"يسوع هديّة ومسؤولية"

christ my lord

منقوش على كفية
عضو نشيط
إنضم
13 ديسمبر 2006
المشاركات
3,117
مستوى التفاعل
13
النقاط
0
لقد اقتربنا من عيد الميلاد، وبهذا القرب، قربت الاهتمامات، الشجرة، المغارة، الزينة الخ... وبالآخر نخنق الطفل. مثل قصة الذين فرحوا بولادة ابن لهم فعملوا له احتفال وبدأ المدعوّين الكثر بالحضور، وعندما لم يعد هناك متسع للمعاطف في الصالة بدأوا بوضع معاطفهم على السرير وذلك فوق الطفل، فانتهى الاحتفال واختنق الطفل... احتفال بالمولود يصبح احتفالاً يحتفل كل واحد بنفسه يضيع المولود.
ونحن في كثير من الأوقات، عيد الميلاد عندنا هكذا. في أعياد الميلاد، نصلب يسوع ولا ننتظر الجمعة العظيمة.
يفصلنا عن عيد الميلاد أحدين. الأحد المقبل البيان ليوسف، ثم أحد النسبة وبعدها عيد الميلاد الذي يصادف هذا العام يوم أحد.
سنطرح موضوع "يسوع هدية ومسؤولية" من خلال هذه الأناجيل الثلاثة. بيان يوسف، النسبة وميلاد يسوع.
إذا قرأنا بحسب متى، نلاحظ أن الليتورجيا قلبت النصوص. فالنسبة تأتي في الإنجيل قبل البيان ليوسف الذي مرّ قبلها في الليتورجيا. ولكن متى والكنيسة لم يعملوا هذا عن جهل، فكل شيء له منطقه. نقرأ أو نتأمل أولاً في ترتيب متى، النسبة ثم بيان يوسف:

"كتاب ميلاد يسوع المسيح: ابْراهيم وَلَدَ اسْحق واسْحق وَلَدَ يَعْقوب ويَعقوب ولَدَ يَهوذا واخوَتَه ويَهوذا ولَدَ فارَص وزارَح مِن تامار وفارَص ولَدَ حَصْرون وحَصْرون ولَدَ أَرام وأَرام ولَدَ عَمِّيناداب وعَمِّيناداب ولَدَ نَحْشون ونَحْشون ولَدَ سَلْمون وسَلْمون ولَدَ بُوعَز مِن راحاب وبوعَز ولَدَ عوبيد مِن راعوت وعُوبيد ولَدَ يَسَّى ويَسَّى ولَدَ المَلِكَ داود وداود ولَدَ سُليمان منِ أَرمَلةِ أُورِيَّا وسُليمان وَلَدَ رَحَبْعام ورَحَبْعام ولَدَ أَبِيَّا وأَبِيَّا ولَدَ آسا وآسا ولَدَ يوشافاط ويوشافاط ولَدَ يورام ويورام وَلَدَ عوزِيَّا وعوزِيَّا ولَدَ يوتام ويوتام ولَدَ آحاز وآحاز ولَدَ حِزْقِيَّا وحِزْقِيَّا ولَدَ مَنَسَّى ومَنَسَّى ولَدَ آمون وآمون ولَدَ يوشِيَّا ويوشِيَّا ولَدَ يَكُنْيا واخوَتَه عِندَ الجَلاءِ إلى بابِل وبَعدَ الجلاءِ إلى بابِل، يَكُنْيا ولَدَ شأَلْتَئيل وشَأَلْتَئيل ولَدَ زَرُبَّابَل وزَرُبَّابَل ولَدَ أبيهود وأبيهود ولَدَ أَلْياقيم وأَلْياقيم وَلَدَ عازور وعازور ولَدَ صادوق وصادوق ولَدَ آخيم وآخيم ولَدَ أَليهود وأَليهود ولَدَ أَلِعازَر وأَلِعازَر وَلَدَ مَتَّان ومَتَّان وَلَدَ يَعقوب ويَعْقوب ولَدَ يوسُف زَوجَ مَريمَ الَّتي وُلِدَ مِنها يسوع وهو الَّذي يُقالُ له المسيح.
نلاحظ في هذا الإنجيل ذكر اربع نسوة: تامار، راحاب، راعوت وبتشابع (امرأة أوريا). اربع نسوة مذكورة في سلالة يسوع إذا استثنينا مريم. ثم يقول "يوسف رجل مريم".!! وفي تلك الأيام لم يكن طبيعيّاً أن يعرّفوا الرجل بامرأته: رجل مريم!! وفي تلك الأيام "زوجها تاج رأسها". ومَن هوَ: هو يوسف ابن داود. ومَن هي مريم: هي بنت الناصرة، "التي لا يخرج منها شيءٌ جيّد". ومع هذا يعرّفون أن ابن داود على أنّه رجل بنت الناصرة. هذا مهمّ جداً فلنرى إلى أينَ سنصل.
واكثر من هذا: "ابراهيم ولد اسحق... ويعقوب ولدَ يوسف رجل مريم التي وُلِد منها يسوع الذي يُقال له المسيح". والصدمة الثانية أن يوسف لا علاقة له ايضاً بالمسيح. متى يسرد نسب يوسف لا نسب مريم ثم يصل إلى أن لا علاقة له.
ملاحظة، ذكر النساء في هذا الإنجيل، يعنى أن يسوع هو ابن الأمم ايضاً وليس فقط ابن اليهود لأن تلك النساء كنّ غريبات عن اليهود، وليس أبداً لأنهن خاطئات، فراعوت لم تكن ابداً خاطئة بل هي فاضلة...
إذاً، كيف يسوع هو ابنُ داود وابراهيم وليس هوَ ابنُ يوسف.
نقف هنا وللنتقل إلى النص الثاني: البيان ليوسف.
مريم حامل، ويوسف رجل بار، أي يطبّق الشريعة. وما تقول الشريعة: رجم. ويوسف يقع بحيرة وهذا يعني أنّه لا يشكّ بالزنى، وإلاّ لكان رجمها. وعند يوسف مشكلة أخرى... لم يعد يعرف كيف يكونُ باراً. لا يجرؤ أن يرجمها لأنّه لم يصدّق أنّها زانية ولا يجرؤ على طلاقها حسب الشريعة، لأن الشريعة تقول إذا طلّقها، يعطيها كتاب طلاق، وهنا سيُسأل عن الصبي، او يكذب ويقول انّه ابنه أو يقول زانية وعليه بالتالي أن يرجمها.
هذا الإنسان وُضعَ في وضع محرج، تجرّدَ من كلّ إمكاناته، ليس المرجع وليس الوالد، لم يعد يعرف كيف يكون بارًا، فهمَّ بتركها سرّاً. فأتى الملاك وقال له: "يا يوسُفَ بنَ داود، لا تَخَفْ أَن تأخذَ مريم امرأَتَكَ فالمولودُ فيها إنّما هوَ مِنَ الرُّوحِ القُدُس. وسوفَ تَلِدُ ابناً فسَمِّهِ يسوع". لمّا قال له سمّه، أي أنا أعطيكَ دور الأب.
لاحظوا كيف صار يسوع هديّة.
يسوع صار هديّة للإنسانية لأنه في العمق ليس ابن مريم ولا يوسف، هذا بالشكل الطبيعي، الله أعطاه لمريم، ليس لمريم أي دوربوجود يسوع في أحشائها كما أنه ليس أي دور ليوسف لتحملّ مسؤولية الأبوّة. الله كلّفه بهذه المهمة.
أي يسوع هوَ هديّة لمريم ويوسف، واكثر من هذا، هو هديّة للبشرية.
يسوع، أتى عطيّة من الله وليس من قوّة السلالة، أتى عطيّة من الله وفي نفس الوقت عطيّة تحقّق الوعود. الله كلّف يوسف بتحملّ مسؤوليّة الأبوة كما كلّف مريم بمسؤولية الأمومة. وهذه الهديّة بالذات جعلت كل حياة هذين الشخصين، يوسف ومريم، مربوطة بهذا الولد. هربوا إلى مصر، عادوا الى الناصرة بدل ان يذهبوا الى بيت لحم وهكذا... هذا الولد ليس اية هدية للتسلية.
هذه الهديّة اسمه يسوع.
