الصفحة الرئيسية

آخر المشاركات

المواضيع الجديدة للصفحة الرئيسية

أول ظهور علني للبابا فرنسيس في الفاتيكان بعد خروجه من المشفى

ظهر البابا فرنسيس، اليوم الأحد، أمام الحشد في ساحة القديس بطرس، بالفاتيكان، بعد أسبوعين من خروجه من المستشفى.

أول ظهور علني للبابا فرنسيس في الفاتيكان بعد خروجه من المشفى (صور+فيديوهات)

البابا فرنسيس، يظهر يوم 6 أبريل 2025، أمام الحشد في ساحة القديس بطرس. / Legion-Media
فقد دخل البابا فرنسيس إلى ساحة القديس بطرس على كرسي متحرك خلال قداس يوبيل خاص للمرضى، مما يمثل أول ظهور علني له في الفاتيكان اليوم الأحد منذ خروجه من المستشفى قبل أسبوعين.
ورفع البابا يديه ليلوح للحشد، الذي وقف وصفق له، بينما كان يتم تحريكه إلى مقدمة المذبح في الساحة.
وقال البابا للحشد في كلمة قصيرة: "أتمنى للجميع أحدا مباركا. شكرا جزيلاً لكم".
وكان صوت البابا أقوى مما كان عليه عندما خاطب المهنئين له خارج مستشفى "جيميلي" بروما في يوم خروجه من المستشفى في 23 مارس، بعد تعرضه لالتهاب رئوي مهدد للحياة خلال إقامته في المستشفى بالعاصمة الإيطالية لمدة خمسة أسابيع.

67f2686a4236040623304f9d.jpg
67f2688a4c59b73e5b4dc9f8.jpg
Legion-Media

وكان فرنسيس قد خرج من مستشفى "جيميلي" قبل أسبوعين، بعد أن مكث فيه لمدة 38 يوما، سادت خلالها مخاوف على حياته، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية(د ب أ) اليوم.
وأعلن الفاتيكان أمس الأول الجمعة أن صحته آخذة في التحسن.
وأدى تعليق أدلى به متحدث باسم الفاتيكان في ذلك الوقت إلى تكهنات بأن البابا يمكن أن يظهر علنا في صلاة التبشير الملائكي التقليدية يوم الأحد.

يشار إلى أن قداس المرضى جزء من عام اليوبيل 2025.
وبدأ يوبيل عام 2025 بفتح الأبواب المقدسة في كاتدرائية القديس بطرس في 24 ديسمبر، عشية عيد الميلاد، ويتم الاحتفال باليوبيل كل 25 عاما.


المصدر: "أسوشيتد برس"

إنقاذ قس أمريكي في جنوب إفريقيا بعد تبادل لإطلاق النار ومقتل خاطفيه

أعلنت شرطة جنوب إفريقيا إنقاذ قس أمريكي أمس اختطفه مسلحون الأسبوع الماضي خلال قداس بإقليم إيسترن كيب، وتصفية خاطفيه.


إنقاذ قس أمريكي في جنوب إفريقيا بعد تبادل لإطلاق النار ومقتل خاطفيه

جوش سوليفان ، القس الأمريكي / Legion-Media

وكان المواطن الأمريكي جوش سوليفان من ولاية تينيسي الأمريكية والبالغ من العمر 45 عاما في فرع بلدة ماذرويل من كنيسة "فيلوشيب بابتيست" منذ 2018 إلى جانب زوجته وطفليه.

وتم خطف القس فجأة مساء الخميس الماضي عندما اقتحم أربعة رجال مسلحين وملثمين الكنيسة في بلدة ماذرويل.

وتولى فريق عمل من وكالات بينها وحدة مكافحة العصابات ووحدة الجريمة المنظمة الخطيرة، التحقيق في الاختطاف.

واقتربت قوة مساء أمس الثلاثاء من الموقع الذي يشتبه أن سوليفان كان محتجزا به، وهو منزل في كواماكجكساكي في جيبرها (بورت إليزابيث سابقا) على بعد حوالي 20 دقيقة بالسيارة من الكنيسة.
وأفادت الشرطة بوقوع تبادل لإطلاق النار بدأ عندما حاول المشتبه بهم الفرار في سيارة كانت متوقفة خارج المنزل وبدأوا بإطلاق النار وقد قتل ثلاثة منهم.

وقال الليفتنانت كولونيل أفيل فومبا في بيان "جرى العثور على الضحية (القس) داخل نفس السيارة التي أطلق منها المشتبه فيهم الهجوم، وقام المسعفون بتقييمه على الفور وهو حاليا في حالة ممتازة ولم يمسسه أذى بأعجوبة".

وأظهرت بيانات الشرطة أن عدد الاختطافات في جنوب إفريقيا ارتفع بواقع 264 % على مدار العقد الماضي.

المصدر: أسوشيتد برس

عظات القديس مكاريوس الكبير , العظة من الحادية و الأربعين إلى الخمسين

عظات القديس مكاريوس الكبير العظة من الحادي والأربعين حتى الخمسين؟

العظة الحادية والأربعون
أعماق النفس

أعماق النفس عميقة جداً، وهى تتأثر بمقدار درجة النعمة أو درجة الشر.

1 ـ إن إناء النفس الثمين هو عميق جداً، كما هو مكتوب ” هو يفحص العمق والقلب” (ابن سيراخ18:42). لأنه حينما حاد الإنسان عن الوصية وصار تحت دينونة الغضب فإن الخطية أخذته تحت سلطانها، وحيث إن الخطية هي نفسها هاوية عميقة من المرارة فقد دخلت إلى داخل أعماق الإنسان واستولت على مراعى النفس حتى إلى أقصى أعماقها.
اختلاط الخطية بالنفس :
وهكذا يمكننا أن نشبه النفس والخطية حينما اختلطت بها كما لو أن هناك شجرة كبيرة جداً ذات فروع كثيرة وتضرب بجذورها في أقصى أعماق الأرض. هكذا الخطية فقد دخلت إلى الداخل وملكت على مراعى النفس العميقة، حتى أنها صارت مألوفة وملازمة للإنسان وتنمو مع كل شخص منذ طفولته وتعاشره وتعلّمه أموراً شريرة.

