هل عاصر كاتبو الانجيل السيد المسيح ؟ .. asmicheal
لينك مباشر
=
نسب الكتاب المسيحيون في القرن الثاني الميلادي، الأربعة الأناجيل إلى متى ومرقس ولوقا ويوحنا. وقد تسلمت الكنيسة هذه الكتابات كسجلات يوثق بها وذات سلطان إذ تحتوي على شهادة الرسل عن حياة المسيح وتعاليمه. وبد الكتاب المسيحيون من القرن الثاني الميلادي باقتباس هذه الأناجيل وشرحها وقاموا بعمل ترجمات منها إلى لغات متنوعة كالسريانية والقبطية واللاتينية، ولذا فما من شك في أن هذه الأناجيل سجّلات رسولية صحيحة وصادقة. وتؤدي الرسائل في العهد الجديد صورة المسيح وتعاليمه وأعماله وشخصه كإنسان وإله كما وردت في هذه الأناجيل.
ولكل من الأناجيل الأربعة خاصياته المميزة له التي تفرد بها بسبب غرض الكاتب في كتابته والأشخاص الذين كتب إليهم كما كانت ماثله في ذهنه. فقد كتب متى وجهة النظر اليهودية، وهو يقدم لنا يسوع كالمسيا الملك الذي تمت فيه نبوات العهد القديم. ومرقس يكتب للأمم وربما كان يقصد الرومانيين منهم بوجه خاص، وهو يقدم لنا فوق كل شيء قوة المسيح للخلاص كما تظهر في معجزاته. أما لوقا، وهو يكتب للمثقفين من اليونان، يكتب لهم في لغة بأسلوب أكثر روعة مما كتب غيره من كتبة الأناجيل، ويُظهر لنا تأثير الرسول بولس في إبراز نعمة المسيح التي تشمل الساقطين والمنبوذين والفقراء والمساكين بعطفه. أما قصد يوحنا الخاص فهو في أن يُظهر يسوع كالكلمة المتجسدة الذي يعلن الآب للذين يقبلونه (يو 20 : 30 و31).
ويوجد بين الأناجيل الثلاثة الأولى كثير من التشابه ولكنها تختلف عن أنجيل يوحنا من عدة أوجه. وبما أن متى ومرقس ولوقا يقدمون حياة المسيح من وجهات نظر متشابهة على وجه العموم لذا فقد أطلق على هذه الأناجيل الثلاثة اسم "الأناجيل المتشابهة" أو Synoptic وهي مأخوذة من كلمة Synopsis اليونانية التي تعني "النظر معًا" وهؤلاء يركزون كتاباتهم حول تبشير المسيح ومناداته في الجليل بينما يركز يوحنا أنجيله حول عمل المسيح في اليهودية. ويقدم الثلاثة الأول تعليم المسيح عن الملكوت، وأمثاله وتعليمه للشعب، أما فيسجل لنا تعليم المسيح عن نفسه في أحاديث مستفيضة، وتشترك الأناجيل الأربعة في الشيء الكثير بحيث يؤيدون الواحد الآخر، ويختلفون عن بعضهم البعض بحيث يكمل الواحد منهم الآخر ويتممه.
أما المصادر التي استقى منا البشيرون الأربعة المعلومات التي ضمنوها في أناجيلهم في مصادر موثوق بها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). فقد كان متى ويوحنا رسولين اتبعا يسوع ولذا فمعرفتهما بالحوادث التي سجلاها هي معرفة شخصية. أما مرقس فقد كان رفيقًا لبطرس وقد ذكر بياس حوالي سنة 140 ميلادية أم مرقش ضمَّن في أنجيله ما وعظ به بطرس عن يسوع. ويحقق لنا لوقا نفسه بأنه استقى معلوماته من شهود عيان (لو 1 : 1 - 4) ولذا فإننا نجد في الأناجيل شهادة الرسل.
ويظن بعض العلماء أن مرقس هو أول الأناجيل التي دونت، وأن متى ولوقا استخدما على وجه العموم نفس النقاط الرئيسية التي وضعها مرقس. وهنا فريق من النقاد، ويسمون "نقاد الشكل" يؤكدون أن مادة الأناجيل حفظت في أحاديث شفهية. وقد أشار غيرهم من العلماء إلى أساس آرامي يرى في خلال لغة الأناجيل اليونانية كما هي بين أيدينا، وأن هذه البقايا الآرامية في الأناجيل دليل على زمن كتابتها المبكر، ودليل أيضًا على صحتها وصدقها ولا سيما وأن المسيح كان يتكلم الآرامية في أحاديثه. وأخير أن وعد المسيح لتلاميذه ليؤيد صدق هذه الأناجيل وصحة رسوليتها. فقد قال "أما المعزّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو 14 : 26).
وهو الإنجيل الثالث وقد وجه إلى شخص شريف يدعى ثاوفيلس يرجح أنه أحد المسيحيين من أصل أممي. ويقول البشير في فاتحة بشارته "إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور التي تمت بيننا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء، شهود عيان وخدامًا للكلمة، قد رأيت أنا أيضًا إذ قد اتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتبها لك بالترتيب... (لوقا 1: 1-3) مما يشير بوضوح إلى أنه استقى بإرشاد الروح القدس ما سطرته يده من ثقاة وشهود عيان ولأنه قضى وقتًا طويلًا في فلسطين أثناء سجن الرسول بولس اعتقد الكثيرون بأنه على الأرجح استقى كثيرًا مما كتبه وبخاصة عن ولادة يسوع وزيارته للهيكل في سن الثانية عشرة من العذراء مريم نفسها. ويعتقد البعض أنه ربما كان من بين "الكثيرين الذين أخذوا بتأليف قصة" كاتبًا بشارة مرقس ومتى.
وتظهر لنا شخصية الكاتب بوضوح إذا تأملنا محتويات هذه البشارة وكذلك محتويات سفر أعمال الرسل، ومنها ندرك أنه كان وديعًا متواضعًا وقد جعله تواضعه أن يخفي نفسه وأن يسلط الأضواء كلها على المواضيع التي يتناولها بالكتابة.
ويظهر من أسلوب كتابته وكذلك من محتويات البشارة وسفر الأعمال أن لوقا كان يونانيًا عالي الثقافة. ويقر العلماء والثقاة اليوم بصفاته الممتازة كمؤرخ ثقة يعتمد كل الاعتماد على ما يكتب ويؤرخ.
ويستدل مما ذكره الرسول بولس في رسالته إلى أهل كولوسي (كو 4: 14) على أن لوقا "هو الطبيب المحبوب" الذي يرافقه وكذلك يذكره الرسول في رسالته إلى فليمون (فلي 24) كأحد العاملين معه. أما أنه كان طبيبًا ممتازًا فيظهر ذلك من محتويات البشارة وسفر أعمال الرسل وكذلك من العبارات الخاصة التي يستعملها في وصف حالات المرض في كتاباته (قابل لو 4: 38 مع متى 8: 14 أو مر 1: 30، وكذلك لوقا 8: 43 مع مر 5: 26).
كاتب البشارة وتاريخ كتابتها:
سبق لنا أن ذكرنا أن لمعرفة الكثير عن لوقا البشير علينا أن نرجع إلى البشارة نفسها وإلى سفر الأعمال. وبالنظر إلى أن سفر الأعمال قد كتب بعد كتابة البشارة بوقت قصير (انظر أعمال 1: 1-3) فإن تاريخ كتابة بشارة لوقا يتوقف إلى حد كبير على تعيين تاريخ كتابة سفر الأعمال، وبما أنه مرجح أن سفر الأعمال قد كتب حوالي سنة 62 أو 63 ميلادية لذا فكل الدلائل التي لدينا تشير إلى أن هذه البشارة كتبت حوالي عام 60 ميلادي.
محتويات البشارة:
يمكن أن تقسم إلى ستة أقسام:
(1) مقدمة ص 1: 1-4.
(2) السنوات الأولى من حياة الرسول ص 1: 5-2: 52.
(3) الاستعداد للخدمة ص 3: 1-4: 13.
(4) المناداة بالرسالة في الجليل ص 4: 14-9: 50.
(5) الارتحال إلى أورشليم ص 9: 51-19: 44.
(6) الصلب والقيامة ص 19: 45-24: 53.
