من مذكرات أحد الآباء الرهبان .....
من كتاب لنيافة الأنبا يوأنسالأسقف العام
في يوم الإثنين : " أتيت إلى الرب إلهي فيالصباح الباكر .... وسجدت أمامه ... ونظر إليَ بعينيه الحانيتين الشافيتين ... ثم احتضنني ... وبعد ذلك نظر الرب إلى شجرة التين ، وهو يقول لي : إنظر إلى هذه الشجرة ، فعندما رأيتها عن بُعد مورقة ، جئت إليهالعلي أجد فيها ثمراً ، ولكني لم أجد إلا ورقا
ً مر13:11) ... فأجبت إلهي الحبيب القدوس : لعل هذه الشجرة ترمز إلى حياتي في كثير من الأوقات ... إذ أبدو وكأنيمثمر ، ولكني خاو من ثمر الروح ، بل وقلبي يمتلئ من خطايا كثيرة ... وها أنتأيها الحبيب القدوسستجوز آلاماً كثيرة عنخطاياي هذه وخطايا إخوتي بني البشر ... هناوصمت الحبيبالقدوس ... ثم نظر إليَ بعينيه الحانيتين ، فصرت أصيح من أعماق - بتوبة صادقة -
لك القوة والمجد والبركة والعزة في حياتي إلىالأبد آمين ياعمانوئيل إلهنا وملكنافي يومالثلاثاء : نلتقي بالرب يوم الثلاثاء وهو يعلم في الهيكل.... يقول ذلك الراهب: كنت أجلس عند قدمي السيد يوم الثلاثاء وهو يُعلمرؤساء الكهنة وشيوخ الشعب بأمثال عن نهاية العالم والدينونة العتيدة أنتكون ... وتأملت كثيراً في تلك الساعة ومصيري الأبدي ... وأثناء عودتناإلى بيت عنيا في المساء ، تقدمت لأسير بجانب مُخلصي الصالح وتحدثت معهفي الأمثال التي ذكرها عن الدينونة العتيدة ... وقال لي الرب بحنانهالفائق : تأمَل كثيرا يا حبيبي إن أيامك القصيرة جدا على الأرض ترسمبدقة أبديتك الطويلة جدافي يوم الأربعاء: نلتقيبالرب في خلوته ببيت عنيا .... فيقول ذلك الأب الراهب في مذكراته : وكانت الساعة السادسة مساء والهدوء يخيم على المكان ... وكان السيد جالسابمفرده ينظر إلى بعيد فتقدمت إليه ، وسجدت له ... وإذ به يحتضننيبوجهه الحاني المملوء حبا ً وحنانا ً ... فسألته : لماذا لم تذهبللهيكل اليوم ؟ أجابني - له المجد- بقوله : ألم تقرأ في العهد القديمأن الخروف يكون تحت الحفظ أربعة أيام ، ويستريح في اليوم السابق لذبحه ...
