--------------------------
يجلس كيماني ماروج البالغ من العمر 86 عاماً بين الأطفال الذين يجلسون خلف مكاتبهم الدراسية في مدرسة كابكندويو الابتدائية في كينيا و أقرانه في الفصل تقل أعمارهم عنه بعشرات المرات . وعلى الرغم من ذلك يحتاج أقرانه في الفصل إلى بذل جهد كبير لمجاراة ماروج في حماسته.
و ماروج مزارع وهو من قدامى المحاربين الذين شاركوا في ثورة الماو ماو المناهضة للاستعمار في كينيا في الخمسينيات من القرن الماضي. ويحمل ماروج لقب أكبر التلاميذ سناً على كوكب الأرض. وقال ماروج أثناء وجوده في مدرسته المكتظة الواقعة في إحدى المناطق الفقيرة خارج بلدة الدوريت في منطقة زراعية تقع في غرب كينيا إنه سيتوقف عن الدراسة فقط إذا كف بصره أو بالطبع إذا توفاه الله .
وحصل الجد الأمي الذي توفي عشرة من أبنائه الـ 15 على فرصة للتعلم عندما أتاح الرئيس مواي كيباكي التعليم الابتدائي المجاني في المدارس التابعة لهذه الدولة الواقعة في شرق إفريقيا عام 2003.
وقد ارتفع على إثر ذلك الإقبال على الالتحاق بالتعليم بين عشية وضحاها في أنحاء كينيا حيث يتوجه اكثر من 1.2 مليون طفل إلى المدارس. وكان هناك 375 تلميذا في مدرسة كابكندويو الابتدائية قبل الخطوة التي اقدم عليها كيباكي بينما وصل العدد حاليا الي 892 تلميذا. لكنه على أي حال ليس هناك مثيل لماروج.
ويقول ماروج إن فكرة التعلم واتته أثناء الاستماع إلى واعظ في الكنيسة وساورته شكوك في انه يفسر الإنجيل بشكل مغلوط. وقال وهو يثني ساقيه الطويلتين تحت مكتب صغير يتقاسمه مع تلميذ آخر في مقدمة الفصل الذي يكتظ بنحو 96 تلميذا بأنه أراد الذهاب إلى المدرسة ليتمكن من قراءة الإنجيل بنفسه .
وعندما ظهر ماروج للمرة الأولى عند بوابة المدرسة مرتدياً جورباً بطول الركبة وسروالا قصيراً وسترة زرقاء أستقبل بالضحك. وحاول طاقم التدريس في البداية توجيهه إلى فصول تعليم الكبار. ولكن عند عودته مرة بعد مرة أدركوا أن شيئا لن يردعه عن قراره، كما أنه لا توجد حدود للسن القانوني للالتحاق بالمدارس الابتدائية في كينيا. وقالت مديرة المدرسة جين اوبينشو إنها أحست بجديته عندما رأته لأول مرة. وفي الفصل يعتبر ماروج اللغة السواحيلية والرياضيات هي المواد المفضلة لديه لكنه يبذل جهدا لتعلم الإنجليزية وهي مادة جديدة وغريبة بالنسبة له.
ويعامل ماروج مثل أي تلميذ آخر ماعدا ميزة واحدة يحصل عليها وهي احتساء الشاي في وقت الفسحة. ويتعامل أقرانه معه بعناية واحترام ويحبون الاستماع إلى حكاياته عن التاريخ الكيني ما بين حصص الدراسة. ويقول وهو يعرج على قدمه انه تعرض لتشوه عندما عذبه استعماريون بريطانيون اعتقلوه خلال ثورة الماو ماو. وليس بمقدور ماروج مجاراة أقرانه في كل الألعاب في فناء المدرسة.
لكنه يتابعها باستمتاع ويحيط به دوما الأطفال الثرثارون.
ويعرف ماروج في الحي الذي يقطنه باسم "مزي" وهو تعبير سواحيلي يقصد به الشخص الكبير الذي يحظى بالاحترام. ويسعد ماروج كثيراً وهو يستعرض في خيلاء معارفه الجديدة ويقرأ فقرات من الإنجيل بتمعن ووضوح أمام منزله بعد إنتهاء اليوم الدراسي.
وعلى الرغم من معيشته المتواضعة البسيطة أصبح ماروج من المشاهير في بلاده ووضعت صورته على ملصقات أنصار مجانية التعليم في أنحاء العالم. وفي العام الماضي تم الاحتفاء به في الأمم المتحدة في نيويورك. وفي العام الحالي يعمل طاقم من هوليوود على إعداد فيلم عن حياته.
وتقول اوبينشو مديرة المدرسة : "لقد غيرته المدرسة وقد بدا أصغر سنا واكثر سعادة، واستعاد شبابه بحصوله على فرصة ثانية في الحياة."وتابعت "يدعوني بلقب أمه لكنني في الواقع من عمر ابنته. انه مصدر الهام لنا جميعا."
ورغم سنه المتقدم تراود ماروج أحلاماً كثيرة عن المستقبل. وقال وهو يحتضن كتبه قرب صدره بأنه لن يتوقف وأنه يريد أن يسبق اسمه ذات يوم لقب أستاذ أو دكتور. !!
التعديل الأخير: