أقتناء الروح القدس هدف المسيحى - حديث عن الروح القدس للقديس سيرافيم ساروفسكي

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
وسألت الأب سيرافيم: ولكن كيف؟ هل أستطع أن أعرف إن كنت موجوداً في نعمة الروح القدس؟! فأجاب:
هذا أمر بسيط جداً يا صديق الرب، "كل شيء بسيط لمن أقتنى الفهم" (أم 9:8 س). ومنتهى شقاوتنا أننا لا نجدّ في البحث عن هذه الحكمة الإلهيةن التي لا تنفخ لأنها ليست من هذا العالم.
هذه المعرفة الممتلئة محبة لله وللقريب، تُعد كل إنسان وتبنيه لكي يعرف خلاصه. ويقول الرب في حديثه عن هذه المعرفة: "الله يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون" (1تي 4:2)، ولما راى أن تلاميذه تنقصهم هذه المعرفة قال: هل أنتم أيضاً حتى الآن غير فاهمين! أما قرأتم المكتوب؟ (مت 16:15، لو 24: 25-27) والكتاب المقدس يقول مشيراً لهذه المعرفة أنه "فتح ذهنهم ليفهموا المكتوب" وقد كان الرسل يدركون دائماً بحق إن كان روح الله معهم أم لا، وقد ملئهم من كل معرفة ومن كل فهم وكل حكمة روحية، وقد رأوا حضور الروح القدس معهم وأعلنوا بوضوح وتأكيد أن عملهم كان بالكامل سبب مسرة للسيد الرب. وهذا يفسر لماذا كتبوا في رسالتهم: "أرتضى الروح القدس ونحن ... " (أع 28:15)
فقط على هذه الأرضية الصلبة قدموا رسائلهم كحقيقة مؤكدة نافعة لكل المؤمنين، وهكذا أدرك الرسل القديسين وتيقنوا من حضور الروح القدس وسكناه فيهم. وهكذا ترى يا صديق الرب أن هذا أمر هين.
فأجبت: بالرغم من ذلك، فأنا لا أستطيع أن أدرك كيف يتسنَّى لي التأكد من أنني في الروح القدس؟ كيف أكتشف من ذاتي إستجلاء وجوده؟! فأجابني الأب سيرافيم :
لقد سبق أن قلت لك أن هذا أمر هين، وشرحت لك تفصيلاً كيف كان الناس يوجدون في ملء الروح القدس، وكيف يمكن إدراك حلوله فينا .. فما الذي يلزمك أيضاً؟!
أجبت: يلزمني أن أفهم ذلك جيداً !
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
عندئذ أمسك الأب سيرافيم بكتفي وشدَّد قبضته عليهما وقال:
أننا كلينا الآن، أنا وأنت، في ملء الروح القدس، لماذا لا تنظر إليّ؟
فأجبت: أنني لا أستطيع يا أبي أن أتجه بنظري نحوك ! إن بريقاً شديد اللمعان يخرج من عينيك، ووجهك أصبح أكثر لمعاناً من الشمس، إن عيني تعجزان النظر إليك !
فأردف الأب سيرافيم:
لا تخف يا صديق الرب، إنك أنت نفسك في مثل هذا الضياء، وأنت أيضاً الآن قد صرت في ملء الروح القدس، وإلاّ ما أمكنك أن تراني هكذا .. ثم أحنى رأسه نحوي وهمس في أذني: أشكر الرب لأنه منحنا هذه النعمة التي لا يُعبّر عنها. لقد رأيت أنني لم أرشم ذاتي حتى بعلامة الصليب، لكني صليت فقط في قلبي .. "يارب، إجعله مستأهلاً أن يرى بجلاء، بعيني الجسد، حلول روحك القدوس، كما لخدامك المختارين عندما تنازلت لتظهر لهم أنت في بهاء مجدك ! " وفي الحال إستجاب الرب للطلبة المتواضعة للمسكين سيرافيم. تتجلى هكذا نعمة الله حتى للمتوحدين العظام. كالأم الرؤوم، تنازلت النعمة لتعزي قلبك البائس، بشفاعة والدة الإله ذاتها ... ولكن لماذا لا تحدّق في عيني مباشرة؟ تشجّع بالنظر فإن الله معنا !
