مزمور 51 .. صلاة التوبـــــــــة

†gomana†

†ارحم ضعفى يا إلهـــى†
عضو مبارك
إنضم
10 ديسمبر 2005
المشاركات
4,231
مستوى التفاعل
31
النقاط
0
الإقامة
فى حضن بابا يسوع
مزمور 51 .. صلاة التوبـــــــــة

المزمور الحادى والخمسون
صلاة توبـــــــــة
:36_1_66:
[ مقتطفات من تفسير المزامير - إعداد راهب من دير المحرق ] .

+ حسن بالذين قد سبقوا بزلة الخطايا أن يرجعوا بالتوبة إلى الله لأنه ليس دواء آخر ينفع لشفاء الأوجاع التى سببتها الخطية سوى التوبة إلى الله . وكما أن محبة الطبيب نافعة للمرضى إذا واظبوا على التردد عليه كذلك تعين النفس السقيمة بالخطية مواظبتها على طرق باب رحمة الله .
+هذا المزمور يعرفنا بخطية داود وتوبته العظيمة التى يجب أن تكون مثالا يحتذى لكل من يخطىء وهو من أهم مزامير التوبة السبعة وهى 6 ، 32 ، 38 ، 51 ، 102 ، 130 ، 143 .
+ للخطية عقابان أحدهما سماوى وهذا يتغاضى عنه الرب عندما نتوب ، والآخر أرضى وهذا لابد منه .
1 – " إرحمنى يا الله حسب رحمتك ،
حسب كثرة رأفتك امح معاصى "
هنا رجع النبى بذاكرته إلى ما صنعه حينما وبخه ناثان النبى وايقظ ضميره فوجد نفسه أنه هالك أمام العدل الإلهى لأن الناموس يأمر بأن القاتل يقتل والفاجر يحرق بالنار . فوجد نفسه أنه مستحق الموت ثم الحرق بالنار فانكفى على وجهه باكيا ويقول عن نفسه [ أكلت الرماد مثل الخبز وشربت الدموع عوض الماء مزجت شرابى بدموعى ] ( مز 102 : 9 ) .

2 – " أغسلنى كثيرا من إثمى ،
ومن خطيتى طهرنى " .
فكما يحتاج الثوب المدنس كثيرا لغسيل أكثر كذلك النفس التى زادت خطيتها فإنها تحتاج إلى توبة كثيرة وجهاد أكثر وأعمال صالحة لتغسلها ولذا يقول المرتل : فأنا أخطأت كثيرا يا إلهى فاغسلنى كثيرا وطهرنى من خطيتى .

3 – " لأنى عارف بمعاصى ،
وخطيتى أمامى دائما " .
من الأمور الروحية المسلم بها أنك إذا تناسيت خطاياك سيذكرها لك الرب ويعلنها أما إذا كشفتها وتذكرتها واعترفت بها ينساها لك الرب [ من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها يرحم ] ( أم 28 : 13 ) ، [ قلت أعترف للرب بإثمى وأنت قد رفعت عنى نفاق قلبى ] ( مز 32 : 5 ) .
لذلك كان داود النبى يتذكر خطيته دائما واضعا إياها أمامه لكى لا يعود الرب يذكرها ويرحمه .
4 – " إليك وحدك أخطأت ،
والشر قدام عينيك صنعت ،
لكى تتبرر فى أقوالك وتزكو فى قضاتك " .
+ أنت هو الراعى الصالح وقد ائتمنتنى وسلمتنى قطيعك لكى أرعاه وأحرسه بأمانة وخوف ولكنى صرت خائنا وسارق للقطيع ، فأنا لم أخطىء للقطيع فقط الذى ظلمته وسرقته منك ولكنى أخطأت لك أنت يا صاحب القطيع والشر قدام عينيك قد صنعت .
+ ان الملك دائما لا يخضع لشرائع الناس بل لشريعة الله ، لأجل ذلك قال ( لك وحدك أخطأت ) بتجاوزى شريعتك . لأن من يخطىء فى وصية واحدة منها فقد أخطأ فى الكل .

5 – " هأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بى أمى " .
+ يتكلم داود النبى هنا عن الجسد فيقول أنه ( بالأثم صور ) وقد شوهته الخطية ليس كما خلقته يد الله لكن بسبب خطية أبوينا الأولين فإننا دخلنا إلى العالم ومعنا طبيعة فاسدة تدهورت من الطهارة والأستقامة الأولى لصور تعسة ، ولدينا فخاخ الخطية منذ ولدنا فى أجسادنا ، وفى أنفسنا بذور الخطية وبأجسادنا لطخة الأثم ، هذه هى الخطية الأصلية ، إنها قديمة مثل أصولنا وهى السبب فى كل تعدياتنا الفعلية وهى الجهل الذى يوجد فى قلب الإنسان والأشتياق للشر والأبتعاد عن الصلاح .

