلقة بتبرئة القدس، أو تطهير المقدس، مدتها 2.300 يوم. فقد رأى دانيال النبى فى الرؤيا كائن روحى سمائى ملائكى يسأل ملاك آخر قائلاً: "إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين. فقال لى إلى آلفين وثلاث مئة صباح ومساء فيبرأ القدس:. ويلاحظ فى السؤال هنا، السؤال عن، أو من جهة، المحرقة الدائمة ورجسة الخراب التى وضعت فى الهيكل للإله الوثنى.
والسؤال هنا هو: ما المقصود بهذه المدة (ال 2300 صباح ومساء)؟
والإجابة يقدمها القديس جيروم بقوله: "لنقرأ سفر المكابيين وتاريخ يوسيفوس وسنجد أن ست سنوات لخراب أورشليم، وثلاث سنوات لتدنيس الهيكل بوضع تمثال جوبيتر، إلى عيد التجديد بواسطة يهوذا المكابى". لأنه لو اعتبرنا المدة هى 1.150 يوم بقسمة ال 2300 ÷2 (صباح ومساء) = 3 سنوات و4 شهور و10 أيام، حوالى 3 سنوات ونصف كما يرى البعض. يقول القديس هيبوليتوس "فقال لى إلى آلفين وثلاث مئة صباح ومساء فيتبرأ القدس". لأن المقدس ظل مهجوراً خلال تلك الفترة، ثلاث سنوات ونصف وتمت ال 2.300 صباح ومساء، حتى جاء يهوذا المكابى وخلص المدينة ودمر معسكر انتيوخس وأعاد المقدس لما كان عليه بحسب الناموس".
ولو حسبنا ال "صباح ومساء" هنا كيوم كامل من 24 ساعة كما ترى الغالبية العظمى من المفسرين، فتساوى مدة ال 2.300 يوم، 6 سنوات و4 شهور و20 يوم نبوى. لأنه حسب ما جاء فى سفرى دانيال والرؤيا 3 سنوات ونصف = 42 شهراً = 1260 يوم ، وبذلك تكون السنة النبوية مكونة من 360 يوم والشهر مكون من 30 يوم. وهذه المدة، 6 سنوات و4 شهور و 20يوم، هى المدة الفعلية المقصودة فى النبوة، وتبدأ من صيف سنة 171ق.م حيث بداية تدنيس الهيكل عندما نس رئيس الكهنة الخائن منلاوس أوانى الهيكل، وقتل رئيس الكهنة التقى أونيا "فأغتنم منلاوس الفرصة، فسرق من الهيكل آنية من الذهب، أهدى بعضها إلى اندرونيكس، وباع بعضها الآخر فى مدينه صور والمدن المجاورة لها. ولما تأكد ذلك لأونيا وبخ منلاوس على ما فعله، فكاد له منلاوس وجعل اندرونيكس يقتله. (2مك 1:3، 32:4-34). وفى نفس السنة أيضاً، سنة 171ق.م. كان انتيوخس فى مصر بعد هزيمته لبطليموس عندما سمع بما فعله اليهود بسبب إشاعة موته الكاذبة، فسار إلى اليهودية وحاصر أورشليم وقتل 40.000 فى المعركة وباع مثلهم كعبيد. فكانت هذه السنة هى بداية حساب ال 2.300 يوم النبوية. وكانت نهايتها هى سنة 165ق.م. فى عيد التجديد. وقد تمت النبوة حرفياً وبكل دقة.
وقد حاول الأدفنتست(53). اعتبار هذه المدة = 2.300سنة على أساس أن اليوم فى النبوة يساوى سنة وحسبوا المدة من سنة 457ق.م سنة صدور أمر ارتحشتا بإعادة بناء وتجديد أورشليم، ووصلوا بها إلى سنة 1843 أو 1844م، وقالوا أن المسيح سوف يأتى فى هذه السنة (1843+457=2300سنة).
وحسب كاتب كتاب (دانيال وحرية الشعوب)(54). هذه المدة من سنة 528ق.م. السنة التى أوقف فيها الملك الفارسى قمبيز ابن كورش العمل فى إعادة بناء الهيكل ووصل بها إلى سنة 1772م (2300 528= 1772م)، حيث أنتصر الروس على الترك وفى سنة 1774م عقدت معاهدة بين الروس والترك تم الاتفاق بمقتضاها على حماية الروس للكنائس فى بلاد الشرق. وقد رفضت الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر هذه الحماية معتمدة على حماية الله وحده.
وحسب البعض الآخر(55). هذه المدة من سنة 333ق.م. (عصر الاسكندر الأكبر) ووصلوا بنهايتها إلى سنة 1967م كبداية لازدهار الكنيسة. وهناك حسابات أخرى كثيرة لا مجال لذكرها هنا.
وكل هذا اجتهادات شخصية بحتة ولكن الغالبية الساحقة من المفسرين فى كل العصور وفى كل المدارس التفسيرية أجمعت على أنها مدة أيام حرفية وقد تمت بالحرف الواحد فيما بين سنة 171ق.م. وسنة 165ق.م.


(1) دا 1:8-4

(2) دا 20:8

(3) دا 5:7

(4) دا 8:8

(5) دا 22:8

(6) Chr. Words. Dan. P. 37

(7) Willmington’s P. 36

(8) اسمه العبرى يشوع واتخذ هذا الاسم اليونانى (ياسون) بدلاً منه.

(9) 2مك 7:4-11

(10) 2مك 13:4

(11) 1مك 14:1-21؛ 2مك 13:4-15 Ant. X ii. 6.

(12) اتخذ هذا الاسم بدلاً من اسمه العبرى

(13) 2مك 23:4-25 Ant. X ii. 6.

(14) 1مك 16:1-19

(15) دا 9:8

(16) 1مك 23:1،24؛ 2مك 11:5-16؛ 21-16 Ant. X iii.16.

(17) 2مك 16:5

(18) 2مك 24:5-26

(19) 1مك 33:1-35،42 Ant. X ii. 7.

(20) 2مك 27:5

(20) 2مك 27:5

(21) 1مك 33:1-35

(22) 2مك 1:6،2

(23) 1مك 43:1،46-51؛ 2مك 6:6-9

(24) باخوس أو ديونيسيوس هو إله الكرامة والخمر عند اليونان

(25) 2مك 8:6

(26) 2مك 4:6،5

(27) أى نهاية كانون الأول سنة 167ق.م.

(28) New Inter. Dic. NT Vol. 2. P. 74-75

(29) أر 18:16؛ حز 11:5؛ 20:7؛ 2أخ 8:5 إلخ.

(30) Theo. Wordbook ot vol. 2 P. 955

(31) 1مك 56:1-58

(32) Ibid

(33) 1مك 56:1-58

(34) لا 7:11-8

(35) 2مك 18:6-31

(36) 2مك 7

(37) 1مك 66:2

(38) 2مك 13:7

(39) 1مك 49:2-70

(40) 1مك 1:8-4

(41) Cf Chr. Words. P. 38

(42) 1 مك 42:4-54، 2مك3:10-47 Ant. Xii. 2.

(43) 1 مك 4:6-7، 2 مك 3:9و4.

(44) 1 مك 10:6-13، 2 مك 11:9-17.

(45) أش 13:14

(46) دا 25:8

(47) دا 25:8.

(48) دا 10:8.

(49) اش 13:14.

(50) دا 11:8، يش 14:5.

(51) خر 13:46، عدد 3:28.

(53) شهادة الأجيال لصدق نبوات دانيال ص87. The New Trea. ***ip. Know. P..955.

(54) تفسير سفر دانيال وحرية الشعوب ط1932 ص 75، 76.

(55) دانيال النبى صديق الملائكى القمص بيشوى كامل ص57.

 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
الفصل التاسع

إعلان الملاك جبرائيل تحديد زمن مجئ المسيح وغايته

(ص9)