عمل النعمة الإلهية والاجتهاد :

2 ـ لذلك فحينما يظلل عمل النعمة الإلهية على النفس بحسب مقدار إيمان كل واحد، وينال الإنسان معونة من فوق فإن النعمة تظلّله جزئياً فقط. لذلك فلا يتصور أحد أن نفسه قد استنارت كلها مرة واحدة استنارة كلّية. فلا يزال يوجد قدر من الخطية في الداخل، ويحتاج الإنسان إلى تعب وكد كثيرين على حسب النعمة المعطاة له. ولهذا السبب تبتدئ النعمة أن تفتقد الإنسان جزئياً مع أنها تملك القوة أن تُطهر الإنسان وتكمله في ساعة من الزمان. ولكنها تفتقد الإنسان جزئياً لكي تمتحن قصد الإنسان لترى هل يحفظ حبه نحو الله كاملاً، بحيث لا يتفاوض مع الشرير في أي وقت بل يسلّم نفسه كليةً للنعمة وبهذه الطريقة عندما تنجح النفس مرة بعد مرة، وهى لا تُحزن النعمة في أي أمر، فإن الإنسان ينال معونة متزايدة، والنعمة نفسها تجد مرعى لها في النفس وتضرب بجذورها إلى أعماق أعماقها وفي كل أفكارها، إذ توجد النفس مقبولة وموافقة للنعمة بعد تجارب كثيرة، إلى أن تتشّبع النفس تماماً بالنعمة السماوية التي تبدأ منذ ذلك الوقت فصاعداً أن تملك في الإناء نفسه[1].

التواضع:

3ـ ولكن أي شخص لا يثبت في تواضع كثير، فإنه يُسلّم للشيطان ويتعرى من النعمة الإلهية التي سبق أن أُعطيت له فيُجرّب بشدائد كثيرة. وحينئذ يعرف نفسه على حقيقتها وأنه عريان وشقى. ولذلك فإن الذي يكون غنياً في نعمة الله ينبغي أن يكون متضعاً جداً وله قلب منسحق، وأن يعتبر نفسه فقيراً ولا يملك شيئاً. وأن ما هو له لا يخصه وإنما قد ناله من آخر ويمكن أن يؤخذ منه حينما يشاء الذي أعطاه. فالذي يتواضع هكذا أمام الله والناس يستطيع أن يحفظ النعمة المعطاة له كما يقول الرب ” من يضع نفسه يرتفع” (لو11:14) ورغم أنه مختار من الله، فليعتبر نفسه كأنه مرذول. ورغم أنه أمين حقاً فليعتبر نفسه غير مستحق. إن مثل هذه النفوس تكون مرضّية لله، وتحيا وتنال الحياة بالمسيح، الذي له المجد والقوة إلى الأبد آمين.

يتبع

المسيح على الصليب، ذبيحة حب وبذل

في يوم الجمعة العظيمة، نرى السيد المسيح في قمة حبة وفي قمة بذله..

إن المحبة تبلغ عمق أعماقها، أو ترتفع إلي قممها.. حينما تصعد علي الصليب. المحبة تختبر بالألم. نختبرها بالضيقة، ونختبرها بالعطاء والبذل. الذي لا يستطيع أن يبذل، هو إنسان لا يحب، أو هو إنسان محبته ناقصة، أو هو يفضل ذاته علي غيره.. أما إن أحب، فإنه يبذل..

وكلما يزداد حبه، يزداد بذله، حتى يبذل كل شيء..

فإن وصل إلي كمال الحب، وإلي كمال البذل، فإنه يبذل ذاته.. يصعد علي الصليب، ويقدم ذاته عمن يحبهم.


وهذا هو الدرس الذي أخذناه يوم الجمعة الكبيرة. "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16). لقد اظهر الله محبته للعالم بأنواع وطرق شتي: أعطي العالم نعمة الوجود، وأعطاه المعرفة، وكل أنواع الخيرات. بل أعطاه أيضًا المواهب الروحية. وتولي هذا العالم ورعايته وحبه. ولكن محبته لنا، ظهرت في أسمي صورها، حينما بذل ذاته عنا، لكي تكون الحياة الأبدية. ولقد جاء السيد المسيح إلي العالم، لكي يبذل.. لكي يبذل نفسه فدية عنا. وفي ذلك قال لتلاميذه:

"إن أبن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم، وليذل نفسه فدية عن كثرين" (مر 10: 45).

وأول شيء بذله الرب مجده وسماءه وعظمته، حينما تجسد من أجلنا، وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان.. ثم بذل راحته أيضًا. وطاف يجول في الأرض يصنع خيرًا، وهو ليس له مكان يسند فيه رأسه. (مت 8: 20). وأخيرًا بذل حياته عنا علي الصليب.. وبهذا البذل، عبر عن حبه اللانهائي.. لنا.

وهكذا صارت صورة يسوع المسيح المصلوب، هي أجمل الصور أمام البشرية كلها. أنها صورة الحب الباذل، في أعماق بذله..

إن صورة التجلي علي جبل طابور، وربما لا تجدها في كل مكان صورة المسيح وهو داخل كملك إلي أورشليم.. ولكنك في كل مكان تجد صورة المسيح المصلوب.. لأنها أثمن صورة، أعمق الصور تأثيرًا في النفس. أمامها وقف المهاتما غاندي Gandhi، وبكي.. إنها صورة الحب الكامل، والعطاء. لأنه "ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه" (يو 15: 13). ولهذا قال القديس بولس الرسول:

"حاشا لي أن أفتخر، إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14).

وكلما ننظر إلي صورة الصليب، نتذكر الحب الإلهي العجيب.. نتذكر إلهنا القوي غير المحدود في قدرته وعظمته، وقد بذل سماءه، وأخلى ذاته، وأخذ صورة عبد، وبذل حياته، وبذل دمه، حبًا للإنسان المحكوم عليه بالموت..

إن أجمل عبارة تكتب علي صورة المسيح المصلوب، هي عبارة "أحب حتى بذل ذاته"..

لقد كتبوا لافتة علي صورة السيد المسيح ، مكتوب عليها "يسوع الناصري ملك اليهود" I N R I ولكن أجمل لافته نكتبها علي صليبه هي "الحب والبذل".. هكذا أحب الله العالم، حتى بذل أبنه الوحيد.. والعظة التي نأخذها من صلب ربنا يسوع المسيح، هي أن نحب وأن نبذل.. لا نحب ذاتنا، إنما نحب الناس، ونحب الله.. لا نحب راحتنا، إنما نحب راحة الناس، مهما كانت راحتنا.

إن كنت لا تحب ولا تبذل فأنت لم تستفيد من صليب المسيح دروسًا ولا استفدت من صليبه قدوة لحياتك..

إن صليب السيد المسيح، يعلمنا أن نحب حتى الموت.. في حبنا لله نفعل هذا. وفي حبنا للناس نفعل هذا "لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (يو 3: 18).

وما هو هذا التعبير العملي للحب؟

إنه العطاء والبذل، حتى الموت. نحب المحبة التي تصعد علي الصليب، المحبة التي تصل إلي الموت من أجل من تحبه، أو علي الأقل تكون مستعدة قلبيًا أن تصل إلي الموت وأن تبذل ذاتها. انظروا في التوبة وفي مقومة الخطية، كيف أن الرسول يعاتب أهل العبرانيين ويقول: "لم تقاوموا بع حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4).