بعد هذه الكلمات، رفعت عيني إلى وجهه، فسرى في جسدي خوف أعظم، تخيّلوا أنه في وسط قرص الشمس، ووسط أشد لمعان لضياء أشعة الشمس ظهراً، وكانه وجه إنسان يتحدث إليك!
كنت أرى حركة شفتيه، تعبيرات عينية المتباينة، رنين صوته كنت أسمعه وأحس بضغط يديه على كتفي. لكنني في نفس الوقت لم أكن أبصر لا يديه، ولا جسمه، ولا جسمي أيضاً. لا شيء سوى ضوء باهر يشع حولنا، وحتى مسافة بعيدة، فيضيئ الثلوج التي تغطي المروج والتي كانت تتساقط على الستارتز العظيم وعليَّ. فهل يمكنكم أن تتخيلوا الحالة التي كنت فيها ؟! ثم سألني الأب سيرافيم: بماذا تشعر الآن؟
أنني بخير، كما لم أحس من قبل.
كيف؟ بماذا تعني تحديداً بقولك "بخير"؟!
إن نفسي يغشاها سكون وسلام لا يُعبّر عنه.
عن هذا يا صديق الرب، هذا السلام هو الذي قال عنه الرب لتلاميذه: سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لو كنتم من هذا العالم لكان العالم يحب خاصته. ولكني إخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم. ولكن لا تخافوا رغم ذلك، لأنني قد غلبت العالم (يو 14: 27، 15: 19، 16: 33)
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
لهؤلاء الرجال الذين إختارهم الله وأبغضهم العالم، يعطي الله السلام الذي تشعر به الآن، وعنه يقول الرسول "السلام الذي يفوق كل عقل" (في 7:4). الرسول يصفه بهذا الوصف لأن الكلمات لا تستطيع أن تعبِّر عن الراحة الكيانية الروحية التي تتولّد في القلوب البشرية التي يزرعه فيها الرب. وهو نفسه يدعوه "سلامي". ثمرة جود المسيح المخلص التي ليست من هذا العالم، ولا توجد سعادة أرضية تدانيها. وهي مرسلة من الأعالي، ومن الرب نفسه، ولذلك فهي تسمّى سلام الله .. بماذا تشعر أيضاً؟
بعذوبة (بحلاوة) عجيبة !
إنها العذوبة التي يتكلم عنها الكتاب: "يروون من دسم بيتك، ومن نهر نعمتك تسقيهم" (مز 8:35). إنها تفيض من قلوبنا وتسري في عروقنا، فتشعر بإحساس من العذوبة الذي لا يمكن وصفه ... ومن هذه العذوبة تذيب قلوبنا كما لو في الماء وتمتلئ بإحساس بالسعادة لا يمكن للكلمات أن تعبر عنه. وماذا أيضاً؟
فرح عجيب يملأ قلبي.
