- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
الله هو في أساس أصل ومصدر كل شيء، ومعرفته هي معرفة الحياة، لا على مستوى الفكر إنما على المستوى العملي المُعاش، أي الدخول في قانون روح الحياة ...
فالله لا يُعرف في القواميس والفهارس والمعاجم الفكرية واللاهوتية على مستوى اللفظ وإدراك العقل من جهة قدراته الخاصة وشطارة كل أحد على إدراك الحقائق الإلهية وفحصها حتى لو كانت صحيحة تماماً، لأن حينما نعرف الله على مستوى الإقناع العقلي فقط بدون لقاؤه كشخص حي وحضور مُحيي، فسنتبع الإله الذي نصنعه لأنفسنا حسب قدرة استيعابنا على القراءة والفهم وإدراك عقولنا التي تتوقف على تعليم كل واحد فينا وإمكانياته العقلية وذكاءه الخاص، لأننا نضع في مخيلتنا أفكار عنه واضعينه في قالب عقلنا الصغير، والذي لا يمكن أن يُقيم – في هذه الحالة – لقاء حي مع الله القدوس الحاضر بقوة حياته لتسري فينا، لأن العقل يأخذ معلومات ويحفظها، ولكنه لا يستطع أن يتذوق قوة الحياة التي في الله من خلال المعلومات والحفظ وإخراج الأفكار !!!
فالعقل حينما تُحشر فيه المعلومات ينتفخ الإنسان ويقدم المعرفة الجافة ظناً منه أن هذا هو الخلاص وقوة حياة الإنسان، ويختلف بشدة وضراوة مع كل أحد لا يقنع بفكره وقناعته التي يظن أنها استنارة ومعرفة حقيقية على مستوى الحق الذي ينبغي أن يؤمن به الجميع، لأن هذا هو فعلاً الحق الإلهي الذي لا ينبغي أن يُنقض أبداً !!!
ولكن في الحقيقية الله روح وليس عقل (كما يُخطأ البعض ويترجم كلمة اللوغوس على أساس أنه فلسفي بمعنى أنه العقل) أو معلومة تُقدم للناس: " الله روح والذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي أن يسجدوا " (يو 4: 24)
معرفة الله = حياة، بمعنى حينما نعرف الله كشخص حي وحضور مُحيي تسري فينا حياته كقوة نغلب بها الشر والفساد ونقرب إليه بالحب والتقوى ونلتصق به فنصير معه روحاً واحداً في انسجام تام، مع رؤية متواصلة وتغيير دائم لتنطبع فينا صورته الحلوة ونصير قديسين وبلا لوم أمامه في المحبة، لأن محبة إلهنا انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا (رو5: 5 ) ...
+ لأن هذه مشيئة الذي أرسلني أن كل من يرى الابن و يؤمن به تكون له حياة أبدية و أنا أقيمه في اليوم الأخير (يو 6: 40)
+ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت (رو 8 : 2)
+ وأما من التصق بالرب فهو روح واحد (1كو 6: 17)
+ نحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح (2كو 3: 18)
+ كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة (اف 1: 4)
يا أحبائي لننتبه، أنه يوجد فرق بين معرفتين، معرفة الكتب، والمعرفة الشخصية الداخلية !!!+ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت (رو 8 : 2)
+ وأما من التصق بالرب فهو روح واحد (1كو 6: 17)
+ نحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح (2كو 3: 18)
+ كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة (اف 1: 4)
* معرفة الكتب: معرفة عقلية تتوقف على القدرة على التفكير والمقارنة والبحث بدقة والنشاط الذهني، وتتفاوت من قدرة عقل لعقل، وغالباً ما تؤدي للقناعة العقلية والتي يُمكن أن تتغير مع مرور الوقت تحت أي ظرف، والقراءة والإطلاع والمعرفة فيها منفعة – بالطبع – من جهة توليد الاشتياق في داخل القلب، وذلك أن كانت تهدف – حقاً – للوصول لله الحي كشخص نشتهي أن نلتقي به، أما أن توقفت على القدرة على الاستذكار والبحث العلمي والقاموسي حتى لو كان صحيح 100% ، ستولد انتفاخ ويصبح الإنسان متكبر غير قابل أن يتعلم من أحد، وان اتضع يكون اتضاع للافتخار الداخلي ليظهر أنه يعرف الله وهو بعيد كل البعد عن شخصه المُحيي تمام البعد !!!