أتريد أن تحب الله؟ ينبغي إذن أن تحبه حتى الدم..

تقاوم الخطية حتى الدم. تصعد علي الصليب. تصلب ذاتك "تصلب الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل 5: 24) تصلب العالم داخل قلبك، فلا يتحرك في داخلك. وتصلب ذاتك، فلا تتحرك هذه الذات طالبه أن تظهر. هنا يبلغ الحب غايته. وهنا تفتخر علميًا بصليب ربنا يسوع المسيح، وتقول عنه "هذا الذي به قد صلب العالم لي، وأنا للعالم" (غل 6: 4). نتعلم من صليب السيد المسيح، أن نحب وأن نبذل. ولا يمكن أن نحب وأن نبذل إلا إذا أنكرنا ذواتنا.

إن السيد المسيح، قبل أن يبذل ذاته، أخلى ذاته أولًا وأخذ شكل العبد..

إذن إذا أحببت، وأردت أن تبذل، عليك أن تخلى ذاتك أولًا من كل محبتك لنفسك وشعور بذاتك.. أي أن تتواضع، وتأخذ شكل العبد وحينئذ يمكنك أن تبذل..

وثق أن البذل هو التعبير الحقيقي عن الحب:


أبونا إبراهيم أبو الآباء، ظهرت محبته لله بالبذل (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فبدأ أولًا بأن ترك من أجل الله عشيرته ووطنه وبيت أبيه، وجال وراء اله متغربًا يعيش في خيمة. ومع ذلك فإن حب إبراهيم لله، لم يظهر في قمته إلا حينما وضع ابنه الوحيد عل المذبح، مع الحطب، وأمسك بالنار وبالسكين، لكيما يقدمه محرقة لله..

هناك عوائق قد تحاول منع الإنسان من البذل:

مثال ذلك: محبة الراحة،محبة الكرامة ومحبة الذات.. أما الحب الحقيقي، فلا يعرف لذاته راحة ولا كرامة إلا في تحقيق محبته. وهكذا يبذل كل شيء لأخل من تحب. يعقوب أبو الآباء، عندما أحب راحيل، بذل من أجلها الشيء الكثير.. تعب من أجلها عشرين سنة تحرقه الشمس بالنهار، والبرد بالليل.. وكانت هذه السنوات في نظره كأيام قليلة من أجل محبته لها. (تك 31: 40)، "تك 29: 20). أن المحبة تستطيع أن تعمل الأعاجيب. المحبة تحتمل كل شيء، وتبذل كل شيء.

إن كنت لا تستطيع أن تبذل، فأنت إذن تحب ذاتك، وليست تحب غيرك..

وإن عاقتك الكرامة عن البذل، فأنت إذن تحب الكرامة أكثر وهكذا أيضًا إن عاقتك محبة الحياة، أو محبة الحرية.. حينما أحب دانيال الرب، لم يجد مانع من أن يلقي في جب الأسود الجائعة، ولم يمنعه الخوف، ولم ير حياته أغلي من الحب.

كان الحب في قلب دانيال، أقوى من الخوف، وأغلي من الحياة.

و الثلاثة فتية بالمثل في محبتهم لله، لم يجدوا مانعًا من أن يلقوا في أتون النار. استهانوا بالنار وبالموت وبالحياة، لأجل الله، والقديس بولس الرسول، قال في التعبير عن محبته للمسيح: "خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح" و"ما كان لي ربحًا، فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة، بل إني أحسب كل شيء أيضًا خسارة من أجل فضل معرفة يسوع المسيح ربي" (في 3: 6-8).

وهنا نجد البذل، بكل رضى، بغير ندم علي شيء..

بل بكل زهد في ما يبذله، كأنه نفاية وخسارة.. أن صليب المسيح، يعلمنا بذل الذات في حب.. ولكن بذل الذات قد يحتاج إلي تدريب أخرى تسبقه. فقد يتدرب الإنسان الروحي علي أن يبذل أولًا من خارج ذاته، من ماله وعطاياه مثلًا، قبل أن يبذل ذاته.

وحقًا أن الذي لا يستطيع أن يبذل ما هو خارج ذاته، كيف يمكنه أذن أن يبذل ذاته؟

إن كنت لا تستطيع أن تعطي مالك للرب، أو عشورك وبكورك، فكيف يمكنك تعطيه عمرك وحياتك؟! كيف يمكنك أن تعطيه دمك؟! كيف..؟! وأن كنت لا تستطيع أن تعطيه الحياة كلها؟! في عصر الاستشهاد، لكي تدرب الكنيسة أولادها علي حب الموت ولقائه، دربتهم أولًا علي الزهد في الماديات، وترك الأملاك والمقتنيات، وترك الأهل والبيت، فكان "الذين يستعملون العالم كأنهم لا يستعملونه، والذين يشترون كأنهم لا يملكون، والذين لهم نساء كأن ليس لهم" (1كو 7: 29- 31) لكي يثق الكل بأن "هيئة العالم تزول" وتضع الكنيسة في آذان أولادها في كل قداس قول الرسول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم.. فالعالم يمضي وشهوته معه" (1يو 2: 15، 17). أن الذي يزهد في العالم وما فيه، يستطيع أن يبذل الحياة من أجل الله. الذي يقول "مملكتي ليس من هذا العالم" مشتهيًا أن يملك مع المسيح في الأبدية، هذا يستطيع أن يبذل ذاته من آجل أخوته ومن آجل الرب

أما الذي لا يستطيع أن يبذل القليل، فكيف يمكنه أن يبذل الكثير؟! وكيف يستطيع أن يبذل الكل؟!

كيف يتمثل بالسيد المسيح الذي بذل الكل.. الذي بذل المجد وبذل الراحة، وعاش بلا لقب ولا مركز رسمي، وبلا مال وبلا مرتب.. ثم بذل دمه عن الحياة العالم كله، لكي نحيا نحن بموته، ونحيا بمحبته لنا..

كان السيد المسيح يعطي باستمرار قبل إعطاء ذاته علي الصليب.

كانت محبته تجول وسط الناس تعطيهم حنانًا وحبًا وشفقة. كانت تعطي البعض شفاء، والبعض عزاء والبعض طعامًا. كانت تنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق، وتعمل كل حين لأجل راحة الكل. ولكن كل هذا لم يكن يكفي..

كان ينتظر من المحبة أن تعطي ذاتها، أن تصعد علي الصليب، وتنضح بدمها علي البشرية، من قمة الفداء العالمية.

وسار السيد المسيح إلي الجلجثة، ليقدم ذاته ذبيحة حب. كان يمثل المحبة متجسدة، والمحبة باذلة. وتعجب الشيطان من هذا الحب، وثار عليه بكل قوته. وجميع كل قواته ليمنع محبة الرب من أن يصل إلي قمتها علي الصليب، بكل حيلة وبكل عنف..