فى السنة الأولى لبداية الإمبراطورية الفارسية كالإمبراطورية العالمية الثانية فى تتابع الإمبراطوريات العالمية، حسب نبوات دانيال النبى، أى سنه (539 538ق.م)، كان دانيال النبى قد تجاوز الخامسة والثمانين من العمر وكان له فى السبى حوالى 689 سنه (605 538ق.م). فأخذ يقرأ فى أسفار الأنبياء السابقين عليه ويدرس ما جاء فيها، وقد فهم من نبؤات سفر ارميا النبى "عدد السنين التى كانت عنها كلمة الرب إلى أرميا النبى لكماله سبعين سنه على خراب أورشليم(1).
وعندما تأكد دانيال النبى من أن مدة السبى قد وصلت إلى نهايتها وجه وجهه إلى الله "طالباً بالصلاة والتضرعات بالصوم والمسح والرماد"(2) معترفاً بخطايا شعبه الذى حاد عن وصايا الله ولم يسمع للأنبياء الذين أرسلهم، ومن ثم، صلى دانيال "يا سيد لنا خزى الوجوه"(3)، وذكر الله بعهوده لإبراهيم وداود، وأنهم نالوا ما سبق أن حذرهم الله منه، وتضرع إلى الله أن يصرف غضبه عنهم ليس لأجلهم هم لأنهم خطاه "لأنه لا لآجل برنا نطرح تضرعاتنا أمام وجهك بل لأجل مراحم العظيمة"(4).
وقبل أن ينتهى دانيال النبى من صلاته كانت الاستجابة قد وصلت من السماء، وحاملها هو الملاك جبرائيل، الملاك الذى أعلن لزكريا الكاهن عن مجيئ يوحنا المعمدان بروح إيليا وقوته ليتقدم الطريق أمام الرب المسيح(5)، والذى بشر العذراء القديسة مريم بحبلها بالمسيح بالروح القدس وولادتها للقدوس(6).
ولم يكن الإعلان الذى حمله الملاك جبرائيل عن نهاية مدة السبى فحسب بل كان نبؤه، من أعظم نبؤات الكتاب المقدس عن المسيح، كانت نبؤه بتحديد المدة التى سيأتى فى نهايتها المسيح، نبوه بتحديد زمن مجيئ المسيح. فقد أعطى للأنبياء الآخرين كثيراً من علامات مجيئ المسيح، لما دانيال النبى فقد أعطى له، تحدد له، الزمن الذى سيأتى فيه المسيح.
قال الملاك جبرائيل لدانيال النبى:
"سبعون أسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الأثم وليؤتى بالبر الأبدى ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين. فأعلن وأفهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعا يعود ويبنى سوق وخليج فى ضيق الأزمنة. وبعد اثنين وستين أسبوعا يقطع المسيح وليس له وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغماره وإلى النهاية حرب وخرب قضى بها. ويثبت عهداً مع كثيرين فى أسبوع واحد وفى وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة وعلى جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ويصب المقضى على المخرب"(7).
ولدراسة هذه النبؤه فى ضوء الكتاب المقدس ومعرفة جوهرها ومغزاها يجب أن نضع أمامنا النقاط التالية:
· ماذا تعنى الأسابيع فى هذه النبؤه.
· ما هى مدتها الفعلية، متى تبدأ، ومتى تنتهى،
· كيف فُسرت هذه النبوه عبر التاريخ اليهودى.
· وكيف فُسرت عبر التاريخ المسيحى.
أولاً: معنى الأسابيع ومدتها الفعلية:
كلمة "أسبوع" المذكورة هنا، هى فى العبرية "شبوع Shabua" ولا تعنى مجرد أسبوع من سبعى أيام، بل تعنى وحده من سبعه، كما أن جمعها، هنا، "شبوعيم Shabu’im" ليس هو الشكل المؤنث المعتاد من أسابيع، ومن ثم تعنى "وحدات أو فترات من سبعه Heptads"(8)، وقد وردت فى فهرس يونج Young "أسبوع أو سبعه"(9)، كما وردت فى قاموس جسينوس "للمفردات العبرية والكلدانية"، "سبعه، عدد سبعى"(10). أى وحده من سبعه، مثل دسته والتى تعنى وحده من اثنا عشر(11).
ومن ثم فقد اجمع جميع علماء ومفسرو اليهودية والمسيحية، فى تفسيرهم لهذه النبوه، بجميع اتجاهاتهم، على أن عبارة "سبعون أسبوعا، تعنى "سبعون سبعات أو "سبعون وحده سبعات"(12). أى 70×7 = 490، وتعنى فى مفهوم النبوه وجوهرها "سبعون أسبوعا من السنين(13).
والسؤال هنا: لماذا تعنى هذه المدة سبعات سنين؟
1. لأنها لا تصلح أن تكون مدة ثوانى (=16,8 دقائق)، ولا مدة دقائق (=16،8 ساعات)، ولا مدة ساعات (=41،20يوم)، ولا مدة أيام ( = سنه وثلاثة شهور)، ولا مده أسابيع (= حوالى 9 سنوات ونصف)، ولا مدة شهور (=حوالى 41سنه). وذلك لأن الأحداث المتضمنة فى النبوه يتطلب تحقيقها وإتمامها مئات السنين، فمن إعادة تجديد أورشليم وبناتها بعد السبى إلى مجيئ المسيح وصلبه حوالى خمسه قرون، ومن تلك البداية إلى تدنيس انيتوخس ابيفانس للهيكل سنه 167ق.م أو إلى موت اونيا الكاهن، كما يرى النقاد والليبراليون حوالى ثلاثة قرون ونصف على الأقل.
2. كما أن دانيال النبى نفسه قد ميز بين هذه السبعات ذات المدد الطويلة وبين الأسبوع المكون من سبعة أيام فيقول فى الإصحاح العاشر "كنت نائحاً ثلاثة أسابيع أيام ولم أدهن حتى تمت ثلاثة أسابيع أيام"(14). ولو كان المقصود هنا مجرد أسابيع، أيام، عاديه لكان الملاك قد قال سبعون أسبوعا من الأيام، وهذا لم يحدث.
3. تقسم النبؤه الأسبوع الأخير إلى نصفين كل نصف منها يتكون من ثلاثة سنوات ونصف متساوية مع المدة المذكورة فى 25:7، 7:11 والمعبر عنها ب "زمان وزمانين ونصف زمان"، أى ثلاث سنوات ونصف، كما بينا فى الفصل السابق.
4. كان دانيال النبى يقرأ فى سفر ارميا النبى ويفكر فى انقضاء مدة السبعين سنه على السبى، كان يفكر فى تدبير الله بلغة السنين، ومن ثم فقد أعطاه الله مده جديدة يعيش فيها الشعب فى فلسطين إلى دمار الهيكل نهائياً والعودة إلى الشتات من جديد ومجيئ الملك، المسيح المنتظر، المسيح الرئيس، ابن داود، وقد تحددت هذه المدة من إعادة تجديد أورشليم وبنائها إلى مجيئ المسيح ودمار الهيكل ب 490سنه "سبعون أسبوعا من السنين".
5. يقول آتو زوكلر Otto Zocklelr أستاذ اللاهوت فى جامعه جريفزولد فى روسيا (بألمانيا) فى القرن التاسع عشر "أن مثل هذا التحول النبوى والروحى إلى فترات كثيرة من سبع سنوات لكل منها له ما يوازيه فى استخدامات القدماء(15)". وكان ذلك ملحوظا بين يهود فتره ما بين العهدين ’فيقسم كتاب اليوبيلات كل يوبيل إلى أسابيع سنين متعاقبة(16). وكان لدى اليونان والرومان أيضا ما يعرف ب" أسبوع سنه Week Year (17)"
6. يذكر الكتاب المقدس أن هناك ثلاثة أنواع من الأسابيع أو السبعات ’ وهى سبعات أيام ’ وسبعات سنين ’ وأسبوع من سبعة أزمنة كل منها سبع سنوات ’ أى 49 سنه. أى أسبوع من سبعة أيام ’ وأسبوع من سبع سنين ’ وأسبوع من 49سنه.
أ‌- هناك أسبوع مكون من سبعة أيام يحسب من السبت إلى السبت الذى يليه، أى ستة أيام + السبت(18).
ب‌- وهناك أسبوع من سبع سنوات " ست سنين تزرع حقلك " وأما السنة السابعة ففيها يكون للأرض سبت عطله (19)".
هذا الأسبوع الذى من سبع سنوات كان مألوفآ للآباء البطاركة ’ فعندما اتفق لابان مع يعقوب أن يخدمه " سبع سنين براحيل" كانوا ينظرون إلى هذه السنوات السبع كأسبوع " اكمل أسبوع هذه بالخدمة التى تخدمنى سبع سنين (20)".
ج- وكان هناك أيضا أسبوع من 49 سنه " سبعة سبوت سنين. سبع سنين سبع مرات. فتكون لك أيام السبعة السنوية تسعا وأربعين سنه "
وبناء على ما سبق فقد أجمع جميع علماء اليهودية والمسيحية سواء القدماء أو المعاصرين على أن ال"سبعون أسبوعا" تعنى 490 سنه نبوية. تبدأ من القرن الخامس قبل الميلاد وتنتهى فى القرن الأول للميلاد. وقد أجمعت الغالبية ’ كما سنرى ’ على أنها تبدأ فيما بين (457’445ق.م) وتنتهى فيما بين (26/27و33و70م).
ثانيا: جوهر النبؤة وغايتها:
قال الملاك جبرائيل لدنيال النبى " سبعون أسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة ’ وكلمة "قضيت" تعنى "حددت" أو "قطعت" من مجرى الزمن لان الله يعامل أورشليم بكيفية خاصة وكان دانيال النبى يصلى من اجل شعبه ومن اجل أورشليم مدينته والتى دعاها الوحى ب"مدينه القدس"’ و"مدينه الحق" ومن ثم فقد جاءت الإجابة من أجل شعبه بالدرجة الأولى.
1- لتكميل المعصية :
كلمه "تكميل" هنا فى اصلها تعنى، المنع أو التقييد(26). والإزالة، أى إزالة الخطية، إزالة المعصية من أمام وجه الله "أستدر وجهك عن خطاياى وأمح كل آثامى"(27)، ومن ثم فقد ترجمت أيضاً "للقضاء على المعصية" و"لا فناء المعصية"، وكلمه المعصية، هنا معرفة ب ال، "المعصية" وتشمل الرفض والارتداد، رفض اليهود للمسيح سواء فى مجيئه الأول أو قبل التوبة والرجوع فى مجيئه الثانى. كان تمردهم وعصيانهم الذى صلى دانيال من أجله سيستمر إلى النهاية.
كان بنو إسرائيل يجتمعون فى يوم (عيد) الكفارة كل عام ويقدمون ذبائح دموية تكفيراً عن خطاياهم "لأنه فى هذا اليوم يكفر عنكم لتطهيركم، من جميع خطاياكم أمام الرب تطهرون(28). ولكن هذه الكفارة كانت مؤقتة ورمزيه ولم يكن لها الكفاية، القدرة الكافية، على محو الخطية والقضاء على المعصية وإزالتها أو إفنائها تماماً، لذلك قدم المسيح نفسه، ذبيحة نفسه عن خطايا العالم كله(29) فى كل مكان وزمان، "لا يقدر (الناموس) أبداً بنفس الذبائح كل سنه التى يقدمونها على الدوام أن يكمل الذين يتقدمون وإلا فمازالت تقدم.. لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع الخطايا فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع مره واحدة"(30). "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء إلى بيسوع المسيح الذى قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله"(31).
"لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره (جروحه) شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه أثم جميعناً"(32).
كان السبى لبنى إسرائيل قصاصاً عادلاً على خطاياهم، ولكن هذا القصاص لم يكن ولا يعتبر كفارة كافية عن خطاياهم، فالكفارة الكافية والحقيقية تمت على الصليب بتقديم المسيح ذاته "كفارة عن خطايا العالم كله"(33).
يقول الوحى الإلهى أنه لا خلاص لبنى إسرائيل إلا بالتوبة وقبول المسيح، ولكنهم سيستمرون فى رفضه إلى النهاية، وفى النهاية عندما يأتى ثانيه، يقول زكريا النبى بالروح: "وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون إلى الذى طعنوه وينوحون عليه ويكونون فى مرارة عليه كمن هو فى مرارة على بكره فى ذلك اليوم يكون ينبوع مفتوحاً لبيت داود ولسكان أورشليم.."(34).
ويقول أشعياء النبى بالروح "ويأتى الفادى إلى صهيون وإلى التائبين عن المعصية فى يعقوب يقول الرب"(35). ويؤكد ذلك القديس بولس الرسول بالروح مستشهداً بما قاله الروح بفم أشعياء "أن القساوه قد حصلت جزئياً لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤه الأمم. وهكذا سيخلص جميع إسرائيل. كما هو مكتوب سيخرج من صهيون المنقذ ويرد الفجور عن يعقوب"(36).
2- وتتميم الخطايا:
تعنى كلمة "تتميم" هنا، ختم(37)، أى "ختم الخطايا" أو كما يقول أيوب "معصيتى مختوم عليها"(38)، كما تعنى الغلق، والغلق على الأشياء بمعنى إخفائها(39)، كما تعنى الإنهاء والإزالة "وإنهاء الخطية"، "وإزالة الخطية". الله سيضع نهاية للخطية بغفرانها على الصليب بدم المسيح الذى قدم ذاته كفارة عنها وقد وصفت بأنها ختمت لأنها أزيلت بدم المسيح، فقد "أخذ المسيح على نفسه ملاشاتها وأبادتها بمعنى أنه كسر شوكتها وأبطل نفوذها وسيطرتها بحيث لم تعد لها قائمه فيما بعد"(40).
وقد رفض بنو إسرائيل، التى كانت النبؤه موجهه إليهم، المسيح، أكملوا معصيتهم وختموا على خطاياهم برفضهم للمسيا، ملكهم(41)، وتقديمه للصلب والموت.
3- ولكفارة الأثم :
يعنى الفعل "يكفر" يغطى، أو يكفر عن، أو "يغفر، يصفح"(42) و "يمحى"(43) و "يحجب"(44) ويطهر "تطهر المذبح بتكفيرك عليه"(45)، وذلك بمعنى يتخلص من حمل بالدم أو التوسط(46).
وكفارة الأثم تعنى إزالة الذنب أو العقاب الذى ينبع من الذنب. والفداء لا يمكن أن يتم إلا بصليب المسيح(47)، فالمسيح وحده هو الذى يغطى خطيئة الإنسان ويحجبها عن نظر الله بتقديم جسده كفارة عن الخطايا وإيفاء العدل الإلهى حقه(48).
4- وليؤتى بالبر الأبدى :
أى "البر أو البار الأبدى" أو كما يقول القديس أثناسيوس الرسولى "إلى أن يأتى البر الحقيقى المزمع أن يكون فديه عن الجميع"(49). والبر هنا مرتبط بالفداء والخلاص، كقول أشعياء النبى بالروح "أما خلاصى إلى الدهر يكون وبرى لا ينقض أما برى إلى الأبد يكون وخلاصى إلى دور الأدوار"(50). وهذا البر لا يتم إلا بالمسيح وحده البار، والذى دعى بالروح "غصن بر" و "البر برنا"(51)، وكما يقول بولس الرسول بالروح "المسيح يسوع الذى صار لنا حكمة من الله وبر وقداسه"(52). وقد بررنا بدمه وحمله لخطايانا، "وعبدى البار بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها"(53)، "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح"(54).
5- وختم الرؤيا والنبوة:
فقد ختم الرب يسوع المسيح وتمم كل رؤى ونبوات العهد القديم التى سبق جميع الأنبياء وتنبؤا بها عنه، وأكمل كل ما هو مكتوب عنه، كقوله هو نفسه "لأبد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير"(55). وتعنى الآية أيضاً وضع النهاية للرؤى والإعلانات بمجيئ المسيح الذى تمت فيه جميع الوعود والنبؤات والذى كان هو محورها وهدفها، كقوله "ليتم كل ما هو مكتوب"(56). يقول Young "عندما يأتى المسيح لن يكون هناك حاجه أخرى للنبؤه بمفهوم العهد القديم"(57) وهذا ما أكده الوحى فى قوله "الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى ابنه الذى جعله وارثا لكل شيء الذى به أيضاً عمل العالمين الذى وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمه قدرته"(58). فقد تكلم الله بواسطة الأنبياء الذى أعطاهم رؤى ونبوات "لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا"(59)، وهذا كله تم وختم بمجئ المسيح وصلبه.
يقول القديس أثناسيوس الرسولى متسائلاً:
"متى بطلت النبوه والرؤيا من بنى إسرائيل إلا عندما أتى المسيح قدوس القدوسين؟ لأنه من ضمن العلامات والبراهين القوية على مجئ كلمة الله أن أورشليم لا تكون قائمه فيما بعد، ولا يكون نبى قائماً فيهم، ولا تعلن لهم رؤيا وهذا أمر طبيعى"(60).
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
"فعندما جاء قدوس القدوسين" كان طبيعياً أن تختم الرؤيا والنبوة، وتبطل مملكه أورشليم. لأن الملوك كان يجب أن يمسحوا بينهم إلى أن يمسح "قدوس القدوسين". ويعقوب تنبأ بأن مملكه اليهود تبقى حتى مجيئه"(61).
"وقد هتف المخلص نفسه قائلاً "الناموس والأنبياء إلى يوحنا تنبأوا". فلو كان بين اليهود الآن نبى أو ملك أو رؤيا، لجاز لهم أن ينكروا المسيح الذى أتى(62). أما أن لم يوجد ملك ولا رؤيا، بل من ذلك الوقت إلى الآن ختمت كل نبوه، وأخذت المدينة والهيكل"(63).
6- ولمسح قدوس القدوسين :
عندما بشر الملاك العذراء بميلاد المسيح قال لها: "القدوس المولود (منك) يدعى ابن الله"(64)، ودعى السيد أيضاً ب "قدوس الله"(65) و"القدوس البار"(66) و"قدوس بلا شر ولا دنس"، كما دعى ب "القدوس الحق"(68). وأكد أباء الكنيسة أنه هو المقصود فى عبارة دانيال، هذه، يقول هيبوليتوس "قدوس القدوسين ليس سوى ابن الله وحده"، ويقول اكليمندس الاسكندرى "جاء المسيح ربنا قدوس القدوسين"(69)، ويقول القديس اثناسيوس الرسولى، المسيح قدوس القدوسين"(70).
وقد وردت كلمه "قدوس القدوسين" فى العبرية "قدش قدشيم" واستخدمت حوالى 40 مرة معرفة بأداة التعريف "قدش ها قدشيم" لتعنى "قدس أقداس" وطبقت على خيمة الاجتماع وأدواتها والذبائح والتقدمات المختلفة"(71).
وعندما استخدمت بدون أداة تعريف "قدش قدشيم" فقد استخدمت لهارون وبنيه(72)، واستخدمت هنا عن السيد المسيح بالتوازى مع قول النبؤه عنه "المسيح الرئيس" وهذا ما اجمع عليه آباء الكنيسة وعلماؤها(73).
وقد رأى البعض انه إذا كانت العبارة تشير إلى مكان، فتكون الاشارة إلى دخول المسيح المقام إلى السموات ذاتها "الذى بدم نفسه دخل مره واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً"(74). وذلك لأجل مختاريه"(75).
كما رأى بعض آخر أنها تشير إلى الكنيسة المسيحية "فالمراد بقوله قدوس القدوسين الكنيسة المسيحية باعتبار أن مؤمنيها هم هيكل الله الحى" والمراد بقوله لمسحها هو انسكاب الروح القدس كما حدث فى يم الخمسين"(76).
ولكن اقدم الآباء وسياق الكلام وروح الكتاب يؤكدون أن الرب يسوع المسيح هو "قدوس القدوسين"(77). ومن ثم فقد ترجمت فى السريانية القديمة ب "مسيا قدوس القدوسين"(78).
وما يؤكد أن لقب "قدوس القدوسين" هذا خاص بالسيد المسيح هو استخدام الفعل "مسح" والتى جاء منها "المسيح، المسيا، الممسوح" ويعنى التكريس أو التعيين كاهن أو نبى أو ملك، وبرغم أن فعل المسح ينطبق على خيمة
الاجتماع كعلامة تكريس(79)، لكنه لم يطبق ابداً على قدس الأقداس، إنما طبق على كهنة وملوك وأنبياء كهارون وشاول وداود(80)كمسحاء للرب. وبالتالى طبق على الرب يسوع باعتبار كونه كاهن ورئيس الكهنة الأعظم(81)، ونبى(82)، وملك(83). ومن ثم يقول فيه المرنم بالروح "كرسيك يا الله إلى دهر
الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك. أحببت البر وأبغضت الثم من اجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج اكثر من رفقائك"(84). وقد مسح الرب يسوع المسيح ككاهن وملك ونبى بالروح القدس الذى حل عليه فى المعمودية(85). يقول بطرس الرسول بالروح "يسوع الذى من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوه"(86).
ثالثاً: متى تبدأ هذه الأسابيع النبوية ومتى تنتهى؟
يقول الملاك جبرائيل لدانيال النبى "فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً يعود ويبنى سوق وخليج فى ضيق الأزمنة" ع25.
وفى قول الملاك هذا ملحوظتان:
1- فقد فصل الأسابيع ال 69 (7 + 62 أسبوع)عن الأسبوع الأخير (ال 70).
2- حدد بداية هذه الأسابيع ال 69 بصدور مرسوم إعادة بناء وتجديد أورشليم، بعد العودة من السبى، كما حدد نهايتها بمجيىء وظهور وبداية خدمة المسيح "المسيح الرئيس".
أ‌- فمتى صدر هذا الأمر أو المرسوم؟
ب‌- من هو المسيح الرئيس هذا؟
ج- متى يبدأ الأسبوع السبعون؟
المرسوم
بعد انتهاء مدة السبى، حسب نبؤه ارميا النبى، صدرت ثلاثة أوامر ملكية أو مراسيم، ارتبطت جميعها بالعودة إلى أورشليم وإعادة بناء الهيكل والمدينة.
1- المرسوم الأول أصدره الملك الفارسى العظيم كورش "Cyrus – Kurush" سنة 538 ق. م بعد استيلائه على بابل. وكان إشعياء النبى قد سبق وتنبأ عن هذا الملك قبل استيلائه على بابل بحوالى 150 سنه ووصفه "بمسيح الرب" المنفذ لإرادة الله الذى سيأمر ليس بالعودة إلى أورشليم فحسب، بل سيأمر بإعادة بناء الهيكل وأورشليم"(87).. "القائل عن كورش راعى فكل مسرتى يتمم ويقول عن أورشليم ستبنى وللهيكل ستؤسس. هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش"(88).
أن الرب إله السماء أوصاني أن ابنى له بيتاً فى أورشليم"(89).وهكذا بدأت العودة الأولى إلى أورشليم تحت قيادة زروبابل، وبدأ ترميم المذبح وإعادة تنظيم العبادة وطقوسها وشعائرها(90)، وعند بناء الهيكل واجه العائدون صعوبات شديدة وعراقيل من الولاة وخصوم الديانة اليهودية(91). وفى عهد الملك
داريوس الأول (522-486 ق.م) تم البحث فى خزائن الوثائق الفارسية المحفوظة فى بابل ووجد مرسوم الملك كورش وبناء عليه أمر الملك داريوس الأول باستمرار العمل(92) الذى استغرق من 520 إلى 515 ق.م فتم العمل فى 23 آذار من السنة السادسة من ملك داريوس، أى فى أبريل 515 ق.م(93).
2- المرسوم الثانى أصدره الملك ارتحشتا الأول (464-424 ق.م) فى السنة السابعة من ملكه أى سنه(94) (457 ق.م) وحمله عزرا الكاهن والكاتب مع مجموعه أخرى وعادوا إلى أورشليم(95). وهكذا بدأت العودة الثانية إلى أورشليم تحت قيادة عزرا، بعد حوالى 80 سنة من العودة الأولى. وقد ركز مرسوم ارتحستا هذا على ثلاثة أمور؛ هى الأذن لمن يريد، من يهود بابل، بالعودة إلى أورشليم(96)؛ تنظيم القضاء للشعب وتطبيق شريعة موسى(97)؛ ترتيب الأمور المالية للصرف منها على إقامة الشعائر الدينية المرتبطة بالهيكل وبحسب مشيئة الله(98).
ومن ثم فقد كان عزرا الكاهن والكاتب هو البانى الروحى، المؤسس الروحى لمرحله ما بعد السبى وقبل انقطاع النبوه.
3- المرسوم الثالث أصدره، أيضا، الملك ارتحشتا الأول فى "شهر نيسان فى السنة العشرين" لملكه، أي (مارس أبريل 445ق.م). وحمله نحميا، رجل البلاط الفرسى وساقى الملك(100)، ومن ثم بدأت العودة الثالثة إلى أورشليم. وبموجب هذا المرسوم قام نحميا ببناء سور أورشليم وأعاد بناء المدينة نفسها(101).
والسؤال هنا هو إلى أي أمر أو مرسوم من هذه المراسيم الثلاثة أشار الملاك جبرائيل؟
والإجابة على هذا السؤال فى صفحة 140-143 من هذا الكتاب.