بعض الأشياء التي وردت في بشارة لوقا ولم ترد في متى أو مرقس:
يذكر دارسو الكتاب المقدس أنه قد وردت في بشارة لوقا بعض الحوادث التي لم تذكر في غيرها من البشائر. فهناك ما يقرب من نصف البشارة خاص بلوقا دون غيره من البشرين وتشمل هذه القصص الآتية:
1- قصص خاصة بميلاد يسوع غير ما ذكر في متى انظر لو ص 1: 5-2: 52.
2- عظة يسوع في الناصرة لو 4: 16-30.
3- مثل السامري الصالح لو 10: 29-37.
4- مريم ومرثا لو 10: 38-42.
5- مثل صديق منتصف الليل لو 11: 5-8.
6- مثل الدرهم المفقود ومثل الابن الضال 15: 8-10 و11-32.
7- مثل الغني ولعازر لو 16: 19-31.
8- قصة خلاص زكا لو 19: 1-10.
9- اللص التائب على الصليب لو 23: 40-43.
10- قصة تلميذ عمواس لو 24: 13-35.
11- الصعود لو 24: 50-53.
بعض الخواص المميزة لهذه البشارة:
1: إنه يؤكد تأكيدًا خاصًا حقيقة أن يسوع هو المخلص الإلهي للعالم أجمع. فيسوع هو الذي يقدم الغفران والفداء مجانًا لجميع الناس بغضّ النظر عن اللون أو الجنس أو الجنسية أو الاستحقاق للخلاص فقدم الخلاص للسامريين (لوقا 9: 52-56 و10: 30-37 و17: 11-17) وللأمم (لوقا 2: 32 و3: 6 و8 و4: 25-27 و7: 9 و10: 1 و24: 47) كما قُدم لليهود (لو 1: 33 و2: 10 الخ) وقد قدم للنساء كما قدم للرجال. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). وقد قدم للمنبوذين ولجباة الضرائب المبغضين وللخطاة (لو 3: 12 و5: 27-32 و7: 37-50 و19: 2-10 و23: 43) كما قدم أيضًا لقوم هم ذوو مكانة في مجتمعهم (لو 7: 36 و11: 37 و14: 1) وقد قدم للفقراء (لو 1: 53 و2: 7 و6: 20 و7: 22) كما قدّم للأغنياء (لو 19: 2 و23: 50).
2- يؤكد لوقا ويثبت إثباتًا قاطعًا أن المسيح هو المخلص الذي له قدرة إلهية على شفاء النفس والجسد كليهما، وشفاؤه كامل للدهر الحاضر وإلى الأبد.
3- يذكر لوقا اختلاء يسوع للصلاة، أكثر مما يذكر ذلك عن غيره من البشيرين (لو 3: 21 و6: 12 و9: 18 و29 و29 و1: 1) كما تتميز هذه البشارة بحثها المتواصل على الصلاة (لو 11: 5-9 مثل صديق نصف الليل و18: 1-8 مثل القاضي الظالم).
4- يظهر لوقا بوضوح وتفصيل عمل يسوع الفدائي الذي يسمو بالمرأة فيشير بقوة إلى عطف يسوع وحنانه على النساء، على النقيض من عدم عطف كثيرين من اليهود والأمم عليهن بل وخشونتهم نحوهن.
5- يعطي لوقا مكانة مرموقة في بشارته لأمثال المسيح التي تصور بوضوح وجلاء محبة الله الفادية (انظر مثلًا لو 15: 1-32).
60 يعطينا لوقا في بشارته تاريخ حياة يسوع بصيغة شاملة واضحة أكثر من غيره من البشيرين فيحدثنا في فاتحة بشارته أنه تحرى كل شيء من الأول بتدقيق وأنه قرر، بإرشاد الروح القدس، أن يكتب بشارته بكيفية مرتبة منظمة. ومن يدرس هذه البشارة من بدايتها إلى نهايتها يتبين الدقة والترتيب اللذين اتبعهما البشير في كتابة هذه البشارة المجيدة.
كلمة "لوقا" غالبًا اختصار للكلمة اللاتينية "لوقانوس Lucanus " أو"لوكيوس" وتعني "حامل النور"، أو "المستنير". غير أنه يجب التمييز بين لوقا الإنجيلي ولوكيوس المذكور في أع1:13، وأيضًا لوكيوس المذكور في رو21:6.
الإنجيلي والرسول:
هو ثالث الإنجيليين، وكاتب سفر أعمال الرسل، ورفيق القديس بولس في أسفاره وكرازته وأتعابه، ولا يمدّنا التاريخ بمعلومات عن حياته السابقة قبيل تعرّفه على بولس الرسول.
يتشكك البعض في التقليد القديم الذي يقول أنه كان من السبعين رسولًا -وهو رأي أبيفانيوس في القرن الرابع- وأنه أحد تلميذيّ عمواس اللذين التقى بهما الرب عشية قيامته.
أممي:
هو الوحيد من بين كتاب العهد الجديد الذي لم يكن يهوديًا بل كان أمميًا، غالبًا من إنطاكية سوريا؛ قبل الإيمان المسيحي دون أن يتهود. هكذا شهد يوسابيوس المؤرخ الكنسي في تاريخه، وهكذا تقول كل التقاليد القديمة.
ولعل مما يؤكد ذلك ملاحظتان: يعطينا لوقا معلومات أكثر من غيره عن كنيسة إنطاكية (أع 11: 19-30، 13: 1-3 و22-35)، ويُرجع أساس تسمية مسيحي إلى إنطاكية (أع 11: 19)، كما أنه حينما يذكر السبعة شمامسة، يذكر نيقولاوس أنه إنطاكي دون أن يذكر جنسية أي شماس آخر.
باعترافه لم يعاين الرب يسوع بالجسد، وأنه اعتمد في كتابة إنجيله على ما تسلمه ممن سبقوه، وعلى ما كان مكتوبًا وشائعًا: "إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة" (لو 1: 1-2).
أما كون لوقا أمميًا، فبالإضافة إلى التقليد الكنسي القديم، نرى القديس بولس في رسالته إلى أهل كولوسي يذكره ضمن الأمميين (كو 10: 10-14). (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ). لم يضمه إلى من هم من أهل الختان (4: 10-11) مثل أرسترخس ومرقس أبن أخت برنابا ويسوع المدعو يسطس.
يوجد رأي آخر يجعل من لوقا أمميًا اهتدى إلى اليهودية، ولعل مصدر هذا الرأي هو الخلط بين اسم لوقا واسم لوكيوس الوارد في (أع 13: 1)، وكلاهما يرجع إلى أصل لغوي واحد. والأرجح أن لوقا كان أمميًا واهتدى إلى الإيمان المسيحي على يد أحد التلاميذ الذين نزحوا من أورشليم وقصدوا إنطاكية في وقت مبكر حوالي سنة 36، عقب التشتت الذي حدث بعد استشهاد استفانوس، وإن كان البعض يرجّحون أنه آمن بالمسيح على يد بولس الرسول، وهذا هو رأي العلامة ترتليانوس في القرن الثاني.
عمله مع الرسول بولس:
ارتبط القديس لوقا بالقديس بولس رسول الأمم بصداقة قوية. ففي سفر الأعمال أقلع الإنجيلي لوقا مع الرسول بولس من تراوس عقب الرؤيا التي أُعلنت لبولس ورأى فيها رجلًا مكدونيًا يقول له: "أعبر إلى مكدونيا وأعنّا" (أع 16: 9) إلى ساموتراكى ثم إلى نيابوليس، ومن هناك إلى فيلبي (أع 16: 10-19- الرحلة التبشيرية الثانية)، لأن سفر الأعمال يتكلم بعد ذلك مباشرة بصيغة المتكلم الجمع بعد أن كان يتكلم بصيغة الغائب الجمع.
من متابعة ودراسة سفر الأعمال واستخدام ضمير المتكلم الجمع بدل ضمير الغائب، نستنتج أن لوقا بعد سبع سنين من لقاء ترواس، التقى ببولس مرة أخرى في فيلبّي في رحلته الأخيرة إلى أورشليم (28: 30). ويبدو أن لوقا كان مرافقًا لبولس في رحلته إلى أورشليم أو على الأقل قريبًا منه، كما كان قريبًا منه مدة السنتين اللتين أُسر خلالهما في قيصرية، كما رافقه في رحلته الأخيرة إلى روما، وبقى بالقرب منه هناك مدة الأسر الأول والثاني، وظل الخادم الأمين والصديق الوفي لبولس إلى النهاية. ففي آخر رسالة كتبها بولس من سجنه في روما في لحظاته الأخيرة وهي رسالته الثانية إلى تيموثاوس يقول: "لوقا وحده معي" (2تي 4: 11).
