معالم السلوك المسيحى....

لمسة يسوع

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
3,218
مستوى التفاعل
1,656
النقاط
113
معالم السلوك المسيحى التى وضعها بولس الرسول فى هذه الرسالة :

يخطئ كثيرين فى إدراك المفهوم الحقيقى للإيمان و يعتقدون أن الخلاص هو مجرد خلاص من دينونة جهنم مع إن الإيمان الحقيقى هو الإيمان الحى العامل لأن الإيمان الذي ليس له عمل هو إيمان ميت أما الخلاص الحقيقى فهو الخلاص من الخطيئة و قد أكد بولس ذلك قائلا : " حاشا نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها ( روميه 6 : 2 ) و إذا كان بولس الرسول ينادى بالإيمان فى الجزء التعليمى من رسالته إلى أهل أفسس فإنه يبدأ نداه بالأعمال فى الجزء التطبيقى العملى من الرسالة و الذي يبدأ – كما ذكرنا – بالإصحاح الرابع و يتركز فى الأعداد من 17 إلى 32 .

فى هذه الأعداد السته عشر من الإصحاح يضع الرسول الكبير عددا من الوصايا التى يلزم أن نستوعبها ناظرين إليها كثمار للإيمان لا كشرائع جديدة و تتضمن هذه الوصايا ما يلى :

1- عدم السلوك نظير الأمم :

و هم أولئك الذين كانوا يعيشون فى ظلام الجهل و ينعمون بالملذات و الشهوات فى ظل عبادة وثنية قوامها ألهه من دون الله يحتقرها نفس أتباعها و قد أوضح الرسول بولس الفرق الشاسع بين الذين عرفوا المسيح و بين هؤلاء الأمميين . ( أقوال رسالة برلس الرسول إلى أهل أفسس 4 : 17 – 19 ) .



2- التخلى نهائياً عن الشرور و المعاصى :


و ذلك بخلع الإنسان العتيق و التجدد بلبس الإنسان الجديد الذي هو المسيح و السير فى خطواته باعتباره نموذجاً للمحبة و الطهارة و النقاوة و الخدمة و بالجملة كل الكمالات و كل الفضائل النبيلة و السامية .

( اقرأ رسالة بولس الرسول إلى أفسس 4 : 20 – 24 )

3- نبذ الكذب و التحلى بالصدق :

إن مسيحنا هو الحق نفسه و هو الصدق أما الشيطان فهو الكذاب و أبو الكذاب و قد نادى بولس الرسول قائلاً : " لذلك اطرحوا عنكم الكذب و تكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لأننا بعضنا أعضاء البعض ( أفسس 4 : 25 ) .

أن الكذب عاقبته وخيمة و يؤدى إلى مواقف صعبة مشينة . إذ ما يلبث الكذب أن يفتضح أمره . أو تتكشف فعلته .

و لا شك أن الكذب عصيان الله و لذلك تكثر الأكاذيب بين الناس لا يؤمنون بالله الذي هو مصدر الحق كله أو بين الناس ذوى الإيمان السطحى . و إذا كانت هناك حالات يكون فيها من الحكمة و أصالة الرأى أن يخفى الحق فهى حالات أقل بكثير مما يتوهم الناس .

4- تجنب الغضب :

ففيه شرور كثيرة فالقتل مثلاً يبدأ بالغضب و قد جاءت الوصية السادسة من الوصايا العشرة تحرم القتل " لا تقتل " و أشار إليها السيد المسيح فى تعاليمه التى تضمنتها الموعظة على الجبل . بل أنه ذهب خطوة أبعد فى معالجة جريمة القتل من جذورها حين نادى قائلاً " و أما أنا فأقول لكم أن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم و من قال لأخيه رقاً يكون مستوجب المجمع و من قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم (متى 5 : 22 ) .

و الغضب ذاته ينشأ من كلمة نابية مثيرة تكون سبباً للغضب و بالتالى سبباً للقتل .

5- الابتعاد عن السرقة كلية :

و قد وردت الوصية الثامنة من الوصايا العشرة تحرم السرقة " لا تسرق " و السرقة خطية مقترنة بالخطايا الأخرى التى نهتنا عنها الوصايا . و خاصة وصية الطمع و الاشتهاء . كما أنها تشمل كثيراً من التعديات الأخلاقية . و ألوانا و أشكالا مختلفة للأعمال العدوانية . فهناك أصحاب الشركات الذين يوهمون الناس بأرباح لا يمكن تحقيقها و هم يعلمون ذلك يقيناً . و المضاربون فى البورصات التجارية الذين يتلاعبون بالأسعار لتحقيق مغانم شخصية بغض النظر عما يصيب الآخرين من خسائر ثم أن القمار ( الميسر و المراهنات هى سرقات أيضاً لأنها تنقل إلى الناس أموالأ دون أن يؤدوا خدمة أو منفعة . و الغش فى الامتحانات سرقة كذلك و هكذا .