تاريخ أحداث العودة من السبىإلى عيد المظال بحسب التقويم العبرى
540 ق.م
سنه
شهر
يوم
الحدث
المرجع
540 ق.م
530 ق.م
520 ق.م
539
538-537
537
536
536-530
530-520
520
516
أكتوبر
مارس إلى مارس
7
2
7 سبتمبر
12 مارس
12
11:2
21:24
الاستيلاء على بابل
السنة الأولى لكورش
بناء المذبح
بدأ العمل فى الهيكل
المعارضة أثناء حكم كورش
توقف العمل فى الهيكل
تجدد العمل فى الهيكل فى حكم
دا 30:5
عز 1:1-4
عز 1:3
عز 8:3
عز 1:4-5
عز 24:4
عز 2:5 حجى4:1

تفسير هذه النبؤه عبر التاريخاليهودى والمسيحى
يقول جيمس مونتجمزى James Montgomery، أشهر من تبنى آراء النقاد فى القرن العشرين، أن كل من التفسير اليهودى والمسيحى كانا متفقان على أن إتمام هذه النبؤه قد وُجد فى أحداث القرن الأول الميلادى"(102)، أى مجئ المسيحى ودمار أورشليم سنه 70م.
وقدر رأى البعض أن ما حدث لأورشليم سنه 70م هو رمز ونموذج واشره لما سيحدث قبل مجيء السيد المسيح ثانيه، بينما رأى بعض آخران الأسبوع الأخير بكامله سيحدث قبل هذا المجيء الثانى للمسيح مباشرة.
رابعاً: التفسير اليهودى لهذه النبؤه عبر التاريخ:
أعتقد بعض من علماء اليهود، قبل الميلاد، أن هذه النبؤه تشير إلى قدرة الاضطهاد الشديد الذى اضطهده الملك السورى انتيوخس ابيفانس، الرابع (175-164ق.م)، لليهود فى القرن الثانى ق.م والمعروفة بفترة المكابين. ولكن الغالبية العظمى من علماء اليهود أمنوا على مر العصور، أنها تشير إلى:
أ‌- مجيء المسيح المنتظر.
ب‌- دمار أورشليم سنه 70م على يد فسبيسان وولده تيطس، وسنه 134 على يد الإمبراطور الرومانى هادريان.
1- وتبين آيات عديدة فى الإنجيل، خاصة الإنجيل للقديس لوقا، أن اليهود كانوا فى زمن ميلاد المسيح، فى حالة انتظار وترقب لمجيء المسيح، ويقول عن حنة بنت فنوئيل التى كانت عابدة فى الهيكل من سنوات طويلة، أنها "وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه (المسيح) مع جميع المنتظرين فداء فى أورشليم"(107). كان هناك العديد ممن كانوا فى حالة انتظار وتوقع لمجيء الفادى فى أيامهم، وكانت نبؤه دانيال هذه هى الوحيدة التى حددت زمن مجيئه. يقول القديس اثناسيوس الرسولى: "دانيال المتزايد فى الحكمة، الذى حدد كل من التاريخ الفعلى لمجيء المخلص، وحلوله الإلهى بيننا"(108)، وقال القديس كيرلس الأورشليمى "دانيال يحدد تاريخ التجسد يقول انه بعد انقضاء 483 سنه على إعادة بناء الهيكل، عند زوال الملوك، يأتى ملك اجنبى يولد المسيح فى زمانه"(109).
2- يقول الكاهن والمؤرخ اليهودى يوسيفوس (36-100م) المعاصر لتلاميذ المسيح: "كتب دانيال أيضاً بخصوص الرومان وأنهم سيدمرون دولتنا. هذه الأمور كلها تركها هذا الرجل (دانيال) مكتوبة كما كشفها له الله"(110). ويطبق عبارة "رئيس آتٍ" على تيطس، كما يتكلم بأسلوب يدل على أن ما يقوله كان هو السائد فى عصره، خاصة بعد دمار أورشليم. وبالتالى يكون المسيح قد جاء قبل ذلك. يقول مونتجمرى "أن هذا التفسير (تفسير يوسيفوس) أصبح التفسير اليهودى السائد بدون استثناء؛ وانتقل إلى التفسير المسيحى، الذى رأى فى نبؤه الأسابيع السبعين، نبؤه عن مجيء المسيح بالتساوى مع سقوط المدينة المقدسة"(111).
3- ويقول تفسير "سيدر اولام Seder Olom" من القرن الثانى الميلادى أن ال 490 سنه مقسمه كالآتى: 70 سنه السبى + 34 سنه، فارس (العودة من السبى) + 180 سنه، الإغريق + 103 الحشمونيين + 103 الهيدروسيين = 490 سنه(112). أى أن النبؤه تمت فى مجيىء المسيح ودمار أورشليم.
4- ويلخص لنا القديس جيروم فى نهاية القرن الرابع وبداية الخامس الميلادى، تفسير اليهود لهذه النبؤه، ويقول انهم حسبوا ال 490 سنه، من السنة الأولى لداريوس الميدى (539 ق.م) ووصلوا بها إلى عصر المسيح ووجدوا فيها نبؤه عن موته، ونبؤه عن اقتراب الجيش الرومانى تحت قيادة فسبسيان وتيطس(113)، ويقول مونتجمرى أن اليهود الذين استند عليهم جيروم وجدوا إتمام النبؤه فى دمار أورشليم بواسطة الرومان، واعتبروا أن ثلاث سنوات ونصف من الأسبوع الأخير تشير إلى دمار أورشليم على يد فسبسيان وتيطس والثلاث سنوات ونصف الأخرى تشير لحرب هاردريان. وفسروا "الرئيس الآتى" بأنه فسبسيان. كما يضيف انه يظهر أن اليهود قد سلموا بأن قوله عن موت "المسيح" يشير إلى يسوع المسيح، وترجموا عبارة "وليس له" بمهارة إلى "ولكن مملكة اليهود لن تكون له"(114).
ويضيف مونتجمرى أيضا أن دمار أورشليم كان هو موضوع السبعين أسبوع فى رأى العظات الكليمنتيه، فى تفسير رجسه الخراب"(115).
5- وينقل مونتجمرى عن كثيرين من علماء اليهود فى العصور الوسطى آراءهم فى
تفسير هذه النبؤه. ويقول التفسير اليهودى التالى اتبع الرأى التقليدى فى اعتبار أن نقطة النهاية فى النبؤه هى دمار أورشليم بواسطة تيطس أو هادريان. وهكذا يقول راشى وبن عظرا وغيرهم. وينقل عن بن عزرا قوله أن الأسبوع الأول بدأ فى السنة العشرين للملك ارتحشتا"(116).
6- ويقول أيضاً انه "بحسب Sanh.,97a قسمت الأسابيع إلى سبعة أجزاء، كان يجب أن يأتى المسيا فى نهايتها"(117)
وينقل عن Shottgen بعض الأمثلة لتفاسير اليهود لهذه النبؤه، منها قول الربى
Nachmanides "قدوس القدوسين ليس سوى المسيا، المكرس من أبناء داود"(118)

وينقل عن الربى موسى هادرشان Haddarshan قوله "البر الأبدى، هو الملك المسيا"(119)، وهذا نفس ما ينقله جيروم عن يهود عصره(120)
7- وينقل تفسير لانج إشارة الجمارتين بهذه النبؤه إلى الحرب ضد فسبسيان(121)
8- ويقول تفسير لانج نقلاً عن التقاليد الربانية والتلمودية أن كتاب الترجوم أهملوا ترجمة الهاجيوجرافا، أي الكتب المقدسة لأنه مكتوب فيها أن "المسيا سيقطع"؛ وان المسيا قد جاء فعلاً فى الوقت، الزمن، الذى دمرت فيه أورشليم وأخرب الهيكل، ولكنه جاء متألم ومتخفى"(122).
9- وفى العصور الحديثة يقول بعض من الربيين أن هذه النبؤه تشير إلى المسيح، ويقول رابين سيمون لوزاتو من فينسيا أن "نتيجة الفحص المطول والعميق من جانب العلماء اليهود قد تؤدى إلى أن يصبحوا جميعاً مسيحيين، لأنه بحسب تحديد دانيال للزمن، لا يمكن إنكار أن يكون المسيا قد آتى فعلاً"(123).
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
خامساً: التفسير المسيحى لهذه النبؤه عبر التاريخ:
آمن آباء الكنيسة وعلماؤها، بصفة عامه، منذ فجر المسيحية الباكر، إن هذه النبؤه تشير إلى الرب يسوع المسيح وأنها قد حددت زمن مجيئه وصلبه وأبطاله للذبائح والتقدمات التى كانت ترمز إليه ووصفت شخصه وعمله، وإن عبارة "المسيح الرئيس" تشير إلى مجيئه وظهوره وخدمته ودخوله أورشليم كالمسيا المنتظر والملك الآتى، ابن داود، ملك إسرائيل بحسب نبؤه زكريا النبى(124)، وإن عبارة "يقطع المسيح" تعنى موته على الصليب، كما سبق وتنبأ إشعياء النبى أيضاً وفى جيله من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء"(125). كما أن عبارة "قدس القدوسين" تعبر عن كونه، هو، القدوس الحق(126)، و"مسح"، أى مسحه، يشير إلى مسحه بالروح القدس الذى حل عليه وقت عماده من يوحنا المعمدان(127) وله بالروح "كيف مسحه الله بالروح القدس والقوه"(128). كما رأى البعض منهم أن هذه العبارة "قدوس القدوسين" تعنى القدس السماوى "قدس الأقداس" الذى دخله المسيح بعد أن قدم نفسه ذبيحة كفارية كاملة، عن خطايا العالم، على الصليب "وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مره واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديا"(129).