وإذا بمياه كثيرة أحاطت بهذه المحبة التي تتقد نارًا.

مياه كثيرة.. كالاستهزاء، والإهانة، والتهكم، والتحدي بتلك العبارة الماكرة المحتفزة "لو كنت ابن الله، انزل من علي الصليب" أو بنفس المعني "خلص آخرين، أما نفسه فلم يستطيع أن يخلصها"..

ولكن محبة ربنا لنا، كانت أقوي من محاولات الاستفزاز.

وأنتصر الرب في المعركة. صمد أمام كل هذا التحدي والتهكم، لكيما يخلصنا من حكم الموت، واضعًا أمامه هدفه الذي جاء من أجله، أن يموت عنا لكي نحيا بموته. وهكذا ظلت محبته تصعد إلي قممها إلي الصليب والألم والعذاب، وتدوس في طريقها، كل عقبة، إلي أن وصلت إلي أعلي قمة لها وهي الفداء، فتكللت بمجد عجيب لا يوصف..

وصار الصليب رمزًا للحب، وبالتالي للفداء والعطاء.

فعلي الصليب أعطي السيد المسيح للعالم كله وثيقة العتق، وقدم له فداء كاملًا، وتكفيرًا عن خطاياه.. وعلي الصليب أعطي اللص اليمين وعدًا بان يكون معه في الفردوس، وأعطي لصالبيه -إن تابوا- غفرانا وتنازلًا عن حقه تجاه ظلمهم. وعلي الصليب أعطي يوحنا الحبيب أمًا روحية هي العذراء مريم. وأعطي السيدة العذراء أبنا هو يوحنا.. وعلي الرغم من آلام الرب علي الصليب، كانت أفكاره ليست مركزه في آلامه وفي ذاته، إنما في خلاص الناس وتقديم ثمن العدل الإلهي للآب.

وصارت أبصارنا معلقة في هذا الصليب وعطائه:

الصليب الذي يعطي غفرانًا وخلاصًا، وحياة، ورجاء أكيدًا في الأبدية السعيدة.. الصليب الذي يعطي صورة مثالية للعطاء وللبذل، ولنكران الذات وإخلائها.. بلا حدود.. الصليب الذي أعطانا صورة لمن يعطي وهو في عمق آلام الجسد، ولكن في عمق محبة الروح.. ويعطي إلي آخر قطرة تسفك من جسده، في الوقت الذي لا يقدم فيه العالم أي عطاء.. إلا دموع عزيزة كانت تسكبها قلوب محبة. وكانت لها قيمتها عند الرب.. فليعطينا الرب بركة صليبه، وليعطينا أن نتدرب علي الحب والبذل، وأن نحب الإعطاء أكثر من الأخذ. وليعطينا أن ننمو في هذا العطاء ونظل ننمو حتى نعطي أرواحنا لأجله له القوة والمجد والبركة والعزة إلي الأبد آمين.

كتاب تأملات في الجمعة العظيمة - البابا شنودة الثالث

آلام المسيح: ما الذي يجعل "أسبوع الآلام" لدى أقباط مصر مختلفاً عن أي طقس آخر في العالم

منقول عن BBC News


"ها نحن صاعدون إلى أورشليم، وابن الإنسان يُسلَّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت، ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم". (مت 20: 18-19)، هكذا سجّل إنجيل القديس متى ما أعلنه المسيح لتلاميذه عن مشاهد آلامه التي يُطوى بها الفصل الأخير من فصول خدمته على الأرض، والتي استمرت ثلاث سنوات، لتظل هذه الآلام وأحداثها ورموزها، على مدار نحو ألفي عام، أهم وأقدس مناسبات الطوائف المسيحية في شتى أرجاء العالم.
ويحتفل أقباط مصر الأرثوذكس، مع كنائس التقويم الشرقي، بأسبوع الآلام، "البصخة"، الذي يعتبرونه أقدس مناسباتهم الدينية، ويبرز ذلك في طقوس تمتد لقرون عديدة، تعكس روحانية خاصة وملامح لحظات ومشاهد مليئة بتفاصيل يغتنمها المؤمنون للإكثار من حياة التأمل والصلاة طلبا للتعزية و"شركة الآلام" مع المسيح في تلك الأيام.
ويلفت معجم "المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم" للخُوري بولس الفغالي إلى أن كلمة "فصح" هي "عبرية من (فسح) وترد في شكل (بسخا) و(فصحا) حسب الصيغة الآرامية،... أما أصل لفظة (فسح) فتبقى لغزا بالنسبة إلينا، فبعضهم قرّبها من الأكادية (فشحو)".
وتقول دراسة "البصخة المقدسة: التاريخ الطقسي/طقوس الصلوات" ضمن سلسلة الدرة الطقسية للكنيسة القبطية بين الكنائس الشرقية إن "كلمة (بصخة) هي آرامية، وقد انتقلت الكلمة بنفس نطقها إلى اللغة اليونانية واللغة العربية، وإلى كثير من اللغات الأوروبية الحية وهي تعني عبور Passover".

جدارية تجسّد مشهد صلب المسيح في كنيسة سان مارشيلو أل كورسو، بريشة الفنان جي. بي. ريتشي (1613).

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،جدارية تجسّد مشهد صلب المسيح في كنيسة "سان مارشيلو أل كورسو" في روما للرسام جي. بي. ريتشي عام 1613.
وعن ارتباط الكلمة بأسبوع الآلام تضيف الدراسة: "لا علاقة بالكلمة بمعنى الألم أو الآلام، فالكلمة اليونانية التي تفيد معنى الألم هي (بصخو)، وكلمة (بصخو) تختلف في معناها عن كلمة (بصخة). وربما حدث هذا التداخل بسبب الكلمة اللاتينية passio التي تعني الألم".
عموما، تطلق تسمية "أسبوع الآلام" الحالية على فترة الأيام واللحظات الأخيرة في حياة يسوع المسيح على الأرض، وينتهي الأسبوع بـ "أحد القيامة"، ويحمل كل يوم اسما يميزه ويرمز إلى أحداثه: سبت لعازر، أحد الشعانين، إثنين البصخة، ثلاثاء البصخة، أربعاء البصخة (أربعاء أيوب)، خميس العهد، الجمعة العظيمة، سبت النور.
ونستطيع رصد تاريخ وملامح الطقوس القبطية في تلك الأيام اعتماداً على عدة مصادر أبرزها دراسة أعدّها ألبير جمال ميخائيل بعنوان "التمام في طقس أسبوع الآلام قطمارس ودلال أسبوع الآلام"، ودراسة الأغنسطس إبراهيم عياد جرجس ولجنة التحرير والنشر بمطرانية بني سويف بعنوان "ترتيب أسبوع الآلام بحسب طقس الكنيسة القبطية"، ودراسة بيشوي فايز بعنوان "أسبوع الآلام، تأملات وتفاسير في أحداث وأناجيل أسبوع الآلام ساعة بساعة"، وتأملات الأب متى المسكين بعنوان "تأملات في أسبوع الآلام، من جمعة ختام الصوم إلى جمعة الصلبوت"، وتأملات الأنبا شنودة الثالث بعنوان "تأملات في أسبوع الآلام"، ودراسة "دراما الصلب" لمطرانية المنيا وأبو قرقاص، للأنبا مكاريوس أسقف المنيا العام.