6 – " ها قد سررت بالحق فى الباطن ،
ففى السريرة تعرفنى حكمة " .
+ لم يشك داود فى قبول الله له وكان يتوسل أن يحقق الله رغباته وهى أن يجعله فى سريرته يعرف الحكمة فيتنبه إليها ويمنع التصورات السابقة فكأنه يقول : أعطنى أن أعرف الحكمة فحيثما يكون الحق يعطى الله الحكمة ، وأولئك الذين يحاولون أداء أعمالهم بإخلاص يعلمهم الله واجباتهم .

7 – " طهرنى بالزوفا فأطهر ،
أغسلنى فأبيض أكثر من الثلج " .
+ يخبرنا الوحى الإلهى فى سفر الخروج : إن الله أمر بنى إسرائيل بأن ينضحوا بالزوفا على عتبة أبوابهم العليا مع القائمتين بدم الحمل ليمنعوا به المهلك من الدخول ( خر 12 : 22 ) وكان دم الحمل إشارة إلى دم المسيح حمل الله الذى ذبح لتطهير خطايانا ، أما الزوفا فبما أنها من العشب الحار فإنها تغسل الأدناس الظاهرة والباطنة فتكون رسما للمعمودية المقدسة المطهرة لأدناس الخطايا بحرارة الروح القدس والتى تغسلنا وتبيضنا أفضل من الثلج . لأن الذين يحفظون المعمودية من غير دنس [ يشرقون كالشمس فى ملكوت الله ] ( مت 13 : 43 ) . فهذا الأمر هو الذى قد اتضح للنبى من الغوامض والمستورات .

8 – " أسمعنى سرورا وفرحا ،
فتبتهج عظام سحقتها "
+ أسمعنى سرورا وفرحا يارب لأن الحزن قد أضنانى وعيناى كلت من الغم . نور عينى قد فارقنى ، عظامى بليت من زفيرى اليوم كله على خطاياى ، فأسمعنى سرورا وفرحا فتبتهج العظام التى سحقتها بالتأديب والوعيد ، أعطنى الفرح بخلاصى من خطيتى فيسمع صوت التهليل من عظامى ، لأن صوت التهليل والخلاص هى فى مساكن الأبرار ( مز 118 : 15 ) أى فى ضمائرهم ، فحين ترفع خطيتى سأكون بارا ، عندئذ يسمع صوت التهليل فى مسكنى أى فى ضميرى .
+ إن السرور والفرح هما ثمرة من ثمار الروح القدس كما وضح ذلك بولس الرسول فى رسالته إلى أهل غلاطية ( 5 : 22 ) ووجود الروح وشهادته فى قلوبنا أننا أبناء الله ومثمرين هذه الثمار علامة على فعل التبرير الكامل للإنسان .

9 – " أستر وجهك عن خطاياى وامح كل آثامى " .
+ إننا إذا عملنا أعمالا صالحة يتجه نظر الله إليها بينما يصرف وجهه عن خطايانا فالنبى يطلب محو كل المآثم لأنه لو بقيت منها واحدة تمنع الدخول إلى ملكوت الله كما إنه إذا كان دنسا يسيرا فى الثياب يمنع من الدخول إلى بيت الملك . ويصدق هذا القول ما قد كتبه بولس الرسول قائلا : " لا تضلوا فإنه لا زناة ولا عبدة أصنام ولا فاسقون ...... ، يقدرون أن يدخلوا ملكوت السموات " ( 1 كو 6 : 9 ) .

10 – " قلبا نقيا أخلق فى يا الله وروحا مستقيما جدد فى داخلى " .
+ إن كل ما خلقه الله هو طاهر وجيد وحسن جدا ، فقلب الإنسان مخلوق إلهى حسن فكيف يغيره الله ؟؟ إن النبى لا يقصد أن يخلق الله له قلب لحمى غير ذلك الموجود فيه ولكن يخلق له نقاوة جديدة فى قلبه ويطهره من الأفكار النجسة التىنجسته وعوجت مسلكه .
أما الروح المستقيم هنا فهو الضمير كما يقول الكتاب المقدس ( إنه لا يعرف الإنسان إلا روح الإنسان الساكن فيه ) ..

11 – " لا تطرحنى من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه منى "
+ إن العبد يعتبر صرف وجه سيده عنه خسارة عظيمة وكذلك الإبن إذا صرف أبوه نظره عنه بعدم إعطائه المشورة والإرشاد ، وأيضا الجندى إذا أقصاه الملك من طلعته .
+ وأما الله فإذا طرح الإنسان من نظره يكون ذلك هلاكا له وإبادة لأن الله هو سيدنا وأبونا وملكنا وخالقنا وكل ما يوافق لوجودنا وخلاصنا فهو علته وسببه .
+ وصرف وجه الله عن الإنسان هو أن ينزع منه الروح القدس أعنى المنح التى أعطاها له لما نفخ فى وجهه وصيره ذا حياة ، وقد قال ربنا له المجد عن الذين كانوا فى عهد نوح [ لا يدين ( لا يلبث ) روحى فى الإنسان لأنه بشر ] ( تك 6 : 3 ) . فروح قدس هو موهبة الله كما نفخ ربنا فى رسله القديسين وقال لهم : " اقبلوا الروح القدس " ( يو 20 : 22 ) . وبه أعطاهم موهبة الحل والربط لخطايا البشر .

