سقوط الإنسان والجرح عديم الشفاء

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
أن النتيجة الأولى لسقوط الإنسان، هي العزلة والابتعاد عن مصدر الحياة والفرح العميق في الحق، وبدء الشعور العميق بعدم الأمان الذي أدى إلى القلق والاضطراب النفسي، وبالتالي الشعور بالدينونة، التي أدت بالتالي إلى الرعب من الموت، وفقدان الثقة والرجاء الحي في الله، إذ قد تصور الله بالنسبة للإنسان انه سيد قاسي يقسو عليه ووهبه الألم والموت كعقوبة لا تنتهي، لأنه خلقه رغم أنه يعلم بسقوطه، وبذلك يلوم الإنسان دائماً الله على هذا الموت الموجع الذي صار يعمل فيه من يوم ميلاده في هذا العالم إلى يوم خروجه من هذا الجسد المملوء من الغرائز التي تجعل الإنسان يسقط تحت إلحاح تسديد احتياجها، لأنه صار عبداً لها، وهذا هو الجسد الذي صار – من وجهة نظر الإنسان – انه مصدر الشر والأوجاع !!! (مع أن المشكلة ليست في الجسد ولا غرائزه – المشكلة في قلب الإنسان المالك عليه الموت لأنه صار بعيداً عن الله منطرحاً بكراهة نفسه)

ورغم السقوط وهذا الخوف وفقدان الرجاء وحياة الشركة الحلوة مع الله وكل ملامة الإنسان لله الحلو، فالإنسان لم يفقد مشابهته لله المغروسة فيه طبيعياً، والتي هي "جوهره العقليالروحي"، لكن الجسد قد تثقل جداً بسبب هبوطه من العالم الروحي للعالم المادي في سقوط مروع، بفقدان الشركة الحقيقية مع الله أساس الحياة وأصل كل رجاء ونبع كل الخيرات وحياة حق لكل واحد، وبسبب أن حركات النفس (وبالتالي الجسد) خرجت عن طَوْع ذهنه أو عقله الطاهر أي "جوهره العقلي" انطفأ النور واصبح يرى كل شيء على غير وضعه الطبيعي، حتى لو تعلَّم أصول الحياة الروحية، لكنه لا زال يسلك في الظلام ويرى رؤية معكوسة غير ظاهر فيها أي نور إلهي، حتى انه يرى النور ظلام والظلام نور، فيسير في حالة من التخبط وعدم الدراية، حتى أن كل إرشاد صحيح يسمعه حسب مسرة مشيئة الله فأنه يرفضه لأنه لا يميز النور الحقيقي من الظلمة.

فالإنسان بعد السقوط أصبح يعاني من "الجرح عديم الشفاء"، وطبيعة جوهره الروحي قد سقط من المجد والشركة مع الثالوث القدوس إلى الفضيحة والذل العظيم، ولكن جوهر الإنسان غير مائت لا ينحل مع الجسد، بل ويولد في النفس شوق عظيم من نحو خالقها، لذلك يظل هناك أنين خفي دائم في أعماق داخل الإنسان يحن إلى الله الحي.


ولذلك فأن أب الخليقة تبارك اسمه العظيم، تحرك متعطفاً على جرحنا الملوث والذي سبب غرغرينا فبتر حياتنا عن الحياة الذي هو بشخصه بكونه هو الحياة الحقيقية، إذ سرى سم الموت القاتل فينا بلا شفاء بسبب عضة الحية المُميتة، هذا الموت الذي سرى بسلطان قوة الخطية أصبح لا يمكن شفاؤه بواسطة أي من الخلائق – سواء ملائكة أو رؤساء ملائكة أو حتى أنبياء – سوى بصلاح الله وحده فقط، لأنه هو الخالق. فأرسل إلينا ابنه الوحيد غير المفترق عنه، والذي بسبب عبوديتنا أخذ شكل العبد وسلَّم ذاته بإرادته وحده للموت لأجل خطايانا، وهو حاملنا في ذاته مقدمنا معه لنموت عن الموت لتسري فينا الحياة الإلهية، ويجعلنا خليقة جديدة فيه، لأن بدونه لم يكن شيء مما كان لأن فيه الحياة والكل به وله قد خُلق.

فإذ قد صرنا فقراء – بسبب سقوطنا – وفي فقرنا عُدمنا من كل فضيلة وبرّ، أخذ شكل الفقر، لكي يغنينا بكل حكمة وفهم (2 كورنثوس 8: 9). وليس هذا فحسب، بل وأخذ شكل ضعفنا لكي بضعفه يجعلنا أقوياء، وصار مطيعاً للآب من جهة الجسد (أي بجسم البشرية) في كل شيء حتى إلى الموت، موت الصليب، لكي بموته تكون لنا فيه وبه قيامة، ولكي يبيد ذاك الذي له سلطان الموت أي الشيطان (كما قال القديس الأنبا أنطونيوس الكبير في الرسالة 7)، وقد جمعنا من كل مكان بالحب في سرّ التوبة ربيع الإنسان وتجديدة المستمر، وذلك لكي يهبنا روح القيامة، ويُعلمنا أننا جميعاً قد صرنا من طبع جديد واحد وأعضاء بعضنا لبعض في جسده الحي والمحيي، أي الكنيسة، وينبغي أن نعيش في نصرة أكيده به في سرّ التقوى، ونسلك كأولاد نور ببساطة الإيمان الحي العامل بالمحبة، في طريق النور بالقداسة، وبلا ظلمة أو شرور، ليكون لنا شركة بعضنا مع بعض ودمه يطهرنا من أي خطية...