و المسيحية تحترم حق الملكية عامة و فردية و تدعو إلى تطبيق العدالة الاجتماعية و تعتبر أن الله الذي يضع الأشياء المادية التى يشكلها الإنسان وفق حاجاته و مطالبه و لكن لا يفيد من هذه كلها إلا بكفاحه و جهاده و بعرفه و اجتهاده و قد ورد فى تعاليم الرسل الأثنى عشر ( يا بنى لا تكن كذاباً لأن الكذب يسوق إلى السرقة و لا تكن محباً للمال و لا مزهوا فخورا لأن هذه تولد السرقات ) و قد عرف بولس الرسول الظروف التى كتبت فيها رسالته إلى أفسس فسجل فى الرسالة " لا يسرق السارق فى ما بعد بل بالحرى يتعب عاملاً الصالح بيديه ليكون له أن يعطى من له احتياج ( أفسس 4: 28 ) .

فبولس الرسول
لا ينهى الإنسان أن يأخذ مال غيره فحسب بل ينادى بولس بأن يعمل الإنسان بعرق جبينه حتى يمكن أن يحن من ماله إلى المحتاجين و يساعد الآخرين و أنه نادى قائلاً : " لا تكنزوا لكم على كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس و الصدأ و حيث ينقب السارقون و يسرقون بل اكنزوا لكم كنوزاً فى السماء حيث لا يفسد سوس و لا صدأ و حيث لا ينقب سارقون لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً ( مت6 : 19 – 21 ).

6- ضبط اللسان :

فاللسان الذى يسبح الله لا يلعن ولا يشتم ولا يفوه بألفاظ لا تليق " لا تخرج كلمة رديئة من أفواهكم بل كل ما كان صالحا للبنيان حسب الحاجة كى يعطى نعمة للسامعين " ( أفسس 4 : 29 )

ليكن كلامنا متزنا صالحا وفيه بركة ونعمة إن فى بعض الكلام شرورا تحزن روح الله القدوس الذى ختمنا ليوم الفداء أى ما يثبت أننا أبناء الله فهل يليق بابن الله أن يتلفظ بلغة الشياطين ؟ إن بولس الرسول يوصينا " ولا تحزنوا روح الله القدوس الذى به ختمتم ليوم الفداء " ( أفسس 4 : 30 )

إن روح الله القدوس يناشدكم أيها الأبناء أن تطهروا قاموس حياتكم من الألفاظ البذيئة النابية والأقوال الشريرة وكل ما يطفئ النور الذى بداخلكم .

وقد حفل الأدب العربى بحكم ووصايا وأشعار عن فضائل ضبط اللسان . قال لقما لأبنه " يا بنى أنه من الكلام ما هو أشد من الحجر وأنفذ من وخز الإبرة وأمر من الصبر وإن القلوب مزارع فازرع فيها طيب الكلام .

وقال أحد الشعراء :

" واحفظ لسانك واحترز من لفظة فالمرء يسلم باللسان ويعطب وزن الكلام إذا نطقت و تكن ثرثارا فى كل ناد تخطب "

أما الكتاب المقدس فهو يزخر بالوصايا ومن ضمنها ضبط اللسان الذى ذكره فى جميع الرسائل على وجه الخصوص وإننا نلجأ الذى هو روح الحق ضارعين إليه أن يعيننا على تنفيذ هذه الوصية مرددين مع داود النبى فى المزامير : " قلبا نقيا أخلق في يا الله وروحا مستقيما جدده فى داخلى " ( مز 51 : 10 ) لتكن أقوال فمى وفكر قلبى مرضية أمامك يا رب صخرتى و وليى ( مز 19 : 14 ) قلت أتحفظ لسبيلى من الخطأ بلسانى أحفظ لفمى كمامة فيما الشرير مقابلى ( مز 39 : 1 )

كذلك أعلن المسيح المصير المظلم لم لا يتورع عن ضبط لسانه حين قال : " ولكن أقول لكم إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا يوم الدين لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان " ( مت 12 : 36 : 37 ) .

إننا نرى الحق كله فى المسيح الذى يعيننا دائما أن نقتبس نورا من هذا الحق فإذا كسرنا هذا العهد مع الآخرين فكأننا نكسره معه هو علينا أن نحب بعضنا بعضا ونحترم بعضنا البعض ونحفظ الشرف ونحافظ على الكرامة .

وفى مجال الحياة الاجتماعية على أوسع نطاق فى المنزل وفى المدرسة وفى الشارع وفى النادى وفى أى مؤسسة على كافة أنواعها وفى كل مكان عندما نلتزم بالألفاظ المهذبة ونراعى مشاعر الآخرين ونتعفف عن الألفاظ المعيبة فإننا كأننا الواحد فى السماء نحيا ملؤها السعادة والتقدير والاحترام المتبادل .

وإذ نختتم هذه الوصايا نسجل كلمة الرسول الرائعة نسجلها كما سجلها الوحى الإلهى على لسان بولس : " ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضا فى المسيح " ( أف 4 : 31 – 32 )

علينا أن نتحرر من الحقد والمرارة ولا نغضب أو نصيح بل نعامل بعضنا البعض بالشفقة والتسامح متحررين من كل دواعى الإنفعال أو الإثارة بعيدين كل البعد عن مكامن الاثم متمثلين بالسيد المسيح حتى نعيش حياة تتوجها النقاوة والطهارة .

منقول للفائدة
 
التعديل الأخير:
أعلى