فها أنا أقضي هذا اليوم في صمت واختلاءلأعد نفسي للذبحعنك وعن إخوتك بني البشر ... حينئذ جاشت مشاعري وتأثرت للغاية .. ثم استطرد الحبيب القدوس في حديثه : وفي خلوتي كنت أنظر إلى أبيالسماوي ... إلى سماء مجدي .. وأتأمل قول أشعياء النبي : " والرب وضععليه إثم جميعنا .. أما الرب فسّر أن يسحقه بالحزن " ( إش 53: 10 ،6 ) ... حينئذ ترنمت بكل خلجاتي بتسبحة البصخة " لك القوة والمجد والبركة ..." ولكن دموعي أعاقت كلماتي ... فرّبت الحبيب القدوس على كتفي بحنانهالفائق ، وقال لي : هيا بنا إلى بيت سمعان الأبرص ، فستأتي إمرأةمُحبة وستسكب طيب محبتها على رأسئ لتُطيب قلبيفييوم الخميس : نلتقي بالرب يوم خميس العهد، وهو يغسلأرجل تلاميذه القديسين ... فيقول الراهب : أتيت إلى الحبيب في العلية ... وسجدت أمامه ... وكم فرح إلهي الحبيب عندما رآني ... ثم احتضنني ... قلتلإلهي : ماذا ستصنع الآن أيها القدوس ... قال لي : سأغسل أرجل تلاميذيثم ِرجلك وأرجل إخوتك أيضا .... هنا انزعجت للغاية ، وانتابتني قشعريرة ... كيف هذا أيها القدوس ... كيف هذا ؟؟!! ... ابتسمالحبيب في هيبة وهدوء وقال ، : سوف ترى.... " قام ( السيد) عن العشاء،وخلع ثيابه ، وأخذ منديلا واتزر به . ثم صب ماء في مغسل ، وابتدأيغسل أرجل تلاميذه ويمسحها بالمنديل التي كان متزرا به " ( يو 13: 5 ،4 ) ثم نظر إليَ رب المجد بوجهه المضئ ، وقال لي : تعال ... لأغسل رجلك ... تسمَرت في مكاني وكنت أود ان اقول ما قاله بطرس من قبلي : ( لنتغسل رجليَ أبدا ً ) ولكني تقدمت ويُغطيني خجلي ودموعي، وابتدأ الربإلهي يغسل رجلي ويمسحهما بالمنشفة ... كانت لحظات رهيبة للغاية، ومبهجةوعجيبة للغاية ... وكأن ينبوع الطهر والطهارة قد غمرني تماماً ... ولعلهذا هو قول رب المجد لمعلمنا بطرس الرسول : " الذي قد اغتسل ... هوطاهر كله " ...
وبعد ذلك أخذ الرب ثيابه ، واتكأ ، وابتدأيتحدث مع تلاميذه ( وكنت جالسا معهم) ، وقال : " أتفهمون ما قد صنعتهبكم ؟ أنتم تدعوني المعلم والرب ، وحسنا تقولون ، لأني أنا هو . فإنكنت وأنا ربكم ومعلمكم قد غسلت أرجلكم ، فأنتم يجب أن يغسل بعضكمأرجل بعض . لأن ما صنعته لكم هو مثال، حتى كما صنعت أنا بكم أنتمأيضا بعضكم ببعض ....( يو13: 17-12 ) ... فصرت أنا أبكي كثيرا جدا، فتقدمرب المجد وبحنان فائق أخذني في أحد أركان العلية،
وقال لي : ماذا بك يا حبيبي ؟ ... وكنت أنا أيضا أبكيكثيرا جدا ... وبالجهد تمالكت نفسي ، وأجبت : إلهي الحبيب القدوس ، قدغسلت أرجلنا اليوم أيها القدوس وأوصيتنا ان غسلك لأرجلنا هو مثال ٌ،حتى كما صنعت أنت بنا نصنع نحن بعضنا ببعض ... ولكني كم من مرة أتسلطعلى إخوتي، وكم من مرة أتعالى عليهم ... كم من مرة أهينهم ، وكم منمرة أجرح مشاعرهم ... كم من مرة أرفض مقابلتهم ، وكم من مرة أرفضإعتذارهم ... زمن أنا ايها الحبيب القدوس إلا حفنة من التراب والرماد ( تك :27:18) ... يا لعظم خطاياي وآثامي ... إنها خطاياي وخطايا إخوتي بنيالبشر، التي ستحملها في جسدك الطاهر(
1 بط2:24) ... وتجوز الآلام عنا ... وتعطينا خلاصا هذا مقداره ( عب 3:2) هنا صرخت بكل خلجات قلبي معجمهور المصلين بالكنيسة قائلا :
لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين . عمانوئيل إلهنا وملكنافي يوم الخميس في بستان جثسيماني : كنت أتبع ربي وإلهي القدوس مع تلاميذه القديسين في طريقهم من العليةإلى جبل الزيتون ... إلى جبل جثسيماني ... حيث" قال الرب لتلاميذهالأطهار اجلسوا ههنا حتى أصلي . ثم اخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا وابتدأيدهش ( يرتاع) ويحزن . فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت . امكثوا هناواسهروا معي . ثم تقدم قليلا وخرَ على الأرض، وكان يُصلي لكي تعبر عنهالساعة إن أمكن . وقال يا أبا الآب ، كل شئ مستطاع لك ، فأجز عنيهذه الكأس . ولكن ليكن لا ما أريد أنا ، بل ما تريد أنت . ثم جاءإلى التلاميذ فوجدهم نياما ً . فقال لبطرس : أهكذا ما قدرتم أن تسهروامعي ساعة واحدة ؟ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربةمت 26 : 42-36،( مر 14: 32-39 ... هنا اقتربت أكثر إلى أن اصبحت على بُعد امتار منمُخلصي ... وهممت أتقَدم أسجد له ، ولكن قدمي قد تسمرت إذ وجدت مُخلصيالصالح جاثياً على ركبتيه تنهمر من عينيه دموع كثيرة ، ويصلي بصراخشديد
( عب 7:5) ... وعاد أيضا يقول " يا أبتاه ، إن لم يمكن أن تعبرعني هذه الكأس إلا أن أشربها ، فلتكن مشيئتك ( مت 42:26) ... كانالموقف رهيبا للغاية ... وكنت أقف في ذهول عجيب تغطيني دموع كثيرة وأناأنظر إلهي القدوس الذي خلق السماوات والأرض وهو يُصلي هكذا بدموع وصراخشديد... ثم قام السيد وذهب لتلاميذه ثانية ... فوجدهم أيضا نياما إذأعينهم كانت ثقيلة ... فتركهم ومضى أيضا وصلى ثالثة قائلا ذلك الكلامبعينه ( مت 42:26) ... ولم أقو أيضا أن اتقدم لأسجد لمخلصي الصالح ... فقط كنت أصرخ من كل كياني بصوت تعوقه دموعي وأقول : لك القوة والمجدوالبركة والعزة إلى الأبد آمين ..... ثم حدث أني رايت بعيني قلبي منظراعجيبا جدا ... رأيت وكأن جميع خطايا الأجيال وقد تجمعت كسحابة كثيفةجدا لتنسكب على الحبيب القدوس ... فكان لا بد للحبيب القدوس أن يحملخطايانا قبل أن يجوز الآلام والموت عنا ... ورأيت بين هذه الخطايا،خطاياي وآثامي طيلة سنين حياتي ... كان المنظر رهيبا للغاية ... وكم كانقاسيا جدا أن يحمل القدوس البار خطايا ونجاسات العالم كله .... كل هذاآراه بعيني قلبي ... وفجأة رأيت إلهي وهو يصلي بأشدلجاجة ، وصارعرقه كقطرات دم نازلة على الأرض ( لو44:22) ... وكان الطقس باردا جدا .... ماهذا ؟! تقدمت إلى ربي الحبيب القدوس ، وكم كانت هيبته وجلالهفي تلك اللحظة ... سألته : ماذا بك يا مخلصي الصالح ؟ أرى وجهك مُحمراجدا ، وعرقك يتصبب كقطرات دم مع أن الطقس بارد جدا ونحن في العراء ... أجاب الحبيب القدوس : إطمئن يا إبني ... ولكنه لم يكن بالأمرالعادي أن أحمل جميع خطايا العالم ... كان ضغطا شديدا جدا علي .. ألمتقرأ في نبؤة إشعياء قوله : " من الضُغطة ... أُخذ " ( أش 8:53) ... ربيالحبيب القدوس : إنها حالة نادرة Haematohidrosis جدا تُدعىيُصاب بهاالشخص الذي يتعرض لضغط نفسي رهيب جدا كما حدث معك ايها القدوس... فيرتفع ضغط الدم حوالي 300 ... وترتفع درجة الحرارة حوالي 39 درجة ... وتؤدي هذه الحالة إلى آلام شديدة وما يسمونه " تكسير في الجسم مع صداعشديد ... ويكون الجلد حساسا جدا ، وربما مؤلما لمجرد اللمس ... أهكذاستبدأ رحلة آلامك أيها الحبيب القدوس ؟ هنا ووقفت بخشوع جم وانا أصرخبكل كياني : لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين عمانوئيلإلهنا وملكناثم قال لي الحبيب القدوس : هيا بنا ..." هوذا الذييُسلمني قد اقترب " ( مر42:14في يوم الجمعة العظيمة وهو يُجلد ...: يقول الراهب : كانت الساعة تقترب من العاشرة صباح يوم الجمعة ، وتمكنتبجهد كبير أن أدخل إلى المكان المخصص للجلد في دار الولاية ... انتظرتقليلا حتى أتى الجنود الرومانيون المُكلفون بجلد مُخلصي الصالح ... ثمأتى مُخلصي مع مجموعة أُخرى من الجنود ... كانت علامات الإجهاد الشديدواضحة جدا على وجهه ... فلم ينم طيلة الليلة السابقة ، وقد تعرض لآلامكثيرة في بيت حنان وقيافا رئيسي الكهنة بالإضافة إلى الحالة التي أُصيببها في جثسيمانيوحدث عندما رأيت مُخلصي الصالح ، أني صحت بصوت عالجدا بتسبحة البصخة : " لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين " ... وانتهرني أحدهم لأسكت ... وتقدم جندي ليوثق مُخلصي الصالح في عمودليُجلد ... فتقدمت لمُخلصي ، وبدأت أجفف وجهه من قطرات العرق والدموع ... وتلاقت عينيَ الدامعة مع عيني مُخلصي في لحظات لا تُنسى ... كانفي قلبي الكثير والكثير ... ولكن لساني انعقد تماما ... فقط تكلمت عينيبكلام الدموع ، وعزف قلبي بلحن الخشوع ... وفجأة وجدت أحد الجنوديدفعني بعيدا لأنهم سيبدأون في جلد مُخلصي الصالحبدأ الجنود في جلدالحبيب القدوس، وابتدأ جلد وعضلات ظهره المقدس يتهرأ ... فتقدمت إلىالجندي الذي يجلد لأوقفه وأمسك بيده ، فدفعني بعيدا ... فصرت أصرخوأُصلي ليس بلساني بل بكل كياني ، وأقوللك القوة والمجد والبركةوالعزة إلى الأبد . أمينياربى يسوع المسيح مُخلصي الصالح
هكذا نلتقي مع ربنا في إسبوع الآلام ، ونسير مع فاديناالقدوس في درب آلامه عنا خطوة خطوة ... في مشاعره وأحاسيسه وآلامه ... مترنمين مع معلمنا القديس بولس الرسول : " لأعرفه ... وشركة آلامه " ( في10:3
ربي الحبيب القدوس
يا من دست المعصرة وحدك ... يامن جزت وادي الالآم والدموع ... وذُبحت وانحنيت بالصليب من أجلي ومن أجل إخوتي بني البشر ... مناجل خطايانا وقساوة قلوبناإكشف لنا يارب عن أغوار قلبك المفعمةحُبا لنا ... تلك التي جعلتك تحتمل كل هذه الآلام من أجلنا ... وأنتمجروح من أجل خطايانا ، ومسحوق من أجل آثامنا
( إش 5:53) ... افتحيا رب عيون قلوبنا الداخلية لترى أسرار صليبك المحيية ... فنترك كل ماللعالم ، ونكرس لك حياتنا بالكمال ... مثل ذلك القديس الذي حينما سُئل : لماذا كرست حياتك ؟ قال : تسلمت خطابا مكتوبا بدم المسيح ، يقول فيه : " دعوتك بإسمك . أنت لي " ( إش 1:43
ربي الحبيب القدوس : أتطلع إليك يا مُخلصي الصالح،وانت معلق على عود الصليب وأُناجيك بقوليتاج على رأسك أبهى منتيجان الملوكدمعة في عينك فيها عزاء ، لكل من اتبعوكنظرة منعينك تفيض على البشرية حياة وسناء وهناء.