فلنرى من هوَ هذا الطفل الذي اسمه يسوع:
هوَ كلمة الله: أي هو الكشف الحقيقي لحقيقة الله. الله الذي نتمنّاه هو غير الله الذي كشفه لنا يسوع. الله الذي اتمنّاه هو الله القدير الجالس فوق ويرى كلّ شيء ويعرف كل شيء وبيده كلّ شيء، وهكذا يقدر أن يحميني بعصاته التي تطال الأرض. هذا هو الله الذي أتمنّاه. وأتمنّى أيضاً الله الذي يمهّد لي الطريق لأؤمّن مصالحي، بعبّد لي الطريق.
الله الذي أتمنّاه أريده محارب "خلّصنا من أعدائنا ومن جميع مبغضينا". هذا ما قاله زكريا في نشيده. الله أتمنّاه على صورتي، يحقد على الذين احقد عليهم، يقتل مَن اريد قتلهم عليهم، ويخرب بيت من أريد أن تُخرَب بيوتهم...
طبيعيّاً هذا هوَ الإله الذي اتمَنّاه وهذه الصورة في بعض الأماكن عن الله في العهد القديم. فأتى يسوع ليقول لي. الله الذي مثل قيصر ليس موجوداً، لا تفتش على إله مثل قيصر، اي تبرطله لتحصل على مراكَز، تبرطله بقليل من الصلوات... توزع صورة عشر مرات ولا تعود تُحرَق ولا تغرَق...
يسوع اتي يقول لك، هذا الإله لا وجود له، الله الموجود هو الله على شاكلة طفل بالمزود، اي الله الذي قبل ليس فقط ان يكون مسؤولا عنّك، بل ان يصيّرك انت مسؤولا عنه، الله الذي قبل أن تضعه على ظهر حمار وتهرب به على مصر. هذا الإله الذي أنتَ تنتظر منه أن يعمل معركة من أجلك أتى يقول لك، انت مسؤول عنّي، هذه الهدية من الله.
واليوم وأنتَ مسؤول عن القربان الذي تتناوله. احياناً كثيرة أفرح بالنعمة ولكن هل أقدّر على ما قد حصلت ومَن أحمل. تصوَّر إنّكَ تحمل يسوع وتسير في الطريق وتعمل وتعيش على هواك. ما صورة الناس عنّك، أي صورة، معقول انتَ حامل يسوع؟
إذاً يسوع كلمة الله الهديّة، هوَ يسوع كلمة الله الدعوة. الدعوة لتعود انتَ وتصير على صورة الله، وتتحرّر من الله الذي خلقته على صورتكَ.
تتحرر من الله الذي خلقته على صورتك لتدخل بعبادة الله الذي خلقك على صورته، وصورته تعرفها بيسوع المسيح.
الله الذي خلقته على صورتك، في النهاية مشكلة، لكن أذا انتَ اسمك فلان وتطلب منه ان يضرب فلان آخر، وهو مثلك يضرب وساعدها الفلان الآخر ممكن ان يطلب نفس طلبك.
الله الذي عرّفكَ عليه يسوع المسيح ليس هكذا.
هو يقول لكَ أعرف أنّكَ ستضربني لكنّي سأموت لأجلكَ، انقلبت كلّ القصّة.
وكلّ همّه ليجعلك تعمل مثله. انتبهوا أعطانا الله ابنه هديّة، وهذه الهديّة اوسع بكثير ممّا نتصور، هذه الهدية لها وجه ثاني. أعطانا هديّة ابنه وأعطانا بهذا الإبن، هديّة أننا نصير أبناؤه. وعندما تكون ابن تكون شريك في المسؤولية.
انت لا تحمل ايّة مسؤولية، أنتَ حامل نفس المسؤولية التي يحملها الإبن الوحيد يسوع المسيح. حمّلكَ يسوع المسيح الهديّة لما جعلك ابن الله، حملّك مسؤولية الإبن.
انتَ اليوم حامل المسؤولية ذاتها التي يحملها يسوع المسيح.
مع التأكيد أنّ يسوع يعرف أنّكَ خاطئ، وليست هذه مشكلته معك، مشكلته معك أن لا تقبل ان تكون ابن وتترك بيت الآب، لكن يبقى دائماً عنده امل انكّ ستعود، لكن المشكلة إذا أنت قرّرت ألا تعود مثل الإبن الكبير هناك المشكلة، وهذا هو التجديف على الروح القدس بأن ترفض أنتَ البنوّة لأن روح الله هو الذي يصرخ فيك: "أبّا، أيها الآب".