هكذا ارتبط الاثنان معًا، فسجل لنا الإنجيلي لوقا الكثير من عمل الله الكرازي خلال الرسول بولس في سفر الأعمال؛ ودعاه الرسول بولس: "الطبيب الحبيب" (كو 4: 14)، كما دعاه بالعامل معه (الرسالة إلى فليمون).
تواضعه:
أما بقية حياة لوقا فلا نعلم عنها شيئًا على وجه التحقيق، وهذا دليل على ما اتصف به هذا الرسول من تواضع، لأنه على الرغم من أنه كتب الإنجيل الثالث ووضع سفر أعمال الرسل وذكر ببعض الإسهاب ما حدث لبولس في حياته الكرازية، فإنه أغضى عن ذكر نفسه وسكت عن أعماله، حتى لقد ترك شيئًا من الشك يحوم حول شخصه والرسالة التي اضطلع بها.
إنجيل لوقا وأعمال الرسل:
ترك لنا لوقا الإنجيل الذي يحمل اسمه، الذي اعتمد في كتابته على وثائق ثابتة مكتوبة، وعلى ما استقاه من التقليد الشفوي الثابت، ويأتي في مقدمتها ما سمعه من البتول القديسة مريم، ويؤكد هذا تقليد كنسي قديم.
ولا يعرف على وجه الدقة الوقت الذي كتب فيه لوقا إنجيله، لكنه على أية حالات كُتب قبل سنة 70 م.، وهي سنة خراب أورشليم وهيكلها، لأنه يذكر في الإصحاح الحادي والعشرين نبوءة المسيح عن خراب أورشليم، مما يدل على أنه لم يكن قد حدث بعد، وهناك دلالات قوية على كتابته بين عامي 58 و63 م.
اختُلِف في مكان كتابة الإنجيل، لكنه دوّنه وقدمه مع سفر الأعمال لشخص إسكندري يدعى ثاوفيلس (محب الله)، ويبدو أن ثاوفيلس هذا كان يشغل مركزًا اجتماعيًا ملحوظًا، ويحتمل أنه كان في خدمة الدولة كما يظهر من لقب "عزيز" الذي يخاطبه به لوقا (هو نفس اللقب الذي استخدمه بولس في خطابيه أمام فيلكس وفستوس الواليين الرومانيين في قيصرية). والثابت أن ثاوفيلس هذا كان متنصِّرًا أو موعوظًا يستعد للعماد، ويتضح هذا من قول القديس لوقا له: "لتعرف صحة الكلام الذي وُعِظت به" (لو 4: 1).
كتب لوقا إنجيله للأمميين لاسيما اليونانيين، لذا فهو يشرح بإيجاز للقراء الأمميين موقع المدن الفلسطينية والمسافات بينها وبين أورشليم. كما أنه لا يرجع إلى نبوات ولا يشير إلى إتمامها في شخص الرب يسوع على نحو ما يفعل متى في إنجيله، لكنه يقدّم نظرة عامة وشاملة على المسيح كمخلص جميع البشر، ومتمم اشتياقات كل قلب. ومن هنا فإن سلسلة نسب المسيح يرجعها لوقا لا إلى إبراهيم كما فعل متى، بل إلى آدم ابن الله وأب جميع البشر. كما يهتم لوقا اهتمامًا خاصًا بإبراز أن المسيح مخلص الأمم أيضًا، وهو الوحيد بين البشيرين الذي ذكر إرسالية السبعين رسولًا الذين يمثّلون الأمم الوثنية مقابل الرسل الإثنى عشر الذين يمثلون أسباط إسرائيل الاثنى عشر. ولوقا في إنجيله يظهر المسيح الإنسان في ملء بشريّته، وأنه مثلنا في كل شيء ما خلا الخطية، ويصوره في كل البشارة على أنه صديق الخطاة الرحيم، شافي المرضى، مُعَزّي منكسري القلوب، وراعي الخروف الضال.
كما كتب لوقا سفر أعمال الرسل - بإجماع الكنيسة الأولى - وهو تكملة للإنجيل الثالث. ويسجّل لوقا في إنجيله حياة السيد المسيح وأعماله، أما في سفر الأعمال فيسجل عمل الروح القدس الذي نلمسه ظاهرًا ملموسًا في كل خطوة. فكلمة "الروح" و"الروح القدس" تتكرر مرارًا عديدة في سفر الأعمال أكثر من أي سفر آخر في العهد الجديد.
سفر أعمال الرسل كتاب مفرح كالإنجيل الثالث، فهو مملوء من الغيرة الرسولية والرجاء ويسجل التوفيق والنجاح، وحتى الاضطهاد والاستشهاد يحوّلهما إلى مناسبة للفرح والشكر. إنه أول تاريخ للكنيسة الأولى، ولذا يعتبر لوقا أول مؤرخ كنسي. ولا شك أن كتابته احتاجت لسنوات عديدة لتجميع المعلومات التي كان لوقا شاهد عيان لها حينما كان رفيقًا لبولس في الخدمة والأسفار. ويبدو أنه انتهى من كتابته عقب الأسر الأول للقديس بولس في روما مباشرة، وقُبيل الاضطهاد المروع الذي أثاره نيرون والذي استشهد فيه بولس، لأنه لا يذكر عنه شيئًا.
كان القديس لوقا طبيبًا (كو 4: 14) كان قبل إيمانه بالمسيح يمارس مهنة الطب، هكذا يذكره بولس إلى أهل كولوسي "لوقا الطبيب" (كو 4: 14). لذا لا تعجب إن رأيناه في إنجيله يظهر الرب يسوع كطبيب للبشرية ومخلّص العالم. وكان رسامًا، جاء في التقليد أنه رسم أيقونة السيدة العذراء.
قيل أنه عاش بتولًا، وتذكر بعض التقاليد القديمة أنه استشهد في سن الرابعة والثمانين، وأنه مات مصلوبًا على شجرة زيتون في أيلوي Eloea ببلاد اليونان. وأن الإمبراطور قسطنطينوس الثاني قد نقل رفاته إلي القسطنطينية عام 357 مع رفات اندراوس الرسول - نقلت من بترا Petrae في أخائية إلى كنيسة الرسل في القسطنطينية، وفي عام 1177 م. نقلت إلى Padau بإيطاليا.
_____
* المرجع Reference (الذي استخدمه كتاب قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية للقمص تادرس يعقوب ملطي):
في مثل هذا اليوم استشهد القديس لوقا الإنجيلي الطبيب. وهو من السبعين رسولاً الذين ورد ذكرهم في الإصحاح العاشر من إنجيله. وكان يصحب بطرس وبولس ويكتب أخبارهما. وبعد نياحة هذين الرسولين مكث هذا القديس يبشر في نواحي رومية. فاتفق عابدو الأوثان واليهود فيما بينهم وتوجهوا إلى نيرون الملك ووشوا له بأنه قد رد بسحره جماعة كثيرة إلى تعليمه فأمر بإحضاره. ولما علم القديس لوقا بذلك أعطي ما كان عنده من الكتب لرجل صياد وقال له "احتفظ بهذه عندك فإنها تنفعك وتريك طريق الله". ولما مثل أمام نيرون الملك قال له الملك "إلى متي تضل الناس؟"، فأجابه القديس "انا لست ساحرا، ولكني رسول يسوع المسيح ابن الله الحي". فأمر إن يقطع ساعده الأيمن قائلا "اقطعوا هذه اليد التي كانت تعلم" فقال له القديس "نحن لا نكره الموت والانطلاق من العالم ولكي تعرف قوة سيدي" تناول يده المقطوعة والصقها في مكانها فالتصقت، ثم فصلها فانفصلت. فتعجب الحاضرون. عند ذلك آمن الوزير وزوجته، وجمع كثير قيل إن عدتهم مائتان وست وسبعين، فكتب الملك قضيتهم وأمر بان تؤخذ رؤوسهم مع الرسول لوقا. وهكذا تمت شهادتهم. وجعل جسد القديس في كيس شعر والقي في البحر. وبتدبير الله قذفته الأمواج إلى جزيرة، فوجد رجل مؤمن، فأخذه وكفنه ودفنه. وقد كتب هذا القديس إنجيله المنسوب إليه وكذلك سفر أعمال الرسل موجها القول لتلميذه ثاؤفيلس الذي كان من الأمم. ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.
(1) يذكر لوقا ان لاوي (متى) صنع للسيد المسيح وليمة "كبيرة" في أول عهده بالتلمذة (لو 5: 29 - 32) أما هو (متى) فيذكرها بكل اختصارًا تواضعًا (مت 9: 10 - 13).
