" فرحاً مع الفرحين ، وبكاءً مع الباكين " ( رو 12 : 15 )
+ هذه هى روح الكتاب المقدس ، أى المجاملة فى المسرات وفى الأحزان ، كما يقول المثل الشعبى القديم " إن الأفراح إذا وزعت زادت ، والأحزان إذا وزعت هانت " .
+ والإنسان المسيحى إنسان " لطيف " ( غل 5 : 23 ) يجامل الكل فى السراء والضراء ، ولا يفرق بين عدو وحبيب ، أو قريب وغريب ، كما علمه لنا الرب يسوع ، فقد شارك فى عُرس قانا الجليل ، وبكى على قبر لعازر ، ويشاركنا آلامنا وآمالنا .
+ وهناك مُجاملات مُغرضه ، من أجل تحقيق أهداف أنانية ( مادية ) وتتصف بالرياء أو النفاق ، الذى يكرهه الرب ، وقد كشف الرب يسوع مجاملات لرجال الدين اليهود الماكرين ، الذين كانوا بلسانهم يمتدحونه ، وبقلوبهم يكرهونه ، ويريدون أن يصطادوه بكلمة ، لكى يشتكوا عليه بتهم سياسية تُدينه أمام المستعمر الرومانى .
+ وإذا كانت المجاملات مطلوبة ، ولكن لتكن بلا هدف غير سليم ، ولا تتعارض مع مبادئ الإيمان المسيحى ، أو التعاليم الكتابية ، أو أقوال الآباء القدماء ، أو الطقوس الأرثوذكسية الموروثة .
+ ومثال ذلك الشهيد يوحنا المعمدان ، الذى لم يجامل هيرودس الملك الفاسق ، بل وبخه على فساده ( مت 14 : 4 ) رغم جبروته وقسوته .
+ ولم يُجامل الرسل القديسون بنى إسرائيل ، كما تمثل فى كلمات القديس بطرس لهم يوم الخمسين ، فنخس الروح القدس قلوبهم وآمنوا واعتمدوا ( أع 2 : 1 – 42 ) .
+ ولم يهب الرسل رؤساء الكهنة والقوات العسكرية المساندة لهم ، بل أعلنوا بشجاعة أنه : " ينبغى أن يُطاع الله أكثر من الناس " ( أع 5 : 9 ) ، ومع أنهم جلدوهم وأمروهم أن لا يتكلموا بأسم المسيح ، لكنهم استمروا فى جهادهم وكرازتهم حتى نالوا أكاليل شهاداتهم .
+ وقد تصدى القديس بولس لزميله القديس بطرس بشدة ، لأنه كان يُجامل المؤمنين من اليهود ، ويوافقهم على محاولاتهم إدخال طقوس ناموسية قديمة فى العبادة الجديدة ( راجع غلاطية 2 : 11 – 21 ) على حساب الإيمان السليم ، وهو درس لمن يُجامل أو يتساهل مع آراء أصحاب الطوائف المُحدثة والمنحرفة .
+ ولم يُجامل الشاب الشماس " اسطفانوس " كبار رجال الدين اليهود ، رغم تهديدهم، بل برهن لهم من كتبهم صحة الإيمان المسيحى، ووبخهم على قساوة قلوبهم، ولم يخف من رجمهم له بالحجارة ، بل صلى من أجلهم ، طالباً لهم الرحمة ، خلال رجمه ( أع 7 : 60 ) !! .
+ ولم يُجامل الرسول بولس رؤساء اليهود ، ولا قادة الرومان ، بل أعلن لهم كيف آمن ، ودعاهم للسلوك مثلة ، ودون خوف من عقابهم ، أو استجداء لمميزات دينية أو أدبية ، أو إغراءات مادية .
+ لذلك لا يجب أن يُجامل المسيحى على حساب الإيمان ، طمعاً فى نوال رضا أهل العالم ، وبالتالى رفض إنكار الفادى ، مهما عانى فى سبيله ( راجع رو 8 : 35 – 39 ) ، ( 2 كو 6 : 4 – 10 ) .
+ والشهادة للرب يسوع فى كل موضع ، فينال المؤمن الإكليل السعيد ( رؤ 2 : 10 ) ، ولا يشهد المؤمن زوراً أبداً مهما كانت النتيجة .
+ ويجب أن يتحدث الإنسان ، بدون لف ولا دوران ( مت 5 : 37 ) ، ( 2 كو 1 : 17 ) ، ( يع 5 : 12 ) بهدف الهرب من إنكار الإيمان المسيحى ، بل الكلام والشهادة بصراحة ووضوح ، حول العقيدة والهدف الحقيقى من تجسد الله الكلمة ، دون مجاملة لأهل العالم ، لأنه ينبغى أن يُطاع الله أكثر من الناس ( أع 5 : 21 ) .