أنجيل يهوذا و شفرة دافنشي و الإسكندر
تتجمع في الأفق سحب داكنة تنذر بعواصف قد تعصف بالسلام الاجتماعي في الشارع المصري-خاصة بين أقباطه ومسلميه-إذا لم تتم تهيئة وتوعية الرأي العام بما تحمله هذه السحب من مخاطر...أقول ذلك ونحن نحتفل اليوم بأحد الشعانين المعروف بأحد السعف-ذكري دخول السيد المسيح أورشليم-وما يعقبه من حشد للطقوس والصلوات اليومية طوال أسبوع الآلام الذي ينتهي باحتفالات عيد القيامة المجيد فها نحن مقبلين بدءا من اليوم علي مناسبات دينية عميقة تجسد في محتواها قمة الإيمان المسيحي وذكري الأحداث التي صاحبت الأيام الأخيرة للسيد المسيح علي الأرض وتداعيات ذلك من أحداث الصلب والموت والقيامة.
ولعل دقة الموقف الذي أتناوله اليوم-وتعرض لهوطنيتفصيلا داخل هذا العدد-تتمثل في الحساسية المفرطة التي يستشعرها المجتمع -إزاء التعرض للخصوصيات الدينية المتصلة بالعقيدة,وما يصاحب ذلك من جرح لمشاعر الكافة الذين يرون فيه مؤامرة تستهدف النيل من إيمانهم وازدراء دينهم والتشكيك في صحة عقيدتهم,وتكون النتيجة المتوقعة انطلاق وانفلات المشاعر للذود عن المقدسات حيث تخرج الأمور عن حدود السيطرة وينزلق البعض إلي العنف والعداء ويتوه صوت الحكمة والعقل وسط الصخب والضجيج.
**بالأمس القريب طفت علي السطح قصة مثيرة ليست بجديدة,تتصل بما يطلق عليهإ أنجيل يهوذا وما يحمله ذلك الإنجيل من فكر غريب علي الإيمان المسيحي مؤداه أن يهوذا الإسخريوطي-وهو التلميذ الذي خان السيد المسيح وأسلمه لليهود مقابل ثلاثين من الفضة-برئ من خيانة سيده وأنه لم يفعل ذلك إلا تنفيذا لتكليف السيد المسيح له من أجل تتميم النبوات وتحقيق الخطة الإلهية المتمثلة في الصلب والفداء لخلاص جنس البشر...هي قصة قديمة ليست وليدة اليوم ولا هي مختلقة في إطار مؤامرة علي الدين المسيحي,إنما هي موثقة وثابتة تاريخيا ضمن عشرات من الاجتهادات والنظريات التي رفضها آباء الكنيسة في القرون الأولي للمسيحية حين تعرض الإيمان المسيحي لكثير من الهرطقات التي تم تفنيدها وإزاحتها جانبا ضمن مسار ترسيخ وتثبيت الإيمان المسيحي...قصةإنجيل يهوذاتم تسجيلها وتوثيقها في عمل سينمائي علمي أطلقته قناة فضائية أمريكية هيقناة الجمعية الجغرافية القوميةالمشهود لها بالدقة العلمية والحياد البحثي في التحقيق,وهذا العمل ليس الأول من نوعه-وبالقطع لن يكون الأخير-في سلسلة الأعمال العلمية أو الفنية أو الدرامية التي تظهر في الغرب-الذي يطلق عليه في بلادنا الغرب المسيحي-والتي تتعرض لتفنيد ومناقشة الأديان والعقائد بل وجميع الفلسفات والثوابت الفكرية بغية إخضاعها للفحص والنقد والتمحيص,ويختلف نصيبها من درجات استقبال الرأي العام لها بين مؤيد ومعارض ومحتج,لكنها في النهاية تظل محصورة في دائرة الاجتهاد ولايسمح لها بأن تعصف بالثوابت الإيمانية أو بهز دعائم المؤسسات الدينية الراسخة...ووطنيإذ تبادر بتوعية المسيحيين في مصر بقضيةإنجيل يهوذاخاصة بعد أن بادرت إحدي الصحف بطرح القضية في قالب قد يسئ لمشاعر المسيحيين تدعو الجميع إلي توخي الحكمة والحذر وعدم الانزلاق إلي الصراخ والعنف لأن الإيمان المسيحي راسخ وثابت وقوي ولا ينال منه فكر عارض أو تعريضه للفحص والاجتهاد.
