الشموع في الكنيسة تعليم عملي موضوع للإنسان لا لكي يتمسك به شكلاً وكأنه شيء مُلزم، بل لكي يحيا وفقه، فالقداسة ليست في توليع شمعه إنما بلوغ القصد من وجودها في الكنيسة لكي نحيا وفق التعليم والإرشاد التي وضعته الكنيسة الملهمة بالروح...
فالشمعة في الكنيسة تعبير تصويري دقيق عن وقوف الإنسان أمام الله، لأن الشمعة هادئة ساكنة وثابته في مكانها وفي منتصفها فتيله صغيرة مُنيرة، أي أن قلبها مشتعلاً بنار ملتهبة تحرق جمسها البارد الصلب فتذيبه وتسكبه من فوهتها دموعاً تنحدر من عليها تاركة خلفها هالة نور هادئ وبسيط ...
فالشمعة هنا تمثل الإنسان الداخل الكنيسة لكي يقف أمام الله ساكباً نفسه، يدخل في هدوء المنكسرين وهو بارد جامد يُريد الحرارة الإلهية لتُذيبه، فهو طالب نور وجه الله الحي المُنير، لكي يمسه بناره فيشتعل قلبه به.
فيا أختي أن كل ما في الكنيسة من رموز لا يقصد بها أن تكون بمثابة شيء مقدس للإنسان، لأن الإنسان وحده هو المقدس من الله فقط، ونحن لا نُستعبد للرمز بل نتعلم منه لكي نفهم مقاصد الله وتكون أمام أعيننا ليلاً ونهاراً، فالكنيسة توجه قلب كل واحد أنه بدون أن يشتعل بنار الله لكي تُضيء نفسه، فأنه سيكون مثل الشمعة الجامده المطفية، التي لا قيمة لها، لأنها لا تشتعل من ذاتها، وهنا تعليم سري لكي يفهم الإنسان أنه لن يشتعل ويكون نور من ذاته، لا بد من أن نار الله تمسه لكي يكون له قيمه، فطبيعة الشمعة بدون عمل النار تافهة مهملة بلا قيمة، كطبيعة الإنسان بدون عمل نعمة الله فيه، إلا إذا اشتعلت بالنار وصارت من نفس طبيعة النار، أي أن النار اشتعلت في قلبه وصارت متحده به، فالإنسان لا يُنير بحسب طبيعته الجامدة الميتة، إنما بطبيعة النار المتحدة به.
فالشمعة في الكنيسة هي دعوة خاصة وشخصية للعبادة الهادئة الحارة لكي يستنير الإنسان بنور الله [ بنورك نُعاين النور، أو بنورك نرى نوراً ]، فالشموع الموقدة في الكنيسة في مواضع مختلفة، لأن الشمعة في كل وضع لها معنى محدد ومُغاير للآخر، فالشموع الموجودة عند مدخل الكنيسة وفي بدايتها هي التي تكلمت عنها الآن... وباقي المعاني سأتكلم عنها في وقت لاحق... النعمة معك