أسبوع الآلام في تاريخ الأقباط​

لوحة للفنان جان بابتيست فان إيكين (1809- 1853) في كنيسة نوتردام دو لا شابيل.

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "يسوع المسيح يلتقي أمه العذراء مريم" للفنان جان بابتيست فان إيكين (1809- 1853) في كنيسة نوتردام دو لا شابيل في بروكسل.



يستخدم تعبير "أسبوع الآلام" بين الأقباط اليوم على نطاق واسع، بيد أن البعض يضيفون أبعاداً إيمانية أخرى لمضمون المناسبة وكونها لا تتحدث عن آلام عادية تنطوي على توجع ومعاناة فحسب، بل هي آلام يصفونها بالـ "خلاصية"، بحسب العقيدة المسيحية، إذ يقول الأب متى المسكين في تأملاته بعنوان "تأملات في أسبوع الآلام: من جمعة ختام الصوم إلى جمعة الصلبوت" إن أسبوع البصخة "ليس أسبوع آلام عقيمة أو آلام فحسب، بل آلام عبور، آلام فصحية...".
وتلفت دراسة "دراما الصلب" لمطرانية المنيا وأبو قرقاص إلى أن "أسبوع الآلام أهم أسبوع في السنة كلها، فإذا كان الصوم الكبير هو أهم موسم في السنة، فإن أسبوع الآلام هو أقدس أيام هذا الموسم لذلك فهو بالتالي أقدس أيام السنة كلها... وقديما كانوا يحتفلون به مرة كل ثلاثة وثلاثين عاماً، حتى انتبه أحد البطاركة إلى أن هناك بعض من الناس يولدون ويموتون دون الاحتفال به، فقرروا الاحتفال به سنوياً، بل وضم أسبوع الآلام على الصوم".
وتضيف وصفا للمناسبة: "يسمى أسبوع الآلام، وأسبوع البصخة، والأسبوع الكبير، والأسبوع المقدس. وقديماً كان الناس يغلقون متاجرهم ويوقفون تعاملاتهم التجارية خلال هذا الأسبوع، ويلزمون الكنيسة طوال الأسبوع، ويصلون بخشوع"
ويقول الأنبا شنودة الثالث في دراسة "تأملات في أسبوع الآلام" :"كان هذا الأسبوع مكرساً كله للعبادة، يتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم، ويجتمعون في الكنائس طوال الوقت للصلاة والتأمل".
ويضيف: "كان الملوك والأباطرة المسيحيون يمنحون جميع الموظفين في الدولة عطلة ليتفرغوا للعبادة في الكنيسة خلال أسبوع الآلام. وقيل إن الإمبراطور ثيئودوسيوس الكبير كان يطلق الأسرى والمساجين في هذا الأسبوع المقدس ليشتركوا مع باقي المؤمنين في العبادة، لأجل روحياتهم وتكوين علاقة لهم مع الله، ولعل ذلك يكون تهذيباً لهم وإصلاحاً".
ويتابع الأنبا شنودة وصفه لتاريخ الطقس على المستوى الاجتماعي قائلا إن السادة أيضا كانوا يمنحون الخدم عطلة طول أسبوع البصخة "فمن حق الخدم أن يتفرغوا أيضاً من أعمالهم لعبادة الرب"، ويضيف في دراسته "هكذا لا تكون روحيات السادة مبنية على حرمان العبيد، بل الكل للرب، يعبدونه معاً ويتمتعون معا بعمق هذا الأسبوع وتأثيره".

لوحة المسيح على درب الصليب يخاطب نساء من أورشليم

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "المسيح على درب الصليب يخاطب نساء من أورشليم" مع أعمال القرن الـ 19 بكنيسة القديس جورج في بلجيكا.
كان المسيحيون في القرون الثلاثة الأولى يصومون يومين أو ثلاثة أيام قبل عيد الفصح، ولكن في القرن الثالث بدأوا يصومون ستة أيام قبل العيد، وقد بدأ هذا الطقس في كنيسة أورشليم ثم انتقل إلى الكنائس الأخرى.
وكان أسبوع الآلام في مصر منفصلاً عن الصوم الكبير، "الصوم المقدس"، إلى أن ضم البابا أثناسيوس الرسولي في عام 330 ميلاديا، الصوم الكبير مع أسبوع البصخة، وكان يبدأ يوم الاثنين التالي لأحد الشعانين.
وفي عصر لاحق، في القرن السادس أو السابع، اعتُبر سبت لعازر بداية أسبوع البصخة، وهو ما ذكره ساويرس بن المقفع، أسقف الأشمونين، في القرن العاشر الميلادي، بحسب دراسة ألبير جمال ميخائيل.
بيد أنه في أعقاب دخول طقس يطلق عليه "الجناز العام"، اعتبره الأقباط فاصلاً محدداً لبداية أسبوع البصخة، لذا نرصد ما قاله ابن سباع، من القرن الثالث عشر، عن كون بدء أسبوع البصخة هو الساعة 11 من يوم أحد الشعانين، وهذا أيضاً ما ذكره ابن كبر من القرن الرابع عشر.
أما اليوم، فكثيرون يضمون أحد الشعانين إلى أسبوع البصخة دون سبت لعازر، بيد أن الجميع، عبر العصور، يتفقون على أن هذا الأسبوع ينتهي بانتهاء "سبت النور" وبداية طقوس "أحد القيامة".
كان الأقباط في مصر، بحسب دراسة ألبير جمال ميخائيل، يجتمعون في أسبوع الآلام ويقرأون الكتاب المقدس كاملاً بعهديه "القديم والجديد"، إلى أن جاء الأنبا غبريال الثاني (ابن تريك)، البابا السبعون من بطريركية الإسكندرية عام 1131 ميلاديا، ونظراً لكثرة مشاغل الناس في مناحي الحياة وعدم استطاعتهم تكميل القانون الرسولي في هذا الشأن، جمع كهنة ورهبانا، ووضعوا كتاباً سموه "كتاب البصخة" يضم ما يلائم من الكتب الأخرى.
رُتبت في هذا الكتاب صلوات باكر وآخر النهار وبقية الصلوات الليلية والنهارية، وصار معمولاً به، إلى أن جاء الأنبا بطرس، أسقف مدينة البهنسا بالمنيا في صعيد مصر، في القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، وأعاد ترتيب كتاب البصخة، وأضاف إلى كل ساعة ما يناسبها من قراءات النبوات والأناجيل الأربعة، فصارت قراءات الساعات متساوية.
كما وضع الأنبا بطرس لكل يوم عظتين من أقوال الآباء، كما رتب خلال الأيام قراءة الأناجيل، في يوم الثلاثاء يُقرأ انجيل القديس متى، وفي يوم الأربعاء يُقرأ إنجيل القديس مرقس، وفي يوم الخميس يُقرأ إنجيل القديس لوقا، وفي ليلة العيد يُقرأ إنجيل القديس يوحنا، وكذلك المزامير ليلة سبت الفرح.

