- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
الإيمان لا يمكن أن يكون أعمى ويستحيل أن يفرض على الإنسان من فوق، بل يتخذ كل إنسان قرار الإيمان انطلاقا من خبرة الحياة الشخصية من واقع حياته ...
إخوتي في الرب الذين أحبهم بكل قلبي، المختارين لمجد لا يزول قبل الأزمنة السالفة في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع كما قال القديس الرائع بولس الرسول، نعمة ورحمة وسلام، ومحبة الله الآب وربنا يسوع المسيح لتكثر بينكم بغنى فيض روح الحق المعزي ...
أكتب أليكم كإخوة أحباء في الجسد الواحد غير المنقسم، فإن الأصدقاء الذين يحبون بعضهم دائماً يعيشون في اتفاق المحبة المتبادلة ولكنها أحياناً تتبدل وتتغير حسب الظروف والحياة الحاضرة الزائلة، أما الحب الإلهي المنسكب بالروح القدس يستحيل أن يتحول أو يتغير، بل هو ثابت متسع ودائم الانسكاب ولا يستريح إلا في تحقيق الوحدة المنسجمة باتفاق بلا انقسام ...
والمحبة الإلهية في عمق معناها (( أغابي ))، وهي محبة تلقائية غير واجبه، فهي موهوبة دائماً مجاناً، وهي فريدة من نوعها خلاقة دائماً، وهي حتماً تستمر في توليد المحبة باستمرار دائم وتتسع كل حين إلى ما لانهاية، وهي تفيض من الله لأنها طبيعته: (( الله محبة ،، God is love )) ( 1يو4: 8 )
وهذه المحبة إذا سكنت القلب تنشأ فيه الحيرة والقلق إلى أن تنجح في التعبير عن نفسها في العمل وترجمته في واقع الحياة المعاشة ..
وهي من المستحيل أن تنغلق على نفسها بل تنطلق لتعبر عن ذاتها، بالبذل والعطاء الدائم والاتساع الذي يزيد يوماً بعد يوم بروح التقوى والاتضاع الذي لا يعرف كبرياء أو تعالي على الآخرين قط !!!
بهذه المحبة التي من الله أكتب إليكم في الحق ، إذ أنني لا أصادقكم صداقة حسب قانون الجسد والناس، لأني لا أعرف الكثير منكم على المستوى الشخصي، بل أحبكم حب الإخوة الأشقاء التي وهبنا الله إياها حسب سكيب روحه القدوس الذي لا يهدأ في قلوبنا جميعاً إلا حينما نُعبَّر عنه وننفث عن طاقة المحبة التي وهبنا الله إياها تجاه بعضنا البعض، لذلك دائماً ما نشترك جميعنا في الكتابة ونقل الموضوعات حتى نمجد الله ونشترك بقلب واحد ونفس واحدة في محبته وتمجيد اسمه العظيم بمحبتنا بعضنا لبعض بقلب طاهر بشدة...
وأحب أن أكتب لكم بخبرة صغيرة لعلها تكون فائدة لأحد ما فيكم، إذ إني أُريدكم أن تعلموا أيها الأحباء أننا معرضون لأتعاب كثيرة، وحسب كل واحد فينا ومجاله، وأعلموا أن مهما كانت الضيقة والمشقة والآلام في أي اتجاه وبأي كيفيه لم توجد في حياتنا صدفة أو ظلماً، ولكن الضيقة تنبه القلب وتشفي النفس شفاءً تاماً، وكما قال القديس بولس متى تألم الجسد كُف عن الخطية ...
وفي الحقيقة أيها الأحباء أكتب أليكم بكلمات القديس العظيم الأنبا أنطونيوس كأُناس عقلاء يعرفون أنفسهم: [ لأن من عرف نفسه عرف الله، ومن عرف الله يستحق أن يعبده بالروح والحق ]، [ فيا أحبائي أعرفوا أنفسكم لأن الذين عرفوا أنفسهم يعرفون زمانهم، والذين يعرفون زمانهم يستطيعوا أن يبقوا ثابتين .. ]
وأحب أن أقول شيئاً بسيطاً إليكم بكلمات قليلة علها تصل لكل قلب فبكم:
الله لا يُريد أن يفرض نفسه على البشر، أنه يحترم حرية الإنسان، ولا يكشف ذاته إلا لمن يريد أن يفتح له ذهنه وقلبه !!!
