- إنضم
- 24 ديسمبر 2012
- المشاركات
- 2,622
- مستوى التفاعل
- 786
- النقاط
- 113
![](http://www.alarab.net/data/news/2010/03/22/hands.jpg)
هل أنت وحيد؟
قد تكون شاباً (أو فتاة) تعيش في مدينة كبيرة وتحتك بالناس طوال اليوم، لكنك مع ذلك تشعر بألم وغصَّة الوحدة وسط كل الحشود المتحركة من الناس حولك.
قد تكون محاطاً بمجموعة من الأصدقاء أو الزملاء أو حتى الجيران، لكنك تشعر بأنك الوحيد الذي يحاول أن يعيش حياة مستقيمة بعيدة عن الإثم وسط عالم مليء بالشرور والمعاصي. فأنت وحدك تعاني من ضحكات وانتقادات أصدقائك لأنك تقرأ كتابك المقدس وتسجد للصلاة ولا تذهب معهم في سهرات جامحة للسكر والعربدة.
أو ربما تشعرين بالوحدة الناتجة عن كونك أماً احتملت سنين عديدة من الفوضى والمسؤوليات الكثيرة والصراخ المُستمر لأطفالها الصغار، ثم فجأة فرغ البيت عليكِ وأصبح هادئاً ومُرتــَّباً. مع أنك كنت سابقاً تحلمين بالعيش في بيت هادئ ومُرتـَّب، لكنك الآن لا تطيقين هذا الوضع! فتلجأين إلى الراديو أو التلفزيون أو الستالايت لتبددي الهدوء القاتل وتبعدي عنك ذلك الشعور المزعج بالوحدة.
قد تكون قد واريت رفيقة حياتك التراب، والآن ليس بجانبك أحد ليشاركك آمالك وأحلامك وأفراحك ومخاوفك... فتتساءل ما الذي بقي لك لتعيش من أجله!
نعم هناك الكثير من الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة في هذا العالم ويشتاقون للرفقة والتفاهم. تـُرى... ما الذي تقدِّمه لنا بشارة الإنجيل بهذا الخصوص ولكل الذين يشعرون بالوحدة؟
هناك الكثير من القصص الواردة في الكتاب المقدس تتحدث عن أناس شعروا بالوحدة، إلا أنهم لم يستسلموا لهذا الشعور أو ينهزموا أمامه. بل إن البعض من هؤلاء الأشخاص تعلـَّموا أعظم الدروس من وحدتهم. فالنبي إيليا، على سبيل المثال، شعر بالوحدة بعدما هرب من الملكة الشريرة إيزابل وغضبها الشديد عليه لأنه قتل أنبياء البعل ودعا الناس لعبادة الله، الإله الواحد. ونقرأ عن موقفه هذا في سفر ملوك الأول 19: 11 إذ تقول كلمات الآية بأن النبي رفع بلواه أمام الله قائلاً: "بني إسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف فبقيتُ أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها". لكن الله العلي أكـَّد له بأنه ليس لوحده في إخلاصه وعبادته لله وأن هناك 7000 شخص آخر رفضوا أن يعبدوا ويسجدوا للآلهة التي أمرتهم الملكة إيزابل والملك آخاب بعبادتها. وأثناء وحدته تلك التي وصل فيها الحد إلى أنه طلب فيها الموت لنفسه، كلــَّمه الله وأوكل إليه مهمة هامة ليقوم بها، وهي مواصلة نشر رسالته وسط الشعب وضرورة عودتهم إلى عبادة الله الواحد والتخلي عن العبادات الأخرى.
مثال آخر هو الرائي يوحنا (أحد تلامذة السيد المسيح)، الذي حُكم عليه بالإقصاء والحبس المؤبَّد في جزيرة نائية (جزيرة بطمس) بعيداً جداً عن باقي المؤمنين والأهل والأصحاب. وعلى تلك الجزيرة القاحلة، وأثناء يوم السبت المُبارك، وبينما كان الرسول يوحنا يتعبَّد لله، أعطاه الله رؤيا عن مجيئه المجيد، والتي دوَّنها في سفر الرؤيا (السفر الأخير من الكتاب المقدس) من أجل فرح وتعزية كل المؤمنين عبر كل العصور وإلى وقت مجيء السيد المسيح الثاني.
أما الرسول بولس فقد مرَّ باختبارات كثيرة في رحلة إيمانه شعر أثناءها بالوحدة، خاصة في الفترات التي قضاها مسجوناً من أجل تعليمه باسم السيد المسيح. ولكن نتج عن تلك الاختبارات توصيات ونصائح كتبها في رسائله التي شجَّعت وقوَّت العديد من المؤمنين وثبتتهم على الإيمان والعمل الصالح.
إن الله لا يريد من عباده أن يشعروا بالوحدة. ونقرأ في الأصحاح الثاني من سفر التكوين، الآية 18 هذه الكلمات: "وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده. فأصنع له مُعيناً نظيره". ولذلك خلق الله أمَّنا حواء كرفيقة لأبينا آدم حتى لا يكون وحيداً. كما أن السيد المسيح أوصى تلاميذه أن يذهبوا اثنين اثنين لينشروا تعاليمه والأخبار السارة عن السماء والحياة الأبدية. لذلك علينا أن نكون اجتماعيين لأن الله خلقنا على هذه الصورة، ولم يخلقنا لنعيش كل واحد في عالمه الخاص وبعيداً عن الآخرين.
قال أحدهم:‘إنَّ الناس يشعرون بالوحدة لأنهم يبنون أسواراً بدلاً من جسور’. فلِمَا لا تـُسارع اليوم ببناء جسر لشخص يحتاج إليك! اجعله يشعر بدفء اهتمامك ومحبتك. قد لا تحب أن تبدأ أنت بخطوة التـَّعرُّف إلى أحد، وقد تفضـِّل الجلوس خلف السور الذي بنيته حول نفسك منتظراً زيارة شخص لك. لكنني أطلب إليك الآن، ومنذ هذه اللحظة أن تنسى وتتناسى طبيعتك هذه وتمد يدك لشخص آخر يُعاني مِن الوحدة. وقد تتفاجأ بنتيجة خطوتك هذه! وتذكـَّر وعد الله القائل بأنه تعالى "قريب من كل الذين يدعونه" (مزمور 145: 18)، وهو سبحانه "قريب مِن المنكسري القلوب ويُخلــِّص المنسحقي الروح" (مزمور 34: 18). وقد أكـَّد لنا السيد المسيح حقيقة وجوده معنا إذ قال في إنجيل متى 28: 20
"وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر".
"وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر".
فطالبه اليوم بتحقيق وعده معك، ولا تبقى حبيس الوحدة مستسلماً لها. وتذكــَّر بأن ‘الشعور بالوحدة ناتج عن سوء العلاقة مع الآخرين، وسوء العلاقة مع الآخرين ناتج عن سوء التفاهم معهم’ فلا تبني أسواراً بل جسوراً للتفاهم.
أشكرك أحبك كثيراً
يسوع المسيح يحبكم
هو ينبوع الحياة الأبدية والى الأزل
آمين
يسوع المسيح يحبكم
هو ينبوع الحياة الأبدية والى الأزل
آمين