طقوس الأقباط في أسبوع الآلام​

لوحة بعنوان السقوط الأول ليسوع حاملا الصليب للرسام البلجيكي شارل ووترز القرن الـ 19

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة بعنوان "السقوط الأول ليسوع حاملا الصليب" للرسام البلجيكي شارل ووترز القرن الـ 19.
يحتفل الأقباط بأسبوع الآلام كل عام بقراءات دينية تبرز "رحمة الله على البشرية"، وتسلط الضوء على "آلام المسيح"، مع توشح الكنائس بالأغطية السوداء، وتغطية الأيقونات وبعض الجدران والأعمدة أيضاً، تعبيراً عن حالة الحزن وشركة الآلام.
ويقول الأنبا شنودة الثالث في تأملاته: "اختارت الكنيسة لهذا الأسبوع قراءات معينة من العهدين القديم والجديد، كلها مشاعر وأحاسيس مؤثرة للغاية توضح علاقة الله بالبشر. كما اختارت له مجموعة من الألحان العميقة، ومن التأملات والتفاسير الروحية".
وقسم الأقباط، خلال أسبوع الآلام، اليوم إلى خمس سواعي نهارية (أي صلوات في ساعة محددة) وخمس سواعي ليلية. الخمس النهارية تحتوي على صلوات (باكر، ثالثة، سادسة، تاسعة، حادية عشرة)، والخمس الليلية تحتوي على (أولى، ثالثة، سادسة، تاسعة، حادية عشرة)، أما في يوم الجمعة العظيمة فيصلي الأقباط صلاة سادسة وهي صلاة الثانية عشر.
رُتبت صلوات كل ساعة، بحسب دراسة بيشوي فايز، لتشمل النبوات والعظة والتسبحة والمزمور والإنجيل والطرح والطِلبة ولحني "أبؤرو" و"كيرياليسون" والبركة:
  • النبوات، وتُقرأ باللغة القبطية وتُفسر باللغة العربية، وتُقرأ قبل الإنجيل لإبراز نبؤات الأنبياء عن السيد المسيح.
  • العظة، في السواعي النهارية فقط، وتكون لقديسين عظماء عند الأقباط مثل (البابا أثناسيوس الرسولي والأنباء شنودة رئيس المتوحدين...).
  • التسبحة، وهي بالقبطية ثوك تي تي جوم (لك القوة والمجد ..) وتُقال 12 مرة في كل ساعة من سواعي البصخة.
  • المزمور، يرتل بلحن يُطلق عليه الأدريبي، وهي طريقة حزينة تناسب مناسبة الأسبوع.
  • الإنجيل، يُقرأ باللغة القبطية ويُفسر باللغة العربية، ويُلحن بلحن حزين. فضلاً عن الطرح، وهو يتضمن معنى إنجيل تلك الساعة، والحث على العمل بما جاء فيه.
  • الطِلبة، وفيها التماس رحمة الله وبركته للجميع وقبول الصلوات المرفوعة أمامه، وأيضا من أجل سلام العالم وسلام البشرية، وخير كل إنسان.
  • لحن أبؤرو إنتي تي هيريني (يا ملك السلام ..) ولحن كيرياليسون (يا رب ارحم)، بعد نهاية الطِلبة يرتل الأقباط اللحنين بطريقة حزينة.
  • البركة، يتلوها الكاهن ثم الصلاة الربانية ويصرف الجموع بسلام.

ماذا حدث في أسبوع الآلام؟​

يُطلق على كل يوم من أيام أسبوع الآلام كما ذكرنا اسم رمزي مميز لأبرز ما وقع فيه من أحداث: سبت لعازر، أحد الشعانين، إثنين البصخة، ثلاثاء البصخة، أربعاء البصخة (أربعاء أيوب)، خميس العهد، الجمعة العظيمة، سبت النور، وفيما يلي أهم ما وقع من أحداث في هذه الأيام بغية التعريف بها بإيجاز كما دونتها الأناجيل الأربعة.
"سبت لعازر"

لوحة إقامة لعازر من بين الأموات للرسام الفرنسي ليون بونات عام 1857

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "إقامة لعازر من بين الأموات" للرسام الفرنسي ليون بونات عام 1857.
هو السبت الذي يلي جمعة ختام الصوم المقدس، ويسمى أيضا سبت الشعانين كما ورد في كتاب ترتيب البيعة، أي يوم السبت السابق ليوم أحد الشعانين، ويحتفل الأقباط فيه بمعجزة إقامة يسوع المسيح لعازر من بين الأموات بعد أن أنتن في قبره ودُفن أربعة أيام.
تشير مصادر إلى الاعتقاد بأن هذه المعجزة حدثت يوم الجمعة أو قبل ذلك، بيد أن الكنيسة القبطية جعلت تذكارها في يوم السبت السابق لأسبوع الآلام بعلة أن رؤساء كهنة اليهود، بحسب الإنجيل، كانوا قد قرروا قتل المسيح بعد هذه المعجزة مباشرة، لذا ضمها الأقباط إلى أسبوع الآلام.
ورد ذكر معجزة إقامة لعازر من بين الأموات في إنجيل القديس يوحنا 11، لذا حرصت الكنيسة القبطية على ترتيب أربعة تذكارات له في كتاب السنكسار، الكتاب الذي يضم سير القديسين وتواريخ الأعياد والأصوام، مرتبة حسب أيام التقويم القبطي، كما يلي: تذكار موت لعازر (المرة الأولى) في 17 برمهات، تذكار إقامته من بين الأموات في 20 برمهات، وتذكار تشاور اليهود لقتله في 21 برمهات، وتذكار موته في 27 بشنس.
"أحد الشعانين"

لوحة بعنوان دخول يسوع أورشليم يوم أحد الشعانين، مع أعمال هيبوليت فلاندرين عام 1844.