كما فسروا عبارة "شعب رئيس آت" بأنها تشير إلى الرومان الذين دمروا الهيكل واخبروه ودنسوه واخربوا أورشليم ودمروها سنه 70م.
أ- تفسير العهد الجديد لهذه النبؤه :
شهد النقاد والليبراليون قبل غيرهم أن المسيح وتلاميذه أشاروا إلى إتمام هذه النبؤه فى زمن المسيح ودمار أورشليم والهيكل سنه 70م. فيقول مونتجمرى أن "التفسير الروؤى للنبؤه يظهر فى الاستشهاد الفريد والمباشر بها فى العهد الجديد، فى متى 15:24" وكذلك "بولس بالمثل فى رسالته الرؤويه المبكرة الثانية إلى تسالونيكى 4:2، فقد كان فى ذهنه هذه الفقرة من أقوال دانيال وأيضا وصف دانيال المحدد بدقه فى ص11، عندما تحدث عن ابن الهلاك "الجالس فى هيكل الله مظهراً نفسه انه إله"(130).
ب- تفسير آباء الكنيسة فى القرون الأولى لهذه النبؤه:
يمكن تلخيص تفسير هؤلاء الآباء فى النقاط التالية:
1- الإجماع على انه هذه النبؤه هى البرهان الأكيد على تحديد الوحى الإلهى للزمن الذى كلن يجب أن يأتى فيه المسيح، وقد جاء بالفعل حسب ما أعلن الملاك جبرائيل لدانيال النبى، وقد حسب يوليانوس افريكانوس (200-245م) المدة من مرسوم الملك ارتحشتا فى السنة العشرين أي سنه 445ق.م، ثم قال؛ بالحساب من ارتحشتا إلى زمن المسيح تتكون الأسابيع السبعين وذلك بحساب اليهود"(131). وقال يوسابيوس القيصرى (264-340م)؛ "هذه الأمور سجلناها لنبين انه بظهور مخلصنا يسوع المسيح تمت نبؤه أخرى. لان الكتاب المقدس فى سفر دانيال ذكر صراحة عدد محدد من الأسابيع حتى مجيىء المسيح تنبأ بكل وضوح انه بعد تمام هذه الأسابيع تتلاشى المسحة نهائياً. وقد أوضحنا تماماً أن هذا ما تم فى ميلاد مخلصنا"(132). وقال العلامة ترتليان أن زمن مجيئ المسيح معلوم فى سفر دانيال "وبعد حسابه سنبرهن أنه ( المسيح ) أتى بحسب الأزمنة المقررة والعلامات الكافية"(133). ويقول القديس أثناسيوس الرسولى ( 296 373م)، "دانيال المتزيد فى الحكمة، الذى حدد كلا من التاريخ الفعلى لمجيء المخلص وحلوله الإلهى بيننا، إذ قال "سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك."(134) ويكمل بقية النبؤه فى آيه 24. أما القديس جيروم فيقول "لا يكمن لأحد أن يشك أن هذه النبؤه خاصة بمجيئ المسيح، الذى ظهر فى العالم بعد هذه الأسابيع السبعين"(135).
2- إن ذروه وروح وجوهر النبؤه هو فى مجيئ المسيح وعمله وخدمته. يقول القديس أكليمندس الأسكندرى (150 215م)، "جاء المسيح ربنا "قدوس القدوسين" وتمم الرؤيا والنبوة ومسح فى جسده بروح أبيه القدوس"(136). وقال القديس جيروم "وربه ختمت المعصية وانتهت ( تمت) الخطية وأزيل الإثم وأعلن البر الأبدى الذى ساد على قسوة الناموس، وتمت الرؤيا والنبوة لأن الناموس والأنبياء كانوا إلى يوحنا، ثم مسح قدوس القدوسين(137).
3- بمجئ المسيح تمت فيه النبوات وختمت الرؤيا والنبوة وبالتالى بطلت الذبائح والتقدمات وجميع الشعائر والطقوس اليهودية، والتى كانت فى روحها وجوهرها ترمز إلى عمله وتشير إليه. يقول القديس أثناسيوس الرسولى: "لأنه متى بطلت النبوه والرؤيا من إسرائيل إلا عندما أتى المسيح قدوس القدوسين؟ لأنه من ضمن العلامات والبراهين القوية على مجيئ كلمة الله إن أورشليم لا تكون قائمه فيما بعد ولا يكون نبى قائماً فيهم، ولا تعلن لهم رؤيا. وهذا أمر طبيعى"(138)، فعندما جاء "قدوس القدوسين، كان طبيعيا أن تختم الرؤيا والنبوة وتبطل مملكه أورشليم"(139)، "ومتى هتف المخلص نفسه قائلا "الناموس والأنبياء إلى يوحنا تنبأوا"(140). فهو كان بين اليهود الآن ملك أو رؤيا، لجاز لهم أن ينكروا المسيح الذى أتى. أما إن لم يوجد ملك ولا رؤيا، بل من ذلك الوقت إلى الآن ختمت كل نبوه وأخذت المدينة والهيكل"(141).
4- الإجماع على أن عبارتى "المسيح الرئيس" تشير أن إلى السيد المسيح، فتشير الأولى إلى مجيئه كالملك الآتى والمسيح المنتظر، ابن داود، ومن ثم ترجمت فى السريانية "إلى مجيئ المسيا الملك"(142)، وتشير الثانية إلى موته الكفارى، ولذا ترجمت فى السريانية أيضاً إلى "سيقتل المسيا"(143).
5- آمن عدد كبير من الآباء أن عبارة "قدوس القدوسين" تعنى الرب يسوع المسيح، ومن ثم ترجمت فى السريانية إلى "مسيا قدوس القدوسين"(144).
6- أجمعوا مع العلماء اليهود، على أن المقصود بعبارة "شعب رئيس آت" هو دمار أورشليم وخرابها وتدنيس الهيكل على أيدى الإمبراطور الرومانى فسبسيان وأبنه تيطس سنه 70م.
7- أشار بعض منهم مثل هيبوليتوس على أن الأسبوع الأخير "السبعون" لم يأت بعد، وأنه يتكلم عن ضد المسيح الذى سيأتى قبل المجيء الثانى(145) للسيد المسيح، والدينونه.
ج تفسير النبؤه فى العصور الحديثة ( ما قبل الفكر العقلانى)(146) :
يتلخص تفسير النبؤه فى هذه العصور فى النقاط التالية:
أ- الإجماع على أن هذه النبؤه خاصة بالسيد المسيح وقد تمت فى مجيئه وصلبه وعمله، وقد اتفقوا جميعاً على ما جاء فى النقاط السبعة أعلاه، أى فيما اتفق عليه آباء القرون الأولى.
ب- برغم اختلاف بعضهم فى تحديد نقطه بداية الأسابيع السبعين، فمنهم من حددها بزمن نبؤه أرميا الثانية (أرميا 1:29)، أو بزمن إعلان الملاك جبرائيل للنبوة ( دانيال 1:9) أى السنة الأولى من حكم داريوس الميدى لبابل (539ق.م) أو السنة الأولى لحكم كورش (560ق.م)، أو السنة الثانية لحكم داريوس الأول (530ق.م)، أو السنة الثانية لحكم داريوس نوثوس (423ق.م) الخ، إلا أن غالبيتهم ركزوا على تاريخين هما:
(1) السنة السابعة لحكم أرتحشتا لونجمينوس (457ق.م)، وهو تاريخ العودة الثانية تحت قيادة عزرا.
(2) السنة العشرين لحكم ارتحشتا (445ق.م)، وهو تاريخ العودة الثانية تحت قياده نحميا.
وهذان التاريخان هما الأكثر دقة وواقعية وقد برهنت الاكتشافات والحفريات الأثرية والدراسة التاريخية العلمية دقتهما وواقعيتها.
ج- ومثل أباء الكنيسة فى القرون الأولى فقد وصل بعضهم بنقطة الذروة فى النبؤه إلى ميلاد المسيح وتقديمه فى الهيكل، ووصل البعض إلى معموديته ومسحه بالروح القدس أو موته على الصليب، ثم انتشار الإنجيل.
د- وقد يحسب بعضهم المدة بالسنة القمرية التى تتكون من 345 يوم، بدون إضافة أى شهور كبيسة، مقتدياً بأسلوب يوليانوس أفريكانوس والآباء الذين اتبعوه. وحسبها البعض الآخر بحساب السنة الكلدانية المكونة من 360 يوم. وحسبها غيرهم بحساب روحى يعتمد بالدرجة الأولى على إتمام مده ال490 سنه من صدر الأمر إلى صلب المسيح، مقتدياً بالعلامة هيبولتيوس وغيره من آباء الكنيسة الأولى(148).
تفسير النبؤه فى القرن العشرين
التفسير التقليدى (المحافظ(149) الكتابى):
يعتمد هذا التفسير على "الإيمان المسلم مره القديسين"(149) والحق الكتابى، ويركز على روح النص الإلهى وجوهره، ومن ثم فقد تطابق مع الحقائق التاريخية، وبرهنت الدراسات العلمية الحديثة، الكتابية والتاريخية والأثرية واللغوية، على صحته. يقول إدوارد يونج Young "إن التفسير المسياوى التقليدى يستتبع شعوبه اقل من سواه، وفى الوقت عينه يقدر لغة النص حق قدرها"(150). وهو الآتى:
1- تمثل "السبعون أسبوعاً" عدداً كاملاً (7×7) ترمزه للمدة التى حددها الله للخلاص بدم المسيح وبداية العهد الجديد وتوقف العهد القديم.
2- ويرى البعض أن بداية ال 490 سنه أو ال "سبعون أسبوعا" هى صدور أمر أو مرسوم الملك الفارسى كورش سنة (538 ق.م) وعلى الرغم من أن مرسوم الملك كورش يركز على بناء الهيكل فقط، إلا أنهم يعتمدون على ما سبق أن تنبأ به عنه اشعياء النبى قائلاً بالروح: "كورش راعى فكل مسرتى يتمم ويقول عن أورشليم ستبنى وللهيكل ستؤسس"(151). بل ويحسب متى هنرى ال 490 سنه من "نفس الساعة التى تكلم فيها جبرائيل مع دانيال وفى وقت تقدمه المساء إلى الساعة التى مات فيها المسيح، إذ مات المسيح حوالى المساء أيضا" وقد كانت 490 سنه تماماً(152). ويقسم الأسابيع السبعين كالآتى: "فى الأسابيع السبعة الأولى، أو ال 49 سنه، تم بناء الهيكل والمدينة؛ وفى الأسبوع الواحد الأخير بشر المسيح بالإنجيل، وبه انتهى التدبير اليهودى، ووضعت أساسان مدينة الإنجيل والهيكل التى كان يجب أن تبنى على خرائب التدبير السابق"(153)
3- ولكن الغالبية العظمى ترى أن الأمر الوحيد المشار إليه فى النبؤه، هو الأمر الثانى، الخاص بالعودة الثانية تحت قيادة عزرا، والذى أصدر الملك الفارسى ارتحشتا الأول، لونجمينوس (464 424 ق.م)، فى السنة السابعة لملكه (457 ق.م). فقد قام عزرا بعد حصوله على هذا المرسوم بإصلاح عظيم، روحى(154) ومدنى، فقد اكمل بناء الهيكل وأسوار المدينة(155)، برغم الصعوبات والعوائق، كان عزرا هو الابن الروحى لأورشليم. كان اليهود العائدون فى المرحلة الأولى قد أعادوا بناء المذبح على أطلال هيكل أورشليم برغم كل ما واجهوه وقاسوه، فقد واجهتهم معوقات كثيرة وصعوبات كثيرة من جيرانهم. ثم صدر هذا المرسوم من الملك ارتحشتا سنه 457 ق.م لاستئناف العمل فى بناء الهيكل وبالتالى فى أورشليم. وبعد ذلك ب 13 سنه اصدر نفس الملك ارتحشتا فى السنة العشرين لملكه أمراً ثانيا لنحميا (سنه 445 ق.م) بإعادة بناء سور أورشليم(156).
4- وترى الغالبية أيضا أن نهاية ال 69 أسبوعا (7+62) هى فى 27 يناير سنه 27م وقت ظهور المسيح وعماده من يوحنا المعمدان الذى بدأ خدمته فى السنة الخامسة عشر للقيصر طيباريوس، أي السنة 778 أو 779 لتأسيس(157) روما (=26-27م)(158)، وقد اعتمد المسيح بعد ستة شهور من بداية خدمة يوحنا المعمدان، أي فى 27 يناير 27م.
يقول الملاك جبرائيل لدانيال النبى "من خروج المر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعا"، أي 49 سنه + 434=483 سنه كاملة، وقد بدأت هذه المدة سنه 457 ق.م وانتهت سنه 27م، وبالتحديد فى 27 يناير سنه 27م، إلى المسيح الرئيس. وقد اجمع آباء الكنيسة ومفسرها فى كل العصور على أن عبارة "المسيح الرئيس تعنى الرب يسوع المسيح، "المسيا المنتظر داود"(159). والعبارة تجمع بين صفتين "المسيح" و"الرئيس"، فهو ممسوح ورئيس فى آن واحد، أو بعبارة أخرى: واحد هو كاهن ورئيس معاً. هذا الوصف لا يصلح إلا فى شخص وحيد هو يسوع الذى هو المسيح"(160). هذا المسيح هو النسل الموعود، والذى له الحكم وخضوع شعوب، الذى تنبأ عنه يعقوب بالروح وحده ظروف مجيئه والأحداث التى ستكون معاصره لهذا المجيء والتى تساوت مع نفس الزمن الذى حدده الملاك جبرائيل؛ يقول القديس اثناسيوس الرسولى "فعندما جاء "قدس القدوسين" كان طبيعياً أن تختم الرؤيا والنبؤه، وتبطل مملكه أورشليم. لأن الملوك كان يجب أن يمسحوا بينهم إلى أن يمسح "قدوس القدوسين".
ويعقوب تنبأ بأن مملكة اليهود تبقى حتى مجيئه قائلاً "لا يزول حاكم من يهوذا أو رئيس من بين احقائه حتى يأتى المعد له وهو رجاء الشعوب"(161). وهو الذى تنبأ عنه داود النبى بالروح بأنه الذى مسح "بدهن المسحة"(162)، مسح الرب"(163)، الذى مسح بالروح القدس كملك السلام "أما أنا فقد مسحت ملكى على صهيون جبل قدسى"(164)، وككاهن ورئيس الكهنة الأبدى "أقسم الرب ولن يندم أنك كاهن إلى الأبد على رتبه ملكى صادق"(165)، وقد وصف بالروح القدس ب "مسيح الرب"(166) كما تشير كلمة "رئيس" إلى كونه "رئيس ملوك الأرض" كما عبر عنه الوحى فى سفر الرؤيا(167). انه الرئيس الآتي "ابن داود" الذى تنبأ عنه اشعياء النبى قائلاً "هوذا قد جعلته شارعاً للشعوب رئيساً وموصياً للشعوب"(168)، "لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسى داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن وإلى الأبد"(169).
5- ثم يقول الملاك "وبعد أثنين وستين أسبوعا يقطع المسيح وليس له"، ع26. وتعنى عبارة "يقطع المسيح" أي يموت، يصلب ويموت، كما سبق وتنبأ اشعياء النبى قائلاً "كان يظن انه قطع من ارض الأحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبى"(170). وقد صلب المسيح بعد انتهاء ال 69 أسبوعا وفى منتصف الأسبوع الأخير، السبعون. فقد بدأ خدمته بعد المعمودية من يوحنا، فى نهاية الأسبوع ال69 وبداية الأسبوع السبعين، واستمرت خدمته ثلاث سنوات ونصف، وصلب فى منتصف الأسبوع الأخير، السبعون. وبصلبه هم الفداء ولم يعد للذبائح والتقدمات، التى كانت ترمز إليه عمله، قيمه، ومن ثم انشق حجاب الهيكل عند موته على الصليب إعلانا بانتهاء عمل الهيكل والذبيحة والتقدمات إلى أن دمر الهيكل تماماً وتوقفت الذبائح والتقدمات نهائياً سنه 70م وهذا ما تشير إليه النبوه بالقول "وفى الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة" فقد وضع المسيح بموته الكفارى على الصليب نهاية لطقوس وشعائر الذبائح والتقدمات، فقد قدم نفسه ذبيحة كفارية ذات قيمه غير محدودة "وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً"(171). وهذا ما تشرحه الرسالة إلى العبرانيين بالتفصيل، وهو موضوعها الرئيسى.
وتعنى عبارة "وليس له"؛ "لن يكون له أحد أو "ولكن ليس لنفسه"ز أى أن الشعب الذى ينكره لن يكون له، لن يعود له "جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله" أو كما تنبأ عنه داود النبى "أما أنا فدوده لا إنسان. عار عند البشر ومحتقر الشعب"(172). كما أنه لم يمت لأجل خطيه ارتكبها هو، كقوله "رئيس هذا العالم يأتى ولكن ليس له فى شئ"(174). وكقول الوحى عنه انه "قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى السموات"(175)، إنما قدم ذاته كما يقول هو "فديه عن كثيرين"(176)، "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا الرب وضع عليه أثم جميعنا"(177).