منقول
من كتاب لنيافة الأنبا يوأنسالأسقف العام
في يوم الإثنين : " أتيت إلى الرب إلهي فيالصباح الباكر .... وسجدت أمامه ... ونظر إليَ بعينيه الحانيتين الشافيتين ... ثم احتضنني ... وبعد ذلك نظر الرب إلى شجرة التين ، وهو يقول لي : إنظر إلى هذه الشجرة ، فعندما رأيتها عن بُعد مورقة ، جئت إليهالعلي أجد فيها ثمراً ، ولكني لم أجد إلا ورقا
ً مر13:11) ... فأجبت إلهي الحبيب القدوس : لعل هذه الشجرة ترمز إلى حياتي في كثير من الأوقات ... إذ أبدو وكأنيمثمر ، ولكني خاو من ثمر الروح ، بل وقلبي يمتلئ من خطايا كثيرة ... وها أنتأيها الحبيب القدوسستجوز آلاماً كثيرة عنخطاياي هذه وخطايا إخوتي بني البشر ... هناوصمت الحبيبالقدوس ... ثم نظر إليَ بعينيه الحانيتين ، فصرت أصيح من أعماق - بتوبة صادقة -
لك القوة والمجد والبركة والعزة في حياتي إلىالأبد آمين ياعمانوئيل إلهنا وملكنافي يومالثلاثاء : نلتقي بالرب يوم الثلاثاء وهو يعلم في الهيكل.... يقول ذلك الراهب: كنت أجلس عند قدمي السيد يوم الثلاثاء وهو يُعلمرؤساء الكهنة وشيوخ الشعب بأمثال عن نهاية العالم والدينونة العتيدة أنتكون ... وتأملت كثيراً في تلك الساعة ومصيري الأبدي ... وأثناء عودتناإلى بيت عنيا في المساء ، تقدمت لأسير بجانب مُخلصي الصالح وتحدثت معهفي الأمثال التي ذكرها عن الدينونة العتيدة ... وقال لي الرب بحنانهالفائق : تأمَل كثيرا يا حبيبي إن أيامك القصيرة جدا على الأرض ترسمبدقة أبديتك الطويلة جدافي يوم الأربعاء: نلتقيبالرب في خلوته ببيت عنيا .... فيقول ذلك الأب الراهب في مذكراته : وكانت الساعة السادسة مساء والهدوء يخيم على المكان ... وكان السيد جالسابمفرده ينظر إلى بعيد فتقدمت إليه ، وسجدت له ... وإذ به يحتضننيبوجهه الحاني المملوء حبا ً وحنانا ً ... فسألته : لماذا لم تذهبللهيكل اليوم ؟ أجابني - له المجد- بقوله : ألم تقرأ في العهد القديمأن الخروف يكون تحت الحفظ أربعة أيام ، ويستريح في اليوم السابق لذبحه ...