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة بعنوان "دخول يسوع أورشليم يوم أحد الشعانين"، مع أعمال هيبوليت فلاندرين عام 1844.
يعد أحد الشعانين، وهي كلمة عبرية "هوشعنا (أي يا رب خلّص)"، من الأعياد الكبرى لدى الأقباط، ويُحتفل فيه بألحان الفرح قبل الدخول في ألحان البصخة الحزينة الأيام التالية له.
يُطلق على أحد الشعانين تسمية أخرى في مصر حتى الآن وهي "أحد السعف"، وذلك لأن الأقباط منذ القدم وحتى الآن يحملون في هذا اليوم سعف النخيل بمظاهر الفرح مثلما فعلت الجموع قبل ألفي عام عند استقبالهم للمسيح في أورشليم.
يحي هذا اليوم تذكار دخول المسيح أورشليم، واستقبال الجموع له بسعف النخيل، مهللين "أوصنا يا ابن داوود"، وأوصنا كلمة يونانية بمعنى "خلصنا"، فقد كان اليهود، بحسب تفاسير الكتاب المقدس، ينتظرون ملكاً أرضياً يخلصهم من حكم الرومان، واعتقدوا أن المسيح هو هذا الملك، ولكن عندما عرفوا أنه جاء ليبشرهم بملكوت الله لا ليخلصهم من بطش الرومان، صرخوا لاحقاً أمام بيلاطس البنطي، والي مقاطعة اليهودية الروماني، (أصلبه أصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا).

لوحة دخول يسوع إلى القدس (أحد الشعانين)، رسمها فيليكس تافسارت سنة 1896

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "دخول يسوع إلى أورشليم يوم أحد الشعانين"، للرسام فيليكس تافسارت 1896.
ورد ذكر موكب دخول المسيح أورشليم في الأناجيل الأربعة، من بينها ما ذكره إنجيل القديس مرقس: "وكثيرون فرشوا ثيابهم في الطريق. وآخرون قطعوا أغصاناً من الشجر وفرشوها في الطريق. والذين تقدموا، والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين: (أوصنا! مبارك الآتي باسم الرب! مباركة مملكة أبينا داود الآتية باسم الرب! أوصنا في الأعالي)" (مر11: 8-10).
وتعد السائحة الإسبانية "إيجيريا" في القرن الرابع الميلادي أول من وصف موكب الشعانين، وقالت إنه بدأ في أورشليم ثم انتقل إلى الكنائس الشرقية، وتشير دراسة ألبير جمال ميخائيل إلى أن الأقباط اعتادوا قديما وحتى القرن الـ 12 الخروج مساء عيد أحد الشعانين في موكب جليل وهم يحملون الصليب وسعف النخيل ويجوبون أرجاء المدن والقرى، ينشدون التراتيل والألحان وقراءة الكتاب المقدس، وأُبطلت هذه العادة في زمن البابا مرقس الثالث، البابا الـ 73 من بطاركة الإسكندرية.

"إثنين البصخة"

لوحة تطهير الهيكل للرسام الدنماركي كارل بلوخ القرن الـ 19

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "تطهير الهيكل" للرسام الدنماركي كارل بلوخ القرن الـ 19.
يوافق هذا اليوم خروج المسيح مع تلاميذه، بحسب الإنجيل، من بيت عنيا متجها إلى هيكل أورشليم، ووجد في الطريق شجرة تين مورقة، فذهب ليأكل من ثمارها، فلم يجد بها ثمراً فلعنها فذبلت في الحال، ثم ذهب إلى أورشليم ودخل الهيكل وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه، وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام، فحنق عليه رؤساء الكهنة وفكروا في قتله، وبعدما "طهر" الهيكل، خرج من أورشليم مع تلاميذه وذهب إلى بيت عنيا.
وتشير تفاسير العهد الجديد إلى أن شجرة التين هنا ما هي إلا إشارة ترمز إلى الأمة اليهودية العقيمة، أما دخول المسيح للهيكل، فهو من أجل تطهيره من ممارسات رؤساء الكهنة التي تعارضت مع دورهم الديني وانحرفوا عن المسار.
"ثلاثاء البصخة"

لوحة المسيح يعلم تلاميذه والجموع في كنيسة القديس جورج بهولندا

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "المسيح يعلم تلاميذه والجموع" في كنيسة القديس جورج بهولندا.
يوافق هذا اليوم استكمال أحداث اليوم السابق له، وفيه يكشف المسيح، بحسب تتبع الأحداث في الأناجيل الأربعة، الكثير من الأمور والأسرار التي كان التلاميذ يسألون عنها وتاقوا إلى أن يعرفوها.
تخللت أحداث اليوم، بعد مرور المسيح صباحا على شجرة التين (التي لعنها أمس)، قضاء المسيح وقتا ليجاوب على أسئلة التلاميذ، وأيضا الرد على أسئلة الفريسيين والصدوقيين الذي أتوا لـ "يصطادوه بكلمة"، الفريسيون سألوه عن جواز إعطاء الجزية لقيصر، والصدوقيون سألوه عن القيامة المنكرين لها.
"أربعاء البصخة (أربعاء أيوب)"

جدارية خيانة يهوذا الإسخريوطي للمسيح في كاتدرائية سيينا في إيطاليا خلال الفترة 1308-1311.

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،"خيانة يهوذا الإسخريوطي للمسيح" جدارية في كاتدرائية سيينا في إيطاليا خلال الفترة 1308-1311.
يوافق هذا اليوم من الأحداث أن المسيح قضى يومه في بيت عنيا وأخذ يعد تلاميذه لأحداث الأيام القادمة. أما رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ فاجتمعوا في دار رئيس الكهنة قيافا، بغية التشاور للقبض على المسيح وقتله، وكانوا يريدون الإمساك به بعيداً عن أورشليم والهيكل وفي يوم غير أيام العيد حتى لا يهيج الناس عليهم.
وأثناء تشاورهم جاءهم يهوذا الإسخريوطي، أحد التلاميذ الإثنى عشر للمسيح، عارضا عليهم تسليمه مقابل بعض المال، واتفقوا على أن يعطوه ثلاثين من الفضة ثمناً لخيانته.
كان الأقباط في الماضي يقرأون سفر أيوب كاملاً في يوم الأربعاء هذا، على اعتبار آلام أيوب تذكرة بآلام المسيح، بحسب التقليد، كما أنه كان يُقرأ ميمر أيوب، وميمر كلمة سريانية تعني سيرة قديس، في الساعة السادسة من يوم الأربعاء، وهذا هو سبب تسمية أربعاء البصخة بأربعاء أيوب، ويُقال إن الأقباط كانوا يمارسون عادة قديمة في هذا اليوم، إذ كانوا يستحمون بماء يضعون فيه نبات "رعرع أيوب".
"خميس العهد"

