- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
غاية ونهاية أشواقنا - صعودنا ونزولنا
(صعودنا للكنيسة ونزولنا إلى العالم)
(صعودنا للكنيسة ونزولنا إلى العالم)
- حي هو الرب ومبارك صخرتي ومرتفع إله خلاصي (مزمور 18: 46)
- مبارك الرجل الذي يتكل على الرب وكان الرب متكله (إرميا 17: 7)
- مبارك الملك الآتي باسم الرب، سلام في السماء ومجد في الأعالي (لوقا 19: 38)
- مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات (1بطرس 1: 3)
- مبارك ملكوت الآب والابن والروح القدس الآن وإلى الأبد وإلى أبد الآبدين آمين
- [ ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها ] (2بطرس 3: 10)
فحياتنا عبارة عن رحلات مستمرة، رحلة صعود، ورحلة نزول، رحلة صعود ليتورچي (أي صلاة كنسية جماعية، أي - حسب إعلان العهد الجديد - شركة القديسين في النور، أي شركة مع الله الثالوث القدوس).
ونحن ننطلق ونصعد نحو المجد الإلهي الفائق لنبصر نور وجهه لذلك صلاتنا هي كلام المزمور: [ أرفع علينا نور وجهك يا رب ] (مزمور 4: 6)، وبكوننا نعرف الهُتاف الخاص بالقديسين لأنه صار في قلبنا معروفاً لنا بالروح لذلك [ طوبى للشعب العارفين الهُتاف، يا رب بنور وجهك يسلكون ] (مزمور 89: 15).
وهذه هي علامة الملكوت في قلب كل من يؤمن بالرب يسوع المسيح، فأنه يهتف هتاف الفرح الخاص في المحبة المنسكبة في القلب بالروح القدس المُعطى لنا حسب الوعد الذي تم في يوم الخمسين، لذلك نسبح في داخل الكنيسة معاً بروح واحد تسبحة شاروبيمية جديدة متجددة: قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت السماء والأرض مملوئتان من مجدك الأقدس.
بل وننطق أيضاً بإيمان وبحلاوة مسبحين ومؤكدين على كرازتنا الصادقة لأنها خبرتنا في حياتنا الجديدة في المسيح قائلين: آمين آمين آمين بموتك يا رب نبشر، وبقيامتك المقدسة وصعودك إلى السموات نعترف، نسبحك، نباركك، نشكرك يا رب، ونتضرع إليك يا إلهنا.
يا إخوتي نحن لا ننطلق في حياتنا هنا على الأرض نحو ملكوت الله بالرمز ولا بمجرد تأمل بسرحان الفكر، بل ننطلق واقعياً وبالحق على مستوى الواقع في حيتنا اليومية؛ ونحن لا نكرز بملكوت الله بسذاجة أو كواجب موضوع علينا، بل نُعلن أن ملكوت الله هو هدفنا الأوحد بل وغاية ونهاية كل أشواقنا، وكل رغباتنا واهتماماتنا، وكل حياتنا، بل والقيمة العُليا والأسمى لكل ما يوجد فينا وحولنا، هو قدرنا ومصيرنا لأنه عطية المسيح الرب لنا، لأن في المسيح الرب وحده فقط نستطيع أن نصعد، لأن الرب نزل إلينا ليصعدنا معه، إذ اتحد والتحم بجسم بشريتنا وهذا هو السرّ الفائق الذي للتجسد، لأنه لم يتجسد لغرض آخر غير أنه يصعدنا معه [ وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع ] (أفسس 2: 6)
وصعودنا هذا هو خبرة نتعايشها منذ الآن، ونتذوقها في كل مرة نقف أمام الله في مخدعنا على نطاق ضيق، وفي اجتماعاتنا على نطاق أوسع وأشمل، لأن حينما نجتمع ككنيسة، رعية لراعٍ واحد يتجلى سرّ ملكوت الله بأكثر فاعلية واكثر قوة وواقعية، وهذه هي الليتورجية الحقيقة.
وحينما نتذوق خبرة هذا الصعود المجيد، كرحلة حياتنا المستمرة على الأرض هنا في شركة القديسين في النور، وننطق معهم بنشيد المجد الفائق الذي للحضرة الإلهية [ قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض؛ قدوس قدوس قدوس الرب الإله القادر على كل شيء الذي كان والكائن والذي يأتي ] (إشعياء 6: 3؛ رؤيا 4: 8)، نعود للعالم مرة أخرى ونقطع رحلة النزول إليه، فتنعكس على وجوهنا نور وفرح وسلام ملكوت الله فنشهد بالصدق والحق لهذا الملكوت الذي زدنا امتلاء منه...
ونحن لا نعود للعالم وننزل إليه ومعنا برامج ونظريات ولا حتى مبادئ اجتماعية سامية، ولا علم نفس، ولا مجرد أفكار بشرية نطرحها لكي نستطيع أن نجذب أحد للدين المسيحي أو لفصل مدارس الأحد أو حتى للاجتماعات الروحية، لأننا لا نكرز بدين ولا بفكر أو فلسفة ونظريات، إنما بملكوت الله، بمسيح حي شاهد لنفسه فينا بإشراقة نوره الفائق [ الرب هو الله وقد أنار لنا ] (مزمور 118: 27)...