إذاً، انتَ حامل مسؤولية الإبن، بمعنييَن: أنتَ تحمل مسؤولية يسوع في العالم، انتَ مسؤول عنهُ لئلا يجدّف على اسمه بسببكَ. وفي نفس الوقت مسؤول مسؤولية الإبن أي كونك إبن أي مسؤول معه.
لاحظوا كم أن ابن الله يعظّم الإنسان بعمليّة التجسّد.
وهنا نصل إلى الشيء الأصعب: أنتبهوا:
سمعتم بالثالوث الأقدس، سرّ الثالوث الأقدس:
أنا إنسان وفلان إنسان آخر. هو إنسان آخر.
الآب إله! الإبن؟ إله آخر؟ انتبهوا!! مشكلة ماذا نقول؟؟؟ الفرق، انا إنسان وانتَ إنسان آخر. لما اتكلّم عن الثالوث اقول شيئاً آخر. الآب إله والإبن آخر في الألوهة.
لنوَضّح:
الآب إله، الابن إله، الروح إله.
آب، ابن وروح قدس إله واحد. لا اقدر أن أقول إله وإله آخر. لأنه إله واحد.
ومن ناحية أخرى الآب هوَ الإبن؟ الإبن هوَ آخر من حيث الألوهة!
الفكرة هي: هو إله مثل الآب وبنفس صورة الآب لكن هو آخر في البنوة لأنه ابن هوَ آخر.
أخبركم هذا لاقول لكم أين مسؤوليتنا. أن نحوّل هذه الأخرويّة بيننا، من آخر في الاختلاف والتشرذم الى آخر في التنوّع والوحدة. لمّا ابن الله الذي هوَ آخر في اللاهوت، وليس إله آخر، نزل على عالم الإنسان أتي لكي كل واحد منّا، الذي هو إنسان آخر عن غيره الإنسان، ابن الله لما صار إنسان اتي يقول سأجمع اولاد الله المشتتين إلى واحد، ليصير الآخر في الإنسانية شبيه الآخر في الثالوث. سنمشي في هذه الطريق. وفي الزواج المسيحي، المرأة والرجل كل منهما يبقى آخر ويصيران واحداً في المسيح. اتى المسيح يسحق بابل ويحيي عنصرة الروح، كل واحد يقى آخر لكن ولكن يصيروا كلهم يفهمون على بعضهم..
يسوع الذي وُلِدَ في بيت لحم أتى بالرعاة الذين هم في قعر السلم الاجتماعى والمجوس الذين هم الملوك. عمق الفرق وقمة الفرق ووحّدهم.
وحّدَ بينهم هوَ الذي يوحّد بين العمق والعلو. أي يوحّد كلّ شيء.
إذاً، انتَ صرتَ إنسان مسؤول، وفي كل مرّة تعيش حقدك ورغبتك في الانتقام أو الغاء الآخر تصير ضدّ الوحدة. انت مسؤول عن هذه الوحدة في الجنس البشري.
وبالتالي، انتَ مسؤول عن السلام لأنّكَ مسؤول عن وحدة الإنسان.
هذا دورك مع الابن الذي جاء ليجمع اولاد الله المشتتين إلى واحد.
وهذه الجملة قيلت في الإنجيل، قالها يوحنا بعد قيامة لعازر وربطها بالمؤامرة على يسوع.
تآمروا عليه ليقتلوه، فقال رئيس الكهنة خير ان يموت واحد عن الأمّة، وقال يوحنّا، ليس فقط يموت عن الشعب بل ليجمع اولاد الله المشتّنين، ربطها بالمؤامرة على يسوع، أي على الإله الذي يفكر بشكل آخر، الإله الذي يحرّرنا من الإله الذي خلقناه ويناسب مزاجنا.
يا ليتنا اليوخم نأخذ مقصدا، ونقول للربّ:
"يا رب حررلي مزاجي وليصير بحسب روحك، لكَ المجد إلى الأبد آمين."
 
أعلى