جدارية العشاء الأخير من أعمال ليوناردو دافنشي

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،جدارية العشاء الأخير من أعمال ليوناردو دافنشي 1495-1497في دير سانتا ماريا ديلي غرتسي في إيطاليا.
يعد خميس العهد، أو الخميس الكبير، من أهم أيام أسبوع الآلام، وهو اليوم الذي جرى فيه إعداد الفصح وغسل أرجل التلاميذ، وكذلك تأسيس سر الشكر، فضلا عن خيانة يهوذا الإسخريوطي للمسيح وتسليمه لليهود.
تناول المسيح مع تلاميذه في هذا اليوم العشاء، المعروف باسم العشاء الأخير أو العشاء السري، وأسس سر الشكر بعد أن "أخذ خبزا وبارك وكسر وأعطى التلاميذ" وطلب منهم أن يحفظوا هذه الذكرى، كما أخبر المسيح تلميذه بطرس في هذا اليوم أنه (بطرس) مُزمِع أن ينكره ثلاث مرات قبل أن يصيح الديك مرتين، ردا على إعلان ثقته بإيمانه الراسخ، كما شهد هذا اليوم خروج المسيح ليصلي في بستان جثسيماني، كلمة آرامية بمعنى معصرة الزيت وفقا لدائرة المعارف الكتابية، في جبل الزيتون.
تركز صلوات الأقباط، باكر والثالثة والسادسة والتاسعة، على الإعداد للفصح، أما صلاة "اللقان"، وهي كلمة يونانية معناها المَغسَل (إناء الاغتسال)، في هذا اليوم فهي تذكرة بطقس غسل أرجل التلاميذ، والقداس الإلهي هو تأسيس سر الشكر.
وخلال قداس خميس العهد لا تُقال عبارة "قبّلوا بعضكم بعضا"، ولا تُقال أيضا في قداس سبت النور، في رمزية إلى نفور المؤمنين من قُبلة الخيانة التي طبعها يهوذا الإسخريوطي على وجنة المسيح لحظة تسلميه، "وكان مسلّمه قد أعطاهم علامة قائلا: الذي أُقبّله، هو هو. أمسكوه وامضوا به بحرص" (مر 44:14).
"الجمعة العظيمة"

لوحة قبلة يهوذا للرسام الإيطالي غيوتو دي بوندوني القرن الـ 14

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "قبلة يهوذا" للرسام الإيطالي غيوتو دي بوندوني القرن الـ 14.
بعدما أكل المسيح العشاء الأخير مع تلاميذه في أورشليم، وجاء يهوذا يرافق الجنود الرومان ليلا، وقُبض على المسيح، هرب التلاميذ وتركوه، غير أن اثنين منهم، بطرس ويوحنا، تبعا الجمع إلى دار رئيس الكهنة، حنّان، ثم إلى قيافا، وكان صهر حنّان، واجتمع أعضاء المجمع وعقدوا جلسة استثنائية لمحاكمة غير رسمية، وبقي المسيح معهم إلى قرب الفجر أو وقت صياح الديك، وفي أثناء ذلك أنكر بطرس المسيح ثلاث مرات، كما تنبأ عنه وأخبره.
كان المجمع اليهودي الكبير له وحده الحق الشرعي في الحكم على الدعاوى الجنائية التي تستوجب القصاص، بيد أن الحكومة الرومانية كانت قد انتزعت منه ذلك السلطان قبل سنوات، فأوثقوا المسيح وأرسلوه إلى بيلاطس البنطي، الحاكم الروماني والوالي على مقاطعة اليهودية (26-36 ميلاديا)، كما تنص جميع الأناجيل، بغية التصديق على حكمهم بموت المسيح بتهمة التجديف وإفساد الأمة.

لوحة يسوع أمام بيلاطس رسمها الفنان كارل جيجر عام 1876، وتُعرض في كنيسة القديس يوحنا الإنجيلي

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "يسوع المسيح أمام بيلاطس" للرسام كارل غيغر عام 1876، في كنيسة القديس يوحنا الإنجيلي في فيينا.
مَثَل المسيح أمام بيلاطس الذي أعلن أنه بعد فحصه لحالته "لم يجد فيه علة واحدة تستوجب الموت"، وقال إنه سيؤدبه ويطلقه آملاً بذلك أن يكون قد أرضى كهنة اليهود، لكنهم أصروا على "صلبه" وإطلاق سراح باراباس، المعروف بإثارة الشغب وكان مسجوناً بسبب اضطرابات أحدثها مع السلطة الرومانية وارتكابه جريمة قتل بحقهم.
وتخبرنا الأناجيل "فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئا، بل بالحري يحدث شغباً، أخذ ماء وغسل يديه قدام الجمع قائلا: (إني بريء من دم هذا البار، أبصروا أنتم). فأجاب جميع الشعب وقالوا (دمه علينا وعلى أولادنا). حينئذ أطلق لهم باراباس، وأما يسوع فجلده وأسلمه ليُصلب" (مت 27: 24-26).
"سبت النور (سبت الفرح)"

لوحة دفن يسوع المسيح للرسام الإسباني فيدال غونزاليس أرينال عام 1895

صدر الصورة،Getty Images
التعليق على الصورة،لوحة "دفن يسوع المسيح" للرسام الإسباني فيدال غونزاليس أرينال عام 1895.
يُعرف سبت النور أيضاً باسم سبت الفرح، وهي الليلة الواقعة بين الجمعة العظيمة وأحد القيامة، بعد وضع جسد المسيح في القبر. وأُطلق على اليوم اسمه، بحسب الإيمان المسيحي، إشارة إلى "إشراق نور المسيح على الجالسين في الظلمة وظلال الموت"، ويُعرف سبت الفرح أيضا بأنه سبت التسبيح والتمجيد.
ويدور طقس وقراءات سبت الفرح حول فكرة انتقال بني البشر الذين كانوا في حكم الموت إلى الحياة مرة أخرى عن طريق تمسكهم بخالقهم الذي استجاب لهم، لذا تكون الألحان القبطية في هذه الليلة مزيجاً من الحزن والفرح استعداداً لاستقبال "أحد القيامة".
يحتل أسبوع الآلام مكانة خاصة في وجدان الأقباط على اعتباره مناسبة فريدة من نوعها، يعتبرونه أهم وأقدس أسابيع السنة، يقدم صورة بانورامية متكاملة للعبادة والتدين المسيحي، مع الاستيعاب التطبيقي لأحداثه ومعايشة المؤمنين له، ومن الناحية الإيمانية يرونه تجسيداً واضحاً لعقيدة "الفداء" و"خلاص البشر"، لذا يحرص الأقباط على اغتنام هذه الأيام والانغماس في طقوسه الدينية بروحانية عميقة مقارنة بأي طقوس أخرى يمارسونها طوال العام.

رحلة العائلة المقدسة

أعلى