 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
الإتمام الحرفى للنبؤه
6- صدر أمر الملك ارتحشتا الأول، لونجمينوس (464-424 ق.م) لعزرا الكاهن والكاتب فى السنة السابعة لملكه(178)، أى سنه 457 ق.م (464-7=457). وقد تم خلال السبعة أسابيع الأولى، بحسب ما جاء بالنبؤه، أي ال 49 سنه (7×7=49)، إعادة بناء حوائط وشوارع أورشليم برغم الظروف الصعبة، وأكتمل تنظيمها سنه 408 ق.م (457-49=408)، وفى نفس السنة بدأت مدة ال "اثنان وستون أسبوعا" أي 434 سنه (62×7=434) لتصل إلى سنه 26م (4343-408=26). وعند جمع مدة ال69 أسبوعا (483 سنه: 69×7=483) وهى نفس المدة، وبدايتها من سنه صدوره الأمر سنه 457 نصل أيضاً إلى سنه 26م (383-457=26)، وبإضافة سنه واحدة بسبب المرور من سنه 1 ق.م أي سنه صفر(180)، نصل إلى سنه 27م، وهى السنة التى جاء فيها المسيح "كالرئيس"، بحسب ما تعلن النبؤه، وهى نفس السنة التى أعتمد فيها من يوحنا المعمدان.
وقد بدأ يوحنا المعمدان خدمته فى "السنة الخامسة عشره من سلطته طيباريوس قيصر"(179)، أي خلال سنة 26م(181)، والمفروض أن السيد المسيح بدأ خدمته بعد يوحنا المعمدان بستة شهور(182)، وبالتالى يكون المسيح قد بدأ خدمته فى سنه 26/27م. ويتفق العلماء على أن السيد المسيح صلب فى 14 نيسان (أبيب / مارس) سنه 30م. وهذا يتفق تماماً وبالحرف الواحد مع إعلان النبوة عن صلبه وإبطاله للذبائح والتقدمات "فى منتصف الأسبوع"، أى بعد ثلاث سنوات ونصف من بداية خدمته (سنة 26/27 + 1/2 3 سنوات = سنة 30 م).
تمت نبوة دانيال النبى فى مجيئ المسيح وصلبه بالحرف الواحد، وهذا يؤكد على عظمة وإعجاز الوحى والنبوة فى سفر دانيال، وعلى أن الكتاب المقدس هو كلمة الله، كما يؤكد على تدبير الله بحسب إرادته الإلهية ومشيئته وعلمه السابق
يقول القديس جيروم(183) أنه بعد ثلاث سنوات ونصف من خدمته، أتم المسيح وابطل "ظلال الأشياء الحسنة التى ستأتى"، الطقوس اللاوية، إذ قدم نفسه "لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء لا يقدر بنفس الذبائح كل سنة التى يقدمونها على الدوام أن يكمل الذين يتقدمون(184)"، فكل طقوس الناموس وشعائره "هى ظل الأمور العتيدة(185)"، ولما أكملها فى نفسه، بذبيحة نفسه، أعلم "قد أكمل(186)"، "إذ أنه قبل أن يضع الرب يسوع روجه ويسلمها فى يدى الآب(187)، قال "قد أكمل" وأسلم الروح. ليعلن للجميع أنه أتم العمل الذى جاء من أجله، ومن ثم "أنشق حجاب الهيكل من أعلى إلى أسفل" إيذاناً وإعلاناً بانتهاء عهد وبداية عهد جديد.
تثبيت العهد
7- يقول القديس جيروم فى تفسيره لقول النبوة(188) "ويثبت عهداً مع كثيرين فى أسبوع واحد وفى وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة" ع 27؛ إن ذلك تم بخدمته ثلاث سنوات ونصف، ثم بخدمة رسله بعد قيامته". وتقول دائرة معارف النبوات الكتابية أن كلمة "يثبت" تعنى حرفياً "يجعل العهد يسود(189)"، والفاعل هو المسيح الذى هو موضوع الآية والنبوة. والعهد هنا هو العهد الذى تم بدم الفداء، بدم المسيح على الصليب، الذى به اشترى الكنيسة "كنيسة الله التى اقتناها بدمه(190)". هو عهد الله الفدائى، الذى سبق وتنبأ عنه أشعياء النبى "وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم لتفتح عيون العمى لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين فى الظلمة(191)"، "وأقطع لكم عهداً أبدياً مراحم داود الصادقة(192)"، والذى تنبأ عنه أيضا أرميا النبى "ها أيام تأتى يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل وبيت يهوذا عهداً جديداً(193)"، "وأقطع لهم عهداً أبدياً(194)".هذا العهد بلا عيب "لأنه لو كان الأول بلا عيب لما طلب موضع لثان. لأنه يقول لهم لائماً هوذا أيام تأتى يقول الرب حين أكمل مع بيت إسرائيل وبيت يهوذا عهداً جديداً فإذ قال جديدا عتق الأول. وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال(195)"، إنه بدم "راعى الخراف العظيم بدم العهد الأبدى(196)"، "ولأجل هذا هو وسيط عهد جديد لكى يكون المدعوون إذ صار موت لفداء التعديات التى فى العهد الأول ينالون وعد الميراث الأبدى(197)" لقد أنهى السيد المسيح تدبير العهد القديم على الجلجثة، وانشق حجاب الهيكل، إذ قدم ذاته ذبيحة ذات قيمة لانهائية، وثبت العهد الجديد بخدمته ثلاث سنوات ونصف قبل الصليب وبكرازة رسله بعد القيامة، خلال الثلاث سنوات ونصف التالية أو نصف الأسبوع الثانى، لليهود. كان الأسبوع السبعين هو فترة تأسيس الكنيسة والبشارة بالإنجيل لليهود، وهذه الفترة انتهت باستشهاد استيفانوس، وحدث ذلك اليوم (يوم رجم استيفانوس) اضطهاد عظيم على الكنيسة التى فى أورشليم فتشتت الجميع فى كور اليهودية والسامرة(198)". ثم بتحول شاول إلى المسيحية وإلى اسم بولس الرسول، ثم بداية دخول الأمم إلى المسيحية بإيمان قائد المئة الرومانى كرنيليوس وحلول الروح القدس عليه هو ومن معه "فأندهش المؤمنون الذين من أهل الختان كل من جاء مع بطرس لأن موهبة الروح القدس انسكبت على الأمم أيضاً(200)"، وذلك حوالى سنة 33/34.
8- ويرى كثيرون من المفسرين الكتابيين المحافظين، أن فترة الثلاث سنوات ونصف الثانية من الأسبوع السبعين امتدت، عملياً، إلى دمار أورشليم والهيكل سنة 70 م، إذ أن التقدمات والذبائح أبطلت عملياً وكلية بدمار الهيكل نهائياً.. ويرون أن لغة النبوة تتحدث عن أحداث ستحدث بعد الأسبوع الثانى والستين، الذى هو الأسبوع التاسع والستين، (7+62=69)، وهى كالآتى :
أ- يصف ع 27 أن قطع المسيح سيكون فى منتصف الأسبوع السبعين،
ب- ثم يلى ذلك مباشرة الحديث عن دمار المدينة والقدس،
ج- ثم عن "نهاية" أو "نهاية حرب"،
د- ويعلن ع 27 أن العهد سيثبت مع كثيرين "فى وسط الأسبوع"،
ر- وأن الذبائح والتقدمات ستبطل،
س- ثم يأتى الحديث عن "المخرب" وعن "نهاية" كاملة.
هذه الأحداث مكملة وداخلة فى محيط الأسبوع السبعين، ولكن إتمامها يمتد إلى ما وراء السبعين أسبوعاً، فدمار أورشليم والقدس حدث بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من تاريخ الصلب والقيامة. نعم لقد بطلت الذبائح والتقدمات بصلب المسيح وانشقاق حجاب الهيكل ولم يعد للهيكل فائدة، واصبح غير ذى قيمة وغير موجود روحياً وعملياً، إلا أن إزالته من الوجود وإتمام النبوة الحرفى تما سنة 70 م.
رجاسة الخرابودمار أورشليم والقدس
10- ثم تقول النبوة "وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهائه بغماره وإلى النهاية حرب وخرب قضى بها وعلى جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ويصب المقضى على المخرب" ع 26،27ز وقد أجمع المفسرون المحافظون، الكتابيون على أن المقصود بعبارة "شعب رئيس آت" هو الجيش الرومانى الذى دمر أورشليم والقدس سنة 70م. أما "جناح الأرجاس" فتقسم إلى "جناح" والذى يشير فى العهد القديم إلى الجيش(201)، وهنا تشير إلى "جناح الهيكل" الذى حاول اليهود الاحتماء تحته. و"الأرجاس" من "رجس" أو "رجاسة" أو "رجسة" والتى أشير إليها فى ص 13:8 ب "معصية الخراب" وفى ص 31:11 وص 11:12 ب "الرجس المخرب"، والتى أشار إليها السيد المسيح فى حديثه عن دمار أورشليم ونهاية العالم ب "رجسة الخراب التى قال عنها دانيال النبى(202)"، وتشير عموماً إلى عبادة الأصنام الرجسة وأشكال عبادتها الوثنية المقيتة(203)، كما يقول عن الصنم "ملكوم رجس العمونيين(204)" والصنم "كموش رجس الموآبيين(205)" و"عشتروث رجاسة الصيدونيين(206)". وأشار بها السيد المسيح إلى تدنيس الهيكل بواسطة الرومان ودماره.
وقد ربط السيد المسيح بين "رجسة الخراب" فى هذه النبوة ودمار الهيكل سنة 70 م فى قوله "فمتى نظرتم رجسة الخراب التى قال عنها دانيال النبى قائمة فى المكان المقدس. ليفهم القارئ. فحينئذ ليهرب الذين فى اليهودية إلى الجبال(202)". وفى قول السيد هنا تحذير واضح لتلاميذه بالهرب إلى الجبال عندما يرون "رجسة الخراب" قائمة فى الهيكل، كما تشير الجملة الأعتراضية التى علق بها الإنجيلى "ليفهم القارئ" إلى أن المقصود هنا هو الجيوش الرومانية التى وضعت راياتها، كما يقول المؤرخ اليهودى يوسيفوس الذى كان شاهداً لها "وبينما هرب الثوار (اليهود) إلى المدينة والتهم اللهب المقدس ذاته وكل ما يحيط به احضر الرومان راياتهم وأقاموها تجاه الباب الشرقى وهناك ضحوا لها(207)"، وكانت رايات الجيش الرومانى هى النسور الفضية المقدسة وهذا ما أوضحه السيد نفسه بقوله : "ومتى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش فأعلموا أنه قد أقترب خرابها. حينئذ ليهرب الذين فى اليهودية إلى الجبال. والذين فى وسطها فليفروا خارجاً. والذين فى الكور فلا يدخلوها. لأن هذه أيام انتقام ليتم كل ما هو مكتوب(208)". وقد تحققت نبؤه دانيال النبى وإعلان المسيح بصورة حرفية دقيقة، فبعد 66 سنة من ميلاد المخلص دخل سستيوس Cestius حاكم سوريا المدينة مع القوات الرومانية وحاصر الهيكل وقفز الجنود من حوائط الهيكل ووقفوا فى مكان مقدس. ثم استدعى سستيوس الجنود وغادر المدينة، ولكن بعد أربع سنوات دُمرت المدينة والهيكل وصار خراباً تماماً(209)، يقول المؤرخ اليهودى يوسيفوس شاهد العيان على أحداث خراب أورشليم ودمار الهيكل : "لقد حكم على المقدس منذ زمن طويل من الله بالنار، والآن وبعد مرور السنين اقترب اليوم المحتوم، اليوم العاشر من شهر Lous (سبتمبر)، وهو نفس التاريخ الذى احرق فيه الملك نبوخذ نصر الهيكل من قرون. ولكن الآن كان الشعب (اليهود) هو الذى سبب الحريق الهائل وبدأه. إذ أنه عندما أنسحب تيطس بفترة قصيرة هاجم الثوار الرومان ثانية، وتبع ذلك معركة حدثت بين حراس المقدس والقوات التى كانت تطفئ النار داخل الساحة الداخلية، فهزمت القوات الرومانية اليهود وتعقبتهم فى انتقام شديد إلى الهيكل نفسه مباشرة. وبدون انتظار لأى أوامر وبدون خوف من هذا العمل الرهيب انتزع أحد الجنود الذى كان مندفعاً بقوة علوية قطعة ملتهبة من الصوف وقفز على ظهر جندى آخر، وقذف بالجمرة الملتهبة من فتحة شباك ذهبى منخفض وعندما اندلعت ألسنة اللهب صرخ اليهود فى رعب أشعل المأساة؛ وتزاحموا للإنقاذ دون التفكير فى اقتصاد حياتهم أو ادخار قوتهم لأن المبنى المقدس الذى كانوا يحرسونه بقوة وتكريس مثل هذا، كان يتلاشى أمام أعينهم(210)".
"وهكذا سقطت أورشليم فى السنة الثانية من حكم فسبسيان فى الثامن من شهر جربيوس (أكتوبر 70م)(211)"، "وقد كان مجموع الأسرى الذين أسروا خلال الحرب كلها 97.000، كما كان مجموع الذين ماتوا مدة الحصار الطويل فى مراحله الأولى إلى النهاية 1.100.000 (مليون ومائة ألف) وأغلبهم من اليهود بالجنس الذين اجتمعوا من الدولة كلها للاحتفال بعيد الفطير وحاصرتهم الحرب فجأة، وكان الزحام هو السبب أولاً أولاً بالطاعون، وأخيراً بالجوع(212)".
ويؤكد المؤرخ والكاهن اليهودى يوسيفوس أن ما حدث للمدينة والهيكل كان لسببان؛ الأول هو أثم اليهود وخطيتهم، والثانى، هو ما سبق أن تنبأ به الأنبياء، خاصة دانيال النبى، عن هذا الرجس والخراب. كما يؤكد أن اليهود، فى هذه المرة بالذات، هم الذين دنسوا الهيكل بأنفسهم وكانوا سبباً آخر فى تدنيس الرومان له ومن ثم يقول :
· "ما الذى آتى بالجيش الرومانى ضدنا؟ أليس أثم سكان أورشليم(213)".
· "كان الهيكل نفسه مشهداً للخيانات والقتل والزنا وقد دنس بأيدينا(214)".
· "إن هؤلاء الغيورون Zealotsوالسفاكون كانوا السبب فى إتمام النبوات ضد دولتهم، لأنه كانت أقوال قديمة (مشيراً إلى نبوات دانيال النبوات) تقول أن المدينة ستؤخذ فى هذا الوقت، وأن المكان المقدس سيحرق بالنار فى حرب عندما يحرض على الفتنة وأن أيديهم ستدنس هيكل الله. ولكن لم يصدق الغيورون هذه الأقوال ومن ثم فقد جعلوا من أنفسهم أداة الإتمام(215)".
· ثم يشير إلى نبؤات دانيال النبى ثانيه "من لا يعرف كتابات الأنبياء القدماء والنبؤه الموجهة ضد المدينة البائسة وأنها الآن على وشك الإتمام؟ هم قد تنبؤا أنها ستؤخذ عندما يبدأ أحد بإراقة الدماء. ألم تمتلئ المدينة والهيكل بجثث مواطنيكم؟ لذلك جلب الله نفسه ناراً عليها ليطهرها بواسطة الرومان، ويدمر المدينة المليئة بمثل هذه الأرجاس"(216).
· ويقول أيضاً "أعتقد أن الله قد حكم بدمار المدينة لأنها دُنست، وأراد أن يطهر المكان المقدس بالنار ليوقف بها مدافعيها وأصدقائها"، لقد تمزقت المدينة إلى قطع بواسطة الرجال القساة الخونة الداخليين المتصنعين، ولذلك فقد تمنى عواجيز الرجال والنساء "وأفترض أنه لو تأخر الجنود الرومان فى المجيء ضد هؤلاء الأوغاد لكانت المدينة قد ابتلعتها الزلازل أو غمرها فيضان أو دمرها رعد من السماء، مثلما كانت سدوم"(219).
وهكذا تمت نبؤات دانيال النبى ونبؤه السيد المسيح حرفياً وبالتفصيل وبتدقيق رائع ومذهل يدل على عظمة وإعجاز الوحى والنبوة فى الكتاب المقدس وفى سفر دانيال النبى.


