أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ



"ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ قَوْماً مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالْهِيرُودُسِيِّينَ لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَا تُبَالِي بِأَحَدٍ، لِأَنَّكَ لَا تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ، بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللّهِ. أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟ نُعْطِي أَمْ لَا نُعْطِي؟« فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: »لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ اِيتُونِي بِدِينَارٍ لِأَنْظُرَهُ«. فَأَتَوْا بِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: »لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟« فَقَالُوا لَهُ: »لِقَيْصَرَ«. فَأَجَابَ يَسُوعُ: »أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ«. فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ«
(إنجيل مرقس 12:13-17).


كانت الحيلة أن الهيرودسيين يتظاهرون بالتديُّن لكي يصطادوا المسيح ويمسكوه بكلمة، فيسلِّموه إلى حكم الوالي وسلطانه. فتقدموا إليه وتملَّقوه واستشاروه إن كانوا يدفعون الجزية للحكومة الرومانية أو لا يدفعونها، أملاً أن يمسكوه في شبكتهم مهما كانت إجابته، فإن قال بدفع الجزية ينفر الشعب منه، لأنهم ضجروا من هذه الضريبة التي هي علامة استعبادهم للرومان، ولأنهم ينتظرون مجيء المسيح ليحررهم منها. وكانوا يسألون: »كيف يمكن أن يكون المسيح ملك إسرائيل - كما هتف له الشعب بالأمس في الهيكل، ويحكم أن ندفع الجزية لقيصر؟«. وإن أجاب بعدم دفعها كما يرغب الهيرودسيون (وهو ما كانوا يرجّحونه) يحصلون على حجة كافية ليسلموه للحكومة، كمثير للفتنة ضد القيصر الذي وضع هذه الضريبة.

علم المسيح رياءهم وخبثهم، وأن الجواب الذي يروق للفريسيين لا يروق للهيرودسيين - ومع ذلك اتفق الفريقان على امتحانه، فأجاب: »لماذا تجربونني يا مراؤون؟ أروني معاملة الجزية«. ولما أتوا بدينار. كانت صورة الإمبراطور مرسومة عليه. ومعنى هذا أنهم يعترفون بسلطان قيصر عليهم. فقال: »أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله«. أي أعطوا كل ذي حق حقه. بهذا الجواب حطم الشَّرَك المنصوب له، ونطق بهذا القول المأثور قاعدة للواجبات في الدين والدولة. فلم يقدروا أن يمسكوه بكلمة قدام الشعب وتعجبوا من جوابه وسكتوا، وتركوه ومضوا.

من تعليم المسيح هذا نرى أن الواجبات للدولة مقدسة وضمن الواجب الديني... ليس السؤال: هل نخضع لقيصر أم لله، لأن الخضوع للاثنين واجب، والخضوع لقيصر في ما لا يخالف الخضوع لله هو من أصل الخضوع لله، لأن الله هو الذي سمح لقيصر أن يتسلَّط عليهم. فعليهم أن يخضعوا لهذا التأديب. وكما تذكِّرهم صورة القيصر على الدينار، بما عليهم له، يجب أن تذكّرهم صورة الله التي خُلق فيها الإنسان، بما عليهم لله.



لقد وجد السيد المسيح هذا المخرج من هذا المأزق، وأراد أن يعلمهم درساً بليغاً في العدالة والاعتدال في كل شيء، وخاصة في التعامل مع السلطة الحاكمة بالاضافة لمسألة التعامل في الأمور المادية والمالية. إنها الطريقة المثلى للتعامل مع الغنى والإلتزام والمساهمة في خلق مجتمع أفضل. فالمؤمن الذي يعطي لله ما لله يضع الله في المقام اللائق به: المقام الأول. الله الذي لا يقارن بأحد ولا بأي شيء آخر لأنه فوق الجميع وفوق كل شيء. وكل الخليقة يجب أن تؤدي لله ما هو لله أولا وكل شيء آخر يتبع. فعلى الإنسان عدم القلق وعدم السعي المستميت وراء الغنى. وأن لا نجعل من المال إلهاً بل عبداً نستخدمه لبناء مجتمع أفضل.