عندما يحل الروح القدس في إنسان بملء عطاياه، تمتلئ النفس بفرح لا يُعبَّر عن وصفه، إن الروح القدس يملأ بالفرح كل ما يلمسه. عن هذا الفرح يقول الرب في الإنجيل .. إن المرأة التي تلد تكون في وجع، لأن ساعتها قد جاءت، لكنها متى وضعت طفلاً إلى الوجود، فإنها لا تتذكر الألم، لأن فرحها يكون عظيماً. وأنتم أيضاً ستقاسون الآلام في العالم لكن عندما آتي إليكم ستفرح قلوبكم، ولا أحد يستطيع أن ينتزعه منكم (يو 16)
وبقدر ماهو عظيم ومعزّي، الفرح الذي تشعر به الآن، ولكنه لا يُقارن بذاك الذي قال عنه الرب على لسان رسوله .. الفرح الذي يعدّه الرب للذين يحبونه، يفوق كل ما يرى أو يسمع أو يحس به قلب الإنسان في هذا العالم (1 كو 9:2). إن ما نناله الآن ليس سوى عربون لهذا الفرح الفائق. وإن كنا منذ الأن نشعر بالحلاوة، ونظفر بالفرح ونمتلئ بالرضا، فما الذي يمكن أن نقوله عن السعادة والفرح الأبدي المُعد في السماء لأولئك الذين قد بكوا ههنا على الأرض؟ وأنت يا لإبني بكيت كثيراً في حياتك، وها أنت ترى عظم العزاء بالفرح الذي يسبغه الرب عليك في حياتك ههنا على الأرض. لذا فعلينا الآن يا صديق الرب، أن نعمل بكل قوتنا لننتقل من قوة إلى قوة، ونرتفع من مجد إلى مجد، إلى أن نأتي إلى قياس قامة كل ملء المسيح (أف 13:4)، وهكذا تتحقق كلمات الرب فينا .. الذين يرجون الرب يجددون قوة، وتنبت لهم أجنحة نسور، ويسعون بلا هوادة ويمشون بلا تعب (إش 31:40)، يسيرون من علو إلى علو، ويظهر لهم الرب في صهيون (مز 8:83). بالإدراك الحقيقي والرؤى السماوية.
وحينئذ فقط، يُستعلن لنا فرحنا الحالي (القليل غير الدائم) في كل ملئه، ولا يستطيع كائن ما كان أن ينزعه منَّا، إذ سنمتلئ من كل رغبة سماوية فائقة. بماذا تشعر أيضاً يا حبيب الرب؟
دفء غير عادي !
كيف تشعر بالدفء ونحن في الغابة؟ وفي العراء في عز الشتاء؟ والثلوج تحت أقدامنا، بل تغطي أجسامنا بسمك يزيد عن البوصة، وها هي لازالت تتساقط .. فأي حرارة تكون؟!
أنها مثل حرارة الحمّامات العامة، عندما تغلي المياه في الغلايات وترتفع منها سحب البخار!
والرائحة أتشبه رائحة الحمامات؟!
لا بالقطع، لا يوجد عطر على الأرض يُعادل جمال هذه الرائحة. عندما كانت أمي لا تزال على قيد الحياة، كنت أحب الرقص، وعندما كنت أذهب إلى الحفلات الراقصة، كانت تغرقني بأغلى العطور التي كانت تشتريها من أفخر محلات قازان. ولكن لم تكن أبداً رائحتها لتضاهي هذه الرائحة الزكية.
فابتسم الأب سيرافيم:
إنني أعرف يا صديق الرب، كما تدركه أنت تماماً، وقد وجَّهت إليك السؤال لأعرف إحساساك بالضبط. وهي الحقيقة بلا جدال، لا يوجد عطر أرضي يمكن أن يصل إلى جمال هذه الرائحة التي نشمها الآن، إنها الرائحة الزكية التي للروح القدس. فما الذي يمكن أن يشبَّه بما على الأرض؟ كنت تقول أنك تشعر بالدفء كما في الحمام، لكن أنظر إلى الثلوج التي تغطينا أنت وأنا، إنها لا تذوب، وكذلك التي تحت أرجلنا. الحرارة إذا ليست خارجية لكن داخل نفوسنا. إنها الحرارة التي يدفعنا الروح القدس إلى طلبها بالصلاة .. "إلهبني بحرارة روحك القدوس" ! هذه الحرارة هي التي كانت تجعل المتوحدين رجالاً ونساءاً، لا يعبأون بالبرد القارس شتاءً لأنهم كانوا يتغطون كما بمعطف من الفراء، في رداء نسجه الروح القدس.