(1) أر 12:25، 10:29 – 14.

(2) دا 3:9.

(3) دا 18:9.

(4) دا 18:9.

(5) لو 11:1-17.

(6) لو 26:1-35.

(7) دا 24:9-27.

(8) Ency. Proph. P. 383.

(9) Young An. Conc. P. 1041.

(10) Gesenius Heb. Chal.

(11) Strauss p. 268.

(12) Ibid.

(13) ترجمت هكذا فى عدة ترجمات مثل الترجمة العربية الجديدة.

(14) دا 2:10،3.

(15) Walv. P. 218 - 219

(16) Pulpit Vol. 13: 267

(17) Intr. Bib. Comm. Vol. 6 P.

(18) خر 11:20-18

(19) لا 3:25-7

(20) تك 15:29-28

(26) تك 2:8، 1:23.

(27) مز 9:51.

(28) لا 16.

(29) يو 16:1.

(30) عب 1:10 – 4،10.

(31) رو 24:3،25.

(32) اش 4:53-6.

(33) 1 يو 1:2.

(34) زك 9:12، 1:13.

(35) أش 20:28.

(36) رو 25:11، 26.

(37) 1 مل 8:21.

(38) أى 17:14.

(39) أى 7:9.

(40) الآيات البينات 292.

(41) يو 15:19،16.

(42) أر 11:28.

(43) مز 9:79.

(44) تك 4:6.

(45) خر 36:29.

(46) حز 3:32.

(47) مز 8:130.

(48) الآيات البينات 292.

(49) تجسد الكلمة 2:40.

(50) أش 6:51،8.

(51) أر 5:23،6.

(52) 1 كو 30:1.

(53) أش 11:53.

(54) رو 24:3.

(55) لو 44:24.

(56) لو 22:21.

(57) Ency. Proph. 286.

(58) عب 1:1-3.

(59) متى 13:11.

(60) تجسد الكلمة 1:40.

(61) السابق 3:40.

(62) متى 13:11، لو 16:16.

(63) السابق 3:40.

(64) لو 35:1.

(65) مر 23:1.

(66) أع 14:3.

(68) رؤ 7:3.

69-Anf Vol. 2 P. 329

(70) تجسد الكلمة 3:40

(71) خر 10:30،29،37؛لا 3:2،4؛ لا 17:10؛113:14؛19:24؛28:28ح عد 9:18

(72) 1 أخ 13:23

(73)Ellicottes Comm. P. 385.

(74) عب 12:9

75- Prophecy and The Church P. 114.

(76) الهداية ج 158:2.

(77) انظر الصفحة السابقة.

78- Langes Com. ***ip. P. 169.

(79) خر 26:30؛ 9:40، 10،11

(80) خر 13:40؛ 1 صم 1:10؛ 3:16

(81) غب 5:5،6

(82) تث 15:18؛ لو 70:1؛ أع 22:3

(83) رؤ 14:17

(84) مز 45،7،8؛ عب 8:1،9

(86) متى 16:3؛ يو 32:1

(86) أع 38:10

(87) كان من عادة أشور وبابل "السياسية" التى كانوا يتبعونها "ترحيل أفراد الشعب المهزوم إلى بلاد أجنبية وغريبة أما كورش فلم يفعل ذلك… بل على النقيض من ذلك حث الشعوب المهزومة على العودة إلى أوطانها وإعادة الآلهة إلى هياكلها. ومن بين المستفيدين من سياسة كورش الرشيدة هذه كان اليهود الذين أصبحت عاصمتهم وهيكلهم أكواما من الخراب والدمار". د. صموئيل شولتز –العهد القديم يتكلم" –ص324.

(87) اش 8:44؛1:45

(88) 2 أخ 22:36،23؛ عز 1:1،2

(90) عز ص2،3

(91) عز ص4-6

(92) عز 6:6-18

(93) عز 19:6

(94) عز 12:7-27

(95) عز 8

(96) عز ص2،3

(97) عز 25:7:7،26

(98) عز 15:7-20

(100) نح 11:1

(101) نح ص2،3

(102) J. M. A Critic & Exeg. Comm.Dan. P. 392.

(107) لو 38:2

(108) تجسد الكلمة 2:39

(109) العظة 19:12

110- Jos. Ant. B. 10 Ch. 11,1.

111- Langes P. 206.

112- J. M. Crit. Exg. P. 397.

113- Lange`s

114- J. M.Crit. Exg. P. 397.

115- Ibid

116- Ibid.

117- Ibid.

118- lange`s 206.

119- Ibid.

120- Ibid.

121- Ibid.

122- Ibid.

123- Ibid.

(124) زك 9:9

(125) اش 8:53

(126) رؤ 7:3

(127) متى 16:3

(128) أع 38:10

(129) عب 12:9

130- J. Mont. Dan. P. 396

131- ANF Vol. 9 P.134.

(132) ك 6:1ن 11.

(133) Anser to the Jews 8.











(134) تجسد الكلمة 2:39.

(135) Chr. Words Worth Vol. 6p. 45.

(136) Stromata B.I, 21.

(137) Chr. Words. Vol. 6 p. 45.

(138) تجسد الكلمة 1:40.

(139) السابق 3:40.

(140) متى 13:11.

(141) السابق 4:40.

(142) Mont. P. 399

(143) Ibid.

(144) Ibid

(145) Christ

(146) الذى يقول أن العقل هو مصدر المعرفة.

(148) وهناك من حسب المدة بأسلوب الفترات اليوبيليه 500 سنه لكل فتره من سبعه أسابيع. وهناك من حسبها بأسلوب التوازى، أن بعدها بدون تتابع، وكأنها، جميعها تبدأ من نقطة واحدة وزمن واحد. أو بإدخال فواصل زمنية بين كل فتره وأخرى، خاصة ما بين الأسابيع ال62 والأسبوع ال70. أو بتغيير أماكن الأسابيع، فى ترتيب معكوس، تأتى فيه الأسابيع ال62 أولا ثم تأتى السبعة أسابيع بعد ذلك، مثلما فعل ترتليان وثيؤدوريت وغيرهم. أو باعتبار الأسبوع الأخير، السبعون، كفترة يوبيليه مكونه من 49 سنه، كما فعل يوسايبس ويوليكرنيوس وغيرهم See Lange`s P. 208-209.

(149) يعتمد التفسير التقليدى، المحافظ على التسليم الرسولى والأبائى عبر كل العصور، ولا يعتمد على استخدام الآية الواحدة أو الآيات المنتقاة والتى يفصلها البعض عن سياق الكلام، إنما على روح النص وجوهره.



(150) تفسيرك. م ج 351:4.

(151) اش 27:44

152- Matt. H. Vol. 4 P. 1093

153- Ibid.

(154) عز 7:7،18،25

(155) عز 9:9

(156) نح ص1

157- Int. St. Bib. Vol. 1 P. 688.

(158) وصل طيباريوس قيصر للحكم سنه 11م + 15= 26م.

159- Lange`s P. 197.

(160) دافدسون ج 349:4.

(161) تك 10:49 حسب الترجمة السبعينية؛

(162) تجسد الكلمة 3:39

(163) مز 7:45

(164) مز 2:2

(165) مز 4:110 مع عب 21:7

(166) مز 6:2

(167) رؤ 5:1

(168) اش 3:55،4

(169) اش 7:9

(170) اش 7:53

(171) عب 12:9

(172) يو 11:1

(174) يو 30:14

(175) عب 26:7

(176) متى 28:20

(177) اش 5:53

(178) عز 12:7

180- F. E.Gaeblein Vol. 7 P.113

(179) لو 1:3

(181) بدأت سلطته طيباريوس قيصر سنه 11م ومن ثم تكون السنة الخامسة عشرة هى سنه 26م.

(182) إذ أن العذراء قد حبلت بالمسيح بعد الحبل المعمدان بستة شهور (لو 26:1)، وبدأ السيد المسيح خدمته فى سن الثلاثين (لو 23:3).

(183) Chr. Wordsworth Vol.6 P. 45

(184) عب 10:1

(185) كو 17:2

(186) يو 30:19

(187) يو 30:9

(188) Ibid

(189) Enc. B. Proph. P. 388

(190) أع 28:20

(191) أش 6:42،7

(192) أش 3:55

(193) أر 33:31

(194) أر 40:32

(195) عب 8:8،13

(196) عب 20:13

(197) عب 15:9

(198) أع 1:8

(200) أع ص 10

(201) أنظر أش 3:8؛ أر 40:48

(202) متى 15:24

(203) Gesenius P. 847 & Theo. Word book ot P. 955

(204) 1مل 5:11

(205) 1مل 7:11

(206) 2مل 13:23

(202) متى 15:24

(207) Jos. Jewish Wars B. Iv. 6,1

(208) لو 20:21-22

(209) Apotolos Makarkis Interp. NT Vol. 1 P. 385

(210) Jos. J. W. B. V 1 6,1

(211) Ibid 10

(212) Ibid. 9.

(213) J. W. B. V. 9,4.

(214) Ibid

(215) Ibid Iv. 6,3

(216) Ibid Vi 2,1

(219)
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
الفصل العاشر

رؤيا دانيال النبى الثالثة ضد المسيح وعلامات النهاية

(ص 10-12)