12 – " رد لى خلاصك وبروح منتدبة اعضدنى " .
+ يقول القديس ايرونيموس : رد لى يارب ذاك الفرح الذى كنت أشعر به فى المسيح قبل سقوطى فى الخطية .
+ بدل أن تحزن الحزن المفرط الذى يسبب لك سقوطا اكثر اطلب من الله بحرارة أن يعطيك نعمة ويغفر لك وأن لا تسقط مرة أخرى .

13 – " فأعلم الأثمة طرقك والخطاة إليك يرجعون " .
+ إن كل من يتوب عن الخطية ويرجع إلى الفضيلة فإنه يصير مثلا ونموذجا ليقتدى به المذنبون ويرجعون إلى الله ويلتمسون الرحمة منه .
+ إن كان داود قد شكك رعيته بسقوطه فى الخطية فبتوبته نزعت الشكوك ، وعلم جميع الخطاة إلى منتهى الأجيال طرق الرب – أى أفعال رحمته وعدله المختلفة – لأن جميع طرق الرب رحمة وحق فمن ثم هتف قائلا : فأعلم الأثمة طرقك أى أعلمهم الرحمة والحق وأن أعمل كما سيحدث مع القديسة السامرية بعد ذلك التى تركت جرتها وذهبت تبشر بالرب ( يو 4 : 28 ) .

14 – " نجنى من الدماء يا الله إله خلاصى ،
فيسبح لسانى ببرك " .
+ يقول القديس أثناسيوس : إن النبى يتضرع مبتهلا إلى الله وطالبا النجاة من سفكه دم أوريا الحثى والذين ماتوا معه أو أنه يطلب إبطال ذبائح البهائم التى كانت مفروضة فى شريعة موسى ، ولأن سائر الخطايا تحدث من حركة الدم فيطلب النبى التبرير منها .

15 – " يارب افتح شفتى فيخبر فمى بتسبيحك "
+ هكذا كان النبى ينوح ويئن من شدة الوجع كأنه قد انعقد لسانه وأغلقت شفتاه من أن يرتل كالعادة !
وكانت كل طلبته هى أن يرجع إلى رتبته الأولى فلم يهمل ولم يتهاون ولا لذ فى فمه الشر لكن صارت له الشهوة علقما فى حلقه وكان يولول من وجع الزنا وكأن معدته قد امتلأت من مرارة الصفراء وطاف فمه ريقا .

16 – " لأنك لا تسر بذبيحة وإلا فكنت أقدمها ،
بمحرقة لا ترضى " .
+ ربما يقال : كيف يصير الجسد ذبيحة ؟ فنقول : دع العين لا تنظر الشر ، فتصير ذبيحة !
ولا ينطق لسانك بدنس فيصير ذبيحة ! لا تمارس يدك عملا محرما فتصير محرقة كاملة .
يجب أن تمارس الأعمال الفاضلة ، فتقدم اليد الصدقات ، ويبارك الفم من يقاومه ، وليجد السمع لذته فى فصول الكتاب المقدس لأن الذبيحة هى بكر الأعمال .

17 – " ذبائح الله هى روح منكسرة ،
القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره " .
+ ذبيحة التسبيح المقبولة عند الرب هى الذبيحة الصادرة عن القلب المنسحق المتخشع المتواضع الذى يعرف شقاوته ورحمة الله ويتذلل تحت يده القادرة على كل شىء ويقدم له الكرامة والمجد ولنفسه الخزى والخجل قائلا مع دانيال النبى ( لك يا سيد البر أما لنا فخزى الوجوه ) ( دا 9 : 7 ) ان الروح المنكسر والقلب المنسحق فهما مفهوم واحد لأن الروح المنكسر هى نفس متوجعة متأسفة باكتئاب لأجل مخالفة الله .

18 – " أحسن برضاك إلى صهيون ، إبن أسوار أورشليم " .
+ النبى يقصد بقوله ( صهيون وأورشليم ) نفسه التى كانت كالمدينة المحصنة التى لا يستطيع العدو أن يتسلق أسوارها وإذ وجدت أبوابها العالية ساقطة من الزنا والقتل ، فيسأل أيضا أن تحسن إليها ارادة الله . إذ يثبت أبوابها بالبر والعدل .

19 – " حينئذ تسر بذبائح البر محرقة وتقدمة تامة ،
حينئذ يصعدون على مذبحك عجولا هللويا ".
+ تسر بذبائح البر التى هى عدل الله ، وأما قوله محرقة وتقدمة يدل على الذبائح الروحية التى كان ابتداؤها فى صهيون لما أصلح أمرها حينما سلم ربنا فيها العشاء الإلهى وسائر الآيات والعجائب الصائرة بها .
+ + +
 
أعلى