++(هل يتناقض الكتاب المقدس مع العلم)++
++++++++
++++++++
الكتاب المقدس هو كلام الله، وهو موضع ثقة فى كل ما يقوله عن الله والإنسان والخليقة والتاريخ والعلم. ومع أنه ليس كتاباً متخصصاً فى العلوم، فالعلم ليس موضوعه الأساسى ولا يحتوى على كل الحقائق والقوانين العلمية التى تتحكم فى العالم المادى إلا أنه دقيق وصحيح عندما يتناول الأمور العلمية، وليس هذا بالأمر المستغرب لأن الذى أوحى بالكتاب المقدس هو نفسه الذى أوجد القوانين العلمية التى تسيطر على عالمنا ولهذا فإنه لا يصح أن ننظر إلى العلم كخصم أو منافس لله. وضعت إحدى جمعيات العلمية الملحدة الفرنسية فى بداية النصف الثانى للقرن التاسع عشر ما سمته قائمة بأخطاء علمية فى الكتاب المقدس، وصلت بنودها إلى خمسة وتسعين بنداً. ومع تقدم العلوم والاكتشافات المختلفة تبخرت هذه البنود بنداً بنداً. ونشكر الله على أن العلوم تطورت ولحقت بركب الكتاب المقدس لتعيد للإنسان الذى ابتعد عن الله ثقته فيه وفى وحيه. ولقد كانت صحة الكتاب المقدس علمياً عاملاً هاماً من عوامل جذب جمهرة كبيرة من العلماء إلى الإيمان. لطالما أحتار علماء وسخر آخرون من قول الكتاب المقدس على لسان بطرس الصياد بأنه سيأتي " يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة و تحترق الأرض والمصنوعات التي فيها " (2بطرس 10:3). فقد اعتقدوا أنه لا يمكن أن نتحل العناصر لأن أصغر جزء فى المادة وهو الذرة، غير قابل للانقسام. فجاء القرن العشرون بقنابله الذرية، والهيدروجينية، ليضع مفهوماً علمياً جديداً ويثبت للعلماء على أنه على الرغم من تقدمهم العلمى، فإنهم لا يزالون كأطفال يلهون بأمواج صغيرة من محيط العلم الواسع. لقد قدم الكتاب المقدس معلومات وحقائق عن الأرض مناقضة لكل النظريات السابقة والمعاصرة واللاحقة لها، تقول كلمة الله " يعلق الأرض على لا شئ" (أيوب7:26). وهذا يوحى أيضاً بقوة جاذبية حفظ الأرض فى مكانها أو مدارها. ولهذا التعليم قوة خاصة، لأنه جاء فى فترة أعتقد فيها الناس أن الأرض محمولة على قرن ثور، أو على كتف شخص جبار، أو ما شابه. كما تحدث عن شكل الأرض فقال فى إشعياء22:40 "الجالس على كرة الأرض" لقد كان هذا عليماً ثورياً عن شكل الأرض فى الوقت الذى سادت فيه الأفكار عن شكلها المنبسط المسطح كالبساط وليس غريباً أن نجد أن أسم الأرض فى اللغة العربية هو -البسيطة- لقد أعتقد الناس أنهم سيسقطون فى الفضاء إذا وصلوا إلى حافة الأرض. أكتشف العلم مؤخراً أن للهواء وزناً ولم يفطن العلماء إلى أن الكتاب المقدس سبق أن أخبر بذلك قبل آلاف السنين حيث " ليجعل للريح وزناً ويعاير المياه بمقياس" (أيوب 28 : 25). وينطق الأمر على حركة الرياح التى لم نعرف إلا حديثاً فقد تحدث عنها سليمان بالروح القدس فقال " الريح تذهب إلى الجنوب وتدور إلى الشمال تذهب دائرة دوراناً وإلى مداراتها ترجع الريح" (جامعة6:1). وللمياه أيضاً دورتها " كل الأنهار تجري إلى البحر و البحر ليس بملآن إلى المكان الذي جرت منه الأنهار إلى هناك تذهب راجعة". (جامعة7:1). ويتحدث الكتاب المقدس أيضاً عن الجاذبية التى تربط المجموعات النجمية، " هل تربط أنت عقد - مفصل، محور- الثريا أو تفك ربط الجبار -الجوزاء- ؟ (أيوب31:38). ثم يتحدث عن حركة الكواكب فيقول "أتخرج المنازل فى أوقاتها وتهدى النعش مع بناته" (أيوب32:38). ويتحدث عن حركة الشمس مع المجموعات الشمسية "جعل للشمس مسكنا فيها وهي مثل العروس الخارج من حجلته يبتهج مثل الجبار للسباق في الطريق من أقصى السماوات خروجها ومدارها إلى أقاصيها ولا شيء يختفي من حرها" (مزمور4:19-6). إننا نعرف الآن - والفضل يعود في ذلك إلى جاليلو وتلسكوبه - أن عدد النجوم كبير لا يُحصى فعندما وجه تلسكوبه إلى السماء هاله العدد الهائل للنجوم وما زال العلم يكتشف كل يوم، ليس نجوماً جديدة فحسب بل مجرات كاملة جديدة يحتوى كل منها على ملايين وحتى بلايين النجوم. ولكن علينا أن ندرك أن علماء القرون الوسطى وما قبلها كان لهم تصور مختلف تماماً. فكانوا يعتقدون أن عدد النجوم يبلغ 1080 وعندما كان يحتج بعض العلماء على هذا الرقم السخيف كانوا يقولون أن الرقم الصحيح هو 1084 أى بفارق 4 نجوم! أما الكتاب المقدس فقد سبق العلم والعلماء كما " أن جند السماوات (النجوم) لا يعد و رمل البحر لا يُحصى" (إرميا 22:33). قال الله لإبراهيم " أكثر نسلك تكثيراً كنجوم السماء وكالرمل الذى على شاطئ البحر" (تكوين 17:22). ولقد تحدى الله إبراهيم أن يستطيع عد نجوم السماء، وقال له " أنظر إلى السماء وعد النجوم إن استطعت أن تعدها" (تكوين 5:15). ربما أن هذا الأمر مُسلّم به اليوم تسليماً مطلقاً، لكن الأمر سيكون مختلفاً لو أننا عشنا فى عصور ما قبل التلسكوب دون أن نؤمن بالكتاب المقدس. لقد أكتشف العلم الحديث أن السماء تعج بالنجوم ما عدا الجهة الشمالية من الفضاء فهذه الجهة خالية من النجوم. وقد سبق الكتاب المقدس أن دوّن هذه الحقيقة بقوله "يمد الشمال على الخلاء" (أيوب 7:26). ولقد حاول بعضهم أن يتخذ من صلاة دعاء يشوع إلى الله أن يديم الشمس فى كبد السماء مدة نهار كامل إلى أن ينتهى من قتال أعدائه قبل حلول السبت، منفذاً إلى الهجوم على صحة الكتاب العلمية. فلقد دعا يشوع الله أن يُطيل مدة النهار. " فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تُعجّل للغروب نحو يوم كامل " (يشوع13:10). ووجه الاعتراض هو كيف تقف الشمس مع أن الأرض هى التى تتحرك لا الشمس. أما من حيث حدوث هذه المعجزة وغيرها فى الكتاب المقدس، فإن من يؤمن بوجود إله حى يستطيع بكل سهولة أن يؤمن بأن الله يستطيع كل شئ ولا يعسر عليه أمر (أيوب 2:42). وأن الله العلى يتدخل فى التاريخ ليحقق أغراضه، ويعلق إلى مدة معينة القوانين العلمية التى أوجدها، فالقوانين العلمية ليست هى المقدسة لدى الله وإنما تحقيق مقاصده وإنجاز أهدافه وأغراضه. أما من حيث حقيقة ما حدث، فإننا لسنا أمام نظرية علمية هنا. ومن الضرورة أن نفهم هذا ونحاول أن نفهم ما يقوله النص قبل القفز إلى أية استنتاجات. فكل ما فى الأمر أن يشوع طلب من الله أن يُطيل ساعات النهار، فأجاب الله طلبه. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع أن نثبت أن معلومات يشوع الفلكية كاملة، فلقد كانت على الأرجح مثل معلومات أى شخص آخر فى عصره فإنه استخدم اللغة العادية المتداولة فى ذلك العصر وحتى فى عصرنا اليوم أيضاً، حتى يفهم الجميع ما يقوله. إننا نستخدم حتى يومنا هذا، لغة غير علمية وغير صحيحة عندما نقول (أشرقت الشمس) و(غربت الشمس) فلأن الشمس لا تتحرك بالنسبة للأرض فهى لا يمكن أن تشرق أو تغرب. وعلى الرغم من معرفتنا اليوم لهذه الحقيقة، فلا تجد من يقول كل صباح (غربت الأرض)، وفي المساء (أشرقت الأرض)، فهي تعابير غير مستعملة، وغير مقبولة، ولهذا قال الكتاب المقدس " فوقفت الشمس" بدلاً من القول وقفت الأرض. ناهيك عن أن القارئ لن يفهم المقصود بهذا التعبير الغريب، فإذا كنا نرفض هذه اللغة حتى اليوم، فكيف يمكن أن نتوقعها من الكتاب المقدس، أو كيف نفهمه. قد يفهم بعض رجال الدين كلمة الله بصورة خاطئة، وقد يتطرف الفهم الخاطئ لأدانه العلماء كما حدث مع جاليلو وأفكاره، وهنا يجب آلا نخلط بين الموقف الخاطئ للكنيسة ورجال الدين، وبين الرأي الصحيح في الكتاب المقدس، وإننا نستطيع أن نضرب أمثلة كثيرة على حداثة الأفكار العلمية للكتاب المقدس وصحتها فهو يسجل لنا مثلاً وصفاً للحجر الصحى والتعقيم قبل أكثر من ألف وخمسمائة قبل الميلاد. كان المصاب بالبرص يُعزل عن المحلة، مكان إقامة الجماعة بعد التأكد من برصه. كان يحجز المشتبه ببرص سبعة أيام قبل التأكد من إصابته بهذا المرض الخبيث، (لاويين 50:13). وكانت تحرق ثياب الأبرص (لاويين 57:13). لأنها برص مفسد أى - ناقل العدوى - (لاويين52:13). وان بيت الأبرص يغلق مدة أسبوع لا يسمح لأحد أثناءها دخوله (لاويين 38:14). وكان يفرض على الأبرص أن يعلن عن نفسه ويميز نفسه بثياب مشقوقة ورأسه المكشوفة وشاربيه المغطيين (لاويين 45:13). وكان المتطهر من البرص يغسل ثيابه ويرحض جسده بماء حى أى ماء جار بعد أن يحلق كل شعره (لاويين 9:14). كما كانت الأوانى التى يستخدمها تُطهر بماء حى وإذا ثبت بعد أسبوع من دخوله إلى المحلة- مع بقائه خارج خيمته - انه قد شفى من برصه سمح له بالدخول إلى خيمته ومزاولة حياته الطبيعية. لم يسمح الكتاب المقدس بشرب الماء من برك ساكنة أو من تجمع مياه غير جارية إلا العين والبئر مجتمعى ماء تكونان طاهرتين (لاويين 36:11). وهذا تحذير من خطر المياه الأسنة وما يمكن أن تحمله من الجرائيم المسببة للأمراض، خاصة إذا وجد فيها جيفة حيوان "ما مس جثتها يكون نجساً" (لاويين 36:11). أما من حيث الحيوانات المسموح بآكلها فلم يسمح بأكل ألا الحيوانات مشقوقة الظلف المجترة. " وكل بهيمة من البهائم تشق ظلفا وتقسمه ظلفين وتجتر فإياها تأكلون إلا هذه فلا تأكلوها مما يجتر ومما يشق الظلف المنقسم الجمل والأرنب والوبر لأنها تجتر لكنها لا تشق ظلفا فهي نجسة لكم والخنزير لانه يشق الظلف لكنه لا يجتر فهو نجس لكم فمن لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا " (تثنية 14 : 6 - 8). ولقد أقام الطب الحديث الدليل على حكمة هذه الشريعة؛ فقد أثبتت التجارب أن هذه الحيوانات غير نظيفة وأنها يمكن أن تكون مصدراً للعدوى عن طريق الجراثيم ومن الصعب ضمان أكلها. وإلى وقت قريب كانت الممارسة فى معالجة أمراض كثيرة هى جرح المريض لينزف دماً حتى يخرج المرض مع الدم النازف! وقد تسبب هذا العلاج فى تدهور حالة المرضى ووفاتهم فى معظم الأحيان، وهذا هو بالضبط ما حدث لجورج واشنطن – أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية – غير أن الكتاب المقدس كان قد أوضح منذ آلاف السنين أن نفس – حياة– الجسد هي الدم (لاويين 18:17). إننا ممتنون لعلم الآثار الذى يثبت أو يوضح كثيراً من الحقائق المذكورة فى الكتاب المقدس. فقد تسائل مثلاً كثير من العلماء ومنهم علماء الكتاب المقدس نفسه لماذا جعل بيلشاصر ملك مملكة بابل دانيال الرجل الثالث فى المملكة؟ (دانيال29:5) بدلاً من أن يجعله الثانى. فأين هو الثانى؟ لقد أعتقد المؤرخون أن بيلشاصر حكم بابل بعد موت أبيه نبوخذنصر، ولكن الاكتشافات الأثرية الحديثة أثبتت أنهما حكما مملكة بابل فى نفس الوقت فكان كل منهما ملكاً على جزء منها ولهذا كان كل منهما ملكاً. وهناك إشارة ولم يفطن إليها الدارسون فى دانيال 11:5 تفيد أن أباه حى "أبوك الملك" وهكذا فإن نبوخذ نصر كان الرجل الأول فى المملكة وبيلشاصر الثانى ودانيال الثالث. كما أثبت علم الآثار وجود الشعوب التى تحدث عنها الكتاب المقدس. فطالما سخر بعض المؤرخين من إشارة الكتاب المقدس إلى الحثيين، إذا لم يشر إليهم أى مصدر قديم آخر. فاعتقدوا أنها من نسخ خيال مؤلفى الكتاب المقدس. لكن أعمال التنقيب والاكتشافات الحديثة أثبتت انهم كانوا شعباً راقياً وتضم الأرضى التركية الحالية مجموعة كبيرة من التماثيل والألواح والنقوش والنماذج الفنية العائدة لهم. كما أكدت الدراسات الأثرية أن أسوار أريحا سقطت كامـلة باتجاه الخارج لا باتجاه الداخل مؤكدة بذلك صحة الرواية الكتابية المذكـورة في الإصحاح السادس من سفــر يشوع، قـال و. ف ألبريت أحد أعظم المختصين بعلم الآثار لا يوجد شك أبداً أن علم الآثار قد ثبت الصحة التاريخية الجوهرية لتعاليم العهد القديم. وهكذا فإن العلم يشهد للكتاب المقدس وصحته. وجميل بنا أن نثق بهذا العلم ولكن سيشجعنا على وضع ثقتنا فى الكتاب المقدس وإله الكتاب المقدس ووحيه. فهذه الصحة أو الدقة لم تأتى من فراغ لأن ورائها الله نفسه، وهذا يجعلنا نثق فى حكمة الله عندما تمر بنا أمور قد نعجز عن فهمها فهماً كاملاً أو إثباتها إثباتا علمياً خالصاً فبدلاً من أن نُخضِع الله لأحكام عقولنا، يجدر بنا أن نخضع عقولنا المحدودة لله خالقها. وقد تشبع الحقائق والمعلومات العقل الذى يمتلك كل الحق بالسعى إليها، ولكن لا يمكن أن يشبع الروح إلا خالقها، فعلى صاحب الروح العطشى أن يبحث فى الكتاب المقدس عن إله الشبع، والاكتفاء، والتحرير، والسلام، فكل بحث آخر مثل الحرث فى البحر بلا طائل، قد يدلك العلم على ظلال الحق لأنه لا يتعامل مع جوهره الحقيقي، أما الكتاب المقدس فهو البوصلة التي تقودك إلى الحق نفسه،الكتاب الذي يقوك إلي يسوع المسيح من قال " أنا هو الطريق والحق والحياة " (يوحنا 6:14). وأخيراً يمكننا القول أن الكتاب المقدس، كتاب مميز، فعلي الرغم من أنه ليس كتاب تاريخ إلا أنه يمتلئ بالحقائق التاريخية الصحيحة، والتي يمكن التأكد من صحتها في ضوء المصادر التاريخية الأخرى، ومع أنه ليس كتاباً أدبياً، نراه يحتوي علي أرق وأسمى الأشعار وأجمل القصص، والكتاب المقدس ليس كتاباً في علم النفس، ورغم ذلك فهو يقودنا إلي الفهم الصحيح للطبيعة الإنسانية، والعلاقات الشخصية الناجحة، الكتاب المقدس هو رسالة حب الله للإنسان الذي أحبه ومات لأجله، فهل تأتي لهذا الإله وتقبل محبته فينير لك الطريق، ويقودك للحياة الأفضل التي يهبها الرب يسوع لكل من يؤمن به.