**القضية الثانية التي تماثل القضية الأولي والتي نتناولها أيضا داخل هذا العدد هي رواية بعنوان شفرة دافنشي صدرت في الغرب تحمل رؤية مؤلفها عن السيد المسيح مستشهدا بما يزعمه من أدلة تاريخية وشواهد فنية متصلة بلوحةالعشاء الأخيرللفنان والعالم الإيطالي ليوناردو دافنشي,وفيها ينسب المؤلف للسيد المسيح أنه أحب مريم المجدلية و تزوجها وأن له منها نسلا يمكن تتبع آثاره إلي يومنا هذا..وتلك رؤية بالقطع تهز الإيمان المسيحي بعنف إذا لم يكن المتلقي مهيأ لها ومعدا إعدادا جيدا للرد عليها وللثقة الكاملة في ثوابته الإيمانية,كما أنها هي الأخري موضوع عمل سينمائي يشاع أنه قادم إلي بلادنا وسيتم عرضه علي الجمهور في دور العرض خلال شهر مايو المقبل,وهنا تبرز أهمية تحصين المسيحيين ضد ما سوف يصاحب مجئ هذا العمل وعرضه من إساءة لمشاعرهم وما قد يفجره من جدل وصخب-بعضه عفوي وبعضه مشحون-وما قد ينتج عن ذلك من التهديد بانفلات المشاعر أو انفجار العنف خاصة إذا ما استباح الإعلام استغلال الأمر للإثارة وتأجيج الغضب...ووطنيتكرر الدعوة إلي إعمال الحكمة والتعقل مؤكدة أن هذا العمل كغيره لا ينال مطلقا من أركان وقدسية الإيمان المسيحي ولا يجب أن يستدرج البعض نحو مهاترات كلامية أو معايرات مشبوهة لا تحمد عقباها,بل كما يتضح من الفكر الذي نقدمه داخل العدد يمكننا تحويل الدفة للاستفادة من الضجة التي سيثيرها هذا العمل ولكسب محبة واحترام الجميع.
**القضية الثالثة التي لم تجئنا من الخارج بل جاءتنا من داخل بلادنا منذ فترة وجيزة ولاتزال تشغل الرأي العام وتفرز ردود أفعال متباينة هي قضية الزواج والطلاق في المسيحية...فبينما الأصل الراسخ في هذا الشأن هو أن الأمر برمته يتصل بالعقيدة الدينية المسيحية وله من القدسية والمعاني العميقة التي وضعته في مصاف أسرار الكنيسة السبعة,هناك تيار مستحدث دخيل يحاول انتزاع ملف الزواج من سلطة الكنيسة وتجريده من ذخائره الإيمانية الراسخة والزج به في دائرة العلاقات المدنية التي لا تخضع إلا للقانون ويكون القول الفصل فيها للسلطة القضائية...هذه القضية بدورها فجرت سلسلة من الاحتجاجات والاعتراضات الانفعالية,بجانب سلسلة أخري من الآراء الهادئة المتعقلة ووطنيتعرض في هذا العدد لنموذج من تلك الآراء الحكيمة التي تحفظ للكنيسة حقها في بسط سلطتها علي هذا الملف.
....وانفجرت الإسكندرية مرة أخري
أحداث دامية مؤسفة تعرض لها الأقباط في الإسكندرية صباح الجمعة الماضي ولاتزال تداعياتها تلقي بظلال كئيبة علي صلوات أسبوع الآلام والأعياد-ولا أقول الاحتفالات-فبالقطع هناك غصة في حلق كل قبطي وسؤال مكتوم:إلي متي يظل الأقباط معلقين في وطنهم رهنية لكل متعصب ومأفون؟...إن ما يشاع عن صعيد مصر كمركز للتعصب وكمسرح لما يطلق عليهالأحداث الطائفيةيستحق إعادة نظر لتنصيب الإسكندرية بطلة له عن جدارة ...ولعلالمسكوت عنهفي العقد الأخير علي الأقل ما آلت إليه الإسكندرية من معقل للتطرف والإرهاب.
يبقي أن أسجل أن التصريحات السياسية التي واكبت الأحداث لاتزال أسيرة محاولات تجميل الحقائق وتغليفها بمسحة تضليلية بعيدة عن الواقع...ولست أدري لمصلحة من يتم ذلك؟هل لمصلحة تبرئة الأجهزة المسئولة من تهمة ترك ذلك المارد اللعين ينمو ويستشري ويعيث فسادا,أم لمصلحة تبرئة الشارع الملتهب من تهمة إفراز الأفكار والسلوكيات المريضة؟...الأجابة غير واضحة,لكن ما هو واضح لا لبس فيه أن مواطنة الأقباط وحماية الدولة لهم كمواطنين مصريين توضع موضع التساؤل في كل أحداث عنف مثلما تشهده الإسكندرية هذا الأسبوع.