والغاية النهائية من عمله المبارك أن يوحَّدنا بروح الشركة (الروح القدس) معه ويجمعنا جسد واحد رأسه المسيح له المجد والكرامة كل حين مع أبيه الصالح والروح القدس الثالوث القدوس الإله الواحد آمين
 
التعديل الأخير:

+ماريا+

نحوك اعيننا
عضو مبارك
إنضم
22 أكتوبر 2012
المشاركات
5,471
مستوى التفاعل
2,039
النقاط
113
الخطيه هى جرح عديم الشفاء
لأنى بكون عبد لها ومذلول تحت ايد عدو الخير
فلابد ان نرجع لطبيعتنا الاصليه
وهى شركة الله لأننا مخلوقين
على صورته ومثاله
الصديق يسقط سبع مرات ويقوم
وروحه القدس مشتعل داخلنا
حتى وان كان فتيل مدخن فهو موجود
ليحسنا على الرجوع لله والاتحاد به
موضوع رائع استاذى
ربنا يبارك حياتك ويفرح قلبك
 

tamav maria

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
29 يونيو 2008
المشاركات
10,315
مستوى التفاعل
2,236
النقاط
0
والغاية النهائية من عمله المبارك أن يوحَّدنا بروح الشركة (الروح القدس) معه ويجمعنا جسد واحد رأسه المسيح له المجد والكرامة كل حين مع أبيه الصالح والروح القدس الثالوث القدوس الإله الواحد آمين.

شكرا استاذ ايمن
للتأملات الروحيه
ربنا يبارك حياتك وخدمتك
 

حياة بالمسيح

خادمة الرب
عضو مبارك
إنضم
29 أبريل 2014
المشاركات
15,646
مستوى التفاعل
3,088
النقاط
76
ان المؤمن السكران والمتيم والعاشق لربنا يسوع المسيح له كل المجد لا ينجرح ابدا ولا يحزن ابدا بل يعيش حياة ملؤها السعادة والفرح والمسرة والاطمئنان والامان والسلام الداخلي اما المؤمن المجروح فهو انسان غاضب على شئ ما ويحس بان مشاعره قد اسئ اليها فهو مؤمن غير متمتع بفرح ومسرة الرب لان حيث يوجد الرب يسوع يوجد الفرح والمسرة والسلام وينعكس كل ذلك منه للاخرين
شكرا استاذنا المبارك ا.ايمن على الموضوع الرائع بارككم الله امين
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
فرح الله قلبكم وشع فيكم نصرة خلاصه آمين
 

حبيب يسوع

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
15 مايو 2007
المشاركات
15,458
مستوى التفاعل
1,959
النقاط
113
[/SIZEجرعة ايمانية ممتازة
الرب يباركك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ويبارك حياتك يا رب وصليلي كتير
النعمة تملأ قلبك سلام ومسرة آمين
 

R.O.R.O

اسندنى فى ضعفى
عضو مبارك
إنضم
20 يونيو 2012
المشاركات
18,394
مستوى التفاعل
4,653
النقاط
113
الإقامة
حضن يسوع
استاذى الغالى ميرسى اوى لتعبك
حقيقى مواضيع كلها بركة
ربنا يجعلنا دايما فى شركة معاه
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
آمين ولنُصلي بعضنا لأجل بعض
 

مارتينا فوفو

اريدك اشبعني
عضو مبارك
إنضم
7 أغسطس 2010
المشاركات
13,167
مستوى التفاعل
246
النقاط
0
جرح عديم الشفاء اسم صعب وبيدي ايحاء باليأس
مع ان الشفاء موجود
بس عجبني الجزء ده جدا

فإذ قد صرنا فقراء – بسبب سقوطنا – وفي فقرنا عُدمنا من كل فضيلة وبرّ، أخذ شكل الفقر، لكي يغنينا بكل حكمة وفهم (2 كورنثوس 8: 9). وليس هذا فحسب، بل وأخذ شكل ضعفنا لكي بضعفه يجعلنا أقوياء، وصار مطيعاً للآب من جهة الجسد (أي بجسم البشرية) في كل شيء حتى إلى الموت، موت الصليب، لكي بموته تكون لنا فيه وبه قيامة
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
إلهنا الحي يشع فينا كلنا فرح خلاصه العظيم آمين
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
شرح مختصر وواضح و في الصميم. الرب يباركك اخي الغالي.

ربنا يخليك أخي الحبيب ويهبك فيض سيل جارف من النعمة
وفرح دائم لا يزول آمين فآمين
 
أعلى