- + فأجاب يسوع و قال لهم أليس لهذا تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله (مر 12: 24)
* المعرفة الشخصية الداخلية: هي عبارة عن حس باطني واعي، ومعرفة مباشرة قلبية تنتج من لقاء حي مع ينبوع الحياة الأبدية تؤدي إلى الفرح العميق والسعادة الحقيقية، لأن فيها لقاء شخصي جداً واتصال مباشر واعي بالله الحي، يدفع الإنسان ليسير وراء ربنا يسوع بالحب والإيمان بتقوى، وتحل عليه قوة الله (( وللننظر للقاء ربنا يسوع مع كل إنسان التقى به في الإنجيل ماذا حدث له وكيف سار وراءه وسمع نداءه المُحيي ))
يا أحبائي هدف حياتنا الحقيقي لا أن نعرف مسيح الكتب والمراجع والبحث العلمي والفكري ( رغم ضرورتها لكل من يريد أن يبحث عن الله الحي )، بل لنا اليوم أن نعرف مسيح الحياة الذي يعتقنا من ناموس الخطية والموت، الكتب والتوقف عند المعرفة فقط لا تُعطي عتقاً من سلطان الموت والفساد وغلبة الشرّ، بل المسيح يسوع – له المجد – هو من يعطي عتقاً وقوة قيامة وحياة حب وسلام دائم !!!- من هنا نقدر أن نستوعب كلام ربنا يسوع حينما لم يكتفي أن يتكلم عن معرفة الكتب وحدها، بل ألحقها بكلمة ( قوة الله ): " فأجاب يسوع و قال لهم أليس لهذا تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله " (مر 12: 24)
العقل والفكر يحتاج لبرهان وبحث ومناقشات وحوارات لا تنتهي لنصل لمن هو على خطأ ومن هو على صواب، أما المعرفة الحياتية في لقاء حي مع الله، لا يحتاج لبرهان أو إقناع عقلي أو فكري، لأن في هذا اللقاء يقين قاطع باللمس والرؤيا الداخلية:
- + الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة (1يو 1: 1)
- + الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح (1يو 1: 3)
يا أحبائي كيف لنا أن نعرف أن منظراً ما جميلاً أو أن قطعة موسيقية جميلة ؟ !!! أبالبرهان ؟ أم بالقراءة والتفتيش والبحث في الكتب ؟ أم حينما نرى بأنفسنا ونسمع بآذاننا !!!
إننا نرى جمال المنظر ونسمع الموسيقى ونشعرها، ونتلامس مع الأمر كأمر واقعي حدث أمامنا واستقبلته حواسنا وأثر فينا داخلياً، ولا حاجة بنا أن يقنعنا أحد بهذا الأمر فكرياً، ولا فائدة من أن يُناقشنا أحد ليقنعنا به !!!
وكذلك أن لم نتلامس مع الله الحي بالإيمان الحي والحب، وان نسعى أن نلتقي به، وحياتنا تترجم هذا اللقاء بتقوى ومحبة عميقة له وتُثمر لحساب مجده، فأن كلامنا سيظل نظري يتوقف على قدراتنا العقلية والفكرية، ومن يوم ليوم يتغير حسب استنتاجنا العقلي والفكري وقدراتنا على البحث والمعرفة، وهذا هو الإله الذي نكونه في ذهننا، عبارة عن مجموعة من الأفكار والمعلومات، بل ونقاوم كل من يختلف معنا بشراسة ونُهين الآخرين ونحمل روح العداوة والخصومة، ونُصيَّر من أنفسنا مُعلمين للآخرين، ولكن ليس لنا حياة !!!
لنا اليوم أن نعرف مسيح الحياة ونحيا معه في علاقة شركة على مستوى الروح والحق ونلبس قوة الله من الله وليست من أنفسنا وقدراتنا، وبالطبع أن لا ألغي المعرفة، ولكن معرفة بلا قوة الله ومعرفته كشخص حي وحضور مُحيي يُحرر النفس من سلطان الشر والفساد ويغيرنا لصورته كل يوم، سنضل أنفسنا بالمعرفة، بل وستبعدنا معرفتنا عن الحياة ونعيش في فلسفة كلام لا علاقة له بالله الحي والمحيي ...
أقبلوا مني كل حب وتقدير
النعمة معكم