- إنضم
- 15 أغسطس 2006
- المشاركات
- 3,596
- مستوى التفاعل
- 45
- النقاط
- 0
يا الله ... ليس من حقك أن تحاكمنى!
انتهت الحياة و تزاحم الملايين من البشر فى الوادى الكبير امام عرش الله. كانت فى المقدمة جماعات تتكلم بعنف و بطريقة عدوانية و بإنفعال شديد.
و تقدمت الصفوف فتاة تصرخ قائلة : كيف يستطيع الله ان يحاكمنى؟؟ و ماذا يعرف الله عن الآلام؟؟ قالت هذا و هى تكشف عن رقم على ذراعها مدموغ بالحرق فى أحد معسكرات التعذيب.
ثم قالت : لقد تحملت الضرب و التعذيب ثم القتل ايضا. ثم علا صوت زنجى و أزاح ياقة قمصيه كاشفاً عن أثر بشع لحبل حول عنقه و صاح من جديد قائلا : شُنقت ... لقد وُضعت كالحيوانات فى سفن العبيد بعد إنتزاعنا من وسط أحبابنا.
و على امتداد البصر ترى المئات من المجموعات لها دعوى ضد الله بسبب الشر و العذاب اللذين سمح بهما الله فى عالمه. كانوا يتهمون الله بانه مره فهو يعيش فى السماء حيث كل شىء مُغلف بالجمال و النور , لا بكاء ... لا أنين ... لا خوف ... لا جوع ... لا كراهية فكيف يعرف هذا الإله مقدار ما ذاقه الإنسان و تحمله مكرها فى هذا العالم.
حقا إن الله يحيا حياة هادئة ناعمة لا تعرف التعب .. ولا الألم , و هكذا خرج من كل مجموعة قائد كل مؤهلاته انه اكثر من قاسى و تألم فى الحياة. فكان منهم زنجى و هندى و منبوذ و غيرى شرعى و واحد من هيروشيما و آخر من معسكرات النفى.
هؤلاء جميعا أجتمعوا و تشاوروا معا. و بعد مدة كانوا على استعداد لرفع دعواهم و كان جوهرها بسيط جدا : "قبل ان يصبح الله أهلاً لمحاكمتهم عليه أولا ان يذوق ما ذاقوا"!
و كان قرارهم الحكم على الله بأن يعيش على الارض و كانت شروطهم كالآتى :
- ينبغى أن يُولد فى شعب مُستعمر ذليل.
- ليكن مشكوكا فى شرعية ميلاده فلا يُعرف له أب.
- ليكن صاحب قضية عادلة حقيقية لكنها متطرفة جدا حتى تجلب عليه الكراهية و الحقد و الإدانة بل الطرد أيضا من كل السلطات الدينية.
- لنجعل أعز و أقرب اصدقائه يخونه.
- لنجعله يُدان بتهم كاذبة و يُحاكم أمام محكمة متحيزة غير عادلة و يحكم عليه قاض جبان.
- ليذق معنى ان يكون وحيدا تماما بلا رفيق , غريبا وسط أهله منبوذا من أحبائه.
- ليتعذب ... ليمت ... نعم ليمت ميتة بشعة مُحتقرة مع أحقر اللصوص.
و كان كل قائد يتلو الجزء الذى اقترحه فى هذه الشروط و هو يطابق ما قابله هو فى حياته على الارض , و لكن ما ان إنتهى آخرهم من ذكر شروطه حتى ساد الوادى صمت رهيب و لم يتكلم إنسان!!!
لقد أكتشفوا جميعا و فجأة ان الله قد نفذ فى نفسه جميع هذه الشروط.
"أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائرا فى شبه الناس و إذ وُجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه و أطاع حتى الموت , موت الصليب" (فى 7 : 2 - 8).
"يرثى لضعفاتنا بل مجرب فى كل شىء مثلنا بلا خطية ..." (عب 15 : 4).
لقد تأثر الرب بمشاعر ضعفنا و معوقاتنا و هو قابل ما قابلناه و عانى ما عانيناه , و جُرِب بكل الطرق التى يمكن ان نُجرب بها , و لهذا السبب هو قادر أن يُعين المجربين.
(مجلة الطريق و الحق , إصدار الكنيسة الإنجيلية بمصر , ص 7)
+ + +
فى ذكرى صلبك و قيامتك يارب نسجد لآلامك المقدسة التى أحيت نفوسنا , نتذكر و نحن امام الجلجثة كيف تحملت هذه الجراحات لأجلنا نحن المتعدين , فنقف بين الأمم فخورين بصليبك و حاشا لنا أن نفتخر بغيره...
ليس ببرنا ولا بصلاحنا , بل برحمتك , هذه التى بها أحيت جنسنا
(من وحى القداس الغريغورى)