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
هنا في الواقع ما يجب أن يكون، النعمة الإلهية تسكن في أعماقنا، في قلوبنا. قال الرب: "ملكوت الله داخلكم" (لو 21:17). وهو يقصد بملكوت الله "نعمة الروح القدس". إن ملكوت الله هذا فينا الآن. الروح القدس ينير لنا ويدفئنا، إنه يعبِّق الهواء المحيط بأريج بديع، فيحرِّك حواسنا ويسقي قلوبنا بالفرح المجيد الذي لا يمكن وصفه. وحالنا هذا يشبه ما يصفه الرسول بولس: "ملكوت الله ليس أكلاً وشرباً لكنه بر وسلام وفرح في الروح القدس" (رو 17:14). إن إيماننا لا يقوم على كلام حكمة أرضية، بل ببرهان الروح وقوته (قارن 1كو 4:2). إنه الحالة التي نحن قائمون فيها الآن، وهي التي كان الرب يقصدها بقوله: "الحق أقول لكم، أن من القيام ههنا قومُ لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله آتياً بقوة" (مر 1:9).
هذه يا صديق الرب، هي السعادة التي لا مثيل لها، التي تنازل الرب ووهبها لنا. وهذا هو ما اعنيه "بملء الروح القدس". وهذا ما كان يقصده القديس مكاريوس المصري الكبير عندما كتب: "كنت أنا ذاتي في ملء الرو ح القدس"، وها نحن جبلة يديه المساكين، الرب ملأنا نحن أيضاً بملء روحه. إنه يبدو لي أنه منذ الآن لن تسألني ثانية عن الكيفية التي بها تستعلن في الإنسان نعمة الروح القدس وحضوره. فهل سيُحفر في ذاكرتك هذا الإستعلان على الدوام؟!
إنني لا أدري يا أبي، أخشى أن لا أكون مستأهلاً من قبل الرب أن أذكر ذلك على الدوام، وبنفس الوضوح الذي أدركه الآن!!
قال الأب سيرافيم:
أما أنا فأعتقد أن العكس هو ما سيحدث، فإن الله سيساعدك على الإحتفاظ بتذكار هذه الأحداث على الدوام؟!
إنني لا أدري يا أبي، أخشى أن لا أكون مستأهلاً من قبل الرب أن أذكر ذلك على الدوام، وبنفس الوضوح الذي أدركه الآن !!
قال الأب سيرافيم:
أما أنا فأعتقد أن العكس هو ما سيحدث، فإن الله سيساعدك على الإحتفاظ بتذكار هذه الأحداث على الدوام. ولولا هذا ما كان تأثر هكذا سريعاً بتذكار هذه الأحداث على الدوام. ولولا هذا ما كان تأثر هكذا سريعاً بالصلاة الضعيفة التي للمسكين سيرافيم، ولا كان إستجاب بهذه السرعة لرغبته. بالإضافة إلى ذلك، فإن ما حدث لم يكن من أجل شخصك وحده التي أعطيت له رؤية إستعلان هذه النعمة، وإنما بواسطتك للعالم كله. تأكد إذا أنك ستعمل مع الله، وستكون ذا نفع للآخرين أيضاً.
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
أما عن وضعنا المتباين كراهب وعلماني، فلا تقلق، إن الله يبحث قبل كل شيء آخر عن القلب الممتلئ إيماناً في شخصه وفي إبنه الوحيد، وفي مقابل هذا فإنه يرسل من الأعالي نعمة الروح القدس. إن الرب يطلب القلب المملوء حباً له وللقريب، وهذا القلب وحده هو العرش الذي يشتهي أن يجلس عليه، وفيه يتجلى بأبهى مجده: "يا إبني أعطني قلبك، وما عدا ذلك فسأعطيه لك بزيادة" (أم 26:23). قلب الإنسان يستطيع أن يحوي ملكوت السموات .. إطلبوا أولاً ملكوت السموات وحقيقته (وبره)، يقول الرب لتلاميذه، وما عدا ذلك سيُزاد لكم، لأنه الله أباكم يعلم أنكم تحتاجونها (مت 33:6).
