في عالمٍ يقيس القيمة بما نملك ، جاء المسيح ليقلب الموازين .
لم يولد في قصر، ولم يعش في رفاهية، بل اختار طريق الفقر والتجرد . لا لأنه عاجز، بل لأنه أراد أن يعلّمنا معنى الغنى الحقيقي .
الكتاب المقدس يقدّم لنا صورة واضحة: يسوع لم يكن يملك فضة ولا ذهبًا ، حتى ضريبة الهيكل لم تكن معه! ومع ذلك، لم يكن فقيرًا في جوهره . كان غنيًا بالمحبة، بالنعمة ، وبالسلطان الروحي.
التلاميذ أيضًا، تركوا السفن ، والشباك ، والمكاسب، وساروا خلفه .. لأنهم أدركوا أن ما وجدوه أعظم مما تركوه .
يقول الرسول: «افتقر وهو غني لكي نستغني نحن بفقره». هذا ليس حديثًا عن المال ، بل عن تبادل عجيب : هو حمل فقرنا الروحي، ومنحنا غناه السماوي . غنى السلام، وغنى الرجاء ، وغنى الحياة مع الله .
وسط أرضٍ يصفها الكتاب بأنها أرض تعب وعناء ، جاء الملاك ببشارة مختلفة : «ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب».
لم يأتِ المسيح ليضيف عبئًا جديدًا على الإنسان ، بل ليزرع فرحًا عميقًا لا تصنعه الظروف. لذلك يُسمّى إنجيل لوقا بحق "إنجيل الفرح"، لأن النعمة عندما تدخل القلب ، تلد فرحًا حقيقيًا .
ليس كل كتاب ديني يصنع فرحًا، لكن إنجيل المسيح وحده يلمس الجراح ويحوّلها إلى رجاء . هو فرح لا يُلغِي الألم ، لكنه يمنح معنى وسط الألم، ونورًا في أرض يابسة .