يسوع طفلاً

فراشة مسيحية

ميكو قلب ماما
مشرف سابق
إنضم
22 نوفمبر 2006
المشاركات
25,378
مستوى التفاعل
156
النقاط
63
الإقامة
قلب إلهي يسوع المسيح
يسوع طفلاً
... وعاش يسوع كطفل. طفلاً بكل معنى الكلمة.
عرف ضعف الطفولة ونما كطفل. وعيُه لنفسه وللعالم من حوله كان كوعي الطفل.
اعتمد على الناس من حوله، خصوصاً على أمّه ويوسف.
كان بحاجة إلى عناية وإلى حماية. طبعاً النعمة الإلهية فعلت فيه. لم يكن هناك وقت كان يسوع فيه بمنأى عنها.
ومع ذلك كان للناس من حول يسوع طفلاً دورٌ كامل في الاهتمام به.
في الخروج إلى مصر ظهر الملاك ليوسف في الحلم. يسوع كان محفوظاً بالنعمة. لكن ملاك الربّ قال ليوسف:
"قم وخذ الصبي وأمّه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك...".
لاحظوا لفظة "اهرب"! النعمة الإلهية تعين لكنّها لا تعفي مَن حول يسوع من دورهم تجاهه.
يسوع كطفل مسلَّمٌ للضعف ومتّكئٌ على البشر ولو في إطار عمل النعمة.
استطراداً نتكلّم على اعتماد يسوع طفلاً على مريم أمّه لتغذيته، لتدفئته، للعناية به...
كل ما للطفل عاناه يسوع وخبره.
كل واقع الطبيعة البشرية وحاجاتها عرفه.
طبعاً علينا أن ندرك أمراً أساسياً أن طبيعة يسوع البشريّة كانت مختلفة في أمر أساسي واحد عن طبيعة بقية الأطفال.
طبيعة الأطفال معطوبة في أساسها بما نجم عن خطيئة آدم وحوّاء، فيما طبيعة يسوع فردوسية نقيّة.
بذرة الخطيئة ليست فيها، فيما بذرة الخطيئة في طبيعة الأطفال. الأطفال تنمو فيهم الخطيئة، أنانيتهم، أهواؤهم بعامة، فيما يسوع طفلاً لم ينمُ في هذا المسار.
لم ينمُ أنانياً ولا غيوراً ولا غضوباً. يسوع كان حرّاً من أهواء الخطيئة.
نما في وعيه لأناه لكنّه لم ينمُ في أنانيته.
نحن لا نتكلّم على الأهواء لدى الكبار وحدهم. الأهواء تبدأ مع الصغار.
تبدأ طفيلية ثمّ تنمو وتكبر.
يسوع كان ينمو في القامة الداخلية ولكن هذا ترافق ونموه في النعمة، فيما الأطفال ينمون في الأهواء ويترافق ذلك ونموّهم في الخطيئة أي في هذا الخلل المزروع فيهم من أول تفتّحهم على الحياة. "بالخطيئة ولدتني أمّي".
هل يعني ذلك أنّ يسوع لم تكن له أهواء؟ بالطبع كانت له أهواء، لكن أهواءه كانت نقيّة قويمة. هذه من الطبيعة.
أما أهواء الأطفال فأهواء انبثّ فيها أثر خطيئة آدم وحوّاء فأضحت أهواء ذات اتجاه خطيئي، تنمو وتتفتّح إلى خطيئة.
هذا صار اتجاهها الداخلي كمثل الجينات الملعوب بها اليوم تنمو في اتجاه ما انبثّ فيها، في اتجاه ما تبرمجت عليه.
إذاً يسوع خَبِر الضعف دون الهوى إلى الخطيئة.
وهو خَبِر الضعف لا عن ضرورة لأنّه كان في ملء النعمة طالما طبيعته البشريّة فردوسية، بل خَبِر الضعف عن تنازل.
لأنّه أحبّ أن يشترك فيما للأطفال التماساً للتوحّد بهم عرف ما للأطفال إلاّ ما يمتّ بصلة إلى بذور الخطيئة لأنّ الخطيئة بُعادٌ عن الله، وما أمكن يسوع أن يكون من دون الله فيه.
يسوع، بذلك، كان طفلاً ذا نقاوة طبيعية لم يكن بقية الأطفال عليها. هم كانوا، دونه، أقلّ من أطفال لأنّهم ذاقوا معطوبيةً كان هو حرّاً منها. هو الطفل آدم الجديد بمعنى الكلمة أو قل آدم قبل السقوط بلا شائبة.
