يَارَبُّ، نَجِّنِي!

«وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلاً: يَارَبُّ، نَجِّنِي!» ( مت 14: 30 )
table_aya_bottom.gif
صلاة بطرس هذه تجمع بين النقيضين: بين الخوف والإيمان. فلو لم يكن لديه إيمان لما طلب من الرب الإنقاذ، ولو لم يكن لديه خوف لما كان هناك لزوم للصراخ. وكثيرًا ما اجتمع هذان النقيضان في حياتنا. قال داود: «فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ» ( مز 56: 3 ). وبالنسبة لنا ليتنا نتعلَّم أنه إذا فشل الإيمان في أن يثق، فليس أقل من أن تكون لنا صرخة الإيمان. والرب دائمًا قريب منا، وهو مستعد أن ينجد ويسند.

«فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ» (ع 31)؛ وهكذا فإن بطرس كان أقرب إلى الرب عندما بدأ يغرق، عنه عندما كان سائرًا فوق المياه. ولقد اختبر بطرس هنا ما اختبره آساف قديمًا عندما قال: «أَمَّا أَنَا فَكَادَتْ تَزِلُّ قَدَمَايَ. لَوْلاَ قَلِيلٌ لَزَلِقَتْ خَطَوَاتِي». ثم أردف قائلاً: «أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى» ( مز 73: 2 ، 23). وهكذا مع بطرس هنا. لقد أمسك الرب يده “فِي الْحَالِ”، لأنه لو تأخر دقيقة واحدة لأمسى هلاك بطرس محتمًا، وهذا هو المستحيل بعينه. ولقد قال الرسول بطرس بعد ذلك عن اختبار: «لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ» ( 1بط 3: 12 ).

لذلك ما أسعدنا بهذا الإله العظيم! من فينا يخشى أن يتبع سَيِّدًا رائعًا كهذا؟ فنحن لو سقطنا يُقيمنا، ولو غرقنا ينتشلنا، ولو ضللنا يرد نفوسنا. ومحبته لن تتخلى عن قديسيه مُطْلَقًا «إِذْ قُلْتُ: قَدْ زَلَّتْ قَدَمِي، فَرَحْمَتُكَ يَا رَبُّ تَعْضُدُنِي» ( مز 94: 18 ). «لأَنَّهُ قَالَ: لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ، حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ: الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ» ( عب 13: 5 ).

ونلاحظ أن بطرس في صرخته لم يستخدم عبارات طويلة، بل كلمات بسيطة، لكنها نابعة من الأعماق: «يَارَبُّ، نَجِّنِي!»، وهي تُعْتَبَر أقصر صلاة في الكتاب المقدس، ونالت استجابة فورية. فالصلاة ليست بطولها تُقاس، بل بعمقها!
 
أعلى