(2) الشواهد والبينات الواضحة من نهج الكتابة بأن المؤلف يهودي متنصر.
(3) لا يعقل أن انجيلًا خطيرًا كهذا هو في مقدمة الاناجيل ينسب إلى شخص مجهول وبالأحرى لأن ينسب إلى احد تلاميذ المسيح.
(4) ويكر بابياس في القرن الثاني الميلادي ان متى قد جمع اقوال المسيح.
(5) من المسلم به أن الجابي عادة يحتفظ بالسجلات لأن هذا من اهم واجباته لتقديم الحسابات وكذلك فإن هذا الإنجيلي قد احتفظ بأقوال المسيح بكل دقة.
St-Takla.org Image: Ancient icon of Saint Mathew the Evangelist
صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة أثرية تصور القديس متى الإنجيلي
ويرّجح أن هذا الانجيل كُتب في فلسطين لأجل المؤمنين من بين اليهود الذين اعتنقوا الديانة المسيحية. والسفر يظهر يسوع كأعظم الأنبياء والمشترعين الذي تمم العهد القديم - وانه مسيا الموعود به وملك شعب بني اسرائيل الحقيقي. ولم يرتب هذا الانجيل ترتيبًا حسب سياق الوقائع بل حسب المواضيع فيجمع اعمال المسيح واقواله حسب مشابهتها بعضها لبعض. ومع ذلك يبرهن أن يسوع الناصري هو المسيح. وكثيرًا ما يبرز متى شواهد من نبوات العهد القديم. ولا يعلم هل هذا الإنجيل هو الأول باعتبار زمن تأليفه إلا انع يستحق الوضع في صدور العهد الجديد لكونه الحلقة الموصلة بين العهد القديم والعهد الجديد وبين الناموس والإنجيل.
وموضعه في العهد الجديد كموضع خمسة أسفار موسى في العهد القديم فإن عظة المسيح على الجبل تقابل إعطاء الناموس من سيناء ويظهر لمن يقرأ جدول مواليد المسيح، والإعلان ليوسف وزيارة المجوس التي كلها تختص بهذا الإنجيل إن النظام الجديد إنما هو تتميم للنظام القديم لا ناسخ له. ومما يؤكد ذلك العظة على الجبل والأمثال بخصوص ملكوت السموات والتنديد بالفريسيين والصدوقيين وإبراز النبوات العديدة من العهد القديم التي صرح بأنها قد تمت في حوادث يسوع.
ويقسم هذا الإنجيل إلى الأقسام الرئيسية التالية:
(1) مولد المسيح مع سلسة نسبه (ص 1 و2)
(2) مقدمة لخدمة المسيح (ص 3-4)
(3) رسالته في الجليل (ص 4: 18-9: 35)
(4) إرساله التلاميذ للتبشير بملكوت الله (ص 9: 36-10)
(5) ازدياد مقاومة اليهود له (ص 11-15 : 20)
(6) ختام خدمة المسيح في بيرية (شرق الأردن) (ص 19-20)
(8) الاسبوع الأخير وفيه موضوع الآلام والقيامة (ص 21-28).
واختلفت القول بخصوص لغة هذا الإنجيل الاصلية فذهب بعضهم إلى كتب أولًا في العبرانية أو الارامية التي كانت لغة فلسطين في تلك الأيام. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس الكتاب المقدس والأقسام الأخرى). وذهب آخرون إلى أنه كتب في اليونانية كما هو الآن. فإن الرأي الأول فمستند إلى شهادة الكنيسة القديمة. فإن آباء الكنيسة قالوا أنه ترجم إلى اليونانية ويستشهدون بهذه الترجمة. فإذا سلمنا بهذا الرأي التزمنا بأن نسلم بأن متى نفسه ترجم إنجيله أو أمر بترجمته.
أما الرأي بأن متى نفسه ترجم إنجيله العبراني فيفسر سبب استشهاد الآباء بالإنجيل اليوناني نفسه فإن متى يوافق مرقس ولوقا في العظات ويختلف عنهما أكثر ما يكون في القصة. ثم إن الآيات المتقطفة في العظات هي من الترجمة السبعينية وفي بقية القصة هي ترجمات من العبرانية.
ولا بد أن هذا الإنجيل قد كتب قبل خراب أورشليم وينبىء ص 24 بوقوع ذلك. وذهب بعض القدماء إلى أنه كتب في السنة الثامنة بعد الصعود وآخرون إلى أن إنجيلنا الحالي كتب بين سنة 60 وسنة 65م. وإن إنجيلي مرقس ولوقا كتبا في تلك المدة نفسها.
مميزات هذا الإنجيل:
(1) أنه يضع أمامنا صورة لا تمام نبوات العهد القديم بيسوع المسيح (مت 1: 23 و2: 18 و23 و4: 15 وما بعده و8: 17 و12: 18 وما بعده و13: 35 و21: 5 و27: 9 وما بعده).
(2) يوجه هذا الإنجيل عناية خاصة إلى تعاليم السيد المسيح ويضع أمامنا خمسة خطابات أو مواعظ للسيد المسيح وهي:
(أ) الموعظة على الجبل وهي تتناول المقارنة بين حياة البر في القديم وبينها في العهد الجديد (مت ص 5-7).
(ب) واجبات المنادين ببشارة الإنجيل (مت ص 10).
(جـ) أمثلة لتوضيح ملكوت السماوات (مت ص 13).
(ء) مؤهلات التلمذة ليسوع المسيح (مت ص 18).
(هـ) تعاليم نبوية عن نهاية الدهر (مت 24 و25).
وينتهي كل من هذه الخطابات الخمسة بالعبارة " فلما أكمل يسوع هذه الأقوال" أو ما شابهه (مت 7: 28 و11: 1 و13: 53 و19: و26: 1).
وإلى جانب هذه تتميز هذه البشارة بما يأتي:
أولًا - حوادث توجد في هذه البشارة دون غيرها:-
(1) قصة ميلاد يسوع من ناحية انتسابه إلى يوسف (مت 1 و2)
(2) مشي بطرس على الماء (مت 14: 28 - 31).
(3) ضريبة الهيكل (مت 17: 24 - 27).
(4) نهاية يهوذا الاسخريوطي (27: 3 - 10).
(5) حلم زوجة بيلاطس (27: 3-10).
(6) الزلزلة وظهور الذين رقدوا عندما اسلم يسوع الروح (27: 51-53).
(7) ختم القبر الذي وضع فيه جسد يسوع باختام (مت 27: 62- 66).
(8) ظهور يسوع المقام للنساء وللأحد عشر على الجبل في الجليل (28: 9 و10 و16-20).
ثانيًا - أمثال توجد في هذه البشارة دون غيرها:
(1) مثل زوان الحقل (مت 13: 24-30)
(2) "الكنز المخفي (مت 13: 44)
(3) "اللؤلؤة الكثيرة الثمن (مت 13: 45 و46)
(4) "الشبكة الجامعة (مت 13: 47)
(5) "العبد الظالم (مت 18: 23 - 34)
(6) "فعلة الكرم (مت 20: 1-16)
(7) "الاب وابنيه (مت 20: 28 - 32)
(8) "عرس ابن الملك (مت 22: 1 - 14)
(9) العشر عذارى (مت 25: 1-13)
(10) "الوزنات (مت 25: 1-13)
(11) الخراف والجداء (مت 25: 31 - 46)
ويلاحظ أن هذه هي البشارة الوحيدة التي تشير إلى الكنيسة وتذكرها باسم "الكنيسة" على وجه التخصيص (مت 16: 18 و18 : 17).
في مثل هذا اليوم استشهد متى الإنجيلي، أحد الاثنى عشر رسولا وكان اسمه لاوي. وهو الذي كان جالسا عند مكان الجباية خارج مدينة كفر ناحوم. وقال له السيد المسيح اتبعني. فترك كل شئ وقام وتبعه. وقد صنع السيد للمسيح وليمة في بيته، جعلت الفريسيين يتذمرون عليه قائلين لتلاميذه "لماذا يأكل معلمكم مع العشارين والخطاة". فقال لهم يسوع "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة" (لو 15 27 - 32).