فنحن إينما نذهب نبذر بذار الملكوت وإيماننا متقد وتتجلى فينا حياة شخص المسيح نفسه وبذاته، والمستحيل يصير ممكناً لدينا، لأننا إنجيل مقروء من جميع الناس، لأن الإنجيل هو بشارة الملكوت ولم يعد لنا مجرد كتاب فيه كلمات، بل نحن ذلك الكتاب المكتوب بإصبع الله أي بالروح القدس الذي يرسم فينا ملامح ملكوت الله وبشارة الحياة حينما نطيعه ونخضع له ونحيا باستمرار التوبة والتجديد المستمر وقبول الكلمة المغروسة، وبذلك نصير نحن أنفسنا كتاب الله الحي يقرأه الجميع فيعلمون أن شخص المسيح لازال حياً يُرى في قديسيه....
للأسف يا إخوتي كثيرون لا يدركون هذا السرّ العظيم ولا يحيون هذه الحياة، ولذلك لا يعرفون كيف يكونوا مثال حي لله على الأرض، ولذلك للأسف الشديد كثيراً ما نجد في الكنيسة أننا نلتقي مع العالم القديم، ولا نلتقي لا مع المسيح ولا مع الملكوت بالتالي، ولا ندرك أننا انتقلنا إلى هُناك، لأننا لم نترك أي شيء آخر يخص هذا العالم خلفنا لنستطيع أن نصعد لملكوت الله في الجو الليتورچي الذي للكنيسة المجتمعة الحاملة لسرّ الله الحي، لأننا نصعد إليها ونحن حاملين العالم معنا منشغلين بمشاكلنا وأتعابنا فيه، لأن الترك والتخلي عن كل المشغوليات للتفرغ للصعود الحقيقي لملكوت الله هو البداية الحقيقية لرؤية النور الإلهي الفائق، وهذه هي نقطة بداية السرّ الكنسي الحي، والذي هو شرط قوته وواقعه الذي يُغيرنا ويحولنا...
أن كنتم تريدون دليل على كلماتي انظروا لوجوه الناس في الكنيسة، وانظروا إليهم بعد الصلاة والخروج منها، انظروا لوجوه الناس في الاجتماعات وبعد خروجهم منها، ستجدون في الغالبية الكآبة ظاهرة على وجوههم، وشكواهم مستمرة قبل ما يأتوا وبعد ان يذهبوا !!! وربما يشتكون الله نفسه !!! فهل هذا هو ملكوت الله الظاهر في وجوههم !!!
كل واحد يعرف نفسه وذلك من خلال الثمرة التي تظهر فيه !!! ومن الوجه يُعرف القلب !!!!، ونحن اليوم يا إما نكون صادقين مع أنفسنا ونصعد للكنيسة بقلب طاهر نقي طالب الله، ونقول واقعياً حينما نسمع في الصلاة: أين هي قلوبكم !!! فتكون إجابتنا بفرح: [ هي عند الرب ]، وننزل - بعد شركة الصلاة الملكوتية - إلى العالم بالفرح الإلهي المجيد وقوة نوره الفائق.
أنظروا يا إخوتي، نحنُ أمام طريقين في الحياة الواقعية، يا اما نعيش مسيحيين أي مخصصين لمسيح القيامة والحياة، فنظهر أن المسيح الرب حي ومعنا فعلاً والإنجيل مُعاش وليس نظرية في حياتنا، بل واقع ملموس حي يُرى ويُنظر - من جميع الناس - في كل من يحيا لله فعلاً...
يا اما نكذب على أنفسنا ونحيا في الظلمة ونقول أننا في النور، لأننا بذلك لن نخدع سوى أنفسنا، لأن من يعرف الله حقاً يعرف كيف يسلك ويُميز الطريق سالكاً في شركة القديسين في النور، وصير شاهداً له بأعمال مقدسة شريفة تُظهر واقعيته فيه على المستوى الشخصي، لأنه ارتدى برّ المسيح الرب القدوس.
وطبعاً ليس هذا معناه أنه سيصير معصوماً أو غير مُعرض للسقوط، لكن معناه أنه حامل قوة وسلطان الحياة الجديدة في المسيح يسوع، التي تشع فيه الرجاء الحسن كابن لله في الابن الوحيد، ولن يقدر اليأس يدخل قلبه أو يصير سلبياً ويدخل فيه روح الفشل ويستسلم للخطية أو أي فكر يطيح به بعيداً عن مسيح القيامة والحياة، لأن الروح الذي يسكنه يبكت قلبه على الخطية ويُظهر أمام قلبه قيامة يسوع، ويعطيه الغلبة والنصرة والرجاء الحي بشخص ربنا يسوع الذي يطهر بدمه أي خطية لأنه رفع الدينونة وانهاها فيه (رومية 8):
+ لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح، فلا تخجل بشهادة ربنا ولا بي أنا أسيره، بل اشترك في احتمال المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوة الله الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا، بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية. وإنما أُظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الانجيل ] (2تيموثاوس 1: 7 - 10).
فالمجد للذي أتى إلينا وأعطانا ذاته وسكب فينا حياته الخاصة، فمجدوه بفرح وتهليل وشكر عميق مع أبيه الصالح والروح القدس آمين
التعديل الأخير: