"... لا ينزع أحد فرحكم منكم: الآن أدركنا معناها، لأننا أخذنا الفرح من عمق الضيقة، من عمق الألم، من وسط جفاوة الموت خرج فرح الحياة، فمن ذا يستطيع أن ينزع فرحنا منا؟ هل بضيقات أكثر؟ هل باضطهادات أوفر؟ هل بالألم الشديد الذي يبلغ حد الموت؟ هذه كلها جُزناها، ومنها بذاتها ينبع لنا الآن فرحنا.
ربما الذي ينزع منا فرحنا هو المديح والإكرام، ربما الراحة والصحة وكثرة السلام، ربما الرئاسة والسلطة والمال، لأنها تلهينا عن أنفسنا، أما الآلام والضيقات فلم تعُد تستطيع.
ربما أصدقاؤنا وأهلنا والعاطفون علينا ينزعون منا فرحنا، لأننا ربما نُخطئ فنتكل عليهم أكثر من نعمة الله فتفارقنا رحمته. أما المعاندون لنا، أما الراصدون لحركاتنا المتصيدون لأخطائنا المُخترعون علينا شرورا، فلا يستطيعون، لأنهم صاروا لنا مصدرا إلهيا بسياق النعمة نستمد منهم تنقية ضمائرنا وكشف هزات قلوبنا وقياس أعماق حبنا أولا بأول..."!