الرب لا يمنعنا عن التمتع بالخيرات الأرضية، وهو يرى بنفسه أنه نظراً لوضعنا ههنا، فنحن نحتاج إليها، لتكون لنا راحة في وجودنا، ولتصر حياتنا أكثر يسراً وطريقنا إلى الوطن السماوي مُعبَّداً. والرسول بطرس أيضاً، يعبر أنه ليس هناك أفضل من التقوى مع القناعة في هذه الدنيا .. والكنيسة المقدسة تصلي لكي يكون لنا هذا ههنا. وبالرغم من أن الآلام والأحزان والإحتياجات هي من لوازم حياتنا على الأرض، ولا يمكن أن توجد بدونها، إلا أن الرب لم يُرد أبداً أن تتحول الهموم مع المشقات إلى النسيج الأوحد في حياتنا. ولهذا فو يدعونا على لسان الرسول، إلى أن نحمل بعضنا بعضاً وهكذا نتمم ناموس المسيح. الرب يسوع المسيح نفسه أوصانا أن نحب بعضنا بعضاً، وإذ نتآزر بهذا الحب، تصير مسيرتنا الشاقة في الطريق المؤدي إلى وطننا لاسماوي، ميسَّرة لنا ومقبولة. ألم ينزل الرب نفسه من السماء، ليحمل عنا فقرنا ومذلتنا ليجعلنا أغنياء بغنى صلاحه وسخاءه غير المتناهين فقد أتى لا ليُخدم بل ليخدِم، وليعطي حياته فدية عن كثيرين.
فاسلك هكذا يا صديق الله، واعياً بالنعمة التي كنت بكل وضوح محط تنازلها، واجتهد أن توصِّلها لكل إنسان يسعى لخلاصه.
يقول الرب: "الحصاد قليل والفعلة قليلون" (مت 9: 37-38، لو 10: 2). وإذ نقتبل عطايا النعمة، فنحن مدعوّن للعمل في حصاد غلَّة خلاص أقربائنا لنجمعهم بوفرة إلى ملكوت الله، حتى يأتوا هم أنفسهم بالثمار الوفيرة، البعض ثلاثين والبعض ستين والبعض الآخر مائة. لننتبه لئلا ندان مع العبد البطّال الذي طمر الوزنة التي أعطيت له، ولنجتهد لنتمثل بالعبيد الأمناء الذين ردّوا للسيد .. الواحد عوض المنّان رد الضعف والآخر عوض خمسة أمناء ردّ عشرة (مت 5: 14-30، لو 19: 12-27)
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
أما عن المراحم الإلهية فلا يجب أن نتشكك فيها. وها أنت ترى بنفسك كيف أن أقوال الله، التي قيلت على فم نبي، قد تحققت لنا : لست إلهاً بعيداً، ولكنك أقرب لي من يدي .. (قارن إر 23:23). وايضاً خلاصك في فمي (قارن تث 30: 12-14، رو 10: 8-13).
لم يكن هناك وقت حتى أن أرشم ذاتي بعلامة الصليب، لكن بمجرَّد أن تفكرت في قلبي واشتهيت أن يؤهلك الرب لمعاينة رحمته، في ملئها، حتى سارع له المجد بتلبية رغبتي، أنا لا أقول ذلك على سبيل الإفتخار، ولا لأظهر لك قدري فأستثير غيرتك، ولا لكي تظن خطأ أن ذلك كان بسبب إنني راهب بينما أنت علماني، لا يا صديق الرب وكلاَّ، الرب قريب من كل الذين يدعونه ، ليس عند الله محاباة لأشخاص، لأن الآب يحب الإبن ووضع كل شيء بين يديه.