وقد كرز في أرض فلسطين وفي صور وصيدا. ثم ذهب إلي الحبشة ودخل بلاد الكهنة وردهم إلى معرفة الله. فقد جاء في أول تاريخ القديس تكلا هيمانوت الحبشي أن أحد كهنة الإسرائيليين ويدعى صادوق قد أرسل ولده ويدعى "إبن الحكيم" يتسلط علي بلاد التجريا وأصحبه بأخيه عزاريا الكاهن، وأخذ عزاريا معه ما يلزم لتأدية الشعائر اليهودية في ذلك المكان. وتزوج عزريا بداقنادس إبنة أحد عظماء عاصمة التجريا ورزق منها ولدا أسماه صادوقا، وولد صادوق لاوي، وصار هؤلاء الكهنة يعلمون أهل الحبشة ما جاء بالتوراة، وكانوا يجتمعون في ديوان الملك كعادة الكهنة في القبة. لذلك أطلق علي إسم المدينة "مدينة الكهنة"، ومع توالي السنين تحول أهل تلك المدينة إلي الوثنية، حتى ذهب إليها القديس متى الرسول وهداهم إلي الإيمان المسيحي. وذلك أنه أراد دخول المدينة التقى به شاب وقال له: إنك لا تستطيع الدخول إلا إذا حلقت رأسك ولحيتك وأمسكت بيدك سعفه. ففعل كما أخبره الشاب. وفيما هو يفكر في هذا ظهر له الرب يسوع في شكل ذلك الشاب الذي قابله سابقا وبعد أن عزاه وقواه غاب عنه. فأدرك أن ذلك الشاب كان هو رب المجد نفسه. ثم دخل المدينة كأحد كهنتها ومضى إلى هيكل أبللون فوجد رئيس الكهنة، فخاطبه عن آلهته التي كانوا يعبدونها وأخذ يوضح له كيف أنها لا تسمع ولا تعي، وأن الإله الحقيقي القوي إنما هو الذي خلق السماء والأرض. وقد أجرى الله على يديه آية وذلك بأن هبطت عليهم مائدة من السماء، وأشرق حولهم نور عظيم. فلما رأى أرميوس الكاهن هذه الأعجوبة قال له "ما هو اسم إلهك؟" فأجاب الرسول "إلهي هو السيد المسيح". فأمن أرميوس الكاهن به وتبعته جماعة كثيرة. ولما علم حاكم المدينة بذلك أمر بإحراقهم. وحدث عند ذلك أن مات ابن الوالي، فصلى متى الرسول وتضرع إلي الله أن يقيم هذا الابن فاستجاب له الرب وقام الولد من الموت. فلما رأى الوالي ذلك آمن هو وبقية أهل المدينة، فعمدهم متى الرسول ورسم لهم أسقفا وكهنة، وبنى لهم كنيسة.
وبعد أن كرز في بلاد أخرى عاد إلى أورشليم فاجتمع إليه جماعة من اليهود الذين بشرهم وآمنوا بكرازته واصطبغوا منه وطلبوا إليه أن يدون لهم ما بشرهم به، فكتب بداية البشارة المنسوبة إليه باللغة العبرانية إلا أنه لم يتمها، وقيل أنه كملها أثناء كرازته في الهند وكان ذلك في السنة الأولى من ملك إقلاديوس وهى السنة التاسعة للصعود.
وكان استشهاده رجما بالحجارة على يد فسطس الوالي ودفن جسده في قرطاجنة قيسارية بواسطة قوم مؤمنين، في مكان مقدس.
وإنجيل مرقس هو الثاني في ترتيب الأناجيل الأربعة مع أن هذا لا يعني بالضرورة أنه كتب بعد إنجيل متى. وهو أقصر الأناجيل الأربعة والمادة التي يقدمها في تفصيل كثير. فتقدم قصة حياة المسيح وأعماله وصلبه وقيامته بسرعة وفي تصوير رائع وفي مناظر تصويرية قوية متعاقبة الواحد تلو الاآخر. وتسير هذه المناظر في ترتيب تاريخي متسلسل. ويوجه مرقس عناية خاصة إلى ما عمله المسيح أكثر مما يوجهه إلى تعليم المسيح فيذكر لنا لأربعة فقط من أمثال المسيح ويسجل لنا خطابًا واحدًا طويلًا من خطابات المسيح ابن الله القدير (مر 1: 11 و5: 7 و9: 7 و14: 61 وكذلك مر 8: 38 و12: 1-11 و13: 32 و14: 36)، والمخلص الظافر المنتصر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). ويسرد مرقس الحوادث تحت عنوانين: مناداة المسيح وخدمته في الجليل (مر 1: 14 - 509) والأسبوع الأخير في أورشليم (مر 11: 1 - 16: 8). ويصل بين هذين الموضوعين الرئيسيين بذكر الحوادث التي تمّت في المدة المتوسطة بين هذين الزمنيين (مر 10: 1 - 52) وتسري فكرة الألم والصليب خلال الإنجيل كله فيذكرها البشير ويعيد على الأذهان مرة بعد الأخرى وقد استعوب ذكر آلام ثلث الإنجيل تقريبًا ويظهر ظل الصليب في الصفحات الأولى من البشارة (مر 2: 20 و3: 6). فإن طريق التتلمذ للمسيح هي طريق حمل الصليب (مر 8: 34 وما يليه). وتتضمن معمودية الألم وتجرع الكأس (مر 10: 38 وما يليه). ولا توجد كلمات تصدق على مادة الإنجيل وروحه أكثر من كلمات المسيح الواردة في مر 10: 45 وفي كلمات قائد المئة في مر 15: 39 .
محتويات انجيل مرقس:-
St-Takla.org Image: This is an Illumination of St. Mark in the 11th century Trebizond Gospel (Russian State Museum, Saint Petersburg)
صورة في موقع الأنبا تكلا: توضيحية من مخطوط إنجيل مرقس "تريبيزوند" من القرن الحادي عشر، محفوظ في متحف الولاية في روسيا، سانت بيترزبرج
يمكن أن تقسم محتويات هذه البشارة إلى:
1 - بدء الإنجيل 1: 13
(أ) مناداة يوحنا المعمدان 1: 2- 8
(ب) معمودية يسوع وتجربته 1: 9 -13
2- خدمة المسيح في الجليل ومناداته هناك وقيام السلطات الدينية عليه (1: 14 - 8: 26)
(أ) في الأماكن الواقعة حول بحر الجليل (1: 14 - 5: 43).
(ب) في الأماكن البعيدة عن بحر الجليل (6: 1 - 8: 26).
3 - المسيا والآلام العتيدة (8: 27 - 10: 45).
(أ) اقرار بطرس (8: 27 - 33).
(ب) التنبؤ باآلام (8: 31 و32 و9: 3 - 32 و10 : 32 - 34).
(جـ) التعليم عن التلمذة الحقيقية للمسيح (8: 34 - 38 و9: 23 - 37 و10: 13 و35 - 45).
(د) التجلي (9: 2 - 13).
4 - سرد حوادث الآلام (10: 46 - 52).
(أ) في الطريق إلى أورشليم (10: 46 - 52).
(ب) الدخول إلى أورشليم (11: -11).
(جـ) خدمة المسيح ومناداته في أورشليم (11: 12 - 13: 2).
(د) خطاب نبوي عن خراب أورشليم والمجيء الثاني (13: 3 - 37).
(هـ) موت المسيح (14: 1 - 15: 47).
5 - قيامة المسيح والقبر الفارغ (16: 1 - 8).
6 - خاتمة عن ظهور المسيح بعد قيامته (16: 9 - 20).
المصدر الذي اشتقت منه مادة انجيل مرقس:
كان الاعتقاد السائد في أواخر القرن الأول الميلادي أن هذا الإنجيل كتب في روما ووجه إلى المسيحيين الرومانيين. وكتب بابيوس مستندًا إلى ما استقاه من يوحنا الشيخ لهذه العبارة التي اقتبسها يوسيبيوس في تاريخه الكنسي: "هذا أيضًا ما قاله لآرائه، سجل جميع الاشياء التي تذكرها من أقوال المسيح وأعماله وذلك لأنه لم يسمع الرب ولا كان من اتباعه ولكنه اتبع بطرس فيما بعد كما ذكرت آنفًا". وهذا الدليل الذي يأتينا من نهاية القرن الأول أو فاتحة القرن الثاني يربط بين كاتب هذا الإنجيل وبطرس. ثم أننا نجد ذكرًا لمرقس فس رسالة بطرس الأول غذ يقول: "تسلم عليكم المختارة مثلكم، التي في بابل ومرقس ابني" (ابط 5: 13). وبابل هنا اسم رمزي لروما وهذا القول لا يربط بين بطرس ومرقس فحسب بل يشير إلى أنهما يخدمان معًا، وفي الغالب أنهما كانا يخدمان في روما.