إذاً كان طفلاً طبيعياً بكل معنى الكلمة ولم يكونوا بسبب ميلهم التلقائي إلى الخطيئة.
طبعاً عندما نتحدّث عن يسوع طفلاً لا يغيب عن ذهننا، إطلاقاً، أنّه الإله.
هو أفرغ نفسه من الألوهة بمعنى أنّ ألوهته توارت تدبيراً.
كانت حاضرة ولكن بصورة خفيّة.
النعمة الإلهية كانت أبداً فيه. طفولته كانت في إطار النعمة.
الطفولة تفتّحت فيه تفتّحاً طبيعياً بلا شائبة ولكن في إطار النعمة. لا بل النعمة أعانته على أن ينمو ويسلك في طفولة إنسانية كاملة.
لأنّ هذا هو أفق طبيعة يسوع كطفل، لا نتكلّم على الطفولة فيه إلاّ في إطار النعمة ولا على النعمة فيه إلاّ في إطار الطفولة.
نحن لا نعرف يسوع إنساناً وحسب ولا إلهاً وحسب. لا نتكلّم على هذا إلاّ في مناخ ذاك. لا كلام على يسوع الإله إلاّ إنساناً ولا كلام على يسوع الإنسان إلاّ إلهاً.
هذا يحملنا على التحفّظ في الاسترسال في الكلام سواء على ألوهية يسوع على حدة أو على إنسانيته.
متى عرضنا لألوهية يسوع يكون ذلك على خلفية إنسانيته لئلا نوجد انفصاميّين في وجداننا، أي لئلا نقطع ونفصل ما بين ألوهية يسوع وبشريته.
كذلك متى عرضنا لإنسانية يسوع يكون ذلك على خلفية لاهوته لئلا نوجد وكأننا نتعاطى يسوع كإنسان بحت.
لذا لا نبالغ في تفاصيل الكلام على إنسانية يسوع لئلا نقع في الابتذال ولئلا نعطي الانطباع أنّنا بإزاء مجرّد إنسان.
نحن بإزاء إله إنسان أو إله متجسّد في كل حال وفي كل كلام.
وما نتفوّه به علينا أن نحرص على أن يُبقينا في سرّ الألوهة والعَجَب إن تكلّمنا على بشريته وأن يبقينا في حقيقية الإنسان وطبيعة البشر إن تكلّمنا على لاهوته.
من هنا أنّ كل تشديد على آلام يسوع أو ضعفاته طفلاً، فوق الحدّ، يذهب بالإحساس بسرّ لاهوته.
لذا لم تدخل الكنيسة كثيراً في تفاصيل طفولة يسوع أو حتى إنسانيته بعامة لئلا تعطي انطباعاً يغلّب إنسانية يسوع على لاهوته أو لاهوته على إنسانيته.
هذا ما حدانا إلى عدم التوسّع في الكلام على يسوع الطفل،
لتبقى صورة الإله الإنسان في الوجدان غير منثلمة. الكلام، أيضاً، إيقونة. نستعير منه لمحات والتماعات لنوحي.
الإيحاء أدنى إلى السرّ من التصريح الصارخ بشأن تفاصيل ناسوته ولاهوته صوناً لعقيدة الإله المتجسّد.
أما بعد فطفولة يسوع كانت كاملة، بمعنى أنّه خَبِرها بتفاصيلها البشريّة بصورة كلية، وكاملة بمعنى أنّه عرفها على أكمل وجه إذ كان فيها طفلاً على أمثل ما يكون الطفل في عين الله.
ليس آدم القديم مَن كان إنساناً، على نقاوة إنسانية، بمعنى الكلمة، بل آدم الجديد.
اليوم نلقى يسوع طفلاً ككل طفل، ولكن أكثر من كل طفل في طبيعته، لأنّه على طهارة كاملة في طفولته.

الأرشمندريت توما (بيطار)
رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
413
النقاط
0
الإقامة
ALEX
موضوع جميل جدا يا فراشه

ميرررررسى على الموضوع

ربنا يبارك حياتك
 

الامير الحزين

دموع قلب حزين
عضو مبارك
إنضم
12 مارس 2008
المشاركات
1,365
مستوى التفاعل
9
النقاط
0
شكرا على الموضوع الجميل الرائع
ومنتظرين الجديد وكل يوم فى مزيد
ربنا يبارك حياتك
 
أعلى