نقلآ عن وطنى
تتجمع في الأفق سحب داكنة تنذر بعواصف قد تعصف بالسلام الاجتماعي في الشارع المصري-خاصة بين أقباطه ومسلميه-إذا لم تتم تهيئة وتوعية الرأي العام بما تحمله هذه السحب من مخاطر...أقول ذلك ونحن نحتفل اليوم بأحد الشعانين المعروف بأحد السعف-ذكري دخول السيد المسيح أورشليم-وما يعقبه من حشد للطقوس والصلوات اليومية طوال أسبوع الآلام الذي ينتهي باحتفالات عيد القيامة المجيد فها نحن مقبلين بدءا من اليوم علي مناسبات دينية عميقة تجسد في محتواها قمة الإيمان المسيحي وذكري الأحداث التي صاحبت الأيام الأخيرة للسيد المسيح علي الأرض وتداعيات ذلك من أحداث الصلب والموت والقيامة.
ولعل دقة الموقف الذي أتناوله اليوم-وتعرض لهوطنيتفصيلا داخل هذا العدد-تتمثل في الحساسية المفرطة التي يستشعرها المجتمع -إزاء التعرض للخصوصيات الدينية المتصلة بالعقيدة,وما يصاحب ذلك من جرح لمشاعر الكافة الذين يرون فيه مؤامرة تستهدف النيل من إيمانهم وازدراء دينهم والتشكيك في صحة عقيدتهم,وتكون النتيجة المتوقعة انطلاق وانفلات المشاعر للذود عن المقدسات حيث تخرج الأمور عن حدود السيطرة وينزلق البعض إلي العنف والعداء ويتوه صوت الحكمة والعقل وسط الصخب والضجيج.
**بالأمس القريب طفت علي السطح قصة مثيرة ليست بجديدة,تتصل بما يطلق عليهإ أنجيل يهوذا وما يحمله ذلك الإنجيل من فكر غريب علي الإيمان المسيحي مؤداه أن يهوذا الإسخريوطي-وهو التلميذ الذي خان السيد المسيح وأسلمه لليهود مقابل ثلاثين من الفضة-برئ من خيانة سيده وأنه لم يفعل ذلك إلا تنفيذا لتكليف السيد المسيح له من أجل تتميم النبوات وتحقيق الخطة الإلهية المتمثلة في الصلب والفداء لخلاص جنس البشر...هي قصة قديمة ليست وليدة اليوم ولا هي مختلقة في إطار مؤامرة علي الدين المسيحي,إنما هي موثقة وثابتة تاريخيا ضمن عشرات من الاجتهادات والنظريات التي رفضها آباء الكنيسة في القرون الأولي للمسيحية حين تعرض الإيمان المسيحي لكثير من الهرطقات التي تم تفنيدها وإزاحتها جانبا ضمن مسار ترسيخ وتثبيت الإيمان المسيحي...قصةإنجيل يهوذاتم تسجيلها وتوثيقها في عمل سينمائي علمي أطلقته قناة فضائية أمريكية هيقناة الجمعية الجغرافية القوميةالمشهود لها بالدقة العلمية والحياد البحثي في التحقيق,وهذا العمل ليس الأول من نوعه-وبالقطع لن يكون الأخير-في سلسلة الأعمال العلمية أو الفنية أو الدرامية التي تظهر في الغرب-الذي يطلق عليه في بلادنا الغرب المسيحي-والتي تتعرض لتفنيد ومناقشة الأديان والعقائد بل وجميع الفلسفات والثوابت الفكرية بغية إخضاعها للفحص والنقد والتمحيص,ويختلف نصيبها من درجات استقبال الرأي العام لها بين مؤيد ومعارض ومحتج,لكنها في النهاية تظل محصورة في دائرة الاجتهاد ولايسمح لها بأن تعصف بالثوابت الإيمانية أو بهز دعائم المؤسسات الدينية الراسخة...ووطنيإذ تبادر بتوعية المسيحيين في مصر بقضيةإنجيل يهوذاخاصة بعد أن بادرت إحدي الصحف بطرح القضية في قالب قد يسئ لمشاعر المسيحيين تدعو الجميع إلي توخي الحكمة والحذر وعدم الانزلاق إلي الصراخ والعنف لأن الإيمان المسيحي راسخ وثابت وقوي ولا ينال منه فكر عارض أو تعريضه للفحص والاجتهاد.