ومن المحقق أن مرقس انتهز الفرص الكثيرة التي أتيحت له ليتعرف على أقوال المسيح وأعماله من كثير من اللذين سمعوا هذه الأقوال وكانوا شهود عيان لهذه الأعمال إلى جانب بطرس وكذلك عرف الكثير منها عن طريق أفراد الكنيسة الأولى وقريبه برنابا والرسول بولس والتلاميذ الذين ترددوا على منزل أمه مريم (أعمال 12: 12 و17).
ومن الواضح أن مرقس كتب بشارته للامم ويظهر هذا من شرحه وتفسيره بعض العبارات الواردة عن اماكن في فلسطين وبعض العادات اليهودية وبعض التعبيرات غير المألوفة لدى الأمم (مر 3: 17 و5: 41 و4 و11 و34 و12: 42 و14: 12 و15: 22 و42 وغيرها).
ثم إن استخدام البشير لكلمات لاتينية كثيرة في صورتها اليونانية يرّجح الراي القائل بأن البشارة كتبت في روما.
تاريخ كتابة إنجيل مرقس:
وقد ذكر ايرينيوس أحد آباء الكنيسة الأولين أن مرقس كتب البشارة التي تحمل اسمه قائلًا: "بعد أن نادى بطرس وبولس بالإنجيل في روما وبعد انتقالهما (أو خروجهما) سلم لنا مرقس كتابة مضمون ما نادى به بطرس" . وإذا كان الأمر كذلك فربما كتب هذا الإنجيل بين عام 65 وعام 68 م.
ويلاحظ أن الجزء الأخير من الإنجيل وهو (ص 16: 9 - 20) وجد في بعض المخطوطات القديمة ولم يوجد في البعض الآخر مثل المخطوطة السينائية ومخطوطة الفاتيكان. ولكن يجب أن لا يغرب عن بالنا أن حوادث الظهور الواردة في هذه الأعداد وكذلك أقوال المسيح المقام المذكورة فيها حقائق دامغة يؤيدها ورودها في الأناجيل الأخرى.
وفى صباح الغد (30 برمودة) رجع الوثنيون مرة أخرى، وأخذوا مارمرقس من السجن، وربطوا عنقه بحبل غليظ، وظلوا يعيدون الكرة كاليوم السابق في جره وسحبه على أحجار. وهو في كل ذلك يصلى من أجلهم ويطلب لهم المغفرة (7).
وأخيرا استودع القديس روحه الطاهرة في يد الله، ونال اكليل الشهادة، واكليل الرسولية، واكليل البشارة واكليل البتولية (8).
على أن موته لم يهدئ ثائرة الوثنين وحقدهم، ففكروا في حرقه أيضًا، إمعانا في التنكيل به. فجمعوا حطبا كثيرا، وأعدوا نارا لحرقه (9). ولكن في اللحظة التي اشكوا فيها أن يلقوا فيها بالجسد ليحترق، هبت عاصفة شديدة مصوبة بمطر غزير، فتفرق الشعب، وانطفأت النيران (10).
St-Takla.org Image: of the painting 'The martyrdom of Saint Mark', by Les Très Riches Heures du duc de Berry (The Very Rich Hours of the Duke of Berry), Musée Condé, Chantilly, France
صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة شهادة مارمرقس القديس، من كتاب صلوات ساعات دوق بيري الفنية، متحف كونديه، شانتيلي، فرنسا
وأتى جماعة من المؤمنين الباسلين، فأخذوا جسد أبيهم في الايمان، وحملوه إلى كنيسة بوكاليا، ووضعوه في تابوت، حيث صلى عليه خليفته القديس إنيانوس (11) من الاكليروس وكل الشعب. وتبارك الجميع منه. ودفنوه في قبر نحتوه له في تلك الكنيسة، في الجانب الشرقى منها. ولقبت الكنيسة باسم القديس مرقس.
وفى نفس مكان دفنه، استشهد البطريرك الاسكندرى القديس بطرس (خاتم الشهداء) في عهد جاليريوس مكسيموس سنة 310 على نفس مقبرة سلفه الرسول الشهيد (12).
أما ماذا حدث لرأس القديس مرقس وجسده، فقد خصصنا له فصلا قائما بذاته في هذا الكتاب.
و الكنيسة المقدسة تعيد لاستشهاد القديس يوم 30 برموده، بينما تعيد الكنائس الغربية في يوم 25 ابرايل (25 نيسان).
وحسبما ورد في شينويكون عمره عند استشهاده 58 سنة. ويقول البطريرك مكسيموس مظلوم (13) في كتابه الكنز الثمين في أخبار القديسين عن القديس مارمرقس.
[وقد اضحى قبره مجيدا ومكرما عند المسيحيين بعبادة كليه، حتى أنهم كانوا يأتون من أمكنه بعيدة لزيارته. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ومن جملتهم نقرأ في تاريخ الجيل الرابع عن الكاهن القديس فيلورومس أنه سافر من اقليم غلاطية وكبادوكية إلى الإسكندرية ليزور هذا القبر الجليل، الذي تشيدت فيما بعد عنده كنيسة فخمة مع دير ثبتا إلى الجيل الثامن شائعى الذكر]..(14).
____________________
7-نفس المرجع السابق.
8-ذكر ابن كبر (الفصل الرابع أن القديس كان بتولا وكذلك أنبا ساويرس اسقف نستروه
9-المكان الذي اعدوا فيه الحطب لحرق القديس هو المكان الذي عرف باسم الافانجليون أو الانجيليون.
وقال عنه اميلينو في كتابه عن جعرافية مصر في العهد القبطى، إنه كان في الجهة الغربية من المدينة وقال العلامة كاترمير Quatremere إنه في جهة عامود السوارى. وأن جسد القديس الذي سلم من الحريق بمعجزة، تنقل من هذه الجهة إلى دار البقر حيث وضع في الكنيسة..
استشهاد مارمرقس الرسول اول باباوات الاسكندرية (30 برمودة)
في مثل هذا اليوم الموافق 26 أبريل سنة 68 م. إستشهد الرسول العظيم القديس مرقس كاروز الديار المصرية وأول باباوات الإسكندرية واحد السبعين رسولًا كان اسمه أولا يوحنا كما يقول الكتاب: أن الرسل كانوا يصلون في بيت مريم أم يوحنا المدعو مرقس (أع 12: 12) وهو الذي أشار إليه السيد المسيح له المجد بقوله لتلاميذه: "إذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له. المعلم يقول وقتي قريب وعندك أصنع الفصح مع تلاميذي (مت 26: 18) " ولقد كان بيته أول كنيسة مسيحية حيث فيه أكلوا الفصح وفيه أختبأوا بعد موت السيد المسيح وفي عليته حل عليهم الروح القدس.
ولد هذا القديس في ترنا بوليس (من الخمس مدن الغربية بشمال أفريقيا) من أب اسمه أرسطو بولس وأم أسمها مريم. إسرائيلي المذهب وذي يسار وجاه عريض، فعلماه وهذباه بالآداب اليونانية والعبرانية ولقب بمرقس بعد نزوح والديه إلى أورشليم حيث كان بطرس قد تلمذ للسيد المسيح. ولأن بطرس كان متزوجا بابنة عم أرسطو بولس فكان مرقس يتردد على بيته كثيرا ومنه درس التعاليم المسيحية.
وحدث أن أرسطو بولس وولده مرقس كانا يسيران بالقرب من الأردن وخرج عليهما أسد ولبؤة وهما يزمجران فخاف أبوه وأيقن بالهلاك ودفعته الشفقة على ولده أن يأمره بالهروب للنجاة بنفسه ولكن مرقس طمأنه قائلا لا تخف يا أبي فالمسيح الذي أنا مؤمن به ينجينا منهما. ولما اقتربا منهما صاح بهما القديس قائلا "السيد المسيح ابن الله الحي يأمركما أن تنشقا وينقطع جنسكما من هذا الجبل " فانشقا ووقعا على الأرض مائتين فتعجب والده وطلب من ابنه أن يعرفه عن المسيح فأرشده إلى ذلك وآمن والده وعمده بالسيد المسيح له المجد.
وبعد صعود السيد المسيح استصحبه بولس وبرنابا للبشارة بالإنجيل في أنطاكية وسلوكية وقبرص وسلاميس وبرجة بمفيلية حيث تركهما وعاد إلى أورشليم وبعد انتهاء المجمع الرسولي بأورشليم استصحبه برنابا معه إلى قبرص.