والله لا يهمل الإنسان أو يخونه أبداً، أو يريد عذابه وشقاؤه، ولكنه تجسد وتأنس وصار إنساناً وأعطانا أن نصير في حالة من الشركة الحقيقية معه لتتحقق فينا صورته عن جدارة، وأراد أن نتشرب منه الطريقة الإلهية في محبة الإنسان كل إنسان مهما كان ...
الله لم يأتي ألينا ليعطينا أفكاراً أو فلسفة جديدة، أو معلومات ونصائح .. الخ .. بل أتى ليغيرنا، أي يغير قلوبنا ويجعلنا نشترك معه متحدين به اتحاد حقيقي غير قابل للافتراق أو الانقسام، كما قال الآباء القديسين والكتاب المقدس في العهد الجديد ..
الله لا يُسرّ بالإنسان أن مضى في طريقه ولم يسعى لمعرفته الحقيقية ليدخل إلى سره، وسرّ الله في إعلانه، وإعلانه إعلان خلاص وشفاء للإنسانية المتعبة بالتجديد لنوال الحياة الأبدية بالتعليم الذي من فوق، في الحق المعلن بالروح القدس، ولا يصح أن يقول أحد أن هذا ليس لي بل هو للآخرين أو للقامات العالية أو لأناس قديسين، فالله يا أخي ويا أختي، لم يأتي ليدعو أبراراً للتوبة، ولا قديسين للحياة، ولا عظماء هذا الدهر ليكونوا مستحقين للحياة معه، بل اختار الله ادنياء العالم والمزدرى وغير الموجود، اختار الفجار والأشداء في الشر ليكونوا قديسين ويحولهم عن طريق الموت ليدخلهم إليه ويشركهم حياته بالروح القدس الذي يسكننا...
فاحذروا من وهم عدو الذي يوهمكم أن الحياة ليست لكم، ولا القداسة ليست لحياتكم، فأسألكم وقولوا لي من هم أعظم عظاء القديسين، أليسوا كانوا عشارين وخطاه وقتله وزواني !!!
فانظروا لدعوتنا الشريفة التي من الله للجميع، ولا تقدم لشخص أو عينه واحدة من البشر، فلا يقول أحد أن القداسة قاصرة على الرهبان أو الكهنة أو الأساقفة فقط !!! الله لا يحابي بالوجوه ولا ينحاز لفئة معينه يخصها بالقداسة والإنسان البسيط العادي ليس له نصيب !!! فكم من علمانيين عاشوا بعمق مع الله أكثر من الرهبان، وكم من النساء المتزوجات باتضاع عظيم صاروا أعظم من البطاركة في عين الله الحي، وناول أكاليل أعظم من الذين قادوا الكنيسة، الكل مدعو للحياة والله لن يسال عن شكلنا إنما يسأل على أين كان قلبنا !!!
أختم كلماتي بكلمات القديس إيرينيئوس والتي أحب أن أكتبها دائماً :
[ الرجل الحي هو مجد الله ، أما حياة الرجل فهي رؤية الله ] وبالطبع المرأة أيضاً ...
يا للعجب الله يعطي ولا نأخذ !!![ الرجل الحي هو مجد الله ، أما حياة الرجل فهي رؤية الله ] وبالطبع المرأة أيضاً ...
الله ينظر ولا نهتم !!!
الله يتحرك ونحن نقف !!!
وكما هو مكتوب من لهُ أذنان للسمع فليسمع
الرب معكم ، كونوا معافين باسم الثالوث القدوس
الرب معكم ، كونوا معافين باسم الثالوث القدوس