كل هذا بغية أن نحبه هو، أبونا السماوي، تماماً كأبناء له. الرب يسمع للراهب، تماماً كما يسمع لمن هو في العالم، لأبسط مسيحي، يكفي أن يكون الإثنان مؤمنين، ويحبا الله من أعماق قلبيهما ويسكن فيهما إيمان عظيم "مثل حبة خردل"، إن كان كذلك فكلاهما يستطيع أن ينقل الجبال. (مت 31:13- 32، مر 4: 30-32، 11: 23، لو 13: 18-19)
كيف إذا يستطيع رجل واحد أن يجعل ألفاً يهربون من أمامه، وكيف لإثنين أن يطاردا عشرة آلاف (تث30:32)، والرب نفسه يقول .. كل شيء ممكن لمن يؤمن (مر 23:9)، والرسول القديس بولس يصرح: أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في 13:4). وأعظم من هذه أيضاً أقوال الرب المختصة بالذين يؤمنون به: الذي يؤمن بي فالأعمال التي أعملها أنا يعملها هو أيضاً بل ويعمل أعظم منها، لأني ذاهب إلى الآب، فكل ما ستطلبون بإسمي أعمله، حتى يتمجد الآب في الابن. إن طلبتم شيئاً بإسمي أفعله (يو 14: 12- 14)، وأنا أصلي (أطلب) لأجلكم حتى يكون فرحكم كاملاً. حتى الآن لم تطلبوا شيئاً بإسمي، إطلبوا الآن فتأخذوا (يو 24:16).
هكذا يا صديق الرب، فكل ما ستطلبه من الله ستناله، فقط ينبغي أن ما تطلبه يكون لمجد الله، أو لخير قريبك. لأن الله لا يفرّق بين خير القريب ومجده. كل ما تصنعونه لأجل الأصغر بينكم، فهو لي ستعملونه (مت 40:10). فتأكد إذا ان الرب سيستجيب طلباتك، لو كانت لبنيان ونفع قريبك. وحتى لو طلبت شيئاً لإحتياجك الشخصي، فلا تشك مطلقاً أن الله سيمنحك إياه إن كانت هناك فعلاً ضرورة، لأنه يحب الذين يحبونه. وهو متلطّف مع الجميع. ورحمته تشمل أيضاً الذين لا يدعون بإسمه. فكم بالحري يصنع إرادة خائفيه، لذا فهو يستجيب لكل طلباتك، ولن يرفضها بسبب أن إيمانك مستقيم في المسيح المخلّص، وهو لا يترك صولجان الأبرار بين يدي الخطاة (مز 3: 124)
. لذا فالرب سيصنع بالتأكيد إرادة عبده داود. ومع ذلك فهو يمكن أن يسألك: لماذا تلج عليه دون ضرورة عاجلة، ولماذا تطلب وترجو ما يمكنك أن تتنازل عنه دون معاناة !!
ها أنا قد قلت لك كل شيء يا صديق الرب، وأظهر لك كل ما أراد الرب وأمه القديسة أن يظهروه لك فعلاً بواسطة المسكين سيرافيم. فأمض بسلام، وليكن الرب نفسه وأمه القديسة معك الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين. إمض بسلام.
طوال زمن اللقاء، ومنذ أن أضاء وجه الأب سيرافيم، إستمر النور في الإشعاع من وجهه، واستمرّت هيئته كما هي، منذ أن إبتدأ الحديث وحتى نهايته، ولم يتغيّر أو ينقص بهاؤه. أما عن الضياء الباهر الذي كان يشع منه، فقد رأيته بعينيّ هاتين. وأنا أشهد بذلك بكل يقين ومستعد أن أقسم عليه.
أيها القديس الأب سيرافيم، أطلب من الرب عنّا


المصدر: سيرافيم صاروفسكي سيرته وأقواله، ترجمة راهب من الإسقيط المقدس، مترجم عن نسخة معهد فلاديمير الروسي بنيويورك
 

Bent el Massih

ارحمنا يارب
عضو مبارك
إنضم
3 ديسمبر 2007
المشاركات
3,124
مستوى التفاعل
815
النقاط
113
الإقامة
في حضن المسيح
احب جدا مواضيعك استاذي واستفدت منها كثيرا
ميرسي ليك كثير
ربنا يبارك حياتك وخدمتك
ننتظر المزيد​
:)
 
أعلى