وبعد نياحة برنابا ذهب مرقس بأمر السيد المسيح إلى أفريقية وبرقة والخمس المدن الغربية. ونادي في تلك الجهات بالإنجيل فآمن على يده أكثر أهلها. ومن هناك ذهب إلى الإسكندرية في أول بشنس سنة 61 م. وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه وكان عند الباب إسكافي أسمه إنيانوس، فقدم له الحذاء وفيما هو قائم بتصليحه جرح المخراز إصبعه فصاح من الألم وقال باليونانية " اس ثيؤس" (يا الله الواحد) فقال له القديس مرقس: "هل تعرفون الله؟ " فقال " لا وإنما ندعو باسمه ولا نعرفه". فتفل على التراب ووضع على الجرح فشفي للحال، ثم أخذ يشرح له من بدء ما خلق الله السماء والأرض فمخالفة آدم ومجيء الطوفان إلى إرسال موسى وإخراج بني إسرائيل من مصر وإعطائهم الشريعة وسبي بابل ثم سرد له نبوات الأنبياء الشاهدة بمجيء المسيح فدعاه إلى بيته وأحضر له أولاده فوعظهم جميعا وعمدهم باسم الأب والابن والروح القدس.
ولما كثر المؤمنون باسم المسيح وسمع أهل المدينة بهذا الآمر جدوا في طلبه لقتله. فرسم إنيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة ثم سافر إلى الخمس المدن الغربية وأقام هناك سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوسًا وشمامسة.
وعاد إلى الإسكندرية فوجد المؤمنين قد ازدادوا وبنوا لهم كنيسة في الموضع المعروف ببوكوليا (دار البقر) شرقي الإسكندرية على شاطئ البحر وحدث وهو يحتفل بعيد الفصح يوم تسعة وعشرين برمودة سنة 68 م. وكان الوثنيون في اليوم نفسه يعيدون لألههم سرابيس، أنهم خرجوا من معبدهم إلى حيث القديس قبضوا عليه وطوقوا عنقه بحبل وكانوا يسحبونه وهم يصيحون "جروا الثور في دار البقر" فتناثر لحمه وتلطخت أرض المدينة من دمه المقدس وفي المساء أودعوه السجن فظهر له ملاك الرب وقال له "افرح يا مرقس عبد الإله، هودا اسمك قد كتب في سفر الحياة وقد حسبت ضمن جماعة القديسين". وتواري عنه الملاك ثم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام فابتهجت نفسه وتهللت".
وفي اليوم التالي (30 برمودة) أخرجوه من السجن وأعادوا سحبه في المدينة حتى أسلم روحه الطاهرة ولما أضرموا نارا عظيمة لحرقه حدثت زلازل ورعود وبروق وهطلت أمطار غزيرة فارتاع الوثنيون وولوا مذعورين. وأخذ المؤمنون جسده المقدس إلى الكنيسة التي شيدوها وكفنوه وصلوا عليه وجعلوه في تابوت ووضعوه في مكان خفي من هذه الكنيسة.
صلاة هذا القديس العظيم والكاروز الكريم تكون معنا ولربنا المجد دائمًا. آمين".
إننا نجد في أقدم الكتابات التي وصلت إلينا من آباء الكنيسة الأولين أن الاعتقاد السائد كان أن يوحنا الرسول، ابن زبدي، هو كاتب هذا الإنجيل. وايرانيوس الذي كان أسقف بيون حوالي 185 م. كان تلميذًا لبوليكاربوس الذي كان تلميذًا ليوحنا الرسول، وايرانيوس هذا يقول أن يوحنا الرسول هو الذي كتب إنجيل يوحنا، وكتبه في افسس بعد انتشار الأناجيل الأخرى.
أما بعض الأدلة الداخلية أو المأخوذة من الإنجيل نفسه والتي تؤيد هذا الرأي فهي:
1- كان كاتب الإنجيل يهوديًا فلسطينيًا، ويظهر هذا من معرفته الدقيقة التفصيلية لجغرافية فلسطين والأماكن المتعددة في أورشليم وتاريخ وعادات اليهود، (يوحنا 1: 21 و28 و2: 6 و3: 23 و4: 5 و27 و5: 2 و3 و7: 46-52 و9: 7 و10: 22 و23 و11: 18 و18: 28 و19: 31). ويظهر من الأسلوب اليوناني للإنجيل بعض التأثيرات السامية فيه.
2- كان كاتب واحدًا من تلاميذ المسيح ويظهر هذا من استخدامه ضمير المتكلم الجمع (يوحنا 1: 14). وفي ذكر كثير من التفاصيل الخاصة بعمل المسيح ومشاعر تلاميذه (يوحنا 1: 37 و2: 11 و17 و4: 27 و54 و9: 2 و11: 8-16 و12: 4-6 و21: 22 و13: 23-26 و18: 15 و19: 26 و27 و35 و20: 8). ويتضح من يوحنا 21: 24 أن كاتب هذا الإنجيل كان واحدًا من تلاميذ المسيح.
3- كان كاتب الإنجيل هو "التلميذ الذي كان يسوع يحبه" (يوحنا 13: 23 و19: 26 و20: 2 و21: 7 و20 و21 وقارن هذه بما جاء في 21: 24). وكان هذا التلميذ هو يوحنا نفسه.
ويستطيع القارئ المتعمق أن يميز نفس كاتب هذا الإنجيل من الوهلة الأولى. وكذلك الأمور التي يتضمنها والتي هي من المختصات به، لأنه قلما ذكر فيه من الأمور التي ذكرها البشيرون الثلاثة الأولون. فقد تكلم أولئك أكثر منه عن أعمال المسيح في الجليل وهو تكلم أكثر منهم عما فعل في أورشليم.
ومن الأمور التي تركها، مما ذكره غيره من البشيرين خبر ميلاد المسيح، ومعموديته، وتجربته، وكثيرًا من أمثاله، وأحاديثه، ودعوة الاثني عشر رسولًا، وجميع عجائبه، ما عدا إشباع الخمسة الآلاف ص 6 الذي قصد به أن يوجه أنظار الناس إلى خبز الحياة الباقي.
وكان الداعي إلى كتابة الإنجيل الرابع تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح وناسوته ودحض البدع التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة كبدع الدوكينيين والغنوسيين والكيرنشيين، والأبيونيين. فقد زعم الدوكينيين والغنوسيون أن جسد المسيح لم يكن جسدًا حقيقيًا. وانكر الكيرنثيون لاهوته. وادعى الأبيونيون أنه لم يكن كائنًا قبل مريم أمه. ولهذا كانت غايته إثبات لاهوت المسيح "أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمة" (20: 31). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وإعلان مجده- "ورأينا مجده مجدًا، كما لوحيد من الآب مملوءًا نعمة وحقًا" (1: 14).
والاستعارات التي تستهل بلفظة "أنا" أو "أنا هو" تريق نورًا ساطعًا على سر المسيح الإلهي الذي كان منذ البدء: "قبل أن يكون إبرهيم أنا كائن" (يو 1: 1 و8 : 58 وقابل 13: 19). وليست لفظة أنا سوى تعبير للذات الإلهية (خر 3: 14). وهذه الكينونة تحمل في ذاتها زمانًا وتاريخًا.
وأما المسيح فهو وحيد الآب (يو 1: 14 و18 و3: 16 و18). "منذ البدء عند الله". بادئ الكون. "إله من إله". "نور من نور". "إله حق من إله حق". "مولود غير مخلوق". كما جاء في غرة الإنجيل، وفي قانون الإيمان النيقوي فيما يعد. ومجده هو مجد "النعمة والحق" هما من خواص الذات الإلهية (خر 35: 6). والرباط الإلهي بين الآب والابن هو المحبة (يو 15: 6). لع للابن (يو 3: 35 و13: 3 و17: 2). وقد عبر عن مجده الإلهي الذي ظهر بأجلى بيان في صليبه بهذه الكلمات: أنا هو "الخبز" (يو 6: 48)، "النور" (8: 12)، "الراعي" (10: 11 و14)، "الباب" (10: 9)، "القيامة" (11: 25)، "الطريق" (14: 6)، "الكِرمة" (15: 1 و5) فالخبز يكسر. والنور يصارع الظلمة. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. والباب يعبر منه. والقيامة تتبعها الحياة لأنه "إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت، فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت فإنها تأتي بثمر كثير". (12: 24). والطريق يداس. والكرمة تعصر.