فى السنة الثالثة لكورش ملك فارس كشف أمر لدنيال الذي سمي بأسم بلطشاصر. والأمر حق والجهاد عظيم وفهم الأمر وله معرفة الرؤيا."ع1والسنة الثالثة لكورش الملك هي حوالي سنة 537ق.م. وكان عمر دانيال النبى فى ذلك الوقت قد أقترب من التسعين عاما وكان خارج الوظيفة الحكومية’ إذ يقول في ص12:10 أنه استمر إلى
السنة الأولى لحكم كورش’ أي في البلاط الملكي. ويؤكد دانيال النبي في رؤيا الأخيرة هذه أن كل ما أعلن له كان حقا’ ومواجهة ما سيأتي تحتاج إلي جهاد عظيم.
ثم يروى النبي ظروف وملابسات هذه الرؤيا بقوله أنه كان صائما لمدة ثلاثة أسابيع أيام’ وكان ينوح بسبب خطايا شعبه وربما بسبب العدد القليل الذي ذهب مع زر بابل إلي أورشليم’ وبسبب الصعوبات الكثيرة التى واجهها العائدون من السبي إلى أورشليم. وكان من الواضح أن دانيال النبي لم يعد من السبي ولم يرجع مع العائدين إلى أورشليم’ إما لكبر سنه أو لأن هذا كان بحسب تدبير الله وعنايته الإلهية بشعبه’ إذ أن موقع دانيال ووظائفه التي كانت له في البلاط إلى السنة الأولى لكورش الملك’ كانت كفيله بمساعدتهم في تذليل العقبات والصعوبات’ وربما يكون الله قد استخدمه في تحريك كورش لإصدار الأمر بالعودة إلى أورشليم وبناء وتجديد الهيكل.
كان دانيال صائما ونائحا كعادته حينما كان يصلي إلى الله شعبه’ ومن ثم لم يدهن ولم يأكل طعاما شهيا ولم يأكل لحم ولم يشرب خمر’ ويقول أحد المفسرين إن الدهن كان يستخدم يوميا بالزيت ليحمى الواحد نفسه من شمس الصحراء القاسية.
1- الكائن السمائى الملائكى (ص10):
رأى دانيال وهو بجانب نهر دجله كائنا سمائيا له صفات أو ظهر بصفات ورؤيا’ أتخذ شكل في الرؤيا’ قريب بدرجة كبيرة من الصورة التى ظهر بها المسيح الممجد في سفر الرؤيا’ كان لابسا كتانا" و "جسمه كالزبرجد"، وهذه صفات قريبة من صفات المسيح الممجد فى سفر الرؤيا، "وصوت كلامه كصوت جمهور"، ويبدو واضحاً فى وصف دانيال النبى تأثره بأصوات الجماهير الرهيبة العدد التى كانت تنشد أو تهتف فى صوت واحد مثلما حدث عند السجود لتمثال الذهب الذى صنعه نبوخذ نصر والذى لابد وأن هذا العدد الغفير كان يردد عبارة مثل "أمين". كما كان القديس يوحنا متأثراً فى وصفه بالمياه الكثيرة التى كانت تحيط بجزيرة بطمس(2). "فرأيت أنا دانيال الرؤيا وحدى والرجال الذين كانوا معى لم يروا الرؤيا لكن وقع عليهم ارتعاد عظيم فهربوا ليختبئوا"، وهذا شبيه جداً بما حدث فى رؤيا شاول الطرسوسى، بولس الرسول للسيد المسيح(3). "فبقيت أنا وحدى ورأيت هذه الرؤيا العظيمة ولم تبق فى قوة ونضارتى تحولت فى إلى فساد ولم أضبط قوة. وسمعت صوت كلامه ولما سمعت صوت كلامه كنت مسبحاً على وجهى ووجهى إلى الأرض"، وهذا الذى حدث لدانيال النبى هو ما حدث أيضاً للقديس يوحنا عند رؤيته للمسيح الممجد، لأن ما رآه دانيال النبى أو يوحنا الرسول قو فوق احتمال الطاقة البشرية، لذا يقول دانيال النبى "فتحولت نضارتى إلى فساد ولم أضبط قوة"، ويقول القديس يوحنا "سقطت عند رجليه كميت(4)". كان المنظر رهيباً بالنسبة لدانيال النبى، وأقوى من احتماله بالرغم من بره وحكمته ومحبة الله له، ووصفه له بالرجل "المحبوب(5)".
وترى مجموعة من المفسرين أن هذا الكائن هو السيد المسيح قبل التجسد، هو ظهور إلهى مثل ظهوراته الأخرى لإبراهيم ويعقوب وموسى واشعياء(6). ولكن "ملاك العهد:، "ملاك الرب" فى الرؤى الأخرى، أعطى لنفسه اسم "يهوه" ونسب لنفسه كل أعماله(6)، مثلما نسب السيد المسيح، بعد التجسد، كل أعمال الله لنفسه باعتباره كلمة الله وصورة الله ورسم جوهره، وكونه كلمة الله الذى هو الله(7) ذاته. كما كان "ملاك العهد" أيضاً صاحب سلطان مطلق ولا يوجد ما أو من يعوقه. أما هذا الكائن فقد قال لدانيال النبى "ورئيس مملكة فارس وقف مقابلى واحد وعشرين يوماً وهوذا ميخائيل واحد من الرؤساء الأولين جاء لإعانتي"، استطاع "رئيس مملكة فارس"، الكائن الروحى المختص بمملكة فارس، أن يعطله مدة 21 يوماً فأحتاج للعون والمساعدة، فجاء رئيس الملائكة ميخائيل لتقديم العون والمساعدة له. إذاً هو كائن سمائى ملائكى، ظهور ملائكى.
ويقول هذا الكائن الروحى السمائى الملائكى أن رئيس مملكة فارس قد أعاقه، فمن يكون رئيس مملكة فرس هذا؟ لقد كان قوياً واستطاع أن يقف أمام هذا الكائن الملائكى ويعطله حتى جاء رئيس الملائكة ميخائيل لإعانته عليه. وبتصرفه هذا كان مقاوماً لرسل الله وخدامه السمائيين، إذاً فهو كائن روحانى مختص بمملكة فارس، كما كان الملاك ميخائيل مخصص لبنى إسرائيل، وكان هناك أيضاً "رئيس اليونان". هؤلاء الكائنات السمائية الملائكية الذين أعلن عنهم فى هذه الرؤيا ورؤى دانيال الأخرى إلى جانب ما جاء فى بقية أسفار الكتاب المقدس ويزيحون الستار عن العالم الروحى، عالم الكائنات الروحية الذى يعمل فى خدمة الله وفى خدمة أولاده "أليس جميعهم أرواحاً خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص(8)، وعن الحرب الروحية التى تدور فى الخفاء، فى عالم الكائنات الروحية والمحتجبة عن أعيننا، "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة هذا العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية فى السماويات(9)".
وقد جاء هذا الكائن الروحى السمائى استجابة لصلاة دانيال وليعلن له ما يحدث فى الأزمنة الأخيرة "وجئت لأفهمك ما يصيب شعبك فى الأيام الأخيرة لأن الرؤيا إلى أيام بعد". كان مشهد الكائن السمائى وما أعلن لدانيال النبى أكبر مما توقع وأقوى مما تصور، فلمس شفتيه "شبه بنى قد أمر فى شبه أبناء البشر، ملاك آخر. ويرى البعض أنه الملاك جبرائيل الذى كان قد أمر فى رؤيا دانيال النبى الثانية أن يعلم دانيال النبى. أما "الأيام الأخيرة" هنا فتشير إلى عصر المسيح، عصر المسيا الآتى.
وبعد حديث هذا الكائن السمائى الملائكى عن الحروب الروحية فى عالم السمائيين يقول له "ولكنى أخبرك بالمرسوم فى كتاب الحق". كان بنو إسرائيل يعتقدون أن كل الأحداث التى تحدث فى العالم وفى تاريخ العالم مسجلة من قبل فى أسفار أو ألواح فى السماء(10)، وما يقصده الملاك هنا، كما أوضحنا فى الفصل الثانى من هذا الكتاب، هو الإعلان عن تدابير الله وخططه للعالم بحسب إرادته الإلهية وتدابيره وعلمه السابق، فهو كلى العلم والقدرة والوجود. ومن ثم يعلن لدانيال النبى بواسطة هذا الكائن الملائكى ما سيحدث فى العالم، فى تاريخ العالم، ابتداء من ملوك الإمبراطورية الفارسية، ثم يتحول إلى الحديث عن ضد المسيح والضيقة العظيمة ونهاية العالم وقيامة الأبرار والدينونة.
2- المرسوم فى كتاب الحق (ص11):
ويبدأ الكائن السمائى الملائكى فى الإعلان عما سيحدث بعد كورش مباشرة فى نبوة تفصيلية أذهلت عقول النقاد والعقلانيين والليبراليين لدقة تفصيلاتها، ولدقة إتمامها تاريخياً، ويركز هذا الإعلان وهذه النبؤة على الفترة من سنة 529 ق.م إلى سنة 164 ق.م ثم يتحول بأوصاف الملك الأخير، ملك الشمال، إلى أوصاف لا تنطبق عليه بالمرة، إنما تنطبق على شخص سوف يأتى فيما بعد نهاية العالم مباشرة، كان ملك الشمال صورة له ونموذجاً مجسماً لصورة وتجسد الشرفية.
أ‌- الحديث عن ملوك فارس الأربعة الذين خلفوا كورش العظيم؛ يقول الكائن السمائى لدانيال النبى "هوذا ثلاثة ملوك أيضاً يقومون فى فارس والرابع يستغنى بغنى أوفر من جميعهم وحسب قوته بغناه يهيج الجميع على مملكة يونان" ع2.
1- كان دانيال النبى يتسلم هذا الإعلان فى زمن كورش وبالتالى فالثلاثة ملوك الذين يعلن عنهم الكائن السمائى هم الذين أتوا بعده مباشرة وهم:
· قمبيز الثانى (527-522 ق.م) خليفة كورش وابنه.
· سميرس (522-521 ق.م)، المدعى.
· داريوس هيستابس (521-486 ق.م).
2- أما الملك الرابع والذى تميزه الرؤيا بالغنى الوافر والمهيج ضد مملكة اليونان فهو احشويرش بن داريوس (486-465 ق.م) والذى كان أغنى ملوك الفرس فى تلك الحقبة، وفى أيامه قامت الحرب الفارسية اليونانية الشهيرة (480-497 ق.م). قال القديس يوستينوس عن غناه "كانت توجد ثروات كثيرة فى مملكته لدرجة أنه عندما كانت تجف الأنهار بواسطة قاته، ومع ذلك لم تنفذ ثروته"(11)، وقال هيرودوتس "تكون جيش ارتحشتا من 5.283.220 رجل، إلى جانب 300.000 رجل من قرطاجنة و 200 سفينة(12)". فهل يوجد دقة تذهل العقول أكثر مما تنبأ به دانيال النبى هذا وتم بدقة مذهلة؟
ب‌- الحديث عن الإسكندر الأكبر وخلفائه:
"ويقوم ملك جبار ويتسلط تسلطاً عظيماً ويفعل حسب إرادته. وكقيامة تنكسر مملكته وتنقسم إلى رياح السماء الأربع ولا لعقبه ولا حسب سلطانه الذى تسلط به لأن مملكته تنقض وتكون لآخرين غير أولئك" 11 ع3،4. وهنا تقدم النبؤة وصفاً تفصيلياً دقيقاً ومفصلاً لقيام الإسكندر الأكبر وانكساره، موته فجأة فى شبابه، وأنه لن يخلفه أحد من نسله، أولاده، ولكن تقسم المملكة بين قواد جيشه الأربعة. وهذا ما حدث بالحرف الواحد، فبعد موته، "ترك وراءه فى مكدونية أخاً عاجزاً يدعى فيليب اريديوس. فأعتلى هذا العرش مدة تقل عن سبع سنوات إذ قتلته أمه سنة 317 ق.م. وخلفه فى الحكم الإسكندر اللو، ابن الاسكندر الشرعى من امرأته روكسانا، وملك ست سنوات. وفى سنة 311 ق.م بلغ بدوره نهاية مفجعة على يد أحد أفراد والده وهو كاسندر الذى فعل ذلك ليغتصب الحكم فى مكدونية واليونان. عندئذ قام هرقل الولد الغير الشرعى ونادى بنفسه ملكاً باسم أبيه. لكنه قتل سنة 309 ق.م." وبموته انقطع خيط سلالة الإسكندر الأكبر تماماً كما جاء بالنبؤة.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
انقسمت الإمبراطورية اليونانية إلى أربعة أقسام كما بينا سابقاً، وتحولت إلى أربعة ممالك:
1- مصر وليبيا والعربية وفلسطين، وملكها بطليموس لاجوس.
2- بابل وميديا وسوريا وفارس ومقاطعات شرق نهر الهندوس، وملكها سلوقس نيكاتور.
3- آسيا الصغرى وتراكيا الأوربية، وملكها ليسيماخوس.
4- مكدونية واليونان، وملكها كاسندر.
بدأ حكم سلالة البطالمة فى مصر التى وصفت فى الرؤيا، رؤيا دانيال النبى، يملك الجنوب لوقوعها جنوب فلسطين، وحكم سلالة السلوقيون فى سوريا والتى وصفت بملك الشمال لوقوعها شمال فلسطين. ودار صراع طويل بينهما وصف بصراع الشمال والجنوب والذى وصفته النبؤة بكل دقة وتفصيل كالآتى:
(1) "ويتقوى ملك الجنوب (مصر) ومن رؤسائه من يقوى عليه ويتسلط. تسلط عظيم تسلطه" ع5 والملك المقصود هنا هو بطليموس الأول (323-285 ق.م)، أما الرئيس الآخر فهو سلوقس نيكاتور والذى استقل ببابل سنة 311 ق.م، وبدأ حكم سلالة شمالية وقد حكم من (304-281 ق.م).
(2) "وبعد سنتين يتعاهدان وبنت ملك الجنوب ملك الجنوب تأتى إلى ملك الشمال لإجراء الاتفاق ولكن لا تضبط الذراع قوة ولا يقوم هو ولا ذراعه. وتسلم هى والذين أتوا بها والذى ولدها ومن قواها فى تلك الأوقات" ع6.
أ‌- وقد تمت هذه المعاهدة سنة 250 ق.م. وكان ثمن هذه المعاهدة هو أن يتزوج ملك الشمال، السورى أنيتوخس الثانى (262-246 ق.م) ببرنيس، ابنة بطليموس الثانى ملك مصر (الجنوب) (283-246 ق.م). وكان الملك السورى متزوجاً فطلق زوجته لكى يتزوج ببرنيس، وبعد سنتين من ذلك توفى بطليموس الثانى فطلق الملك السورى برنيس وعاد لزوجته الأولى لاوديس التى قتلته بالسم وقتلت برنيس أيضاً ووضعت ابنها، ابن لاوديس، سلوقس الثانى على عرش سوريا.
ب‌- وبعد فترة خلف بطليموس الثالث (246-221 ق.م) واخو برنيس والده على عرش مصر. ثم غزا سوريا انتقاماً لموت أخته برنيس واعدم لاوديس. وفى أثناء ذلك كان سلوقس الثانى فى آسيا الصغرى. وحمل بطليموس الثالث غنائم كثيرة من سوريا تتضمن 40.000 وزنة فضة، 2500 آنية ثمينة. وهذا ما قالته النبؤة بالحرف الواحد "ويقوم من أصولها قائم مكانه ويأتى إلى الجيش ويدخل حصن ملك الشمال وعمل بهم ويقوى. ويسبى إلى مصر آلهتهم أيضاً مع مسبوكاتهم. وآنيتهم الثمينة من فضة وذهب ويقتصر سنين عن ملك الشمال. فيدخل ملك الجنوب إلى مملكته ويرجع إلى أرضه" ع 7-9.
(3) وتستمر النبؤة بعد ذلك فى سرد ما دار من صراع بين ملك الجنوب مصر، وملك الشمال، سوريا، نلخص أهم أحداثه فيما يلى:
أ‌- حاول سلوقس الثانى أن يهاجم بطليموس الثالث فى مصر سنة 240 ق.م. ولكنه لم ينجح. ومات سلوقس وخلفه ابنه أنتيخوس الثالث فى حكم سوريا (من 223-187 ق.م)، ومات بطليموس الثالث وخلفه ابنه بطليموس الرابع فيلوباتون (221-204 ق.م) ونقابل كل من أنتيخوس الثالث وبطليموس الرابع فى معركة شرسة فى رفح سنة 217 ق.م واستخدم الجانبان فى هذه المعركة فيلة ضخمة والمنتصر بطليموس الرابع (انظر النبؤة ع 10-14).
ب‌- ومات بطليموس الرابع سنة 203 ق.م وخلفه بطليموس الخامس (203-181 ق.م). وفى سنة 198 ق.م صارع أنتيخوس الملقب بالعظيم بطليموس الخامس فى معركة خارج صيدون للسيطرة علي فلسطين " الأرض البهية". وفي سنة 193 ق.م أعطى انتيوخس كليوبترا(13) زوجة لبطليموس الخامس لكي تقف مصر على الحياد في حرب اتيوخس مع روما"ويعطيه بنت من النساء". وكان يأمل من وراء ذلك تعزيز الاهتمام السورى فى مصر لأنه كان يخطط سرا لغزو مصر’ ولكن كليوبترا لم تفده بشيء لأنها زوجة مخلصة وعن ذلك تقول النبوة" ليفسدها فلا تثبت ولا تكون له"
ج- واتحد انتخيوس بهانبيال الذي نفى باختياره من قرطاج. وغز الاثنان معا اليونان سنه 188ق.م’ وكانت روما قد طردتهم منها " ويحول وجهة إلى الجزائر " ثم مات انتخيوس الثالث سنة 187ق.م وفشلت خططه تماما "ويحول وجهه إلى حصون أرضه ويعثر ويقسط ولا يوجد" ع19. وحكم سوريا ابنه الأكبر سلوقس الرابع، كيلوباترا (187-176ق.م)’ وقتله رئيس وزارته فيما بعد" فيقوم مكانه من يعبر جابى الجزية فى فخر المملكة وفى أيام قليلة سنكسر لا بغضب ولا بحرب"ع20.
3- ملك الشمال رمز ضد المسيح ( ص11: 21-35) :
بعد موت سلوقس الرابع حل محله ابنه اتيوخيس ابيفاس الرابع (175-164ق.م) تكلمنا عنه بالتفاصيل في رؤيا دانيال النبي الثانية (ص). ونصيف هنا بعض مما لم تذكره فى شرح الرؤيا الثانية. دعى أنتيوخيس الرابع في هذه الرؤيا ب "المحتقر" والمتملق الذى ي يحكم بالتملقات" والذي يعمل " بالمكر" فهو بحسب مفهوم النبوة "وضيع" وقد دعى ب " ابيمانس" أي المجنون من الذين كانوا يعرفونه جيدا. وكان مخادعا، وفى سنة 170 ق.م هزم الملك المصرى بطليموس فيلوميتور (181-145 ق.م) فى معركة دارت شرق دلتا النيل، وذلك خيانة الجالسين على مائدة بطليموس، والذى كان في نفس الوقت ابن أخت أنتخيوس أبيفانس. ثم يأخذ أنتيوخس ابن أخته بطليموس إلى سوريا بدعوى الصداقة ولكنهما، الخال وابن الأخت لم يثقا فى بعضهما" " وينهض قوته على ملك الجنوب بحبش عظيم وملك الجنوب يتهج إلى الحرب بحبش عظيم وقوى جدا ولكنه لا يثبت لأنهم يدبرون عليه تدابير. والآكلون أطايبه يكسرونه وجيشه يطمو ويسقط كثيرون قتلى. وهذان الملكان قلبهما لفعل الشر ويتكلما بالكذب على مائدة واحدة ولا ينجح لأن الانتهاء بعد إلى ميعاد".
وقد خاب أمل انتيخوس ابيفانس فى الاستيلاء على مصر عندما أوقفه الرومان "فتأتى عليه سفن من كتيم فييأس ويرجع" ع3. فقد أمر الرومان بالانسحاب من مصر، فرجع خائباً وصب جام غضبه على مدينة أورشليم. ومن آية 30 إلى 34 يصف نفس ما حدث وما سبق أن وصف فى ص8 من تدنس المقدس ونزع للمحرقة الدائمة وتوقفها ووضع "الرجس المخرب" أو "رجسة الخراب" التى تحدثنا عنها تفصيليا فى الرؤيا الأولى والرؤيا الثانية لدانيال النبى وكذلك اضطهاده للمؤمنين.
مما سبق يتضح لنا الآتى:
1- إن الله بحسب إرادته ومشيئته وعلمه السابق هو الذى "يعزل ملوكاً وينصب ملوكاً وأنه "متسلط فى مملكة الناس فيعطيها من يشاء".
2- هذا العالم ملئ بالصراعات والمعارك والحرب، وهذا ليس من تدبير الله ولكن بسبب جشع البشر ونهمهم وطعمهم وشهوتهم فى التملك والسيطرة.
3- إن كل ما يحدث فى العالم من تغييرات وثورات معلوم لدى الله منذ الأزل ومعلن الكثير منه لأنبيائه "سر الرب لخائفيه".
4- إن كل ما سبق وأعلنه الله فى كتابه المقدس لا يمكن أن يسقط أبداً كقول السيد المسيح "ولا يمكن أن ينقض المكتوب" ( يو 35:10).
5- وقد برهنت كتب المؤرخين القدماء على صحة الكتاب المقدس ودقة نبؤاته وألقت الضوء على أجزاء كبيرة منه وبينت دقة نبؤاته وشرحت، دون قصد منها، الدقة المتناهية التى تمت بها معظم نبؤات الكتاب المقدس.
4- ضد المسيح ووقت النهاية ( ص 36:11 12:12) :
وبدأ من الآية 16 فى هذا الإصحاح يتحول الحديث تماماً من أنتيوخس الرابع أبيفانس ملك الشمال، إلى شخصية أخرى تماماً، هذه الشخصية تتطابق تماماً مع إنسان الخطية الأثيم ابن الملاك والتى تكلمنا عنها تفصيلياً فى رؤيا دانيال الأولى ( ص7).
وهذا أهم ما جاء عن هذه الشخصية المرتبطة بنهاية العالم:
1- هذا الشخص، ملك الشمال، ضد المسيح النهائى سيفعل كل شئ حسب إرادته الأنانية ( 36:11 مع رؤ 7:13، 13:17).
2- يعظم نفسه ويجدف على الله "إله الآلهة" ويعمل أمور عجيبة، أى مذهلة ولا تصدق (36:11 مع 2 تس 4:2، رؤ 6:13).
3- "ولا يبالى بآلهة آبائه"، "بكل إله لا يبالى لأنه يتعظم على الكل وسيزعم أنه هو نفسه إله (37:11 مع رؤ 5:17،16).
4- "ولا يبالى بشهوة النساء" وهذه صفات لم تكن فى أنتيوخس ابيفانس الذى لم يرفض الزواج أو الحب أو الشهوة ذاتها (37:11).
5- "ويكرم إله الحصون فى مكانه وإلهاً لم تعرفه آبائه يكرمه بالذهب والفضة وبالحجارة الكريمة والنفائس. ويفعل فى الحصون الحصينة بإله غريب، إذ يقضى ضد المسيح كل مصادره فى البرامج الحربية.
6- وتتحدث النبؤة فى الآيات من 40 45 عن الصراع الذى سيتأجج بين ضد المسيح وخصومه السياسيين، وستدور رحى الحرب بين ملك الجنوب وملك الشمال فى صورتها النهائية التى كانت الحرب بين السلوقيين والبطالمة فى القديم رمزاً وصورة لها. وسيبلغ نهايته فى جبل بهاء القدس، أى جبل هيكل أورشليم ( 45).
5- وقت النهاية ( ص 12 ) :
يتحدث هذا الجزء الأخير من الرؤيا الثالثة عن عدة أمور كلها متصلة بالضيقة السابقة للمجئ الثانى والقيامة والدينونة.
1- "ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت" ع1. هذا الضيق تكلم عنه أرميا النبى قائلاً "لأن ذلك اليوم عظيم وليس مثله. وهو وقت ضيق على يعقوب ولكنه سيخلص منه" (7:30). وقال عنه السيد المسيح مشيراً إلى ما سيحدث فى أورشليم وقت دمارها سنة 70م. وإلى ما سيسبق مجيئه الثانى فى نهاية العالم: "لأنه يكون حينئذ زمان ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون" ( متى 2:24 ).
2- "وفى ذلك الوقت ينجى شعبك كل من يوجد مكتوباً فى السفر" ع1. والسفر المقصود هذا هو سفر الحياة، الذى قال عنه السيد المسيح لرسله "افرحوا بالحرى إن أسماءكم كتبت فى السموات" ( لو 20:10)، أنه السفر المذكور فى العهد القديم ب "سفر الأحياء" ( مز 28:69 )، وفى العهد الجديد ب "سفر الحياة"، "من يغلب فذلك سيلبس ثياباً بيضاً ولن امحوا اسمه من سفر الحياة" ( رؤ 5:3).
3- "وكثيرون من الراقدين فى تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدى". وهذا يتفق مع قول السيد المسيح "فإنه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين فى القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (29:5 )، فيمضى هؤلاء ( الأشرار ) إلى عذاب أبدى والأبرار إلى قيامة الدينونة" ( متى 46:25 )، وقول القديس بولس بالروح "سوف تكون قيامة للأموات الأبرار والآثمة" ( أع 15:24 ).
4- ثم يرى دانيال النبى كائنين ملاكيين آخرين واقفين على شاطئ النهر واحد من هنا والآخر من هناك وسأل أحدهما الرجل اللابس الكنان الذى فوق مياه النهر: إلى زمان انتهاء العجائب؟" فأجابه بعد أن حلف بالله الحى إلى أبد الآبدين: "أنه إلى زمان وزمانين ونصف ومن وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرب ألف ومئتان وتسعون يوماً. طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى الألف والثلاث مئة والخمسة والثلاثين يوماً".
فماذا تعنى هذه المدد الزمنية؟
أ أولاً: "زمان وزمانين ونصف" تعنى فى مفهوم آباء الكنيسة فى القرون الأولى مدة "ثلاث سنوات ونصف" وذلك بحسب ما قاله القديس اريناؤس(14)، والقديس هيبوليتوس(15)، والقديس جيروم(16)، والقديس أغسطينوس(17)،. وهذه المدة ذكرت فى الكتاب المقدس بصيغ متنوعة، فقد وردت هنا فى سفر دانيال (25:7، 7:12) وفى سفر الرؤيا (14:12) "زمان وزمانين ونصف زمان" ولكها تشير إلى وقت ضيق، زمن ضيق. ووردت فى رؤيا (2:11) "اثنين وأربعين شهراً" والتى تساوى ثلاث سنوات ونصف أيضاً، وهى إشارة لتدنيس المدينة المقدسة، أى مدة رمزية لدوس المدينة المقدسة بواسطة الأمم. ووردت فى رؤيا (6:12) "ألفاً ومئتين وستين يوماً"، وتساوى ثلاث سنوات ونصف أيضاً. والملاحظ فى كل الأحوال أن الشهر فى هذه المدد مكون من 30 يوم نبوى والسنة من 360يوم، (1260÷30=42÷12=3\1 3؟ أو 1260 يوم ÷ يوماً (شهر) = 42 شهر ÷ 12 شهر = (3 سنوات ونصف).
وهذه المدة أياً كانت لا تعنى أبداً أنها ستتم حرفياً فى كل الأحوال، وإنما تشير فى كل الأحوال إلى مدة ضيق بالنسبة لأولاد الله أو رجاسة بالنسبة لبيت الله والمدينة المقدسة. هى مدة ألم يتبعها فرح ورجاء وغلبة على الشرير. أولاد الله سيعانون ولكن نصرهم أكيد، والكنيسة ستئن ولكن فرحها محتوم. كما يقول المسيح ويذكر القديس يعقوب بالروح أن السماء أغلقت بصلاة إيليا ولم تمطر "مدة ثلاث سنين وستة أشهر لما كان جوع عظيم فى الأرض كلها" (لو25:4، يع17:5)، فى تلك الفترة عانى وتألم أنبياء الله على يد إيزابل زوجة الملك آخاب التى أدخلت عبادة الأصنام لبنى إسرائيل (1مل 18،3،4،25:21،27). ويقول المؤرخ اليهودى يوسيفوس(18)، أنه فى حكم أنتيوخس أبيفانس "صار مقدسا مهجوراً مدة ثلاث سنين وستة شهور". ومن ثم فقد صارت هذه المدة فى تقليد إسرائيل القديمة تعبر عن أمور محزنة. كما عبرت فى سفر الرؤيا بصفة خاصة عن الضيق والألم والاضطهاد وتدنيس الهيكل والمقدس.
أنها مدة وإن كانت قد تمت حرفياً بالنسبة لأيام إيليا وأيام والاضطهاد على يد أنتيوخس ابيفانس ممثل ضد المسيح، إلا أنها تؤخذ كما جاء فى سفر الرؤيا على أساس رمزى يعبر عن مدة ضيق يعقبه فرح وانتصار "ويكون ذلك الوقت يُنجى شعبك كل من يوجد مكتوباً فى السفر".
ب - ثانياً: "ومن وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرب ألف ومئتان وتسعون يوماً" وهذه المدة = 1290 ÷ 30 = 43 شهراً أى 3 سنوات وسبعة شهور بزيادة شهر عن المدة السابقة، أو 3 سنين و6 شهور و15 يوماً بحساب السنة الشمسية (365يوماً). وهى المدة ما بين وقف الذبيحة اليومية وتطهير الهيكل، من شهر أيار سنة 168ق.م إلى 25 كسلو (كانون أول) سنة 165ق.م.
ج - أما المدة الثالثة ال (1335 يوماً) والتى تزيد 45 يوماً فتشير إلى زمن موت أنتيوخس نفسه.
وفى كل الأحوال فهذه المدد رمزت إلى الفترة ما بين الضيق والفرج، الألم والفرح، الهزيمة والانتصار، تدنيس الهيكل وتطهيره، ضيق الكنيسة ونصرتها النهائية، ضيق أولاد الله فى هذا العالم وفرحهم المنتظر، "أجاب واحد من الشيوخ قائلاً لى هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض من هم ومن أين أتوا. فقلت يا سيد أنت تعلم. فقال لى هؤلاء الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم فى دم الحمل. من أجل ذلك هم أمام عرش الله ويخدمونه نهاراً وليلاً فى هيكله والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شئ من الحر لأن الحمل الذى فى وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حيه ويمسح الله كل دمعة من عيونهم" (رؤ 13:7-17).