فها أنا أقضي هذا اليوم في صمت واختلاءلأعد نفسي للذبحعنك وعن إخوتك بني البشر ... حينئذ جاشت مشاعري وتأثرت للغاية .. ثم استطرد الحبيب القدوس في حديثه : وفي خلوتي كنت أنظر إلى أبيالسماوي ... إلى سماء مجدي .. وأتأمل قول أشعياء النبي : " والرب وضععليه إثم جميعنا .. أما الرب فسّر أن يسحقه بالحزن " ( إش 53: 10 ،6 ) ... حينئذ ترنمت بكل خلجاتي بتسبحة البصخة " لك القوة والمجد والبركة ..." ولكن دموعي أعاقت كلماتي ... فرّبت الحبيب القدوس على كتفي بحنانهالفائق ، وقال لي : هيا بنا إلى بيت سمعان الأبرص ، فستأتي إمرأةمُحبة وستسكب طيب محبتها على رأسئ لتُطيب قلبيفييوم الخميس : نلتقي بالرب يوم خميس العهد، وهو يغسلأرجل تلاميذه القديسين ... فيقول الراهب : أتيت إلى الحبيب في العلية ... وسجدت أمامه ... وكم فرح إلهي الحبيب عندما رآني ... ثم احتضنني ... قلتلإلهي : ماذا ستصنع الآن أيها القدوس ... قال لي : سأغسل أرجل تلاميذيثم ِرجلك وأرجل إخوتك أيضا .... هنا انزعجت للغاية ، وانتابتني قشعريرة ... كيف هذا أيها القدوس ... كيف هذا ؟؟!! ... ابتسمالحبيب في هيبة وهدوء وقال ، : سوف ترى.... " قام ( السيد) عن العشاء،وخلع ثيابه ، وأخذ منديلا واتزر به . ثم صب ماء في مغسل ، وابتدأيغسل أرجل تلاميذه ويمسحها بالمنديل التي كان متزرا به " ( يو 13: 5 ،4 ) ثم نظر إليَ رب المجد بوجهه المضئ ، وقال لي : تعال ... لأغسل رجلك ... تسمَرت في مكاني وكنت أود ان اقول ما قاله بطرس من قبلي : ( لنتغسل رجليَ أبدا ً ) ولكني تقدمت ويُغطيني خجلي ودموعي، وابتدأ الربإلهي يغسل رجلي ويمسحهما بالمنشفة ... كانت لحظات رهيبة للغاية، ومبهجةوعجيبة للغاية ... وكأن ينبوع الطهر والطهارة قد غمرني تماماً ... ولعلهذا هو قول رب المجد لمعلمنا بطرس الرسول : " الذي قد اغتسل ... هوطاهر كله " ...
وبعد ذلك أخذ الرب ثيابه ، واتكأ ، وابتدأيتحدث مع تلاميذه ( وكنت جالسا معهم) ، وقال : " أتفهمون ما قد صنعتهبكم ؟ أنتم تدعوني المعلم والرب ، وحسنا تقولون ، لأني أنا هو . فإنكنت وأنا ربكم ومعلمكم قد غسلت أرجلكم ، فأنتم يجب أن يغسل بعضكمأرجل بعض . لأن ما صنعته لكم هو مثال، حتى كما صنعت أنا بكم أنتمأيضا بعضكم ببعض ....( يو13: 17-12 ) ... فصرت أنا أبكي كثيرا جدا، فتقدمرب المجد وبحنان فائق أخذني في أحد أركان العلية،
وقال لي : ماذا بك يا حبيبي ؟ ... وكنت أنا أيضا أبكيكثيرا جدا ... وبالجهد تمالكت نفسي ، وأجبت : إلهي الحبيب القدوس ، قدغسلت أرجلنا اليوم أيها القدوس وأوصيتنا ان غسلك لأرجلنا هو مثال ٌ،حتى كما صنعت أنت بنا نصنع نحن بعضنا ببعض ... ولكني كم من مرة أتسلطعلى إخوتي، وكم من مرة أتعالى عليهم ... كم من مرة أهينهم ، وكم منمرة أجرح مشاعرهم ... كم من مرة أرفض مقابلتهم ، وكم من مرة أرفضإعتذارهم ... زمن أنا ايها الحبيب القدوس إلا حفنة من التراب والرماد ( تك :27:18) ... يا لعظم خطاياي وآثامي ... إنها خطاياي وخطايا إخوتي بنيالبشر، التي ستحملها في جسدك الطاهر(
1 بط2:24) ... وتجوز الآلام عنا ... وتعطينا خلاصا هذا مقداره ( عب 3:2) هنا صرخت بكل خلجات قلبي معجمهور المصلين بالكنيسة قائلا :
لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين . عمانوئيل إلهنا وملكنافي يوم الخميس في بستان جثسيماني : كنت أتبع ربي وإلهي القدوس مع تلاميذه القديسين في طريقهم من العليةإلى جبل الزيتون ... إلى جبل جثسيماني ... حيث" قال الرب لتلاميذهالأطهار اجلسوا ههنا حتى أصلي . ثم اخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا وابتدأيدهش ( يرتاع) ويحزن . فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت . امكثوا هناواسهروا معي . ثم تقدم قليلا وخرَ على الأرض، وكان يُصلي لكي تعبر عنهالساعة إن أمكن . وقال يا أبا الآب ، كل شئ مستطاع لك ، فأجز عنيهذه الكأس . ولكن ليكن لا ما أريد أنا ، بل ما تريد أنت . ثم جاءإلى التلاميذ فوجدهم نياما ً . فقال لبطرس : أهكذا ما قدرتم أن تسهروامعي ساعة واحدة ؟ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربةمت 26 : 42-36،( مر 14: 32-39 ... هنا اقتربت أكثر إلى أن اصبحت على بُعد امتار منمُخلصي ... وهممت أتقَدم أسجد له ، ولكن قدمي قد تسمرت إذ وجدت مُخلصيالصالح جاثياً على ركبتيه تنهمر من عينيه دموع كثيرة ، ويصلي بصراخشديد
( عب 7:5) ... وعاد أيضا يقول " يا أبتاه ، إن لم يمكن أن تعبرعني هذه الكأس إلا أن أشربها ، فلتكن مشيئتك ( مت 42:26) ... كانالموقف رهيبا للغاية ... وكنت أقف في ذهول عجيب تغطيني دموع كثيرة وأناأنظر إلهي القدوس الذي خلق السماوات والأرض وهو يُصلي هكذا بدموع وصراخشديد... ثم قام السيد وذهب لتلاميذه ثانية ... فوجدهم أيضا نياما إذأعينهم كانت ثقيلة ... فتركهم ومضى أيضا وصلى ثالثة قائلا ذلك الكلامبعينه ( مت 42:26) ... ولم أقو أيضا أن اتقدم لأسجد لمخلصي الصالح ... فقط كنت أصرخ من كل كياني بصوت تعوقه دموعي وأقول : لك القوة والمجدوالبركة والعزة إلى الأبد آمين ..... ثم حدث أني رايت بعيني قلبي منظراعجيبا جدا ... رأيت وكأن جميع خطايا الأجيال وقد تجمعت كسحابة كثيفةجدا لتنسكب على الحبيب القدوس ... فكان لا بد للحبيب القدوس أن يحملخطايانا قبل أن يجوز الآلام والموت عنا ... ورأيت بين هذه الخطايا،خطاياي وآثامي طيلة سنين حياتي ... كان المنظر رهيبا للغاية ... وكم كانقاسيا جدا أن يحمل القدوس البار خطايا ونجاسات العالم كله .... كل هذاآراه بعيني قلبي ... وفجأة رأيت إلهي وهو يصلي بأشدلجاجة ، وصارعرقه كقطرات دم نازلة على الأرض ( لو44:22) ... وكان الطقس باردا جدا .... ماهذا ؟! تقدمت إلى ربي الحبيب القدوس ، وكم كانت هيبته وجلالهفي تلك اللحظة ... سألته : ماذا بك يا مخلصي الصالح ؟ أرى وجهك مُحمراجدا ، وعرقك يتصبب كقطرات دم مع أن الطقس بارد جدا ونحن في العراء ... أجاب الحبيب القدوس : إطمئن يا إبني ... ولكنه لم يكن بالأمرالعادي أن أحمل جميع خطايا العالم ... كان ضغطا شديدا جدا علي .. ألمتقرأ في نبؤة إشعياء قوله : " من الضُغطة ... أُخذ " ( أش 8:53) ... ربيالحبيب القدوس : إنها حالة نادرة Haematohidrosis جدا تُدعىيُصاب بهاالشخص الذي يتعرض لضغط نفسي رهيب جدا كما حدث معك ايها القدوس... فيرتفع ضغط الدم حوالي 300 ... وترتفع درجة الحرارة حوالي 39 درجة ... وتؤدي هذه الحالة إلى آلام شديدة وما يسمونه " تكسير في الجسم مع صداعشديد ... ويكون الجلد حساسا جدا ، وربما مؤلما لمجرد اللمس ... أهكذاستبدأ رحلة آلامك أيها الحبيب القدوس ؟ هنا ووقفت بخشوع جم وانا أصرخبكل كياني : لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين عمانوئيلإلهنا وملكناثم قال لي الحبيب القدوس : هيا بنا ..." هوذا الذييُسلمني قد اقترب " ( مر42:14في يوم الجمعة العظيمة وهو يُجلد ...: يقول الراهب : كانت الساعة تقترب من العاشرة صباح يوم الجمعة ، وتمكنتبجهد كبير أن أدخل إلى المكان المخصص للجلد في دار الولاية ... انتظرتقليلا حتى أتى الجنود الرومانيون المُكلفون بجلد مُخلصي الصالح ... ثمأتى مُخلصي مع مجموعة أُخرى من الجنود ... كانت علامات الإجهاد الشديدواضحة جدا على وجهه ... فلم ينم طيلة الليلة السابقة ، وقد تعرض لآلامكثيرة في بيت حنان وقيافا رئيسي الكهنة بالإضافة إلى الحالة التي أُصيببها في جثسيمانيوحدث عندما رأيت مُخلصي الصالح ، أني صحت بصوت عالجدا بتسبحة البصخة : " لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين " ... وانتهرني أحدهم لأسكت ... وتقدم جندي ليوثق مُخلصي الصالح في عمودليُجلد ... فتقدمت لمُخلصي ، وبدأت أجفف وجهه من قطرات العرق والدموع ... وتلاقت عينيَ الدامعة مع عيني مُخلصي في لحظات لا تُنسى ... كانفي قلبي الكثير والكثير ... ولكن لساني انعقد تماما ... فقط تكلمت عينيبكلام الدموع ، وعزف قلبي بلحن الخشوع ... وفجأة وجدت أحد الجنوديدفعني بعيدا لأنهم سيبدأون في جلد مُخلصي الصالحبدأ الجنود في جلدالحبيب القدوس، وابتدأ جلد وعضلات ظهره المقدس يتهرأ ... فتقدمت إلىالجندي الذي يجلد لأوقفه وأمسك بيده ، فدفعني بعيدا ... فصرت أصرخوأُصلي ليس بلساني بل بكل كياني ، وأقوللك القوة والمجد والبركةوالعزة إلى الأبد . أمينياربى يسوع المسيح مُخلصي الصالح
هكذا نلتقي مع ربنا في إسبوع الآلام ، ونسير مع فاديناالقدوس في درب آلامه عنا خطوة خطوة ... في مشاعره وأحاسيسه وآلامه ... مترنمين مع معلمنا القديس بولس الرسول : " لأعرفه ... وشركة آلامه " ( في10:3
ربي الحبيب القدوس
يا من دست المعصرة وحدك ... يامن جزت وادي الالآم والدموع ... وذُبحت وانحنيت بالصليب من أجلي ومن أجل إخوتي بني البشر ... مناجل خطايانا وقساوة قلوبناإكشف لنا يارب عن أغوار قلبك المفعمةحُبا لنا ... تلك التي جعلتك تحتمل كل هذه الآلام من أجلنا ... وأنتمجروح من أجل خطايانا ، ومسحوق من أجل آثامنا
( إش 5:53) ... افتحيا رب عيون قلوبنا الداخلية لترى أسرار صليبك المحيية ... فنترك كل ماللعالم ، ونكرس لك حياتنا بالكمال ... مثل ذلك القديس الذي حينما سُئل : لماذا كرست حياتك ؟ قال : تسلمت خطابا مكتوبا بدم المسيح ، يقول فيه : " دعوتك بإسمك . أنت لي " ( إش 1:43
ربي الحبيب القدوس : أتطلع إليك يا مُخلصي الصالح،وانت معلق على عود الصليب وأُناجيك بقوليتاج على رأسك أبهى منتيجان الملوكدمعة في عينك فيها عزاء ، لكل من اتبعوكنظرة منعينك تفيض على البشرية حياة وسناء وهناء.
منقول