إن القسم الأخير من هذا القول يذكرنا أيضاً بأن لله حقوق علينا – رغم أنه ليس بحاجة لنا - لأنه خلقنا ويحبنا ويعتني بنا ويهبنا النعم والبركات ولا يغفل عن طلباتنا واحتياجاتنا، بينما ننسى كثيراً كل هذا ونتصرف وكأنه غير موجود أو بعيد عن مسرح حياتنا، ونتذكره فقط عند الضيق والشدة والحاجة والمرض وننساه وقت الرخاء والصحة والنجاح.


أما المبدأ الأساسي الذي يطرحه السيد المسيح فيقوم على أولوية الله في حياتنا لأنه مصدر كل شيء، لذلك فإننا نقدم لله ما هو لله لأنه منه وإليه. فالله يستحق منا الشكر والحمد والتسبيح والسجود والعبادة، فينبغي أن نفرد له مكان الصدارة في حياتنا بحيث تكون له حصة الأسد.

أما القسم الأول من القول فهو يتكلم عن قيصر، ومعناه بالدرجة الأولى الإمبراطور الروماني الذي كان يحكم البلاد والعباد بالقوة والقانون في ذلك الزمان، لذلك كان من الواجب الولاء له ودفع الجزية من طاعة ومال، ولكن تعبير قيصر أصبح يعني حيناً السلطة المدنية والقائمون عليها، وهو حيناً الوطن على اتساعه، وهو حيناً السلطة الوالدية، وقد يكون أيضاً الاهتمامات المادية والدنيوية من عمل ومال وجاه وسلطان.


يطالبنا السيد المسيح بالطاعة والاحترام للسلطة الحاكمة، علينا أن نبتهل إلى الله من أجل الذين يحكموننا من ملوك وحكام وسلاطين، علينا أن نحب الوطن وأن نخلص له ونخضع لشرائعه وأن نذود عنه بكل وسيلة. ويقول القديس بولس في هذا الصدد: "فأسأل قبل كل شيء أن يقام الدعاء والصلاة والابتهال والشكر من أجل جميع الناس ومن أجل الملوك وسائر ذوي السلطة، لنحيا حياة سالمة مطمئنة بكل تقوى ورصانة، فهذا حسن ومرضي عند الله مخلصنا".

ويدعونا أيضاً إلى السعي وراء رزقنا ولقمة عيشنا بكل جهد وجد والتزام، فهو يقول "افعل ما أنت فاعل" أي إذا عملت عملاً فأتقنه، وضع فيه دم قلبك. كما أنه علينا الاهتمام بأمور حياتنا الدنيوية والمادية من أكل وشرب وراحة واستجمام والعناية بجسدنا ونظافته وصحته دون اهمال أو ارهاق، شريطة أن لا يأخذ هذا مكان الله في حياتنا.

 

عادل نسيم

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
30 نوفمبر 2009
المشاركات
3,338
مستوى التفاعل
73
النقاط
0
أخي الحبيب النهيسي
كما عودتنا أسلوبك الشيق في مثل هذه المواضيع الرب يبارك مجهودك الرائع وكلل حياتك دائماً بالنجاح وما أجمل أن (
لنحيا حياة سالمة مطمئنة بكل تقوى ورصانة، فهذا حسن ومرضي عند الله مخلصنا" )
17997843go2.gif

 

amselim

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
13 يناير 2009
المشاركات
1,981
مستوى التفاعل
38
النقاط
0
ليس السؤال: هل نخضع لقيصر أم لله، لأن الخضوع للاثنين واجب، والخضوع لقيصر في ما لا يخالف الخضوع لله هو من أصل الخضوع لله،
جملة فى غاية الاهمية لامتحان اى امر يمس خضوعنا للسلطات

شكرا للموضوع الهام

الرب يحفظك
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
أخي الحبيب النهيسي
كما عودتنا أسلوبك الشيق في مثل هذه المواضيع الرب يبارك مجهودك الرائع وكلل حياتك دائماً بالنجاح وما أجمل أن (
لنحيا حياة سالمة مطمئنة بكل تقوى ورصانة، فهذا حسن ومرضي عند الله مخلصنا" )
17997843go2.gif



الرب يبارك مروركم الغالى جدا شكرا أخى عادل

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus

جملة فى غاية الاهمية لامتحان اى امر يمس خضوعنا للسلطات

شكرا للموضوع الهام

الرب يحفظك


الرب يبارك مروركم الغالى جدا شكرا عم سليم


 
أعلى