."ع1

"

(2) رؤ 9:1،15

(3) أع 7:9

(4) رؤ 17:1

(5) دا 23:9؛11:10،9

(6) انظر كتاب "هل المسيح هو الله أم ابن الله أم بشر؟" للمؤلف ص112:109.



(7) يو 19:5-27

(8) عب 14:1

(9) اف 12:6

(10)The Pulpit Dan.P.298.

(11)Just. Apo. 1 Ch. 10.


(13) وهى غير كليوبترا التى حاربت مع أنطونيوس جيوش الرومان بقيادة أوكتافيوس ( أغسطس قيصر).

ع19

ع20

(14)Ag. Her. V:25.

(15)Hypo. P. 182.

(16)chr. Words. P. 34.

(17)S. Aug. xx: 24 & chr. Words. P. 34.

(18)Jewish Wars V:9.4.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف سابق
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
839
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
المراجع


1- Internatioanl Standard Bible Encyclopedia.
2- The Wyclife Bible Encyclopedia.
3- Encyclopedia of Religion and Ethies.
4- Encyclopedia Britanica.
5- Encyclopedia Amricana.
6- Encyclopedia of Biblical Prophecy. J. Barton Payne.
7- Encyclopedia of Biblical Difficulties, Archer.
8- Encyclopedia of Biblical Literature, Dr. Kitto.
9- The Pulpit Commentary.
10- The Bible Knowledge Commentary.
11- The New Jerome Bible Commentary.
12- The Expositor’s Bible Commentary.
13- Mattew Henry A Commentary on The Wlole Bible.
14- Clarkes Commentay.
15- The Interpreter's Bible.
16- Dictionary of The Bible, J.D. Doughlas.
17- Dictionary of The Bible, James Hastings.
18- Lang’ Commentary on The Holy Bible.
19- Ellcott’s Commentary on the whole Bible.
20- The Literary Guid to The Bible.
21- Anti and Post Nicene Fathers.
22- The Works of Josephus.
23- Young’s Analytical Concordance To the Bible.
24- The New Treasury of the ******ure. Knowledge.
25- Septuagent Greek and English old T.
26- An lntroduction to the old Testament Prophets.
27- An Introduction to the Old Testament , Harrison.
28- New Bible Companion.
29- The Lion Hand Book To the Bible.
30- The New unger’s Bible Hand Book.
31- Jensen’s Survey of The Old Testament.
32- Jamiesn, Fausset, Brown, A Commentary.
33- The NIV Study Bible.
34-Orthodox Study Bible.
35- The NIV Interlinear Hebrew English Old T.
36- Hebrew and Caldee Lexicon , Gesenius.
37-Chr. Wordsworth, D.D. Holy Bible With Notes and Introduction.
38- Acritical and Exegetical Commentary on The Book of Daniel , James A Montgomery.
39- Thomas Scott, Holy Bible With Explanatory Notes, Practical Observations and Copious Marginal References.
40- daniel`s Prophecy Of The Weeks, Alva J.Mcclain.
41- 30 World Biblical Commentary, Daniel, John E. Golding.
42- Daniel The Key To Prophetic Revealtion, John F. Walvoord.
43- Daniel, H.A. Ironside.
44- Prophecy and The Church, Oswald T. Allis.
45- Daniel, G. Coleman Luck.
46- Expoitory Sermons On The Book Of Daniel, W.A. Criswell.
47- Daniel, An Expositional Commentary, James Montgomery Boice.
48- The Book Of Daniel, John Heading.
49- Daniel Sings and Wonders, Robert A. Anderson.
50- Daniel Devotional Studies On Living Courageously, J. Allen Blair.
51- Daniel The Prophet, M.R.Dehaan.
52- Lehman Strauss Commentary Daniel.
53- The Histories and Prphcies Of Daniel, G.H. Lang.
54- Synopsis Of The Books Of The Bible, J.N. Darby.
55- The History Of Herodotus.
56- دائرة المعارف الكتابية ج 3 دار الثقافة.
57- الآيات البينات فى تفسير سفر دانيال إسحق خليل.
58- كيرلس الأورشليمى، العظات تعريب الاب جورج نصور.
59- تجسد الكلمة للقديس أثناسيوس الرسولى تعريب القمص مرقص داود.
60- تفسير دانيال وحرية الشعوب ن.ب.د.
61- شهادة الأجيال لصدق نبوات النبى دانيال.
62- سفر دانيال رشاد فكرى.
63- سفر دانيال مفصلاً آيه آيه ناشد حنا.
64- تمثال التاريخ العالمى، تفسير سفر دانيال د. القس وديع ميخائيل.
65- محاضرات فى نبوة دانيال ه.ا. ايرونسايد.
66- معجزة الأجيال فى تفسير نبوات دانيال.
67- العهد القديم يتكلم د. صموئيل شولتز.
68- صوت من الأنقاض أرل البررويل.
69- الرجل المحبوب، تأملات ودراسات فى سفر دانيال فؤاد حبيب.
70- تفسير سفر دانيال القمص مينا ميخائيل.
71- مرقب النبى دانيال وهبة الشويخ.
72- رؤى الأباء والأنبياء القمص عبد المسيح ثاوفيلس النخيلى.
73- دانيال صديق الملائكة القمص بيشوى كامل.
74- لتكن مشيئتك على الأرض برج المراقبة.
 
أعلى