ومن الأمور التي اختص إنجيل يوحنا بذكرها إرشاد يوحنا المعمدان تلاميذه إلى اتباع يسوع ص 1. وتحويل المسيح الماء خمرًا ص2. وشفاؤه ابن خادم الملك ص4. وشفاؤه المريض في بركة بيت حسدا ص 5. والأعمى في بركة سلوام ص 9. وإقامته لعازر من الموت ص 11. وحديثه مع نيقوديموس ص 3. ومع المرأة السامرية ص 4. ومع الفريسيين عن لاهوته ص 5. وخطابه الوداعي لتلاميذه ص 14-16 وصلاته الشفاعية ص 17. وظهوره بعد قيامته على بحر الجليل ص21.
ويمكن تقسيم الإنجيل على هذا النحو :
1- إصحاح 1: 1-18 الديباجة- وهي تعمق في سر التجسد.
2- إصحاح 1: 19-51 شهادة يوحنا ليسوع وشهادة التلاميذ له وشهادة يسوع لنفسه.
القديس يوحنا الانجيلى
الوحيد الذى لم يستشهد من الانجيليين الابعه (مثل استشهاد : متى -مرقس - لوقا )وانتقل للسماء بنهايه ايامه منفيا فى جيره بطمس
----------------------------------
نياحة القديس يوحنا الإنجيلى سنة 100 ميلادية (4 طوبة)
في مثل هذا اليوم من سنة 100 م. تنيح القديس يوحنا البتول الإنجيلي الرسول وهو ابن زبدي ويقول ذهبي الفم انه تتلمذ أولا ليوحنا المعمدان وهو أخو القديس يعقوب الكبير الذي قتله هيرودس بالسيف وقد دعاه المخلص مع أخيه (بوانرجس) أي ابني الرعد، لشدة غيرتهما وعظيم إيمانهما. وهو التلميذ الذي كان يسوع يحبه. وقد خرجت قرعة هذا الرسول ان يمضي إلى بلاد أسيا. ولان سكان تلك الجهة كانوا غلاظ الرقاب فقد صلي إلى السيد المسيح ان يشمله بعنايته، وخرج قاصدا أفسس مستصحبا معه تلميذه بروخورس واتخذ لسفره سفينة وحدث في الطريق ان السفينة انكسرت وتعلق كل واحد من الركاب بأحد ألواحها وقذفت الأمواج بروخورس إلى إحدى الجزر. أما القديس يوحنا فلبث في البحر عدة أيام تتقاذفه الأمواج حتى طرحته بعناية الرب وتدبيره إلى الجزيرة التي بها تلميذه. فلما التقيا شكرا الله كثيرا علي عنايته بهما. ومن هناك مضي القديس يوحنا إلى مدينة أفسس ونادي فيها بكلمة الخلاص. فلم يتقبل أهلها بشارته في أول الأمر إلى ان حدث ذات يوم ان سقط ابن وحيد لامه في مستوقد حمام كانت تديره فأسرعوا لإخراجه ولكنه كان قد مات. فعلا العويل من والدته وعندئذ تقدم الرسول من الصبي وصلي إلى الله بحرارة ثم رشمه بعلامة الصليب ونفخ في وجهه فعادت إليه الحياة في الحال. فابتهجت أمه وقبلت قدمي الرسول ودموع الفرح تفيض من عينيها. ومنذ تلك اللحظة اخذ أهل المدينة يتقاطرون إليه ليسمعوا تعليمه. وآمن منهم عدد كبير فعمدهم. وأثار هذا الأمر حقد كهنة الأوثان فحاولوا الفتك به مرارا كثيرة ولم يتمكنوا لان الرب حافظ لأصفيائه وأخيرا بعد جهاد شديد ومشقة عظيمة ردهم إلى معرفة الله ورسم لهم أساقفة وكهنة، ومن هناك ذهب إلى نواحي آسيا ورد كثيرين من أهلها إلى الإيمان. وعاش هذا القديس تسعين سنة وكانوا يأتون به محمولا إلى مجتمعات المؤمنين ولكبر سنه كان يقتصر في تعليمه علي قول (يا أولادي احبوا بعضكم بعضا) وقد كتب الإنجيل الموسوم باسمه وسفر الرؤيا التي رآها في جزيرة بطمس المملوءة بالأسرار الإلهية وكتب الثلاث رسائل الموسومة باسمه ايضا. وهو الذي كان مع السيد المسيح عند التجلي والذي اتكأ علي صدر الرب وقت العشاء وقال له من الذي يسلمك.. وهو الذي كان واقفا عند الصليب مع العذراء مريم وقد قال لها السيد المسيح وهو علي الصليب: هو ذا ابنك وقال ليوحنا: هو ذا أمك. وهو الذي قال عنه بطرس يارب وهذا ما له فقال له يسوع ان كنت أشاء انه يبقي حتى أجئ ماذا لك.
و لما شعر بقرب انتقاله من هذا العالم دعا إليه الشعب وناوله من جسد الرب ودمه الأقدسين، ثم وعظهم وأوصاهم ان يثبتوا علي الإيمان ثم خرج قليلا من مدينة أفسس وأمر تلميذه وآخرين معه فحفروا له حفرة هناك. فنزل ورفع يديه وصلي ثم ودعهم وأمرهم ان يعودوا إلى المدينة ويثبتوا الاخوة غلي الإيمان بالسيد المسيح قائلا لهم: إنني برئ الآن من دمكم، لأني لم اترك وصية من وصايا الرب إلا وقد أعلمتكم بها. والآن اعلموا أنكم لا ترون وجهي بعد. وان الله سيجازي كل واحد حسب أعماله. ولما قال هذا قبلوا يديه ورجليه ثم تركوه ومضوا. فلما علم الشعب بذلك خرجوا جميعهم إلى حيث القديس فوجدوه قد تنيح فبكوه بحزن عميق وكانوا يتحدثون بعجائبه ووداعته وانه وان لم يكن قد مات بالسيف كبقية الرسل إلا انه قد تساوي معهم في الأمجاد السماوية لبتوليته وقداسته.
Alaa Kamel
بالنسبة للوقا الإنجيلى فهناك فرق بين المعاصرة والمعاينة ، أنت راجل بتاع علوم سياسية وفاهم طبعا ، المعاصرة هى الكينونة فى نفس التاريخ حتى ولو فى مكان مختلف أما المعاينة فهى رؤى العين ، ومن هذا المنطلق فإن لوقا بالفعل لم يعاين السيد المسيح لأن لوقا ببساطة من سكان أنطاكية وليس أورشليم ولكن من جهة المعاصرة فهو قد عاصره ، أما بالنسبة لمرقس فقد عاصر السيد المسيح وعاينه أيضا حسب التفسيرات وحسب رأى نقاد الكتاب المقدس من الملحدين، لوقا بالفعل رسم أكثر من لوحة للسيدة العذراء وربما كانت من وحى الخيال أو حسب الوصف النقلى عن شهود العيان عندما سافر إلى أورشليم أو ربما عن طريق الشكل العام لبنات اليهودية فلو ذهبت إلى المتحف القبطى ستجد أن الرسامين فى الحضارة القبطية كانوا يرسمون وجوه لوحاتهم باشكال تكاد تكون نمطية وموحدة من جهة التفاصيل العريضة مثل إتساع العينين وضيق الفم والشعر القصير المجعد وهذا يعكس أن الرسام كان يستلهم لوحاته من الشكل العام لأهل تلك الفترة واعتقد أن نفس الشىء فى الفن الإغريقى والرومانى...معلومة صغيرة : الظهورات التى تظهر بها السيدة العذراء لا تنتمى للشكل الذى رسمه لوقا الإنجيلى وهذا أكبر دليل إن الظهورات ليست خدعة وإلا من باب أولى كانت الظهورات صممت لتتوافق مع هذة اللوحات القديمة...أما بالنسبة إن النور إطفى والظهور ظل موجود لأنه " علق " حسب وصفك فأعذرنى هذا وصف غير دقيق ، فكيف لمصدر الشكل أن يطفأ ويظل الشكل موجودا؟؟ بالإضافة أن الظهورات إذا كانت بفعل فاعل ومجرد ضوء مصطنع فهى عرضة للرؤيا من البشر جميعا إلا الأعمى منهم وهو على عكس ما يحدث تماما فعند الظهورات تجد الألاف يرون المشهد والألاف لا يرونه فى نفس المكان وهو ما يستحيل معه أن تكون هذة الظهورات مصطنعة...دمت بود