**القضية الثانية التي تماثل القضية الأولي والتي نتناولها أيضا داخل هذا العدد هي رواية بعنوان شفرة دافنشي صدرت في الغرب تحمل رؤية مؤلفها عن السيد المسيح مستشهدا بما يزعمه من أدلة تاريخية وشواهد فنية متصلة بلوحةالعشاء الأخيرللفنان والعالم الإيطالي ليوناردو دافنشي,وفيها ينسب المؤلف للسيد المسيح أنه أحب مريم المجدلية و تزوجها وأن له منها نسلا يمكن تتبع آثاره إلي يومنا هذا..وتلك رؤية بالقطع تهز الإيمان المسيحي بعنف إذا لم يكن المتلقي مهيأ لها ومعدا إعدادا جيدا للرد عليها وللثقة الكاملة في ثوابته الإيمانية,كما أنها هي الأخري موضوع عمل سينمائي يشاع أنه قادم إلي بلادنا وسيتم عرضه علي الجمهور في دور العرض خلال شهر مايو المقبل,وهنا تبرز أهمية تحصين المسيحيين ضد ما سوف يصاحب مجئ هذا العمل وعرضه من إساءة لمشاعرهم وما قد يفجره من جدل وصخب-بعضه عفوي وبعضه مشحون-وما قد ينتج عن ذلك من التهديد بانفلات المشاعر أو انفجار العنف خاصة إذا ما استباح الإعلام استغلال الأمر للإثارة وتأجيج الغضب...ووطنيتكرر الدعوة إلي إعمال الحكمة والتعقل مؤكدة أن هذا العمل كغيره لا ينال مطلقا من أركان وقدسية الإيمان المسيحي ولا يجب أن يستدرج البعض نحو مهاترات كلامية أو معايرات مشبوهة لا تحمد عقباها,بل كما يتضح من الفكر الذي نقدمه داخل العدد يمكننا تحويل الدفة للاستفادة من الضجة التي سيثيرها هذا العمل ولكسب محبة واحترام الجميع.
**القضية الثالثة التي لم تجئنا من الخارج بل جاءتنا من داخل بلادنا منذ فترة وجيزة ولاتزال تشغل الرأي العام وتفرز ردود أفعال متباينة هي قضية الزواج والطلاق في المسيحية...فبينما الأصل الراسخ في هذا الشأن هو أن الأمر برمته يتصل بالعقيدة الدينية المسيحية وله من القدسية والمعاني العميقة التي وضعته في مصاف أسرار الكنيسة السبعة,هناك تيار مستحدث دخيل يحاول انتزاع ملف الزواج من سلطة الكنيسة وتجريده من ذخائره الإيمانية الراسخة والزج به في دائرة العلاقات المدنية التي لا تخضع إلا للقانون ويكون القول الفصل فيها للسلطة القضائية...هذه القضية بدورها فجرت سلسلة من الاحتجاجات والاعتراضات الانفعالية,بجانب سلسلة أخري من الآراء الهادئة المتعقلة ووطنيتعرض في هذا العدد لنموذج من تلك الآراء الحكيمة التي تحفظ للكنيسة حقها في بسط سلطتها علي هذا الملف.
....وانفجرت الإسكندرية مرة أخري
أحداث دامية مؤسفة تعرض لها الأقباط في الإسكندرية صباح الجمعة الماضي ولاتزال تداعياتها تلقي بظلال كئيبة علي صلوات أسبوع الآلام والأعياد-ولا أقول الاحتفالات-فبالقطع هناك غصة في حلق كل قبطي وسؤال مكتوم:إلي متي يظل الأقباط معلقين في وطنهم رهنية لكل متعصب ومأفون؟...إن ما يشاع عن صعيد مصر كمركز للتعصب وكمسرح لما يطلق عليهالأحداث الطائفيةيستحق إعادة نظر لتنصيب الإسكندرية بطلة له عن جدارة ...ولعلالمسكوت عنهفي العقد الأخير علي الأقل ما آلت إليه الإسكندرية من معقل للتطرف والإرهاب.
يبقي أن أسجل أن التصريحات السياسية التي واكبت الأحداث لاتزال أسيرة محاولات تجميل الحقائق وتغليفها بمسحة تضليلية بعيدة عن الواقع...ولست أدري لمصلحة من يتم ذلك؟هل لمصلحة تبرئة الأجهزة المسئولة من تهمة ترك ذلك المارد اللعين ينمو ويستشري ويعيث فسادا,أم لمصلحة تبرئة الشارع الملتهب من تهمة إفراز الأفكار والسلوكيات المريضة؟...الأجابة غير واضحة,لكن ما هو واضح لا لبس فيه أن مواطنة الأقباط وحماية الدولة لهم كمواطنين مصريين توضع موضع التساؤل في كل أحداث عنف مثلما تشهده الإسكندرية هذا الأسبوع.
نقلآ عن وطنى